بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يونيو 2019

حُكمُ زيارةُ القُبُورِ

حُكمُ زيارةُ القُبُورِ
زيارةُ القُبُورِ جائزةٌ ، والنهيُ عنها الواردُ في بعضِ الأحاديث منسوخٌ بحديث :" كُنْتُ نهَيتُكم عن زيارة القُبورِ ألا فزُورُوها " .. رواه الترمذيُّ وابنُ ماجة والنسائيُّ .. فإنْ قيلَ إنَّ الأمرَ لبيان الرُّخْصَة فقط قلنا بلْ حَثَّنا رَسُولُ الله على زيارة القبورِ بقوله:" زُورُوا القُبورَ فإنها تُذَكِّـرُكُمُ الآخرة " ، رواه البيهقيُّ وغيرُه ..
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" لَعَنَ الله زَوَّارات القُبور " ..
رواه الترمذيُّ في[(سننه)/كتاب الجنائزِ عن رَسُول الله]....
وفي لفظ :" لَعَنَ الله زائرات القبور " . رواه الترمذيُّ في[(السُّنن)/كتاب الصَّلاة]..
قال الترمذيُّ في قول رَسُول الله لعَنَ الله زَوَّارات القُبور ما نصُّه :" هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح . وقد رأَى بعضُ أهلِ العلم أنَّ هذا كانَ قبلَ أنْ يُرَخِّصَ النبيُّ في زيارة القُبُور ، فلمَّا رَخَّصَ دَخَلَ في رُخصته الرِّجالُ والنساء . وقال بعضُهم إنما كُرِهَ زِيارةُ القُبُورِ للنساء لقلَّة صَبرِهنَّ وكَثرَة جَزَعِهِنَّ "ا.ه..
أُنْظُرْ[(سننَ الترمذيِّ)/كتاب الجنائزِ عن رَسُول الله]..
ويُمْكِـنُ القَوْلُ بأنَّ النهيَ الواردَ في الحديث المذكورِ محمولٌ على زيارة النساء التي يَكُونُ معها النياحةُ والندبُ ونحوُ ذلك ، وأمَّا ما خَلا عن ذلكَ فهو جائزٌ مَعَ الكَراهة للنساء عندَ بعضِ الأئمَّة ومن دون كَراهة عندَ بعض .
والقولُ بالجَوازِ من دون كراهة أقوَى ودليلُه ما رُوِيَ عَنْ أُمِّ المؤمنينَ عائشةَ أنها سألتْ رَسُولَ الله أنْ يُعَلَّـمَهَا ما تَقُولُ عند زيارة القُبُور ، فعلَّمها أنْ تقول :" السَّلامُ على أهلِ الدِّيار من المؤمنينَ والمسلمينَ ، ويَرْحَمُ الله المستقدِمينَ منَّا والمُسْـتَأْخِـرِين ، وإنَّا إنْ شاء الله بكم للاحقون " . رواه الإمامُ مسلم في[(الصَّحيح)/كتاب الجنائز]..
وممَّا يُسَنُّ قولُه عندَ زيارة القُبُورِ :" السَّلامُ عليكُم يا أهلَ القُبُور ، يَغْفِـرُ الله لنا ولكُم ، أنتم سَلَفُنَا ونحنُ بالأَثَر " .. أخرجَه الترمذيُّ في[(السُّنَن)/كتاب الجنائز عن رَسُول الله]وحَسَّـنَه ..
ووَرَدَ الحديثُ في[(صحيح مسلم)/كتاب الطَّهارة]بلفظ :" السَّلامُ عليكم دارَ قوم مؤمنين ، وإنا إنْ شاء الله بكم لاحقُون " ..
وفي ذلكَ دليلٌ على صحَّة سَماعِ المَيِّت ، ولولا ذلك لم يَكُنْ لهذا الخطاب معنًى .. ولا حُجَّةَ في استدلال الوَهَّابيَّة بقول الله تعالى (( وما أنتَ بمُسْمِعٍ مَنْ في القُبُور ))[فاطر/22]، فإنه مُؤَوَّلٌ لا يُحْمَلُ على الظَّاهر . والمُرادُ به تشبيهُ الكُفَّارِ بمَنْ في القُبُورِ في عَدَم انتفاعهم بكَلام رَسُول الله مَعَ كَوْنهِم أحياء " .

الأربعاء، 26 يونيو 2019

من هم الجهمية وما حكمهم وما هي بعض عقائدهم الفاسدة؟

من هم الجهمية وما حكمهم وما هي بعض عقائدهم الفاسدة؟


الجواب: الجهمية فرقة ضالة هم أتباع جهم بن صفوان توفي سنة 128 للهجرة كان في زمن الإمام أبي حنيفة توفي سنة 150 للهجرة رضي الله عنه، وقال أبو حنيفة فيه إنه كافر ضال لما بلغه من مخالفاته الكثيرة لعقيدة أهل السنة والجماعة، ومن تلك الضلالات الكثير قال به ابن تيمية الحراني المجسم بعد جهم بنحو 600 سنة.
ومن تلك المخالفات والضلالات ما ذكره الشيخ محمود خطاب السبكي الأزهري مؤسس الجمعية الشرعية بمصر المتوفى سنة 1352هـ في "إتحاف الكائنات ببيان مذهب السلف والخلف في المتشابهات" حيث ردّ بإسهاب على المشبهة أتباع ابن تيمية وأظهر مواضع الشبه بين عقيدتهم وعقيدة ابن صفوان الضال، فمما ذكره رحمه الله نقلاً عن الإمام عبدالقاهر البغدادي في الفرق بين الفرق ونصه رضي الله عنه: فإن الجهمية أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال (أي نفى اختيار العباد لأفعالهم مطلقاً جعلهم مثل ماء البحر يتحرك بلا إرادة)، وأنكر الاستطاعات كلها، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان (وهذا كفر، ووافقه ابن تيمية في فناء النار وحدها وهو كفر كذلك)، وزعم أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط (نفى ان تكون العبادات من الإيمان)، وأن الكفر هو الجهل به فقط (فعنده كثير من الكفر ليس كفراً)، وزعم أيضاً أن علم الله تعالى حادث (أي مخلوق، وكلام جهم هذا كفر)، وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء حي أوعالم أو مريد (وكل ذلك من كلامه ضلال)، وقال لا أصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره كشيء موجود وحي وعالم ومريد ونحو ذلك (وهذا قياس فاسد)، وقال بحدوث كلام الله تعالى كما قالته القدرية (الضالة) (وقالت أهل السنة ان الله متكلم بلا حرف ولا صوت)، وأكفره أصحابنا (أي قال أهل السنة إنه كافر) في جميع ضلالاته.ا.هـ.
ثم ان ابن تيمية كثيراً ما يشتم اهل السنة والجماعة يقول عنهم جهمية يريد من ذلك التشويش على المسلمين، فهو لخبثه يقول كاذباً في كتابه بيان تلبيس الجهمية (يريد أهل السنة والجماعة) ما نصه "وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف ‏الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم"ا.هـ.‏
نقول نحن أهل السنة والجماعة إنه يكفي في تبرئة أئمة الحديث ما نقله أبو الفضل التميمي رئيس الحنابلة ببغداد وابن رئيسها عن أحمد بن حنبل قال: "وأنكر أحمد على من يقول بالجسم (أي في حق الله)، وقال إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا ‏الاسم على ذي طولٍ وعرضٍ وسمكٍ وتركيبٍ وصورةٍ وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمى ‏جسمًا لخروجه عن معنى الجسمية، ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل".اهـ، ونقله الحافظ البيهقي عنه في مناقب ‏أحمد وغيرُه.‏
وهذا الذي صرح به أحمد من تنزيه الله عن هذه الأشياء الستة هو ما قال به الأشاعرة والماتريدية وهم أهل ‏السنة الموافقون لأحمد وغيره من السلف في أصول المعتقد، فليعلم أن نفي الجسم عن الله جاء به السلف، ‏فظهر أن ما ادعاه ابن تيمية أن السلف لم يتكلموا في نفي الجسم عن الله غير صحيح، فينبغي استحضار ما قاله ‏أحمد فإنه ينفع في نفي تمويه ابن تيمية وغيره ممن يدعون السلفية والحديث.‏
وهذا البيهقي من رؤوس أهل الحديث يقول في كتاب الأسماء والصفات في باب ما جاء في العرش ‏والكرسي عقب إيراده حديث "أتدرون ما هذه التي فوقكم" ما نصه "والذي روي في آخر هذا الحديث إشارة إلى ‏نفي المكان عن الله تعالى، وأن العبد أينما كان في القرب والبعد من الله تعالى سواء، وأنه الظاهر فيصح إدراكه ‏بالأدلة والباطن فلا يصح كونه في مكان، واستدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه بقول النبي "أنت الظاهر فليس ‏فوقك شىء، وأنت الباطن فليس دونك شىء"، وإذا لم يكن فوقه (أي الله) شىء ولا دونه شىء لم يكن في مكان." اهـ.‏

الاثنين، 24 يونيو 2019

كشف ضلالات ناظم القبرصي جمع الشيخ سميرالقاضي (1)

كشف ضلالات ناظم القبرصي جمع الشيخ سميرالقاضي (1)



بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة


الحمد لله رب العالمين، حمى الدين بأهل العلم العاملين، الصوفية الصادقين، أهل الزهد العارفين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى ءاله وصحبه ومن اتّبعهم بإحسان وسلّم.


أما بعد، فقد قال الله تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ. سورة ءال عمران/31، ومن هذه الآية أخذ الجنيد البغدادى رضى الله عنه قوله: الطريق إلى الله مسدودة إلا على المقتفين ءاثار رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو عبد الرحمن السلميّ الصوفيّ والحافظ الخطيب البغداديّ. فعلامة محبة الله لإنسان هوأن يكون هذا الإنسان متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم، وعلامة شذوذ الإنسان أن يكون مخالفاً للرسول في العقيدة والعمل.


وقد حذّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الشاذين بقوله: أناس من جلدتنا، يتكلمون بألسنتنا، تعرف منهم وتنكر،دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها. رواه البخاري ومسلم.


ومن هؤلاء رجلٌ ما عُرف بعلم، ولا شُهر بزهد، قلبه معلق بلندن وباريس، لا يغادر لندن إلا ليعود إليها. اسمه ناظم القبرصيّ ويلقبه جماعته أحياناً بالحقانيّ ( كما كان هويلقّب شيخه الداغستاني، وما أبعدهما من الحق ) تلبيساً وتدليساً. ورث من شيخه المعروف بعبد الله الفائز الداغستانيّ زيغاً واحتيالا وضلالا، ثم زاد عليه من وسوسات شياطينه ما جعله في البدعة إماماً، عملاً ودعوة واعتقاداً، فلم يعد للسكوت عنه مجال. كيف وقد نشر كتبًا أحيى بها من الكفر ما كان انقرض، وتتلمذ له طلاب حذَوا حذوه وتبعوه عميًا وصمًا وبكمًا.

أظهروا للناس نُسكًا ---------- وعلى المنقوش داروا

كبار العمائم، صغار الحلوم، لا يعرفون فقهًا ولا تفسيراً ولا صرفًا ولانحوًا ولا حديثًا ولا تاريخًا، وإنما هو: قال شيخنا وعمل شيخنا !! حضرت مرة مجلسًا في شيكاغو في جمع من الناس كبير، فقام واحد من طلابه - بل هو خليفته المنتظر - واسمه هشام القبّاني، خطيبًا في الناس فقال والعياذ بالله: إن الرحمن هو محمد. فرددت عليه في المجلس وبينت أن هذا زيغ وردة، فسكت ولم يُحِرْ جوابًا، ومع ذلك ماتراجع ولا ندم، ولا طرف له جفن تأثرًا مما قال، بل داهن ونافق، فبئس القدوة هم، وويل لمن اتخذهم في الدين أئمة.


وقد كان بلغني سوء حال ناظم القبرصي بشهادة الثقات الذين لقوه في طرابلس ودمشق ولندن وممن لقى شيخه من قبله كذلك، وهم ما زالوا أحياء يَعون ما يقولون ويعرفون بما يشهدون. ثم وقع تحت يدي بعض كتب شيخه الداغستانيّ وعليه صورته ثم أحاديث له نشرتها جريدة الأنوار اللبنانية فإذا فيهما سخافات عجيبة وضلالات غريبة.


بعد ذلك زرت فرنسا سنة 1415 هـ ولقيت فيها بعض الفرنسيين ممن منّ الله عليهم بالإسلام فحدثني بأنه كان لازم القبرصيّ زماناً، وظنه هاديًا إلى الخير مدة، حتى انكشف له فساد طويته، وسوء سريرته، وأنه كان قصد لندن ولزمه هناك سنة وحصّل من كتبه جملة ما زالت عنده، فلما أطلعني عليها وجدت فيها منجَمْعِ الضلالات ما لم أظنّ يومًا أنه يخرج من رأس رجل واحد، لا سيما وهو يدعي الإسلام.


ثم وصلني تأليفٌ لرجل من أهل السنة في بريطانيا ردّ فيه على هذا المبتدع وطلبه للمناظرة العلنية مرارًا فتهرب خائفًا لكنه أوعز إلى أتباعه الأوباش فتهددوا هذا السنيّ إن لم يكف عن الرد على شيخهم، ثم إنهم بعد ذلك انفردوا به فضربوه، هداهم الله ووقى المسلمين شرهم. وهذا السنيّ لديه شرط مسجلة لبعض الدروس بصوت ناظم نفسه.


ومؤخراً اطلعت على مقالات ومجلات ينشرها أتباع القبرصيّ يمدح فيها ناظمٌ بريطانيا وأهلها وأميرها، فعلمت أنه أظهر ما كان خبّأه، وأشهر ما كان أضمره، وأوضح بكلامه هذا من يدفعه ويدعمه، وأنه إنما يشرب من نفس مشرب القاديانيّ المتنبئ ويكرع من مصدر كدرته ومن عين منبع قذورته.


ومما زاد الطين بلة ادعاء هذا الزائغ طريق الصوفية الأبرار ومشرب السادة النقشبندية الأطهار، وأنه شيخ الزمان وإمام العصر،وسلطان الأولياء، مع أن طريقهم مقيد بالكتاب والسنة، ما وافقهما هو المقبول وما خالفهما فهو المطروح. فجاء بما لا تقبله الطريقة ولا يقرّه أئمتها، وإنما هو ينطق بلسان الإباحية وغلاة الباطنية قبّحهم الله وأبعدهم.


فلما عادى هذا الرجل الله والرسول والأئمة اتخذناه - لله تعالى - عدوًّا، وأخذتنا الغيرة على مشرب أهل الله الصافي من أن يسعى لتكديره بقذاراته، فكتبنا هذه الورقات - جهد المقل- طلبًا لرضى الله تعالى واتقاء لسخطه،فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس. وجعلنا كتابنا فيفصول ذكرنا في كل منها نوعًا من أنواع ضلالات ناظم القبرصي وشيخه الداغستاني من غيرأن نقصد حصرها -لكثرتها- وإنما قصدنا أن يَحذَرَها ذو لب ويُحذِّرَها ذو لبويُحذِّر منها، وألحقنا بذكر كلّ منها الردّ عليها من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة الذين يتبجح ناظم بالانتساب إليهم زورًا وبهتانًا وأسميناه ( فصل الخطاب في الرد على المدعي الكذاب ) أو ( براءة الصوفية من دعاوى شيخ الباطنية ) أو ( ناظم القبرصيّ... والدعوة إلى الباطنية تحت ستار الإسلام ). وعمدتنا في هذا التحذير الواجب ءايات وأحاديث منها قول الله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ. سورة ءال عمران/110.وحديث البخاري ومسلم وأبي داود والترمذيّ عن عائشة أن رجلا استأذن على النبيّ صلى الله عليه وسلم فلما رءاه قال: بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة. ا.هـ


وقد روى البيهقيّ وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حتى متى ترعون عن ذكر الفاجر؟ اذكروه بما فيه حتى يَحذَره الناس.ا.هـ. وبالله التوفيق والقوة وعليه الاعتماد.


فصل في بيان ضلالة القبرصىّ الأولى وهي قوله إنّ الشيخ لا يُرَدّ عليه في شىء ولا يُعتَرَضُ عليه في أمر ولو خالف الشريعة المطهرة.


اعلم، رحمك الله بتوفيقه، أن ناظمً االقبرصىّ لا يرجع فيما يقول إلى دليل من كتاب أو سنة، وإنما هي خرافاته وخرافات شيخه، لا يؤيدها بعقل، ولا يعضدها بنقل. ثم هو باطنيّ يحلّ الحرام ويحرّم الحلال، ومن كان كذلك لا يقيم للكتاب العزيز اعتبارًا، ولا للحديث الشريف وزنًا، لكنه لايستطيع التصريح بذلك دومًا، فهو لذلك يلجأ إلى تحريف النصوص أو تفسيرها على غير وجهها بغير قرينة ولا دليل، لا يرجع إلى إمام تفسيرٍ معتبر، ولا فقيهٍ معتمدٍ، ولا مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة. ومن اعتبر كتبه المطبوعة وأشرطته المسجلة وجد صدق ذلك، والأمر لمن يريد التأكد بنفسه سهل.


وهو يسلك نفس طريق الإسماعيلية وغيرهم من الباطنية في إقناع أتباعه بذلك.


أولاً: يزهدهم في علوم الشريعة ويوهمهم أنها لا تنفعهم حتى يتركهم في الجهل غارقين، لا يعرفون إلا قوله ولا يرجعون إلا لكلامه. يقول في الكتاب المسمى ( محيطات الرحمة، ءافاق لا متناهية ) في الصفحتين السادسة والخمسين والسابعة والخمسين: يقول: يوم القيامة يسأل الله تعالى عالمًا من العلماء هل أنت عالم دين؟ فيجيب كما تعلم يا رب. فيقول الله له وماذا تعلمت من هذا العلم؟ فيقول حفظت القرءان غيبًا. فيقول الله هذا ليس علمك، هذا علمي. فأخبرني ماذا تعلمت غير هذا؟ فيقول العالم حفظت ءالاف الأحاديث النبوية. فيقول الله هذا علم نبـيى وليس علمك. لكن ماذا غير هذا؟ فيجيب العالم عرفت قواعد الفقه وأحكامه. فيقول الله هذا علم فقهاء المذاهب وليس علمك. وماذا أيضًا؟ فيقول العالم عرفت أقوال كثير من الصوفية فيقول الله وهذا أيضًا علمهم وليس علمك!!. وهكذا يُظهرُ الله لهذا الإنسان أنه بالحقيقة ما حصّل شيئًا من العلم طول حياته. إنتهى كلامه.


أقول من قرأ هذا الكلام أو سمعه فصدقه وأخذ به هل يبقى لديه هِمّة ليتعلم شيئًا من علوم الشريعة؟؟


أم هل يهتم بعد ذلك بحفظ كتابٍ أو سُنّةٍ أو قول إمام إلا أقوال ناظم وفلسفاته؟!


وإن لم ندرس القرءان والحديث ومعانيهما وما يتعلق بهما من كريم العلوم لنَعْلَم ديننا فماذا ندرس؟!


أم نترك مذهب الشافعيّ ومالك وابن حنيفة وأحمد لنتبع العقيدة الناظمية؟!


وما معنى قوله في الخرافة التي حكاها عن الله: هذا علمي وليس علمك؟! مع أنّ كل علم يحصله الإنسان فهو معلوم لله تعالى، فعلى مقتضى كلامه مهما أتعب الإنسان نفسه لا يحصّل من العلم شيئًا.


وأهل السنة يسألونه هل يكون لعبدٍ علمٌ لا يعلمه الله؟ فإن قال نعم فهو كفر صريح، وإن قال لافقد نقض حكايته وأفسد ما غزله بلسانه. وبالله العصمة والتوفيق.


والحقيقة أن القبرصيّ مفلس من حفظ القرءان، ومن حفظ الحديث، ومن معرفة الفقه. وامتحانه في هذا -إن قَبِلَ- سهل. فهو لذلك يختار السبيل الهين ليقول ما يشاء من خياله من غير تقيد بقوانين أو بشريعة، ويُموّهُ على أتباعه بمثل هذه الخرافة ليوهمهم بأن أقواله هي العلم الحقيقيّ!!


وليت شعري ماذا يفعل هذا الزائغ بقول الله تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْءانَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ. سورة الإسراء/9، وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرءان وعلمه. رواه البخاريّ، وبقوله صلى الله عليه وسلم: تعاهدوا هذا القرءان فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتًا من الإبل في عُقُلها. متفق عليه، ولماذا أتعب الصحابة أنفسهم في حفظ القرءان فمنهم من حفظه كله ومنهم من حفظ نصفه ومنهم من حفظ دون ذلك أو أزيد؟! وكذلك التابعون وأتباعهم وتبع الأتباع؟! ولماذا أجمعت الأمة على فضل حفظ القرءان واستظهاره؟! وهل يقبل عاقل أن يكون هَدْي الرسول وأصحابه وكل الأمة باطلًا ليكون كلام القبرصيّ حقًا؟! قطعًا لا. ولا أدري كيف يقبل أتباع هذا الرجل منه أن يسكت عنهم وهم يلازمونه سنين ليعرفوا أقواله ويحفظوها ويرى هذا منهم حسنًا، في حين يرى في الوقت عينه أنهم لو أمضوا هذه الأوقات في تعلم أقوال أئمة الدين يكون هذا منهم جهلا وتضييعًا للعمر؟! كيف والجنيد البغداديّ رئيس الصوفية رضي الله عنه يقول: إنه لَيَرِدُ عليّ الوارد فلا أقبله إلا بشاهدي عدل كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهل يعرف ماذا يقول كتاب الله من لم يَدرُسهُ؟! أو هل يعرف سنة الرسول من لم يدرسها؟


وكتاب القبرصيّ المذكور ءانفًا كُتِبَ باللغة الإنكليزية، وهو يُوَزَّعُ من قبل الناظميين أنفسهم، معروف بينهم ومتداول، يرى ذلك ناظم وخليفتاه عدنان قباني وأخوه هشام بأعينهم، ولاينكرونه، وهو مطبوع في سنة 1980 ر، عليه اسم ناظم، وهو عندي يَطَّلِعُ عليه منيريد، وقد حصلت عليه من الرجل الفرنسيّ الذي ذكرته ءانفًا، جزاه الله خيرًا.


ثانيًا: يُزهّد أتباعه في سؤال العلماء واستفتائهم ويحُطُّ مقامهم في أعينهم إذ هو يعرف أنّ أهل العلم هم القادرون على كشف ضلاله، فهو لذلك يَستبق الأمر لينفّر مريديه منهم. يقول في كتابه ( محيطات الرحمة..تعاليم مولانا عبد الله الفائز الداغستاني ) في الصحيفة 117 منه: علماء كثيرون ينكرون هذا الحديث أو ذلك في حين أن الأولياء يثبتونها. لذلك نحن نأخذ الحديث من هؤلاء الذين عندهم في قلوبهم نور الإيمان الذي يبين لهم الحق. يعني أمثاله من أصحاب الدعاوى الفارغة لا أهل العلم بالحديث كما صرّح به في أكثر من موضع في هذا الكتاب.


ويسأله -بعد أسطر- سائلٌ: إذن حتى نصل إلى درجة الرؤيا العالية هذه التي يملكها الأولياء علينا أن نعتقد أن كل الأحاديث صحيحة. فأجاب القبرصيّ: نعم"!!!!


بل يقول في الصحيفة 117 أيضًا من الكتاب نفسه: كذلك إذا وجدنا أيّ حديث في أيّ كتاب يحوي أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم نقْبَله احترامًا للرسول !!! فإن كان غير صحيح فلا مسئولية علينا!!! هذا أدب عال!!! إذا إنسان قال هذا حديث نصدقه إجلالا للرسول". إنتهى كلامه.


أقول: إن لم يكن هذا هو التلاعب بالدين فماذا يكون؟! وماذا يقال في تعاليم رجل يزعم أن كل من نسب حديثًا للرسول عليه السلام علينا تصديقه؟! أليس هذا يفتح الطريق لكل محتال وعدو للإسلام ليدسّ ما يشاء ويحرف ديننا بغير رقيب؟! وليقول كلُّ راغب ما يشاء من غير ميزان يُرجَع إليه إلا الإلهام والنور المزعومين اللذين يستطيع ادعاءهما كل أحد؟ وهذا بالضبط ما يريده القبرصيّ.


وليت شعري هل الأدب مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ومعحديثه هو أن نخلط الصحيح بالسقيم، والمستقيم بالمعوجّ كما يقول هذا القبرصيّ المجنون؟!! أم الأدب مع رسول الله ومع حديثه هو أن نغار على جنابه الشريف من أنيُنسب إليه ما لا يليق؟ وأن نحمي حديثه من الكذب والافتراء وإدخال موضوعات الدجالين واختلاقاتهم عليه؟ ولو كان الأدب ما قاله هذا القصّاص فلماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين. رواهمسلم. ولماذا أتعب علماء الدين أنفسهم في وضع قواعد علم الحديث وتأليف الكتب لبيان الصحيح من المكذوب؟ وهل يكون وليّ الله الإمام البخاريّ، وتلميذه مسلم، والترمذي،وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، وابن حبان، والبيهقي، وابن الصلاح، والحافظ ابن حجر العسقلاني، والسيوطي، والزبيدي، وغيرهم من علماء الأمة، هل يكونون كلهم على باطل في اشتراطهم شروطًا دقيقة لجواز قبول الحديث والعمل به ( على عكس كلام القبرصيّ )؟! وهل يُقبل أن يكون البخاريّ ومسلم قد أتعبا نفسيهما بغير طائل عندما صنّفا الصحيح والتاريخ وتكلما في جرح الرجال وتعديلهم وفي قبول أحاديث ورَدّ أخرى؟وهل يقبل مسلم واحد أن ينسب إليهم قلة الأدب في ذلك كما زعم هذا القبرصيّ؟ وهل هوأعلم منهم أو أفقه أو أورع أو أتقى؟ وهل سبقه إمام من أئمة الصوفية الذين لا خلاف على جلالتهم كالجنيد البغدادي وعمرو بن عثمان المكّيّ وأبي عثمان المغربيّ والرفاعيّ والجيلانيّ وشاه نقشبند والبدويّ والشاذلي إلى مثل هذه المقالة؟!! إنأجاب بنعم فضح نفسه لأن الصغير من المسلمين يعرف أن هذا كذب، وإن كان جوابه لا فليستحِ من الله ومن المسلمين وليتْبع سَنَنَ أهل العلم والإخلاص بدل أن يَشذّ عنهم.


لكن الظاهر أنه متكبر بعيد من ذلك، وإلا فما معنى حطه من مقام العلماء وقدقال ربنا تبارك وتعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء، سورة فاطر/28. وقال ربنا: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، سورة الزمر/9، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. رواه الترمذي- وهذا في العابد حق العابد، وقال عليه السلام أيضًا: العلماء ورثة الأنبياء. رواه أبو داود.


وهل الصالحون إلا من تعلم ما فرض الله عليه من علم الدين ثم عمل بذلك؟


وإن لم يكن العلماء العاملون أهل الولاية فمَن الأولياء بتعريف القبرصيّ وأمثاله؟


ولله درشيخنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه فإنه جلى هذه النقطة وأوضحها في البرهان المؤيد فقال: قولوا قال الشافعي، قال مالك، قال أحمد، قال نعمان. صححوا المعاملات البينية وبعدها تفكهوا بالمقولات الزائدة. قال الحارث وأبو يزيد لا يُنقِص ولا يزيد، وقال الشافعيّ ومالك أنجح الطرق وأقرب المسالك... أشياخ الطريقة وفرسان ميادين الحقيقة يقولون لكم خذوا بأذيال العلماء، لا أقوللكم تفلسفوا ولكن أقول لكم تفقهوا. من يردالله به خيرًا يفقهه في الدين.


ويقول رضي الله عنه في موضع ءاخر من البرهان: أي سادة، إنّ نهاية طريق الصوفية نهاية طريق الفقهاء، ونهاية طريق الفقهاء نهاية طريق الصوفية، وعقبات القطع التي ابتُلي بها الفقهاء في الطلب هي العقبات التي ابتُلي بها الصوفية في السلوك. والطريقة هي الشريعة، والشريعة هي الطريقة، والفرق بينهما لفظيّ، والمادة والمعنى والنتيجة واحدة. وما أرى الصوفيّ إذا أنكر حال الفقيه إلا ممكورًا، ولا الفقيه إذا أنكر حال الصوفيّ إلا مبعودًا.... فهذه كلمات الرفاعي رضي الله عنه تحكم على القبرصيّ بالشذوذ وبمخالفة منهاج العارفين وبأنه ممكور به. والإمام أحمد الرفاعيّ من أكابر الصوفية العارفين بالإجماع، وحتى ناظم القبرصيّ يصرح بانه من أكابر الأولياء كما في نفس كتابه المذكور ءانفًا، وكان رضي الله عنه يحفظ القرءان والأحاديث بأسانيدها ويعرف الفقه الشافعيّ ويدرّسه ويحث مريديه على ذلك ( تمامًا على خلاف منهج القبرصيّ ). وللعاقل بعد ذلك أن يتأمل ثم يعجب من جرأة ناظم هذا على تعدي حدود الشرع ثم يحكم عليه بما يستحقّ.


ثالثًا: يزرع القبرصي في نفوس أتباعه أنّ الجاهل لا مسئولية عليه. يقول في كتاب تعاليم شيخه الداغستانيّ السابق الذكر في الصحيفة 57 منه: كلما ازددنا علمًا ازدادت مسئوليتنا، أما الجاهل فلا مسئوليةعليه. ا.هـ. فيزيد بذلك تنفير أتباعه من العلم ليبقوا جهالا مستسلمين له يتبعونه في كل ترهة من ترهاته.


وأقول كلامه هذا تكذيب للقرءان وللرسول ولأئمة الهدى.


يقول ربنا تبارك وتعالى: وَمَا ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا. سورة الحشر/7.وهذا الرجل يقول يجوز للشخص أن يستمر جاهلا مخالفًا للرسول يَتْرُك الأخذ بما جاء به الرسول ويفعل ما نهى عنه ثم لا مؤاخذة عليه في الآخرة لأنه جاهل!!! كيف ولو كان الأمر كذلك لكان الجهل خيرًا من العلم، لأنه على مقتضى كلامه الجهل يضمن النجاة في الآخرة وليس العلم ضامنا لذلك. وبيان سقوط مثل هذا القول لا يحتاج إلى بسط عبارة. وهو كفر ظاهر. كيف لا وهو تكذيب لقوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، سورة الزمر/9، وتكذيب لحديث أبي داود: وقاضٍ قضى بجهل فهو في النار، ولحديث أبي داود أيضا في المصاب الذي أُفتِيَ بالاغتسال بالماء مع أنه كان يضره فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قتلوه قتلهم الله. وإنما شفاء العيّ السؤال.


وكذلك هو تكذيب لإجماع الأمة على وجوب تعلم قدر من علم الدين فرضا عينيا وعلى إثم من أهمل ذلك.


وقد قال سيدنا الرفاعيّ رضي الله عنه: ما اتخذ الله وليًا جاهلا ... الوليّ لا يكون جاهلا في فقه دينه ... العلم المختصر علم ما أمر الله به ونهى عنه، والعلم الأتم علم التفسير والحديث والفقه... إلخ. ذكره في البرهان.


وقبله قال ولي الله بلا خلاف إمامنا الشافعي رضي الله عنه: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة. ونقله عن النووي في أول المجموع. ويكفي في هذا الباب كلام سيد الطائفة الجنيد رضي الله عنه - والذي يدّعي هذا المفتون أنّ سنده في التصوف من طريقه - قال رضي الله عنه: من لم يحفظ القرءان ولم يكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا العلم، لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة.. ا.هـ. رواه الحافظ الخطيب البغدادي. ومعنى كلامه هذا واضح لذي لب وصريح في بابه، فمن لم يحصّل علم الدين المبني على الكتاب والسنة أنّى يصلح أن يكون مُسلّكًا مربيًا؟!


فإذا ترك مريد القبرصي تعلّم العلم ضاع منه الميزان الشرعي، وصار طعمة لهذا الرجل ولشيطانه، يأكل به الدنيا ويتكسّب به الجاه، ويوهمه أنه يرقيه وهو ينزل به إلى الحضيض.


رابعًا: إذا قطع المريد المخدوع هذه المراحل، وصدّق ترهات هذا الرجل، يصير عندئذ جاهزًا لحقنة جديدة من السموم فيفتيه هذا الدجال بعجائب من الفتاوى، يصيّره بها ملحدًا معلنًا منقطعًا حتى عن مظاهر العبادات !!! فالقبرصيّ فضلا عن جهله الفاضح بالدين، ولجوئه إلى الأكاذيب العجيبة، حيث يقول مثلا بأن هناك روح للروح!! وروح لروح الروح !! أو يقول بأن الله خلق السموات والأرض في سبعة أيام (بدل ستة) !! أو يقول بأن رابعة العدوية من أهل البيت !!... إلخ فإنه يسعى لإلغاء أحكام الشريعة وهدمها. فيلغي فريضة الصلاة، ويقلل من شأن الصيام، ويحث على أكل الحرام، وكل ما يشغل باله هو... الزواج !! وكم من مرة حدث أتباعه عنه!! ويا ليته حدثهم عن أحكامه الشرعية، ولكنه يحدثهم ليقول لهم: لما يجامع الرجل زوجته في ليلة الدخول تُغفر لهما كل ذنوبهما!! أو نحوذلك من الخرافات.


فمن مشي على دربه صار منكرًا لأحكام الشريعة المحمدية متبعًا لأحكام شريعة ناظم القبرصيّ، همّه بطنه وفرجه، لا يجتنب حرامًا، ولا يتوقى شبهة، ولا يخاف عقاب الآخرة... لا سيما والقبرصي قال لهم: إن الله يغفر لعباده في كل ليلة كل ذنوبهم !! الشيطان يغويهم بالنهار والله يغفر لهم ذلك في الليل. !! ا. هـ.


قلت مثل هذا الهذيان العجيب لا يصدقه إلا من سقطت همته، وسخف فكره، وانسلخ من دين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.


وفي كل هذا يتبع ناظم طريقة ملاحدة المتصوفة وقدماء الباطنية - المشهورين بالحشاشين - فيصور لأتباعه أن فهم الدين لا يكون إلا من طريقه، وأن أسراره - كما يعبّر - لا تعرف إلا بواسطته، وأنه رئيس الأولياء وزعيم الأتقياء، فما قاله فهو الدين، وما نطق به فهو الصواب، لا يجوز الاعتراض عليه، ولا تقاس أفعاله بميزان الشرع!! بل هو أعلى من ذلك !! ومن زان أعمال ناظم بهذا الميزان فهو قصير النظر محروم!! فاشل في الامتحان، بعيد من التجلّيات!! فهو - على زعمه - لا يُعترَض عليه مهما فعل وهو على صواب ولو خالف أوامر الله والرسول !! والدين - عنده وعند الأغبياء ممن عبدوه - هو قوله وفعله لا ما بلّغه سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم وأمر به.


استمع إليه يقول ( في الصحيفة 108 من كتابه محيطات الرحمة الآنف الذكر ) : شيخنا الكبير - ويعني به عبد الله الداغستاني - أنه في هذا الزمن هو وحده من بين الأولياء أُعطي الإذن ليتحدث عن العلم المكتوم، وأنه أُعطي الإذن ليتحدث بأسرار القرءان. إنتهى كلامه. وناظم هو خليفته وترجمانه وناقل أفكاره، وهذا معناه أنه هو وحده حامل حقيقة معاني الشرع، وأن من أرادها لا سبيل له إليها إلا من طريقه. وهذا أمر قد صرّح به ناظم في أكثر من موضع ومناسبة وكتاب.


قلت وأيّ علم مكتوم يزعمه هذا الدجال وقد بلّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما أوحى إليه ربّه. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ، سورة المائدة/67. ونصّ ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والنحل على كفر من زعم أن النبيّ بلّغ فقط ظاهر الشريعة وأن لها باطنًا يخالف ذلك الظاهر. كيف لا وقد قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، سورة المائد/3. فقارن ذلك بكلام القبرصي ثم احكم عليه بما يستحق.


واستمع إليه يقول في الكتاب المسمّى ( محيطات الرحمة .. اللآلئ الزهرية!! ) صحيفة 45 منه: شيخنا الكبير كثيرا ما كان يقول لي: يا ناظم أفندي، لا تضع كلماتي في الميزان لتزنها. لا تقل لماذا يفعل شيخي كذا أو يقول كذا ! ا هـ.


وانظر قوله في الكتاب عينه بعد أسطر معدودات: شرط صحة اتباعك لنا أن تتبعنا من غير أن تحكم على أعمالنا ولا تعترض. ا هـ.


بل إنه - في سبيل جرّ هؤلاء الرعاء الذين يتبعونه من غير عقل خلفه - يشبّه نفسه بالخَضر عليه السلام ويدع نفسه المريضة في مصاف نبيّ من الأنبياء حتى يصل والعياذ بالله إلى القول: فإذا تعلّق الأمر بأفعال شيخك فإياك أن تحاول تقويمها أو وزنها بعقلك حتى لوكنت نبيّ الله موسى !!!! ا هـ. ذكره في نفس الكتاب.


قلت: بالله عليكم هل يصدر مثل هذا الكلام إلا عن نفس مريضة؟ وهل يكون صاحبها إلا ملحدًا منحلا من الدين ومن اتّباع الشريعة ؟ وهل يجوز أن يقال عن مثل هذا الرجل سلطان الأولياء أو رئيس العارفين أو نحو ذلك من الألقاب التي يخلعها أتباعه عليه؟!! كلا والله. وإنما الواجب على المسلمين التحذير منه، وهو من أهم الجهاد. وفيه عظيم الثواب أكثر من بناء مسجد لله تعالى!! كيف لا، وفي هذا صيانة الدين وعقيدة المسلمين، والقيام بفرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


كيف يزعم ذلك هذا القبرصي الأبيض وقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: المؤمن مرءاة أخيه. رواه أبو داود .


وكان عمر يراجع أبا بكر في أمور يرى الصواب بخلافها ( وأبو بكر أفضل الصحابة كما لا يُخفى )، وكانت المرأة التي هي أقل درجة من عمر بكثير تراجعه وتقول له ليس لك أن تفعل كذا، فيرجع عمر إلى قولها ويقول: أخطأ عمر وأصابت امرأة ا هـ. ولم يقل أبو بكر يومًا ولا عمر أنا أكبر من أن أُراجَع فلا تقيسوا أقوالي وأعمالي بعقولكم، ولا قال أحد منهما اتبعوني عميًا صمًّا بكمًا، ولا ادّعى أحد منهما أنه من أحاط بأسرار الشريعة وتفاصيلها كما يدّعي هذا الجاهل الذي لا يعرف أركان الصلاة ولا مبطلات الوضوء. بل سُئِل أبو بكر عن معنى آية من القرءان يومًا فقال: أيّ أرضٍ تقلني وأي سماء تظلني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم ا هـ. وكان عمر يقول نعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن. ا. هـ. ومنهاج الصحابة ومن بعدهم من العلماء والأولياء أنه إذا ظهر لهم خطأ بدليل شرعيّ رجعوا عنه. وما كانوا قط يقولون نحن أهل الباطن وأنتم أهل الظاهر. الشيخ عبد القادر الجيلاني ما قال هذا ولا الرفاعي ولا شاه نقشبند ولا خلفاؤه ولا أحد من الصوفية الصادقين. وأما هذا القبرصي فيقول: أنا المنفرد في هذا العصر بمعرفة أسرار الشريعة!!!! فعلى زعمه عرف ما لم يعرفه أبو بكر ولا عمر ووصل في علو المرتبة إلى ما لم يصلا إليه !!! ومن بلغ به الغرور مثل هذا المبلغ فلا كلام معه.


لقد أسمعت لو ناديتَ حيًا ولكن لا حياة لمن تنادي


ومع هذا يجب التحذير منه ديانةً، لا سيما وفي هذا التحذير تبرئة للصوفية الأطهار من دنس هذه القاذورات حتى لا يتخذ أعداء التصوف أقوال ناظم وأفعاله سببًا للطعن في هذا المسلك الشريف، ( وهم قد بدءوا يفعلون ذلك فعلا ). وإنما طريق أهل الله الانكسار للشرع، والتواضع للمؤمنين، وترك الدعاوى العريضة من غير طائل. ليس همّهم أن يعظّمهم الناس، ولا أن يمدحوهم، وإنما همّهم مرضاة خالقهم. لا يعتبرون أنفسهم فوق النصيحة ولا يتكبّرون عن قبولها، ولا يعتبرون المريد الذي ينصحهم فاشلا ولا زائغًا، بل هو عندهم المقبول. وإن حصل منهم مخالفة للشرع فبُيِّن لهم رجعوا وأنابوا ولم تأخذهم العزة بالباطل. فالشرع عندهم الأصل لاعباراتهم وأقوالهم. ( تمامًا على عكس ناظم المنتسب زورًا إلى مسلكهم ).


يقول السيد المفخم والبحر الغطمطم الوليّ بلا نزاع الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه: سلّم للقوم أحوالهم ما لم يخالفوا الشريعة فإذا خالفوا الشريعة فكن مع الشرع ا هـ. ويقول الباز الأشهب واليث العثمثم السيد عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه: إذا رأيت من الشيخ خطأ فنبّهْهُ فإن رجع فذلك الأمر وإلا فاتركه واتبع الشرع ا هـ. ذكره في كتاب أدب المريد.


فقارن أيها القارئ بين أقوال هذين الإمامين العظيمين وبين قول القبرصيّ ( لا تراجع شيخك ولو كنت نبيّ الله موسى ) تعرف مقدار الفرق بين أسود الرجال الوقّافين عند حدود الله، والمعظّمين لأنبياء الله، وبين الثعالب والغربان اللاهثين خلف جِيَف الدنيا المنتنة.


فالواجب النهوض بالتحذير من هذا القبرصيّ وإظهار شذوذه غضبًا لله وللشريعة، ويجب ترك المداهنة فيذلك فإنها لا تفيد يوم القيامة شيئًا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا - أي ليس منأهل كمال الإيمان- من لم يوقّر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر. رواه ابن حبّان. والكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.


وهذه النبذة كافية لكل ذي قلبٍ واعٍ في بيان حال الناظميين، ولتحريك همّته على مكافحة شرّهم. ومع هذا، نُتبِع هذا الفصل بعون الله بفصول قصيرة تظهر أقوال هذه الفرقة الخطيرة واعتقادات شيخها القبرصيّ مع رد موجز على كل ضلالة، زيادة في البيان، وحتى لا يبقى لمدلس مقال. والله الموفّق للصّواب.


فصلٌ في تسوية القبرصي وشيخه عبد الله الداغستاني لنفسيهما بالله تعالى.


يقول ناظم القبرصي فيكتابه محيطات الرحمة ص 6: أوامر القطب هي أوامر الله ومشيئته مساوية لمشيئة الله. ا. هـ.


ويقول شيخه عبد الله الفائز الداغستاني في كتابه الوصية ص9: التعريف الثاني للطريقة هو أن يكون المريد مستعدًا لتلقي الأمر من مرشده كما كان الرسول ينتظر مجيء الوحي من الله. ا. هـ.


قلت هذا كلام عجيب يكذبه قول الله تعالى وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ. سورة النور/21. ويكذب هقول الله تعالى: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. سورة التكوير/29.


ويكذبه حديث رسول الله: كل يؤخذ من قوله ويترك غير رسول الله. رواه الطبراني. ويكذبه سيرة أبي بكر وسيرة عمر حيث كانا يختلفان في الرأي فيراجع عمر أبا بكر ويطول بينهما الكلام ولا يقول أبو بكر لعمر كلامي كالوحي، ولا يعتقد عمر مثل ذلك.


ويكذبه أيضا فعل عمر لما أقر بالخطإ عندما راجعته المرأة في مسئلة مهور النساء. رواه سعيد بن منصور في سننه.


ولكن القبرصي وشيخه الذي يزعم كل منهما أنه قطب زمانه وشيخ أوانه لا يرضيان إلا أن يعبدهما أتباعهما، فنعوذ بالله من شرورهما ومن الضلالة بعد الهدى وحسبنا الله ونعم الوكيل.


فصل في تسوية ناظم القبرصي لملكة إنكلترا بالله عزّ وجل!!!


يقول القبرصي في كتابه المسمى: محيطات الرحمة. ص9: الله تعالى طلب محمدًا عليه السلام إلى حضرته القدسية فأطاع الرسول الأمر ومثل في الحضرة الإلهية كما تتلقى ملكة إنكلترا الرجل النبيل. ا.هـ.


فانظر أيها القارئ إلى وقاحة هذا الكافر الذي يساوي بين الخالق وبين ملكة إنكلترا!!! لتدرك حقيقة هذا الرجل وتعرف أين منبع مشربه ومن أين يُوجَّهُ نشاطه.


وفساد كلامه ظاهر كالشمس لا يحتاج إلى بيان.

الأربعاء، 12 يونيو 2019

الرد على المجسمة في شرح حديث الجارية

الرد على المجسمة في شرح حديث الجارية


بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم، والملائكة المقربين، على سيدنا محمدٍ، أشرف المرسلين، وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين، وسلام الله عليهم أجمعين.

أما بعد فقد روى مسلم والبيهقي، أن رسول الله قال: "إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء"، قيل: ومن هم الغرباء يا رسول الله، قال: "الذين يصلحون من سنتي ما أفسد الناس"، وسنة الرسول هي شريعته، أي العقيدة والأحكام.

في هذا الحديث بشارة لمن يتمسك في هذا الزمن الذي فسدت الأمة فيه بسنة الرسول، أي شريعته وهي العقيدة والأحكام. إذا قال المشبه: "إن القرءان والحديث يدلان على أن الله تعالى متحيز في جهة فوقٍ"، كيف يرد عليه؟ الرد يكون بالدليل النقلي، لأن هذه الفرقة، فرقة التشبيه تقول: "نثبت لله ما أثبت لنفسه وننفي عنه ما نفى عن نفسه"،ويريدون بكلامهم هذا أنهم يثبتون لله مشابهة الخلق. أما قولهم: "وننفي عنه ما نفى عن نفسه"، يريدون بذلك نفي تنزيه الله عن التحيز في المكان والجهة، وعن الجسمية ونحو ذلك من أوصاف الجسم، كالحركة والسكون والانتقال والانفعال إلى غير ذلك من صفات الحجم. القدماء منهم كان قسم منهم يقول: "هو حجم لطيف نور يتلألأ"، أما هؤلآء الذين في هذا العصر يقولون عن الله: "جسم كثيف"، بدليل قولهم إنه في الآخرة لما يقال لجهنم هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد إن الله تعالى يضع قدمه فيها ولا يحترق، فهذا دليل على أنهم مجسمة.

أما الرجل ما ورد على أنه صفة لله تعالى، بل ورد على معنًى ءاخر، وهو جزء من خلقه، يقال في لغة العرب: "رجل من جرادٍ" أي فوج من جرادٍ، فالحديث الذي ورد فيه ذكر الرجل مضافًا إلى الله هو حديث: "إن الله تبارك وتعالى يملأ يوم القيامة جهنم بفوجٍ من خلقه"، كانوا من أهلها في علم الله تعالى، ليس أهل النار يدخلون النار دفعةً واحدةً كلهم، لا، بل يدخل فوج، ثم بعد ذلك فوج، ثم بعد ذلك فوج، فالفوج الأخير هو الذي ورد في الحديث: "فيضع رجله فيها"، رجله معناه الفوج الأخير من خلقه الذين هم حصة جهنم. عن هذا عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "يقال لجهنم هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟ فيضع الجبار رجله فيها، فينزوي بعضها إلى بعضٍ، فتقول قطٍ قط"(رواه البخاري) أي اكتفيت، اكتفيت، معناه وجدت ملئي، وجدت ما يملؤني. "فينزوي بعضها إلى بعضٍ" معناه عندما يرسل الله فوجًا جديدًا، ءاخر فوجٍ، النار تتقلص، كانت تتسع ثم هي تتقلص مع هؤلاء، بأكل هؤلاء،. "رجله" معناه الفوج الأخير الذين يقدمهم للنار، تقول العرب: "رجل من جرادٍ" أي فوج من جرادٍ، أما من توهم من هذا الحديث أن لله تعالى رجلاً بمعنى عضوٍ فهو كافر مشبه لله بخلقه، لا ينفعه انتسابه إلى الإسلام، لأن من لم يعرف الله لا تصح عبادته.

كذلك رواية القدم: "فيضع فيها قدمه" معناه الشىء الذي يقدمه الله لجهنم، أئمة اللغة قالوا: القدم ما يقدمه الله تعالى للنار، ليس بمعنى أن له عضوًا فيقدم هذا العضو في النار، أي يدخله فيها، تنزه ربنا عن أن يكون له عضو. إذا أورد أحد المشبهة حديث الجارية، يقال له: هذا الحديث يخالف الحديث المتواتر الذي رواه خمسة عشر أو ستة عشر صحابيًا، وهذا الحديث المتواتر الذي يعارض حديث الجارية، قوله عليه الصلاة والسلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"، هذا الحديث معناه، أنه لا يحكم بإسلام الشخص إلا بالشهادتين. وحديث الجارية فيه أن الرسول اكتفى بالحكم لإسلام الجارية التي جاء بها صاحبها ليمتحنها الرسول ليعتقها إن كانت مؤمنةً بأنها قالت: "في السماء"، ففيه أن الرسول قال لها: "أين الله؟"، قالت: "في السماء"، قال: "من أنا؟"، قالت: "رسول الله"، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة".

هذا اللفظ رواه مسلم من طريق صحابيٍ واحدٍ، وبين ظاهر هذا الحديث وبين الحديث المتواتر الذي رواه خمسة عشر صحابيًا تعارض، لأن ظاهر حديث الجارية يوهم أنه يكفي أن يقول الشخص: "الله في السماء" للحكم بالإيمان، وهذا خلاف الحق، لأن قول: "الله في السماء" عقيدة اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار، بهذا يرد عليهم. فإن قال قائل إن هذا الحديث حديث الجارية وافق عليه شراح مسلمٍ: النووي والرازي وغيرهما؟ الجواب: أن يقال، إن هؤلاء ما حملوه على الظاهر، بل أولوه، النووي والرازي وغيرهما الذين شرحوا كتاب مسلمٍ ما حملوه على الظاهر كما أنتم حملتموه على الظاهر، إنما قالوا: معنى "أين الله؟" سؤال عن عظمة الله، وليس سؤالاً عن التحيز في مكانٍ، لأنه يقال في اللغة: " أين فلان؟" بمعنى ما درجته؟ ما علو قدره؟ فإذا قال "في السماء" معناه رفيع القدر، عالي القدر، على هذا حملها هذان الشارحان، النووي والرازي، ما حملاه على الظاهر كما حمله المشبهة على الظاهر. فإن تركتم حمله على الظاهر وأولتموه كما أولوه، لم يلزمكم الكفر بالنسبة لهذه المسئلة، كما أن أولئك لما حملوه على خلاف الظاهر، وأولوه أي أخرجوه عن الظاهر، ما فسروه على الظاهر، سلموا من الكفر، أما لو حملوه على الظاهر وقالوا: هذا دليل على أن الله متحيز في السماء لكان حكمهم كحكمكم، وهو التكفير.

ثم إن كلمة "في السماء" في اللغة، تستعمل للتحيز، وتستعمل لرفعة القدر، أي علو الدرجة، الله وصف نفسه بأنه رفيع الدرجات، أي أنه أعلم من كل عالمٍ، وأقدر من كل قادرٍ، ونافذ المشيئة في كل شىءٍ، كلمة "أين" كذلك تأتي للسؤال عن الحيز والمكان، وتأتي للسؤال عن القدر والدرجة[1].

أما احتجاج هؤلآء المشبهة بآية: } ءأمنتم من في السمآء { [سورة الملك، 16]، فالجواب أن يقال لهم: } من في السمآء { المراد الملائكة، وليس المراد بكلمة } من { الله، لأن الملائكة لو أمرهم الله أن يخسفوا بالمشركين الأرض لخسفوا بهم، كذلك الآية الأخرى التي تليها، أي ريحًا شديدةً، فالملائكة هم يرسلون الريح، فالله تعالى لو أمرهم بأن يرسلوا ريحًا تبيدهم لفعلوا، هذا معنى الآيتين: } ءأمنتم من في السمآء أن يخسف بكم الأرض { والآية التي تليها: } أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبًا { [سورة الملك] أي ريحًا شديدةً، وهذه الآية تفسر بما ورد في الحديث الصحيح: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، ووردت رواية صحيحة أخرى: "ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء"، هذه الرواية فسرت قول الله تعالى: } من في السمآء { المذكورة في الآية أن المراد بـقوله تعالى: } من في السمآء { الملائكة، لأن الله لا يعبر عنه بأهل السماء، إنما يعبر بأهل السماء عن الملآئكة، لأنهم سكانها، أي سكان السموات، بهذا يجاب عن تمسك المشبهة بالاحتجاج بهاتين الآيتين.



[1] كذلك كلمة "أكبر" تأتي للتعبير عن كبر الحجم وتأتي لغير ذلك، فلما نقول: "الله أكبر"، معناه الله أقوى من كل قادرٍ وأعلم من كل عالمٍ، ليس معناه أن الله شىء ضخم أخذ مساحةً كبيرة.

الاثنين، 10 يونيو 2019

التحذير من حسن قاطرجي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد


يقول الله تعالى : " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " الأية ويقول الله تعالى : " بل نقذف بالحق على الباطل فيدفعه " الأية الانبياء (18) .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم .

دعانا الشرع الكريم الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والى إبطال الباطل وإحقاق الحق .

ولقد كثر المفتون اليوم بالدين بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان وزاد الانحراف وامتد وكثر المفترون ، لذلك كان لا بد من كتابة رسالة مختصرة في الرد على المفترين لبيان الحق من الباطل والصحيح من الزائف .

أما سبب هذا الكتاب فهو أن رجلاً من أهل لبنان يدعى حسن قاطرجي يدعي المشيخة والعلم قد تفاقم ضرره واستطار شرره حتى وصل ذلك الى خارج لبنان فاقتضت النصيحة للمسلمين ان نظهر لهم حوار هذا المفتون وفساده .

وليس ذكرنا لهذا الرجل المنحرف في هذه الرسالة من الغيبة المحرمة إنما هو من التحذير الواجب .

فقد روى مسلم في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قـال : " مـن غـشنـا فلـيس منا"

ورورى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في رجـلـين كـانا يـعـيـشـان بين المسلمين :
" ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً" .

واذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال للخطيب الذي قال : " من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى " " بئس الخطيب انت " رواه الامام احمد وغيره .

وذلك لأنه جمع بين الله والرسول بضمير واحد فقال له قل : " ومن يعص الله ورسوله " فلم يسكت عن هذا الأمر الخفيف الذي ليس فيه كفر واشراك فكيف يسكت عمن يحرف الدين وينشر ذلك بين الناس فهذا أجدر بالتحذير والتنفير منه .

لذلك حذّر الشافعي من معاصره حرام بن عثمان وكان يروى الحديث ويكذب - فقال :
" الرواية عن حرام حرام " وقد جرح الامام مالك في بلديّه ومعاصره محمد بن اسحاق صاحب كتاب المغازي فقال فيه : " كذاب " .

وقال الإمام احمد : " الواقدى ركن الكذب " وابو حنيفة ناظر فرقة الخوارج والقدرية وغيرهما مرات عديدة وسافر الى البصرة لمناظرتهم أيضاً نيفاً وعشرين مرة .


أخي الكريم 
هاكم بعض أقوال هذا المدعو حسن قاطرجي مع فقدها العلمي المؤيد من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام واجماع فقهاء الملة

(2) يقول حسن قاطرجي : كان الشافعي ينهى النهي الشديد عن علم الكلام . 
أنظر مجلة الهداية العد 21 ربيع الأول 1412هـ - 1991ر .

الرد : ليعلم ان علم الكلام قسمان : ممدوح ومذموم .

فعلم الكلام الذي يشتغل به أهل السنة والجماعة في تقدير معتقداتهم هو علم ممدوح اشتغل به السلف والخلف لا سيما الشافعي ومالك واحمد وابو حنيفة ، كما ذكر الإمام الزركشي في تشنيق المسامع والحافظ ابن عساكر في تبين كذب المفتري والإمام ابو منصور البغدادي في اصول الدين وغيرهم بل كان هذا العلم متوفراً بين الصحابة فقد روى ابن عباس وابن عمر على المعتزلة وقطع الخبر ابن عباس أيضاً بالحجة وقطع عليّ الخوارج بالحجة وقطع دهرياً وأقام الحجة على أربعين رجلاً من اليهود المجسمة بكلام نفيس مُطْنَبِ .

ومن التابعين رد على المعتزلة عمر بن عبد العزيز والحسن بن محمد ابن الحنفية وغيرهما، وقطع إياس بن معاوية القاضي القدرية ، وقطع الخليفة عمر بن عبد العزيز أصحاب شوذب الخارجي والف رسالة في الرد على المعتزلة وهي رسالة وجيزة وقطع ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك غيلان بن مسلم أبا مروان القدري .

وكذلك اشتغل بهذا العلم الحسن البصري وهو من أكابر التابعين .

فكيف ينقل حسن قاطرجي هذا العبارة المطلقة عن الشافعي ليوهم القارىء ان الشافعي ذم علم الكلام بالإطلاق وقد ألف الشافعي رضي الله عنه كتاب " القياس " رد فيه على القائلين بقدم العالم من الملحدين ، وكتاب "الرد على البراهمة " وغير ذلك .

وقد قال الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابه الذي ألفه في الدفاع عن الامام الاشعري وبيّن فيه كذب من افترى عليه ما نصه : والكلام المذموم كلام اصحاب الاهوية وما يزخرفه ارباب البدع المُرْدية فأما الكلام الموافق للكتاب والسنة عند العلماء ومن يعلمه . وقدكان الشافعي يحسنه ويفهمه . وقد تكلم مع غير واحد ممن ابتدع وأقام الحجة عليه حتى انقطع . أ.هـ

ثم ذكر باسناده الى الربيع بن سليمان قال : حضرت الشافعي وحدثني ابو سعيد اعلم انه حضر عبد الله بن عبد الحكم ويوسف بن عمر وبن يزيد وحفص الفرد وكان الشافعي يسميه المنفرد ، فسأل حفص الفرد عبد الله بن عبد الحكم فقال : ما تقول في القرءان ، فأبى ان يجيبه فسال يوسف بن عمر فلم يجبه ، وكلاهما أشار الى الشافعي فسأل الشافعي فاحتج عليه الشافعي ، فطالت فيه المناظرة .

فقام الشافعي بالحجة عليه بأن القرءان كلام الله غير مخلوق ، وكفّر حفصا الفرد .

قال الربيع " فلقيت حفصأ في المسمى بعد ، فقال اراد الشافعي قتلي أ. هـ .

وقد رد الإمام الحافظ البلقيني في حواشي الروضة على من أوّل قول الشافعي لحفص : " لقد كفرت بالله العظيم " بكفران النعم لا كفران الخروج عن الملة بقوله :

فائدة : هذا التأويل لا يصح لأن الذي أفتى الشافعي رضي الله عنه بكفره هو حفص الفرد. وقد قال : أراد الشافعي ضرب عنقي ، وهذا هو الذي فهمه اصحابه الكبار وهو الحق وبه الفتوى" أ. هـ .

وما ذكره حسن قاطرجي في المجلة المذكورة في نفس العدد المذكور أن الشافعي يقول : أحدهم اذا خالفه صاحبه يقول : " كفرت والصواب أن يقال فيه أخطأت لا كفرت ". غير صحيحة ولم تثبت عن الشافعي انما الثابت الذي ذكرناه عنه قوله لحفص ، لقد كفرت بالله العظيم .

ثم كيف يليق بالشافعي وبالأئمة ان يقولوا لمن كفر : " أخطات لا كفرت "؟؟ أليس في هذا غش ؟؟ وكيف يعرف حقيقة حاله ذاك لينقذ نفسه ؟؟ .

وما يروى عن الشافعي انه ذم على الكلام فمراده ما قاله الحافظ ابو بكر البيهقي في منقب الشافعي : انما أراد الشافعي رحمه الله بهذا الكلام حفصاً وأمثاله من أهل البدع . وهذا مراده بكل ما حكى عنه في ذم الكلام وذم أهله . غير ان بعض الرواة اطلقه وبعضهم قيده ، وفي تقيد من قيده دليل على مراده . أ.هـ .

يقول : واما علم الكلام الذي يشتغل به أهل البدع كالخوارج والبخارية والمرجئة والمعتزلة والكرامية والحشوية فهو علم مذموم ذمه علماء السلف والخلف . لذا قال الإمام الشافعي رضى الله عنه :لأن يلقى الله عز وجل العبدُ بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من ان يلقاه بشئ من هذه الاهواء . رواه الإمام المجتهد ابو بكر بن المنذر وأخرج طرقه الحافظ ابن عساكر وغيرها .

والأهواء جمع هوى وهو ما مالت إليه نفوس المبتدعة الخارجين عما كان عليه السلف . نعم قد اسفر الصبح لذى عينين .

(3) يقول حسن قاطرجي : أن قول بعض العلماء : " ان فخذ الرجل ليس بعورة " شاذ ولا يأخذ به إلا شاذ . انظر المجلة منبر الداعيات العد السابع رجب 1416هـ كانون الأول 1995 .

الـرد : 
ليعلم ان هذه المسئلة من المسائل التي اختلف فيها العلماء فقال الشافعي وكثير غيره ان عورة الرجل ما بين سرته وكبته .

وقال الإمام المجتهد محمد بن جرير الطبري والتابعي الجليل عطاء بن ابى رباح الذي قال عنه ابو حنيفة : ما رأيت افقه منه والإمام مالك في قول له وكذلك الإمام احمد بن حنبل في قول له : إن عورته السوأتان فقط . روى عن احمد ذلك مُهنا احد كبار الثقات الآخذين عنه . ولهم الحديث الذي رواه البخاري واحمد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، يوم خيبر حَسَ الازار عن فخذه ، قال أنس : حتى إني لأنظر الى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم .

وحديث عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيّه ( أو ساقيه ) فاستأذن ابو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوّى ثيابه فدخل فتحدث فلما خرج قالت عائشة : دخل ابو بكر فلم تهتش له ولن تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له لم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسوّيت ثيابك فقال : الا استحي من رجل تستحي منه الملائكة رواه الإمام مسلم .

وحسن الحافظ ابن حجر في كتابه تخريج احاديث المختصر : هذا حديث " من طريق حفصة أم المؤمنين رضي الله عنه وفيه الجزم ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان جالساً في بيته كاشفاً عن فخذيه ". أ. هـ .

فليس لمن رأى رجلاً ءاخذا بهذا القول عاملاً به ان يعترض عليه كما يعترض على فاعل المعصية ، إذ إنه لم يرتكب معصية بأخذه بقولهم ، ولكن يجوز ان يقول له خير لك ان تستر ما بين سرتك وركبتك . وذلك عملاً بالقاعدة المتفق عليها : " لا ينكر المختلف فيه وانما ينكر المجمع عليه" الا اذا كان الشخص يعتقد فيه حرمته .

ومما يدل على ان القول : بأن فخذ الرجل ليس بعورة قال به بعض أئمة الاجتهاد ولا ينكر على من أخذ بهذا القول ما ذكره النووي في المجموع ج 3/ 169 .

والشيخ زكريا الانصاري الشافعي في شرح روض الطالب ج 4/ 180 والمرداوي الحنبلي في الانصاف ج 1/ 449 .

وكتب التاج والاكليل لمختصر خليل في هامش مواهب الجليل على مذهب الإمام مالك ج 1/ 498 .

وكما في فتاوى الشيخ عز الدين بن عبد السلام المالكي ( ق/ 51-52 ) وهو مخطوط .

وكتاب الدر الثمين للشيخ محمد بن احمد يارة المالكي ص 128 وكتاب حاشية رد المختار على الدر المختار على مذهب الحنفية ج 1/ 44.

وهذا لذي ذكره المفسرون كالفخر الرازي في تفسيره ج 23/ 449 .

والقرطبي في الجامع لاحكام القرءان ج 7/ 182 وج 12/ 225 .

حتى إن ابن حجر الهيتمي الشافعي المتوفى سنة 974 هـ . افتى في عامل يكشف فخذه في حال عمله بالسكوت عنه قال لأن الفخذ يجوز كشفه في أحد قول مالك واحمد كما في كتابه الفتاوى الكبرى .

وذكر ابن الحاج المالكي المعروف بالتشدد ان اظهار بعض الفخذ مقررة على المشهور كما نقل ذلك عنه الحطاب المالكي في مواهب الجليل .

اذا تبين لك يا أخي الكريم ان هذه المسئلة مما اختلف فيها الأئمة المجتهدون فكيف يسمى حسن قاطرجي ما ذهب اليه بعض المجتهدون انه شواذ والعياذ بالله . ومن يكون هو أمامهم ؟.

نعم صدق من قال : " والجاهلون لأهل العلم اعداء " وكفاه عيباً لم يجعل اعتباراً للحديث الثابت حديث حفصة الذي فيه التصريح بكشف الفخذ وقد حسنه الحافظ ، وأما أحاديث القول بأن فخذ الرجل عورة فقد ضعفه البخاري وغيره ، والقول بأن كشف الفخذ غير عورة رجحه ابن الحاج في المدخل وهو من مشاهير المالكية وغيره . والقول بأن الامامين مالكاً واحمد قالا بذلك لا ينكره الا معاند .

(4) ويقول حسن قاطرجي : ولتحرص الأخت على الاستكثار من المطالعة في تفسير " في ظلال القرءان " للشهيد سيد قطب أ. هـ . 

ثم قال : ألح على اختيار تفسير من التفاسير المعاصرة الموثوقة التي تربط المسلم والمسلمة بقضايا المسلمين المعاصرة وتحيى قضية شمولية الاسلام ومنهجية الاسلام وضرورة اللاحتكام الى شرع الله سبحانه وتعالى من جديد وتبين مناهج الاسلام ويعتبر كتاب " في ظلال القرءان " نموذجاً فذّاً في هذا الباب أ. هـ . وذكر في شريط مسجل بصوته عنوانه : " تزكية النفس " . 

الرد : هذا دلالة واضحة على ان هذا الرجل غير شفيق على المسلمين ولا يهمه انتشار العلم بطريقة صحيحة من غير تحريف ولا تبديل . 

فقوله : " من المطالعة" دلالة على انه لا يحبذ طريقة العلماء وهي الأخذ بالتلقي مشافهة من الثقات ، بل هو على شاكلة من ذكره " وهو سيد قطب " الذي لم يأخذ العلم من الثقات . 

أخي الكريم 

فقد اتفق السلف والخلف على أن العلم الديني لا يؤخذ بالمطالعة من الكتب ، بل التعلم من عارف ثقة أخذ عن مثله الى الصحابة . قال الحافظ ابو بكر الخطيب البغدادي : " لا يؤخذ العلم إلا من أفواه العلماء ". 

وقال بعض السلف : الذي يأخذ الحديث من الكتب يسمى صحفياً ، والذي يأخذ القرءان من المصحف يسمى مصحفياً ولا يسمى قارئاً . وهذا مأخوذ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه " رواه الطبراني . 

وهذ الرجل سيد قطب لم يسبق له أن جثى بين يدي العلماء للتعلم . ولا قرأ عليهم ولا شمّ رائحة العلم . كان في أول أمره صحفياً ماركسياً ثم انخرط بعد ذلك في حزب الاخوان فصدروه ، فأقدم على التأليف فزل وضل ، ومن وقف على كتبه وكان من أهل الفهم والتميز وجدها محشوة بالفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وعلم انها تنادى بجهله فمتى كان سيد قطب قدوة للمسلمين ؟؟.. ومتى كانت كتبه تعد من مراجع أهل العلم ؟؟.. سبحانك هذا بهتان عظيم .

حتى وصل الأمر بسيد قطب الى الطعن بالأزهر فقال : " أما انت أيها الأزهر فقد أضعت الدين وأفسدت الدنيا " كما في مجلة الفكر الجديد 1948 العدد 6 السنة الاولى - 5 فبراير . 

واتباعه الفرقة المسماة " الجماعة الاسلامية " نقلوا عنه ذلك في مجلتهم " الامان " العدد الرابع السنة الاولى 26 ربيع الاول 1399هـ الموافق 23 شباط 1979 ر . 

فتصدى له مشايخ عصره وحذروا منه كالشيخ محمود خطاب السبكي والشيخ ابو الخير وغيرهما من علماء الازهر ، فكيف يصح جعله قدوة ومرجعاً وهو الذي ألف كتاباً في غرامياته سماه " أشواك " وهو الذي دعا الناس نساءً ورجالاً الى العرى التام كما في مجلة الاهرام 17 ايار 1934 

فكيف يسوغ لحسن قاطرجي ان يشجع الناس على قراءة كتاب " في ظلال القرءان " لسيد قطب وهو محشو بالانحرافات ان لم يكن عالماً بما فيه معناه هذا الرجل يدعو الى الانحراف والزيغ . نعوذ بالله من الخذلان . 

أخي الكريم 

إن سيد قطب شبه الله بخلقه فسماه "بالعقل المدبر " " والريشة المبدعة " في تفسيره لسورة البقرة ولسورة النبأ . انظر تفسيره المجلد الاول الجزء الثاني ص 204 و206 والمجلد السادس الجزء الثلاثين ص 429 . وهذا مما لا يخفى أنه إلحاد قال تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحذون في اسمائه . 

وقال الإمام ابو جعفر الطحاوي في عقيدته التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة .
" ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر " .

وخالف أيضاً جميع علماء الاسلام في قوله : إن قول الله تعالى : " وهو معكم أينما كنتم " هي كلمة على الحقيقة لا على الكتابة والمجاز . فالله سبحانه مع كل واحد ومع كل شئ في كل وقت وفي كل مكان أ. هـ أنظر المجلد 6/ ج7 / 3481 من كتابه المذكور . 

معناه جعل الله منتشراً في العالم وهذا كفر . وقوله " في كل مكان " هذا لم يقله أحد من السلف إنما قاله جهم بن صفوان الذي قتل على الزندقة في أواخر ايام الامويين أما علماء الاسلام اتفقوا على ان معنى قوله تعالى : " وهو معكم أينما كنتم " أحاطة كلمة تعالى بكل الخلق . 

ويقول سيد قطب في كتابه المذكور مجلد / ج7 / 1057 : فقد ارتدت البشرية الى عبادة العباد والى جور الاديان وعن لا اله لا الله وان ظل فريق منها يردد على المآذن لا اله إلا الله دون ان يدرك مدلولها . 

ثم يتابع ويقول : البشرية بجملتها بما فيها اولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا اله إلا الله بلا مدلول ولا واقع وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا الى عبادة العباد أ. هـ . 

وقال في المجلد 3/ ج8/ 1198 من أطاع بشراً في شريطه من عند نفسه في جزئية صغيرة فإنما هو مشرك . 

يقول : وان كان في الأصل مسلماً ثم فعلها فإنما خرج بها من الاسلام الى الشرك أيضاً ، مهما بقي بعد ذلك يقول أشهد أن لا اله الا الله بلسانه بينما هو يتلقى من غير الله ويطيع غير الله أ. هـ . ثم يطلق القول بعد ذلك في المجلد الثالث الجزء الثامن ص 1257 : " وأن الاسلام اليوم متوقف عن الوجود مجرد الوجود " أ.هـ . 

نقول : والعجب من اتباعه والمنادين برأيه المكفرين لمن حكم بالقانون ولو في جزئية صغيرة ، قسم منهم يشتغلون بالمحماة وقسم آخر يتعاملون بالقانون كمعاملات الباسبور والفيزا ونقل الكفالة .

مؤلفاتهم او مطبوعاتهم حرموا على غيرهم أن يطبعوها إلا بإذنهم ، ويعتقدون ان من فعل ذلك يحاكم قانوناً وكفاهم هذا خزياً وتهافتاً ومناقضة لأنفسهم ، فعلى مؤدى كلام زعيمهم كفروا وهم لا يشعرون ، وهم على موجب نصه عباد لسائر الدول التي يعيشون فيها ، فمن حقق في أمر هذا الرجل عرف انه ليس له سلف إلا طائفة من الخوارج يقال لهم البيهسية منفردين عن سائر فرق الخوارج بقولهم : " ان الملك اذا حكم بغير الشرع صار كافراً ورعاياه كفار من تابعه ومن لم يتابعه . 

وسيد قطب كأنه اعاد دعوة عقيدة تلك الفرقة الخارجية التي هي من أشدهم في تكفير المسلمين وكفاه ذلك خزياً وضلالاً .

ومما يدل عل انه يريد الدمار والخراب في البلاد ولا يريد تعلم علم الدين على الوجه الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم . قوله في المجلد الرابع الجزء الثالث عشر 2012 :ان العمل في الحقل الفكري للفقه الاسلامي عمل مريح لأنه لا خطر فيه ولكنه ليس عملاً للاسلام ولا هو من منهج هذا الدين ولا من طبيعته ، وخير للذين ينشدون الراحة والسلامة ان يشتغلوا بالأدب وبالفن أو التجارة ، أما الاشتغال بالفقه الآن على ذلك النحو بوصفه عملاً للاسلام في هذه الفترة فاحسب والله أعلم .. انه مضيعة للعمر وللاجر أيضاً أ. هـ . 

نقول : وأما قوله تعالى : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون . فقد روى مسلم في الصحيح عن الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه قال : نزلت كلها في الكفار أ. هــ وذكر مثل ذلك القرطبي في تفسيره الجامع لاحكام القرءان ( ج6/ 190 و191 ) وكذلك الخازن في تفسيره ( ج 1/ 467و468) وأخرج الحاكم في المستدرك ج2/ 313 ووافقه الذهبي وأخرج البيهقي في سننه الجزء الثامن ص20 وغيرهما عن حبر الامة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في هذه الاية انه قال : إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، انه ليس كفراً ينقل عن الملة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، كفر دون كفر أ. هـ . ومعنى كفر دون كفر أي ذنب كبير . 

أخي الكريم 

فتسمية حسن قاطرجي لسيد قطب " بالشهيد وتشجيع الناس على قرءاة كتبه دلالة واضحة على أنه يوافقه فيما يدعو إليه من الفساد كتكفير الحكام والشعب الذين لا يثورون على حكامهم لكونهم لا يلتزمون الحكم بالشريعة الاسلامية في كل قضاياهم لذا كان من جملة قتلة سماحة الشيخ نزار حلبي رحمه الله تلاميذ حسن قاطرجي كما صرحوا بذلك نعم لقد شهد على نفسه أنه على مذهب سيد قطب في استحلال قتل الملوك والرعايا . 

ثم هذا حسن قاطرجي الا يعرف ان سيد قطب نسب الكفر والشرك الى خليل الله ابراهيم عليم السلام كما في كتابه المسمى : " التصوير الفني في القرءان " ص133 واداة جهله أيضاً الى القدح والذم بسيدنا موسى عليه السلام كما في كتابه المذكور ص162 ويتهم سيدنا يوسف عليه السلام بأنه كاد يضعف أمام امراة العزيز كما في ص166 من كتابه الذكور ونختم كلامنا في هذا الموضوع بما ذكره الشيخ مصطفى صبرى في كتابه : " موقف العقل والعم والعالم " ص 327. 

قال سيد قطب في آخر مقالته المنشورة في مجلة االسوارى : وبعد فلست انكر ان شبهات اعترضت طريقي وأنا أبحث موضوع القمة في القرءان ومشاهد القيامة في القراءن أهذا كله سوق على انه حاصل واقع أم ان بعضه مسوق على انه صور وأمثال ؟ وقفت طويلاً أمام هذه الشبهات ولكن لم أجد بين يدي حقيقة من حقائق التاريخ أو حقائق التكفير فأطمئن الى يقينتها وقطعيتها فأحاكم القرءان اليها وما كان يجوز لدى ان أحاكم القرءان الى ظن أو ترجيح ولم أكن في هذه الوقفة رجل دين قصده العقيدة البحتة عن البحث الطليق بل كنت رجل مكر يجترح فكرة عن التجديف والتلفيق ، فإذا وجد سواى هذه الحقيقة التي يحاكم اليها القرءان فإني على استعداد ان استمع إليه في هدوء واطمئنان .

أقول ( أي الشيخ صبري ) : لا يحتاج الى البحث والتنقيب عن حيقية من حقائق التاريخ أو التفكير ليحاكم القرءان إلا من يخالج قلبه الشك في كونه كلام الله الذي لا تحوم حوله شبهه الكذب أ. هـ بحروفه . 

هذه هي حقيقة سيد قطب أيها المسلمون الذي يريد ان يحاكم القرءان بزعمه ؟؟؟ 

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...