بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 14 سبتمبر 2019

قوله تعالى : ** قَالَ يإِ إبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ }

قوله تعالى : ** قَالَ يإِ إبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ }
قال القرطبي قوله تعالى : ** لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } أضاف خلقه إلى نفسه تكريماً له، وإن كان الله خالق كل شيء ، هذا كما أضاف إلى نفسه الروح والبيت والناقة والمساجد؛ فخاطب الناس بما يعرفونه في تعاملهم
قال مجاهد: اليد هاهنا بمعنى التأكيد والصلة؛ مجازه لما خلقت أنا كقوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } أي يبقى ربك. وقيل: أراد باليد القدرة، يقال: ما لي بهذا الأمر يد. وما لي بالحِمْل الثقيلِ يَدَانِ. ويدل عليه أن الخلق لا يقع إلا بالقدرة بالإجماع.و قيل: « لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ» لما خلقت بغير واسطة.
وهذا يدلنا على أن السلف من علماء الأمة الثقات أولوا المراد باليدين ولم يثبتوا ما يثبته بعض الناس اليوم من التمثيل والتشبيه المنهي عنه .
.آراء العلماء في المراد بالأيدي :
وفي قوله تعالى : ** وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }
قال الطبري في تفسير الأيدي الوارد في قول الله تعالى يقول تعالى ذكره: والسماء رفعناها سقفا بقوّة. فالمراد بالأيدي القوة. وهو رأي ابن عباس ومجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان والثوري وهم من أئمة علماء السلف من المسلمين .
وفي قوله تعالى : ** وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }.
قال الطبري قال أهل التأويـل: لَهُ ما بـينَ أيْدِينا ومَا خَـلْفَنا ومَا بـينَ ذلكَ فقال بعضهم: يعنـي بقوله ما بـينَ أيْدِينا من الدنـيا، وبقوله: ومَا خَـلْفَنا الآخرة ومَا بـينَ ذلكَ النفختـين.
وقد جمع القرطبي معظم أقوال السلف في معنى ( له ما بين أيدينا) فقال :
وقوله تعالى: ** لَهُ} أي لله. ** مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } أي علم ما بين أيدينا ** وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلِكَ } قال ابن عباس وابن جريج: ما مضى أمامنا من أمر الدنيا، وما يكون بعدنا من أمرها وأمر الآخرة « وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ » البرزخ. وقال قتادة( ) ومقاتل: « له ما بين أيدينا » من أمر الآخرة « وما خلفنا » ما مضى من الدنيا «وما بين ذلك» ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة. وقال ابن عباس في رواية: «له ما بين أيدينا» يريد الدنيا إلى الأرض «وما خلفنا» يريد السموات ـ وهذا على عكس ما قبله ـ «وما بين ذلك» يريد الهواء؛ ذكر الأوّل الماوردي والثاني القشيريّ.
فما نجد واحدا منهم قال أن المراد ذات الأيدي المعلومة ولو كان الأمر كذلك لما أعجزهم الإفصاح .
فالخلاصة أن علماء سلف الأمة أولوا المراد باليد واليدين والأيدي ومنهم: ابن عباس ومجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان والثوري، وابن جريج ، ومقاتل وسبب تأويلهم أن الله تعالى ليس كمثله شيء . وأن اللغة العربية تحتمل هذه المعاني، والبعض الآخر ردوا علمها لله تعالى وهذا دأب العلماء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى : ** أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.
قال الطبري في تفسيره لمعنى ( بـين يدي رحمته)، يعنـي: قدام الغيث الذي يحيى موات الأرض. وقال القرطبي أي قدام المطر باتفاق أهل التأويل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }.
قال الطبري في تفسير قوله تعالى بين يدي عذاب أي أمام عذاب جهنـم قبل أن تَصْلَوْها . وفسرها الرازي ، أي كأنه قال ينذركم بعذاب حاضر يمسكم عن قريب بين يدي العذاب أي سوف يأتي العذاب بعده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }
قال القرطبي معنى ** لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ } لما قِبلي. وقال غيرهما : المعنى جئت بما جاء به موسى من التوراة، والشرائع السماوية.
فما نرى أحدا منهم قال أن المراد اليد الجارحة حقيقة في أي من الأيدي الواردة في تلك النصوص الكريمة . وهذا يدل على أن المفسرين أولوا المراد باليد بمعاني كثيرة وهي توافق المعنى اللغوي العربي وتوافق معنى النص وروحه ، كما توافق العقل ، لأن الله تعالى أخبرنا أنه ليس كمثله شيء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى: ** يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
قال الطبري : ** لا تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَي اللَّهَ وَرَسُولِهِ } يقول: لا تعجلوا بقضاء أمر في حروبكم أو دينكم، قبل أن يقضي الله لكم فيه ورسوله، فتقضوا بخلاف أمر الله وأمر رسوله، محكيّ عن العرب فلان يقدّم بين يدي إمامه، بمعنى يعجل بالأمر والنهي دونه.
وقال القرطبي في المراد أي لا تقدموا قولاً ولا فعلاً بين يدي الله وقول رسوله وفعله فيما سبيلُه أن تأخذوه عنه من أمر الدين والدنيا. ومن قدّم قولَه أو فعله على الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قدّمه على الله تعالى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يأمر عن أمر الله عز وجل.
فأمر الله عباده المؤمنين بما يقتضيه الإِيمان بالله ورسوله، من امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وأن يكونوا ماشين، خلف أوامر الله، متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أمورهم، وأن لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله، فلا يقولوا حتى يقول، ولا يأمروا حتى يأمر.
فمعنى اليدين هنا العجلة بقضاء قبل أن يقضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أو قول الله أو فعله .
وهذا رأي اهل السنة والجماعة ()

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...