بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 مايو 2025

تفرغ لعبادة الله والا شغلتك الدنيا

 قال رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم :” قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا ابْنَ ءادَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلا تَفْعَلْ مَلَأتُ يَدَكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ“.

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدَ ولا ندَّ له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا من أنبيائه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله.

أمّا بعدُ عبادَ اللهِ، فإنِّي أوصيكُمْ ونَفْسِي بتقوَى اللهِ العليِّ القديرِ، وبالتمَسُّكِ بنهجِ سيّدِ المرسلينَ سيِّدِنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، فقد قال الله تعالى: [وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ] {القصص:60} وقال سبحانه: [وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى] {الأعلى:17}

وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم :” قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا ابْنَ ءادَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلا تَفْعَلْ مَلَأتُ يَدَكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ“. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وحسنه السيوطي.

إخوة الإيمان والإسلام مَنِ اشْتَغَلَ بِطَاعَةِ اللهِ مَلأ اللهُ قَلْبَهُ غِنًى مَعْنَوِيًّا وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ حَيْثُ الْمَالُ. فالفطن الذكي هو من دان نفسه وعمل لما بعد الموت وعمل بخصال الخير التي حث عليها رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم.

 وما أجمل أن يتعاون المسلم مع أخيه المسلم على طاعة الله تعالى، ولا سيما أن يتعاون الزوجان على طاعة الله، فقد روى سيدنا عَلِيٌّ رضي الله عنه أَنَّ السيدة فَاطِمَةَ رضي الله عنها شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أثر الرَّحَى فِي يَدِهَا  ( في الماضي كانوا يطحنون ويعجنون في البيوت ليس كاليوم ) فَأَتَت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَ علي: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ أَقُومُ فَقَالَ: “مَكَانَكَ” فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ:” أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ ؟ ( أي جاريةٍ لأن لفظ الخادم يطلق على الذكر والانثى ) أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وكَبِّرَا أربعا وَثَلاثِينَ فَهُو خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ. رواه البخاري ومسلم والبيهقي.

قال بعض العلماء :” يحصُلُ لها بسببِ هذه الأذكارِ قوةٌ فتقدِرُ على الخدمةِ أكثرَ مما يقدِرُ الخادمُ “.

 وما أجمل أن يُذَكِّرَ كل منهما الآخرَ بما ينفعه في الآخرة، كقيام الليل مثلا، فقد قَالَ رَسولُ الله صَلَّى الله عليهِ وسلَّم :” قالت أمُّ سليمانَ بنِ داودَ لسليمانَ: يا بُنَيَّ، لا تُكْثِرِ النومَ بالليل، فإنَّ كثرةَ النومِ بالليل تتركُ الإنسانَ فقيًرا يومَ القيامة “رواه النسائي وابن ماجه والبيهقي.

فقُمْ في الليل وأيقِظِ امرأتكَ للصلاةِ، فالأنفاسُ معدودةٌ، والعمُرُ لا بد أن ينقضي، وقد قَالَ رَسولُ الله صَلَّى الله عليهِ وسلَّم: ” رحم اللهُ رجلا قامَ من الليل فصلى وأيقظَ امرأتَه فصلتْ، فإنْ أبتْ نضحَ في وجهها الماء ( أي رشَّهُ رشًّا خفيفا) وقال عليه الصلاة والسلام: رحِم الله امرأةً قامتْ من الليل فصلتْ وأيقظتْ زوجَها فصلى، فإنْ أبى نضحتْ في وجهِه الماءَ “. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلى ذِكْرٍ طَاهِرًا فَيَتَعارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللهَ تعالى خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنيا والآخِرَةِ إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ” رَواهُ أحمدُ وأَبو دَاودَ وحسَّنَهُ الحافِظُ السِّيوطيُّ. وَمَعْنَى يَتَعارَّ يَسْتَيْقِظَ أَثْنَاءَ تَقَلُّبِهِ في الْفِرَاشِ.

وورد  أيضا في الحديث الصحيح أن المرءَ إذا أخذ مَضجعه أتاه مَلَكٌ وشيطان، فيقول له الشيطان: اِختِم يَقَظَتَكَ بِشَرّ، ويقولُ له الملَك: اختم يقظتك بخير، فإذا ختمَ يقظتَه بخير، حرَسَهُ الملَكُ كلَّ الليلِ مِن أذى الجنِّ وغيرِ ذلك. والخيرُ إخوة الإيمان كأن يقول أستغفر الله أو لا إلهَ إلا الله ونحو ذلك من الخير.

اللهُمَّ أَعِنّا عَلى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ اللهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ تبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلالِ والإكْرَامِ.   


حديث: وَيْحَ عَمّار تَقتلُه الفئةُ الباغية

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام علي سيدنا محمد الأمين و على ءاله و صحبه الطيبين الطاهرين. أما بعد:


 مجرّد أنّ إنسانًا كتَبَ الوَحي لرسولِ الله ليسَ معنى ذلكَ أنّ هذا الإنسانَ مُقَدّسٌ عندَ الله، ثلاثةٌ ممن كتَبُوا الوَحيَ لرسول الله ارتَدُّوا وكفَرُوا، أحَدُهم جاءَ إلى الشّام بعدَ أن حَفِظَ سُورَتين، أعظَم سُورتَين في القرآن البقرة وآل عمران، وكانَ مِن أهلِ المدينة يُصلّي خَلفَ الرّسول، فتَنَ اللهُ قَلبَهُ فهَربَ مِنَ المدينة وجاءَ إلى النّصارى إلى ناحيةِ بَرِّ الشّام، ناحيةُ برِّ الشّام كلُّهم كانوا نصَارى ما فيهِِم واحِدٌ يقولُ لا إله إلا الله، صارَ يَسُبُّ الرّسولَ معَهُم فَرحُوا بهِ قالوا هذا جَاءنا مِن عندِ محمّدٍ وهرَبَ منهُ ولجَأ إلينا وهَذا الرّجُل كانَ مِن الأنصار ثم ماتَ فدفَنُوه فلَفظَتْهُ الأرضُ ما قَبِلَتْهُ وجَدُوه على وجهِ الأرض، قالوا هذا فِعلُ محمّدٍ وأصحابِه فلْنَحفِر لهُ ولنُعَمّق فحفَرُوا لهُ وعمَّقُوا فدَفنُوه ثم لما أَصبَحُوا وجَدُوه مَرمِيًّا على وجْهِ الأرض، وهذا الرّجُل أنس بنُ مالك ما سمّاهُ قال إنّ رجُلاً منَ الأنصار ما سمّى اسمَه، ثم في المرّةِ الثالِثة كذلك حفَرُوا لهُ مرّةً ثالثةً ثم وجَدُوه مَنبُوذًا فكرِهُوه قالوا هذا لهُ شَأنٌ لأجْلِه لفَظَتْهُ الأرض فرمَوا عليهِ الحِجارة، كوَّمُوا عليهِ الحِجارةَ وترَكُوه على حالِه مِن غيرِ دَفن، هذا أحَدُ الثّلاثةِ الذينَ كتَبُوا لرسولِ الله ثم ارتَدّوا، وآخَر عُبَيدُ الله بنُ جَحشٍ هذا أيضًا كانَ يَكتُب لرسولِ الله ثم هاجَرَ إلى الحبَشة عندَ هِجرةِ الصّحابةِ إلى الحبشَة ثم هناك فُتِنَ تنَصّرَ فارتَدَّ فماتَ كافرًا على رِدّته وآخَرُ ارتَدّ ثم بعدَ بُرهَةٍ هرَبَ إلى مكّةَ لأنّ مكّةَ كانت مَركزَ المشركينَ قَبلَ أن يَفتَحَها رسولُ الله بعدَ الهجرة، هذا رجَع إلى الإسلام فثبَتَ على الإسلام وحَسُنَت حَالُه، ليسَ معنى أنّ فُلانًا كتَبَ الوَحيَ لرسولِ الله صارَ مُقَدّسًا مِثل أبي بكر وعمر وعثمانَ وعليّ، معاويةُ كتَبَ مَرّةً مما ذُكِرَ في كتبِ الحديث أنّ الرّسولَ أَعطَى لفُلان أرضَ كذا وأرضَ كذَا إقْطاعًا مِن بابِ الإقطاع، مرّةً كتَب هذا باسمِ رسولِ الله، “وهذَا ما أعطَى رسول الله صلى الله عليه وسلم”


النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَقْطَعَ بِلاَلَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِىَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا – قَالَ ابْنُ النَّضْرِ وَجَرْسَهَا وَذَاتَ النُّصُبِ ثُمَّ اتَّفَقَا – وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ. وَلَمْ يُعْطِ بِلاَلَ بْنَ الْحَارِثِ حَقَّ مُسْلِمٍ وَكَتَبَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم– « هَذَا مَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِلاَلَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِىَّ أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ”رواه أبو داود(.


كتَبَ مِثلَ هذا معاويةُ، هذا ليسَ معناهُ أنّ معاويةَ مُقَدّسٌ مثل أبي بكر وعمر، أليسَ قَتلَ عِشرينَ ألفَ نَفس مِن صَحابةٍ وتَابعِين لما حَارَب عليًّا ظُلمًا، وهذا كانَ في معركةِ صِفّين وكانَ فيهم أصحابُ رسولِ الله، فِيهم الذي قال فيه الرّسول “إنّ الجنّةَ تَشتاقُ إلى ثلاثةٍ عليّ وعمارٍ وبِلال” عمّار بنُ ياسر معاويةُ قتَلَه، يقولونَ عن معاويةَ كاتب الوَحْي، نَتْبَعُ صاحبَ الشّرع أم نَتبَعُ العاطفةَ والرأي، الرسولُ قال ” ويْحَ عَمّار تقتُلُه الفِئةُ الباغِيَة ” الفئةُ الباغيةُ هيَ معاويةُ وجيشُه، وهذا الحديثُ مِن أصَحِّ الصّحيح ويقال لهُ المتواتر عندَ أهلِ الحديث، ما يوجَد في الحديث أقوى منَ المتواتر، أمّا القرآن فكُلُّه مُتواتِر أمّا الحديثُ طبَقاتٌ، مُتواترٌ، وهذا أعلَى الحديث صِحّةً ثم المشهورُ ثم أفرادُ الصّحيح ثم بعدَ ذلكَ الحسَن ثم بعد ذلكَ الضِّعَاف والموضُوعات.


قالَ رسول الله :” وَيحَ عَمّارٍ تَقتلُه الفئةُ الباغيةُ يَدعُوهم إلى الجنّة ويَدعُوهم إلى النار ” رواه البخاري. لأنّ عمّارًا يَدعُو الناس إلى طاعةِ الخليفة الرّاشد علي بنِ أبي طالب الذي لا يجوز الاستعصاءُ والتّمرد عليه بحُكْم الشّرع، عمّارٌ يَدعُو إلى طَاعةِ الخليفةِ الرّاشِد وذلكَ في سبيلِ الجنّة، وأمّا الآخَرُونَ الذين قاتَلُوا عليًّا هؤلاء دُعاةُ النار، الرسولُ سمّاهم دعاةَ النار، كيفَ نقُول هؤلاء لهم أجرٌ وهؤلاء لهم أجْرٌ، هؤلاء اجتَهدُوا وهؤلاء اجتَهدوا، نَترُك كلامَ رسول الله وراءَ الظُّهور ونَتبع رأيًا فاسِدًا قالَهُ بعضُ الفقهاءِ مِنَ شافعيةٍ وحنَفِيةٍ، الإمامُ الشّافعيُّ ليسَ مع هؤلاءِ قالَ كُلُّ مَن قاتَل عَليًّا فهوَ باغِي، والباغِي في اللّغة هو المعتدِي الظّالم.


 عائشةُ وطَلحة والزّبير الله تعالى غفَرَ لهم، طلحةُ والزّبير غُفِرَ لهما لأنهما ما قُتِلا إلا بعدَ أن انصَرفا بنِيَّتهِما عن هذِه المعركة، لأنهما مِنَ الذينَ سبقَت لهم السعَادةُ عندَ الله، الزّبير أكبَرُ الناس درجَةً في الذينَ حضَرُوا وَقْعَة الجمل، طلحةُ والزّبير هذان مِنَ العشَرة المبشَّرين بالجنّة ومَع ذلك جرَى القدَر عليهما فوقعَا في هذه المعصية لكنْ ما ماتا حتى تابا.


روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال :” وَيْحَ عَمّار تَقتلُه الفئةُ الباغية يَدعُوهم إلى الجنّةِ ويَدعُونَهُ إلى النار.


تفسير الآية: وأشرقت الأرض بنور ربّها

 بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

معنى قولِ اللهِ تعالى: ﴿وأشرقت الأرض بنور ربّها) .أي بِحُكْمِ الله، أي في يومِ القيامَة لا حُكْمَ لأحدٍ لا لِمَلِكٍ ولا لأميرٍ إلا لله. ا.هـ

هذه الآية مِنَ الآياتِ التي يذكرونها أمامَ العوامّ في التدريسِ، أنه مثل هذه الآية: ﴿وأشرقت الأرض بنور ربّها ﴾ من أين يعرف الشخص أن هنا معنى ﴿ بنور ربّها ﴾ بحكمِ الله؟! الذي يخطر في بالِ الجاهل النور (الضوء) وقد يظنُّ إذا كان مُشبّها أنه في يوم القيامة أنّ اللهَ ضوء يُنيرُ الأرض وإذا لَم يكن مُشبّهًا قد يخطر في بالِهِ أن الله يخلق نورًا تضاءُ به الأرض، هنا :بنور ربّها ﴾ معناه بِحكمِ الله. فالآيات التي تورد عند تعليمِ الناس حتى يُفهَّموا أنَّ القرءانَ لا يُفسَّر بِمجرّدِ ما يخطر في البال ولو كان الأمرُ قد يبدو ظاهرًا سهلاً لا يعرف الشخص التفسير  الصحيح بدون أن يتلقى من أهل المعرفة الثقات.


يومَ القيامَةِ بعدَ أنْ يُحيِ اللهُ الخلقَ ويَحشُرَهُم يُنادي مَلَكٌ بأمرِ اللهِ: ﴿لمن الملك اليوم ﴾ ثُمَّ الملَكُ يُجيبُ نفسَهُ: لله الواحد القهّار ﴾ أي لا مَلِكَ مِنَ البشرِ في ذلكَ اليوم يَحكُمُ بينَ الناس ويُديرُ شؤونَهم، إعلامًا بذلك يُنادِي هذا الملَك ويقولُ ذلك؛ اللهُ هو الذي يُديرُ شؤونَ الخلقِ يومَ القيامَةِ. في بعضِ التفاسيرِ مَكتوبٌ إنَّ اللهَ يَسألُ: ﴿لمن الملك اليوم﴾ ثم هو يُجيبُ نفسَهُ بنفسِهِ: لله الواحد القهّار ﴾ وهذا غيرُ صَحيحٍ.


تفسير الآية: ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى

 تفسير الآية: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [سورة النجم/9.8].

اعلموا رحمكم الله ان المقصود في الآية:ثم دَنَا فتدلى فكان قاب قوسين او ادني ليس معناه ان الرسول قابل الله وصار بينهما قوسين او ادني فمن يعتقد هذا فهو مشبه اذ انه جعل الله في مكان ولكن معناه كما قال الرسول عندما سألته عائشة عن معنى هذه الآية فقال:هو جبريل.


 فقد روى مسلمٌ عنْ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [سورة النجم/9.8]. قالت: إنما ذاكَ جبريلُ كانَ يأتيهِ، وإنهُ أتاهُ في هذهِ المرةِ في صورتِهِ التي هي هيأتُهُ الأصليةُ فَسَدَّ أُفُقَ السماءِ.

 

 وليسَ معنى هاتينِ الآيتينِ: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [سورة النجم/9.8]. أن الله دنا منَ الرسولِ حتى قربَ منهُ بالمسافةِ قَدْر ذراعينِ أو أقلَّ، والذي يعتقدُ هذا يضِلُّ ويكفر. أما المعنى الصحيحُ فهو أنَّ جبريل دنا منْ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم (فَتَدَلَّى) أي جبريلُ في دنوِهِ مِنْ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ) أي ذراعين(أَوْ أَدْنَى) أي بلْ أقربَ. وهناكَ ظَهَرَ له بهيأتِهِ الأصليةِ وله سِتُّمائةِ جناحٍ، وكلُّ جناحٍ يَسُدُّ ما بين الأرضِ والسماءِ.

  

روى مسلمٌ عن الشَعْبِيّ عَن مَسْرُوقٍ قال: كنتُ مُتَّكِئًا عندَ عائشةَ فقالتْ: يا أبا عائشةَ ثلاثٌ مَنْ تكلمَ بواحدةٍ مِنهنَّ فقد أَعْظَمَ على اللهِ الفِريَةَ قلتُ: مَا هُنَّ؟ قالت: مَنْ زَعَمَ أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربَّهُ فقدْ أعظمَ على اللهِ الفِرْيَةَ. قال وكنتُ متكئًا فجلستُ فقلتُ: يا أمَّ المؤمنينَ أَنْظِرِيني ولا تَعْجَليني، ألم يَقُلِ اللهُ عزَّ وجلَّ: (وَلَقَدْ رَءاهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ) (وَلَقَدْ رَءاهُ نَزْلَةً أُخْرَى). فقالت: أنا أوّلُ هذهِ الأمةِ سألَ عَنْ ذلكَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: “إنما هو جبريلُ لَمْ أَرَهُ على صورتِهِ التي خُلِقَ عليها غيرَ هاتينِ المرتينِ، رأيتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السماءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ ما بينَ السماءِ والأرضِ”. فقالت: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقولُ: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [سورة الأنعام] أوَ لَمْ تَسمعْ أَنَّ الله يقولُ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنِّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [سورة الشورى/51]. قالت: ومَنْ زَعَمَ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شيئًا من كتابِ اللهِ فقدْ أعظَمَ على اللهِ الفِرْيَةَ، واللهُ يقولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [سورة المائدة/67]. قالت: وَمَنْ زَعمَ أنهُ يُخْبِرُ بما يكونُ في غَدٍ فقدْ أعظمَ على اللهِ الفِرْيَةَ. واللهُ يقولُ: ﴿قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ﴾ [سورة النمل/65].

   

تنبيهٌ:

على كل مَنِ اعتقدَ أَنَّ اللهَ جسمٌ وأَنهُ متحيزٌ في مكانٍ أو أنه دَنا مِنَ الرسولِ بذاتِهِ أو أنه جالس على العرش الرجوعُ عن هذا والنطقُ بالشهادتينِ، لأنهُ يكونُ بذلكَ قَدْ شَبَّهَ اللهَ بخَلْقِهِ وكَذّبَ القرءانَ قالَ تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ . وقالَ أبو جعفرٍ الطحاويُّ السَّلفي: تعالى (يعني اللهَ) عن الحدودِ والغاياتِ والأركانِ والأعضاءِ والأدواتِ.

ومعنى تعالى: تنزه الله.

عن الحدود: الحدّ هو الحجم فالله لا يوصف بأنه حجم لا حجم كبير ولا حجم صغير.

والغايات: النهايات وهذا من صفات الأجسام والله منزّهٌ عنها.

والأركان: الجوانب وهذا أيضًا من صفات الخلق.

والأعضاء: الأجزاء الكبيرة كالرأس واليد الجارحة والرِّجل الجارحة فكل ذلك الله منزه عنه.

والأدوات: الأجزاء الصغيرة كاللسان والأضراس والأسنان.


 وهذا تنزيه صريح صرح به إمام من أئمة السلف أئمة أهل السنة والجماعة الإمام أبو جعفر الطحاوي الذي كان أدرك جزءًا من القرن الرابع وعشرات من السنين من القرن الثالث الهجري في عقيدته التي هي عقيدة أهل السنة أي الذين هم على ما عليه الرسول والجماعة أي الذين هم مع جمهور الأمة العاملون بحديث الرسول: “عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة”. وبقوله: “فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة” ويكون من خالف ذلك شاذًّا ومن شذ شذ في النار.


تدليس الوهابية

 الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وعلى آله الى يوم الدين اما بعد

من تجرأ على الكذب على الله ورسوله لا نستغرب منه أن يدلس كتب العلماء وأقوالهم حتى يموه على ضعاف العقول وقليلي الاطلاع وذلك هو مع الأسف دأب الهابية أدعياء السلفية ومثال ذلك ما فعله زهير الشاويش في تحقيقه لكتاب الرد الوافرلابن ناصر الدين الدمشقي حيث أفرط في ذم الإمام العلاء البخاري، وكذب على الحافظ السخاوي بزعمه أنه قال في العلاء البخاري في كتابه “الضوء اللامع” : (وكان شديد الالتصاق بالحكّام)!! ولبيان كذبه، فهذا نص كلام السخاوي في كتاب “الضوء اللامع” الجزء التاسع ص ٢٩١طبعة دار مكتبة الحياة بيروت لبنان : (وإذا حضر عنده أعيان الدولة بالغ في وعظهم والإغلاظ عليهم بل ويراسل السلطان معهم بما هو أشد وأغلظ ويحضُّه على إزالة أشياء من المظالم) اهـ.


ومن الأمثلة الكثيرة على تدليسهم أيضا ما قام به زهير الشاويش بأمر وتواطؤ من شيخه ناصر الألباني من تلاعب بكلام الإمام السبكي حيث كتب في مقدمته على ما أسموه “شرح الطحاوية” لابن أبي العز وبالتحديد في الحاشية من ص ٥من الطبعة التاسعة ١٤٠٨هـ ١٩٨٨ رللمكتب الإسلامي لصاحبه زهير الشاويش ما نصه: ومما يدلك على ذلك كلمة الشيخ عبد الوهاب السبكي في كتابه “معيد النعم ومبيد النقم” التي نقلنا ملخصها على غلاف الكتاب وهي: ” وهذه المذاهب الأربعة – ولله تعالى الحمد – في العقائد واحدة، إلا من لحق منها بأهل الاعتزال والتجسيم، وإلا فجمهورها على الحق يقرون عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها العلماء سلفا وخلفا بالقبول”انتهى كلام الشاويش.


وإليك أيها القارئ الكريم كلام السبكي بحروفه حتى تتحقق  بنفسك مما نقول حيث في كتاب “معيد النعم ومبيد النقم” في ص من الطبعة الثانية ١٩٨٥رلدار الحداثة بيروت ما نصه: ما نصه: وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة –ولله تعالى الحمد– في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة، يدينون الله تعالى بطيق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله، لا يحيد عنها إلا رعاع من الحنفية والشافعية لحقوا بأهل الاعتزال  ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم، وبرّأ الله المالكية فلم نر مالكيا إلا أشعريا عقيدة. وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة


الثبات على الإيمان حتى الممات

 الحمد لله وحده، خلق العالم وحدّه، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده وعلى ءاله الطاهرين وصحابته الميامين، اللهم ذكرنا ما نسينا، وعلمنا ما جهلنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا، وارزقنا الإخلاص في العمل ودوام النعم وحسن الختام.


أما بعد، فقد روى مسلم رحمه الله أنّ رسول الله محمدا عليه الصلاة والسلام قال لسفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه لما قال له: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولً لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال :”قل ءامنتُ بالله ثم استقم“، وفي رواية الترمذي أن سفيان بن عبد الله قال: قلت يا رسول الله حدثّني بأمر أعتصم به، قال :”قل الله ربي ثم استقم” قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال :”هذا“.


هذا الصحابي الجليل طلب من النبيّ أن يعلمه كلامًا جامعًا لأمر الإسلام، ومعنى “قل لي في الإسلام” أي في دينه وشريعته. “قولاً” أي لفظًا جامعًا لأموره كافيًا واضحًا. “لا أسأل عنه أحدًا غيرك” أي لا أحتاج فيه إلى سؤال أحد غيرك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل :”ءامنت بالله” أي اثبت على إيمانك بالله، أي دم على إيمانك بالله. قال عز وجل {يا أيها الذين ءامنوا ءامِنوا بالله ورسوله} أي داوموا على الإيمان بالله ورسوله واثبتوا عليه، لأنَّ الثبات على الإيمان حتى الممات من أعظم نِعم الله عز وجل.


وقد قال محدّث الديار الشامية الشيخ السيد بدر الدين الحسني رحمه الله الذي توفي من قريب ثمانين سنة تقريبا:”إنّ الملائكة لتتعجب في هذا الزمان من رجل يُتوفى على الإيمان” وذلك لانتشار الكفر بين الناس في ذلك الحين، فكيف في هذا الزمان الذي كثر فيه أدعياء العلم الذين يبثون الكفر ءاناء الليل وأطراف النهار، زاعمين أنهم يعلمون الناس الإسلام!! وقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال :”أُناس من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا تعرِف منهم وتُنكر دعاةٌ على أبوابِ جهنَّم من استجاب لهم قذفوه فيها”. وقوله عليه الصلاة والسلام “ثم استقم” أي على فعل الواجبات وترك المحرمات. والاستقامة معناها لزوم طاعة الله، وقد قال سيدنا أحمد الرفاعي الكبير :”الاستقامة عين الكرامة” وقيل الاستقامة هي متابعة للسُّنّة المحمدية مع التخلق بالأخلاق المرضية. وتأمل جمال قول الله تعالى لرسوله محمد {فاستقم كما أُمِرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنّه بما تعملون بصير} قال النسفيّ رحمه الله في تفسيرها: فاستقم استقامةً مثل الاستقامة التي أُمرت بها غير عادل عنها (أي لا يتركها إلى غيرها).


وقد بشَّر الله الذين استقاموا بالجنّة التي وُعدوها، وبتبشير الملائكة بأنّه لا خوف عليهم ولا حزن، وبأنهم أصحاب الجنّة خالدين فيها. قال جلّ شأنه في القرءان الكريم :{إنَّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون}.


ومعنى قوله تعالى :{إنَّ الذين قالوا ربّنا الله} أي نطقوا بالتوحيد ثم استقاموا على توحيد الله وشريعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. وعن الصدّيق رضي الله عنه: “استقاموا فِعلاً كما استقاموا قولا”, وعن عمر الفاروق رضي الله عنه أنه قال: “لم يروغوا روغان الثعالب” أي لم ينافقوا, وعن عثمان رضي الله عنه: “أخلصوا العمل”, وعن سيدنا الإمام علي رضي الله عنه: “أدّوا الفرائض”, وعن الفضيل رحمه الله: “زهدوا في الفانية (أي الدنيا) ورغبوا في الباقية (أي الآخرة)”. وقال العلامة النسفيّ رحمه الله في قوله تعالى:{تتنزل عليهم الملائكة} أي عند الموت {ألا تخافوا} أي ما تقدمون عليه {ولا تحزنوا} على ما خلفتم، فالخوف غمّ يلحق بالإنسان لتوقع المكروه، والحزن غمُّ يلحق لوقوعهِ من فوات نافعٍ أو حصول ضار، والمعنى أنَّ الله كتب لكم الأمْن من كل غمّ فلن تذوقوه {وأبشروا بالجنَّة} التي كنتم توعدون في الدنيا. انتهى.


قال بعضهم: متى استقام القلب على معرفة اللهِ وعلى خشيته وإجلاله ومحبته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإنابة إليه استقامت الجوارحُ على طاعتِه فإنَّ القلبَ هو ملِك الأعضاء وهي جنوده. فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، وأعظمُ ما يُراعى بعد القلب من الجوارح اللسان فإنّه ترجمان القلب والمعبّر عنه.


وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيمُ قلبُه حتى يستقيمَ لسانُه“. نسأل اللهَ حسن الختام والاستقامة والثبات على الإيمان حتى الممات بجاه حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم. والله أعلمُ وأحكم.


دين الله ليس بالرأي

 اعلم وفقك الله أن دين الله تعالى يعرف من مصادر التشريع القرءان والسنة والإجماع والقياس ولا يؤخذ دين الله بالرأي الذي يخالف ذلك وليس لأي إنسان أن يقول في مسائل الدين برأيه المخالف للشرع قال الإمام علي رضي الله عنه : لو كان الدين بالرأي لكان مسح الخف من أسفله لكني رأيت رسول الله يمسح الخف من اعلاه.


ثم إن المسلمين كلهم يعتقدون أن الضار والنافع على الحقيقة هو الله وأنه لا أحد يخلق شيئا لا منفعة ولا ضرا إلا الله وأن الله تعالى جعل في الدنيا أسبابا ومسببات والأسباب مخلوقه وكذلك مسبباتها وأن هذه المسببات لا توجد إلا بخلق الله ولو وجد السبب فالنار سبب للإحراق إن شاء الله ومع ذلك لم تؤثر في إبراهيم عليه السلام وهذا النعام يأكل الجمر الأحمر ويستمرئ به وهذا الحيوان الذي يقال له السمندل يدخل النار فلا تحرقه كذلك الإنسان يأكل ويشرب ويتداوى وهو لا يعتقد أن الأكل والشرب والدواء يخلقون شيئا إنما الخالق هو الله.


وقد روى الحافظ الحاكم في كتابه المستدرك وصححه أن آدم حين اقترف الخطيئة أي المعصية الصغيرة لأكله من الشجرة التي نهي عنها قال : يارب اسألك بحق محمد إلا ماغفرت لي قال : كيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد قال : إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قائمة من قوائم العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ا.هـ والحاكم حافظ له حق التصحيح والتضعيف وليس ذلك لغير الحافظ من هؤلاء المتطفلين فلو كان سؤال الله بحق أحد من خلقه شركا هل يحصل من نبي؟!.


وكذلك مارواه الحافظ الطبراني في معجميه الكبير والصغير وفيه أن الرسول علم الأعمى أن يقول اللهم إني اسألك واتوجه إليك بنبيك محمد …الحديث إلى آخره قال الحافظ الطبراني عقب روايته له ورواية أن عثمان ابن حنيف الصحابي راوي الحديث علم هذا الدعاء الذي فيه التوسل لرجل بعد وفاة الرسول كان صاحب حاجة من عثمان بن عفان فقضى له حاجته قال الطبراني عقب الحديثين المرفوع والموقوف والحديث صحيح.


فليس للمعترض أن يقول كيف تطلب من غير الله او تسأل غير الله إن كان نبيا أو وليا بعد موته فيقال له أنت لست أفهم من الرسول الذي علم التوسل وهذا الأمر ماكان عليه المسلمون حتى جاء ابن تيمية وحرم ذلك وجعله شركا ثم تبعه محمد بن عبد الوهاب وعلى هذا ادعياء السلفية في هذا العصر الذين هم الوهابية وليس لهم حجة في قول الله تعالى ادعوني استجب لكم فإن هذه الآية معناها : أطيعوني اثبكم وليس في التوسل بالأنبياء والاولياء معارضة للآية ثم يقول هؤلاء المانعون إن النبي أو الولي قد مات وهو لا ينفع بل الحق أن يقال إنه ينفع بإذن الله أليس موسى نفع أمة محمد حين قال لمحمد ليلة المعراج سل ربك التخفيف واليس ثبت بالإسناد الصحيح المتصل فيما رواه البيهقي أن بلال بن الحارث المزني الصحابي جاء إلى قبر النبي في عام الرماده وقال يارسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فسقوا ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم.


ثم اسمع ياطالب الحق ومريد الهدى والصواب حقيقة محمد بن عبد الوهاب من صاحب كتاب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة الذي ترجم نحو ثمانمائة عالم وعالمة من المذهب الحنبلي حيث يقول في ترجمة عبد الوهاب هو والد محمد صاحب الدعوه التي انتشر شررها في الآفاق وكان عبد الوهاب يقول ياما سترون من محمد من الشر فإنه كان لا يرى كلام عالم  قط إلا كلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية فإنه كان يرى كلامهما نصا لا يقبل التأويل وكان يرى كفر من خالفه ويستحل دمه وكان له أخ يسمى الشيخ سليمان ألف ردا عليه سماه فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب فلما علم محمد بذلك أراد قتله فأدخل عليه مجنونا بيده السيف وكان الشيخ سليمان في المسجد وحده فلما رآه المجنون قال يا سليمان لا تخف أنت في أمان, قال :ولا شك أن هذا من الكرامات فسلمه الله منه.


فهذا هو محمد بن عبد الوهاب يكفر المتوسلين والمتبركين بالأولياء والصالحين ويكفر الذين يعلقون الحروز التي تحوي آيات القرءان وكلام الرسول أو غير ذلك من الاذكار وكتب الوهابية طافحة بتكفير الاشاعرة والصوفية والاشاعرة هم أهل السنة والجماعه حتى إنهم ذكروا ذلك في كتب الأولاد في المدارس عندهم . والوهابية يعتقدون أن الله جسم قاعد فوق العرش ويصرحون بتشبيه الله بخلقه ويصفون الله بالنزول والصعود الحقيقين مكذبين بذلك القرءان ومحرفين لمعاني الآيات والأحاديث ويكفي في تنزيه الله تعالى عن مشابهة الخلق بأي وجه من الوجوه قوله تعالى : ليس كمثله شئ . وقد قال الامام ابو جعفر الطحاوي في عقيدته المشهورة بين المسلمين والتي ألفها قبل الف سنه وذكر في مقدمتها أنها ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعه مانصه : ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر وقال عن الله : تعالى عن الحدود والغايات والأركان والاعضاء والادوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.


أربع أشياء يسأل عنها الانسان يوم القيامة

 بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسلينَ وعلى ءالهِ الطيبينَ الطاهرينَ أما بعدُ، فقدْ قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: “لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع ٍ عنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ”.


في هذا الحديثِ الصحيحِ أن الانسانَ يُسألُ يومَ القيامةِ عنْ هذهِ الأشياءِ الأربعةِ.


الأولُ: عَنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ لأنَ وجودَ الانسانِ بإيجادِ اللهِ نعمةٌ فَيُسألُ العبدُ عنْ هذهِ النِّعمةِ، اللهُ أنعمَ عليهِ بالوجودِ فيُسألُ عنْ هذهِ النعمةِ يُسْألُ فيما أفْنَيْتَ عُمُرَكَ فَإمّا أنْ يكونَ أفنَى عُمُرَهُ في طاعةِ اللهِ وإما أنْ يكونَ أفْنى عُمُرَهُ في معصيةِ اللهِ وهذا يُعَامَلُ على ما يليقُ بهِ وهذا يُعَامَلُ على ما يليقُ بهِ.


والأمرُ الثاني: يُسْألُ عنْ جسَدِهِ فيما أبلاهُ أيْ ماذا عَمِلَ بجوارِحِهِ بيَدِهِ ورِجْلِهِ وعينِهِ وأُذُنِهِ هَلِ استعملَ هذهِ النِّعَمَ في طاعةِ اللهِ أمْ في معصيةِ اللهِ لأنَّ العينَ واللِّسانَ واليَدَ والأُذُنَ والرِّجْلَ كُلَّ هذا مِنْ نِعَمِ اللهِ، مَنِ اسْتَعْمَلَهُ في طاعةِ اللهِ ينالُ في الآخرةِ أجراً عظيماً يَلقَى أجراً جزيلاً في الآخرةِ، لهذا يُسأَلُ عنْ جَسَدِهِ فيما أبلاهُ.


والأمرُ الثالثُ: المالُ يُسْأَلُ الإنسانُ منْ أينَ جَمَعْتَ هذا المالَ إنْ كانَ أخذَهُ من حَلالٍ وصَرَفَهُ في حلالٍ في غَيْرِ معصيَةِ اللهِ، ليسَ عليهِ عُقوبَةٌ بلْ إنْ صَرَفَهُ في طاعةِ اللهِ في نَفَقَةِ أهلِهِ وفي الصَّدَقَاتِ ونحوِ ذلِكَ يكونُ هذا المَالُ الذي جَمَعَهُ منْ حلالٍ وصَرَفَهُ في طاعةِ اللهِ ذُخراً كبيراً في الآخِرَةِ أما إنْ جَمَعَهُ مِنْ حَرامٍ فالوَيْلُ لهُ ثُمَّ الوَيْلُ، وَأمَا إنْ جَمَعَهُ مِنْ حرامٍ وصرفَهُ في الصَّدَقَاتِ لا يَقْبَلُ اللهُ منهُ. ليس كُلُّ ما يصِلُ اليهِ يَدُ الإنسانِ حلالاً حتى الشئُ الذي تَصِلُ إليهِ يَدُهُ منْ غيرِ طريقِ السَّرِقَةِ والغَصْبِ منهُ ما هو محرَّمٌ، المالُ له أحكامٌ، القرءانُ الكريمُ ذكرَ المالَ الحلالَ والمالَ الحرامَ. فإذا جَمعَ المالَ منْ حرامٍ ثم صرفَ منهُ كثيراً في بناءِ مسجِدٍ ونَحْوِ ذَلكَ لا يقبلُ اللهُ مِنهُ، اللهُ لا يقبلُ منَ الصَّدقاتِ وبناءِ المساجِدِ ونحوِ ذلكَ إلا ما كان من مالٍ حلالٍ.


ثم بعضُ الناسِ يجمعونَ المالَ من حرامٍ يكونُ عندهُم مالٌ كثيرٌ ثم يموتونَ ويتركونَ هذا المالَ لأهليهِم وأقارِبِهِم، هذا الشخصُ ترك وَبَالاً عليْهِ، هؤلاءِ أهلُهُ ينتفِعونَ بهِ أما هو يُؤاخَذُ عليهِ في الآخِرةِ لأنَّهُ مالٌ حرامٌ جَمَعَهُ لهم من طريقٍ حَرَامٍ ثم تركهُ لهم وذهبَ الى القبرِ.


الأمرُ الرَّابِعُ: منْ تعلَّمَ عِلمَ الدَّينِ الحلالَ والحرامَ تَعَلَّمَ ما هو فرْضٌ مِنْ طاعةِ اللهِ وتعَلَّمَ ما هو مُحَرَّمٌ في شرعِ اللهِ فإنْ كانَ ما تَعَلَّمَهُ طَبَّقَهُ أدَّى الفَرْضَ، أدَّى ما فرضَ اللهُ عليهِ وتجنَّبَ ما حَرَّمَهُ اللهُ عليهِ كَمَا تَعَلَّمَهُ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ هذا منزِلَتُهُ عاليةٌ في الآخرةِ، أمَّا إنْ لمْ يَتْبَعْ عِلْمَهُ وتَبِعَ هَوَاهُ أضاعَ بعضَ الواجِباتِ أو ارتكبَ بعض الذنوبِ الكبيرةِ فهو له ويلٌ كبيرٌ في الأخرةِ ثم إنَّ هؤلاءِ الأربعةَ من خَتَمَ اللهُ لهُ بالإسلامِ فماتَ مؤمِناً ومُتَجَنِّباً للكُفْريَّاتِ فمهما كَثُرَتْ ذُنوبُهُ فهو تحت المشيئةِ إن شاءَ اللهُ عاقبَهُ بذنُوبِهِ وإن شاءَ عفا عنهُ، منْ ماتَ مُسْلِمَاً مهما كانتْ ذنوبُهُ كبيرةً لا يجوزُ لنَا أنْ نَقولَ هذا الشخصُ اللهُ يُعَذِّبُهُ، ما يُدرينا إن كانَ منَ الذينَ يُسامِحُهُمُ اللهُ على ذُنوبِهِم مَهْمَا كَثُرَتْ أو كانَ مِنَ الذينَ يُعَاقِبُهُم، الأمرُ يَوْمَ القيامةِ يَتَبيَّنُ، نحنُ لا ندري، الأمرُ يومَ القيامَةِ يَتبيَّنُ، لذلكَ نحنُ إذا علِمْنَا مُسلماً مِنْ أهلِ الكبائِرِ مَاتَ لا نَقولُ هذا من أهلِ النارِ، لا يجوزُ.


الصَّدقَةُ منْ مالٍ حلالٍ قدْ يغفِرُ اللهُ بها بعضَ الكَبَائِرِ، الصَّدقَةُ منَ المالِ الحلالِ لها نفعٌ كبيرٌ مهما قلَّتْ، لها عندَ اللهِ وَزْنٌ كبيرٌ لذلكَ قالَ الرسولُ عليهِ السَّلامُ: “سبََقَ دِرْهَمٌ مِائةَ ألفِ دِرْهمٍ” قيل: كيف ذلك يا رسولَ اللهِ قال: “رَجُلٌ لهُ دِرهَمَانِ (أي من حلال) تصَدَّقَ بِأحدِهِما وأبقى الآخَرَ لِنَفْسِهِ ورجُل ءاخَرُ تَصدَّقَ بمائةِ ألفٍ مِنْ عُرْضِ مالِهِ” أي لهُ مالٌ كثيرٌ، منْ هذا المالِ الكثيرِ الذي هو ملايينُ أعطى مائَةَ ألفٍ وترَكَ لِنَفسِهِ الكَثيرَ الكثيرَ، الرَّسولُ قالَ هذا الذي تَصَدَّقَ بِدِرهَمٍ وترَكَ لِنَفسِهِ دِرهماً ثَوابُهُ أعظَمُ من ذاكَ الذي تصَدَّقَ بِمائَةِ ألفٍ لأنَّ هذا غَلَبَ نفسَهُ لأجلِ الآخرَةِ ما قالَ أنا ما عِندي إلاَّ دِرْهَمَانِ كيفَ أُخرِجُ دِرهماً منهُما؟ ءاثَرَ الآخِرَةَ وخالفَ نفسَهُ وَرَغِبَ فيما عِندَ اللهِ منَ الثَّوابِ، هذا ثوابُهُ أفضَلُ من ذلكَ الغنيِّ ليس شرْطاً أنْ يكونَ الشخصُ تصَدَّقَ بالكثيرِ بَلِ العِبْرَةُ أنْ يكونَ المالُ حلالاً ثمَّ لو تصدَّقَ بحبَّةِ تَمْرٍ على إنسانٍ جائِعٍ هذهِ التَّمرَةُ الواحِدَةُ لها عندَ اللهِ وزْنٌ كبيرٌ قدْ يُعْتِقُ اللهُ المُسلِمَ منْ ذُنُوبٍ كبيرةٍ بِصدَقَةٍ قليلةٍ إنْ كانَ المالُ حلالاً وكانتِ النيَةُ تقرُّباً إلى اللهِ ليسَ للرياءِ ليسَ لِيُقالَ فلانٌ كريمٌ يبْذُلُ المالَ للهِ، إنَّما نِيَّتُهُ التَّقربُ إلى اللهِ بلا رِياءٍ.


ثُمَّ إنَّ اللهَ تَبَاركَ وتعالى أخَّرَ جَزَآء الكُفَّارِ والمسلمينَ العُصَاةِ أكْثَرَهُ إلى الآخِرَةِ، أكثرُ الكُفَّارِ الذينَ طَغَوْا وكَفَرُوا باللهِ وبأنبيائِهِ أَخَّرَ عَذَابَهُم إلى الآخِرَةِ، وبَعْضُهُمُ انتَقَمَ مِنْهُمْ في الدنيا، قَوْمُ نُوحٍ عليهِ السَّلامُ لَمَّا كَذَّبُوهُ وَبَقُوْا على عِبَادَةِ الأوْثَانِ الخَمْسَةِ تَعِبَ مَعَهُمْ، هو كانَ لا يَمَلُّ مِنْ دَعْوَتِهِم إلى الإسلامِ وَهُمْ يُقابِلونَهُ بالسبِ والشتمِ وأحياناً يَضْرِبونَهُ قَضَى وهو صَابِرٌ على هذا تِسْعَمِائَةٍ وخمسينَ سنةً، ما ءَامَنَ بهِ إلا نحوُ ثمانينَ شخصاً، اللهُ انزَلَ عليهِ الوحيَ بأنهُ لا يؤمنُ منهم إلاَّ القَدْرُ الذينَ ءَامَنُوا فَقَطَعَ الأمَلَ مِنْهُم صارَ يَدْعُو عليهِم بَعْدَ أنْ قَطَعَ الأمَلَ مِنْهُم فَدَعَا عَليْهِمْ بِأنْ لا يَتْرُكَ اللهُ مِنْهُم أحَداَ على الأرْضِ، اللهُ استَجابَ دُعَاءَهُ، كُلُّ أولئكَ حتى الأطفالُ اللهُ أهْلَكَهُمْ لأنَّ اللهَ عَلِمَ أنَّ أطفالَهُمْ لو كَبِروا لا يؤمِنونَ، اللهُ أهْلَكَهُمْ بِالغَرَقِ، أمرَ الأرضَ فارتَفَعَ ماؤُها أربعينَ ذِراعاً وأمرَ السَّمَاءَ فصارتْ تُمْطِرُ قَطَرَاتٍ كُلُّ قَطْرَةٍ كالجبلِ ليسَ كالعَادَةِ، اجتمعَ ماءُ الأرضِ وماءُ السماءِ، فَغَطَّى جِبَالَ الأرضِ كُلَّهَا، أما نوحٌ ومَنْ ءامَنَ معهُ اللهُ نَجَّاهُم، اللهُ عَلَّمَهُ أنْ يَعْمَلَ السَّفينةَ، الكفارُ كانوا يَسخرونَ منهُ وهو يعملُ السفينة، اللهُ نَجَّاهُ ومَنْ ءَامَنَ بهِ وأهلكَ البقيةَ حتى ابْنَهُ أكَلَهُ الغَرَقُ لأنهُ كَفَرَ.


ثم بعدَ هؤلاءِ البَشَرُ كَفَرُوا، فَسَلَّطَ اللهُ عليهِمُ الريحَ فَهَلَكُوا إلا الذينَ ءامنوا، الريحُ رَفَعَتْهُم إلى مسافةٍ بعيدةٍ في الفضاءِ ثم فصلتْ رؤوسَهُم عن أجسادِهِم، هؤلاءِ الكفارُ أيضاَ اللهُ انتقمَ منهُم في الدُّنيا. هؤلاء هم قوم عاد وهم منَ العربِ. كانَ مَرْكَزُهُمُ اليَمَنَ، اليمنُ كانَتْ في الماضي فيها ماءٌ كثيرٌ وأشجارٌ كثيرةٌ وفواكِهُ كثيرةٌ كانَ فيها نِعْمَةٌ كثيرةٌ، هؤلاءِ قَوْمُ عَادٍ كَفَرُوا بِنَبِيِّهِم هُودٍ وهو عربيٌ، هؤلاءِ اللهُ أهلَكَهُم بالريحِ ثم بعدَ هؤلاءِ أيضاَ ذُرِّيَّةُ الذينَ أسْلَمُوا وَبَقَوْا على الأرضِ مَعَهُ أيضاً كفروا أرسلَ اللهُ اليهم نبياً فكذَّبُوهُ وءَاذَوْهُ كذلكَ هذا النبيُّ من العربِ، اللهُ تعالى أهْلَكَ الذينَ كَذَّبُوا نَبيَّهُم صَالِحاً وَهُوَ مِنَ العَرَبِ، نَجَّاهُ اللهُ وَمَنْ ءَامَنَ بهِ وأهْلَكَ الذينَ كَفَرُوا، ثم بعدَ ذلكَ أيضاً تكَرَّرَ هذا، قَوْمُ شُعَيْبٍ اللهُ أهْلَكَهُم لَمَّا كَذَّبُوا نبيَّ اللهِ شُعيباًَ، نبيُ اللهِ شُعيبٌ كانَ بالأُرْدُنِّ أمَّا هودٌ كانَ باليمنِ اما صَالِحٌ كانَ فيما بينَ المدينةِ والشامِ، ثم بعدَ ذلكَ قَوْمُ فِرْعونَ الذينَ كَذَّبُوا موسى وتَجَبَّرُوا أهْلَكَهُمُ اللهُ وَنَجَّى موسى وَمَنْ ءَامَنَ بهِ، ثمَ هؤلاءِ أيضاً الذينَ ءَامَنُوا بموسى قِسمٌ مِنهُم في حياةِ مَوسى نحوُ سبعينَ ألفَ شخصٍ كانوا مَعَهُ كَفَرُوا عَبَدُوا العِجْلَ هؤلاءِ تَابُوا رَجَعُوا إلى الإسلامِ، لكنَّ اللهَ أنْزَلَ وَحْيَاً على موسى بأن يُقْتَلَ هؤلاءِ، هَؤلاءِ أسْلَمُوا وَمَعَ ذَلكَ كَفَّارَةً أُمِرَ بِقَتْلِهِمْ، فَصَارَ الذينَ لمْ يَعْبُدُوا العِجْلَ يَقتُلُونَ الذين عبدوا العِجْلَ، فصارَ الرَّجُلُ لا يُبَالي إنْ قَتَلَ أخَاهُ أوْ أبَاهُ، بعدَ ذلكَ اللهُ أرسلَ أنبياءَ كثيرينَ، ما حَصَلَ مِثلُ ذلكَ إلى أَنْ جَاءَ عيسى عليه السلامُ، كذلكَ عِيسى بعضُ الناسِ كَفَرُوا بهِ وبعضُ الناسِ ءَامَنُوا، كانَ عِنْدَهُم وضوءٌ وصلاةٌ وصيامٌ مِثْلَنَا لكنَّ الصِّيَامَ الذي فُرِضَ عليهِم غيرُ شَهْرِ رَمَضَانَ اللهُ جَعَلَ شَهْرَ رمضَانَ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ هؤلاءِ مَا أنزَلَ اللهُ عليهِم عَذَاباً مِثْلَ قومِ نوحٍ وَعَادٍ ولا يُنزِلُ مِثْلَ ذلكَ إلى يومِ القيامةِ، إنما الناسُ قَبْلَ يومِ القيامةِ يَكفُرونَ كُلُّهُم لا يُوجَدُ في ذلكَ الوقتِ مُسْلِمٌ يقولُ لا إله إلا اللهُ، بعدَ مِائَةِ سَنَةٍ اللهُ يأمُرُ إسْرَافيلَ بِأنْ يَنْفُخَ في بُوقٍ كبيرٍ صَوْتُهُ يَقْتُلُ كُلَّ الكُفَّارِ هُنَاكَ القِيَامَةُ هذا أوَّلُ القيَامَةِ، بعدَ هؤلاءِ الكُفَّارِ الملائكةُ يموتونَ ثم يعيدُ اللهُ الناسَ الذينَ مَاتُوا، والناسُ الذينَ كانوا مَاتُوا قبلَ هؤلاءِ لا يموتُونَ مَوْتَةً ثَانِيَةً إنما يُصِيبُهُم غَشْيَةٌ ثُمَّ يُفيقُونَ، حتى الأنْبِيَآءُ في النفخةِ الثانيةِ نَفْخَةِ البَعْثِ اللهُ يُحييهِم وإسرافيلُ يُحييهِ اللهُ فيَنْفُخُ في الصُّورِ، هذهِ يُقَالُ لَها نفخةُ البَعْثِ، الناسُ الذينَ ماتوا اللهُ يُعيدُهُم ثمَ الناسُ تَنْشَقُّ عنهُمُ القُبورُ فَيخرُجُونَ، الأنبياءُ عِنْدَ النَّفْخَةِ الأولى لا يموتونَ لأنهم قَدْ مَاتُوا قبلَ ذلكَ، إنما يُغشى عليهم كما يُغشى على المريضِ إذا اشْتَدَّ مَرَضُهُ، يَغيبونَ عَنْ وَعْيِهِم لا يموتونَ مَوْتَةً ثَانِيَةً، بعدَ ذلكَ يَصيرُ الحُكْمُ بينَ المؤمنينَ وبينَ الكُفَّارِ، الكُفَّارُ كُلُّهُم إلى النارِ، مَنْ كَذَّبَ الأنبياءَ، أما المؤمنونَ لا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمُ الجنةَ لكنْ قِسْمٌ مِنْهُم منْ دونِ أن يصيبَهُم أَدْنَى عَذَابٍ مِنْ دُونِ أنْ يُصيبَهُم أدْنَى مَشَقَّةٍ، في كُلِّ هذا الوقتِ لا يُصيبُهُم شيءٌ مِنَ الأَذَى والمشقَّةِ، هؤلاءِ أولياءُ اللهِ والشُّهَدَاءُ، الشهيدُ لوْ كانَ منْ أهلِ الكبائِرِ اللهُ لا يُعَذِّبُهُ مهمَا كانتْ ذنوبُهُ كبيرةً، أما الأولياءُ أعْلَى دَرَجَةً منَ الشُّهَدَاءِ الذينَ ليسوا أولياءَ، في مَوْقِفِ القيامةِ قبلَ صَرْفِ الناسِ إلى الجنةِ أوِ النارِ اللهُ يَجعلُ بعضَ المؤمنينَ تحتَ ظِلِّ العَرْشِ، لا يُصيبُهُم حَرُّ الشمسِ يكونونَ في نِعمةٍ وراحةٍ وسرورٍ وفرحٍ، يَجْلِسُونَ على مَنَابِرَ منْ نورٍ، وُجوهُهُم نورٌ ويجلِسونَ على منابِرَ منْ نورٍ.


 واللهُ سُبْحانَهُ وتعالى أحْكم


تفرغ لعبادة الله والا شغلتك الدنيا

 قال رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم :” قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا ابْنَ ءادَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ ف...