بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 سبتمبر 2018

قال الفقهاء في تأكيد تحريم صرفها لغير الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان إنها ـ أي الزكاة ـ تحرم على الغازي المرتزِق، قالوا: إنما يرزق من حصته، فإذا عدم الفىء واضطررنا إلى المرتزق ليكفينا شر الكفار أعانه الأغنياء من أموالهم لا من الزكاة، والمرتزق هو الجندي المسجل في ديوان المجاهدين. فإذا كان هذا لا يُعطى من الزكاة إلا المجاهد المتطوع الذي لا مرتب له في الفىء لا يجوز إعطاؤه من الزكاة في هذه الحال التي المسلمون بحاجة إلى إستمرار هؤلاء المرتزقين في وظيفتهم ليس لهم حق من الزكاة مع أنهم متفرغون للجهاد فكيف هؤلاء الذين تعمل لهم على حساب الزكاة مآدب ومآدب فتكلف الآلاف المؤلفة كما فُعل في بعض السنين الماضية وكما هم بصدد أن يفعلوه الآن. وفي الحديث الصحيح أن رجلين أتيا رسول الله يطلبان منه أن يعطيهما من الزكاة وكانا جَلْدَين ـ أي قويين ـ فصعَّد فيهما النظر وصوَّب ثم قال: "إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب" ثم أعطاهما بعد أن حسَّن الظن بهما بأن اعتبرهما لا يجدان من العمل ما يسدُّ حاجاتهما الأصلية، فبعد هذا الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز أن يُتصرف فيها لإطعام هؤلاء الأغنياء بحجة تنشيطهم لدفع الزكاة، ثم إننا حذرناكم من دفعها لمن يتلاعبون بها بوضعها في غير محلها وإلى الله المرجع والمآب. ثم إن الفقهاء قالوا: تولي تفرقة الزكاة للمالك بنفسه أفضل من توكيل غيره لأنه أدرى بأحوال أقربائه المحتاجين وجيرانه المحتاجين المستحقين لها". اهـ. ثم قال: "وفي الحقيقة هؤلاء يدخلون تحت حديث البخاري :"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" وليستحوا من رسول الله القائل في بيان حكم الزكاة :"إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب" فهؤلاء عكسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح المشهور :"تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم". وليت شعري هل اطلعوا على هذه الأحاديث ثم منعهم هواهم أن يعملوا بها أم لم يطلعوا؟ فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون" اهـ. نقول: إذا كان المرتزق الذي يجاهد الكفار في سبيل الله لا يستحق الزكاة لأن له نصيبًا في الفىء، وحتى لو احتجنا إليه ليدفع عن المسلمين التقتيل والتذبيح والتنكيل ولم نجد فيئًا لنعطيه منه لا ندفع إليه من مال الزكاة بل نعطيه من غيرها، مع أن عمله جهاد وهناك شدة حاجة إليه، فالسببان اللذان زعمتهما موجودان في المرتزقة هنا ومع هذا لا تدفع الزكاة إليه، فكيف يجوز لك أن تقيس برأيك ـ وأنت لست من أهل القياس ـ، أو أن تستنبط بهواك ـ وأنت لست من أهل الاجتهاد ـ لتجيز دفع الزكاة إلى مثل الرابطة المذكورة؟!! فليحذر الناس فتاوى القرضاوي. ألم يقرأ القرضاوي قول الشافعيّ في الأم :"فإن هاجر وأُفرض ـ أي جعل له فرض أي عطية في ديوان المرتزقة ـ وغزا صار من أهل الفىء وأخذ منه، ولو احتاج وهو في الفىء لم يكن له أن يأخذ من الصدقات". اهـ. واحتجَّ الشافعي بأن عبد الملك بن مروان أرسل الزكاة إلى مشايخ أهل المدينة وفقهائها كسعيد بن المسيب وأبي بكر ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله في رجال كثيرة فأبوا أن يأخذوا منها لأنهم من أهل الفىء. ولم يفهم واحد منهم ـ على علو كعبهم وسلامة لغتهم وشدة تقواهم ـ من الآية ما فهمه القرضاوي في هذا الزمان. بل ذكر الشافعي بأن الأمر لا يرتكز على مدى النفع اللاحق بالمسلمين ولا على مدى حاجتهم إليه ـ كما زعم القرضاوي ـ، بل مَنْ قَسَمَ الله تعالى له فهو أحق ممن لم يقسم له وإن كان من لم يقسم له أنفع أو أحوج، واستدل لذلك رحمه الله تعالى بأن كل فارس يأخذ من الفىء سهمين وإن كان بعضهم أشجع من بعض وأكثر غنى، وأن الأولاد الذكور مثلاً تتساوى حصصهم في الميراث ولو كان بعضهم خيرًا من بعض وأحوج. فالخلاصة: أن "الدكتور" القرضاوي طار خارج سرب الفقهاء ـ من غير أن يُغَرد ـ، فهو في وادٍ وهم في وادٍ ءاخر. والمعتبر ما فهمه الأئمة الأعلام من ءايات كتاب الله، أولئك الذين لم تخالط لغتهم عجمة، ولا نشأوا على عامية معوجَّة، وعاشوا في خير القرون لا في زمن عمَّت فيه الأهواء وانتشرت. وليست العبرة بمن جاء بعدهم بمئات السنين ليسلك غير مسلكهم وينهج غير نهجهم فيعتقد في نفسه أنه من أهل العلم والاجتهاد في الدين وهو لم يبلغ تلك الدرجة فيعمل على ذلك ويَعُدُّ رأيه رأيًا وخلافه خلافًا فيتصرف بالفتوى خارقًا للإجماع مفرقًا للجماعة. وعلى مثل هذا نبَّه الحديث الصحيح :"إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعًا من بين الناس ولكن يقبض العلم حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس رؤساء جهَّالا فاستفتوهم فأفتوهم فضلوا وأضلّوا" رواه البخاري والترمذي وغيرهما. وبالله العصمة من الهوى، وبه القوة وعليه التكلان.

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين وصلى الله على السيد السند الأمين، صاحب القول الفصل الذي لا اجتهاد في مورد نصّه، ولا فهم يزيد على فهمه، سيدنا محمد وعلى سادات ءاله وصحبه. 

أما بعد، فإن ورقة خطيرة تحمل في طيَّاتها بابًا واسعًا لتبديل أحكام دين الله وتغييرها ـ بدعوى التجاوب مع مقتضيات العصر ـ قد رُوّجت في أمريكا ووُزعت فيها، وهيصادرة عن منظمة تسمى :"رابطة الشباب المسلم العربي" ((M.A.Y.A وموقعة بإمضاء الدكتور يوسف القرضاوي افتتحها كاتبها بالحديث عن أهمية التربية والتوعية الفكرية والعقائدية الإسلامية ثم انتقل إلى امتداح الرابطة المذكورة ءانفًا ليخلُص بعد ذلك في الثلث الأخير منها إلى تجويز دفع الزكاة لصرفها في أعمال هذه الرابطة المختلفة لدعوى أن عملها هذا جهاد في سبيل الله، إذن يجوز أن يُمَوَّل من مال الزكاة لدخوله تحت قوله تعالى:{وفي سبيل الله} [سورة التوبة/60]!!! ونصُّ كلامه :"ولهذا أرى أنه يجوز للمسلم أن يدفع إليها من زكاة ماله باعتبار عملها الذي أشرت إليه جهادًا في سبيل الله، فليس كل الجهاد بالسيف، وقد قال تعالى لرسوله:{فلا تطع الكافرين وجاهدهم به} أي بالقرءان [سورة الفرقان/52]. وأخطر ما غُزينا به في عصرنا من قِبل أعداء الإسلام هو الغزو الفكري والثقافي، وعلينا أن نحاربهم بمثل سلاحهم أي عن طريق الفكر والثقافة والتربية والتوعية، وهو ما تقوم به رابطة الشباب المسلم العربي، ولا حرج من تمويل ذلك من مصرف :{وفي سبيل الله} [سورة التوبة/60] من مصارف الزكاة" انتهى كلام القرضاوي بحروفه. 

نقول بعون الله تعالى: لسنا ننازع الشيخ القرضاوي في أهمية التصدي لما سماه الغزو الفكري والثقافي، ولا في الدفاع عن عقيدة الإسلام في وجه الطاعنين فيها علنًا وسرًّا، ولا في أن هذا النوع من أنواع الجهاد باللسان والقلم، ولا في كون حسن توجيه وتعليم الناشئة وتحصين دين الإسلام في نفوسهم ضد افتراءات الملحدين من أهم الأمور، ولكن هَالَنَا أن القرضاوي حرَّف معنى قوله تعالى:{وفي سبيل الله} [سورة التوبة/60] وأجاز دفع الزكاة في غير ما أجاز اللهُ ورسولُه صلى الله عليه وسلم!!!. وكأن صاحب الفتوى – اي القرضاوي - قد غرَّه سكوت أهل العلم عن فضح أخطائه وهفواته، ورأى إهمال كثير منهم ذكر اسمه عند تفنيدها، مع أنها كثيرة متناثرة في كتبه المطبوعة المنشورة، كنسبته ما لا يليق من إيذاء المسلمين بغير حق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنكاره أن يكون رسول الله بيَّن ما هو أول المخلوقات، ورأيه في الموسيقى، وما ينسبه لسيدنا عمر رضي الله عنه، ودعواه أن الجهمية ليسوا أعداء الدين، وغير ذلك من ضلالات في الأصول والفروع يندى له الجبين بينا بعضها في كتاب القرضاوي في العراء، نقول: كأنه ظن سكوتهم موافقة على كلامه وأنهم يذهبون إلى ما ذهب إليه، فَنَقَلَهُ وهمه من حال إلى حال، فتصدى لإصدار الفتاوى في الحوادث والنوازل معتمدًا على محض رأيه وراجعًا إلى استنباطه من غير أن يكون متحليًا بصفات المفتي وشروط المجتهد. 

فبدل أن ينقل القرضاوي أقوال العلماء المجتهدين وبماذا أفتوا، خالف أقوالهم وخرق إجماعَ الأمة في مسائل عديدة طلبًا للشهرة، ولم يعلم أن أهل العلم ما سكتوا عنه عجزًا أو موافقة وإنما شغلهم ما هو أدهى وأمرّ، فقد قلَّ عددهم، وكثرت الفتوق عليهم، واتسع الخرق على الراقع، إنا لله وإنا اليه راجعون. 

لكن لما بلغ السيل الزبى، ورأينا هذه الورقة تُوزَّع في المساجد والمنازل ويتبعها أوراق مشابهة يوزعها صيادو أموال الزكاة بالباطل لم نجد بدًّا من البيان، لا سيما وديننا أغلى ما عندنا، وحِفْظه من التحريف واجب بنصوص الشريعة الواضحة، والتغافل عن القطرة قد يحيلها سيلاً يُذهب بالدور وأهلها. 

وقد كان بعض أهل العلم نصح القرضاوي هذا سرًّا فلم يقبل، وألف السيد عبد الحي الغماري كتابًا خاصًّا للرد عليه في مسئلة أكل اللحوم غير المذكاة ذكاة شرعية التي افتىالقرضاوي فيها فتاوى ما انزل الله بها من سلطان، كما أنكر عليه الشيخ المحدث عبد الله الغماري رحمه الله فلم يتراجع عن غلطه ولا أعلن عودته عن شذوذه، فجهرنا بهذاالرد عليه تحذيرًا للمسلمين، وانتصارًا لدين رب العالمين، ولسنا بحمد الله ننافسه في دنيا، ولا ننازعه مالا، ولا نأكل ما لا يرضي ربنا عزَّ وجلَّ، ولا نريد مشاركته الأكل من مال الزكاة ، ولكنَّ النصيحة واجبة، وءاخر الدواء الكيّ. 

ولهذا أسمينا رسالتنا هذه :"النقض الكاوي لدعوى يوسف القرضاوي ومن جاراه في تفسير قوله تعالى:{وفي سبيل الله} [سورة التوبة/60]"، رزقنا الله تعالى حسن المقصد، وجعل فيها عظيم الأجر وعموم النفع، وبالله القوة والحول، وعليه التكلان.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم " من راى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان" رواه مسلم.

وليس التحذير من القرضاوي من باب الغيبة المحرمة فان النبي عليه الصلاة والسلام حذر ممن غش في الطعام وثبت عنه ايضا انه قال في رجلين كانا يعيشان بين المسلمين " ما اظن ان فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا".

فصل في بيان الحكم الشرعي في المسئلة والرد على القرضاوي.

اعلم أيها القارىء رحمنا الله وإياك بتوفيقه أن توزيع الزكاة أَحكَمَ الله عزَّ وجلَّ قواعدَه، وأوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أصوله، وبلَّغه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، فلا يجوز لأحد أن يهمل تلك القواعد أو يتجاوز هذه الأصول، أو يدَّعي أنه أفهم لها ممن نزل عليه الوحي بها، وممن تلقاها منه وتعلمها على يده.

قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتاب الأم:"فأحكم الله عزَّ وجلَّ فرض الصدقات في كتابه ثم أكدها فقال:{فريضة من الله}، قال: وليس لأحد أن يقسمها على غير ما قسمه الله عزَّ وجلَّ". اهـ.

يعني بذلك قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [سورة التوبة/60].

فلا يجوز ولا يجزىء إعطاء الزكاة لغير هؤلاء الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في هذه الآية، ومنهم المجاهدون المعنيّون بقوله تعالى: :{وفي سبيل الله} وهم بالخصوص الغزاة المتطوعون الذين يقاتلون الكفار ويحمون الثغور والديار، ولا يأخذون راتبًا من بيت المال لأجل ذلك. وألحق الإمام أحمد وغيرُهُ بهم مريدَ الحج الذي ليس معه ما يستطيع به الحج لنصّ ورد بخصوص ذلك.

وأما غير هؤلاء فلا يجوز أن يُعطَوا من هذا السهم درهمًا ولا أكثر، سواء كانوا أفرادًا متفرقين أو منتظمين في رابطة أو جمعية، وسواء كانوا علماء أو طلبة علم أو عامة، وسواء أرادوا استخدامها راتبًا لموظف أو أجرة لنسخ كتاب أو لبناء مسجد أو مصلَّى أو مدرسة أو كلفة عقد مؤتمر أو غير ذلك وان زعم القرضاوي خلاف ذلك.

هذا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ومن جاء بعدهم من سلاسل علماء الدين الذهبية، وهو ما أفتوا به في حال قوة الأمة وضعفها، وفي حال اشتداد شوكة أهل البدع وشدة هجمتهم كما في حال انكسار ذلك.

فلا يجوز بعد ذلك لا ليوسف القرضاوي ولا لغير يوسف القرضاوي أن يُفتِيَ بخلاف كلامهم وما انعقد عليه إجماعهم، ومن أفتى بمثل ذلك لا يجوز العمل بفتواه ولا يلتفت إليها.

فإن أحكام شرع الله هي ما فهمه الصحابة والتابعون وتابعوهم من كتاب الله وسُنَّة رسوله على موجب اللسان العربيّ المبين، أما المتأخرون من كبار الفقهاء فليس لهم إلا أن يتكلموا في نوازل جديدة لا أن يُبدوا ءاراء في الدين على خلاف ما فهمه من النصوص رجالُ الصدر الأول الذين هم أهل اللسان المُطَّلِعُونَ على لغة التخاطب بين الصحابة قبل أن يعتورها تغيير وتحوير، وهم المتلقون للعلم عن الذين شهدوا الوحي، فما فهموه من الشرع فهو المفهوم وما أبعدوه عن أن يكون دليلاً فهو بعيد عن أن يُتَمَسَّكَ به.

وإنما يكون كلام الفقهاء المتأخرين فيما لم يتكلم فيه أهل هذا الصدر أو اختلفوا في حكمه.

وهذا أيضًا له شرط وهو أنَّ من أراد التكلم في حكم حادثة لم تحدث في الصدر الأول وليس فيها نص لا بد أن يكون مجتهدًا كأبي حنيفة والشافعي ومالك أو من أصحاب الوجوه كالمتولي والبلقيني وأمثالهما، وأما من لم يصل إلى هذه المرتبة فليس له أن يستنبط الأحكام وإنما درجته أن يتبع ما يقوله أهلُ الاستنباط. ومن الواضح أن الدكتور القرضاوي لم يصل إلى هذه المرتبة ـ ولا نظن أنه يَدَّعِي مساواة هؤلاء الفطاحل ـ، فكان ينبغي أن يلتزم القرضاوي (او غير القرضاوي ممن هو مثله) في جواب المسئلة بالنقل من كتب الأئمة من غير أن يُقْحِمَ رَأيًا خَاصًّا له في الموضوع، فيسلم بذلك هو ومن يتبعه.

والخلاصة: أن سهم :{وفي سبيل الله} المذكور في ءاية الصدقات لا يشمل عمل الرابطة أو الجمعية المذكورة ولا أمثالها وبالتالي لا يجوز صرفه في نشاطاتها ونفقاتها. وما أفتى به الدكتور القرضاوي غلط فاحش يحرم العمل به لمخالفته نص القرءان وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأئمة المجتهدين وأقوالهم.

أما المواجهة الثقافية الفكرية لمخططات أعداء الإسلام فَتُسَدُّ نفقاتُها من مصادر أخرى غير الزكاة فإن في المال حقوقًا سواها.

هذا ما جاء في دين الله وشريعته، والفائز من التزم بأحكام هذه الشريعة فشملته نفحاتها ونالته أسرارها، والمحروم من ظنَّ أن الإصلاح يكون بغير طريقها أو قدَّم رأيه على منهاجها، والموفَّق من وفقه الله.

القرضاوي خالف المذاهب الاربعة

وأنت تعلم كذلك أن غير المجتهدين من هذه الأمة تَبَعٌ لمن بلغ درجة الاجتهاد منها، فإذا أجمع المجتهدون في أي عصر من العصور على أمر فهو حق لا مرية فيه، ومن شذ عنهم فهو خارق للإجماع وينطبق عليه حديث أبي داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :"من شذَّ شذَّ في النار". وروى أبو داود أيضًا وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" قيل: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "الجماعة"، وهي مُفَسَّرَةٌ في بعض الروايات بـ "السواد الأعظم". 

إذا وضح ذلك فاعلم أن أئمة المسلمين جميعًا أجمعوا على أن مصرف {وفي سبيل الله} المذكور في ءاية الصدقات لا ينطبق على كل وجوه البر بل المراد به الغزو وقتال الكفار، قال ابن هبيرة في الإفصاح (ص108) :"واتفقوا ـ أي الأئمة الأربعة وأتباعهم ـ على أنه لا يجوز أن يخرج الزكاة إلى بناء مسجد، ولا تكفين ميت وإن كان من القُرَبِ لتعيّن الزكاة لما عُينت له". اهـ.
وقال مالك في المدونة (2/59) :"لا يجزئه أن يُعطي من زكاته في كفن ميت لأن الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سمَّى الله وليس للأموات ولا لبناء المساجد"اهـ. 

وقال ابن قدامة الحنبلي ما نصه (المغني والشرح الكبير 2/527) :"فصل: ولا يجوز صرف الزكاة الى غير من ذكر الله تعالى من بناء المساجد والقناطر والسقايات وإصلاح الطرقات وسد البثوق وتكفين الموتى والتوسعة على الأضياف وأشباه ذلك من القُرَبِ التي لم يذكرها الله تعالى. وقال أنس والحسن: ما أعطيت في الجسور والطرق فهيصدقة ماضية، والأول أصح لقوله سبحانه وتعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} وإنما للحصر والإثبات تثبت المذكور وتنفي ما عداه، والخبر المذكور، قال أبو داود:سمعت أحمد وسئل: يكفن الميت من الزكاة؟ قال: لا، ولا يقضى من الزكاة دين الميت". اهـ، ومثله قال من لا يحصى من فقهاء المذاهب الأربعة.
فإذا كان لا يجوز دفعها لبناء مسجد يُدعى فيه إلى الله وتقام فيه شعائر الإسلام وتعلم علوم الدين فهل يجوز دفعها لاستئجار قاعة لمعرض أو لمؤتمر كما زعم القرضاوي ومن فرح بكلامه من أعضاء الرابطة المذكورة؟!!! بالطبع لا. 

بل قد نص ابن حزم الظاهري في المحلى على أن المراد بقوله تعالى:{وفي سبيل الله} الغزو في سبيل الله بلا خلاف، وقال أبو بكر بن العربي في أحكام القرءان: "قال مالك: سُبُل الله كثيرة ولكني لا أعلم خلافًا في أن المراد بسبيل الله ههنا الغزو" اهـ، وهو نص من مالك رضي الله عنه على الإجماع في المسئلة. 

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني :"هذا الصنف السابع من أصناف الزكاة ولا خلاف في استحقاقهم وبقاء حكمهم، ولا خلاف في أنهم الغزاة لأن سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو". اهـ، أي هو إجماع.
وقال محمد بن الحسن في الموطإ بعد أن ساق حديث عطاء السابق وفيه :"لغازٍ في سبيل الله" ما نصه: "وبهذا نأخذ، والغازي في سبيل الله إذا كان له عنها غِنًى يقدر بغناه على الغزو في سبيل الله لم يستحب له أن يأخذ منها شيئًا" اهـ، ثم قال :"وهو قول أبي حنيفة". اهـ. 

ونقله البدر العيني الحنفي في عمدة القاري عن ابن المنذر في الإشراف عن أبي يوسف. اهـ. 

وقال الإمام الشافعيّ في الأم :"ويُعطَى من سهم سبيل الله جلَّ وعزَّ من غزا من جيران الصدقة فقيرًا كان أو غنيًّا". اهـ. 

وعلى الغزو أيضًا حمل الإمام أحمد معنى الآية كما في شرح مفردات أحمد. 

وقال محمد بن عبد الحكم وغيره :"يُعطَى من الصدقة في الكُراع والسلاح وما يحتاج إليه من ءالات الحرب وكف العدو عن الحوزة". اهـ. أي يَشْتَرِي ولِيّ الأمر ـ إن شاء ـ العُدَّة للغازي من الزكاة ثم يملكه إياها كما بيَّنوه في موضعه. 

وقال المحدث الشيخ عبد الله الغماري المغربي رحمه الله تعالى ردًّا على سؤال ورده ونصه :"عندنا مسجد مهدم فهل يجوز دفع جزء من زكاة المال لإعادة بناء هذا المسجدأم لا؟"، فأجاب ما نصه :"لا يجوز صرف الزكاة في بناء المسجد لأن الزكاة نص الله على الأصناف التي تستحقها فقال تعالى::{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة/60] وعلى هذا انعقد إجماع العلماء، وقد أفتت مجلة الأزهر أخيرًا بجواز إعطاء الزكاة في بناء المساجد بناء على توسع بعض العلماء في معنى قوله تعالى:{وفي سبيل الله} وهو قول شاذٌّ لا يجوز اعتماده، والله أعلم"اهـ. 

ومثله ردَّ الكوثري على هذه الفتوى الواردة في مجلة الأزهر بقوله :"هذا ملخص الجواب المنشور هناك، ولكن هذا الجواب لم يقم على قدمي حق ولا على قدمي حق وباطل، بل حاول أن يقوم على قدمي باطل فانهار انهيارًا لا قيام له بعده، حيث بنى على الباطل من جميع النواحي، لأن ادعاءه اختلاف الأئمة في جواز صرف الزكاة الى عمارة المساجد بادىء ذي بدء لا نصيب له من الصحة أصلاً لأنه ليس بين الصحابة والتابعين وأئمة الاجتهاد المعترف بإمامتهم عند الأمة أحد جوَّز ذلك". اهـ. 

فبعد هذا كله هل يجرؤ من عنده ذرة من حياء أن يخالف كل أهل العلم ليقول إن الآية تسمح بدفع الزكاة لإصدار المجلات والروزنامات وشراء الشقق وإقامة المعارض والمؤتمرات تحت دعوى أن هذا جهاد "فكري وثقافي وتربوي"؟!! 

فليتق الله القرضاوي ومن يروج لكلام القرضاوي. 

وإننا نسأل القرضاوي: هل أنت عالم مجتهد أم تبع للمجتهد؟ فإن قال: مجتهد، قلنا له: أبرز ماذا عندك من أدوات الاجتهاد حتى ادَّعيتَ أنكَ وصلت إلى مثل مرتبة مالك وأبي حنيفة والشافعي والليث وسفيان، بل إلى مثل مرتبة السبكيّ تقي الدين وابن دقيق العيد أو حتى إلى مثل مرتبة الحليمي والجويني والبلقيني وأمثالهم من أصحاب الوجوه!!! وهيهات. وعلى كل حال فالمجتهد لا يخرق الإجماع المنعقد قبله. 

وإن اعترف القرضاوي ـ كما هو واقع حاله ـ بعدم بلوغ تلك المرتبة قلنا له: مقامك إذن أن تسأل أهل العلم وتتبع فتاويهم لا أن تنفرد عنهم. وكلهم أجمعوا في هذه المسئلة أن:{وفي سبيل الله} معناها الغزو، فكيف ساغ لك أن تشذ عنهم وتقول إنها تشمل إصدار المجلات والروزنامات وعقد صفقات التجارة ... إلخ سواء سميتها جهادًا أو غير ذلك؟!!!. أَوَلَم تلاحظ أن ما بنيت عليه رأيك المخالف للجماعة غير معتبر في ميزان الشرع بالنسبة للزكاة؟

وأن العبرة ليست بمجرد دخول العمل تحت اسم الجهاد ولو اشتدت الحاجة إليه وهما الأمران اللذان بنى القرضاوي عليهما فتواه المتهالكة بقوله :"باعتبار عملها الذي أشرت إليه جهادًا في سبيل الله"، وبقوله :"وأخطر ما غزينا به في عصرنا من قبل أعداء الإسلام هو الغزو الفكري والثقافي وعلينا أن نحاربهم بمثل سلاحهم أي عن طريق الفكر والثقافة والتوعية والتربية.... ولا حرج من تمويل ذلك من مصرف في سبيل الله من مصارف الزكاة". 

"فمن هنا يُعلم أنه لا يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد والمستشفيات والمدارس، فمن دفع من زكاته إلى مدرسة أو إلى مستشفى أو إلى بناء مسجد فليَعلم أن زكاته ما صحت فيجب عليه إعادة الدفع للمستحقين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة"، رواه البخاري في الصحيح. فاحرص اخي المسلم الا تكون ممن ذكرهم النبي في هذا الحديث ولن ينفعك يومها القرضاوي او غير القرضاوي.

فيُفهم من هذا الحديث أن الذي يأخذ الزكاة وليس هو من المستحقين الذين ذكرهم الله في القرءان له النار يوم القيامة، وكذلك الذي يأكل مال الوقف الإسلامي بغير حق أي بغير الوجه الشرعي الذي بيَّنه الفقهاء في كتبهم فله النار يوم القيامة. 

والدليل على أنه لا يجوز دفع الزكاة لكل ما هو بر وخير مما عدا الأصناف الثمانية وأن المراد بقوله تعالى :{وفي سبيل الله} ليس كل أنواع البر والإحسان من بناء مسجد ومدرسة ومستشفى ونحو ذلك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذَكَرَ الزكاة: "إنها لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي"، وقوله صلى الله عليه وسلم لرجلين جاءا يسألانه الزكاة وكانا قويين :"إني أُعطيكما وليس فيها حق لغني ولا لقوي مكتسب" رواهما أبو داود والبيهقي، فحرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذين الحديثين الزكاة على من يملك مالا يغنيه أي يكفيه لحاجاته وعلى من له قوة على العمل الذي يكفيه لحاجاته الأصلية، فدلَّنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبيّن لما أنزل الله في كتابه بعض أعمال البِرّ لا كلّها وهو الجهاد ويدخل في ذلك الحج عند الإمام أحمد، ولم يقل إن كلمة {وفي سبيل الله} تعمُّ كل مشروع خيري أحدٌ من الأئمة المجتهدين إنما ذلك ذكره بعض الحنفية من المتأخرين ليس من أصحاب أبي حنيفة الذين هم مجتهدون، فحرام أن يؤخذ بقول هذا العالم. فليحذر من هؤلاء الذين يلمّون هذه الأموال باسم المستشفى أو بناء جامع أو بناء مدرسة من الزكوات، هؤلاء حرام عليهم وحرام على الذين يعطونهم لأنه لو كان كل عمل خيري يدخل في قوله تعالى: {وفي سبيل الله} ما

قال الرسول :"إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب". اهـ.

قال الفقهاء في تأكيد تحريم صرفها لغير الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان إنها ـ أي الزكاة ـ تحرم على الغازي المرتزِق، قالوا: إنما يرزق من حصته، فإذا عدمالفىء واضطررنا إلى المرتزق ليكفينا شر الكفار أعانه الأغنياء من أموالهم لا من الزكاة، والمرتزق هو الجندي المسجل في ديوان المجاهدين. فإذا كان هذا لا يُعطى منالزكاة إلا المجاهد المتطوع الذي لا مرتب له في الفىء لا يجوز إعطاؤه من الزكاة في هذه الحال التي المسلمون بحاجة إلى إستمرار هؤلاء المرتزقين في وظيفتهم ليس لهم حق من الزكاة مع أنهم متفرغون للجهاد فكيف هؤلاء الذين تعمل لهم على حساب الزكاة مآدب ومآدب فتكلف الآلاف المؤلفة كما فُعل في بعض السنين الماضية وكما هم بصدد أن يفعلوه الآن. وفي الحديث الصحيح أن رجلين أتيا رسول الله يطلبان منه أن يعطيهما من الزكاة وكانا جَلْدَين ـ أي قويين ـ فصعَّد فيهما النظر وصوَّب ثم قال: "إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب" ثم أعطاهما بعد أن حسَّن الظن بهما بأن اعتبرهما لا يجدان من العمل ما يسدُّ حاجاتهما الأصلية، فبعد هذا الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز أن يُتصرف فيها لإطعام هؤلاء الأغنياء بحجة تنشيطهم لدفع الزكاة، ثم إننا حذرناكم من دفعها لمن يتلاعبون بها بوضعها في غير محلها وإلى الله المرجع والمآب. ثم إن الفقهاء قالوا: تولي تفرقة الزكاة للمالك بنفسه أفضل من توكيل غيره لأنه أدرى بأحوال أقربائه المحتاجين وجيرانه المحتاجين المستحقين لها". اهـ.

ثم قال: "وفي الحقيقة هؤلاء يدخلون تحت حديث البخاري :"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" وليستحوا من رسول الله القائل في بيان حكم الزكاة :"إنه لا حق فيها لغني ولا لقوي مكتسب" فهؤلاء عكسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح المشهور :"تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم". وليت شعري هل اطلعوا على هذه الأحاديث ثم منعهم هواهم أن يعملوا بها أم لم يطلعوا؟ فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون" اهـ.

نقول: إذا كان المرتزق الذي يجاهد الكفار في سبيل الله لا يستحق الزكاة لأن له نصيبًا في الفىء، وحتى لو احتجنا إليه ليدفع عن المسلمين التقتيل والتذبيح والتنكيل ولم نجدفيئًا لنعطيه منه لا ندفع إليه من مال الزكاة بل نعطيه من غيرها، مع أن عمله جهاد وهناك شدة حاجة إليه، فالسببان اللذان زعمتهما موجودان في المرتزقة هنا ومع هذا لاتدفع الزكاة إليه، فكيف يجوز لك أن تقيس برأيك ـ وأنت لست من أهل القياس ـ، أو أن تستنبط بهواك ـ وأنت لست من أهل الاجتهاد ـ لتجيز دفع الزكاة إلى مثل الرابطةالمذكورة؟!! فليحذر الناس فتاوى القرضاوي.

ألم يقرأ القرضاوي قول الشافعيّ في الأم :"فإن هاجر وأُفرض ـ أي جعل له فرض أي عطية في ديوان المرتزقة ـ وغزا صار من أهل الفىء وأخذ منه، ولو احتاج وهو في الفىء لم يكن له أن يأخذ من الصدقات". اهـ.

واحتجَّ الشافعي بأن عبد الملك بن مروان أرسل الزكاة إلى مشايخ أهل المدينة وفقهائها كسعيد بن المسيب وأبي بكر ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله في رجال كثيرة فأبوا أن يأخذوا منها لأنهم من أهل الفىء. ولم يفهم واحد منهم ـ على علو كعبهم وسلامة لغتهم وشدة تقواهم ـ من الآية ما فهمه القرضاوي في هذا الزمان.

بل ذكر الشافعي بأن الأمر لا يرتكز على مدى النفع اللاحق بالمسلمين ولا على مدى حاجتهم إليه ـ كما زعم القرضاوي ـ، بل مَنْ قَسَمَ الله تعالى له فهو أحق ممن لم يقسم له وإن كان من لم يقسم له أنفع أو أحوج، واستدل لذلك رحمه الله تعالى بأن كل فارس يأخذ من الفىء سهمين وإن كان بعضهم أشجع من بعض وأكثر غنى، وأن الأولاد الذكور مثلاً تتساوى حصصهم في الميراث ولو كان بعضهم خيرًا من بعض وأحوج.

فالخلاصة: أن "الدكتور" القرضاوي طار خارج سرب الفقهاء ـ من غير أن يُغَرد ـ، فهو في وادٍ وهم في وادٍ ءاخر.

والمعتبر ما فهمه الأئمة الأعلام من ءايات كتاب الله، أولئك الذين لم تخالط لغتهم عجمة، ولا نشأوا على عامية معوجَّة، وعاشوا في خير القرون لا في زمن عمَّت فيه الأهواء وانتشرت. وليست العبرة بمن جاء بعدهم بمئات السنين ليسلك غير مسلكهم وينهج غير نهجهم فيعتقد في نفسه أنه من أهل العلم والاجتهاد في الدين وهو لم يبلغ تلك الدرجة فيعمل على ذلك ويَعُدُّ رأيه رأيًا وخلافه خلافًا فيتصرف بالفتوى خارقًا للإجماع مفرقًا للجماعة. وعلى مثل هذا نبَّه الحديث الصحيح :"إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعًا من بين الناس ولكن يقبض العلم حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس رؤساء جهَّالا فاستفتوهم فأفتوهم فضلوا وأضلّوا" رواه البخاري والترمذي وغيرهما.

وبالله العصمة من الهوى، وبه القوة وعليه التكلان.












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...