بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 سبتمبر 2018

قال الله تعالى {إنَّ اللهَ اصطفى ءادمَ ونوحًا وءالَ إبراهيمَ وءالَ عمرانَ على العالمينَ} [سورة ءال عمران].

قال الله تعالى {إنَّ اللهَ اصطفى ءادمَ ونوحًا وءالَ إبراهيمَ وءالَ عمرانَ على العالمينَ} [سورة ءال عمران].
سيدنا ءادم عليه السلام هو أبو البشر وأولُ إنسان خلقه الله تعالى، فهو أول النوع البشري الذي فضله الله على سائر أنواع المخلوقات، فهو أفضل من النوع الملكي وأفضل من النوع الجني.
وكان خلقه عليه السلام في الجنة ءاخر ساعة من يوم الجمعة من الأيام الست التي خلق الله فيها السموات والأرض كما جاء في حديث مسلم، وروى مسلم وغيره أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
"خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ءادم".
كيف خلق ءادم عليه الصلاة والسلام
شاء الله سبحانه وتعالى بمشيئته التي لا تتبدل ولا تتغير وجود ءادم عليه السلام فأبرزه بقدرته من العدم إلى الوجود.
فقد أمر الله تعالى مَلكًا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواع تراب الأرض التي نعيش عليها ليخلق منه ءادم عليه السلام، فأخذ هذا الملك من جميع أنواع تراب الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن سهلها وحَزْنها أي قاسيها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها ومما هو بين ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"إن الله قبض قبضة من الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها وما بين ذلك فجاء ذرية ءادم على قدر ذلك"
رواه ابن حبان وغيره،
وعند أحمد "فجاء بنو ءادم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك".
أي جاءت أحوال وألوان ذرية ءادم عليه السلام مختلفة بسبب هذا التراب المختلف الذي خُلق منه ءادم عليه الصلاة والسلام.
فائدة: قيل سمي ءادم بهذا الاسم لأنه من أديم الأرض.
معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله خلق ءادم على صورته"
يجوز أن يكون معنى هذا الحديث "إن الله خلق ءادم على صورته" أي على صورة ءادم الأصلية التي خلقه عليها طوله ستون ذراعًا وعرضه سبعة أذرع فيكون الضمير في "صورته" عائدًا إلى ءادم عليه السلام، ويجوز أن يكون الضمير في "صورته" عائدًا إلى الله فيكون التقدير على الصورة التي خلقها الله وجعلها مشرفة مكرمة، وتسمى هذه الإضافة إضافة المِلك والتشريف لا إضافة الجزئية كإضافة الكعبة إلى نفسه كقول الله تعالى لإبراهيم وإسماعيل {أن طَهِّرَا بيتي} لأن الله سبحانه لا يوصف بالجسمية والجزئية فليس هو أصلاً لشيء ولا هو فرعًا عن شيء ولا يتحيز في جهة ومكان لأن التحيز للجسم اللطيف والكثيف.
الخِلقة التي خُلق عليها ءادم عليه السلام
خلق الله سيدنا ءادم عليه السلام جميل الشكل والصورة وحسن الصوت لأن جميع أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية الناس كانوا على صورة جميلة وشكل حسن وكذلك كانوا جميلي الصوت، قال صلى الله عليه وسلم:
"ما بعث الله نبيًا إلا حسن الوجه حسن الصوت وإن نبيكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا".
ولقد كان طول سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام ستين ذراعًا، وكان وافر الشعر شبهه رسول الله في الطول بالنخلة السَّحوق، لما خلقه الله قال: اذهب فسلم على أولئك – نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يُحَيُّونكَ فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله. وكل من يدخل الجنة يكون على صورة ءادم في الطول
فقد ورد في مسند الإمام أحمد بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة يدخلون الجنة على خلق ءادم ستون ذراعًا في عرض سبعة أذرع.
فائدة: روى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله عز وجل لما صوّر ءادم تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يُطيف به فلما رءاه أجوف عرف أنه خلقٌ لا يتمالك"،
وعند أبي يعلى: "فكان ابليس يمر به فيقول: لقد خلقت لأمر عظيم".
ففي هذا الحديث الصحيح دليل على أن إبليس كان في الجنة لما خلق ءادم وذلك قبل أن يكفر لأنه كان مسلمًا يتعبد مع الملائكة ولم يكن منهم من حيث الجنس والأصل لأن الملائكة أصلهم النور وإبليس أصله من مارج من نار أي لهب النار، وفيه أن إبليس كان يدور حول هيكل ءادم وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح فرءاه أجوف أي شيئًا غير مصمت بل له جوف، فعرف أنه خلق لا يتمالك أي ليس كالملائكة ولا كالجمادات بل هو أضعف من ذلك.

إنّ الإيمان بالقدر كلِّه خيره وشرِّه موقِعُه في الدّين عظيم

إنّ الإيمان بالقدر كلِّه خيره وشرِّه موقِعُه في الدّين عظيم
قال الفقيه المحدث عبدالله بن محمد الهرري الشافعي الأشعري رحمه الله:
إنّ الإيمان بالقدر كلِّه خيره وشرِّه موقِعُه في الدّين عظيم، وذلك لأنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أكَّد أمره فوق ما ورد في النصوص القرآنية، ثم أصحاب رسول الله أعلامُهُم كسيّدنا عمر وسيدنا عليّ بن أبي طالب وعِمران بن الحصين رضي الله عنهم ثم أعلام التّابعين كالإمام الحسن البصريِّ ومن تبع هؤلاء بإحسان، كانوا يعظِّمون أمر الإيمان بالقَدَر، وكانوا لا يثبتون الإيمان لمن خالف في ذلك اي لا يعتبرونه مسلماً. كانوا لا يفرّقون في أنّ ما يحصُل في الدنيا من أعيان الأشياء اي أجرامها وأعمالها حركاتها وسكناتها كلُّ ذلك بخلق الله تعالى ومشيئته وتقديره، لا يفرّقون بين ما يعمل الإنسان من خير وما يعملُه من شرٍّ في أنَّ كلاًّ واقعٌ بتقدير الله وعلمه ومشيئته وتكوينه.
وقد ذكَرنَا فيما قبل ذلك أنّ أميرَ المؤمنين عمر رضي الله عنه خطبَ بالجابِيَة وهي أرضٌ من الشام، وكان عنده رجلٌ من أهل الذِّمّة عجميٌ فحمدَ اللهَ عُمَرُ (عمر هو من حمد الله، وهذا من باب تأخير الفاعل عن المفعول)، وأثنى عليه وقال (اي عمر): من يهد الله فلا مُضِلَّ له ومن يُضلِل فلا هادي له، فهذا العجميّ الكافر عرَف معنى هذه الجملة ومن يضلل فلا هادي له فاستنكرها بلغته فقال بلغته إنّ الله لا يُضِلُّ أحَداً، فقال عمر للتَّرجُمان ما يقول هذا؟ قال له إنّه يقول إنّ الله لا يُضِلّ أحداً، فقال عمر رضي الله عنه كذبَت يا عَدُوّ الله ولولا أنَّك من أهل الذّمّةِ لضربتُ عُنقَكَ، هو أضَلّكَ وهو يدخلُكَ النَّار إن شاء.
قول عمرَ رضي الله عنه هو أضَلك دليلٌ على ما هو معتقد المسلمين الصحابةِ ومن تبعهُم، أنّ الله تعالى هو الذي يخلُق الاهتداء في قلوب من شاء من عباده فيجعَلُهم مؤمنين، ويخلُق الضّلالة في قلب من شاء من عباده فيجعلُهم ضالّين كافرين، وهم في ذلك لهم اختيار. فقَولُ عمر رضي الله عنه هو أضلَّك تصريحٌ بالغ بأن الله هو خالق الضّلالة في الإنسان الذي هو ضال وإن كان للإنسان في ذلك اكتسابٌ وعملٌ، لكنه (اي الكسب للعبد) بمشيئة الله الأزلية وخلق الله تعالى في قلبه هذه الضلالة، هذه العبارة صريحةٌ لا تَقبَلُ تأويلاً، قال لهذا الكافر "هو أضلَّكَ وهو يدخِلُكَ النّار إن شاء" وإنما قال (عمر) إن شاء (اي الله) لأنَّه لا يدري هل هذا ممّن سَبَقَ له في علم الله ومشيئته أنّه سيُسلم ويموت على الإيمان والتقوى أو ممَّن كتبَ اللهُ وشاء وعلم أنّه يموت على ضلالته فيكونُ من أهل النار، لذلك قال إن شاء، وذلك لأن الإنسان أربَعَةُ أقسَام قِسمٌ يحيَونَ مؤمنين ويعيشون مؤمنين ويموتون مؤمنين ويُبعثون مؤمنين، وقسم يحيَون كافرين ويعيشون كافرين ويموتون كافرين ويُبعثون كافرين، وقسمٌ يحيون مؤمنين ويعيشون مؤمنين ثمّ يموتون كافرين ويبعثون كافرين، وقسم يحيَونَ كافرين ويعيشون كافرين ثم يموتون مؤمنين ويُبعثون مؤمنين، البشَرُ لا يخرجونَ عن هذه الأقسام الأربعة. فبما أنّه قد يعيش الإنسان دهرًا من عمره على الكفر ثم يُسلم، ويكون إسلامُه حسنًا، فيُختَم له بالإيمان والسعادة، لذلك عمر لم يجزم بقوله ويدخلك النار بل علّقهُ بقوله إن شاء، معناه إن شاء (اي الله) أن تموتَ على حالك هذا، فإنّك لا بدّ أن تدخل النار التي أعدّها الله تعالى دارَ خلودٍ أبديٍّ للكافرين، وهذا أثر ثابت عن سيدنا عمر رضي الله عنه

دليل في ءاية كريمة على وجوب تأويل حديث القدم

دليل في ءاية كريمة على وجوب تأويل حديث القدم
=============================
قال تعالى {إنكم وما تعبدونَ من دون الله حصب جهنمَ أنتم لها واردون} (98) {لو كانَ هؤلاءِ ءالهةً ما وردُوها} (99) سورة الأنبياء

كيف نستطيع أن نستخرج من هاتين الآيتين الكريمتين دليلا على بطلان قول الوهابية بالأخذ بظاهر المتشابهات؟
ورد في الحديث :"{يُقَال ُلِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ قَطْ" هذا في صحيح البخاري، ومعناه ءاخر فوج
لكن الوهابية يمنعون هذا التأويل ويقولون على ظاهره ..والعياذ بالله
فإن قالوا بهذا فقد أبطلوا الدلالة في الآية،الله قال {لو كان هؤلاء ءالهة ما وردوها}، الله نفى الألوهية عن الأصنام وأخبرنا بأن الأصنام سيردون النار، وعلى زعم الوهابية الله يُدخل رجله النار
فبتفسيرهم ينفون الألوهية عن الله ويكونون قد أبطلوا الدلالة في هذه الآية والعياذ بالله
يقول الإمام المتولي في كتابه الغنية ما نصه:
والدليل عليه -أي على تأويل الحديث- أن الله تعالى أخبر عن الأصنام أنهم يدخلون النار في قوله تعالى {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم}
ثم استدل على نفي منه الإلهية عنهم بدخولهم النار فقال
{لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها}،
فمن زعم أن الباري له قدم يضعها في النار فقد أبطل هذه الدلالة وسوى بينه وبين الأصنام. اهـ
شَرحُ الحَديثٍ:
أَمّا الرِّجلُ ما وَرَدَ على أَنّهُ صِفَةٌ للهِ بَل وَرَدَ على معنًى ءاخَرَ وهو جُزءٌ مِن خَلقِهِ، يُقالُ في لُغَةِ العَرَبِ: رِجلٌ مِن جَرادٍ أَي فَوجٌ مِن جَرادٍ.
فَالحديثُ الّذي وَرَدَ فيهِ ذِكرُ الرِّجلِ مُضافًا إِلى اللهِ هو حديثُ أَنَّ اللهَ تَبارَك وتَعالى يَملأُ يَومَ القِيامَةِ جَهَنّمَ بِفَوجٍ مِن خَلقِهِ كانوا مِن أَهلِها في عِلمِ اللهِ تَعالى، لَيسَ أَهلُ النّارِ يَدخُلونَ النّارَ دَفعَةً واحِدَةً كُلُّهُم، لا، بَل يَدخُلُ فَوجٌ ثمّ بَعدَ ذلِكَ فَوجٌ ثمَّ بَعدَ ذَلِكَ فَوجٌ فَالفَوجُ الأَخيرُ هو الّذي
وَرَدَ في الحديثِ: "فَيَضَعُ رِجلَهُ فيها"، رِجلَهُ مَعناهُ الفوجُ الأَخيرَ مِن خَلقِهِ الّذينَ هُم حِصَّةُ جَهَنّمَ، عَن هذا عَبَّرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ في قَولِهِ: "يُقالُ لِجَهَنّمَ هَل امتَلأتِ فَتَقولُ هَل مِن مَزيدٍ، فَيَضَعُ الجبّارُ رِجلَهُ فيها فَينْزَوي بَعضُها إِلى بَعضٍ فَتَقولُ قَطٍ قَط" رَواهُ البُخارِيُّ،
أَي اكتَفَيتُ اكتَفَيتُ، مَعناهُ وَجَدتُ مِلئي، وَجَدتُ ما يَملأُني.
"رِجلَهُ" مَعناهُ الفوجُ الأَخيرُ الّذينَ يُقَدِّمُهم للنّارِ، تَقولُ العَرَبُ: رِجْلٌ مِن جَرادٍ أَي فَوجٌ مِن جَرادٍ، أَمّا مَن تَوَهّمَ مِن هذا الحديثِ أَنَّ للهِ رِجْلاً بمعنى عُضوٍ فَهو مُشَبِّهٌ للهِ بِخَلقِهِ لا يَنفَعُهُ انتِسابُهُ إِلى الإِسلامِ، لأَنَّ مَن لم يَعرِفِ اللهَ لا تَصِحُّ عِبادَتُهُ.
كَذَلِكَ رِوايةُ القَدَمِ:" فَيَضَعُ فيها قَدَمَهُ، "مَعناهُ الشَّىءُ الّذي يُقدِّمُهُ اللهُ لِجَهنَّمَ، كَذَلِكَ أَئِمّةُ اللّغَةِ قالوا: القَدَمُ ما يُقَدِمُهُ اللهُ تَعالى للنّارِ، لَيسَ بمعنى أَنَّ لَهُ عُضوًا فَيُقَدِّمُ هذا العُضوَ للنّارِ، تَنَزَّهَ رَبُّنا عَن أَن يَكونَ لَهُ عُضوٌ.
وَقولُ أَهلِ الحقِّ "للهِ عَينٌ لَيسَت كَأَعيُنِنا" مَعناهُ أَنها صِفَةٌ، عَينُ اللهِ صِفةٌ مِن صِفاتِهِ كَما يُقالُ عِلمُ اللهِ، قُدرَةُ اللهِ، لَيسَ بمعنى العُضوِ والجارِحةِ، مَن حمَلَهُ على مَعنى الجارِحَةِ فَقَد شَبَّهَ اللهُ بخَلقِهِ.
وَمِن تمويهِ هَؤلاءِ المُجَسِّمَةِ المُشبِّهَةِ أَنهم يَقولونَ لفظًا "لله أَعينٌ لا كَأَعيُنِنا، ويَدٌ لا كَأَيدينا، ووجهٌ لا كوَجهِنا" ويَعتَقِدونَ الجوارِحَ والأَعضاءَ في اللهِ، فَهؤلاءِ خالَفَ كَلامُهُم مُعتَقَدَهُم فَلا يَنفَعُهُم قولُهُم هذا فَلا يَكونونَ مُنَزِّهينَ للهِ بَل هُم مُشَبِّهونَ لَهُ.

لا رازق على الحقيقة إِلَّا الله ولا فاعل على الحقيقة إِلا الله*


لا رازق على الحقيقة إِلَّا الله ولا فاعل على الحقيقة إِلا الله*

الله تعالى هو خالق كل شيء، ومن قال بخلاف ذلك فهو فاسد منحرف عن الاسلام.

من حيث اللغة والشريعة يجوز أن يضاف الرزق الى المخلوق، يقول الله تبارك وتعالى: {فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ} [سورة النساء، 8] ؛ لذا يقال في اللغة: فلان رازق الجيش، بالإضافة، أي بإضافة كلمة الجيش وليس بالإطلاق بلا إضافة، يقال ذلك عمَّن يعطي الجيش المؤن ونحوها.

وليس مستحسنًا أن يقال: لا رازق إِلا الله، إنما يقال: لا رازق على الحقيقة إِلَّا الله، فالله تعالى هو خالق الرزق وخالق المرزوق. الله تعالى هو خلق هذا الإعطاء والشخص المعطي والمرتزق؛ فالله عز وجل هو الرازق على الحقيقة، لا رازق على الحقيقة إِلا الله.

الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه قال: لا فاعل على الحقيقة إِلا الله.

نقول: فلان فعل كذا، لكن هذا الفعل ليس على الحقيقة، بل الفاعل على الحقيقة هو الله. الله هو خالق أفعال العباد. العبد ذاته مخلوق وفعله كذلك مخلوق.

ولا يجوز أن يُجعل الرَّزَّاق أو الرَّازق اسمًا لغير الله من دون إضافة، مع الإضافة يجوز كما يقال رازق الجيش وقد تقدم.

الولد لما يولد يُسمى مرزوقا، لا يُسمى رازقا. لا فاعل على الحقيقة إِلَّا الله؛ هذه الكلمة من أصول التوحيد. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول عندما يرجع من غزو أو حج: "لا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له.. " وفي آخره يقول: "وهزمَ الأحزابَ وحدَه".

هم المسلمون بحسب الظاهر هزموا الأحزاب؛ لكن في الحقيقة من الذي هزم؟ من حيث الحقيقة اللهُ هو الذي هزم الكفار.

يقول الله سبحانه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} هذه الآية من سورة الأنفال دليل أيضًا على أن العبد فعله على الحقيقة لله، أي الله خلقه.

في هذا العصر حدثت طائفة في بلاد الشام طلعت في فلسطين منذ نحو ستين سنة، تقول: "الإنسان هو يخلق أفعاله، أي هو يبرزها من العدم إلى الوجود" هذه الفئة مثل المعتزلة القدرية فئة ضالة، الإمام مالك حكم بأنهم مشركون.

أما نحن أي أهل السنة والجماعة فنقول: أفعالنا الذي يبرزها من العدم إلى الوجود هو الله. لسنا نحن الموجدين لها من العدم، إنما نحن مكتسبون، أي نوجّه إرادتنا لهذا الشيء والله يخلقه. نحن مخلوقون وإرادتنا وكسبنا لأفعالنا وأفعالنا كل ذلك مخلوق. هذه عقيدة أهل السّنة، عقيدة أهل الحق.

ابن تيمية المجسّم الضال خالف هذا ووافق المعتزلة، يقول: "فعل العبد له تأثير حقيقي في وجود فعله" هذا كأنه يقول العبد يخلق فعله. هذا ضلال.

ونحن نقول: لا تأثير من حيث حقيقة الأمر للعبد في وجود فعله، ومن الدليل لنا على ذلك أن الإنسان إذا شقَّ تفاحة لا يستطيع أن يعيدها كما كانت، هذا دليل على أنه ليس هو خلق هذا الشقَّ؛ لو كان الإنسان هو خلق هذا الشقَّ لاستطاع أن يُعيدها كما كانت، ولا يستطيع. فإذًا، العبدُ ليس هو خلق هذا الشق في التفاحة بل الله خلقه، وهكذا كل أفعال الإنسان ليس العبد خلقها بل الله خلقها وحده لا شريك له.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبّتنا على سبيل وسنّة وأن يكرمنا برؤية سيّدنا وحبيبنا محمّد عليه الصلاة والسلام ويختم لكاتبها وناشرها بخير، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، ءامين ارجو الدعاء

حديث: إن السخي قريب من الله..

حديث: إن السخي قريب من الله..

الله سبحانه يحب الكرم، يحب المؤمنين الكرماء الذين يجودون بأموالهم ومما رزقهم الله عز وجل على الفقراء والمعوزين أو في سبيل الله، في وجوه الخير،

وقد روى الترمذي حديثًا غريبًا قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إنّ السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار"

والمراد هنا بالسخي أي المؤمن ليس السخي الكافر، لأن الكافر مهما كان سخيًّا فإنه مطرود من رحمة الله، ولا ينفعه سخاؤه في الآخرة،

ومعنى قريب من الله أي قربُ رحمةٍ ليس قربًا مكانيًّا لأنّ الله عز وجل منزه عن المكان وعن الجهات،

ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" أي قرب رحمة لا قُربَ مكان.

وهذا حبيب رب العالمين، وشفيع المذنبين يوم الدين، وإمام المجاهدين صلى الله عليه وسلم يحث الناس على إطعام الطعام وإنفاق المال والتصدق فيقول: "أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وأفشوا السلام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام".

السبت، 29 سبتمبر 2018

حديث: (أنا جليس من ذكرني)

سئل الشيخ رحمه الله عمّن يروي حديث: (أنا جليس من ذكرني)
هل يلحقه ضرر في الاعتقاد لاستعماله لفظة جليس فأجاب رحمه الله:
الذي يروي حديث (أنا جليس من ذكرني) جليس هنا على المجاز ليس على الحقيقة، لغة العرب المجاز فيها واسع. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم أنت عضدي" أي انت معتمدي أي عليك اعتمادي في دفع الكفار أما في الأصل العضد هو جزء من اليد.
والحديث القدسي: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري" هذا على المجاز ليس على ظاهره معناه هما صفتان من صفات الله لا يصح للعباد أن يتصفوا بهما فمن تكبر وتعظم على الناس معناه أهلكته.
الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم انت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل"
القرآن يُحْوِجُ إلى معرفة لغة العرب والحديث كذلك والفقه كذلك لتحقيق الفهم. الشافعي كان يحفظ من شعر بعض قبائل العرب من الشعر الذي يُحتج به لإثبات اللغة الكثير. هؤلاء الأئمة ما كانوا يكتفون بشراء الكتب أو باستنساخها بالأجرة ثم يطالعون فيها. الذي لا يتلقى القرآن من أهل المعرفة بل يكتفي بالمصحف هذا يقال له مُصحفي لا يقال له قارئ، فرق عندهم بين القارئ الذي يصح أن يُقرئ غيرَه وبين الذي لا يصح. الذي يصح أن يُقرئ غيرَه يقال له فلان قارئ ومقرئ أما الذي لم يتلق من أهل المعرفة يقال له مُصحفي كذلك الحديث، الذي لا يأخذ الحديث من أفواه المحدثين يقال له صَحَفي لا يقال له محدث، مثل ناصر الدين الألباني وغيره، خلق كثير. أكثر من يدّعي الحديث اليوم صحفيون لا يقال لهم محدثون. هذا ناصر الدين كان يطالع في المكتبة الظاهرية في دمشق. ما تلقى من شيخ عارف لا القرآن ولا الحديث ولا الفقه. أكثر من يدعي الحديث اليوم على هذا.
كذلك الحديث: "أنت الصاحب في السفر والخليفة في المال والولد" أنت الصاحب في السفر مجاز، يُحمل على طريقة المجاز. "جدارًا يريد أن ينقض" هذا من المجاز البيّن لأن الجدار ليس له إرادة حقيقية إنما معنى "يريد" ءائِلٌ مشرفٌ على الانقضاض ليس معناه أن هذا الجدار له إدراك كما إذا قيل فلان يريد كذا.
الحديث القدسي: "من أتاني يمشي أتيته هرولة" هذا مجاز أيضًا. من اجتهد في العبادة الله يُجزل له أضعافا مضاعفة من الثواب. لو فتح الله أقفال قلوب المشبهة لفهموا أن الآيات التي يوهم ظاهرها الجسمية أن معانيَها غير ذلك مما يليق بالله تعالى لكن الله أقفل قلوبهم. آيات عديدة وأحاديث عديدة تدل على أن ذلك الظاهر غير مراد. إبراهيم عليه السلام قال: "إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين" وهو كان أراد التوجه إلى بر الشام وبلدُه كان العراق، هو كان في العراق، "ذاهب إلى ربي" هل معنى ذلك الله في الشام؟! لا، هم لا يقولون إن الله قصَدَه إبراهيمُ في الشام، هذه يؤلونها أما الآيات التي هم يتشبثون بها تأويلها عندهم ضلال. أما أهل الحق أمرُهم مبني على أساس صحيح. "الرحمن على العرش استوى" لا يحملونه على الظاهر، كذلك قول الله تعالى: "إني ذاهب إلى ربي سيهدين" لا يحملونه على ظاهره. الشام أرض مقدسة أما العراق ليس لها ذلك الفضل ولا سيما في تلك العصور هي كانت أرض الجبابرة الوثنيين، وأكثرُ الأنبياء كانوا في بلاد الشام.
وهذا الحديث: "من أتاني يمشي أتيته هرولة" يؤولونه [أي المشبهة]
لا يحملونه على الظاهر، أما عندما يذكر حديث الجارية لا يؤولونه، هذا على حسب هواهم، قلوبهم تحوم حول هذا لا تذهب إلى غيره ولا يعرفون هذا التنزيه: "ليس كمثله شيء".

براءة الشيخ محيي الدين بن عربي مما نُسِبَ إليه



براءة الشيخ محيي الدين بن عربي مما نُسِبَ إليه



من الكتب التي يجب التحذير منها كتاب "الفتوحات المكية" فإنها تحتوي على كلمات كثيرة من الكفر الصريح الذي لا تأويل له كما قال المحدث الحافظ وليِّ الدين العراقي في رسالة له سمّاها "الأجوبة المرضية"(1 )، كذا يجب التحذير من كتاب "فصوص الحكم" وبعضٍ غيرها من مؤلفات الشيخ محيي الدين بن عربي رضي الله عنه.

وأمّا الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه فاعتقادنا فيه أنه من العلماء الصالحين والصوفية الصادقين الزاهدين، ترجمه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان( 2)، وذكر أنهاعتدّ به حُفّاظ عصره كابن النجار.

وأكثر ما في كتابيه المذكورين مما هو مدسوس عليه مما ليس من كلامه كلمات الوحدة المطلقة، ففي كتابه "الفتوحات المكية" ما يخالف ذلك فإن فيها ذم عقيدة الوحدة المطلقة، وذم عقيدة الحلول. فمما فيه لإبطال الوحدة المطلقة والحلول قوله في "الفتوحات المكية": "ما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد، ومنقال بالحلول فدينه معلول" ا.هـ.

فبعد هاتين العبارتين الصريحتين في ابطال عقيدة الوحدة المطلقة وعقيدة الحلول، لا يجوز أن يصدّق على الشيخ محيي الدين ما في بعضالمواضع الأخرى من هذا النوع.

ومما في "الفتوحات المكية" مما لا يصدّق عليه مانقله بعض أهل عصرنا وهو محمد الهاشمي التلمساني نزيل دمشق في رسالة ألفها عن "الفتوحات المكية": "كل كلام في العالم كلامه القول كله حَسَن فما وافق الغرض فهوأحسن" أ.هـ. 

وقد حضرتُ مجلس الشيخ الولي أحمد الحارون الدمشقي رحمه الله وكانمعروفا في بلده دمشق بالكشف فسألته أن الشيخ محمدا الهاشمي ألّفَ رسالة ذكر فيهانقلا عن كتاب الشيخ محيي الدين بن عربي في "الفتوحات المكية" هذه العبارة المذكورةفقال الشيخ أحمد: "هذا الشيخ ما له حق في أن يذكر هذا، الفتوحات المكية فيها دسكثير" أ.هـ.

وقد قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه "لطائف المنن والأخلاق" مما يؤيد ما ذكرنا ما نصّه(3 ): "وقد نقل الشيخ محيي الدين بن عربي في الفتوحاتالمكية إجماع المحققين على أن من شرط الكامل أن لا يكون عنده شطح عن ظاهر الشريعةأبدا بل يرى أن من الواجب عليه أن يُحِقَ الحق ويبطل الباطل، ويعمل على الخروج منخلاف العلماء ما أمكن. انتهى.

هذا لفظه بحروفه ومن تأمله وفهمه عرف أن جميعالمواضع التي فيها شطحٌ في كتبه مدسوسة عليه لا سيما كتاب "الفتوحات المكية" فإنهوضعه حال كماله بيقين، وقد فرغَ منه قبيل موته بنحو ثلاث سنين، وبقرينة ما قاله في "الفتوحات المكية" في مواضع كثيرة من أن الشطح كله رعونة نفس لا يصدر قط من محقق،وبقرينة قوله أيضا في مواضع: من أراد أن لا يضلّ فلا يرم ميزان الشريعة من يده طرفةعين بل يستصحبها ليلا ونهارا عند كل قول وفعل واعتقاد. انتهى"

انتهى كلام الشعراني.

ثم قال الشيخ الشعراني في "لطائف المنن" ما نصه ( 4): "وليحذر أيضا منمطالعة كتب الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله تعالى عنه لعلو مراقيها، ولما فيها منالكلام المدسوس على الشيخ لا سيما الفصوص والفتوحات المكية، فقد أخبرني الشيخ أبوطاهر عن شيخه عن الشيخ بدر الدين بن جماعة أنه كان يقول: جميع ما في كتب الشيخ محيالدين من الأمور المخالفة لكلام العلماء فهو مدسوس عليه، وكذلك كان يقول الشيخ مجدالدين صاحب القاموس في اللغة.

قلتُ –الشعراني-: وقد اختصرتُ الفتوحات المكية وحذفتُ منها كل ما يخالف ظاهر الشريعة، فلما أخبرت بأنهم دسوا في كتب الشيخ ما يوهم الحلول والاتحاد وَرَد عليّ الشيخ شمس الدين المدني بنسخة الفتوحات التي قابلها على خط الشيخ بقونية فلم أجد فيها شيئا من ذلك الذي حذفته ففرحتُ بذلكَ غاية الفرح،فالحمد لله على ذلك" انتهى كلام الشعراني.

قال الشيخ أبو الهدى الصيادي ما نصّه( 5): "والكثير من هذه الفرقة قام قائمهم وقعد قاعدهم منهمكا بمطالعة كتب الشيخ محي الدين بن عربي طاب مرقده، ولا بدع فكتب الشيخ كثرت فيها الدسائس من قبل ذوي الزيغ والبهتان، وعصائب الشيطان، وهذا الذي يطيب القول به لمن يريد براءة الذمّة من القطع بما لم يعلم والله تعالى قال: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(الاسراء)،وقد نسبوا أعني الدساسين للشيخ ما لا يصح لا عقلا ولا شرعا، ولا ينطبق على حكمة نظرية، ولا يوافق صحاح القواعد العرفانية" أ.هـ.

ثم قال بعد كلام ما نصه(6 ): "والحق يقال: الذي عليه أهل الورع من علماء الدين أنه لا يحكم على ابن عربي رحمه الله نفسه بشيء لأنا لسنا على يقين من صدور مثل هذه الكلمات منه، ولا من استمراره عليه إلى وفاته، ولكنا نحكم على مثل هذا الكلام بأنه كفر" أ.هـ.

وقال صاحب "المعروضات المزبورة" أحد الفقهاء الحنفية المشهورين: "تيقنا أن اليهود دسوا عليهفي فصوص الحكم" أ.هـ.
ـــــــــــــــــــ
1 الأجوبة المرضية، مخطوط (ق/172).
2 لسان الميزان (5/353).
3 لطائف المنن والأخلاق (ص/390).
4 لطائف المنن والأخلاق (ص/394)
5 مراحل السالكين (ص/61)
6مراحل السالكين (ص/69)


الجمعة، 28 سبتمبر 2018

حديث الخلق كلهم عيال الله ليس صحيحا

حديث الخلق كلهم عيال الله ليس صحيحا
=======================

حديث " الخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ الله وأَحَبُّهُمْ إلى الله أَنْفَعُهُمْ لعِياله " ليس صحيحًا بل هو حديثٌ ساقطٌ شديدُ الضُّعف . وبعضُ النَّاسِ يفهمونه على اللُّغَةِ المَحَلِّيَّةِ فيقعونَ في الكفر . فإنهم يَفْهَمُونَ من كلمةِ[[عِيَال]]أبناء ، وليس المعنى كذلك ، فإنَّ معنى[[العِيَال]]في لغةِ العَرَبِ النَّاسُ الذينَ يُنْفِقُ الشَّخْصُ عليهم ، حتى ولو كانوا أعمامَه وأخوالَه ونساءَه وأصولَه لكونهِم محتاجينَ إليه فإنهم ، بحَسَبِ اللُّغَةِ ، عيالُه . ولا يوجد في اللُّغة[[عِيَالٌ]]بمعنى الأولاد أو الأطفال . وهذه العبارةُ من جملة ما أَخْرَجَهُ النَّاسُ عن معناهُ الأصليِّ في اللُّغَةِ إلى غيرِ معناهُ الأصليِّ . ولو صَحَّ هذا الحديثُ الذي مَرَّ ذكرُه لكانَ معناه[[فقراء الله]]كما قال المُناوِيُّ عند شرحِ هذا الحديث الذي أَوْرَدَهُ السُّيُوطِيُّ في (الجامع الصَّغير) . أنظر[(فَيْضَ القَدِير)/ج3/ص505]للمُنَاوِيِّ..
فمن ظَنَّ أنه يجوزُ أنْ يقال :[[إنَّ البَشَرَ أبناءُ الله]]أو[[أولادُ الله]]بالمعنى المجازيِّ أي إنَّ الله كافيهِم بالرِّزق فإنه كافرٌ غيرُ مسلم . وهو ما ذَكَرَهُ ابنُ عَطِيَّةَ في تفسيرِ قول الله تعالى في سورة المائدة (( وقالتِ اليهودُ والنصارى نحنُ أبناءُ الله وأَحِبَّاؤُه ، قل فلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بذنوبكُم ، بل أنتم بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ )) ..
*نقل القرطُبيُّ عن ابن عَطِيَّةَ في تفسيرِ سورة البقرة أنَّ الذي يدَّعي صِحَّةَ نسبةِ الْبُنُوَّة إلى الله تعالى بالمعنى المجازيِّ يَكْفُرُ ، لا فرقَ بينَ أنْ يقولَ نحنُ أبناء الله مجازًا أو حقيقةً .

"وجاء ربك والملك صفًا صفًا"...وجاء ربُّك اي جاء امرُ ربِّك.

"وجاء ربك والملك صفًا صفًا"...وجاء ربُّك اي جاء امرُ ربِّك.
قولُ الله تعالى: (وجاء ربُّك ) هذا يقال له عند علماء البيانِ مجازُ الحذفِ ، يُقدَّرُ مضافٌ، ( وجاء ربُّك ) اي جاء امرُ ربِّك.
كما في الحديث القدسي الذي رواه مسلم: ( مرِضتُ فلم تعُدني وجُعتُ ولم تُطعِمْني ) معناه مرِضَ عبدي، وجاع عبدي، على تقدير مضاف
يوم القيامة ينزلُ ملائكةٌ كثير يُحيطون بالإنس والجنّ هم يكونون ضمن سبعة صفوف، الملائكةُ يكونون في سبعة صفوف في وقت من الأوقات الكافرُ يُنكرُ أنَّهُ كان يعبُدُ غيرَ الله. فإن قيل: فقد قال تعالى {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] وقال {وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ} [القصص: 78] وقال: {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ} [البقرة: 174] وهذا يتناول بعمومه جميع الكفار. قلنا: القيامة مواطن، فموطن يكون فيه سؤال وكلام، وموطن لا يكون ذلك فلا تتناقض الآي والأخبار، والله المستعان.
قال عكرمة: القيامة مواطن يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها. وقال ابن عباس: لا يسألون سؤال شفاء وراحة، وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ لم عملتم كذا وكذا، والقاطع لهذا قوله تعالى {فَوَرَبّكَ لَنَسْـئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92 - 93].
قال أهل التأويل: عن لا إلٰه إلاّ الله. وقد قيل إن الكفار يحاسبون بالكفر بالله الذي كان طول العمر دثارهم وشعارهم، وكل دلالة من دلائل الإِيمان خالفوها وعاندوها، فإنهم يبكتون عليها ويسألون عنها: عن الرسل وتكذيبهم إياهم لقيام الدلائل على صدقهم.
وقال تعالى {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ وَمَا هُمْ بِحَـٰمِلِينَ مِنْ خَطَـٰيَـٰهُمْ مّن شَىْء إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْـئَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [العنكبوت: 12 ـــ 13] والآي في هذا المعنى كثيرة، ومن تأمل آخر سورة المؤمنين {فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ} [المؤمنون: 101] إلى آخرها تبين له الصواب في ذلك، والحمد لله على ذلك.ففى موقف من مواقف القيامة اللهُ يَختمُ على فم الكافر فتنطقُ أعضاؤه، تشهَدُ عليه أعضاؤه بما كان يَعمَلُ من الكفر، هذا من العجائب التي يُظهرُها اللهُ يومَ القيامة كذلك الأرض التي كان عملَ عليها الانسانُ شرًّا أو خَيرًا، اللهُ يُنطقُها ، هذا الجزءُ من الأرض يشهَدُ عليه بما فَعَلَ من السيئات ويشهَدَ للمؤمن بما فَعلَ من الخيرات. الذهبُ الذي كان الشخصُ لا يُزكّيه يكونُ جَمرًا يُعيدُهُ اللهُ فيُحَمى في نار جَهَنَّم يصير مثل الجمر ثم يكوى به جنب وجبهة وظهر الذي كان لا يُزَكّيه. ويُعيدُ اللهُ البقرَ الذي كان لا يُزَكّيه الشَّخصُ فتنطحه بقرونها وكذلك الإبل تدوس بخفافها الشخص الذي كان لا يُزَكّيها وكذلك في ذلك اليوم تَظهَرُ عجائبُ أخرى. هذه العجائب اللهُ قالَ عنها {وجاء ربك والملَكُ صفًّا صفًّا}. وجاءَ ربُّكَ معناهُ تلك العجائب التي تَظهَرُ يوم القيامة. ثمَّ الملائكةُ يَجُرُّون جُزءًا من جَهَنَّم كبيرًا سبعون ألف ملَك بسبعين ألف سلسلة يَجُرُّونها إلى حيثُ يراها الكفار قبل أن يدخُلُوا جَهَنَّم. ولو كان يوجد موت هناك لمات الكفار من شدّة هول ذلك المنظر لكن هناك في الآخرة لا يوجد موت. في الدنيا مَن اشتَدَّ عليه الألم قد يموت أمَّا في الآخرة لا يموت. أهلُ السُّنَّة يقولون: {وجاء ربُّك والملَك}، وجاء ربُّك أي ظهَرَت عجائبُ قُدرة الله لا يقولون جاء الله من فوق إلى تحت لا، هذا كفر. الوهابيةُ يقولون الله يأتي من فوق إلى الأرض المبدلة ليُحاسب الخَلق جَعلوا اللهَ سبحانه وتعالى كالملِك الذي يُقابلُ الرعية. اللهُ يُحاسب الخَلقَ بكلامه الذي ليس حرفًا ولا صوتًا ليس مقابلة، اللهُ مُستحيل أن يكونَ بينَهُ وبين شىءٍ من خلقه مُقابلة، مُستحيل أن يكونَ بين الله وبين شىء من خلقه مُقابلة، إنّما يُحاسبهم بكلامه يُسمعُهم كلامَه الذي هو ليس حرفًا ولا صوتًا ولا لغةً فيَفهمون منه السُّؤال أعطيتك كذا وكذا أنت فعلت كذا وكذا يفهمون، أنت فعلت كذا وكذا يوم كذا أنا أنعمتُ عليك بكذا لم فعلتَ كذا. الوقوفُ بينَ يدي الله ليس مَعناه أنَّ الخَلقَ يكونون في مُقابلة مع الله يومَ القيامة، اللهُ موجودٌ بلا مكان ولا جهة لا هو قريبٌ بالمسافة ولا هو بعيدٌ بالمسافة. الجسمُ إمَّا أن يَكونَ قريبًا منك بالمسافة أو بعيدًا عنك بالمسافة، القُربُ بالمسافة للحجم ليس لله، الذي يَظُنُّ أنَّ الوقوفَ بين يدي الله يوم القيامة القرب منه بالمسافة هذا ما عَرَفَ الله. الوهابيةُ يُفَسّرُون ءايات القرءان على الظاهر وهذا لا يجوز، الذي يُفَسّر كُلّ ءايات القرءان على الظاهر يَكفر كما قالَ سيّدُنا أحمدُ الرّفاعي رَضيَ اللهُ عنه:صونوا عقائدكم من التّمسّك بظواهر ما تشابه من الكتاب والسّنّة فإن ذلك من أصول الكفر.ا.هـ أى أوقع كثيرا من الناس فى الكفر. كذلك أهلُ السُّنَّة يقولون المؤمنون بعد أن يستَقرّوا في الجنّة يَرَون الله، ليس مَعناه أنَّ الله مُستَقرٌّ في الجَنَّة، وليس مَعناهُ أنَّهم يرونَهُ ذاتًا قريبًا منهم وليس معناه أنَّهم يَرَونَهُ ذاتًا بعيدًا عنهم، يَرَونَهُ بلا كيف ولا جهة لا يَرَونَهُ هكذا إلى فوق ولا يَرَونَهُ هكذا مُتَحَيّزًا إلى يمينهم ولا يَرَونَهُ مُتَحَيّزًا إلى جهة تحت بل بلا كيفٍ ولا جهة يرونَهُ عندما يكونون في الجَنَّة، هُم في الجنَّة أمَّا اللهُ فَهُوَ مَوجُودٌ بلا مكان. الخلقُ تَراهُ وأنت تَنظُرُ إلى فوق أو تحت أو أمام أو إلى خلف ليس هكذا يرى المؤمنون الله. أهلُ السُّنَّة كُلُّ هذا فَهمُوه من حيثُ العقلُ أي أنَّ الخالقَ موجودٌ بلا جهة ولا مكان، القُربُ المسافيُّ والبُعدُ المسافيُّ هذا صفةُ الخَلق، أمَّا من القُرءان فمن قوله تعالى {ليس كمثله شىء}، نحنُ أَخَذنا من الدَّليل العَقلي ومن هذه الآية أنَّ اللهَ مَوجودٌ بلا مكان ولا جهة.
ثُمَّ أهلُ الجَنَّة لمّا يَرَونَ اللهَ بعد استقرارهم في الجَنَّة لا يَشُكُّون أنَّهُ الله لأنَّهم رَأَوا شيئًا لا مثلَ له لذلك لا يَشُكُّون أنَّهُ الله. ا.هـ

قال أبو حامد الغَزاليُّ (ت 505 هـ) في رسالة "إلجام العَوامّ" يردّ على المشبهة المجسمة في زمانه ما نَصُّه:

قال أبو حامد الغَزاليُّ (ت 505 هـ) في رسالة "إلجام العَوامّ" يردّ على المشبهة المجسمة في زمانه ما نَصُّه:
"فإنْ خَطَرَ بِبَالِه (أي الإنسان) أَنَّ اللهَ جِسْمٌ مُرَكَّبٌ مِن أَعْضَاءَ فهو عابِدُ صَنَم (يريد متى اعتقد ذلك الخاطر بقلبه أو قاله بلسانه)، فإِنَّ كُلَّ جِسْمٍ مَخْلُوقٌ، وعِبَادَةُ المخْلُوقِ كُفْرٌ. وعِبَادَةُ الصَّنَمِ كانَت كُفْرًا لأَنه مَخْلُوقٌ، وكان (الصَنَمُ) مَخْلوقًا لأنه جِسْمٌ. فمَن عَبَدَ جِسْمًا فهو كافِرٌ بإجْماعِ الأمّة السَّلَفِ مِنهُم والخَلَف (أنظر الى تكفيره المجسم إجماعًا)، سواءٌ كان ذلك الجِسْمُ كَثِيفًا كالجِبال الصُمُّ الصِّلاب أو لَطِيفًا كالهَواءِ والماءِ، وسواءٌ مُظْلِمًا كالأرضِ ومُشْرِقًا كالشمس والقَمَرِ والكَواكِبِ أو مُشِفًّا لا لَوْنَ له كالهَواءِ، أو عَظِيمًا كالعَرْشِ والكُرْسِيّ والسَماءِ، أو صَغِيرًا كالذَّرّةِ والهَباءِ، أو جَمادًا كالحِجارةِ وحَيَوانًا كالإنسان" انتهى.
ثم قال: "ومَن نَفَى الجِسْميّة عنه (أي عن الله) وعن يَدِه (وهو ما ورد في مثل آية "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ") وإِصْبَعِه (في حديث مسلم: "إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرَّحمن يقلبها كيف يشاء")،
فقد نَفَى العُضْوِيّة واللَّحْمَ والعَصَب، وقَدَّسَ الرَبَّ جَلَّ جَلالُه عَمّا يُوجِبُ الحُدُوثَ (أي المخلوقية)" انتهى.
ومعنى "يد الله فوق أيديهم" أي أن عهد الله ثبت على أولئك الصحابة في مبايعة النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ومعنى حديث "إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن" أي أن الله يتصرف بقلوب العباد كما يشاء بلا ممانع ولا مضاد لأن الله قدرته كاملة تامة. وهذا أسلوبٌ من أساليبِ البلاغة في اللغةِ العربية.
الرسول صلى الله عليه وسلم شرح ذلك قال: "إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه" وهذا فيه دليل على التأويل التفصيلي وأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله بوحي من الله ليشرح الحديث الذي نزل عليه هو كذلك بوحي من الله تعالى.
الرسول صلى الله عليه وسلم أوّله وفسّـره على ما يليق بالله قال "إن شاء أقامه" أي إن شاء الله أقام قلب ذاك الإنسان وجعله على الصواب، "وإن شاء أزاغَهُ" أي إن شاء الله تعالى أزاغه أي حركه إلى الباطل والضلال.
ثم قال عليه السلام زيادةً في البيانِ وتفويضًا للأمور إلى اللهِ تعالى "اللهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك"، معناه يا الله أنت الذي تصرِّف القلوب، أنت توجهها كما تشاء، إن شئت تُوجهها الى الخير وإن شئت تَصرفها إلى الضلالِ،"صرِّف قلوبنا على طاعتِك" أي وجِّه قلوبنا إلى طاعتك فأنت مالكُ الأمرِ كلِه.
وهذا الدعاء من أصرح الدليل على أن الله تعالى هو خالق أفعال العباد حتى القلبية منها. ومعنى الحديث أن الإنسان لا يَملِك من دون اللهِ تعالى قلبه، فكيف يَملك جوارحه، عينه ويده ورجله ولسانه وسمعَه؟.
الله تعالى هو متملكٌ على الإنسان قلبَه وسمعه وبصرَه ويدَه ولسانه وسائر ما فيه من الأجزاء.
كلُّ أجزاء العبد مملوكة لله تعالى لأن الله أنشأها من العدم. ثم كلُّ ما يحدث فينا من المعاني والصفات من نظرٍ وسمعٍ ومشيِ، كلُّ ذلكَ الله تعالى مُتملكه لا يخرج من ملكِ الله تعالى.
قال النووي في شرح مسلم ما نصه: "تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء، قوله صلى الله عليه وسلم: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"، هذا من أحاديث الصفات وفيها القولان السابقان قريبًا، أحدهما الإيمان بها من غير تعرّض لتأويل (أي بالهوى) ولا لمعرفة المعنى (بالجزم بلا دليل)، بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد قال الله تعالى "ليس كمثله شيء". والثاني يُـتأول (يُـفسـر الحديث لا على ظاهره كما تقدم للنووي) بحسب ما يليق بها (أي بصفات الله)، فعلى هذا (يكون) المراد المجاز كما يقال فلان في قبضتي وفي كفي ولا يراد به أنه حالّ (أي داخل) في كفه، بل المراد تحت قدرتي. ويقال فلان بين إصبعي أقلبه كيف شئت أي أنه مني على قهره والتصرف فيه كيف شئت. فمعنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرّف في قلوب عباده وغيرها كيف يشاء لا يمتنع عليه منها شيء ولا يفوته ما أراده، كما لا يمتنع على الانسان ما كان بين إصبعيه". انتهى
فلينظر العاقل الى ما نقله النووي من الاتفاق على ان ظاهر الحديث غير مراد.
ولمن حمله على ظاهره من الجهلة يقال: لو كان معناه على الظاهر لرأينا أصابع في قلوب من تعمل لهم عمليات جراحية بالقلب المفتوح، وهذا يستسخفه من له عقل ويضحك من قائله لما يرى من شدة جهله، والمراد ما هو واضح في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للحديث أن الله تعالى بيده تصريف قلوب العباد.
اللهم احفظ كاتبها وناشرها من كل شر ويسر لهم الخير وحسن الختام آمين آمين

الخميس، 27 سبتمبر 2018

بيان من تأول من علماء أهل السنة الاستواء على العرش بالاستيلاء والقهر

بيان من تأول من علماء أهل السنة الاستواء على العرش بالاستيلاء والقهر


1- اللغوي السلفي الأديب أبو عبد الرحمن عبد الله بن يحيى بن المبارك (ت237هـ) ، كان عارفا باللغة والنحو ، قال في كتابه
(( غريب القرءان وتفسيره )) ما نصه (1) : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه ] : استوى : استولى )) اهـ .

2- الإمام اللغوي أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج (ت311هـ )
قال فيه الذهبي (2): (( نحوي زمانه)) اهـ . قال في كتابه ((معاني القرءان )) ما نصه (3) :
((وقالوا : معنى استوى :استولى )) اهـ .

3- الإمام أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي الحنفي (ت333هـ) إمام أهل السنة والجماعة ، قال في كتابه المسمى
(( تأويلات أهل السنة )) في تفسير قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه] ما نصه (4) :
(( أو الاستيلاء [عليه ] وأن لا سلطان لغيره ولا تدبير لأحد فيه )) اهـ.

4- الغوي أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت340هـ) قال فيه الذهبي ما نصه : (5)
((شيخ العربية وتلميذ العلامة أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج ، وهو منسوب إليه )) اهـ،
قال في كتابه (( اشتقاق أسماء الله )) ما نصه (6) : (( والعلي والعالي أيضا :القاهر الغالب للأشياء ، فقول العرب : علا فلان فلانا أي غلبه وقهره كما قال الشاعر :

فــلمــا عـلـونـا واسـتـويـنـا عــلـيـهـم تــركــنـاهـم صــرعـى لــنسر وكــاسـر
يعني غلبناهم وقهرناهم واستولينا عليهم )) اهـ.

5- الشيخ أبو بكر أحمد الرازي الجصاص الحنفي (ت370هـ) في كتابه (( أحكام القرءان )) (1) .

6- المفسر أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت 450 هـ ) قال في تفسيره (( النكت والعيون )) ما نصه (2) :
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [ سورة الأعراف ] : فيه قولان : ...والثاني : استولى على العرش كما قال الشاعر :

قــد اســـتوى بشــر عـلــى الــعراق مــــــن غــير ســيـف ودم مــهــراق )) اهــ

7- قال الحافظ البيهقي ( ت 458هــ ) في كتابه (( الأسماء والصفات )) ما نصه (3) :
(( وفيما كتب إلي الأستاذ أبو منصور بن أبي أيوب أن كثيرا من متأخري أصحابنا ذهبوا إلى أن الاستواء هو القهر والغلبة )) اهــ.

8- أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي (ت478 ) في تفسره (( الوجيز )) (4) .

9- الشيخ الحسين بن محمد الدامغاني الحنفي (ت478 ) في كتابه (( إصلاح الوجوه )) (5) .

10- إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني الشافعي (ت 578هـ ) قال في كتابه (( الإرشاد )) ما نصه : (6):
(( الاستواء القهر والغلبة ، وذلك شائع في اللغة إذ تقول : استوى فلان على المملك إذا احتوى على مقاليد الملك واستعلى على الرقاب )) اهــ.

11- الإمام عبد الرحمن بن محمد الشافعي المعروف بالمتولي (ت478 هــ ) قال في كتابه (( الغنية )) في دفع شبهة من منع تفسير الاستواء بالقهر ما نصه (1) : فإن قيل الاستواء إذا كان بمعنى القهر والغلبة فيقضي منازعة سابقة وذلك محال في وصفه . وقلنا : والاستواء بمعنى الاستقرار يقتضي سبق الاضطراب والاعوجاج ، وذلك محال في وصفه )) اهــ.

12- اللغوي أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصبهاني (ت502 هـ ) قال في كتابه (( المفردات )) ما نصه (2):
(( ومتى عدي- أي الاستواء – ب (( على )) اقتضى معنى الاستيلاء كقوله : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه ] )) اهــ.

13- الشيخ الفقيه أبو حامد الغزالي الشافعي (ت505هــ ) قال في كتابه (( إحياء علوم الدين )) عندما تكلم عن الاستواء ما نصه (3) :
(( وليس ذلك إلا بطريق القهر والاستيلاء )) اهــ .

14- المتكلم أبو المعين ميمون بن محمد النسفي الحنفي ( ت508هــ ) قال في كتابه (( تبصرة الأدلة )) بعد أن ذكر معاني الاستواء وأن منها الاستيلاء ما نصه (4) : (( فعلي هذا يحتمل أن يكون المراد منه : استولى على العرش الذي هو أعظم المخلوقات )) اهــ.

15- الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ( ت514 هـ )الذي وصفه الحافظ عبد الرزاق الطبسي بإمام الأئمة (5) .
قال في كتابه (( التذكرة الشرقية )) ما نصه (6) : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }[سورة طه ]: قهر وحفظ وأبقى )) اهــ .




16- القاضي الشيخ أبو الوليد محمد بن أحمد المالكي قاضي الجماعة بقرطبة المعروف بابن رشد الجد (ت520هــ ): قال ما نصه :
(( والاستواء في قوله تعالى : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [ سورة الأعراف] معناه استولى )) اهــ، ذكره ابن الحاج المالكي في كتابه
(( المدخل )) (1) موافقا له ومقرا لكلامه .

17- العلامة الفقيه الأصولي أبو الثناء محمود بن زيد اللامشي الحنفي الماتريدي ( توفي في أوائل القرن السادس الهجري ) قال ما نصه (2):
((ووجه ذلك أن الاستواء قد يذكر ويراد به الاستقرار ، وقد يذكر ويراد به الاستيلاء فيحمل على الاستيلاء دفعا للتناقض وإنما خص العرش بالذكر تعظيما له كما خصه بالذكر في قوله تعالى : {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [سورة التوبة ] وإن كان هو رب كل شئ)).

18- الحافظ الكبير محدث الشام المؤرخ أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله ( ت571هــ) : قال ما نصه (3) :

خـلق الســماء كــمـا يشـا ء بــلا دعــائـم مســتـقـلـة
لا لــلتـحـيـز كـي تـكــو ن لـــذاتـه جــهـة مــقـلـة
رب عـلى الــعرش اسـتـوى قــهــرا ويــنزل لا بــنـقـلـة

19- المفسر فخر الدين الرازي الشافعي (ت606هـ) : قال في تفسره ما نصه (4) : (( فثبت أن المراد استواؤه على عالم الأجسام بالقهر والقدرة والتدبير والحفظ )) اهــ، وقال في موضع ءاخر ما نصه (5) : (( قال بعض العلماء : المراد من الاستواء الاستيلاء )) اهـ ، وقال في كتابه (( أساس التقديس (6) : (( وإذا ثبت هذا ظهر أنه ليس المراد من الاستواء الاستقرار ،

فوجب أن يكون المراد هو الاستيلاء والقهر وهذا مستقيم على قانون اللغة
قال الشاعر : قد استوى بشر على العراق )) ا هـ.

20- الشيخ المتكلم سيف الدين الآمدي الحنبلي ثم الشافعي (ت631هـ) ذكر في كتابه (( أبكار الأفكار )) (1) أن تفسير الاستواء بالاستيلاء والقهر هو من أحسن التأويلات وأقربها .

21- الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي (ت660هـ ) في كتابه (( الإشارة إلى الإيجاز )) (2) .

22- الشيخ الفقيه القرافي المالكي (3) (ت684هـ ) .



23- المفسر القاضي أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي الشافعي (ت685 هـ وقيل 691هـ ) قال في تفسيره (( أنوار التنزيل )) ما نصه (4): {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } [سورة الأعراف ] : استوى أمره أو استولى )) هـ .

24- المفسر أبو البركات عبد الله بن أحمد النسفي (ت 710هـ وقيل 701هـ ) قال في تفسيره(( مدارك التنزيل )) ما نصه (5) :
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه ] : استولى، عن الزجاج )) اهـ .
25- اللغوي محمد بن مكرم الإفريقي المصري المعروف بابن منظور (ت711هـ) قال في كتابه (( لسان العرب )) من غير أن يتعرض لتفسير ءاية الاستواء ما نصه (6) : (( استوى: استولى ، وظهر )) اهـ .
26- المحدث الفقيه ابن المعلم القرشي (ت725 هـ) : ذكر في كتابه (( نجم المهتدي )) معاني الاستواء وأن منها الاستيلاء المجرد عم معنى المغالبة ، ولم يعترض على هذا التفسير ، نقله الكوثري في تعليقه على (( الأسماء والصفات ))(1).
27- الشيخ أحمد بن يحيى بن إسماعيل بن جهبل الحلبي الشافعي (ت733هـ ) قال في رسالته التي ألفها في نفي الجهة عن الله ردا على ابن تيمية ما نصه : ((والاستواء بمعنى الاستيلاء )) اهـ ، نقله التاج السبكي في ((طبقاته )) (2).




28- القاضي محمد بن إبراهيم الشافعي الشهير ببدر الدين بن جماعة ( ت 733 هـ ) قال في كتابه (( إيضاح الدليل )) ما نصه (3) :
(( فقوله تعالى : { اسْتَوَى } يتعين فيه معنى الاستيلاء والقهر لا القعود والاستقرار )) اهـ .

29- الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري المغربي المالكي المعروف بابن الحاج ( ت 737 هـ ) كان من أصحاب العلامة الولي العارف بالله الزاهد المقرئ ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى ونفعنا به ، ذكر في كتابه (( المدخل ))(4)كلام ابن رشد الجد الذي ذكرناه ءانفا مؤيدا وموافقا له .

30- الفقيه شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الشافعي المعروف بابن اللبان (ت749هـ ) في كتابه (( إزالة الشبهات )) (5).

31- القاضي عبد الرحمن بن أحمد الإيجي (ت756 هـ ) في كتابه (( المواقف )) (6) .

32- الإمام الفقيه تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي ( ت756هـ ) قال في كتابه (( السيف الصقيل )) ما نصه (7) :
((فالمقدم على هذا التأويل – أي تأويل الاستواء بالاستيلاء – لم يرتكب محذورا ولا وصف الله تعالى بما لا يجوز عليه )) اهـ .

33- اللغوي المفسر أحمد بن يوسف الشافعي المعروف بالسمين الحلبي (ت756هـ ) قال في كتابه (( عمدة الحفاظ )) ما نصه (1) :
{ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [سورة طه] : أي استولى )) اهـ.

34- القاضي محمود بن أحمد القونوي الحنفي المعروف بابن السراج (ت770هـ ويقال 771هـ ) كما في كتابه (( القلائد )) (2) .

35-اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي ( ت817هـ ) قال في كتابه ((بصائر ذوي التمييز ))عند ذكر معاني الاستواء ما نصه (3) : (( بمعنى القهر والقدر: { اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ }[سورة الأعراف ] { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }[سورة طه ] )) اهـ .

36- الشيخ الفقيه تقي الدين الحصني الشافعي (ت829هـ ) قال في كتابه (( دفع شبه من شبه وتمرد ))في معرض بيان معنى الاستواء في اللغة ما نصه (4) : (( ومنها الاستيلاء على  الشئ )) اهـ .

37- الفقيه الأصولي كمال الدين محمد بن عبد الواحد الحنفي المعروف بابن الهمام (ت861هـ )قال في كتابه ((المسايرة )) ما نصه
(5): (( أما كون المراد أنه – أي الاستواء – استيلاؤه على العرش فأمر جائز الإرادة )) اهـ .

38-الشيخ محمد بن سليمان الكافيجي (ت879هـ ) أحد مشايخ السيوطي قال في كتابه (( التيسير )) ما نصه
(6) : (( أما التأويل في العرف فهو صرف اللفظ إلى بعض الوجوه ليكون ذلك موافقا للأصول كما إذا قال القائل : الظاهر أن المراد من الاستواء في قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[سورة طه ] هو الاستيلاء بما لاح لي من الدليل فذلك تأويل برأي
الشرع )) اهـ.

39- المحدث الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي (ت879هـ ) : قال في حاشيته على (( المسايرة )) ما نصه (1) : ((قال أهل الحق بأن الاستواء مشترك بين معان ، والمعنى الأليق الاستيلاء )) اهـ .

40- الشيخ كمال الدين محمد بن محمد الشافعي المعروف بابن أبي شريف (ت906هــ ) شارح كتاب (( المسايرة)) لابن الهمام الذي مر ذكره ووافقه على التأويل باستولى (2).

41- قال الحافظ السيوطي الشافعي (ت 911هـ ) في كتابه (( الكنز المدفون )) (3) ما نصه : (( خص – أي الله – الاستواء عليه – أي العرش – وهو استواء استيلاء ، فمن استولى على أعظم المخلوقات استولى على ما دونه )) اهـ .

42- الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني الشافعي (ت923هـ ) كما في شرحه على البخاري (4) .

43- القاضي الشيخ زكريا بن محمد الأنصاري المصري الشافعي ( ت926 هـ ) كما في كتابه
(( غاية الوصول شرح لب الأصول )) (5) .

44- الشيخ أبو الحسن علي بن محمد المنوفي المالكي المصري ( ت939 هـ ) قال في كتابه (( كفاية الطالب )) (6) ما نصه :
(( معنى استوائه على عرشه أن الله تعالى استولى عليه استيلاء ملك قادر قاهر ، ومن استولى على أعظم الأشياء كان ما دونه منطويا تحته ، وقيل الاستواء بمعنى العلو أي علو مرتبه ومكانة لا علو المكان )) اهـ.

45- المفسر محمد بن مصطفى الحنفي المعروف بشيخ زاده (ت951هـ) كما في حاشيته (1) على تفسير البيضاوي فقد قال :
(( ولا يتوهم من استوائه على العرش كونه متعمدا عليه مستقرا فوقه بحيث لولا العرش لسقط ونزل لأن ذلك مستحيل في حقه تعالى لاتفاق المسلمين على أنه تعالى هو الممسك للعرش والحافظ [ له ] وأنه لا يحتاج إلى شئ مما سواه بل المراد من الاستواء على العرش والله أعلم الاستيلاء عليه ونفاذ التصرف ، وخص العرش بالاستيلاء عليه لأنه أعظم المخلوقات ، قال الشاعر :

قــد اســتوى بشــر عــلى الــعـراق مــن غــير ســيف ودم مــهــراق )) اهــ



46- الشيخ يوسف بن عبد الله الأرميوني الشافعي (ت958 هـ ) فيكتابه((القول المعتمد)) (2) .

47- المفسر القاضي أبو السعود محمد بنمحمد العمادي الحنفي ( ت982 هـ ) في تفسيره((إرشادالعقل السليم)) (3).

48- الشيخ أحمد بن غنيم النفراوي المالكي الأزهري (ت 1126 هـ ) في كتابه((الفواكه الدواني)) (4) ، قال ما نصه :
((استوى أي استولى بالقهر والغلة استيلاء ملك قاهر وإله قادر ، ويلزم من استيلائهتعالى على أعظم الأشياء وأعلاها استيلاؤه على ما دونه))اهـ .

49- الشيخ المفسرسليمان بن عمر الشهير بالجمل الشافعي (ت1204 هـ ) نقل في حاشيته على تفسير الجلالينعن شيخه ما نصه (5) : ((طريقة الخلف التأويل بتعيينمحمل اللفظ فيؤولون الاستواء بالاستيلاء))اهـ .

50- الحافظ اللغوي الفقيه محمد مرتضى الزبيديالحنفي (ت1205هـ) قال في شرح الإحياء ما نصه (1) :
((وإذا خيف على العامة لقصور فهمهم عدم فهم الاستواء إذا لميكن بمعنى الاستيلاء إلا الاتصال ونحوه من لوازم الجسمية فلا بأس بصرف فهمهم إلىالاستيلاء صيانة لهم من المحذور ، فإنه قد ثبت إطلاقه وإرادته لغة))اهـ.

51- الشيخ محمدالطيب بن عبد المجيد المدعو ابن كيران المالكي (ت1227هـ ) في شرحه على((المرشد المعين على الضروري من علم الدين (1/448) مفسراالاستواء على العرش بالقهر والغلبة لقوله:
فــلــماعــلـونـا واســتويــنا عـلــيـهم جــعـلـنـاهم مــرعــى لـنـسروطــائــر
وقوله :
قــد اســتوى بــشر عـلـى الــعـراق مــن غــيـر ســيـف ودممــهــراق ))

وخص العرش لأنه أعظم المخلوقات ، ومن استولى على أعظمهاكان استيلاؤه على غيره أحرى))اهـ .

52- الشيخ أحمد بن محمد المالكي الصاوي ( ت1241هـ ) كما فيشرحه على جوهرة التوحيد))اهـ .

53- الشيخ إدريس بن أحمد الوزاني الفاسي المولود سنة 1275هـفي((نشر الطيب)) (3) قال : ((الاستواء يطلق لغة على الاستقرار على الشئ ولكن لايحمل على ظاهره كما تقول المشبهة بل المراد لازمه الذي هو الاستيلاء بالقهر والغلبة))اهـ.

54- المحدثأبو عبد الله محمد بن درويش الحوت البيروتي الشافعي (ت1276هـ ) قال في رسالته
((الدرة البهية في توحيد رب البرية))ما نصه (1) : (( وقد أول الخلفالاستواء بالقهر والاستيلاء على العرش))اهـ .

55- الشيخ إبراهيم محمد البيجوري الشافعي ( ت1277هـ ) كما في شرح (2) ((جوهرة التوحيد)) .

56- الشيخ محمد علاءالدين بن محمد أمين عابدين الدمشقي الحنفي (ت1306هـ) في كتابه((الهدية العلائية)) (3) .

قال ما نصه : ((وقالوا : ((استوى))بمعنى استولى .




57- الشيخ محمد بن محفوظ الترمسي الأندنوسي ( كان حيا سنة 1329 هـ ) قال في تفسير قوله تعالى :
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} : ((فالظاهر منذلك ليس مرادا اتفاقا، ثم السلف يفوضون علم حقيقته على التفصيل إلى الله ، والخلفيؤولونه إلى أن المراد من الاستواء الاستيلاء والملك على حد قول الشاعر :

قــد اســتوى بــشر عـلـى الــعـراق مــن غــيـرســيـف ودم مــهــراق )) اهـ.

58- الشيخالفقيه المفسر المتكلم محمد نووي الشافعي الجاوي (ت1316هـ ) في تفسيره (5) .

59- شيخ الأزهر في مصر الأستاذ سليم البشري (ت 1335هـ ) : قال في فتوى له نقلها الشيخ سلامة العزامي ( ت1376هـ ) في رسالته((فرقان القرءان)) (6) : (( إن الاستواء بمعنى الاستيلاء كما هو رأي الخلف))اهــ.

60- الشيخ طاهربن محمد الجزائري الدمشقي (ت 1338هـ ) كما في كتابه((الجواهر الكلامية )) (1) .



61- الشيخ عبد المجيد الشرنوبي المصري الأزهري المالكي ( ت 1348هـ ) كما في شرحه (2) على((تائية السلوك))وفي
(( تقريب المعاني )) .

62- الشيخ محمد بنمحمد الخطاب السبكي الأزهري ( ت1352 هـ ) كما في كتابه((إتحاف الكائنات )) (3) .

63- الشيخ عثمان بن حسنين بري الجعلي المالكي ( انتهى المؤلف من شرحه سنة 1364هـ) قال في كتابه((سراج الملوك شرح أسهل المسالك))ما نصه : ((وتؤول الاستواء على العرش بالقهر والغلبة بمعنى أن اللهتعالى مالك للعرش وما حواه )) .

64- الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني ( ت 1367 هـ ) : هو مدرسعلوم القرءان والحديث في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر بمصر ، قال في كتابه((مناهل العرفان )) طبق ماقرره مجلس الأزهر الأعلى في دراسة تخصص الكليات الأزهرية ما نصه (4) : (( وطائفة المتأخرين يعينون فيقولون : إن المراد بالاستواءهنا هو الاستيلاء والقهر من غير معاناة ولا تكلف لأن اللغة تتسع لهذا المعنى))اهـ .

65- الشيخ محمدزاهد الكوثري ( ت 1371هـ ) : كان وكيل مشيخة الإسلام بالاستانة ، ووافق في
((تكملة الرد على نونية ابن القيم)) (5) الحافظ الفقيه السبكي على تأويل الاستواء بالاستيلاء .

66- الشيخ سلامة القضاعي العزامي ( ت1367 هـ ) كما في كتابه((البراهين الساطعة)) (1) ، ورسالته((فرقانالقرءان )) (2).

67- كتاب العقيدة الإسلامية : التوحيد من الكتاب والسنة (3) .

68- الشيخ إبراهيم الدسوقي وزير الأوقاف سابقا(مصر) (4) .

69- الشيخ حسين بن عبد الرحيم مكي في كتابه(( مذكرات التوحيد)) (5) .

70- وكذا في كتاب((مشروع زايد لتحفيظ القرءان الكريم)) (6) بدولة الإمارات العربية المتحدة .

71- قال الشيخ محمد حامد(مدرسوخطيب جامع السلطان بحماه)
في كتابه((ردود على أباطيل)) (7) : ((وإن استواء الله على عرشه يجري فيه مذهبان للسلفوالخلف ، فالسلف يفوضون معناه إلى الله تعالى مع التنزيه ، والخلف يؤولونهبالاستيلاء على العرش وهو أعظم المكونات ، فهو إذن مستول على غيره بالأولى من غيراستعصاء سابق لا من العرش ولا من غيره))اهـ.

72- الشيخ عبد الكريم المدرس(إمام وخطيب جامع الأحمدي والمدرس في الحضرة الكيلانيةببغداد)في كتابه((الوسيلة)) (8) .

73- الشيخ العلامة المحدث عبد الله الهرري المعروف بالحبشي الشافعي : قال في شرح العقيدةالطحاويةما نصه (1) :
((يفهم من الاستواءالقهر والاستيلاء إذ هو أشرف معاني الاستواء ، وهو مما يليق بالله تعالى ، لأنه وصفنفسه بأنه قهار ، فلا يجوز أن يترك ما هو لائق بالله تعالى إلى ما هو غير لائقبالله تعالى وهو الجلوس والاتصار والاستقرار))اهــ.

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2018

القُرءانُ يُتعبَّدُ بتلاوتِهِ فَكُلُّ حَرْفٍ يُتْلَى مِنَ القُرءانِ فيهِ ثَوابٌ
كمَا أَنَّ قراءةَ القُرءانِ وإِيصَالَ الثَّوابِ لأَمْوَاتِ المسلمينَ فيهِ نَفْعٌ عَظِيمٌ لَهُمْ،
فقَدْ قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ: "مَنْ قَرَأَ يس ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ تَعَالَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، فَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ" رواهُ البَيهقِيُّ.
وروَى الإمامُ أَحْمَدُ في مُسندِه: "يس قَلْبُ الْقُرْءَانِ لا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللهَ والدَّارَ الآخِرَةَ إِلا غُفِرَ لَهُ، فَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ".
وقال النوويُّ في الأذكارِ ما نَصُّهُ: "وروينا في سنن البيهقيِّ بإسنادٍ حسَنٍ أَنَّ ابنَ عُمرَ استَحَبَّ أَنْ يُقْرَأَ علَى القَبْرِ بعدَ الدَّفنِ أولُ سُورةِ البَقَرَةِ وخاتِمَتُها".
فيتبيَّنَ لَنَا أَنَّ قِراءَةَ القرءانِ فيهَا نَفْعٌ عظيمٌ للأَمْوَاتِ وهيَ لا تَخْتَصُّ بقراءةِ سورةِ يس بل وَرَدَ أيضًا قراءَةُ سورةِ الفاتِحةِ والإخلاصِ وغيرِها.
نعم أيها الأحبةُ فالقُرءانُ الكريمُ برَكةٌ عظيمَةٌ وفيهِ فَضْلٌ عَمِيمٌ فلا يُلْتَفُتُ إلى كَلامِ الذِينَ حَرَّمُوا قراءَةَ القرءانِ الكَريمِ علَى الأَمواتِ بَلِ اعْتَبَرُوا ذَلِكَ شِرْكًا والعياذُ بِاللهِ تعالَى، فَهؤُلاءِ مَحْرُومُونَ مِنْ بَرَكاتِ القُرءَانِ وفَضْلِهِ،
فقَدْ قالَ القُرْطُبِيُّ: "واستَدَلَّ بعضُ علمائِنا على قراءَةِ القُرءانِ على القبرِ بِحَديثِ العَسيبِ الرَّطبِ الذي شَقَّهُ النبيُّ صلى اللهَُ عليه وسلم اثنينِ ثم غَرَسَ علَى قَبرٍ نِصْفًا وعلَى قَبْرٍ نِصْفًا وقالَ: "لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا" رواهُ الشَّيخَانِ"، قالَ: "ويُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا غرْسُ الأَشْجَارِ وقراءَةُ القُرْءَانِ علَى القُبور، وإذا خُفِّفَ عَنهُمْ بالأَشْجارِ فكيفَ بقراءَةِ الرَّجلِ المؤمِنِ القُرءانَ".
وقال النوويُّ: "استَحَبَّ العلماءُ قراءَةَ القُرءانِ عندَ القَبْرِ واستَأْنَسُوا لذلكَ بحديثِ الجريدَتَيْنِ، وقالُوا إذَا وَصَلَ النَّفْعُ للمَيِّتِ بتسبيحِهِمَا حالَ رُطوبَتِهِمَا فانْتفَاعُ الميِّتِ بقراءَةِ القُرءانِ عندَ قبرِهِ أَولَى، فإِنَّ قراءَةَ القُرءانِ مِنْ إنسانٍ أَعْظَمُ وأَنْفَعُ مِنَ التَّسْبِيحِ مِنْ عُودٍ، وقَد نَفَعَ القُرءانُ بَعضَ مَنْ حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ في حَالِ حَياتِه فَالْمَيِّتُ كذلكَ"،فَكُلُّ هذَا يَدُلُّ علَى عَظِيمِ فَضْلِ قراءَةِ القُرءانِ علَى الأَمْوَاتِ.

لا يجوز أن يقال الأديان السماوية

لا يجوز أن يقال الأديان السماوية

الدين الحق عند الله الإسلام فإن الله تعالى لم يُنزِل دينًا على نبيّ سوى الإسلام ففي سورة ءال عمران: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} وفي نفس السورة قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}.

فكلّ الأنبياء مسلمون فمن كان متّبعًا لموسى صلى الله عليه وسلم فهو مسلم موسوي ومن كان متّبعًا لعيسى عليه السلام فهو مسلم عيسوي ويصح أن يقال لمن اتبع محمدًا مسلم محمّدي قال الله تعالى في سورة البقرة: {قولوا ءامنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون}.

وقال تعالى: {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين}.

قال تعالى في سورة ءال عمران: {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون}.
ولا يُسَمّى الله مسلمًا كما تلفظ به بعض الجهال بل يكفر من سماه بذلك لأنه وَصَفَهُ بصفة الخلق. فقديمًا كان البشر كلهم على دين واحد هو الإسلام وإنما حدث الشرك والكفر بالله تعالى بعد النبي إدريس قال الله تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين} معناه كانوا على الإسلام ثم حدث الكفر بعد نبي الله إدريس فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.
وقد قام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتجديد الدعوة إلى الإسلام بعد أن انقطع فيما بين الناس مؤيَّدا بالمعجزات الدالة على نبوته، والمبدأ الإسلامي الجامع لجميع أهل الإسلام من لدن ءادم إلى يوم القيامة عبادة الله وحده.

وقد روى الامام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأنبياء إخوة لِعَلّات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي". الحديث فيه دلالة صريحة على أن جميع الأنبياء كانوا على دين واحد وهو الإسلام وقد روى هذا الحديث أيضا الحافظ ابن حبان وابن أبي شيبه والحاكم واسحاق بن راهويه والحافظ عبد الرزاق الصنعاني والبخاري في كتاب الفتن وغيرهم كثير. فتبين لنا أنه لا يجوز أن يقال الأديان السماوية لأن الدين السماوىّ الوحيد هو الإسلام، إنما توجد شرائع مختلفة

قال الله تعالى {كانَ النَّاسُ أمَّةً واحدةً فبعثَ اللهُ النَّبيِّنَ مُبَشِّرينَ ومُنذرينَ} سورة البقرة،

قال الله تعالى {كانَ النَّاسُ أمَّةً واحدةً فبعثَ اللهُ النَّبيِّنَ مُبَشِّرينَ ومُنذرينَ} سورة البقرة،
أي أن الناس كانوا كلهم على دين واحد وهو الإسلام ثم اختلفوا فبعث الله النبيين،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى] رواه البخاري وأحمد وغيرهما،
والمعنى أن الأنبياء كلهم على دين واحد هو دين الإسلام فكلهم دعوا إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئًا والتصديق بأنبيائه، ولكن شرائعهم مختلفة أي الأحكام،
ومثال ذلك: أنه كان جائزًا في شرع سيدنا ءادم أن يتزوج الأخ من أخته إن لم تكن توأمًا له لأن حواء رضي الله عنها ولدت أربعين بطنًا كل مرة ذكرًا وأنثى وكان حرامًا عليه أن يتزوج الأخ بأخته التي هي توأمة له ثم نسخ الله تعالى هذا الحكم بعد موت ءادم وحرم زواج الأخ بأخت إن كانت توأمة له أو لم تكن. أيضًا كان مفروضًا في شرائع أنبياء بني إسرائيل كموسى صلاتان في اليوم والليلة، وفي شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خمس صلوات.
وكان جائزًا في شرع سيدنا يعقوب عليه السلام أن يجمع الرجل في الزواج بين المرأة وأختها وهو محرم في شرع محمد صلى الله عليه وسلم،
وكان جائزًا في الشرائع القديمة أن يسجد المسلم للمسلم للتحية وهو محرم في شرعنا، فقد صح أن معاذ بن جبل لما قدم من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الرسول [ما هذا]؟ قال: يا رسول الله رأيت أهل الشام يسجدون لبطارقتهم وأسقافهم وأنت أولى بذلك قال [لا تفعل، لو كنت ءامر أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها]، رواه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما.

يقولُ اللهُ تباركَ وتعالَى في كِتابِه العَزِيز:﴿يا أَيُّها الذِينَ ءامنُوا استَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرينَ﴾ سورة البقرة/153.

يقولُ اللهُ تباركَ وتعالَى في كِتابِه العَزِيز:﴿يا أَيُّها الذِينَ ءامنُوا استَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرينَ﴾ سورة البقرة/153.

إِنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى خَلَقَنَا وأَوْجَدَنَا في هذِهِ الدُّنْيَا لِيَبْتَلِيَنَا أي لِيَخْتَبِرَنَا أيُّنَا يُحْسِنُ عَمَلاً فيَصبِرُ على البَلايَا والمصائِبِ ولا يَعْتَرِضُ على اللهِ ولا يَكْفُرُ باللهِ، وأَيُّنَا يُسيِءُ عَمَلاً فَيَخْسَرُ الدنيا والآخِرَةَ وَدَلَّنَا عَلَى سُبُلِ النَّجاةِ أَلا وَهُوَ الاستِعَانَةُ بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ.

أمَّا الصَّبرُ أَحْبَابَنا فَهُوَ حَبْسُ النَّفْسِ وَقَهْرُهَا عَلَى لَذِيذٍ تُفَارِقُهُ أَوْ مَكْرُوهٍ تَتَحَمَّلُهُ، فالصَّابِرُ يُجَاهِدُ ويعصِي نَفْسَهُ لِيُطِيعَ رَبَّ العِبَادِ فَمَنْ كَانَ أَمْرُهُ كذلِكَ فلَهُ البُشْرَى العَظِيمَةُ التِي بَشَّرَ اللهُ بِهَا الصَّابِرينَ بِقَوْلِه: ﴿إِنَّ اللهَ معَ الصَّابِرينَ﴾ وَالْمَعِيَّةُ المذكورَةُ في هذهِ الآيَةِ أحبابَنا هِيَ مَعِيَّةُ النُّصْرَةِ والحِفْظِ أي أَنَّ اللهَ يَنْصُرُهُمْ.

ثم الصبرُ على أَنْواعٍ ثَلاثَةٍ:

فالأولُ: الصبرُ على أداءِ الفَرائِضِ، فَمِنْ ذَلِكَ الصبرُ على صَرْفِ شَىءٍ مِنَ الوَقْتِ لِتَلَقِّي القَدْرِ الضَّرورِيِّ من علمِ الدِّينِ وهو الذِي يَلْزَمُ كُلَّ شَخْصٍ مُسْلِمٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَنْ يَتَعَلَّمَهُ مَعَ فَهْمٍ مَسَائِلِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عَلَى الجُوعِ نَهَارَ رمَضَانَ، وَمِنْ ذلكَ الصبرُ على أدَاءِ الصَّلوَاتِ معَ الطَّهارةِ الْمُجْزِئَةِ ولو في أيَّامِ البَرْدِ وَالشِّتاءِ.

والنوعُ الثانِي: الصبرُ عنِ ارْتِكابِ مَا حَرَّمَ اللهُ علينَا أي أَنْ نَكُفَّ أَنْفُسَنَا عَنِ الحرامِ امتِثَالاً وَتَنْفِيذًا لأمرِ اللهِ تباركَ وتعالَى، فَمِنْ ذلكَ أنهُ يَجِبُ علَى الرجُلُ أن يَكُفَّ نَفْسَهُ عَنِ النَّظَرِ إلَى مَا حَرَّمَ اللهُ مِنْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَالمرأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ أَيْضًا، وَمِنْ ذَلكَ أَنَّ مَنِ ابْتُلِيَ بِالفَقْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِقَةِ وَلو ضَاقَتْ بِهِ الأَحْوَالُ ولو طَلَبَتْ زَوجتُهُ ذلكَ منهُ فإِنَّهُ كما قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا طاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعصِيَةِ الخَالِقِ".

وأمَّا النَّوعُ الثَّالِثُ: فهُوَ الصبرُ على المصائبِ والبَلايَا والشَّدائدِ، فَمَنْ أصابَتْهُ مصيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَلْيَقُلْ: "إنَّا للهِ وإنا إليهِ رَاجِعُونَ" وَلا يَعْتَرِضُ على اللهِ وَلا يَغضَبُ، فَكَمْ مِنْ أناسٍ لَمْ يَصْبِرُوا عِنْدَ المصَائِبِ فَشَتَمُوا اللهَ والعِيَاذُ بِاللهِ فَخَرَجُوا بذلِكَ مِنَ الإِسلامِ فَهؤلاءِ لَمْ يَعْمَلُوا بِوَصِيَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم التي أوصَى بِهَا بعضَ الصحابةِ فقالَ لهُ: "لا تَغضَبْ".

فهؤلاءِ الذينَ شَتَمُوا اللهَ واعتَرَضُوا علَى اللهِ خَسِرُوا بذَلكَ أنفُسَهُمْ.
يَقولُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ليسَ الشديدُ بِالصُّرَعَةِ إنما الشَّديدُ الذِي يَمْلِكُ نفسَهُ عندَ الغضَبِ".

معنَاهُ ليسَ الشَّخصُ الشديدُ الذِي إذَا سَاءَهُ شَىْءٌ سَارَعَ إلى صَرعِ الناسِ وإِيذائِهم، بل هَذَا ضَعِيفٌ وَذَلِكَ لأنَّ نفسَهُ غَلَبَتْهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أن يُسَيْطِرَ عليهَا. وَإِنَّما الشديدُ هوَ الذِي يَمْلِكُ نفسَهُ عندَ الغَضَبِ.
اصبِروا علَى البَلاءِ واعلَمُوا أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "فَمَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا يُصِبْ منهُ" أي يَبْتَلِيهِ لِيُكَفِّرَ خَطايَاهُ وَيَرْفَعَ درَجاتِه.

واسْمَعُوا معي هذه القِصَّةَ عن بعضِ الصَّالِحينَ، فقد حُكِيَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الصالِحينَ كانَ مَقْطُوعَ اليَدَيْنِ والرِّجلَيْنِ مُصَابًا بِالعَمَى وَزِيادَةً على ذَلكَ أُصِيبَ بِمَرَضِ الآكِلَةِ وَهُوَ المَرَضُ المُسَمَّى في زَمَانِنا هَذَا بالغَرغَرينَا وَهُوَ مَرَضٌ يُصيبُ الأطرافَ فَيَسْوَدُّ العُضْوُ المصابُ وَيهترئُ ثم يتَساقَطُ وقد كانَ شَديدَ الفَقْرِ لا أَحَدَ يَهْتَمُّ بهِ حتَّى رَمَاهُ الناسُ على الطَّريقِ فَجَاءَتِ الدَّبابيرُ تأكُلُ مِنْ رَأْسِهِ، (وَكَمَا قُلنَا إِنَّهُ كانَ مَقْطُوعَ اليَدَيْنِ فلا يَقْدِرُ على دَفْعِها عنهُ ومقطوعَ الرِّجلَيْنِ فلا يَقدِرُ على الفرارِ منهَا)، فَمَرَّ من أمامِهِ أُنَاسٌ فَلَمَّا رأَوْهُ قالُوا: "سُبحانَ اللهِ كَمْ يَتَحَمَّلُ هَذَا الرَّجُلُ" فَسَمِعَهُمْ فقالَ: "الحمدُ للهِ الذِي جَعَلَ قلبِي خاشِعًا وَلِسَانِي ذَاكِرًا وبَدَنِي عَلَى البَلاءِ صَابِرا إلهِي لَوْ صَبَبْتَ عَلَيَّ البلاءَ صَبًّا مَا ازْدَدْتُ فيكَ إلا حُبًّا".
هكذَا يكونُ الرِّجالُ، هكذا يَكونُ الصَّالِحونَ، هكذَا يكونُ طلابُ الآخِرَةِ الذِينَ عرفُوا اللهَ فأَدَّوْا حَقَّهُ. اللهمَّ اجعَلْنَا مِنَ الصَّالِحينَ الصَّابِرينَ يا رَبَّنا يَا اللهُ.

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...