بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 14 سبتمبر 2019

محمد سعيد رمضان البوطي في ميزان الشريعة


نصيحة مهمة جدًّا



عملاً بالواجب الشرعي وحفظًا للناس من الوقوع في الضلال نحذّر من قراءة واقتناء كتب محمد سعيد رمضان البوطي طالما أنها محشوة بهذه الأفكار الشنيعة والمريعة من تطرف وتعقيد وخلاعة ونسبة التجسيم والحلول لله، ومخالفة الإجماع في عشرات المسائل وموافقته للوهابية وامتداحه لقرني التطرف والإجرام ابن تيمية وسيد قطب وذمّه لبعض أهل الفضل من العلماء العاملين ومخالفته لصريح الكتاب والسنة ولتناقضه في كثير من المواضع. فاحذروا أفكاره الفاسدة وبضاعته الكاسدة لما فيها من شر خطير وشرر مستطير.

وبعد هذه الافتاءات المليئة بالافتئاتات والافتراءات سمعنا ذمًّا وقدحًا لهذا الرجل من عشرات المشايخ والعلماء والمفاتي في سوريا. وقد حصلنا على فتاوى مكتوبة منهم حذروا من أباطيلة وأفاعيله نبرزها لمن أراد وقد أجمعوا على أنه متكبر متعجرف لا يقبل الحقّ ولا يرعوي للشرع. هذا وقد رد عليه مرارًا بعض مشايخ سوريا على المنابر وكتابة.

وشأن البوطي كما قال بعض مشاهير مشايخ سوريا ما نصه :"البوطي لو تاب وأناب لما احتجنا لمثل هذا الكتاب لكنه معاند فاستحق الرد" انتهى.

وأخيرًا ذكر لنا غير واحد من مشايخ الشام أن الشيخ العالم اللغوي نايف العباس الدمشقي رحمه الله لما ظهر كتاب كبرى اليقينيات للبوطي قال له ناصحًا أن يزيل قوله عن الله تعالى "العلة" وقوله "إن كل ما تراه عيناك من حقائق هذا الكون كلها إنما هي فيض عن حقيقة واحدة كبرى ألا وهي ذات الله"، فانتفض البوطي رادًّا للنصيحة وخرج من المجلس فقال الشيخ نايف:
عناء كبير أن تناقش جاهلاً * فيزعم بغيًا أنه منك أعلم

وسوف نقوم بإيراد عدة مقالات من مقالات البوطي الفاسدة مع الرد عليها إن شاء الله


البوطي يصرح بالحلول والتجسيم في حق الله تعالى والعياذ بالله تعالى من الكفر




يقول البوطي في كتابه "من الفكر والقلب" صحيفة 50 عن صفات الإنسان ومصدر خطورة هذه الصفات أنها في حقيقتها ليست إلا صفات الربوبية، فالعلم والقوة والسلطان والتملك والجبروت كلّها مقومات للألوهية وصفات للرب جل جلاله :"فمن شأن هذه الصفات إذا وجدت في الإنسان أن تسكره وتأخذ بلبّه وتنسيه حقيقته وتجعله يتمطّى إلى مستوى الربوبية، وإن كان الإنسان لا يملك منها في الحقيقة إلا نماذج وعينات يسيرة جدًّا ومحدودة جدًّا بالنسبة لصفات الله عز وجل" انتهى. وقد ذكر هذا النص أيضًا في كتابه كبرى اليقينيات ص 66.

فانظر أخي المؤمن إلى هذا التجرؤ على الله تعالى حيث ينسب الحلول بكلمات واضحة وفاضحة تبين عما في نفسه، يقول الإمام أبو جعفر الطحاوي السلفي في العقيدة الطحاوية :"ومن وصف الله بمعنًى من معاني البشر فقد كفر"، وقال الإمام الأكبر ابن عربي :"من قال بالحلول فدينه معلول". وكلام البوطي واضح فانظر إلى قوله (عن صفات الإنسان) ليست إلا صفات الربوبية، وقوله "وتجعله إلى مستوى الربوبية". وقوله "وإن كان الإنسان لا يملك منها في الحقيقة إلا نماذج وعينات يسيرة جدًّا ومحدودة جدًّا بالنسبة لصفات الله".

ألم يقرأ البوطي قوله تعالى :{ليس كمثله شىء} (سورة الشورى/11) وقوله تعالى :{ولم يكن له كفوًا أحد} (سورة الإخلاص/4)، وقوله تعالى :{فلا تضربوا لله الأمثال} (سورة النحل/74)، ألم يبلغه نقل الحافظ السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوى إجماع المسلمين على تكفير من قال بالحلول أو الاتحاد.

ويقول البوطي في صحيفة 16-17 من كتابه "الفكر والقلب" عن الإنسان :"وعندئذ يعلم أنه إنما خُلِق ليقيم نفسه على سلوك يجعله مظهرًا لألوهية الله في الأرض".

وفي هذه العبارة تجد البوطي يمعن في التجسيم بهذه العبارات وكأنه يعاني من عقدة الاتباع فتركها إلى الابتداع، وكيف يكون الإنسان مظهرًا لألوهيته تعالى! سبحانه وتعالى عما يقول المجسّمون علوًّا كبيرًا.

ويقول في صحيفة 193 من كتاب "الفكر والقلب" :"إلهي أي شىء يوحشني من الدنيا فقده بعد أن رأيتك أمامي وأنست بك". انتهى. ويقول في كتابه "هذه مشكلتهم" ص 8 :"وأراني يد الله عز وجل التي تنبع منها كل سببية كل شىء" انتهى، ماذا يقول أتباع البوطي بهذا الكلام المليء بالكذب والادعاء والتطاول، ماذا يقول هو ذاته الذي يدعي ادعاء اتباع الكتاب والسنة، مَنْ مِنَ الأنبياء أو السلف الصالح أو الأولياء قال مثل هذا الكلام؟! أم أنه سيعمد إلى تأويل متهالكٍ وفاسد؟ وما الفرق بين كلامه وكلام الحلوليين الفاسدين؟

وتأمل معنا قوله في كتابه "من الفكر والقلب" حيث يقول صحيفة 211 :"فالجمال في مظهره الذاتي إنما هو جمال الله وحده فاض مظهره وتجلت أشكاله على شتى النماذج والرسوم" انتهى.

ويقول في صحيفة 213 :"فالعالم كله ليس إلا منفعلاً بمظهر الجمال والجلال والفاعل له والمتصف به إنما هو الخالق الواحد الأحد" انتهى.

ويقول في صحيفة 214 :"إنهم يقفون بنشوةٍ بالغة أمام لوحات الجمال والجلال الكونية لأنهم يرونها المرآة الوحيدة لجمال القدوس وجلاله" انتهى.

وها هو يقول في كتاب "منهج الحضارة الإنسانية في القرءان" ص 49-50 عن الإنسان :"هذه الصفات ليس في حقيقتها إلا ظلالاً وفيوضات من صفات الربوبية أنعم الله بها على هذا المخلوق" انتهى. وفي المجلة المسماة المسلمون سنة 81 صحيفة 8 ذكر ما نصه :"وتوضيح ذلك أن هذه القدرات ليست في أصلها وحقيقتها إلا من بعض صفات الربوبية وإنما منع الله الإنسان منها بفيوضات يسيرة جدًّا" انتهى.

ويقول في كتابه "الإسلام ملاذ كلّ المجتمعات الإنسانية" صحيفة 24 :"وتوضيح ذلك أن هذه القدرات ليست في أصلها وحقيقتها إلا من بعض صفات الربوبية وإنما متع الله الإنسانَ بها بفيوضات يسيرة جدًّا ليستعين بها في تحقيق المهمة القدسية التي أنيطت به"، ويقول في كتاب "الإنسان مسيّر أم مخيّر" في صحيفة 50 :"فإذا اتجه قصد الإنسان إلى صرف قدرته التي هي في الحقيقة قدرة الله".

وهنا نسأل البوطي ما الفرق بين كلامه وكلام الحلاج "ما في الجبّة إلا الله"؟!

ويؤكد البوطي اعتقاده الحلولي صحيفة 73 من كتابه المسمى "الإنسان مسير أم مخير" فيقول :"إذ أن هذه القدرة إنما هي في الحقيقة قدرة الله أودعت في كيان الإنسان لتكون خادمًا لرغائبه ومظهرًا لتحركاته"، ويقول في مجلة التقوى عدد 53 شباط 96 صحيفة 17 :"وامتلأ الوجدان بصفات الربوبية في ذات الله" انتهى. ويقول:"هذه الروح تظل في حنين إلى العالم الذي أهبطت منه هذه الروح موصولة النسب إلى الله"، وفي كتاب "كبرى اليقينيات" صحيفة 77 يرى وبكل صراحة أن الله أصل وأن العالم تفرّع منه، فيقول :"وبتعبير ءاخر نقول إن ما تراه من حقائق الكون كلها إنما هو فيض من حقيقة واحدة ألا وهي ذات الله، ومن المحال أن تدرك ماهية الحقائق الصغرى قبل أن تدرك منبعها وأصلها الأول" انتهى.

ويقول في صحيفة 87 من كتابه "كبرى اليقينيات" :"فما هي العلة التي أوجدته وأنهضته من ظلمات اللاشىء فوضعته في أول مدارج الوجود" انتهى.

لاحظ أيها القارىء كيف يسمي الله تعالى العلةَ وهذه تسمية ممنوعة شرعًا لأن أهل الحق كفروا من سمى الله علة أو علة العلل.

ويقول في صحيفة 291 من نفس المصدر :"إلى أن تنتهي بك هذه العلل الكثيرة المختلفة إلى العلة الوحيدة الكبرى الكامنة خلف ما قد رأيت أي إلى واجب الوجود وهو الله عز وجل" انتهى.

الرد: ألم يقرأ البوطي أن الإمام ركن الإسلام السغدي كفَّر من سمى الله سببًا أو علة.

ويقول في كتاب "منهج الحضارة الإنسانية في القرءان" صحيفة 26 :"ويقول {وإذ قال ربّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} أي خليفة مني يخلفني في الحكم بالعدل بين خلقي، وإن ذلك الخليفة هو ءادم ومن قام مقامه في طاعة الله والحكم بالعدل بين خلقه".

ثم يحيل هذا الكلام فيقول :"انظر تفسير ابن كثير" الجزء الأول صحيفة 70 فترجع إلى هذه الحالة إلى ذلك الموضع فلا تجد لها أثرًا.

فكيف يقول البوطي :"إن الله خلق الإنسان من ظلمات اللاشىء" فمن أين جاء بهذا التعبير الفاسد الذي لم يسبق إليه، وكيف يتناقض بقوله "ظلمات" وقوله "لا شىء" مع أن الظلمات مخلوقة، وأن عبارة أهل التحقيق أن الله خلق العالم من العدم وليس من ظلمات اللاشىء كما زعم، إذ أن الظلام حادث مخلوق قال تعالى :{وجعل الظلمات والنور} (سورة الأنعام/1).

وها هو في صحيفة 174 من كتابه "كبرى اليقينات" يسمي الله تعالى الواسطة فيقول :"بل إنه الواسطة الأولى والأخيرة وهو خالق الأسباب والمسببات" انتهى.

ويقول البوطي في "كبرى اليقينيات" ص 248 :"فإذا كان الإنسان في حقيقته مستودعًا لظلال أو فيوضات من صفات رب العزة جل جلاله فأخْلِقْ به أن يكون أشرف المخلوقات وأكرمها" انتهى.

وفي صحيفة 171 من كتابه "كبرى اليقينيات" ينسب الصورة لله تعالى فيقول عن رؤية الله يوم القيامة :"وأما دليل أهل السنة والجماعة فهو أن الرؤية أعم من أن تكون انطباعًا لصورة المرئي في الحدقة".

ثم يقول :"وإنما هي قوة يجعلها الله في الإنسان متى شاء وكيف شاء يتم بها مشاهدة صورة المرئي على حقيقته، والكيفية التي تحصل الرؤية بها اليوم ليست إلا كيفية من كيفيات كثيرة كان الله عز وجل ولا يزال قادرًا على ربط حقيقة الرؤيا بما شاء منها" انتهى.

فانظر كيف نسب الصورة لله تعالى مع أن الله تعالى منزّه عن الصورة والشكل والهيئة، وانظر كيف أثبت الكيف في الرؤيا وقد انعقد الإجماع على أن الله تعالى يُرى يوم القيامة بلا كيف.

وفي صحيفة 174 من كتابه "من روائع القرءان" تجده يقتدي بسيد قطب الذي يسمي الله بالريشة المبدِعة فيقول البوطي :"ثم ارجع النظر مرة أخرى إلى الجملة كلها لتبصر الريشة الإلهية العجيبة". ثم انظر إلى التمويه في التجسيم حيث يقول في صحيفة 178 من كتابه "من روائع القرءان" :"الأرض جميعًا شىء صغير في قبضة الله، والسموات كلها بأجرامها العظيمة قد طويت كما قد يطوى البساط أو الصحيفة فهي ليست إلا جرمًا صغيرًا لا تكاد تدركه العين مخبوءة في يمين الله، وليس هناك من يمين ولا قبضة، ولا طي بالمعنى الحسي المعروف ولكنه التخييل والتجسيم للمعنى الذهني كي يفيض الشعور والخيال إحساسًا به" انتهى.

انظر كيف نفى الحس أي بالجارحة عن صفات الله وهذا حقّ ثم أثبت أنه تخييل أي أن ذلك يدرك بالخيال والعياذ بالله، فالقرءان أثبت التنزيه في قوله تعالى :{ليس كمثله شىء} فالله لا تتصوره الأوهام والتخييلات وكذا صفاته، وهنا يتهم القرءان بالتخييل والتجسيم.

ثم تعالَ معي إلى قصة يقول إنه ترجمها من الكردية إلى العربية وتسمى "مَمُو زَيْن" ولقد زاد عليها بعض الفصول كما قال في صحيفة 8 :"ولقد دعتني طبيعة هذا العمل أن أضيف بعض الفصول الأخرى إلى القصة وأن أستعين بالخيال منه سدودًا...".

ويقول في صحيفة 7 من هذه القصة :"ولكن باعثًا حملني على إعادة طبعه أرجو أن يكون فيه السداد والخير"، إلى أن يقول :"وأن أجعل من انتشاره بين القراء خير حصنٍ يقيه شر أي عدوان"، فهو يعترف بأنه زاد على القصة ويثني على القصة بمجملها ويمتدحها، فإذا كان الكفر من أصل النص فلِم لم يحذفه كما سوغ لنفسه الزيادة، وإذا كان سيتذرع بالأمانة العلمية المزعومة فلم لم يُنبّه القارىء إلى خطورة هذا الكلام.

فاسمع أيها القارىء إلى كفرٍ عجيب وتجسيم غريب فإنه يقول في صحيفة 189-190 :"أي ربي ءامنت أن هذا الكون كله جسم وأنت روحه، وأن هذا الوجود حقيقة أنت سرها، أنت حسن زينة الأحبة والعشاق" انتهى.

وفي صحيفة 191 يقول :"عكست يا مولاي ءايات عظمتك وسلطانك ومظاهر حسنك وجمالك على صفحة هذا الكون الفاني في صور وأشكال وقوالب"، ثم قال في صحيفة 193 :"يا إلهي أزح من أمامي صور الجمال الخالد جمال ذاتك التي أشرقت بها الدنيا وما فيها" انتهى.

في صحيفة 33 يقول :"في كل مداخل الروح الأخرى التي كانت تعلقت بها منذ الأزل".

الرد: كيف لهذا الرجل الذي يدعي بأنه داعية إلى الله يخطب ويدرس ويؤلف ويحاضر ثم ينقل هذا الكلام على سبيل الاستحسان والرضا هذا إذا سلمنا أنه من أصل النص المترجم، أما إن كان زيادة على النص فهو أقبح في الشناعة والكفر، فإذا كان الرضا بالكفر كفرٌ فكيف بمن يجاهر به ويسوّقه ويستحسنه.

وفي صحيفة 274 من كتابه "من روائع القرءان" يقول :"وتعال فلنتأمل في اللوحة الإلهية التي رسمت هذا المشهد :{وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي}"، ثم يقول :"وهي تصور لك معنى الإرادة الإلهية وسلطانها الرهيب" انتهى.

الرد: إنه يمشي في هذه التعابير على خطى سيد قطب تمامًا حيث يسمي الله بما يحلو له من هذه التسميات التي تنم عن فكر مجسم وغير منزّه لله تعالى.

فكيف يُقدم على تسمية الله باللوحة؟ وكيف ينسب لإرادة الله الصورة، لا شك أن البوطي يحاول أن يموّه بمثل هذه العبارات لإيراد كل ما يعتمل في صدره من معاني التجسيم.

وفي كتابه "هذا والدي" يقول البوطي في صحيفة 65 متحدثًا عن أبيه :"كان إذا وضع الطعام واجتمعنا معه على مائدته أمرنا جميعًا أن نجلس جلسة أدب حتى لكأننا ماثلون من هذه المائدة أمام الله" انتهى.

نقول: هل يرضى والدك يا بوطي أن تشبهه بالله، فوالله لو قرأ هذه العبارة حال حياته لما تأخر في استتابتك وأخذ العهد عليك أن لا تعود لمثل هذه العبارات الفاسدة. والله لو اتبعت والدك الشافعي الأشعري المنزِّه لما وصلت إلى مثل هذه المزالق، لكنك ءاثرت منهج سيد قطب وغيره، وءاثرت هواك.

وأما قولك في كتابك "كبرى اليقينيات الكونية" صحيفة 234 "بأن الله هو حقيقة الحقائق كلها" فهذا كفر صريح، وهذا من الوحدة المطلقة التي هي عقيدة قدماء اليونانيين ثم استعملها ملاحدة المتصوفة كما شرح ذلك الشيخ مصطفى صبري.

قال الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله في الفيض الرباني :"من قال إن الله انحل منه شىء أو انحل في شىء فقد كفر".

وأخيرًا: قد يقول بعض الذين يغارون على البوطي ولا يغارون على دين الله: إن البوطي يرى في أهل الحلول والتجسيم أنهم كفار فلم تتهمونه بهذه التهمة؟

نقول: إن البوطي بإطلاق العنان لخياله ويراعه من غير مراعاة الشرع وصل إلى ما قد وصل إليه من التجسيم والحلول، فهل نقول عنه بأنه دُسّ عليه في حياته، أم نقول إنه كان في حال غيبوبة، أم نؤول له كما أوَّل البعض لابن عربي فيما نُسب إليه زورًا، وإلى الحلاج وغيرهما.

فأما إن كان مدسوسًا عليه هذا الكلام فليصرح قبل موته ولا يسكت كما سكت عن صاحب كتاب أناشيد ومدائح وأشعار فيها كفر وكتب اسم البوطي على الغلاف للترويج.

أما احتمال أنه كان في حالة غيبوبة وقال ما قال على سبيل الشطحات فلهذا احتمال بعيد جدًّا لأنه ليس من أهل هذه الأحوال يقينًا.

ولو قال قائل لنفترضها شطحات وعلينا أن نؤول له، نقول: إذا كان البوطي رفض التأويل جملة وتفصيلاً في كتاب الله كما صرح فلماذا نؤول له وهو الذي رفض تأويل شطحات المتصوفة المنسوبة زورًا لابن عربي وغيره.


البوطي يزعم أن الروح موصولة بالله



يقول في مجلة "التقوى" العدد 53 رمضان 1416 شباط 1996 :"فالإنسان يعيش لرزقه ولطعامه وشرابه ويبحث عما يشبع رغباته وشهواته وأهوائه ولكن يتحرك تحت مظلة حكم الله عز وجل بقيادة من هذه الروح الموصولة بالله سبحانه وتعالى" انتهى.

الرد: إن هذا الكلام يدل دلالة واضحة على أن الرجل مجسم وحلولي وقد بينا تجسيمه وقوله بالحلولية في مقالات سابقة.

إن ادعاء البوطي أن الروح موصولة بالله هذا تجرؤ على الله وقد انعقد إجماع الأمّة على أن الله تعالى منزّه عن الانفصال والاتصال وفي الصحيفة السجادية قال الإمام علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم :"يا من لا تُحس ولا تجسّ"، وكل ذلك مأخوذ من قوله تعالى :{ليس كمثله شىء}، فبعد كل الآيات والأحاديث وأقوال العلماء التي صرحت بالتنزيه، كيف يجرؤ كهذا على مثل هذه المقالات التي تنقض عرى الدين عروة بعد عروة.


البوطي يزعم أنه لا يكفر الكافر ويقول بتكفير أهل فلسطين



قال البوطي في شريط مسجل :"أنا الكافر لا أكفّره". انظر أخي المسلم إلى هذا التناقض العجيب في كلام هذا الرجل الذي ينتسب إلى العلم، لقد قال إنه لا يكفّر من سماه كافرًا، فكيف يسميه كافرًا ثم يقول أنا لا أكفّره؟! ما هذا الفهم الذي اتسم به. فلو قال: أنا لا أكفر من لا يكفر، أو قال أنا لا أكفر بشبهة، أو قال أنا لا أكفر من لم يثبت لدي كفرُه لما كنا اعترضنا عليه. فعلى قول البوطي إبليس ليس بكافر عنده، وكذا فرعون ليس بكافر عنده، وكذلك أبو لهب وأبو جهل وغيرهم ممن ثبتت بهم النصوص.

ثم العجيب فإن كنت لا تكفر الكافر فما بالك تكفّر الفلسطينيين؟ أفلا يكفيهم ما حل بهم من المعاناة والتشريد والقتل، ألم يكفهم كل ذلك حتى تنزل عليهم جام غضبك وتكفرهم.

وقد جاء تكفير البوطي للفلسطينيين في جامع الرفاعي بتاريخ 18/12/1992، فهو مسجل بشريط ثم نشرته مجلة "إلى الأمام" العدد رقم 2177 يقول :"ولكن أين هو الإيمان؟ لو كنت جذور هذا الإيمان راسخة في قلوب أولئك الناس لا والله لما طردوا من ديارهم" انتهى.

وقال :"إذا كانت هذه الجروح لم تصل بعد إلى درجة الموت الذي لا حراك به ولا حس فإن الجرح لا والله لا يضمده إلا الرجوع إلى دين الله إلا إلرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى" انتهى.

ويقول :"وهل بقيت لهم من كرامة بعد أن أعرضوا عن دين الله، وبعد أن عرفوا ماذا صنعوا حتى طردهم ذلك العدو من تلك الديار" انتهى.

البوطي يتهم رسول الله بالشك في نبوته ويجوّز الكبيرة بحقه



يقول في صحيفة 117 من كتابه "هذه مشكلاتهم" :"وانقطاع هذا الشخص عنه ستة أشهر أو يزيد حتى ظن محمد صلى الله عليه وسلم أنه ربما ارتكب إثمًا أغضب الله عليه فتحولت عنه النبوة التي بشره بها ورقة بسبب ذلك" انتهى.

ويقول في كتابه المسمى "من روائع القرءان" صحيفة 27 :"إن الوحي قد انقطع بعد ذلك مدة طويلة من الزمن، وأن الضيق والألم قد استبدأ به صلى الله عليه وسلم من ذلك خوفًا من أن يكون قد أساء فتحول عنه الوحي لذلك" انتهى.

ويقول في كتابه "كبرى اليقينيات" صحيفة192 :"وأن يستبد به القلق من أجل ذلك ثم يتحول القلق لديه إلى خوف في نفسه من أن يكون الله قد قلاه بعد أن تم تشريفه بالوحي والرسالة لسوء قد صدر منه، حتى لقد ضاقت الدنيا عليه، وراحت تحدثه نفسه كلما وصل إلى ذروة جبل أن يلقي بنفسه منها" انتهى. الرد: أولاً: يزعم البوطي أن النبي صلى الله عليه وسلم ظن أنه ارتكب إثمًا أغضب الله وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم ارتكب كبيرة والعياذ بالله. لأن نص العلماء في تعريف الكبيرة: أنها ما ورد فيها نص بأنها من الكبائر أو الموبقات، أو هي فعل يستوجب الحد، أو ورد أن فاعلها يستوجب عذاب الله، أو أن فاعلها يستحق اللعن، أو أن فاعلها يدخل النار، أو ورد فيه وعيد شديد.

فكيف تزعم هذا يا دكتور وإنك في قوله تعالى :{وعصى ءادم ربَّه فغوى} تكلفت وتأولت كل ذلك من أجل أن تقول إن سيدنا ءادم ما عصى اللهَ تعالى، وها أنت الآن تنسب سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى كبيرة من الكبائر وليس لك دليل حتى ولا شبهة دليل على ما تدعي.

ثانيًا: لم تقف عند ذلك الحد من الاتهام بل تماديت أكثر بكثير حيث اتهمت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه شكّ في نبوته، فنحن نعلم أن الشاك بنبوته صلى الله عليه وسلم كافر بالإجماع، فكيف يشك نبي بنبوته! فمرة قلت: تحوَّل عنه الوحي، ومرة قلتَ: فتحولت عنه النبوة، فلو قلت: تأخر عنه الوحي لساغ لك ذلك، أما ادعاؤك هذا فيه نسبة الكفر والضلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا: أما قولك :"ثم يتحول القلق لديه إلى خوف في نفسه من أن يكون الله قد قلاه". فقولك: قلاه أي خشي سيدنا محمد أن يكون الله قد أبغضه ولا يخفى ما في هذه المقالة من شناعة وبشاعة.

قال الألوسي في كتابه "تفسير الألوسي" (30/200) ما نصه :"قال المفسرون: أبطأ جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال المشركون قد قلاه ربه وودعه، فأنزل الله تعالى ذلك. وأخرج الحاكم عن زيد بن أرقم قال: لما نزلت {تبت يدا أبي لهب وتب} فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم فيما قالت: ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك"، وقال الألوسي :"وفي بعض الروايات ما يدل على قائل ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم، فعن الحسن أنه قال: أبطأ الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لخديجة: إن ربي ودعني وقلاني يشكو إليها ... الحديث فنزلت". ثم قال الألوسي :"واستشكل بأنه لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم أن يظن أن الله تعالى ودعه وقلاه، وهل هو إلا نحو من العزل، وعزل النبوة عن النبي غير جائز في حكمته عز وجل، والنبي عليه الصلاة والسلام أعلم بذلك ويعلم صلى الله عليه وسلم أن إبطاء الوحي وعكسه لا يخلو كل منهما عن مصلحة وحكمة"، ثم قال الألوسي :"وأنت تعلم أن هذه الرواية شاذة لا يعول عليها ولا يلتفت إليها فلا ينبغي إتعاب الذهن بتأويلها ونحوها"، إلى أن قال :"والمعول ما عليه الجمهور وصحت به الأخبار أن القائل هم المشركون" انتهى


البوطي يأتي باجتهاد مزعوم جديد في مسئلة مغفرة الذنوب



يقول البوطي في كتابه "هذه مشكلاتهم" صحيفة 162 :"إنّه لا يغفر الذنب إلا بشفاعة قُربة جليلة في عين الله تقرب بها هذا المذنب إليه وإن بدت في عينه ضئيلة وحقيرة، ولا يحبط الطاعة إلا بجريرة معصية شنيعة في نظر الله".

الرد: من المجمع عليه ومن المسلَّمات به أن الذنوب ثلاثة أقسام أكبر الكبائر وهو الكفر ثم سائر الكبائر ثم الصغائر.

ومما لا خلاف فيه أن الكفر لا يغفر إلا بالشهادتين بنية الخلاص من الكفر الذي وقع به.

أما الكبائر والصغائر فالله يغفرها بالتوبة وهي الإقلاع عن الذنب والندم والعزم على عدم العودة. ويغفر الله ما شاء من الذنوب لمن شاء من المسلمين إما بحسنة يعملها وإما بدون ذلك.

وقد يغفر الله الكبائر أيضًا ببعض القربات كما صح في الحديث أن الله غفر لامرأة مسلمة من بني إسرائيل وكانت زانية بسبب سقياها لكلب اشتد به العطش ونص الحديث :"بينما كلب يُطيف (يدور) بركيَّةٍ (بئر) قد كاد يقتله العطش إذ رأته بَغيٌّ من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها (خف يلبس بالرّجل) فاستقت له به فسقتهُ فغُفر لها به" رواه الشيخان واللفظ لمسلم.

ويغفر الله لبعض المؤمنين يوم القيامة بشفاعة نبي أو ولي أو شهيد أو غيرهم ممن يشفعون، وهذه الشفاعة لعصاة المؤمنين ولا تكون للكفار لقوله تعالى :{ولا يشفعون إلا لمن ارتضى}.

وكذلك يغفر الله لبعض العصاة من غير توبة ولا قربة ولا شفاعة لقوله تعالى :{يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} (سورة الفتح/14).

ومن الثابت الذي لا شكّ فيه أن المؤمن العاصي إن مات من غير توبة فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. وأما إن كانت المعصية تتعلق بحقوق العباد فلا بد من التحلل منهم بإعادة الحق أو الاستسماح. لقوله تعالى :{ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} (سورة المائدة/5).

فطالما أن النصوص الشرعية واضحة وكلام أهل العلم بيّن كما الشمس في رابعة النهار فلماذا التنطع والتكلف والخلط بعد ذلك.



فمن أين أتى البوطي بهذا الادعاء الذي لا أساس له مطلقًا وهو ادعاء يصادم القرءان والسنة والإجماع ويبقى كلامًا بلا دليل.

وأما إحباط العمل فلا يحتاج لبيانه أيضًا إلى مثل هذا اللف والدوران والتفّيهق والتفلسف حيث من الثابت أن العملَ يَحبطُ بالكفر


البوطي يزعم أن الله يؤنب النبي صلى الله عليه وسلم



يقول البوطي في كتابه "هذه مشكلاتهم" صحيفة 176 ما نصه :"ثم إن القرءان يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان ناصحًا ومعاتبًا ومؤنبًا" انتهى.

الرد: قول البوطي "ومؤنبًا" هذا لم يرد في كلام أهل العلم بل ولا في كلام عامة المفسرين، على أن النبي صلى الله عليه وسلم عاتبه الله عتابًا لطيفًا في ابن أم مكتوم وكان يقول عندما يراه :"مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي".

فمن أين جاء البوطي بالتأنيب، لماذا لا يلتزم بعبارات أهل العلم؟

ثم إن هذه العبارة "ومؤنبًا" فيها إساءة أدب كبيرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم



البوطي يزعم أن خروج الناس ودخولهم إلى مجالس العزاء وقهوة البن تدور أثناء قراءة القرءان استهانة ملحوظة بكتاب الله



يقول البوطي في مجلة طبيبك عدد 1995 أيلول صحيفة 111 عن مجالس العزاء :"أما شغل هذه المجالس بقراء القرءان والناس داخلون وخارجون والقهوة تدور فأعتقد أن في ذلك استهانة ملحوظة بكتاب الله" انتهى.

الرد: نقول إن التعبير "بالاستهانة بكتاب الله" هو عبارة اصطلاحية عند الفقهاء وعلماء الأصول يستعملونها عادة في باب الردة فيعتبرون أن من قام بعمل فيه "استهانة بكتاب الله" فهذه ردة كرمي المصحف في القاذورات أو الدوس على المصحف عامدًا.

وأما هنا فأين الاستهانة بكتاب الله؟ فهل مجرد خروج الناس ودخولهم إلى العزاء والقرءان يتلى يعتبر استهانة؟ أين وجه الاستهانة؟ وهذا أمر طبيعي في مجالس العزاء لكي يتسنى لمن لم يعزّ أن يدخل وإلا فإن بقي الناس ولم يخرجوا والذين هم في الخارج لم يدخلوا فكيف ينتظم أمر العزاء. وأما مسئلة قهوة البن ففيها تكريم وضيافة للمعزين بل شرب قهوة البن عند كثير من الناس يجلب لهم صفاء ذهن وفكر للاستماع إلى القرءان الكريم. يقول البوطي هذا الكلام وكأن الخمرة تدار، والعياذ بالله ولا ندري ما المانع من الخروج والدخول ودوران القهوة على الناس من غير تشويش. وكل الناس يلاحظون أن القارىء يقرأ والناس داخلون وخارجون وتدار قهوة البن من غير تشويش والاستماع والإنصات قائم.

ثم حتى ولو حصل شىء من التشويش أو الضجيج أو الفوضى فهل يصل بك الحدّ أن تقول في هذا استهانة بكتاب الله، فأين حصلت الاستهانة في ذلك كله؟

فالفقهاء لم يعتبروا القصد في الاستهانة في موضعين فقط واعتبروا مجرد الفعل ردة لأن الفعل يدل على قصد الاستهانة وذلك كنحو إلقاء المصحف في القاذورات وكنحو الدوس على اسم الله عامدًا.

وقال الفقهاء من وضع ريق فمه على أصبعه ثم فتح صحيفة من القرءان هذا إن قصد الاستخفاف كفر وإلا لا يكفر إلا أنه حرام، وأما قول صاحب كتاب الفقه على المذاهب الأربعة بأنه يكفر مطلقًا فهذا مردود.




البوطي يزعم أن النبي ظن أن جبريل جنيّ في غار حراء



يقول البوطي في كتابه "من روائع القرءان" صحيفة 28 :"ولقد فوجىء عليه الصلاة والسلام بالملَك يخاطبه ويكلمه، ولقد ارتجف خوفًا منه وذهب في محاولة معرفته كل مذهب حتى ظن أنه قد يكون من الجان" انتهى.

الرد: ما كفى البوطي ما قاله في الإساءة لشرع الله غير مرة بادعاء الاجتهاد، ومرة بتفسير النصوص بطريقة مزاجية، وها هو يدعي الآن دعوى جديدة، وإننا نحن نتحداه أن يثبت نصًّا في أن النبي ظنَّ أن جبريل حين جاءه في الغار جنيّ، ولا ندري من أين أتى بمثل هذا الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأرجح أنه قاله من حديث لا أصل له وهو ما رواه أبو داود الطيالسي من طريق أبي عمران الجوني عن رجل عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف هو وخديجة شهرًا بحراء فوافق ذلك رمضان فخرج رسول الله وسمع السلام عليكم قال: فظن أنه فجأةُ الجنّ فقال:
أبشروا فإن السلام خير ...". الحديث. وفيه :"قال: فكلمني حتى أنستُ به" وهذا فيه غضّ من قدر الرسول وفيه ركاكة والركاكة من دلائل وضع الحديث.

ولا يقال إن هذا من باب فضائل الأعمال يُرى ويُعمل به بالضعيف لأن هذا ليس فيه نسبة فضيلة للرسول بل هذا خلاف تعظيم الرسول، أما إن قال هذا معتقدًا أن الرسول اعتقد أنه أوحي إليه أنّه نبي ثم اعتقد أن ما فاجأه هو جنيّ فهو تشكيك في الوحي وفتح باب للطاعنين في الإسلام، فمن ظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعد أن أُوحي إليه بأنه نبيّ حصل له شكّ في المَلَك الذي جاءه أنه جنيّ فهو طعن في الرسول صريح.
ولا حجة لهذا التخيل الباطل فيما رواه البخاري عن عائشة من طريق الزهري من بلاغته فإن بعض الناس يفهمه فهمًا خاطئًا والحديث رواه البخاري في صحيحه ونصه :"حدّثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، وحدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر قال الزهري: فأخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، فكان يأتي حراءً فيتحنَّث فيه (وهو التعبّد) الليالي ذوات العدد ويتزوَّد لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوّده لمثلها حتى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاء الملك فيه فقال: اقرأ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فقلت: ما أنا بقارىء، فأخذني فغطَّني حتى بلغ منّي الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارىء فغطّني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال :{اقرأ باسم ربّك الذي خلق} حتى بلغ :{ما لم يعلم}، فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زمّلوني زمّلوني، فزملوه حتى ذهب عنه الرَّوع، فقال: يا خديجة ما لي، وأخبرها الخبر، وقال: قد خشيت على نفسي، فقالت له: كلاّ أبشر فوالله لا يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرَّحم وتصدُقُ الحديث وتحمِل الكلَّ وتَقري الضيف وتعين على نوائب الحقّ.
ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل أسد بن عبد العُزّى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخو أبيها، وكان أمرأً تنصَّر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربيَّ، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، يا ليتني فيها جَذَعًا أكون حيًّا حين يخرجك قومُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أومخرجيَّ هم؟" فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قطّ بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومُك أنصرك نصرًا موزّرًا". ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترةً حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدَّى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقًّا فيسكن لذلك جأشُه وتقرُّ نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدَّى له جبريل فقال له مثل ذلك. قال ابن عباس: فالق الإصباح: ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر بالليل.


البوطي يدعي أن الدين لا ينصح بالزواج من الأقارب



قال البوطي في مجلة طبيبك عدد كانون الثاني 1995 ردًّا عل سؤال :"لا ينصح الدين ولا العلم بالزواج من الأقارب ذلك لأنه قد تكون داخل الأسرة الواحدة عوامل وراثية كامنة تظهر في وقت ما، فانحصار الزواج داخل تلك الأسرة أو القرابة يجعل تلك العوامل محصورة فيها وستظهر على الأغلب في بطن ما من بعد، أما إن تلاقحت الأسر المختلفة من بعضها فإن ذلك يصبح فرصة لتبدد تلك العوامل وتغلب كثير من النقائض عليها، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :"اغتربوا ولا تضووا" أي ابحثوا عن الغرباء والغريبات في الزواج كي لا تعرضوا أنفسكم لهُزال أو مرض".

الرد: إن كلام البوطي هنا لا يمتُّ إلى الشرع بصلة لعدة اعتبارات منها:

أولاً: الحديث الذي استشهد به ضعيف جدًّا ولا تنبني عليه أحكام.

ثانيًا: هل أحد من الأئمة المعتبرين قال بمثل هذا القول أم هو اجتهاد من عنده، فإذا كان الكلام نقلاً من أحد الأئمة فليبرزه، وإلا إن كان اجتهادا فلا نسلم له بالاجتهاد أصلاً لأنه ليس أهلاً له.

ثالثًا: يستشهد بحديث ضعيف جدًّا هذا المدعي للاجتهاد ويغيب عن باله أن النبي عليه الصلاة والسلام زوج ابنته فاطمة من ابن عمه عليّ، فهل يستشهد بحديث ضعيف جدًّا أم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي تواتر كتواتر الشمس في جبين الصباح، نترك الجواب لمدعي علم الأصول والفصول.

رابعًا: أن زواج علي وفاطمة رضي الله عنهما جاءت ثمرته دوحة ءال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الدوحة المباركة التي أورفت بغلالها وظلالها على الدنيا وأنجبت الأئمة والرجال الأبطال العظماء حيث لم يتسن لعائلة أو قبيلة أن تنجب ما أنجبت وهذه العظمة كان من ثمرة زواج حصل بين أقارب.

والمعروف عند الفقهاء كراهة الزواج من ذات قربة قريبة كأن يتزوج الشخص من ابنة عمه مثلاً، أما الإطلاق فهذا قول لم يقل به أحد قط. وأما عبارتك فعامة، وترك التفصيل في مثل هذا المقام يضر ويكون مصادمًا لتزويج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة من علي، فعبارتك تشمل هذا وهي ضارة غير نافعة.



البوطي الذي يتغنى بدرء الفاسد وسد الذرائع يبيح صراحة للشخص أن يتخيل أنه يرتكب الزنى ولو وجد مع ذلك لذة. وأباح للمرأة التي يضاجعها زوجها أن تتصور أنها مع غيره



يقول في مجلة طبيبك العدد تشرين أول 1995 :"إن حديث الإنسان نفسه عن مقارفة معصية ما وما يتبعه من تخيّل تلك المعصية واللذة التي قد تصحب ذلك كل ذلك معفوّ عنه وساقط عن الاعتبار والمحاسبة بفضل الله وصفْحه ودليل ذلك الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من طريق أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :"إنَّ الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم يتكلموا أو يفعلوا" انتهى.

ويقول في المجلة نفسها في جواب هذا نصه :"إلى السيد الذي نعت نفسه بلقب "إلى قعر جهنم":"إن شعور الرجل باللواعج الجنسية من جراء ما قد يتعرض له من مغريات لا يُعد شيئًا محرمًا، بل إن ما يجتاحه من حديث النفس وأحلام اليقظة والتخطيط لارتكاب محرمات أيًّا كانت لا يدخل هو الآخر في شىء من المحرمات وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :"إنَّ الله تجاوز لأمّتي عما حدثت به نفسها ما لم تقل أو تفعل". وقال في المجلة ذاتها عدد حزيران 1998 صحيفة 104 جوابًا على سؤالين متشابهين أحدهما من رجل والآخر من امرأة، وأحد هذين السؤالين عن امرأة يصف حالها مع زوجها أنهما عندما يتقاربان تخونه بالخيال أي تتصور نفسها مع رجل ءاخر وهي لذلك تعيش في حرقة الضمير وعذابه فيقول البوطي مجيبًا :"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تقل أو تفعل، وعليه فإن الخواطر التي تطوف بذهنك حول تلك التي أحببتها ثم لم تستطع أن تقتلع محبتها من قلبك لا يحاسبك الله عليها إذ هي من الانفعالات القسرية وليست من الأفعال الاختيارية، ولكن فلتكن حارسًا على سلوكك أن لا تجمع بك خواطرك الانفعالية تجاهها إلى أي تصرف محرم" انتهى.

ويقول في المجلة ذاتها عدد تموز 1994 ردًّا على سؤال :"إن مشاعر الحب ليس أكثر من انفعالات قسرية والانفعال لا يتعلق به تكليف ولا يدخل في الأحكام أو المحظورات الدينية، وتفكر المحب بمحبوبه كذلك بل الأفكار الداخلية أيًّا كانت خارجة عن نطاق التكليف ولا يحاسب الله عليها، ولقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :"إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تقل أو تفعل" انتهى. الرد: إن البوطي يحلل للرجل وللمرأة الاسترسال مع الخواطر وذلك بأن يتخيل نفسه مع امرأة يزني بها فيتصور مفاتنها وأعضاءها ولو كان ذلك مصحوبًا مع اللذة كما قال، فلو سلمنا أن هذا الأمر حلال كما يدّعي فلماذا لا يحرمه تحت الدعوى التي يدعيها دومًا وهي سد الذرائع ودرء المفاسد، كما يلجأ عادة إلى تحريم المباحات تحت هذه العناوين الأصولية التي يستعملها متى شاء ويُعرض عنها متى شاء وكأن الحكم بها لم يخلق لغيره.

وكيف تكون هذه التخيلات قسرية وهي مصحوبة بالمتعة واللذات والاسترسال بهذا الشأن وقد أباح للمرأة كما بينا أن تتخيل وهي تضاجع زوجها أن تتخيل أنها مع رجل ءاخر.

ومن المعلوم أن هذه التخيلات لا حرمة فيها إن كانت خواطر بلا إرادة يكرهها الشخص ويدفعها عن نفسه، لا أن يسترسل بذلة وشهوة كما ادعى البوطي، وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (5/161) في شرح الحديث المذكور ما نصه :"والمراد نفي الحرج عما يقع في النفس حتى يقع يعمل بالجوارح أو القول باللسان على وفق ذلك، والمراد بالوسوسة تردد الشىء في النفس من غير أن يطمئن إليه ويستقر عنده" انتهى.

فأين كلامك يا بوطي من هذا الكلام؟ فأي امرأة جاهلة عندما تقرأ كلامك قد تتصور أن لها أن تتخيل نفسها وهي في حال المجامعة مع زوجها أنها تجامع رجلاً غيره.

وكذلك تطلق العنان للرجل أن له أن يجامع زوجته ثم يطلق فكرَه أنه مع امرأة أخرى لا تحل له، فكيف تجعل هذا شرع الله؟ والله لقد فتحت بابًا من الشر عظيم.

ثم ألم يقل الله تعالى في القرءان الكريم :{وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)} (سورة الحج)، فبزعمك قل لنا كيف يذيق الله عذابًا لشخص أراد مجرد إرادة فقط أراد فيه (أي المسجد الحرام) الإلحاد بظلم، والمعلوم أن الإرادة من أعمال القلب.

ثم ألم يُجمع أهل الحق على أن الرضا بالكفر كفر وتمنّي الكفر كفر، وأن من نوى أن يكفر فقد كفر ولو لم ينطق أو يفعل.

ألم تسمع بحديث البخاريّ (صحيح البخاري ـ كتاب الاستئذان) عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :"إنَّ الله كتبَ على ابن ءادم حظَّه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه".

أما بلغك هذا الحديث؟ أم سمعته قبلاً؟ أليس زنى القلب والنفس هو التمني والاشتهاء؟ يا من تبيح للرجل أن يسترسل مع تمنياته المحرمة وشهوته.

ألم تسمع ما رواه ابن حبان في صحيحة (6/300) عن عبد الرحمن الأعرج، قال: قال أبو هريرة بأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"كل ابن ءادم أصاب من الزنا لا محالة، فالعين زناؤهما النظر، واليد زناؤهما اللمس، والنفس تهوى ويصدقه أو يُكذّبه الفرج".

ثم ألم تقل في مجلة طبيبك عدد ءاذار 1995 لسائل عن الخواطر أو الوساوس المنافية لمقتضى الدين وعقائده ما نصه :"الخواطر أو الوساوس أو الصور المنافية لمقتضى الدين وعقائده يتعرض لها كل إنسان مهما كانت درجته من التمسك والالتزام وهي لا تدخل في الاختيارات الإنسانية التي يحاسب الله بل هي انفعالات قسرية لا يتعلق بها التكليف وقد صرح رسول الله بأن الله لا يحاسب الإنسان المسلم عليها ما دام أنها تهجم على فكره دون اختيار وما دام أنه يشمئز منها ويضيق ذرعًا بها ما لم تقل أو تفعل".

ثم ألم تقل في المجلة ذاتها عدد حزيران 1995 لأحد السائلين:"أما التخيلات والأوهام التي تهجم على شعورك بأنه لا يوجد إله لهذا الكون فإن استقبلها عقلك بقبول وأخذت ترحب بها فذلك هو الكفر والعياذ بالله، وأما إن رفضها عقلك وشعرت بضيق ووحشة من هذه الخواطر فذلك دليل رسوخ الإيمان".

وهنا نطرح السؤال التالي: لماذا في مسائل الاعتقاد عليه أن لا يستقبل عقله بالوساوس الكفرية وعليه أن لا يرحب بها وعليه أن يرفضها، أما في مسائل التلذذ المحرم فلا إثم عليه في التخيل واللذة على قولك، وأن كل ما يجتاحه من حديث النفس والتخطيط مع اللذة المحرمة لا يعد محرمًا أيًّا كان على قولك لا يدخل هو الآخر في المحرمات. فالبوطي يتناقض مع ذاته كما يظهر لكم.

أليس عجيبًا أن يقول عن المرأة التي تخرج متعطرة إنها زانية ولو لم تقصد التعرض للرجال ثم يبيح لها أن تتخيل رجلاً يضاجعها في حال المجامعة مع زوجها فيا للعجب.

وأخيرًا اسمع يا بوطي لنص في إحياء علوم الدين (2/304) من باب السماع حيث يقول الغزالي :"وأما من يتمثل في نفسه صورة صبي أو امرأة لا يحل له النظر إليها وكان ينزل ما يسمع على ما تمثل في نفسه فهذا حرام لأنه محرك للفكر في الأفعال المحظورة ومهيج للداعية إلى ما لا يباح الوصول إليه، وأكثر العشاق والسفهاء من الشباب في وقت هيجان الشهوة لا ينفكون عن إضمار شىء من ذلك" انتهى.

وأخيرًا وبفضل الله عز وجل عندما بلغت فتوى البوطي هذه إلى كثير من مشايخ وعلماء دمشق وحلب وحمص وحماه وغيرها من المدن استشنعوا هذه الفتوى.


البوطي يأمر بمزاولة السحر



ورد في مجلة طبيبك عدد تموز 1998 هذا السؤال من القارىء ر.س (سوريا) :"بينما كنت أبحث في يوم من الأيام بصندوق جدي المرحوم وأتأمل موجوداته عثرت على كتاب قديم اصفرت أوراقه وفيما أنا أتصفحه بحذر شديد مخافة أن تتمزق أوراقه إذ بي أقرأ فيه العجب العُجاب من تعاويذ السحر وما لفت نظري وصفة إذا قرئت عددًا من المرات تظهر جنية فائقة الحسن والجمال ومعها 40 وصيفة. وبدأت تلك الليلة أردد ما ورد في الوصفة وأشعلت البخور حتى ظهرت عليّ الجنية تمامًا وحولها وصيفاتها الجميلات فكان ما كان بيني وبينهن والمشكلة أن الجنية اشترطت علي قبل أن ألمسها أن لا أقرب فتاة من فتيات الإنس ما حييت فوافقتها على ذلك. أنا الآن أعض أصابعي ندمًا لأنني نكثت بالوعد حسبما أبلغتني الجنية فقد أصاب بالأمراض والعاهات والمنكبات التي لا تخطر على بال. أنا حاليًا أرغب بالزواج من فتاة جميلة فهل من طريقة أتجنب فيها تلك الجنية؟" انتهى السؤال.

فأجاب البوطي :"أعتقد أنك لست بحاجة بعد كل هذه المتعة التي تحققت لك إلى الزواج من أي فتاة إنسية لقد جاءك الجمال ومعه المتعة أشكالاً كما تقول دون أن تكلف بتقديم مهر ولا دار ولا شىء في مقابل ذلك كله. ردّد طلاسمَك كلما هاجت بك النفس واكتفِ بالزواج من جنيتك الجميلة هذه فذلك أمتع لك وأبعد عن مغارم الزواج بالإنسيات هذا إن كنت صادقًا فيما تصف وتخبر وأحسب أن الأمر ليس كذلك" انتهى.

الرد: هذه الإجابة لا تنمّ عن علم وورع، كيف تقول له "ردد طلاسمك" حيث من المعلوم أن السحر غالبًا ما يقوم على الكفر والعياذ بالله، فكيف تأمره بترديد العبارات التي يقوم عليها السحر؟ وقد يكون ظاهر جوابك أنك تزدري بالقارىء الذي ترجح أنه يكذب حتى لو كان الأمر كذلك عليك أن تترفق وأن تشفق عليه وأن تدله للتي هي أقوم بالبعد عن السحر إن كان اشتغل به أو بالبعد عن الكذب إن كان كاذبًا. وها أنت إما أن تكون تأمر بالسحر والكفر حقيقة وهذا ضلال وبيل وخطب جليل.

وإما أن تكون غضبت لنفسك ولم تغضب لله مع العلم أنك قلت الغضب لله بحسب زعمك لا يكون إلا على الشفقة على العاصي والكافر، فمع اعتراضنا على هذا التعريف فهل غضبت لله مشفقًا على حال هذا الرجل الكاذب أو الساحر؟ ثم ألا تعلم يا دكتور أن هذه المجلة يتناولها ءالاف القراء وفيهم المستويات المختلفة، ألست بهذه الإجابة تكون تدعو إلى العمل بالسحر والخزعبلات من حيث تدري أو لا تدري.

ومما يدل على أنك فتحت هذا الباب ما جاء في مجلة طبيبك عدد 485 أيلول 1998 (أي عقب مقالتك السابقة في المجلة المذكورة) صحيفة 79 ما نصه:"إلى الرجل الذي قال إنه تزوج جنية ويريد الزواج من فتاة عادية، يطلب منه أبو علي راتب المصري (لبناني الجنسية) الاتصال به على رقم الهاتف 687483/03 لأمر خاص لم يفصح عنه"، فانظر إلى ما أدّت إليه فتواك.


البوطي الذي يزايد بدرء المفاسد وسد الذرائع يبيح للمرأة التي تعاني من برودة جنسية أن تشاهد الأفلام الإباحية الجنسية



يقول في مجلة طبيبك عدد حزيران 1998 ردًّا على السؤال التالي من المعذب م م م م (دمشق): يقول في رسالته إن زوجته وهي ابنة عمه المطيعة له والمحبة والمخلصة باردة جنسيًّا وأنه حاول مرارًا تقديم العون لها عند أطباء دون فائدة إلى درجة أنها دعته للزواج من أخرى ولكنه أبى ذلك، أخيرًا اهتدى إلى طريقة وهي إثارة زوجته عن طريق الأفلام الإباحية فتجاوبت مع الأمر إلى حد كبير الأمر الذي نجاه من أمور كثيرة كان يمكن أن يلجأ إليها فهل ما فعله يُعدّ حرامًا" انتهى السؤال.

يقول البوطي في الجواب :"في الشريعة الإسلامية مبدأ يعرف بـ "اتباع سلم الأولويات" أي أن الشريعة الإسلامية تصنف المصالح في درجات متفاوتة حسب الأهمية وتصنف المفاسد أيضًا في درجات حسب الأهمية أيضًا، ومن تطبيقات هذا المبدإ ما يتعلق بمشكلتك هذه. إن استمرار الحياة الزوجية على نحو سليم تتمة كلام البوطي: من المصالح التي ترقى إلى درجات الضروريات والابتعاد عن الأفلام المثيرة من المصالح التي تقف عند درجة الحاجيات فإن توقف استمرار الحياة الزوجية بينك وبين زوجتك بوجهها السليم على أن تستثيرها نحوك بالقدر الضروري من هذه الأفلام فإن الشريعة الإسلامية تجيز التضحية بالمصلحة الحاجية في سبيل الإبقاء على المصلحة الضرورية، ولكن فلتعلم أن من شروط ذلك أن لا يتسبب عن هذا الذي تقول أي انحراف منك أو منها إلى أي عمل محرم".

الرد: يا للخزي كيف يسقط رجل مثل البوطي إلى مثل هذه الهاوية في الانحرافات حيث راح يفتح باب الحرام على مصراعيه هذا الذي لطالما نادى بقاعدة سد الذرائع ودرء المفاسد، ويا للعار عندما يشترط أن لا يتسبب هذا الأمر بأي انحرافٍ أو أي عمل محرم، والعجيب أنه يحرّم على المرأة كشف وجهها خوفًا من الفتنة وهنا يبيح للرجل وللمرأة مشاهدة الأفلام الخلاعية التي تصور رجلاً يجامع امرأة وهما في حالة عري تام مع ما يصاحب ذلك من تلذذ واستمتاع، وكأن البوطي أمن الفتنة هنا أما في وجه المرأة فالفتنة غير مأمونة عنده! فهذا العمل الذي يقوم به هو وزوجته بحضور هذه الأفلام الخلاعية مع الاستمتاع واللذة أليس محرمًا، وأين وجه الضرورة في هذا الموضوع؟

فالمرأة لا يخشى عليها من الزنى لأنها باردة جنسيًا كما تقول.

وأما الرجل فقد دعته زوجته لأن يتزوج وهذا باب مفتوح من أجل أن يحصن الشخص نفسه من طريق الحلال وليس من طريق الحرام.

اتق الله يا رجل وعد عن مثل هذه الترهات الفاسدة.



البوطي يدّعي أنه سوف يدخل الجنة يقينا هو وزوجته



يقول في كتاب "من الفكر والقلب" صحيفة 207 ما نصه :"وإنني على يقين أن ما كنتِ تلمحينه من بارقات الأمل إنما هو المستقرّ الأبدي السعيد الذي هيأه الله لنا في أكناف رحمته وتحت ظل غفرانه ولطفه" انتهى، وقال في صحيفة 205 في المصدر نفسه :"وإنني على يقين أننا سنلتقي سأنفذ إليك من الباب الذي سبقتني إليه ولسوف تعود قصة حبنا من جديد" انتهى.

نقول: هذا ادعاء بلا دليل إلا إذا كنت ممن يرى نفسه من العشرة المبشرين بالجنة! فمن أين ضمنت يا "دكتور" الجنةَ لك ولزوجتك ولقد عهد أكابر الصحابة والسلف الصالح والأولياء أنهم شديدو الخوف من الله تعالى ويخشونه حتى أولئك العشرة المبشرون بالجنة، وكأنك لم تقرأ سير هؤلاء الرجال، فالمؤمن الصادق هو دائما بين الخوف والرجاء فلا يكون من القانطين اليائسين، ولا من أهل الكبر وادعاء الأمن من عذاب الله.

ومن أجل أن تتعظ إليك ما رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة في باب مناقب عمر بن الخطاب قال :"لما طُعِن عمر جعل يألم فقال له ابن عباس (وكأنه يجزعه): يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبتَه ثم فارقته وهو عنك راضٍ ثم صحبتَ أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت صَحَبَتَهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون. قال: أمَّا ما ذكرت من صحبة رسول الله ورضاه فإن ذاك مَنٌّ منَ الله تعالى مَنَّ به عليَّ، وأمَّا ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك مَنّ مِنَ الله جل ذكره مَنَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبًا افتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه" انتهى، فهل حالك أعلى من حال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الولي الملهم ثاني أفضل رجل في أولياء البشر بعد الأنبياء عليهم السلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة؟!











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...