بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 يونيو 2021

الدليل الكافي في تفسير بعض الايات المتشابهه

قال االله تعالى: [وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامه والسماوات مطويات بيمينه سبحانه .........]الزمر (آية:67)

 

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:[قلب ابن آدم بين اصبعين من اصابع الرحمن...]

 

 قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ما نصه: "تعالى الله عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات" اهـ.

 

 فأهل السنة والجماعة -سلفا وخلفا- نزّهوا الله عن الأعضاء والجوارح والأعداد فلم يقل قائل منهم إن "اليد" في حق الله "عضو" ولا قالوا "جارحة" ولا قاسوها بعدد

 

الحمد لله الذي جعل العربية افضل اللغات وجعلها لغة اهل الجنة ولغة القرءان ولغة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز تفسير القرءان بغير لغة العرب 

 

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم 

 

 ...والمقصود أن يد الجارحة مستحيلة ( يعني الله لا يجوز ان يوصف بالجارحة والجارحة هي التي لدينا ولا ينفع ان يقال له يد يعني عضو ولكن لا يشبه اعضائنا فهذا من الفساد والتجسم وهو كفر ) قوله فضحك رسول صلى الله عليه وسلم تعجبا مما قال الحبر تصديقا له ثم قرأ وما قدروا الله حق قدروه ولأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ظاهر الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم صدق الحبر فى قوله إن الله تعالى يقبض السموات والأرضين والمخلوقات بالأصابع ثم قرأ الآية التى فيها الاشارة الى نحو ما يقول

 

 

قال القاضى وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه صلى الله عليه وسلم وتعجبه وتلاوته للآية تصديقا للحبر بل هو رد لقوله وانكار وتعجب من سوء اعتقاده فان مذهب اليهود التجسيم

 

وقال ايضا 

 

وأما إطلاق اليدين تعالى فمتأول على القدرة وكنى عن ذلك باليدين لأن أفعالنا تقع باليدين فخوطبنا بما نفهمه ليكون أوضح وأوكد فى النفوسوذكر اليمين والشمال حتى يتم المثال لأنا نتناول باليمين ما نكرمه وبالشمال ما دونه ولأن اليمين فى حقنا يقوى لما لا يقوى له الشمال ومعلوم أن السموات أعظم من الأرض فأضافها الى اليمين والأرضين الى الشمال ليظهر التقريب فى الاستعارة وان كان الله سبحانه وتعالى لا يوصف بأن شيئا أخف عليه من شىء ولا أثقل من شىء هذا مختصر كلام المازرى فى هذا قال القاضى وفى هذا الحديث ثلاثة ألفاظ يقبض ويطوى ويأخذ كله بمعنى الجمع لأن السموات مبسوطه والأرضين مدخوة وممدودة ثم يرجع ذلك الى معنى الرفع والازالة وتبديل الأرض والسموات فعاد كله الى ضم بعضها الى بعض ورفعها وتبديلها تغيرها قال فأتى النبى صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها تمثيل لقبض هذه المخلوقات وجمعها بعد بسطها وحكاية للمبسوط والمقبوض وهو السموات والارضون لا اشارة الى القبض والبسط الذى هو صفة القابض والباسط سبحانه وتعالى ولا تمثيل لصفة الله تعالى السمعية المسماة باليد التى ليست بحارحة

 

 وقال النووي قال عياض 

 

قال والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم فيما ورد فى هذه الأحاديث من مشكل ونحن نؤمن بالله تعالى وصفاته ولا نشبه شيئا به ولا نشبهه بشىء ليس كمثله شىء وهو السميع البصير وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه فهو حق وصدق فما أدركنا علمه فبفضل الله تعالى وما خفى علينا آمنا به ووكلنا علمه اليه سبحانه وتعالى وحملنا لفظه على ما احتمل فى لسان العرب الذى خوطبنا به ولم نقطع على أحد معنييه بعد تنزيهه سبحانه عن ظاهره الذى لا يليق به سبحانه وتعالى وبالله التوفيق . انتهى كلام النووي

 

ان كلام العلماء هو تنزيه الله تعالى عن هذا الظاهر المتبادر الى بعض اذهان الناس وما هذا الا من تمويهات الوهابية فانه يصفون الله تعالى بالجارحة ولكن يقولون ليس كجوارحنا

 

 

قال الحافظ السيوطي في كتابه: "الإتقان": "من المتشابه آيات الصفات، ولابناللَّبَّان فيها تصنيف مُفْرد، نحو: "الرحمن على العرش استوى"، "كل شيء هالك إلاوجهه"، "ويبقى وجه ربك"، "ولتصنع على عيني"، "يد الله فوق أيديهم"، "لما خلقتبيدي"، "والسموات مطويات بيمينه". وجمهور أهل السنة، منهم السلف وأهل الحديث: علىالإيمان بها، وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نُفَسِّرها مع تنزيهناله عن حقيقتها" ا.هـ المراد

 

فلو نظرنا الى كلام الامام عن قوله تنزيهنا له عن حقيقتها وحقيقة قبضة اليد اي الجسم اي العضو فالله منزه عن العضو وقد قال الامام الطحاوي ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر

 

 اما بالنسبة للصورة يعني الهيئة يعني الشكل والعياذ بالله فالله تعالى منزه عن هذه الاشياء لان من كان له صورة او شكل حتى لو كنا لا نعلم هذا الشكل ولا هذه الصورة فانه لا شك محتاج لمن خصه بهذا الشكل وهذه الصورة عن غيرها من الاشكال والصور ومن كذلك فهو مخلوق ولا حول ولا قوة الا بالله

 

قال الإمام الجوزي عقب حديث قلب ابن آدم بين اصبعين: ولما كان القلب بين إصبعين ذليلا مقهورا دلَّ بهذا على أن القلوب مقهورة لمقلِّبها

 

وقال البيهقي عقب ذكره الحديث: فقد قرأت بخط أبي حاتم أحمد بن محمد الخطيب في تأويل هذا الخبر قيل: معناه تحت قدرته وملكه وفائدة تخصيصها بالذكر أن الله تعالى جعل القلوب محلا للخواطر والإيرادات والعزوم والنيات وهي مقدمات الأفعال ثم جعل سائر الجوارح تابعة لها في الحركات والسكنات ودل بذلك على أن أفعالنا مقدورة لله تعالى مخلوقة لا يقع شىء دون ارادة الله

 

فالعلماء اثبتوا ان الله تعالى يستحيل عليه ان يكون له اعضاء بل السلف قالوا هذا ومنهم الامام الطحاوي رضي الله عنه فقال في عقيدته تعالى الله عن الغايات والاركان والاعضاء .... فالسلف ينزهون الله عن الاعضاء ولكن الوهابية مدعي السلفية يثبتون لله الاعضاء

 

اللغة العربية فيها المجاز  

 

ففي لسان العرب ما نصه: "ابن الأَعرابي: اليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ القُوَّةُ، واليَدُ القُدْرة، واليَدُ المِلْكُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ" اهـ.

 

وفيه: "واليَدُ النَّدَمُ، ومنه يقال: سُقِط في يده إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي: نَدِمَ. وفي التنزيل العزيز: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف] أَي: نَدِمُوا، واليَدُ الغِياثُ، واليَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، واليَدُ الاسْتِسلامُ، واليدُ الكَفالةُ في الرَّهْن؛ ويقال للمعاتِب: هذه يدي لكَ" اهـ.

 

وفيه: "وفي الحديث: "أَنه -صلى الله عليه وسلم- قال في مناجاته ربه وهذه يدي لك". أَي: اسْتَسْلَمَتُ إِليك وانْقَدْت لك، كما يقال في خلافِه: نزَعَ يدَه من الطاعة. ومنه حديث عثمان -رضي الله تعالى عنه-: "هذه يَدي لعَمَّار". أَي: أَنا مُسْتَسْلِمٌ له مُنْقادٌ فليَحْتَكِمْ عليَّ بماشاء" اهـ.

 

وفيه: "ويقال: اليَدُ لفلان على فلان أَي: الأَمْرُ النافِذُ والقَهْرُ والغَلَبةُ، كما تقول: الرِّيحُ لفلان. 

 

وقوله عز وجل: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة]. قيل: معناه عن ذُلٍّ وعن اعْتِرافٍ للمسلمين بأَن أَيْدِيَهم فوق أَيْدِيهم، وقيل: عن يَدٍ أَي: عن إِنْعام عليهم بذلك لأَنَّ قَبول الجِزْية وتَرْكَ أَنْفُسهم عليهم نِعمةٌ عليهم ويَدٌ من المعروف جَزِيلة، وقيل: عن يَدٍ أَي: عن قَهْرٍ وذُلٍّ واسْتِسْلام، كما تقول: اليَدُ فيهذا لفلان أَي: الأَمرُ النافِذُ لفُلان" اهـ.وفيه: "وفي حديث الهجرة: "فأَخَذَ بهم يَدَ البحرط. أَي: طريق الساحل" اهـ.

 

وفي الحديث: "المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دماؤُهم ويَسْعَى بذِمَّتهم أَدْناهم وهم يَدٌ على مَن سِواهم" أَي: كَلِمَتُهم واحدة، فبعضُهم يُقوّي بَعْضًا، والجمع أَيْدٍ، قال أَبو عبيد: معنى قوله: يَدٌ على مَن سواهمأَي: هم مجتمعون على أَعدائِهم وأَمرُهم واحد، لا يَسَعُهم التَّخاذُل بليُعاوِنُ بعضُهم بعضًا، وكَلِمَتُهم ونُصْرَتُهم واحدةٌ على جميع المِلَلِ والأَدْيانِ المُحاربةِ لهم، يتَعاوَنون على جميعهم ولا يَخْذُل بعضُهم بعضًا، كأَنه جعل أَيْدِيَهم يَدًا واحدةً وفِعْلَهم فِعْلاً واحدا.

 

.وقوله تعالى: {بَل يَداهُ مَبسوطَتانِ} [المائدة].قالوا: نعمته وقدرته.

 

 ففي لسان العرب: "يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَوادا" اهـ.

 

وفيه: "واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تقول: لي عليه يَدٌ أَي: قُدْرة" اهـ.*وقوله تعالى: {لِمَا خَلَقتُ بِيَديَّ} [ص].

 

قالوا: نعمته وإحسانه.

 

وفي لسان العرب ما نصه: "والعرب تقول: ما لي به يَدٌ أَي: ما لي به قُوَّة، وما لي به يَدانِ، وما لهم بذلك أَيْدٍ أَي: قُوَّةٌ، ولهم أَيْدٍ وأَبْصار وهم أُولُو الأَيْدي والأَبْصار" اهـ.

 

وفيه: "يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَوادا" اهـ.*وقوله تعالى: {وَالسَماء بَنَيناها بِأَيْدٍ} [الذاريات].

 

قالوا: أي بقوة.

 

وفي التنزيل العزيز: {أُولِي الأيْدِي وَالأَبْصَارِ} [ص] قيل: معناه أُولي القُوَّة والعقول.

 

*وقوله تعالى: {خَلَقنا لَهُم مِمَّا عَمِلَت أَيدينا أَنعامًا} [يس] 

 

قالوا: أي مما عملنا نحن أي مما أبدعناه وعملناه من غير واسطة ولا وكالة ولا شركة، كما في [الجامع لأحكام القرءان للقرطبي].

 

 وفي حديث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: "قد أَخْرَجْتُ عِبادًا لِي لا يَدانِ لأَحَدٍ بِقِتالِهمْ". أَي: لا قُدْرَةَ ولا طاقَة.

 

{ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } (171) سورة النساء

 

 ومعنى روح منه اي انها اي روح المسيح عليه السلام صادرة خلقا وتكوينا من الله وليس المعنى ان لله روح وعيسى عليه السلام جزء من الله 

 

 ان من اعتقد ان لله يد بمعنى العضو يعني الجارحة او قبضة بمعنى العضو يعني الجارحة او غير ذلك مما ورد بالحديث او الايات فاعتقد انها عضو فهذا مشبه ولو زعم وقال انا لست مشبه ولو قال انا انفي ان اقول هي كاعضائنا لانه بمجرد وصف الله بالعضو صار تشبيه

 

وهذا القول اي نسبة العضو لله في نسبة الجزء من الكل وفيه نسبة التجسيم لله تعالى

 

ومعتقد هذا الكلام كافر بربه عليه الرجوع للاسلام بالنطق بالشهادتين بقول لا اله الا الله محمد رسول الله


الأحد، 20 يونيو 2021

القرءان يتعاضد ولا يتناقض


اعلم رحمك الله تعالى أن الله تعالى جعل ءايات القرءان وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم فيه المحكم وفيه المتشابه ومعنى المحكم: ماكان واضح الدلالة على المعنى المراد نحو قوله تعالى:{ليس كمثله شئ} فهذه الآية معناها أن الله لايشبه شئ ولا شئ يشبه الله. وأما المتشابه: فهو ما يحتمل أوجهاً عديدةً بحسب اللغة العربية ويحتاج للنظر للوصول إلى معناه المراد وحمله على ما يوافق الآيات المحكمات. وقد جعل الله تعالى الآيات المحكمات الأصل والمرجع الذي لا يجوز الخروج عنه عند تفسير أي نص قرءاني أو حديثي قال تعالى:{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن أم الكتاب} معناها: أن الآيات المحكمات هن المرجع والأصل الذي لا يخرج عنه في تفسير أي آية أو حديث. والله تعالى له أن يبتلي عباده بما شاء ومن جملة ما ابتلاهم به أن جعل في القرءان والحديث المحكم والمتشابه فضلّ أناسٌ حملوا المتشابه على ظاهره وجعلوا القرءان متناقضاً والحديث كذلك وهدى الله أهل السنة والجماعة للحق والصواب ففهموا الآيات المتشابهات على وجهها المراد وفسروها على وجه ينسجم مع الآيات المحكمات فقالوا في قول الله تعالى:{الرحمن على العرش استوى} هو إخبار عن قهر الله للعرش وأنه مسيطر عليه ففي لغة العرب يقال: استوى فلان على الممالك بمعنى القهر والغلبة وليس ذلك نقصا في حق الله ولا يفيد المغالبة كما أنك إذا قلت خلق الله الخلق ليس معناه أن الله كان عاجزا ثم صار قادرا بل المعنى أوجد الله الخلق بتخليقه الأزلي ففعل الله أزلي والمفعول حادث وفائدة تخصيص العرش بالذكر دون سائر المخلوقات مع كون الله قاهر كل شئ أن العرش هو أكبر جسم خلقه الله فإذا فهم أن الله مسيطر عليه فهم أن الله مسيطر على كل شئ كما قال الله تعالى: {وهو رب العرش العظيممع أنه ربُ كل شئ ثم كلمة استوى في لغة العرب قال الحافظ المتبحر أبوبكر بن العربي:إن لها خمسة عشر معنى فلماذا ترك المشبهة المجسمة نفاة التوسل المعاني اللائقة بالله وحملوها على معاني الخلق من الجلوس والاستقرار والكون في جهة فوق العرش تعالى الله عن ذلك. فمن جملة معاني استوى قهر وحفظ وأبقى وهذه تليق بالله ومن جملة معانيها تم وجلس واستقر ومال عن الاعوجاجِ ونضِج وهذه المعاني تليق بالخلق ولا تليق بالخالق قال الإمام أبو جعفر الطحاوي المتوفى سنة ثلاثمائة وسبع وعشرين للهجرة عن الله: تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات وقال: ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر . ومعاني البشر كثيرة وهي صفاتهم منها الجلوس والاستقرار والقعود والكون في مكان وجهة فكل هذا لا يجوز على الله. ثم المحدود في لغة العرب معناه ماله حجم إن كان صغيرا أو كبيرا والجالس على شئ له حجم إما بقدر ماجلس عليه أو أوسع أو أقل وفي كل هذه الأحوال لا يكون إلا مخلوقا تعالى الله عن ذلك. وقوله لا تحويه الجهات الست معناه الله موجودٌ بلا مكان روى الحافظ أبو نعيم عن علي رضي الله عنه أنه قال: من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود.
أما قوله تعالى:{إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش} فثم هنا بمعنى الواو المعنى الله خلق السموات والأرض وما بينهما وهو قاهرٌ العرش الذي خلقه قبل السموات والأرض. قال الشاعر العربي:
إن من ساد ثم ساد أبوه * ثم قد ساد قبل ذلك جده
فظاهر هنا أن ثم هنا جاءت لمعنى الواو وليس لمعنى الترتيب.
وأما قوله تعالى:{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فليس معناه أن الله يسكن في جهة فوق إنما المعنى أن الكلام الطيب كذكر الله والعمل الصالح تسجله الملائكة وترفعه إلى السماء التي هي محل كرامة الله. ثم يقال لهؤلاء المشبهة المجسمة لم لم تأخذوا بظاهر الآية {وهو معكم أين ماكنتم} فتقولوا إن الله مع كل إنسان في كل مكان والعياذ بالله ولم لم تأخذوا بظاهر قوله تعالى:{فأينما تولوا فثم وجه الله} وتقولوا إن الله يحيط بالعالم يحدق به ولم لم تأخذوا بظاهر قوله تعالى: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} فتقولوا إن الله يسكن الأرض كما يسكن السماء بزعمكم ولم لم تأخذوا بظاهر قوله تعالى:{والله من ورائهم محيطولم لم تأخذوا بظاهر قوله تعالى: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم} فتجعلوا بزعمكم الكفار في مكان مع الله فإن قلتم لا يليق بالله أن يكون في جهة الأرض فلذلك أولنا هذه الآيات فيقال لكم: لا يليق بالله أن يكون في جهة من الجهات لا جهة فوق ولا جهة تحت فارجعوا عن تشبيهكم لله بخلقه وإثبات جهة فوق له وإثبات الجلوس له وإثبات النزول والصعود الحقيقيين له واعتقدوا عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة الرسول والصحابة ومن تبعهم بإحسان أن الله ليس جسما وأنه موجود بلا مكان ولا جهة.
وأما قوله تعالى: {وهو العلي العظيمفمعناه علو القدر لا المكان والجهة والعظيم أعظم من كل شئ قدرا لا حجما.
وأما قوله تعالى:{سبح اسم ربك الأعلى} فمعناه الذي هو أعلى من كل شئ قدرا.
وأما قوله تعالى: {يخافون ربهم من فوقهم} فمعناه فوقية القهر لا فوقية الجهة والمكان.
وأما ماحصل مع الرسول في المعراج فلم يقل أحد من المسلمين إن الرسول وصل إلى مكان ينتهي إليه وجود الله أو أن الرسول التقى بالله كما يلتقي المخلوق بالمخلوق بل المراد بالمعراج تشريف الرسول وتعظيم مكانته بإطلاعه على عجائب العالم العلوي ووصوله إلى مكان لم يصله أحد من البشر وإلا فإن الله تعالى كان موجودا قبل المكان قبل الجهات قبل السموات والأرض والعرش والكرسي كان موجودا بلا مكان وهو الذي يغير ولا يتغير فمازال موجودا بلا مكان. ثم المكان هو الفراغ الذي يشغله الحجم فلو كان الله في مكان لكان حجما تعالى الله عن ذلك قال تعالى: {وكل شئ عنده بمقدار} معناه خلق الله المخلوقات على مقادير مختلفة من الأحجام الكبير والصغير وما بين ذلك فهل يعقل أن يكون الخالق كشئ من خلقه تعالى الله عن ذلك.
وأما ما جاء في حديث المعراج أن موسى قال للرسول ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فليس معناه ارجع إلى المكان الذي فيه ربُك إنما معناه ارجع إلى المكان الذي تتلقى فيه الوحي من ربك لاستحالة المكان والجهة على الله. وأما قوله تعالى: {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} فمعناه دنا جبريل من محمد وتدلى إليه حتى كان ما بينهما قدر ذراعين بل أقرب.
وأما حديث: لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إلى ءاخره فمعناه عنديةُ التشريف لا المكان والجهة فهل يقول هؤلاء المجسمة والمشبهة في قوله تعالى: {مسومة عند ربك} إن تلك الحجارة في مكان فيه الله بزعمهم وهل يقولون في قوله تعالى: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهمإن الكفار في مكان مع الله والعياذ بالله.
واما حديث الصحيحين: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء فالمقصود به جبريل عليه السلام الذي هو رسول الوحي.كما في قول الله تعالى ءأمنتم من في السماء فقد فُسر بالملائكة كما قال الحافظ العراقي الذي روى حديث الراحمون يرحمهم الرحيم ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء فأهل السماء هم الملائكة وهذه الرواية تفسر الرواية المشهورة الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء أي الملائكة. ورحمة الملائكة لنا تكون باستغفارهم لنا والدعاء.
وأما حديث مسلم والذي فيه أن الرسول قال للجاريةِ أين الله فقالت في السماء فمعناه رفيع القدر جداً إذ لا يجوز أن يحكم الرسول بالإسلام على إنسان يجعل لله مكاناً لأن المكان من صفات الخلق وهذا الحديث كما قال الحافظ النووي من الأحاديث المتشابهة التي لا يجوز حملها على الظاهر لأن حمل النصوص المتشابهة على الظاهر يؤدي إلى التناقض والتناقض في كلام الله مستحيل.
فالحق الذي عليه الرسول والصحابة وكل المسلمين أن الله تعالى خالق كل شئ خالق الحجم اللطيف كالنور والريح والملائكة وخالق الحجم الكثيف كالإنسان والحجر والعرش وخالق صفات الأحجام كالحرارة والبرودة والحركة والسكون وهو تعالى لا يشبهها ولا يتصف بصفاتها فهو موجود بلا مكان ولا جهة أزلا وأبدا ولا يتغير.
وليحذر من المشبهة المجسمة نفاة التوسل الذين يكفرون المسلمين بلا حق ويعتقدون في الله الجسمية والجهة والمكان والجلوس والحركة والسكون تعالى الله عما يقولون وهم بذلك كذبوا قوله تعالى ليس كمثله شئ وليحذر من الحافظ الذهبي المجسم المشبه ومن كتابه المسمى العلو للعلي الغفار الذي حشاه بالتشبيه والتجسيم. كما يجب الحذر من ابن القيم الجوزية الذي هو تلميذ ابن تيمية وكلاهما مشبهان مجسمان يعتقدان في الله الجهة والمكان وقد صرحا بذلك في كتبهما فلا يجوز الاعتماد عليهما بل يجب الحذر منهما ومن كتبهما ومن اتباعهما.
نسأل الله أن يثبتنا على الحق ما أحيانا وأن يحفظنا من فتنة التشبيه وأن يكف شر هذه الفتنة عن المسلمين والله أعلم وأحكم.


لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...