بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 أكتوبر 2021

ردا على منكري الإحتفال بمولد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم , نفعنا الله وإياكم بعلم العلماء

 لاحظنا من بعض الناس التسرع في اطلاق الاحكام على المسلمين بالتبديع و التضليل و غيره دون التحقق من حقيقة ما يمارسونه من افعال معتمدين في ذلك على فتاوى مشايخ عرفوهم دون سواهم

ولكن لما لا نقوم بالتبين من حقيقة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف على الصورة التي تجوز شرعا بعد ان نبين بعض الملاحظات حول الفتوى المنشورة في اكثر من منتدى و التي تقول بان الملايين من المسلمين الذين يحتفلون بالمولد النبوي الشريف هم فسقة مبتدعون ضالون
ان فتوى تضلل ملايين المسلمين لا بد و ان نقف عندها لننظر في تفاصيل التبيان الشرعي حيث اننا علمنا ان السواد الاعظم من الامة
لا يخالف فهمه للدين و ندعوكم الى التبصر و قراءة موضوعنا بروية و تعقل بالغين, و نسأل الله لنا و لكم التوفيق الى الحق
اولا يقول صاحب الفتوى في اسباب تحريمه للاحتفال بالمولد ما نصه: "لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين
و الحقيقة ان الامام الشافعي له رأي اخر بالموضوع, فهو يقول ان البدع على ضربين بدعة الهدى و بدعة الضلالة فما وافق الشرع كان من الهدى و ما خالف الشرع كان من الضلال
ثانيا يقول صاحب الفتوى: "لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة
و من قال ان كل ما لم يفعله الرسول و الصحابة صار محرما علينا فهذا يحيى بن يعمر التابعي الجليل رحمه الله وضع النقط على المصحف الشريف و قام المسلمون من بعده بوضع زيادات اخرى كالتشكيل و علامات احكام التجويد كالادغام و غيره و من ثم علامات الاحزاب و انصافها و وصولا الى وضع ارقام السور و غير ذلك فهل يحرم صاحب الفتوى هذه النقط و بالتالي فهو يدعي ان كل هذه المصاحف التي بين ايدينا هي مليئة بانواع البدع الضلالية؟
و هذه كتلك فلما صح وضع هذه النقط في المصاحف لانها توافق الدين لا تخالفه صح ايضا ان نحتفل بالمولد النبوي الشريف اي بقراءة القرءان في ذلك اليوم و الثناء بالمديح على الهادي محمد صلى الله عليه وسلم و التصدق على اهل الحاجات من المسلمين
اما حديث النبي: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، فقوله (ما ليس منه) معناه ما يخالفه اي من احدث في ديننا ما يخالفه فهو رد و هذا يدلنا على ان من احدث في الدين ما يوافقه فليس ردا و الحمد لله
و اما قوله: "وكل بدعة ضلالة". فمعناه اغلب البدع تكون مخالفة للدين و ليس المعنى الاطلاق لا بل الله تعالى قال عن الريح التي ارسلت لعذاب بعض جماعات الكافرين (تدمر كل شيء) اي تدمر اغلب الاشياء لانها لم تدمر على الحقيقة كل الاشياء اطلاقا
وهذا من اللغة العربية حيث انها تسمح باطلاق صفة الكل على البعض اذا غلب هذا البعض على الكل
و اما قول صاحب الفتوى: "وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها" فهو غير صحيح بل المعهود على علماء اهل السنة غير ذلك بل اكثر العلماء من كتابة التآليف في المولد النبوي الشريف وأول من أحدثه ملك إربل وكان عالماً تقياً شجاعاً يقال له المظفر ، وذلك في أوائل القرن السابع للهجرة.
جمع لهذا كثيراً من العلماء فيهم من أهل الحديث فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها. حتى إن الحافظ ابن دحية قدم من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها يعتني بالمولد فعمل له كتاب: ((التنوير في مولد البشير النذير
وتوالى الحفاظ على التأليف في قصة المولد فألف شيخ الحفاظ العراقي كتاباً في المولد سماه ((المورد الهني في مولد النبي
فالعلماء والفقهاء والمحدثون والصوفية الصادقون كالحافظ العسقلاني والحافظ السخاوي والحافظ السيوطي وغيرهم كثير ، حتى علماء الأزهر كمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي، حتى علماء لبنان كمفتي بيروت السابق الشيخ مصطفى نجا رحمه الله استحسنوا هذا الأمر واعتبروه من البدع الحسنة فلا وجه لإنكاره بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء)) رواه مسلم
و اما قول صاحب الفتوى: " وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه: أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة" فهو مردود حيث ان العلماء لم يفهموا من نقط المصاحف ان الدين غير كامل و الا فلماذا يحمل بيده المصحف المنقوط و لماذا لا ينشر و ينادي في الامصار بتمزيق هذه المصاحف لانها تحتوي على ما لم يضعه النبي فيها و لا الصحابة؟
و اما قول صاحب الفتوى: " قال: إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين، وقال صلى الله عليه وسلم: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله
فالرد عليه هو التالي
حديث:" اياكم و الغلو في الدين". ليس في النهي عن حب محمد صلى الله عليه وسلم بل فيه النهي عن القاعدة المستحدثة التي اتى بها هو اي صاحب الفتوى حيث قال ان اي فعل لم يفعله الصحابة حرام علينا ان نأتيه فهذه القاعدة مردودة بحديث النبي من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها
و اما حديث: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا: عبد الله ورسوله
فردنا عليه يقول ان النصارى اجتمعت لتقول ان عيسى ابن الله و غير ذلك اما نحن اهل السنة المحتفلين بالمولد فنجتمع لننادي و ننشد لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
اما قول صاحب الفتوى: "التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم
فهو مردود و نحن نسأله هل قول النبي عن سبب صيامه يوم الاثنين: "يوم فيه ولدت فيه تشبه بهؤلاء ؟ والعياذ بالله تعالى ان يكون النبي من المتشبهين فاهتمام النبي بيوم مولده و تخصيصه له لشكر الله بالصيام امر يدل على ان تخصيص يوم المولد النبوي الشريف ما فيه حرمة و لا تشبه بالكافرين
اما قول صاحب الفتوى ان المولد يتضمن محرمات مثل اختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور فلا يلتفت اليه لان هذه الاعمال لا يعملها اهل العلم في احتفالهم بالمولد النبوي الشريف و من فعل ذلك لا يكون من اهل العلم و قد شذت بعض جماعات تنتسب الى اهل العلم من الصوفية لكنهم ليسوا من اهل العلم حقيقة و هؤلاء شوهوا صورة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف و لكن الاصل في الاحتفال بالمولد الشريف هو في قراءة ما تيسر من القرءان الكريم و من ثم انشاد القصائد التي تظهر حبنا و تعظيمنا لسيدنا محمد دون ان نصل الى ما يجاوز الحد المسموح به فالنبي صلى الله عليه و سلم لا يخلق شيئا و ما هو الا عبد الله و رسوله و لكن اي عبد هو صلى الله عليه و سلم هو خير عباد الله افضل نبي ارسله الله و هو اول شافع و مشفع و اول من ينشق عنه القبر و حامل لواء الحمد يوم القيامة فكان مولده الشريف في الحقيقة نور بل و نعمة مهداة من رب العالمين الى من اتبعه و امن به صلى الله عليه و سلم فهو وسيلتنا الى النجاة ولعلي اقول كما قال الاقدمون:" والله لولا الله ما اهتدينا و الله تعالى ارسل نبيه محمدا الينا ليرشدنا الى سواء السبيل فكيف لا نظهر الفرحة و اي ضرر في اعلان الفرحة و السرور بذكرى مولد النعمة المهداة؟
ونذكر لكم هذه الفائدة فقد ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال:{ ذاك يوم ولدت فيه وفيه أُنزل عليّ} وفي هذا الحديث إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده. وإن من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا هي إظهاره صلى الله عليه وسلم وبعثته وإرساله إلينا. وهذا دليله من قوله تعالى: {لقد مَنَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم
أليس هذا تصريحا أن الله أنعم علينا بهذه النعمة العظيمة الرحمة المهداة ؟
وكذلك مما صح عنه صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك, فقالوا: "هو اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ونحن نصومه تعظيما له" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نحن أَوْلى بموسى." وأمر بصومه صوم استحباب..أخرجه البخاري ومسلم
فيستفاد من هذا الحديث فعل الشكر لله تعالى على ما تفضّل به في يوم معيّن من حصول نعمة أو رفع نقمة. ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة. والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام, والصدقة والتلاوة, وأيّ نعمة أعظم من نعمة بروز النبي, نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. فلنحتفل بمولده جميعا فإن مولده نور وبركة
نحب ان ننبه المسلمين الى ان تضليل و تبديع المحتفلين بالمولد الشريف اطلاقا دون تبين مما يفعلونه حقيقة فيه تبديع و تفسيق و تضليل لمئات الملايين من امة النبي محمد صلى الله عليه و سلم فليس بالامر الهين
فالنبي قال لنا ان نتبع السواد الاعظم و السواد الاعظم متفقون على الاحتفال بمولد النبي الشريف فلتحذروا يا اخوان ان تتعجلوا بالتبديع فان هذه الامة يضرها تبديع بعضها للبعض على غير وجه التحري و التدقيق فحذار حذار من الاستعجال في تبديع السواد الاعظم من امة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ختاما نحمد الله الذي وفق اهل السنة الى الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...