حُكمُ زيارةُ القُبُورِ
زيارةُ القُبُورِ جائزةٌ ، والنهيُ عنها الواردُ في بعضِ الأحاديث منسوخٌ بحديث :" كُنْتُ نهَيتُكم عن زيارة القُبورِ ألا فزُورُوها " .. رواه الترمذيُّ وابنُ ماجة والنسائيُّ .. فإنْ قيلَ إنَّ الأمرَ لبيان الرُّخْصَة فقط قلنا بلْ حَثَّنا رَسُولُ الله على زيارة القبورِ بقوله:" زُورُوا القُبورَ فإنها تُذَكِّـرُكُمُ الآخرة " ، رواه البيهقيُّ وغيرُه ..
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" لَعَنَ الله زَوَّارات القُبور " ..
رواه الترمذيُّ في[(سننه)/كتاب الجنائزِ عن رَسُول الله]....
وفي لفظ :" لَعَنَ الله زائرات القبور " . رواه الترمذيُّ في[(السُّنن)/كتاب الصَّلاة]..
قال الترمذيُّ في قول رَسُول الله لعَنَ الله زَوَّارات القُبور ما نصُّه :" هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح . وقد رأَى بعضُ أهلِ العلم أنَّ هذا كانَ قبلَ أنْ يُرَخِّصَ النبيُّ في زيارة القُبُور ، فلمَّا رَخَّصَ دَخَلَ في رُخصته الرِّجالُ والنساء . وقال بعضُهم إنما كُرِهَ زِيارةُ القُبُورِ للنساء لقلَّة صَبرِهنَّ وكَثرَة جَزَعِهِنَّ "ا.ه..
أُنْظُرْ[(سننَ الترمذيِّ)/كتاب الجنائزِ عن رَسُول الله]..
ويُمْكِـنُ القَوْلُ بأنَّ النهيَ الواردَ في الحديث المذكورِ محمولٌ على زيارة النساء التي يَكُونُ معها النياحةُ والندبُ ونحوُ ذلك ، وأمَّا ما خَلا عن ذلكَ فهو جائزٌ مَعَ الكَراهة للنساء عندَ بعضِ الأئمَّة ومن دون كَراهة عندَ بعض .
والقولُ بالجَوازِ من دون كراهة أقوَى ودليلُه ما رُوِيَ عَنْ أُمِّ المؤمنينَ عائشةَ أنها سألتْ رَسُولَ الله أنْ يُعَلَّـمَهَا ما تَقُولُ عند زيارة القُبُور ، فعلَّمها أنْ تقول :" السَّلامُ على أهلِ الدِّيار من المؤمنينَ والمسلمينَ ، ويَرْحَمُ الله المستقدِمينَ منَّا والمُسْـتَأْخِـرِين ، وإنَّا إنْ شاء الله بكم للاحقون " . رواه الإمامُ مسلم في[(الصَّحيح)/كتاب الجنائز]..
وممَّا يُسَنُّ قولُه عندَ زيارة القُبُورِ :" السَّلامُ عليكُم يا أهلَ القُبُور ، يَغْفِـرُ الله لنا ولكُم ، أنتم سَلَفُنَا ونحنُ بالأَثَر " .. أخرجَه الترمذيُّ في[(السُّنَن)/كتاب الجنائز عن رَسُول الله]وحَسَّـنَه ..
ووَرَدَ الحديثُ في[(صحيح مسلم)/كتاب الطَّهارة]بلفظ :" السَّلامُ عليكم دارَ قوم مؤمنين ، وإنا إنْ شاء الله بكم لاحقُون " ..
وفي ذلكَ دليلٌ على صحَّة سَماعِ المَيِّت ، ولولا ذلك لم يَكُنْ لهذا الخطاب معنًى .. ولا حُجَّةَ في استدلال الوَهَّابيَّة بقول الله تعالى (( وما أنتَ بمُسْمِعٍ مَنْ في القُبُور ))[فاطر/22]، فإنه مُؤَوَّلٌ لا يُحْمَلُ على الظَّاهر . والمُرادُ به تشبيهُ الكُفَّارِ بمَنْ في القُبُورِ في عَدَم انتفاعهم بكَلام رَسُول الله مَعَ كَوْنهِم أحياء " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق