بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 سبتمبر 2019

الآيات المحكمات والآيات المتشابهات

الحمد لله الذي أنزل القرءان هدىً ورحمة، فيه ءايات متشابهاتٌ وأُخَرُ مُحكَمَات، فأنارَ به بصائر قومٍ وجعلَ قلوبَ قومٍ مُقْفَلة، فمن هداه الله فبفضلِه وفَّقَه، ومن أضلَّه الله فبعدْلِه خَذَلَه، سبحانه تَنَزَّهَ عن الظلم وما شاء فَعَلَ، وأصلي وأسلّمُ على سيدنا محمدٍ إمامِ البَرَرَة، وعلى ءاله الطيبين ومَن على الإيمانِ صَحِبَه، وأشهد أن لا إله إلا الله المعبودُ بحقٍّ وَحدَه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدهُ ورسولُه صلوات ربي عليه وعلى كل رسولٍ أرسَلَه.
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه * هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ * ( سورة آل عمرا ن ءاية 7 ) .
إخوة الإيمان بَيَّنَ ربُّنا تبارك وتعالى أنّ القرءان فيه ءايات محكمات وفيه ءايات متشابهات، فأما المحكمات فهي التي دلالتها على المراد واضحة فلا تحتمل من التأويل بحسب وضع اللغة إلا وجهًا واحدًا أي معنىً واحدًا كقوله تعالى * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ *( سورة الأخلاص ءاية 4 ) وقولِهِ تعالى * لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ *( سورة الشورى ءاية 11 ) وقد سمى الله تبارك وتعالى الآيات المحكماتِ بأُمّ الكتاب أي أمّ القرءان لأنها الأصل الذي تُرَدُّ إليها الآيات المتشابهات، وأغلب ءايات القرءان مُحْكَمَةٌ.
وأما الآيات المتشابهة فهي التي لم تتضح دلالتها أي أنّ دلالتها على المراد غير واضحة وتحتمل بحسب وضع اللغة العربية أوْجهًا أي أكثر من معنى، ويُحتاج لمعرفة المعنى المرادِ منها إلى نِظِرِ أهل النظرِ والفهمِ الذين لهم دِرايةٌ بالنصوص الشرعية ومعانيها ولهم دِراية بلغة العرب فلا تخفى عليهم المعاني، إذ ليس لكل إنسان يقرأ القرءان أن يفسّرَهُ، ومثال ذلك قوله تعالى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *( سورة طه ءاية 5 ) فإن كلمة ( استوى ) في لغة العرب تحتمل خمسة عشر معنىً، فاحتيج إلى نظر العلماء لمعرفة المراد منها في هذه الآية .
ولأهل السنة إخوةَ الإيمان في تأويل المتشابه مسلكان كلٌّ منهما صحيح، مسلكُ أكثرِ السلف وهم أهل القرون الثلاثة الأولى فإنهم يؤولون المتشابهات تأويلاً إجماليًا بِرَدّها إلى الآيات المحكمات وذلك بالإيمان بها واعتقادِ أنَّ لها معنىً يليق بجلال الله وعظمته بلا تعيينِ معنىً ولا يفسرونها على الظاهر المتبادر منها، فإذا سمعوا قولَ الله تعالى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *ردُّوه إلى الآية المحكمة كقوله تعالى* لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ * وعلموا أنّ المعنى الظاهرَ أي المتبادِرَ إلى الذهن من قوله تعالى* الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * وهو الاستقرار أو الجلوس ليس مرادًا ولا هو معنى الآية لكونه من صفات المخلوقات فهو مخالفٌ للآية المحكمة * لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ* فأّوَّلُوْهَا تأويلاً إجمالِيًّا فقالوا: استوى استواءً يليق به ليس جلوسًا ولا استقرارًا ولا يُشْبِهُ أيةَ صفة من صفات المخلوقين وذلك كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: ءامنت بما جاء عن الله على مراد الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله اهـ. يعني رضي الله عنه لا على ما قد تذهب إليه الأوهام والظنون من المعاني الحسية الجسمية التي لا تجوز في حق الله .
والمسلك الثاني مسلك الخلف فهم يؤولونها تفصيلا بتعيينِ معانٍ لها مما تقتضيه لغةُ العرب ولا يحملونها على ظواهرها أيضًا موافقين للسلف في ذلك.
فالسلف والخلف متفقان على عدم الحمل على الظاهر ففي ءاية * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * التي مَثَّلْنا بها قال السلف أي أكثرهم استوى بلا كيف أي استواء يليق بجلال الله وعظمته لا على المعنى الذي يكون من صفات المخلوقات أي لا على معنى الجلوس أو الاستقرار أو علوّ المكان، وأما أهل المسلك الثاني فقالوا استوى أي قَهَرَ وحفظ وأبقى لكون قَهَرَ من معاني استوى في لغة العرب ولكون هذا المعنى موافقًا للآية المحكمة * لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ* ولقوله تعالى * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ *( سورة الأنعام ءاية 18 ) .
ويقول بعض أهل الزيغ إنَّ التأويلَ ممنوع وإنَّ السلف ما استعملوه وهذا كلام باطل ومردود كيف وقد جاء في الصحيح عن سيد الكَوْنَيْنِ صلى الله عليه وسلم أنه قَدَّمَ له ابنُ عباس وَضوءه أي ماءَ الوُضوء فقال صلى الله عليه وسلم " مَنْ فَعَلَ هذا؟ " فقال قلت أنا يا رسول الله فقال: " اللهمّ فَقِّهْهُ في الدين وعَلّمْهُ التأويل " اهـ. ولو كان التأويل محظورًا مُطلقًا لكان هذا دُعاءً عليه لا له.
بل إنَّ مَنْعَ التأويلِ يؤدي إلى ضَرْبِ القرءان بعضِهِ ببعض فلو أخَذَ ءاخذٌ بظاهر الآية * وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ *( سورة الحديد ءاية 4 ) فاعتقد أن الله مع كل واحدٍ بذاتِهِ أو اعتقد أن الله تعالى متحيز في كل مكان وأخذ بظاهر الآية * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * فاعتقد أن الله جالس على العرش لأدّى هذا إلى تناقض لأن معناه على الظاهر أن الله في جهة فوق على العرش وأنه مع كل واحد بذاته في كل الجهات ومنها جهة تحت في الأرض فيقعُ التناقض وحاشا أن يكون في القرءان تناقض فقد قال الله تعالى * أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا * ( سورة النساء ءاية 83 ) أما لو ردَّ هاتين الآيتين إلى الآية * لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ * فأَوَّلَ الاستواءَ بالقهر أو قال له معنى يليق بالله ونفى عن الله المكان والجلوس والاستقرار على العرش وأوَّلَ قولَهُ تعالى * وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ * بالعلم أي أنه محيطٌ بكم عَلمًا لكان في ذلك سلامةٌ ونجاةٌ لكونه موافقًا للآية المحكمة * لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ * .
وماذا يقول من يمنع التأويل في قوله تعالى إخبارًا عن سيدنا إبراهيم عليه السلام * إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * ( سورة الصافات ءاية 99 ) وكان إبراهيم عليه السلام ذاهبًا إلى فلسطين هل يقول بزعمه إنَّ الله يسكن فلسطين أم سيؤول هذه الآية ليوافق الآية المحكمة * لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ * وغيرها من الآيات المحكمات ومراد سيدنا إبراهيمَ إِخوةَ الإيمان بقوله إني ذاهب إلى ربي أي إلى حيث أمرني ربي.
فيا أخي المسلم إن سمعت أو قرأت ءاية في القرءان ظاهرُها مخالف للآيات المحكمات فلا تَتَسرَّعَنَّ إن لم تكن سمعتَ تفسيرها ممن هو أهل لذلك وقُلْ لها معنى يليق بالله ورُدَّها إلى الآيات المحكمات ولا تأخذْ بظاهرها الذي قد يتبادر معناه إلى ذهنك ممَّا يُوهِمُ تشبيهَ الله بخلقهِ، ورضي الله عن السيد أحمدَ الرفاعي الكبيرِ القائلِ" صونوا عقائدَكُمْ مِنَ التمسُّكِ بظاهر ما تشابه مِن القرءان والسنة فإن ذلك مِن أصول الكفر. " اهـ.

الدليل الكافي في الرد على الوهابي ( 2 ) تنزيه الله عن الصورة

الحمد لله القهار مكور اليل والنهار والصلاة والسلام على محمد احمد المختار وعلى اله واصحابه البررة الاخيار .
وبعد :
أهل الحق يقولون: الله لا يشبه الإنسان فليس له صورة ولا شكل
الدليل: قال الله تعالى: { ليس كمثله شيئ } (سورة الشورى/ءاية 11) .
الوهابية يقولون: الله خلق الإنسان على صورة وجهه ، ويقولون: الله له صورة يقوم عليها
أنظر كتابهم المسمى: " عقيدة أهل الإيمان في خلق ءادم على صورة الرحمن " لمحمود التويجري ، ص/40و91 . دار اللواء_الرياض
(وقد أثنى ابن باز زعيم الوهابية على هذا الكتاب) .
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم
...والمقصود أن يد الجارحة مستحيلة ( يعني الله لا يجوز ان يوصف بالجارحة والجارحة هي التي لدينا ولا ينفع ان يقال له يد يعني عضو ولكن لا يشبه اعضائنا فهذا من الفساد والتجسم وهو كفر ) قوله فضحك رسول صلى الله عليه وسلم تعجبا مما قال الحبر تصديقا له ثم قرأ وما قدروا الله حق قدروه ولأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ظاهر الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم صدق الحبر فى قوله إن الله تعالى يقبض السموات والأرضين والمخلوقات بالأصابع ثم قرأ الآية التى فيها الاشارة الى نحو ما يقول
قال القاضى وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه صلى الله عليه وسلم وتعجبه وتلاوته للآية تصديقا للحبر بل هو رد لقوله وانكار وتعجب من سوء اعتقاده فان مذهب اليهود التجسيم
وقال ايضا
وأما إطلاق اليدين تعالى فمتأول على القدرة وكنى عن ذلك باليدين لأن أفعالنا تقع باليدين فخوطبنا بما نفهمه ليكون أوضح وأوكد فى النفوس
وذكر اليمين والشمال حتى يتم المثال لأنا نتناول باليمين ما نكرمه وبالشمال ما دونه ولأن اليمين فى حقنا يقوى لما لا يقوى له الشمال ومعلوم أن السموات أعظم من الأرض فأضافها الى اليمين والأرضين الى الشمال ليظهر التقريب فى الاستعارة وان كان الله سبحانه وتعالى لا يوصف بأن شيئا أخف عليه من شىء ولا أثقل من شىء هذا مختصر كلام المازرى فى هذا قال القاضى وفى هذا الحديث ثلاثة ألفاظ يقبض ويطوى ويأخذ كله بمعنى الجمع لأن السموات مبسوطه والأرضين مدخوة وممدودة ثم يرجع ذلك الى معنى الرفع والازالة وتبديل الأرض والسموات فعاد كله الى ضم بعضها الى بعض ورفعها وتبديلها تغيرها قال فأتى النبى صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها تمثيل لقبض هذه المخلوقات وجمعها بعد بسطها وحكاية للمبسوط والمقبوض وهو السموات والارضون لا اشارة الى القبض والبسط الذى هو صفة القابض والباسط سبحانه وتعالى ولا تمثيل لصفة الله تعالى السمعية المسماة باليد التى ليست بحارحة
وقال النووي قال عياض
قال والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم فيما ورد فى هذه الأحاديث من مشكل ونحن نؤمن بالله تعالى وصفاته ولا نشبه شيئا به ولا نشبهه بشىء ليس كمثله شىء وهو السميع البصير وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه فهو حق وصدق فما أدركنا علمه فبفضل الله تعالى وما خفى علينا آمنا به ووكلنا علمه اليه سبحانه وتعالى وحملنا لفظه على ما احتمل فى لسان العرب الذى خوطبنا به ولم نقطع على أحد معنييه بعد تنزيهه سبحانه عن ظاهره الذى لا يليق به سبحانه وتعالى وبالله التوفيق . انتهى كلام النووي
ان كلام العلماء هو تنزيه الله تعالى عن هذا الظاهر المتبادر الى بعض اذهان الناس وما هذا الا من تمويهات الوهابية فانه يصفون الله تعالى بالجارحة ولكن يقولون ليس كجوارحنا
قال الحافظ السيوطي في كتابه: "الإتقان": "من المتشابه آيات الصفات، ولابناللَّبَّان فيها تصنيف مُفْرد، نحو: "الرحمن على العرش استوى"، "كل شيء هالك إلاوجهه"، "ويبقى وجه ربك"، "ولتصنع على عيني"، "يد الله فوق أيديهم"، "لما خلقتبيدي"، "والسموات مطويات بيمينه". وجمهور أهل السنة، منهم السلف وأهل الحديث: علىالإيمان بها، وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نُفَسِّرها مع تنزيهناله عن حقيقتها" ا.هـ المراد
فلو نظرنا الى كلام الامام عن قوله تنزيهنا له عن حقيقتها وحقيقة قبضة اليد اي الجسم اي العضو فالله منزه عن العضو
وقد قال الامام الطحاوي ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر
اما بالنسبة للصورة يعني الهيئة يعني الشكل والعياذ بالله فالله تعالى منزه عن هذه الاشياء لان من كان له صورة او شكل حتى لو كنا لا نعلم هذا الشكل ولا هذه الصورة فانه لا شك محتاج لمن خصه بهذا الشكل وهذه الصورة عن غيرها من الاشكال والصور ومن كذلك فهو مخلوق
ولا حول ولا قوة الا بالله
الحمد لله الذي جعل العربية افضل اللغات وجعلها لغة اهل الجنة ولغة القرءان ولغة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز تفسير القرءان بغير لغة العرب فأقول
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ما نصه: "تعالى الله عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات" اهـ.
فأهل السنة والجماعة -سلفا وخلفا- نزّهوا الله عن الأعضاء والجوارح والأعداد فلم يقل قائل منهم إن "اليد" في حق الله "عضو" ولا قالوا "جارحة" ولا قاسوها بعدد.
قال الإمام الجوزي عقب الحديث: ولما كان القلب بين إصبعين ذليلا مقهورا دلَّ بهذا على أن القلوب مقهورة لمقلِّبها
وقال البيهقي عقب ذكره الحديث: فقد قرأت بخط أبي حاتم أحمد بن محمد الخطيب في تأويل هذا الخبر قيل: معناه تحت قدرته وملكه وفائدة تخصيصها بالذكر أن الله تعالى جعل القلوب محلا للخواطر والإيرادات والعزوم والنيات وهي مقدمات الأفعال ثم جعل سائر الجوارح تابعة لها في الحركات والسكنات ودل بذلك على أن أفعالنا مقدورة لله تعالى مخلوقة لا يقع شىء دون ارادة الله
فالعلماء اثبتوا ان الله تعالى يستحيل عليه ان يكون له اعضاء بل السلف قالوا هذا ومنهم الامام الطحاوي رضي الله عنه فقال في عقيدته
تعالى الله عن الغايات والاركان والاعضاء .... فالسلف ينزهون الله عن الاعضاء ولكن الوهابية مدعي السلفية يثبتون لله الاعضاء

اللغة العربية فيها المجاز وهذا ما سأبينه
ففي لسان العرب ما نصه: "ابن الأَعرابي: اليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ القُوَّةُ، واليَدُ القُدْرة، واليَدُ المِلْكُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ" اهـ.
وفيه: "واليَدُ النَّدَمُ، ومنه يقال: سُقِط في يده إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي: نَدِمَ. وفي التنزيل العزيز: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف] أَي: نَدِمُوا، واليَدُ الغِياثُ، واليَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، واليَدُ الاسْتِسلامُ، واليدُ الكَفالةُ في الرَّهْن؛ ويقال للمعاتِب: هذه يدي لكَ" اهـ.
وفيه: "وفي الحديث: "أَنه -صلى الله عليه وسلم- قال في مناجاته ربه وهذه يدي لك". أَي: اسْتَسْلَمَتُ إِليك وانْقَدْت لك، كما يقال في خلافِه: نزَعَ يدَه من الطاعة. ومنه حديث عثمان -رضي الله تعالى عنه-: "هذه يَدي لعَمَّار". أَي: أَنا مُسْتَسْلِمٌ له مُنْقادٌ فليَحْتَكِمْ عليَّ بماشاء" اهـ.
وفيه: "ويقال: اليَدُ لفلان على فلان أَي: الأَمْرُ النافِذُ والقَهْرُ والغَلَبةُ، كما تقول: الرِّيحُ لفلان.
وقوله عز وجل: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة]. قيل: معناه عن ذُلٍّ وعن اعْتِرافٍ للمسلمين بأَن أَيْدِيَهم فوق أَيْدِيهم، وقيل: عن يَدٍ أَي: عن إِنْعام عليهم بذلك لأَنَّ قَبول الجِزْية وتَرْكَ أَنْفُسهم عليهم نِعمةٌ عليهم ويَدٌ من المعروف جَزِيلة، وقيل: عن يَدٍ أَي: عن قَهْرٍ وذُلٍّ واسْتِسْلام، كما تقول: اليَدُ فيهذا لفلان أَي: الأَمرُ النافِذُ لفُلان" اهـ.
وفيه: "وفي حديث الهجرة: "فأَخَذَ بهم يَدَ البحرط. أَي: طريق الساحل" اهـ.
وفي الحديث: "المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دماؤُهم ويَسْعَى بذِمَّتهم أَدْناهم وهم يَدٌ على مَن سِواهم" أَي: كَلِمَتُهم واحدة، فبعضُهم يُقوّي بَعْضًا، والجمع أَيْدٍ، قال أَبو عبيد: معنى قوله: يَدٌ على مَن سواهمأَي: هم مجتمعون على أَعدائِهم وأَمرُهم واحد، لا يَسَعُهم التَّخاذُل بليُعاوِنُ بعضُهم بعضًا، وكَلِمَتُهم ونُصْرَتُهم واحدةٌ على جميع المِلَلِ والأَدْيانِ المُحاربةِ لهم، يتَعاوَنون على جميعهم ولا يَخْذُل بعضُهم بعضًا، كأَنه جعل أَيْدِيَهم يَدًا واحدةً وفِعْلَهم فِعْلاً واحدا.
.وقوله تعالى: {بَل يَداهُ مَبسوطَتانِ} [المائدة].قالوا: نعمته وقدرته.
ففي لسان العرب: "يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَوادا" اهـ.
وفيه: "واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تقول: لي عليه يَدٌ أَي: قُدْرة" اهـ.
*وقوله تعالى: {لِمَا خَلَقتُ بِيَديَّ} [ص].قالوا: نعمته وإحسانه.
وفي لسان العرب ما نصه: "والعرب تقول: ما لي به يَدٌ أَي: ما لي به قُوَّة، وما لي به يَدانِ، وما لهم بذلك أَيْدٍ أَي: قُوَّةٌ، ولهم أَيْدٍ وأَبْصار وهم أُولُو الأَيْدي والأَبْصار" اهـ.
وفيه: "يقال: فلان طَوِيلُ اليَدِ وطويلُ الباعِ إِذا كان سَمْحاً جَوادا" اهـ.
*وقوله تعالى: {وَالسَماء بَنَيناها بِأَيْدٍ} [الذاريات].قالوا: أي بقوة.
وفي التنزيل العزيز: {أُولِي الأيْدِي وَالأَبْصَارِ} [ص] قيل: معناه أُولي القُوَّة والعقول.
*وقوله تعالى: {خَلَقنا لَهُم مِمَّا عَمِلَت أَيدينا أَنعامًا} [يس]
قالوا: أي مما عملنا نحن أي مما أبدعناه وعملناه من غير واسطة ولا وكالة ولا شركة، كما في [الجامع لأحكام القرءان للقرطبي].
وفي حديث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: "قد أَخْرَجْتُ عِبادًا لِي لا يَدانِ لأَحَدٍ بِقِتالِهمْ". أَي: لا قُدْرَةَ ولا طاقَة.
ولو ان شخص اخذ بظاهر هذه الاية وغيرها { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } (171) سورة النساء
ومعنى روح منه اي انها اي روح المسيح عليه السلام صادرة خلقا وتكوينا من الله وليس المعنى ان لله روح وعيسى عليه السلام جزء من الله
لكان حصل منه ما حصل من النصارى
هذا رد باختصار سريع
وحاصل الامر ان من اعتقد ان لله يد بمعنى العضو يعني الجارحة او قبضة بمعنى العضو يعني الجارحة او غير ذلك مما ورد بالحديث او الايات فاعتقد انها عضو فهذا مشبه ولو زعم وقال انا لست مشبه ولو قال انا انفي ان اقول هي كاعضائنا لانه بمجرد وصف الله بالعضو صار تشبيه
وهذا القول اي نسبة العضو لله في نسبة الجزء من الكل وفيه نسبة التجسيم لله تعالى
ومعتقد هذا الكلام كافر بربه عليه الرجوع للاسلام بالنطق بالشهادتين
بقول لا اله الا الله محمد رسول الله

الدليل الكافي في الرد على الوهابي ( 1 ) زيارة النساء للقبور

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الاول الاخر الظاهر الباطن لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله شفيع المذنبين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين .
وبعد :
اهل الحق يقولون: يجوز للنساء زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور المسلمين
الدليل: السيدة عائشة رضي الله عنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا تقول إذا زارت القبر ، قال:" قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين" . رواه مسلم
قال العثيمين: زيارة القبور للنساء محرمة من كبائر الذنوب ولو كان قبر النبي
أنظر الكتاب المسمى: "فتاوى مهمة" ، ص/149_150، طبعة الرياض
ان من عقيدة المؤمنين ان الرسول صلى الله عليه وسلم صادق وكذلك من ضمن الصدق ان لا يكون في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم اي تناقض فلا يكون هنالك حديث يناقض حديث كذلك ولا اية تناقض اية
فأقول وبالله التوفيق
روى الحاكم في المستدرك فقال حدثناه أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه إملاء ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن عبد الله بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال ثم لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور وهذه الأحاديث المروية في النهي عن زيارة القبور منسوخة والناسخ لها حديث علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قد كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فقد أذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في زيارة قبر أمه وهذا الحديث مخرج في الكتابين الصحيحين للشيخين رضي الله عنهما
وقد قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري
فائدة مما يدل للجواز بالنسبة إلى النساء ما رواه مسلم عن عائشة قالت كيف أقول يا رسول الله تعني إذا زرت القبور قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين وللحاكم من حديث علي بن الحسين عن علي أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده قوله والسنة أن يقول الزائر السلام عليكم دار قوم مؤمنين. انتهى بحروفه
بالنسبة لحديث لا تشد الرحال الا الى ثلاث مساجد فإن هذا الحديث هو اكبر حجة للمخالفين في هذا الباب والجواب عليه
ان أفهم الناس بدين الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى من يفسر كلام رسول الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يعني افضل شيء ان نفسر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام رسول الله )
واشرح لك الحديث قبل الرد
الله تعالى جعل في هذه المساجد مزية خاصة ليست في غيرها من المساجد وهي مضاعفة الاجر فلو اراد شخص مثلا بالاردن ان يصلي بمسجد بسوريا فما هذه المزية التي في هذا المسجد الذي بسوريا التي جعلته افضل من المسجد في الاردن؟
لا يوجد مزية هذا مسجد وهذا مسجد فاذن اذا شخص اراد شد الرحال , السفر يعني الى مسجد يصلي فيه فينبغي ان تكون لهذه المساجد الثلاثة لانه لا مزية لغيرها عليها كم الحديث اي في امر الصلاة
وكما قلنا افضل شيء واولى شيء ان نفس حديث رسول الله بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد قال عليه الصلاة والسلام
لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا
اذن التخصيص هو ذكر المساجد وليس على وجه الاطلاق
فلو كان على وجه الاطلاق لكان ينبغي للمطي ان لا تشد للتجارة ولا لطلب العلم ولا لزيارة الرحم ولا للتنزه وغيرها
فالحديث مخصوص بشد الرحل الى مسجد يبتغى الصلاة فيه غير هذه المساجد الثلاثة
أما المقابر والقبور فلا مناسبة بينها وبين هذا الحديث
قال الحافظ أبو زرعة العراقي : لو نذر إتيان مسجد المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لزمه ذلك لأنه من جملة المقاصد التي يؤتى لها ذلك المحل .
وذكر الحافظ السيوطي في مناهل الصفا أن حديث : (( من زار قبري وجبت له شفاعتي )) قال الذهبي فيه : إنه يتقوى بتعدد الطرق . وهذا الحديث صححه الحافظ السبكي .
صحح الحافظ أبو عبد الله ابن البيع الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي حديث : (( ليهبطن عيسى ابن مريم حكما عدلاً وإماما مقسطا وليسلكن فجاً حاجاً أو معتمراً أو بنيتهما , وليأتين قبري حتى يسلم عليّ ولأردن عليه )) . وهذا دليل على استحباب قصد قبر النبي للزيارة سواء للمقيم أو للمسافر

الحافظ ابن حجر يجيز التوسل بالنبي.

قال الحافظ ابن حجر في قصائده المسماة النيرات السبع :

يا سيد الرسل الذي منهاجه حاو كمال الفضل والتهذيب


الى أن قال:

فاشفع لمادحك الذي بك يتقي أهوال يوم الدين والتعذيب

فلأحمد بن علي الأثري في مأهول مدحك نظم كل غريب

قد صح أن ضناه زاد وذنبه أصل السقام وانت خير طبيب

ثم قال في قصيدة أخرى :

يا سيدي يا رسول الله قد شرُفت قصائدي بمديح فيك قد رصفا

الى أن قال :

بباب جودك عبد مذنب كلف يا أحسن الناس وجها مشرقا ووقفا

بكم توسل يرجو العفو عن زلل من خوفه جفنه الهامي لقد ذرفا

وإن يكن نسبة بعزى الى حجر فطالما فاض عذبا طيبا وصفا

ثم قال في قصيدة أخرى :

اصدح بمدح المصطفى واصدع به قلب الحسود ولا تخف تفنيدا

واقصد له واسأل به تعط المنى وتعيش مهما عشت فيه سعيدا

خير الأنام ومن لجا لجنابه لا بدع أن أضحى به مسعودا

ثم قال في قصيدة أخرى:

فما تبلغ الأشعار فيه ومدحه به ناطق نص الكتاب وناقل

الى أن قال:

ولي إن توسلت الهناء بمدحه لأني مستجد هناك وسائل

ثم قال في قصيدة أخرى:

فإن أحزن فمدحك لي سروري وإن أقنط فحمدك لي رجائي

ثم قال في قصيدة أخرى:

نبي براه الله أشرف خلقه وأسماه إذا سماه في الذكر أحمدا

فرج نداه إنه الغيث في الندى وخف من سطاه إنه الليث في العدا

ثم قال في قصيدة أخرى:

وإن قنطت من العصيان نفس فباب محمد باب الرجاء

وذكر الحافظ السخاوي(وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام (2/777)

) أن الشمس محمد بن علي القوصي الشافعي أرسل معه رسالة ليقرأها السخاوي لسيد المرسلين لكن لم يتوفق للسخاوي تبليغها إلا بعد موته جاء فيها:

عسى تبلغ الآمال منه بنظرة إلي فإن يفعل بفوز ألاقه

وهكذا يتبين لكل منصف ان التوسل جائز وان الوهابية فرقة شذت عن المسلمين وحرمت التوسل. التوسل جائز رغما عن انوف الوهابية.

توسل سيدنا عمر بالعباس

 فإن قيل : أليس في توسل عمر بالعباس (صحيح البخاري ، كتاب فضائل الصحابة: باب ذكر العباس بن عبد المطلب.) بعد موت النبي ما يدل على أنه لا يتوسل بالنبي بعد موته.

فالجواب : أن توسل عمر بالعباس بعد موت النبي ليس لأن الرسول قد مات بل كان لأجل رعاية حق قرابته 
من النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل قول العباس حين قدمه عمر: اللهم إن القوم توجهوا بي إليك لمكاني من نبيك"، روى هذا الأثر الزبير بن بكار.

وروى الحاكم (1) أيضا أن عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال:" أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم"، وهذا يوضح سبب توسل عمر بالعباس.

وأيضا فإت ترك الشىء لا يدل على منعه كما هو مقرر في كتب الأصول، فترك للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل إلا بالحي الحاضر، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها؟

وقد أراد سيدنا عمر بفعله ذلك أن يبين جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته، ولذا قال الحافظ في الفتح(فتح الباري (2/497)) عقب هذه القصة ما نصه:" يستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة"ا.هـ.

جواب عن احتجاج الوهابية بحديث لمنع التوسل

فإن قيل: أليس في حديث ابن عباس الذي رواه لترمذي (جامع الترمذي: كتاب صفة القيامة والرقائق والورع : باب (59) . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح) " إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" ما يدل على عدم جواز التوسل بغير الله؟

فالجواب: أن هذا ليس فيه معارضة ما ذكرنا إذ إن المتوسل يسأل الله ، والحديث ليس معناه لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، إنما معناه أن الأولى بأن يسأل ويستعان به هو الله تعالى، نظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:" لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي" رواه ابن حبان (صحيح ابن حبان : كتاب البر والاحسان : باب الصحبة والمجالسة ، راجع الإحسان (1/383-385)

) ، فكما لا يفهم من هذا الحديث عدم جواز صحبة غير المؤمن وعدم جواز إطعام غير التقي وإنما يفهم منه أن الأولى بالصحبة المؤمن وبالإطعام التقي ، كذلك حديث ابن عباس لا يفهم منه إلا الأولوية ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، أليس هناك فرق بين أن يقال: لا تسأل غير الله وبين أن يقال: إذا سألت فاسأل الله؟

1-مستدرك الحاكم، كتاب معرفة الصحابة(3/334) من حديث داود بن عطاء المدني عن زيد بن أسلم عن ابن عمر. قال الذهبي في التلخيص : هو في جزء البانياسي بعلو، وصح نحوه من حديث أنس، فأما داود فمتروك. قلت : تابعه عليه هشام بن سعد أخرجه البلاذري من طريقه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر، انظر الفتح(2/497)

الحنفية يجيزون التوسل

 قال نور الدين ملا علي القاري في شرح المشكاة ما نصه: قال شيخ مشايخنا علامة العلماء المتبحرين شمس الدين بن الجزري في مقدمة شرحه للمصابيح : إني زرت قبره بنيسابور (يعني مسلم بن الحجاج القشيري) وقرأت بعض صحيح علي سبيل التيمن و التبرك عند قبره ورأيت ءاثار البركة ورجاء الإجابة في تربته.ا.هـ.

فإن قيل: أليس في حديث :" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث" دلالة على أن الميت لا ينفع غيره.

فالجواب: أنه ليس في الحديث الذي رواه ابن حبان (صحيح ابن حبان ، فصل في الموت وما يتعلق به من راحة المؤمن وبشراه وروحه وعمله مالثناء عليه ، انظر الإحسان (5/9)) :" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" دلالة على أن الميت لا ينفع غيره، إذ إن الحديث نفى استمرار العمل التكليفي الذي يتجدد به للميت ثواب، أما أن ينفع غيره فغير ممنوع بدليل أن سيدنا موسى صلى الله عليه وسلم قال لمحمد عليه الصلاة والسلام في حديث المعراج :" ارجع فسل ربك التخفيف" (صحيح مسلم: كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات.)، وهذا نفع كبير لأمة محمد كان بعد موت موسى بسنين عديدة.

الشافعية يجيزون التوسل

وفي فتاوى شمس الدين الرملي (فتاوى الرملي بهامش الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي(4/382).) ما نصه :" سئل عما يقع من العامة من قولهم عند الشدائد: يا شيخ فلان، يا رسول الله ، ونحو ذلك من الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين فهل ذلك جائز أم لا؟ وهل للرسل والأنبياء والأولياء والصالحين والمشايخ إغاثة بعد موتهم ؟ وماذا يرجح ذلك؟

فأجاب: بأن الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين جائزة ، وللرسل والأنبياء والأولياء والصالحين إغاثة بعد موتهم، لأن معجزة الأنبياء وكرامات الأولياء لا تنقطع بموتهم، أما الأنبياء فلأنهم أحياء في قبورهم يصلون ويحجون كما وردت به الأخبار وتكون الإغاثة منهم معجزة لهم، وأما الأولياء فهي كرامة لهم فإن أهل الحق على أنه يقع من الأولياء بقصد وبغير قصد أمور خارقة للعادة يجريها الله تعالى بسببهم"ا.هـ. أما قوله:" ويحجون" فإنه لم يثبت في السنة .

جواز التوسل بالاعمال الصالحة يثبت جواز التوسل بالذوات الفاضلة

ومما يدل على جواز التوسل أيضا ما رواه البخاري (صحيح البخاري: كتاب البيوع: باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي.) ومسلم (صحيح مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب قصة أصحاب الغار الثلاثة ، والتوسل بصالح الأعمال.
) عن أبي عبد الرحمن عبد ال
له بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى أواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدّت عليهم الغار فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم ، قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما (الغبوق: الطعام الذي يكون في النصف الأخير من النهار كالذي يؤكل العصر) فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالا ، فلبثت والقدح على يديّ أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه"، الحديث. فإذا كان التوسل بالعمل الصالح جائزا فكيف لا يصح بالذوات الفاضلة كذوات الأنبياء ، فهذا يكفي دليلا لو لم يكن دليل سواه للتوسل بالأنبياء والأولياء.

المناوي يرد على ابن تيمية لانكاره التوسل

ذكر المناوي (فيض القدير (2/134)) في حديث:" اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة " ما نصه: " قال ابن عبد السلام : ينبغي كونه مقصورا على النبي صلى الله عليه وسلم وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون مما خص به، قال السبكي: يحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه ، ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة .اهـ.

حديث ثابت صحيح في جواز التوسل

 وأخرج الطبراني في معجميه الكبير (المعجم الكبير (9/17- 18)) والصغير (المعجم الصغير (ص/201- 202) عن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك فقال : ائت الميضأة فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم قل :" اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي عز وجل لتقضى لي حاجتي " وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال عثمان له ثم أتى عثمان بن عفان ، فجاء البواب فأخذه بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه على الطنفسة فقال: ما حاجتك ، فذكر له حاجته فقضاها له ، ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال له: ما كان لك حاجة فأتنا ، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت حتى كلّمته فيّ ، فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلّمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم :" أو تصبر" فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي، فقال له النبي :" ائت الميضئة فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات "، قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط. قال الطبراني: والحديث صحيح.

ففيه دليل على أن الأعمى توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في غير حضرته ، بل ذهب إلى الميضأة فتوضأ وصلى ودعا باللفظ الذي علمه رسول الله ، ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم والنبي لم يفارق مجلسه لقول راوي الحديث عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط (المعجم الكبير للطبراني (9/17- 18)، والمعجم الصغير له أيضا، ( ص/201- 202). قال الطبراني : والحديث صحيح.

).فإن قيل: إن الطبراني لم يصحح بقوله:" والحديث صحيح" إلا الأصل وهو ما حصل بين النبي والأعمى ويسمى مرفوعا ، وأما ما حصل بين عثمان بن حنيف وذلك الرجل فلا يسمى حديثا لأنه حصل بعد النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يسمى موقوفا.

فالجواب: أن علماء الحديث يطلقون الحديث على المرفوع والموقوف، وقد نص على ذلك غير واحد منهم كابن حجر العسقلاني (تدريب الراوي (1/42).) وابن الصلاح (مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث (ص/23))، وفي كتاب فتاوى الرملي (فتاوى الرملي بهامش الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي (4/ 371)) ما نصه :" سئل عن تعريف الأثر فأجاب : إن تعريف الأثر عند المحدثين هو الحديث سواء أكان مرفوعا أو موقوفا وإن قصره بعض الفقهاء على الموقوف"ا.هـ. فدعوى الألباني وبعض تلامذته وحملهم قول الطبراني :" والحديث صحيح" على ما حصل للأعمى مع رسول الله دون ما حصل للرجل مع عثمان بن حنيف دعوى باطلة مخالفة لقواعد الاصطلاح.

الامام احمد يجيز التوسل

 وأخرج أحمد في المسند (مسند أحمد ( 3/ 481- 452) بإسناد حسن كما قال الحافظ ابن حجر (فتح الباري (8/579) أن الحرث بن حسان البكري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:" أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد". ولفظ الحديث كما في مسند أحمد: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب قال حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي قال ثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحرث بن يزيد البكري (الحارث بن حسان البكري ويسمى الحارث بن يزيد البكري كما في الإصابة للحافظ ابن حجر العسقلاني) قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فهل أنت مبلغي إليه ، قال: فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق وبلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما شأن الناس، قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها، قال: فجلست، قال: فدخل منزله أو قال: رحله، فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت فسلمت ، فقال: هل كان بينكم وبين بني تميم شىء، قال: فقلت نعم، قال: وكانت لنا الدبرة عليهم، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب ، فأذن لها فدخلت، فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزا فاجعل الدهناء، فحميت العجوز واستوفزت قالت: يا رسول الله فإلى أين تضطر مضرك؟ قال: قلت إنما مثلي ما قال الأول: معزاء حملت حتفها، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد، قال: هيه وما وافد عاد؟ - وهو أعلم بالحديث منه ولكن يستطعمه - قلت: إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له قيل، فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامة فنادى: اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود فنودي منها اختر، فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها: خذها رمادا رمددا لا تبقي من عاد أحدا، قال: فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح إلا قدر ما يجري في خاتمي هذا حتى هلكوا ، قال أبو وائل : وصدق، قال: فكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد. ا.هـ.

فماذا يقول هؤلاء الجاعلون التوسل بالنبي شركا في إيراد أحمد بن حنبل لهذا الحديث أيجعلونه مقررا للشرك أم ماذا يقولون؟



وذكر المرداوي الحنبلي أيضا في كتاب الإنصاف (الإنصاف (2/456).) تحت عنوان فوائد ما نصه:" ومنها( أي ومن الفوائد) يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب وقيل يستحب" اهـ. فماذا يقول هؤلاء عن المذهب الحنبلي الذي قرر أن التوسل بالنبي بعد موته سنة على رأي ، وجائز فقط على رأي فهل يكفرون الحنابلة؟ وما معنى اعتزاز هؤلاء بأحمد مع أن أحمد في واد وهم في واد ءاخر؟ وقد قال الإمام أحمد للمروالروذي (الإنصاف (2/456).
):" يتوسل- أي الداعي عند القحط وقلة المطر أو انقطاعه - بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه" اهـ.

وفي كتاب إتحاف السادة المتقين (إتحاف السادة المتقين (10/130)) بشرح إحياء علوم الدين ما نصه:" وكان صفوان بن سليم المدني أبو عبد الله ، وقيل أبو الحارث القرشي الزهري الفقيه العابد وأبوه سليم مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال أحمد: هو يستسقى بحديثه وينزل القطر من السماء بذكره ، وقال مرة: هو ثقة من خيار عباد الله الصالحين ، قال الواقدي وغيره مات سنة واثنتين وثلاثين عن اثنتين وسبعين سنة ا.هـ. أي أنه توفي قبل أن يولد الإمام أحمد. فهذا احمد لم يقل يستسقى بدعائه كما يقول ابن تيمية إن التوسل بدعاء الشخص لا بذاته ولا بذكره ، بل جعل أحمد سببا لنزول المطر ، فمن أين تحريم ابن تيمية للتوسل بالذوات الفاضلة؟

المالكية يجيزون التوسل

قال ابن الحاج المالكي المعروف بإنكاره للبدع في كتابه المدخل (المدخل (1/259-260) ما نصه : فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، إذ إنها أعظم من الجميع ، فليستبشر من زاره ويلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام من لم يزره ، اللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك ءامين يا رب العالمين.

ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم ، ألم يسمع قول الله عز وجل:{ ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جآءوك فآستغفروا الله وآستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (64)}[ سورة النساء ]. فمن جاءه ووقف ببابه وتوسل به وجد الله توابا رحيما ، لأن الله عز وجل منزه عن خلف الميعاد وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربه، فهذا لا يشك فيه ولا يرتاب إلا جاحد للدين معاند لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، نعوذ بالله من الحرمان . ا.هـ. كلام ابن الحاج.

البخاري يروي حديثا في جواز التوسل



وروى البخاري في كتاب الأدب المفرد (الأدب المفرد (ص/324)) عن عبد الرحمن بن سعد قال:" خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد، فذهب خدر رجله" ا.هـ.

وفي كتاب الحكايات المنثورة للحافظ الضياء المقدسي الحنبلي ، أنه سمع الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي يقول: إنه خرج في عضده شىء يشبه الدمّل فأعيته مداواته ، ثم مسح به قبر أحمد بن حنبل فبرئ ولم يعد إليه ، وهذا الكتاب بخط الحافظ المذكور محفوظ بظاهرية دمشق.

حديث اخر في جواز التوسل

 وقد روى البيهقي في دلائل النبوة (دلائل النبوة (5/489).): عن عمر رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لما اقترف ءادم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي، فقال الله عز وجل : يا ءادم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه ، قال: لأنك يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمدا رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك" الحديث، ورواه الحاكم (مستدرك الحاكم ، كتاب التاريخ (2/615)
) وصححه، ووصفه السبكي بأنه جيد(انظر شفاء السقام ص/163.)، وأخرجه الطبراني في الأوسط (عزاه له الهيثمي في مجمع الزوائد (8/253) وقال: وفيه من لم أعرفهم)الصغير (المعجم الصغير (ص/355)).

كيف ترد على االجاهل عندما يقول لك إذا توسّلت بالنبىّ لماذا تجعل بينك وبين الله واسطة؟

اعلم أن الله سبحانه وتعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها، جعل الأدوية أسبابًا للشفاء، وهو سبحانه خالق الأدوية وخالق الشفاء ، كذلك جعل الله تعالى التوسل بالأنبياء والأولياء سببًا لانتفاع المتوسلين، ولولا أن التوسل سبب من أسباب الانتفاع ما علّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمى التوسل به، فقد روى الطبراني في معجميه الكبير والصغير عن عثمان بن حنيف "أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك، فقال له: ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، ثم رح حتى أروح معك. فانطلق الرجل ففعل ما قال، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه على طِنْفسته، فقال: ما حاجتك؟ فذكر له حاجته، فقضى له حاجته وقال: ما ذكرتُ حاجتك حتى كانت هذه الساعة، ثم خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال: جزاك الله خيرًا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليّ حتى كلمته فيّ، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره، فقال: "إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك"، قال: يا رسول الله إنه شقّ عليّ ذهاب بصري وإنه ليس لي قائد، فقال له: "ائت الميضأة فتوضأ وصلّ ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك..." إلى ءاخر الدعاء. قال عثمان بن حنيف: ففعل الرجل ما قال، فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر كأنه لم يكن به ضرٌّ قطّ". قال الطبراني في معجميه بعد إيراد الحديث بسنده والحديث صحيح.


 فهل ينكر على النبي والعياذ بالله ويقال لم علمت الأعمى ولم تعلمه أن يسأل الله تعالى ويستغيث بالله من غير واسطة؟؟؟
.



ثم ألم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسال الله بحق السائلين جاء ذلك في الحديث أن من قال إذا خرج إلى المسجد: "اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك" وهذا الحديث رواه ابن ماجه في سننه وحسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في نتائج الأفكار والحافظ أبو الحسن المقدسي في الترغيب والترهيب والحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار وغيرهم



علمنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أن نقول "اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا" فهل نقول بحق ممشاي ولا نقول بحق سيدنا محمد او بحق أبي بكر او عمر او عثمان أو علي أو أبي حنيفة أو الشافعي... سبحانك ربي نسألك أن تهدي منكري التوسل وتردهم إلى جادة الصواب. ءامين



وهاك ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر عن أبيه من "أن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد، فيشفع ليقضى بين الخلق



 ومما يستدل به ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين من أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال "لما اعترف ءادم عليه السلام بالخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا ءادم، وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه، قال: يا رب لأنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا ءادم، إنه لأحب الخلق إليّ، إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب. ورواه البيهقي أيضًا في دلائل النبوة.



لماذا لم يقل سيدنا آدم يا رب اغفر لي يا رب أغثني ؟ لماذا قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي؟ ولماذا لا يستغيث الناس يوم القيامة مباشرة بالله من دون واسطة؟فماذا يقزل منكرو التوسل ؟



 وقد ثبت أيضًا أن ابن عباس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إنّ لله ملائكة سوى الحفظة سياحين يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة في فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوا" رواه الحافظ ابن حجر في الأمالي وحسنه.



هل نقول للنبي صلى الله عليه وسلم، كيف نستغيث بعباد الله (الملائكة) لماذا لا نقول يا رب أعني، ؟ الحمد لله على نعمة العقل والفهم الصحيح

جواز قول "يا محمد" وأنه من فعل الصحابة

اعلم أن مما هو مشهور عند أهل الحق جوازالنداء بلفظ ( يا محمد ) ، ولو شذ رَعاع من الناس فاعتبروا ذلك شركًا إنما يكونون بذلك قد خالفوا الصواب والحقيقة وحالفوا الشر والرذيلة ؛ إذ لا دليل حقيقي على منع ذلك مطلقاً بل إن المستفيض من الآثار والأخبار يدل على جواز النداء بما قدمنا حتى ولو كان بعد وفاته عليه الصلاة والسلام ؛ إذ إن هذه العبارة فيها توسل به ولا شك أنه عليه الصلاة والسلام حي في قبره وعليه فإن قيل إن النداء بهذه الصيغة لا يكون إلا للحي الحاضر فيما يقدر عليه وما عدا ذلك فهو ضلال لأنه عبادة غير الله .

قلنا : لو كان السبب أنه تحصل العبادة بمجرد النداء فعلى مقتضى ذلك ينبغي أن يكون دعاء الحي الحاضر عبادة كذلك لاشتراكهما في معنى النداء ، وإلا فلم التخصيص بالحي الحاضر فيما يقدر عليه وهذا لم يقل به أحد من أئمة الإسلام المعتبرين ، بل يكون هذا التفصيل على هذا النحو تحكمًا ظاهرًا وقولاً بلا دليل ولا عبرة بكلام قام الدليل على خلافه كما سيظهر لك من التالي :



1 – فقد روى البخاري في الأدب المفرد ما نصه : " حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي اسحق عن عبد الرحمن بن سعد قال : " خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد " ا.هـ . وقد ذكر البخاري هذا الحديث تحت عنوان : باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله ".

وعليه نقول : هل يقول عاقل إن ابن عمر كافر لأنه نادى بلفظ يا محمد في غير حضرةالرسول محمد أم بماذا يحكم مانع النداء بلفظ يا محمد على الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما . وقد روى هذا الحديث ابن السني في كتابه عمل اليوم والليلة واستحسنه ابن تيمية نفسه فرواه في كتابه المسمى الكلم الطيب وأثبته بلفظ " يا محمد " .

وعليه فليكن معلوماً يا أخي المسلم أن هذا الأثر عن ابن عمر ليس غريباً ولا منكراً بل وليس شذوذاً تفرد به ابن عمر ، بل هو شئ فعله كثير من الصحابة الكرام الأجلاء ؛ فمن الصحابة من ثبت انه نادى بلفظ " يا محمد " . فقد روى الحافظ أبو نعيم في الحلية وابن الجوزي في صفوة الصفوة ومحمد المرتضى الزبيدي في كتابه اتحاف السادة المتقين أن خبيب بن عدي الأنصاري رضي الله عنه لما قُدّم للقتل بعدما أنشد هذين البيتين من الشعر :

فلست أبالي حين أقتل مسلما ًعلى أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو مُمَزَّع

قال : يا محمد ، ثم ضربوه فقتلوه .

وخبيب هذا هو من الصحابةالأنصار الذين ناصروا رسول الله وأحد الذين شهدوا بدراً الكبرى ، ومعلوم ما للبدريين من شأن عظيم وفضل كبير ، فلقد وردت البشارة لمن شهد بدراً بالجنة ، فما ظنك بإنسان هذا حاله يقول قبل وفاته بلحظات : يا محمد فتكون من أواخر كلماته التي خرج عليها من الدنيا .

إن طالب الحق يجد بغيته بعد ثبوت الآثار الصحيحة عن رسول الله وعن صحابته الأبرار ، أليسوا قد عاصروه واقتبسوا من هديه وتعاليمه عليه الصلاة والسلام ؟ أليسوا هم أفقه وأعلم بالشريعة من رعاع اليوم ؟ بلى.

أفيترك فعل صحابي لكلام ناعق لا يكاد يفقه القول ؟ سبحانك ربي لك الأمر وإليك المصير .



 وإليك يا أخي المسلم زيادة على ما مر من الدليل ما رواه ابن الأثير في الكامل وابن كثير في البداية والنهاية أن سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه كان شعار كتيبته يوم اليمامة حرب مسيلمة الكذاب أنهم ينادون قائلين : يا محمداه ، وهذا نداء وافق عليه كثير من الصحابة وفيهم خيار ؛ فخالد نادى بذلك ونادى بندائه الجيش فهل يكون هذا إلا إقرارًا من هذا الجيش الكريم على تصويب ما أمر به خالد رضي الله عنه وقد كان في الجيش من الحفاظ والعلماء والبدريين وعِليَة الصحابة وطليعة القوم الذين سبق لهم ما سبق من الفضل الكبير.

وإليك مع ذلك دليلاً ءاخر يؤكد صحة ما نثبته في هذا الموضوع ؛ فقد روى سيف عن بشر بن الفضيل عن جبير بن صخر بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من مُزَينة عام الرمادة سأله أهله أن يذبح لهم شاة فقال ؛ ليس فيهن شئ فألحوا عليه فذبح شاة فإذا عظامها حُمر ، فقال : يا محمداه .

فلما أمس أُري في المنام أن رسول الله يقول له : " أبشر بالحياة ، ائت عمر فأقرئه مني السلام وقل له إن عهدي بك وفي العهد شديد العقد ، فالكيس الكيس يا عمر " . فجاء حتى أتى باب عمر فقال لغلامه : استأذن لرسول رسول الله فأتى عمر فأخبره ففزع ثم صعد عمر المنبر فقال للناس : " أنشدكم الله الذي هداكم للإسلام هل رأيتم مني شياً تكرهونه فقالوا : اللهم لا, وعمَّ ذاك فأخبرهم بقول المزني وهو بلال بن الحارث ، ففطنوا ولم يفطن فقالوا : إنما استبطأك في الاستسقاء فاستسق بنا فنادى في الناس فخطب فأوجز ثم صلى ركعتين فأوجز ثم قال : اللهم عجزت عنا أنصارنا وعجز عنا حولنا وقوتنا وعجزت عنا أنفسنا ولا حول ولا قوة إلا بك ، اللهم اسقنا وأحي العباد والبلاد " .

ومحل الشاهد في هذا الحديث قول بلال بن الحارث ابتداء يا محمداه فلم ينكر عليه فدل ذلك على جوازه ولو كان هذا الرجل وقع في محظور لما سكت عليه عمر بن الخطاب وهو المعروف بجرأته في مواطنالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



ثم إنه مما يظهر أيضًا جواز ذلك أن الإنسان قد يبتلى في دنياه أحياناً بفاقة شديدة من بلاء يشق عليه, فيقصد زعيمًا أو ملكًا ويقول : " يا ملكنا أغثني , يا فلان أدركني ولا ينكر عليه , فإن قيل : هذا في الحي الحاضر فنقول : " إن كان هذا جائزًا في الحي الحاضر فجوازه في نداء النبي محمد أولى إذ إنه عليه الصلاة والسلام حي في قبره كما دلت على ذلك الأخبار والنصوص الكثيرة من نحو قوله عليه الصلاة والسلام : " الأنبياء أحياء في

قبورهم يصلون " . وهذا الحديث صححه البيهقي في جزء حياة الأنبياء وأورده الحافظ ابن حجر على أنه ثابت في فتح الباري وذلك لما التزمه الحافظ ابن حجر أن ما يذكره من الأحاديث شرحًا أو تتمة لحديث في متن البخاري فهو صحيح أو حسن كما ذكر ذلك في مقدمة الفتح .

وفي حديث ءاخر : " فإن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " . رواه البيهقي والحاكم .وهناك أحاديث كثيرة أخرى تشهد بصحة ما نقول ثم إنه قد قام الدليل أيضًا على صحة سماع الميت المسلم وذلك من حديث " ما من رجل مسلم يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام " صححه الحافظ عبد الحق الإشبيلي كما ورد في الإتحاف للزبيدي ،

وكذلك قام الدليل أيضًا على صحة سماع الغائب النداء من بعيد ، فعن ابن عباس قال : " قام إبراهيم عليه السلام على الحجر فقال : يا أيها الناس كتب عليكم الحج ، فأسمع من في أصلاب الآباء وأرحام النساء فأجابه من آمن ومن كان سبق في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك " . صححه ابن حجر في فتح الباري . والعجب أن نفاة التوسل لا يرون صحة ذلك بل وينكرونه وقد صححه من له أهلية التصحيح كالحافظ ابن حجر كما رأيتَ .

فإذا كان الأمر على نحو ما ذكر نقول : لا مانع أن يُسمع اللهُ نبيه نداء من شاء وأن يحصل لهذا المرء نفع وخير بإذن الله وهذا مايثبته العقل والشرع فالزمه واترك من خالف وشذ وخرج من جادَّة الصواب ، وكن على حذر مما يلقيه إليك أصحاب السوء وأهل الأهواء من شبه وتمويهات زائفة مما يتلقفونه من أشياخهم ومقدميهم ، واعلم أن كل شرط خالف كتاب الله وسنة رسول الله باطل وإن كان ألف شرط

فتنبه أخي المسلم وكن حريصًا على ما ينفعك فالحق أحق أن يتبع .

معنى بجاه محمد أي بكرامة محمد عندك، بمكانة محمد عندك، بفضل محمد عندك.

في كتاب البداية والنهاية لابن كثير في المجلد الذي فيه الجزء السابع والثامن ص 104-105 يذكر فيه عن بلال ابن الحارث المزني الصحابي الذي قصد قبر النبي وطلب منه ما لم تجري به العادة وتوسل به، وفيه يقول: "إن أهله طلبوا منه أن يذبح لهم شاة فقال ليس فيهِنَّ شيء فألحوا عليه فذبح الشاة فإذا عظمها حُمُرٌ فقال: "يا محمداه"، ما كفر ولا كفره أحد من الصحابة.

*التوسل :- هو طلب حصول منفعة او اندفاع مضرة من الله بذكر اسم نبي او ولي اكراما للمتوسل به.

*التوسل :- نوع من انواع التبرك

*التبرك :- معناه طلب زيادة الخير


* قال تعالى " وابتغوا اليه الوسيلة " ( سورة المائدة ) أي كل شيء يقربكم اليه اطلبوه يعني هذه الاسباب .

قال الله تعالى في سورة القصص {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أحوال يوم القيامة "إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضى بين الخلق" رواه البخاري في كتاب الزكاة.



 اما ما ورد في حديث (اذا سالت فاسال الله و اذا استعنت فاستعن بالله) فهذا الحديث ليس فيه الدلالة على تحريم التوسل بل يحمل على ان الاولى بان يسال ويستعان به الله تعالى ويجوز الاستعانه بغير الله كرسولنا محمد عليه السلام مع اعتقادنا الجازم ان النفع والضر هو من الله سبحانه وتعالى وحمل الحديث على ذلك كقول الرسول بما روي (لا تصاحب الا مؤمنا و لا يأكل طعامك الا تقي ) فهذا الحديث ليس معناه عدم صحبة غير المؤمن واطعام الطعام فقط للتقي بل الاولى في الصحبه المؤمن والاطعام للتقي

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم" رواه البزار.



 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون".اهـ أورده الحافظ ابن حجر على أنه ثابت في الفتح وذلك لما التزمه أن ما يذكره من الأحاديث شرحا أو تتمة لحديث في متن البخاري فهو صحيح أو حسن ذكر ذلك في مقدمة الفتح.

حافظ الشام ابن عساكر ينقل عن مشايخه جواز التوسل

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر (وفيات الأعيان (6/394)):" حدثني الشيخ الصالح الأصيل أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر الصفار الإسفرايني أن قبر أبي عوانة بإسفرين (بُليدة حصينة من نواحي نيسابور ، معجم البلدان(1/177)) مزار العالم ومتبرك الخلق ".اهـ.

وفي هذ
ا مع ما حصل من بلال بن الحرث من قصد قبر الرسول للتبرك والاستعانة به بيان لما كان عليه السلف والخلف من قصد قبور الأنبياء والصالحين للتبرك، وأنهم كانوا يرون ذلك عملا حسنا، وفي ذلك نقض زعم ابن تيمية و ابن قيم الجوزية أن زيارة القبر للتبرك شرك، وفي ذلك أيضا بيان واضح أن هذا كان عمل المسلمين بلا نكير، إنما التشويش على المتبركين جاء من ابن تيمية وأتباعه، ولو تتبعنا شواهد ذلك من كتب المحدثين وغيرهم لطال الكلام جدا ، وهذا الحافظ ابن عساكر كانت في عصره شيخ المحدثين في بر الشام كله.

روايات عن السلف في جواز التوسل ينقلها الحافظ البغدادي

قال الحافظ البغدادي(تاريخ بغداد (1/122-125)) وهو الذي قيل فيه : إن المؤلفين في كتب الحديث دراية عيال على كتبه ، ما نصه :" أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الأسترباذي ، قال : أنبأنا أحمد بن جعفر حمدان القطيعي قال : سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول : ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحبّ .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري قال: أنبأنا محمد بن الحسين السلمي قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم يقول: سمعت أبا علي الصفار يقول: سمعت إبراهيم الحربي يقول: قبر معروف الترياق المجرّب. أخبرني أبو إسحق إبراهيم بن عمر البرمكي قال: نبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري قال: سمعت أبي يقول: قبر معروف الكرخي مجرّب لقضاء الحوائج، ويقال: إنه من قرأ عنده مائة مرة { قل هو الله أحد (1)} [ سورة الإخلاص/1] وسأل الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته.

حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع يقول : سمعت أبا عبد الله بن المحاملي يقول : أعرف فبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة، ما قصده مهموم إلا فرّج الله همه.

أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري قال: أنبأنا عمر بن إبراهيم المقري قال: نبأنا مكرم بن أحمد قال: نبأنا عمر بن إسحق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتيرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا- فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى.

ومقبرة باب البردان ، فيها أيضا جماعة من أهل الفضل ، وعند المصلّى المرسوم بصلاة العيد كان قبر يعرف بقبر النذور، ويقال: إن المدفون فيه رجل من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتبرك الناس بزيارته، ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته.

حدثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: حدثني أبي قال: كنت جالسا بحضرة عضد الدولة ونحن مخيمون بالقرب من مصلى الأعياد في الجانب الشرقي من مدينة السلام نريد الخروج معه إلى همذان في أول يوم نزل المعسكر، فوقع طرفه إلى البناء الذي على قبر النذور فقال لي: ما هذا البناء؟ فقلت : هذا مشهد النذور ولم أقل قبر لعلمي بطيرته من دون هذا ، واستحسن اللفظة وقال: قد علمت أنه قبر النذور ، وإنما أردت شرح أمره، فقلت: هذا يقال إنه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ويقال: إنه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وإن بعض الخلفاء أراد قتله خفيا ، فجعلت له هناك زبية وسيّر عليها وهو لا يعلم، فوقع فيها وأهيل عليه التراب حيا، وإنما شهر بقبر النذور لأنه ما يكاد ينذر له نذر إلا صح وبلغ الناذر ما يريد ولزمه الوفاء بالنذر، وأنا أحد من نذر له مرارا لا أحصيها كثرة نذورا على أمور متعذرة، فبلغتها ولزمني النذر فوفيت به، فلم يتقبل هذا القول وتكلم بما دل أن هذا إنما يقع منه اليسير اتفاقا ، فيتسوق العوام بأضعافه، ويسيرون الأحاديث الباطلة فيه، فأمسكت، فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني في غدوة يوم وقال: اركب معي إلى مشهد النذور ، فركبت وركب في نفر من حاشيته إلى أن جئت به إلى الموضع ، فدخله وزار القبر وصلى عنده ركعتين سجد بعدهما سجدة أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد ، ثم ركبنا معه إلى خيمته وأقمنا أياما ، ثم رحل ورحلنا معه يريد همذان ، فبلغناها وأقمنا فيها معه شهورا، فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي: ألست تذكر ما حدثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد، فقلت: بلى، فقال: إني خاطبتك في معناه بدون ما كان في نفسي اعتمادا لإحسان عشرتك، والذي كان في نفسي في الحقيقة أن جميع ما يقال فيه كذب ، فلما كان بعد ذلك بمدبدة طرقني أمر خشيت أن يقع ويتم، وأعملت فكري في الاحتيال لزواله ولو بجميع ما في بيوت أموالي وسائر عساكري، فلم أجد لذلك فيه مذهبا ، فذكرت ما أخبرتني به في النذر لقبر النذور، فقلت : لما لا أجرّب ذلك، فنذرت إن كفاني الله تعالى ذلك الأمر أن أحمل إلى صندوق هذا المشهد عشرة ءالاف درهم صحاحا ، فلما كان اليوم جاءتني الأخبار بكفايتي ذلك الأمر ، فتقدمت إلى أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف - يعني كاتبه - أن يكتب إلى أبي الريان وكان خليفته ببغداد يحملها إلى المشهد ، ثم التفت إلى عبد العزيز وكان حاضرا، فقال له عبد العزيز: قد كتبت بذلك ونفذ الكتاب.ا.هـ.

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...