بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 15 سبتمبر 2019

نظريات معاصرة في ميزان الشرع


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله مكوِّن الأكوان ، الموجود بلا مكان ، المنزه عن الأين والكيف والزمان والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان،،
اللهم لا سهلا إلا ما جعلته سهلا ، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً

وبعد،،

قال الله تعالى
 :
 (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) سورة البقرة الآية 164

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
(لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.) رواه أحمد في مسنده.


مقدمة :

قيل:


إخواني ،
ينبغي المعرفة يقيناً بان الدين لا يتعارض مع العلم ،

وإذا بان لإنسانٍ أنه يوجد تعارض بين الدين وبين هذه النظريات المنقولة عن الكفار ،

فينبغي ضرب هذه النظريات بعرض الحائط ، والتسليم بقول النصوص الشرعية الثابتة،
فلا ينبغي أن نسمي هذه النظريات ( علم ) ، وهي بذلك تسمى جهلاً.

وسوف نثبت أن هذه النظريات المبنية على الوهم والمظنّة ، هي قابلة للنقد ، وعادة ما يقوم الطبـيعـيون أنفسهم بنقد هذه النظريات إذا ظهر لهم ما يغلب على ظنهم أنها نظرية افـتراضية أقوى من التي سبقـتها.


فـالـعـلـم ، هــو مــا عُــلِــمَ بالفـعل وثـبت بطرق الإثـبات ، ولــم يعُـد سبـيل إلى نـقـضه .

وطرق الإثبات عديدة :
أقواها ما وصلنا بطريق النقـل ، مثل مــا هو مذكور في القــرءان الكريــم ، أو مـــا وصل إليـنا بالسنـد المتصل من النبي صلى الله عليه وءاله وسـلم والصحابة رضي الله عنهم والتابعـين والعــلماء المحقّـقـين ، مما تــم توثيقه ، وأجمـع العـلماء على صحـتـه. 


فهل نـترك العــلم الصافي الذي وصلنـا عـبر علمائــنا الثـقات ، ونــتـبـع ما جــاءنــا بــه الكـفار من نظـريــات بــاطــلـة ؟ ،


هذه النظريات التي يحاولون فيها، على زعمهم، تفسير ما غمض عليهم من الأسرار ، وما هذا إلا لأنهم ملحدون لا يؤمنون بوجود الله ، ويظنون أن الكون وُجِد صدفة ، أوجدته الطبيعة ، عبر ما يسمى بنظرية الإنفجار الكبير ،،

ويزعمون أن الإنسان تطوّر من القرد حتى وصل إلى شكله الحالي ، عبر نظرية أسموها : النشوء والترقي.
لأنهم لا يصدقون بأنه يوجد خالق ، أوجد الإنسان من العدم ، في أحسن تقويم.

ويزعمون أن الأرض في حركة دوران دائمة ، حول محورها ، وحول الشمس، وأن الشمس والكواكب والأرض في حركة دوران حول المجرة ، لأنهم يرون الشمس ثابتة ، وهم يريدون تفسير سبب تعاقب الليل والنهار ، تغيّر الفصول ، وهم إن قلتَ لهم : أن الظلمات والنور هما مخلوقان بعد أن لم يكونا ، لا يتصوره عقلهم ، ويتوهون.

وتجدهم يضعون نظرية لتفسير كل شيء ، كما فعلوا
 بنظرية الجاذبية ، ونظرية تكوّن المطر والسحاب والرعد والبرق والليل والنهار ، والظل ، وما يسمى بالضغط الجوي، وغيرها من النظرياتونظرياتهم باطلة مخالفة للدين،،،

ولما كان للأسف، معظم الطبيعيين في بلداننا، قد تبعوا هؤلاء الكفار في نظرياتهم وحذوا حذوهم ، لا بل تقوم معظم المدارس في بلادنا بتدريس هذه النظريات الباطلة على أنها حقائق علمية ،،

كان لا بد من بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في ما ذكرناه أعلاه ، مع ذكر الدليل الشرعي، غير آبهين باعتراض المعترضين الذين سيطر عليهم الجهل ، وأخذوا كلام الطبيعيين الكفار محل ثقة ، وضربوا بعرض الحائط النصوص الشرعية، وأقوال العلماء الثقات.


اللهم أرنا الحق حقاً ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

الفرق بين العلم والنظريات مفصلاً 

العلم هو ما عُلِمَ بالفعل وثبت بطرق الإثبات.
فالأمور التي نسميها علماً ، وثبتت بطريق الإثبات ، لا تتعارض مع الدين.
أما الأمور التي نسميها نظريات ، فإنها قد لا تكون علماً ثابتاً ، وإنما مجرد وجهات نظر.


الحقيقة والعلم:

لكي نقول إن هذا الأمر حقيقة علمية، لا بـــدَّ وان تكون قد استندنا في ذلك إلى العلم . والطرق التي يتوصل بها الى العلم (الذي هو معرفة المعلوم على ما هو عليه ) ثلاثة:

الأول: بالحواس السليمة،
الثاني : بالخبر المتواتر. وهذان يسميان العلم الضروري،
الثالث : بالنظر والاستدلال. وهذا يسمى العلم المكتسب .

فالعلم بواسطة الحواس السليمة هو علم ضروري أي لا يحتاج الى تفكير واستدلال لأنه لزم المخلوق على وجه لا يمكن له دفعه بشك أو شبهة فهو علم بالإدراك .

وكذلك ما كان بالخبر المتواتر أي نقله جمع كبير من الناس عن جمع كبير من الناس لا يجتمعون على الكذب من جراء مشاهدة أو نظر ( أي يكون مستند على الحس السليم إما بالرؤيا أو السماع : ولا يعارضه قاطع ) ليس من شخص واحد ، كالعلم بالملوك الخالية في الأزمنة الماضية والبلدان النائية : فهو أيضا يسمى علماً ضرورياً .

أما الطريق الثالث الذي يتوصل به الى العلم فهو طريق النظر و الاستدلال أي الذي يأتي في طريق الدليل ، والدليل هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه الى العلم بمطلوب خبري : كإثبات وجود الله تعالى ، وصدق الأنبياء .

إذن ، فلو تعارضت وجهة نظر، أو نظرية وضعها باحثٌ، مع الدين ، فنصدق الدين ، ونضرب بـعُـرض الحائط هذه النظرية أو الرأي أو التجربة أو المشاهدة، لأن كل ذلك قد يكون فيه كذب أو انخداع، ولا نسميه علماً ، لأنه يتعارض مع الدين .

فلو ورد في النقل أن الأرض ثابتة لا تدور ، فلا تعارض مع العلم ، لأنه لم يثبت بأي طريق من طرق الإثبات أنها تدور ، بل إن الحواس ترى الشمس هي التي تدور. ولم ير أحد الأرض وهي تدور فيخبرنا الخبر... وهكذا .... 


أنظروا إلى قول أحد الطبيعيين واسمه ( ميريت ستانلي كونجدن ) ، قال:


إن العلوم حقائق مختبرة ، ولكنها مع ذلك تتأثر بالخيال الإنساني ، وبأوهام الإنسان ، ومدى بعده عن الدقة في الملاحظة ، وعدم الدقة في أوصافه واستنتاجاته ، ونتائج العلوم مقبولة داخل هذه الحدود.... وهي تبدأ بالإحتمالات وتنتهي بالإحتمالات كذلك، وليس باليقين. ونتائج العلوم بذلك تقريبية وعرضية للأخطاء المحتملة في القياس والمقارنات، ونتائجها إجتهادية ، وقابلة للتعديل بالإضافة والحذف وليست نهائية. وإننا لنرى أن الإختصاصي عندما يصل إلى قانون أو نظرية ، يقول : إن هذا هو ما وصلنا إليه حتى الآن ، ويترك الباب مفتوحاً لما يستجد من التعديلات. اهـ

فهل نأخذ بأقوال أصحاب هذه النظريات ، ونترك النقل المعتمد في ديننا ؟

بالطبع لا...

وانظر إلى قول الدكتور بول كلارنس ابرسولد بأن الحواس والتجارب والوسائل التي يتبعونها في معاملهم ، لا توصلهم إلى الحقيقة ، قال :

وقد أدرك رجال العلوم ( أي الدنيوية ) أن وسائلهم، وإن كانت تستطيع أن تبين لنا بشئ من التفصيل كيف تحدث الأشياء ، فإنها لا تــزال عاجزة عن أن تـبَـيِّـن لنا لماذا تحدث الأشياء. ... اهـ 

فهـذان اعـترافان من قطبـين من أقطاب الطبيعيـين والتجريبيـين ، يشهدان بأن وسائلهم لا توصل إلى الحقيقة.

ومعظم من يشتغل بهذه النظريات ، لا يعتمد على وجود الخالق لهـذه الاسـبـاب ولهذا الكون. فهم يبحثون عن أسباب في الطبيعة ، وما ذلك إلا لإلحادهم وكفرهم بالخالق ..

أنظروا إلى ما وصل إليه أحدهم ، واسمه برتراند راسل ، قال :

ليس وراء نشأة الإنسان غاية أو تدبير. إن نشأته وحياته .. ليست إلا نتيجة لاجتماع ذرات جسمه عن طريق المصادفة... اهـ

وهذا برتراند راسل ، صاحب هذه النظرية الملحدة الباطلة يقوم بتعليم نظرياته معظم الجامعات في بلادنا. 

أعن مثل هذا نأخذ العلم ؟

بالطبع لا ...


ويقول المسمى إيرفنج وليام :

إن العلوم مهتمة بتحسين نظرياتها ، وهي تحاول أن تكشف عن كنه الحقيقة ، ولكنها ، كلما اقتربت من هذين الهدفين زاد بعدها عنهما. إن فِـكرتـنا عن هذا الكون قائمة على أساس حواسنا القاصرة ، وعلى استخدام ما لدينا من الأدوات الغير دقيقة نسبياً. اهـ

أنظروا إلى هذا الإعتراف. فهل نأخذ النظريات كحقائق مسلَّم بها ، ونترك ما جاء به ديننا ؟ 

بالطبع لا..

إذن ،،،

نتوصل للتالي:


إن أعداء الدين لم يوفروا يوماً جهداً أو وسيلة لمحاربة الإسلام بالتشويش والدس على المسلمين لتغيير عـقائـدهـم. وكان من جملة هذه الوسائل وسيلة دس النظريات السخيفة التي أطلقها بعض الغربيـين أدعياء العلم والمعرفة في كتب العلوم الكونية الحديثة، التي تدرسها المدارس العصرية وكأنها حقائق علمية صِـرفة، في محاولة مكشوفة لإلقـاء بــذور الشك في نفوس الناشئة وإفساد عــقـائــدهـم الإسلامـية.

ولقد أكد الكاتب الفرنسي ايتين لامي في مقالته التي سماها " الخطة المثلى لهدم الإسلام" المنشورة في المجلة المسماة (العالمين) الفرنسية سنة 1893 ر، هذه المؤامرة، حيث قال ما ترجمته :

إن مقاومة الإسلام بالقوة لا تزيده إلا انتشاراً، فالواسطة الفعالة لهدمه وتقويض بنيانه في تربية بنيه في المدارس الإرسالية وإلقاء بذور الشك في نفوسهم منذ عهد النشأة فتفسد عقائدهم الإسلامية من حيث لا يشعرون وأمثال هؤلاء يكونون بلا ريب اضر على الإسلام مما إذا اعتنقوا غير دين الإسلام. اهـ

ولقد تمكن أعداء الدين من ترويج أباطيلهم ليس في الإرساليات فحسب بل وفي اغلب المدارس العصرية ، وتكريسها في المناهج التربوية مما أدى إلى اعتناق الكثيرين لأفكارهم البغيضة وكأنها حقائق ثابتة كنظرية اليهودي (دراوين ) المسماة (النشوء والارتقاء) التي يدعي فيها أن أصل الإنسان قــرد وباتت مكرسة في منهج التاريخ في كثير من المدارس، وهذا مشاهدٌ ، مِـمّـا يتـناقـض كل التناقـض مع منطق العلم ومـبادئ الــديـن .

تعريف النظرية:

جاء تحت عنوان النظرية في الموسوعة البريطانية: قالوا ما يلي:

إن النظرية لها عدة معانِ في مفهوم العامة والعلم. فهي قد تكون فكرة متعارضة مع الواقع كتصور لا ينفّذ، ويمكن استخدامها كدعم لأي فرضية ثابتة كانت أم غير ثابتة. وفي أقوى حالات استعمالها فهي تدل على التقرير النظامي لبعض الحقول العلمية مشتقة من مجموعة آراء عمومية. ويمكن أن تكون هناك نظريات متنافسة في بعض الحقول باختلاف في القواعد أو الطرح التوكيدي لبعض القواعد. والخلاصة عندهم: إنها مجرد فرضيات يبنون عليها تجاربهم وليست يقين بالمرة تحتمل الصواب والخطاء وقد يبنون على تجارب خاطئة وينشرون هذا البناء الخاطئ على انه صواب. وجاء في تعريف النظرية: النظرية هي مجموعة قوانين ، و القانون يتألف من مجموعة فرضيات ، والفرضية هي جملة غير أكيدة ، غير حقيقية علمية ، ما بين متغايرين فأكثر تنتظر دعماً وليس برهان. اهـ

فيستخلص من ما مضى إن النظرية إنما تقوم أساسا على الافتراض وليس الحقيقة، 

أي قائمة إما على الظن أو الوهم أو التخمين أو الرأي بخلاف الحقيقة التي لا تقوم إلا على اليقين لان مسندها العلم .

ثم لنوضح ماهية النظرية عند المعاصرين:
اعلم أن الكيميائيين والفيزيائيين والبيولوجيين ونحوهم يقسمون العلم الى:

حقائق علمية (لا شك فيها)

وإلى نظريات.

والنظرية عندهم مجموعة قوانين والقوانين مجموعة فرضيات والفرضية شىء غير أكيد. ولننظر إلى بعض التعاريف.

ففي قاموس بينغوين للعلوم: 
الطبعة الخامسة تأليف اي.بي.يافاروف، د.ر.شابمان والان اسحاق، يقولان في تعريف الفرضية (نواة النظرية كما أسلفنا):

بما معناه: هي اقتراح وضع مسبقًا لحقائق مشاهدة ..

لاحظ، لم يقل حقيقة بل اقتراح

ثم ستيفين هوكنز يقول في كتابه المسمى تاريخ مختصر للوقت :

بما معناه: ينبغي ان تكون واضح الرؤية عن ماهية النظرية العلمية. يضيف: سوف آخذ نظرة الناس البسطاء (هنا المقصود إرادة التبسيط) فالنظرية هي نموذج عن العالم او عن جزء فيه محدد ومجموعة قواعد تربط الكميات في هذا النموذج الى الملاحظات التي نعملها. وهي (أي النظرية) توجد في مخيلتنا ولا حقيقة أخرى لها (مهما يعني ذلك). انتهى كلام ستيفين.
إذن ، واضح : النظريات عندهم ليست حقائق.

ملاحظة يعتبرون ستيفين هوكينغز كألمع فيزيائي جاء بعد آينشتاين.

ويتكلم أطلس كاكستون عن هشاشة النظرية فيقول:

بما معناه : ان أي نظرية فيزيائية هي مؤقتة، بحيث انها فقط افتراضية، وإنك لا تستطيع اثباتها بغض النظر عن عدد مرات موافقة الاختبارات لنظرية ما فإنك لن تكون متأكدًا انه بالمرة المقبلة من عدم معارضة النتائج لها، وبالمقابل فإنك تستطيع أن تنكر نظرية ما، (المقصد نسفها أو الغاءها) بمجرد ملاحظة واحدة لا تتوافق مع تخمينات هذه النظرية.

سبحان الله هذا جزء صغير يبين لنا أن الطبيعيين لا يعتقدون بحقيقة وديمومية النظريات التي يقترحونها.

وترى بعض المتفذلكين يفسرون القرآن على هواهم ليؤيدوا بعض النظريات الهالكة. 

من شأن المنصف التحقق من الأمور والمطالبة بالدليل والبرهان والإثبات فلا يأخذ عمّن فُقِد عنده التحقق والدليل جُزافًا ولا يصدق كل من يأتيه من أمثالهم حتى يعرف أنه ليس مخالفًا للحق بل موافقًا له،

وقد برز في زماننا هذا بعض المتنطعين ممن لا دليل عندهم ولا تحقق، يخبطون خبط عشواء، ويخلطون الأمور بعضها ببعض، فيُخرجون الصحيح والفاسد والحقيقي والظنّي بلباس الحقائق العلمية الثابتة التي لا شك فيها، ويلبسون على الناس وعلى أنفسهم، إذ يتمسكون بنظريات واهية لم تُبن على دليل، ويتداولونها على أنها حقائق لا شك فيها، جاهلين ومكابرين أنّ واضعي هذه النظريات أقروا بضعفها، وهم أنفسهم عرضوا للتناقض الذي فيها، فضلاً عن أن كثيرًا منهم دعا بعد ذلك لنبذها بل ووضعوا بدائل عنها، والمتنطعون مازالوا يعملون على نشرها، وأحيانًا يفسرون بعض الآيات القرآنية على أساسها من شدة جهلهم،

هنا، لا بد من الإشارة إلى أمر وهو أن إخراج نظرية ما للجمهور يحتاج لعناية، وخاصة أن أغلب المتعاطين بالنظريات يتلقفونها على أنها حقائق علمية ثابتة لا شك فيها،

يقول بروفسور وليم ت. كيتون وبرفسور كارول هاردي مكفادن من جامعة كورنيل:

من الضروري أن يُعلم أن العلماء لا يستعملون لفظ نظرية كما يستعملها العامة، بالنسبة لكثير من الناس لفظ "نظرية" هي عبارة مؤقتة تستعمل كحقيقة علمية ثابتة لا شك فيها، أما بالنسبة للعالم .. فهي عبارة يرى فيها صاحبها احتمال أن تكون صحيحة.. أما السبب في كون كثير من العوام يتلقّفون هذه النظريات بالشكل الموصوف هو أنّ مُوجّهيهم التربويين لم يُرسخوا فيهم أمر التمييز بين ما هو حقيقة علمية ثابتة لا شك فيها، وبين ما هو تحليل شخصي قد يُسمى رأياً علميًا أو فرضية أو نظرية علمية أو حتى أحيانًا حقيقة علمية، فكل هذه التسميات عندهم لا تعني أنها حقائق علمية ثابتة لا شك فيها،

يضيف كيتون ومكفادن في نفس الموضع:

ولكن، لا يوجد نظرية في العلم تم إثباتها نهائيًا وتمامًا، والعالم أي عالِمٍ ينبغي أن يكون جاهزًا في أي لحظة ليغيّر أو حتى ليترك الآراء التي هو أكثر تمسكًا بها إذا ثبت أنها مناقضة للحقائق التي نراها أو برزت بعد وضع النظرية، وعليهم أن يعلموا أن نظرياتهم وحتى قوانينهم العلمية تقوم على ما شاهدوه، وليس ما شاهدوه ونشاهده قائمًا على تلك النظريات والقوانين.
فالمشاهدة والملاحظة عنصر رئيس لقيام نظرية أو قانون علمي وكُتُب العلوم الحديثة غنية بالإشارة الى ذلك. 

ويقول إميل جبر ضومط في كتابه "مرشد المعلمين في أصول تدريس العلوم" (منشورات دائرة التربية في الجامعة الأمريكية في بيروت) الجزء الأول:

وقد لاحظنا في كثير من كتب تدريس العلوم أنها تبدأ دراسة موضوعٍ ما بسرد النظريات المتعلقة به قبل عرض المعلومات الاختبارية، وتَعرض على الطالب نصّ النظرية كأنه وصف لحقيقة واقعة أو لموضوع عياني. ونحن نخطىء هذا التدريس كما في تدريس نظرية الذرة – أي تركيب المادة من جزئيات وذرات – قبل عرض المعلومات الاختبارية التي بُنيت عليها النظرية. وكذلك نظرية دوران الأرض على محورها ودورانها حول الشمس تُلقن لطلاب التعليم الابتدائي من دون المشاهدات التي يجب أن يبدأ بها درس الموضوع. ...... ثم يضيف: "أما النظريات العلمية" فهي افتراضات غير قابلة الاثبات النهائي كافتراض منشأ الكون ومصيره مثلا أو كالافتراض عن تركيب الذرة الداخلي الذي يظل قابلا للتحوير والتغيير وحتى للنبذ النهائي لأنه غير ممكن تحقيق صحته نهائيًا بالاختبار والتجربة ... اهـ

فثبت أن هذه النظريات لا نأخذ بها كحقائق مسلّمٌ بها ، وخصوصاً إذا تعارضت مع الدين ، ولا نحاول تفسير الآيات على هوانا في حال التعارض ، لنحوّل النص عن معناه الحقيقي، ليتماشى مع النظريات الباطلة.

بيان ثبوت الأرض

ستكون منهجية إثبات الموضوع أعلاه بحسب الطريقة التالية:

أولاً : عرض وتفنيد نظرية جاليليو
ثانياً : إثبات أن نظريته باطلة وأنه تراجع عنها
ثالثاً : بيان خطأ تفسير الآيات وتحويرها عن معناها لمعاضدة النظريات الغير ثابتة؟
رابعاً : عرض الأدلة على ثبوت الأرض من القرآن الكريم
خامساً : عرض الأدلة من الحديث
سادساً: عرض الأدلة من أقوال العلماء
سابعاً : عرض الأدلة العقلية
ثامناً : الرد على شبهات يثيرها المعارضون
تاسعاً: خاتمة


لعل من أكبر الأمور عجباً أن يستطيع الكفار إقناع الملايين من المضلَّلين على مدار قرن من الزمان ، بأن هذه الشمس التي يرونها بأعينهم والتي تدور حولهم ، بأنها مركز عالمهم ، وأن الأرض التي يقفون عليها ويعيشون فيها ، هي التي تدور بهم وبمدنهم وقراهم حول الشمس.

هل كان جاليليو الملحد، الذي لا يؤمن بوجود الله، أعلم بالكون من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
كلا ،

ستثبتُ ذلك إن شاء الله .

كان قبل جاليليو ، رجل يدعى كوبرنيقوس في فترة ( 1473-1543 ر).
هذا ، عمل كتاباً أسماه " حركات الأجرام السماوية " قال فيه : ( واحذروا ، كلامه كفر ) 

في هذا المعبد الكبير ، من ذا الذي يستطيع أن يضع تلك الشعلة المضيئة ( يقصد الشمس ) في مكان آخر سوى المركز.. ثم قال : فهذه الشمس هي نور العالم ، بل هي روحه ، بل هي التي تتحكّم فيه ، وهي جالسة على عرشها القدسي ، ترشد أسرة الكواكب إلى طريقها. اهـ

أنظروا إلى هذا الكلام الكفري ، وهو الدافع والسبب الذي حدا بكوبرنيقوس ليطلع علينا بنظريته هذه : أي أن الشمس هي مركز الكون ، وأن كل النجوم والأرض تدور حولها.

فلقد بان لنا أن كوبرنيقوس يقول بألوهية الشمس، وعرفنا الغرض من جعلها هي المركز ، وكل شيئ يدور حولها.

وقبل كوبرنيقوس ، كان الفيلسوف الإغريقي فيثاغورث، قد طلع بنفس الفكرة من أن الأرض تدور ، وكانت مقولته لم تحظ بأي اهتمام. فجاء كوبرنيقوس ووجد كلام فيثاغورث على الورق ، فقام بمناصرته لأنه يتوافق مع فكرته عن ألوهية الشمس.

وبنى كوبرنيقوس نظريته على التالي:
لا توجد مراكز لجميع الدوائر والكرات السماوية.
مركز الأرض ليس مركز الكون ، بل هو مركز ثقل لها فقط.
إن الشمس هي مركز الكون وجميع الكرات تدور حولها. ( على زعمه )
بعد الأرض عن الشمس يعتبر ضئيلاً بالنسبة لإرتفاع كرة النجوم الثوابت.
للأرض حركة دورانية حول نفسها كل يوم ، وما يشاهد من حركات النجوم نتيجة لحركة الأرض.
للأرض حركة أخرى سنوية حول الشمس.
للأرض حركة ترنّحية ( مثل حركة النحلة التي يلعب بها الأطفال ) فإنها تترنح عند دورانها.
تدور الأرض في دائرة ، ليست الشمس في مركزها. بل مركزها نقطة أخرى ، هذه الأخيرة تدور حول الشمس.

هذا جاليليو ، بنى هذه النظرية على تلك المقولات ، وهي بطبيعة الحال تتعارض مع وسائل الإثبات التي ذكرناها آنفاً،، 

فإذا ما بدأنا بتشريح نظرية جاليليو، القائلة بدوران الأرض، لوجدنا أنها لا تستند على الإدراك بالحواس السليمة ولا هي بخبر متواتر جاءتنا من جراء مشاهدة أو نظر جمع كبير من الناس ولا من طريق النظر و الاستدلال القائم على الدليل الذي يقوم على العلم بمطلوب خبري وليس على الشبهة. فأين إذاً مستند مقولة جاليليو بدوران الأرض وثبوت الشمس من العلم؟

لا مستند ،،، مجرد تخرصات .

ولقد قوبلت نظرية كوبرنيقوس بإنتقادات شديدة من معاصريه منها:

إن الحركة السريعة التي أثبتها للأرض حول نفسها وحركتها حول الشمس كفيلة بأن تقذف جميع الأجسام الموجودة عليها إلى الخارج. فلا يبقى على الأرض شيء.
كما اعترضوا على نظريته بأننا إذا أطلقنا قذيفة عامودية فوق الأرض فإنها بعد مدة ستسقط في مكانها ، ولو كانت الأرض تتحرك وتدور فلن تسقط القذيفة في مكانها.

ويقال : أن كوبرنيقوس لم ينشر نظريته حتى توفي ، بسبب عدم قناعته الكاملة بالنظرية ، ولنقص الأدلة لديه على صدقها. فقام رثيكوس أحد تلامذته بنشر الكتاب بعد ثلاثة عشر عاماً من تأليفه. وذكر في مقدمته أنه يعرض النظرية ليست على أساس ثبت علمي بل كإفتراض قابل للعكس.

أنظروا كلام تلميذ كوبرنيقوس. ونحن في مدارسنا يقومون بتدريس هذه النظرية على أنها ثوابت علمية.
وإذا أنكرت عليهم ، يقولون لك : وين بعدك ؟ الأميركان طلعوا على القمر، وأنت ما زلت تنكر دوران الأرض.

سبحان مثبّت العقول.

نكمل إن شاء الله :

ثم جاء جاليليو جاليليه المولود سنة 1564 في مدينة بيزا الشهير ببرجها المائل في إيطاليا.

هذا جاليليو قرأ كتابات كوبرنيقوس واقتنع بها ، وراح يناصرها في محاضراته وكتاباته.
وفي عام 1632 ر أنهى جاليليو كتابه المسمى " الحوار "
وهو في هذا الكتاب تبع كوبرنيقوس في مقولاته ، ولم يأتِ بشيء جديد. بل وعمل على الرد على المعترضين على كوبرنيقوس.
هذا ، فضلاً عن احتواء الكتاب لآراء تنطوي على إلحاد وتكذيب لأمور الغيب من الجنة والنار والعرش والملائكة وغيرها.

سبحان الله ، انظروا عن من نأخذ قصة دوران الأرض. عن ملحد. ونتجاهل الكثير من الأدلة التي بحوزتنا عن ثبوتها.

على كلٍ ، 

في سنة 1633 ر حُكِمَ على جاليليو بالحكم الذي جاء في حيثياته :
بما أنه قد صدر منذ فترة وجيزة كتاب ، طُبِعَ في السنة الماضية في فلورنسا ، ويُبَيِّنْ عنوانه أنك مؤلفه ، وبما أنه قد قيل للمجلس (...) أنه كنتيجة لنشر الكتاب المذكور ، قد شاع الرأي الخطأ القائل بحركة الأرض وسكون الشمس يوماً بعد يوم،، فقد تم فحص الكتاب المذكور بكل عناية ، وقد وُجِدَ أن الكتاب يحتوي على إنتهاكٍ سافر للأمر المذكور أعلاه،،،

وبعد أن تحددت لك فترة زمنية متوازية للدفاع عن نفسك ، تقدمت بشهادة مكتوبة كي تعتذر عن خطئك هذا ، ،،،
فإننا نقول نحن المجتمعين كهيئة المحكمة ، ونعلن ونحكم ونقر بأنك يا جاليليو .. قد حملت هذا المجلس على الشك فيك بشدة بتهمة الزندقة.،،،
وأنك بناء عليه قد وقعت تحت جميع العقوبات وأنواع الحظر،،،إلخ.

على إثر هذا الحكم قام جاليليو بالكلام فقال :

أنا جاليليو جاليليه من فلورنسا ، البالغ من العمر سبعين عاماً ، المُساءَل شخصياُ أمام المحكمة ، أنني يتحتّم علي الكف تماماً عن الرأي الخاطئ القائل: ( بأن الشمس هي مركز الكون ، وهي ليست متحركة وأن الأرض ليست المركز ، وهي متحركة.) وليس من المسموح إلي اعتبار هذه التعاليم الخاطئة بأنها حقّة ، أو الدفاع عنها أو تدريسها بأي طريقة ، سواء شفهية أو تحريراً...
أنا المدعو جاليليو جاليليه تبتُ وأقسمتُ ووعدتُ وألزمت نفسي كما هو مذكور أمامي ، وللتصديق فقد قطعتُ هذه الشهادة التي قرأتها كلمة كلمة على نفسي ووقعتها بيدي. روما في دير المينرفا 22 من يونيو 1633. اهـ 

ويقول إميل شتراوس في مقدمته لكتاب جاليليو :
ومع أنه عومل برفق على عكس ما أراد خصومه ، إلا أن العقبات وُضِعت في طريق نشاطه المستقبلي. اهـ

ولعل هذا يوضح أن جاليليو لم يتراجع خوفاً أو تقية ، بل توبة ، رغم أن أتباعه ومن تبعهم من الكفار ، ومن الطبيعيين الجهال في بلادنا لم يتوبوا.

أنظروا ، جاليليو أعلن تبرؤه من هذه النظرية ، ويوجد من لا يزال يدافع عنها ،،،
سبحان مثبت العقول.

إذن ، نحن أثبتنا أن فيثاغورس وكوبرنيقوس وجاليليو كانوا على خطأ وتراجعوا عن هذه النظريات ، وكانوا ملحدين.
وجاء من بعدهم كثير ،،،


هل نأخذ معلوماتنا عن الكون عنهم ؟

لا ،،،

نحن نأخذ علمنا بما ثبت لدينا ، 
عن كتابنا وسنة نبينا وإجماع علمائنا، بالإضافة إلى الأدلة العقلية الكثيرة التي تشير إلى ثبوت الأرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...