مشاركة غير المسلمين في أعيادهم الدينيّة حرام
=============================
الحمد للهِ رَبِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا مُحَمَّدٍ إمامِ الزاهدينَ وعلى جميعِ إخوانهِ من النبيِّين والمرسَلين وعلى ءالهِ وصحابتهِ من السابقينَ الأوَّلينَ ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
قال الله تعالى: {والسابقونَ الأوَّلونَ من المهاجرينَ والأنصارِ والذين اتّبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم ورَضُوا عنه وأعَدَّ لهم جَنَّاتٍ تجري تحتَها الأنهارُ خالدينَ فيها أبدًا، ذلك الفوزُ العظيم} [التوبة/100] وقال عز وجل: {ومن يتولَّ اللهَ ورسولَه والذين ءامنوا فإنّ حزبَ الله هم الغالبون} [المائدة/56] وقال أيضًا: {ولن ترضى عنك اليهودُ ولا النصارى حتّى تتَّبع مِلَّتَهُمْ، قل إنّ هدى اللهِ هو الهدى، ولئنِ اتَّبَعْتَ أهواءَهم بعد الذي جاءك من العلمِ ما لك من الله من وليٍّ ولا نصير} [البقرة/120] وقال تعالى: {يا أيُّها الذين ءامنوا لا تَتَّخِذُوا اليهودَ والنصارى أولياءَ، بعضُهم أولياءُ بعض، ومن يتولَّهم منكم فإنّه منهم، إنّ اللهَ لا يَهْدِي القومَ الظالمين} [المائدة/51] وقال ايضًا: {يا أيُّها الذين ءامنوا لا تَتَّخِذُوا عدوِّي وعدوَّكم أولياءَ تُلْقُونَ إليهم بالمودَّة وقد كفروا بما جاءكم من الحَقِّ} [الممتحِنة/1] وقال: {لا تجدُ قومًا يؤمنون باللهِ واليومِ الآخِر يُوادُّونَ من حادَّ اللهَ ورسولَه ولو كانوا ءاباءَهم أو أبناءَهم أو إخوانَهم أو عشيرتَهم، أولئك كتب في قلوبهم الإيمانَ وأيَّدَهُمْ بروحٍ منه ويدخلُهم جَنَّاتٍ تجري من تحتِها الأنهارُ خالدين فيها، رضي الله عنهم ورَضُوا عنه، أولئك حزبُ الله، ألَا إنّ حزبَ الله هم المفلِحون} [المجادَلة/22]
أمُّ سَلَمَةَ، زوجُ رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، كانت تقول: "كان رسولُ اللهِ يصومُ يومَ السبتِ ويومَ الأحدِ أكثرَ مِمّا يصومُ من الأيّامِ ويقولُ إنّهما عيدا المشركين فأنا أحِبُّ أن أخالفَهم" رواه الإمامُ أحمدُ في (المسند). لقد كان رسولُ الله يكره موافقةَ الكُفَّارِ في أعيادِهم. ما كان يحبُّ موافقةَ الكُفَّارِ في أعيادهم. كان يصومُ السبتَ والأحَدَ مجتمعَين من أجلِ مخالفةِ اليهودِ والنصارى. اليهود يعظِّمون يومَ السبت، يتركون العملَ فيه، والنصارى يعظِّمون يومَ الأحد، يتركون العملَ فيه، فالرسولُ كان يصومُ هذين اليومَين مجتمعَين مخالفةً لهم مع العلم بأنّ هذين اليومين ليسا من الأعيادِ الدينيّةِ عندهم، ولكن بما أنّ اليهود يعظِّمون يومَ السبتِ والنصارى يعظِّمون يومَ الأحدِ كان الرسولُ يصومُ هذين اليومين مجتمعَين مخالفةً لهم. فكيف يجوز لنا أن نشارك الكُفَّارَ، أعداءَ الله، في أفراح أعيادِهم التي يعتبرونَها إعزازًا لدينهم كهذا الذي تسمِّيه النصارى عيدَ الميلاد؟!
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "من تشبَّه بقومٍ فهو منهم"، رواه أبو داودَ في (سننه)/كتاب اللباس بإسنادٍ صحيح. وورد عن رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم أنّه قال: "ليس مِنّا مَنْ تَشَبَّهَ بغيرنا. لا تَشَبَّهُوا باليهودِ ولا بالنصارى" رواه التِّرْمِذِيُّ في (سننه).
فكان مِمّا حرَّم اللهُ على عبادِه موافقةُ الكافرين على أعيادِهم الدينيّةِ ومشاركتُهم الفرحَ فيها. فلا يجوزُ مبادرةُ غيرِ المسلمينَ بالمعايدةِ في أعيادِهم الدينيّةِ، لأنّ هذا يُعَدُّ تَوَدُّدًا، والتودُّد إلى غير المسلمِ حرامٌ لا يجوز. ولا يجوزُ شراءُ ما يسمَّى بشجرةِ الميلادِ أو وضعُها في البيوتِ أو شراءُ الزينةِ لمناسبةِ عيدِهم الذي يسمُّونه الميلاد. ولا يجوزُ لنا أن نرسِل إليهم بطاقاتِ معايدة، ولا يجوز لنا أن نبيعَها لمن يريدُها لهذا الغرض. فاليومُ الذي تعظِّمه النصارى لكونهِ من أعيادِهم الدينيّةِ لا يجوز للمسلم أن يشاركَهم فيه إظهارَ الفرح، هذا حرام، وليس كفرًا، إلّا إذا عمِل عملًا نوى به تعظيمَ ذلك اليومِ أي لأنّه يرى أنّ لهذا اليومِ حرمةً ومنزلةً عند الله، فإنّه في هذه الحالِ يكونُ كافرًا. وهذا معنى كلامِ الإمامِ الحنفيِّ أبي حفصٍ: "لو أنّ رجلًا عبَد ربَّه خمسينَ سنةً ثمّ أهدى إلى بعضِ المشركينَ يومَ النَّيْرُوزِ هديّةً يريد بها تعظيمَ ذلك اليومِ فقد كفر"، أمّا إذا لم يرِد تعظيمَ ذلك اليومِ فلا يكفُر. والنَّيْرُوزُ من أكبر الأعيادِ الدينيّةِ عند المجوسِ، عُبَّادِ النار.
ولا يقالُ لأعيادِ النصارى الخاصّةِ بدينهم "إنّها مجيدة". اليومُ الذي يُتَّخَذُ للإشراكِ بالله لا يقالُ "إنّه مجيد". والذي يقولُ هذه الكلمةَ للنصارى على معنى أنّ يومَكم هذا الذي تحتفلون فيه مباركٌ مقبولٌ عند الله فقد كفر. وأمّا إذا قالَها للنصرانيِّ على معنى أنّك أيُّها المخاطَب تكونُ في هذا اليومِ في راحةٍ وتنعُّم ولا يفهم منها غيرَ هذا فلا يكفُر، لكن حرام. فإن قالها له بعدما فهِم معناها الأصليَّ الفاسدَ فقد كفر ولو لم يقصِد المعنى لأنّ اليومَ المجيدَ هو اليومُ الذي له شرفٌ وفضلٌ عند الله، ولا يقالُ لليومِ الذي يُتَّخَذُ لإظهار الشركِ "مجيدًا".
حتّى إنّ هذا اليومَ الذي هو أوَّلُ يومٍ من أيّامِ السنةِ الروميّةِ لا يجوز لنا، نحن المسلمين، أن نشاركَ النصارى فيه احتفالَهم بحلوله. هذا حرام. هم يحتفلون بحلولهِ لأنّهم يعظِّمونه. هذا بدعتُهم وليس من عاداتِ المسلمين. صحيح هو ليس من أعيادِهم الدينيّة، ولكنّ النصارى يعظِّمونه، ويحتفلون به على طريقتهم التي ينبذها دينُنا الحنيف. فإطفاءُ الأضواءِ على الوجهِ الذي تفعلُه النصارى وغيرُ ذلك مِمّا يمارسونه كجلبِ الحلوى من أجلِ هذه المناسبةِ وتهيئةِ الطعامِ الخاصِّ بهذه المناسبةِ وسَماعِ الموسيقى والرقصِ ولبسِ البربارةِ والطربوشِ والزّمّورِ كلُّ هذا حرام، وكلُّ مساعدةٍ على ذلك حرام. جميعُ هذه الأعمالِ من بدع النصارى السَّيِّئَةِ المحرَّمة الخبيثة. ولا يجوز للآباءِ والأمّهاتِ أن يشتروا هذه الأشياءَ لأولادِهم. وكلُّ من يعمَل هذه الأعمالَ فقد تشبَّه بالنصارى عبادِ المسيح عليه وعلى نبيِّنا مُحَمَّدٍ الصلاةُ والسلام. وقد قال نبيُّنا محمّد: "من تشبَّه بقومٍ فهو منهم"، رواه أبو داودَ في(سننه)/كتاب اللباس بإسنادٍ صحيح.
والتشبُّه بالكُفَّارِ يكون كفرًا في حالٍ ويكونُ معصيةً دون الكفرِ في حال. فمن تشبَّه بهم في أعمالِهم الكفريّةِ وأقوالِهم الكفريّةِ فهو كافرٌ مثلُهم، وأمّا التشبُّه بهم في عاداتِهم الخاصّةِ بهم مِمّا هي دون الكفر فليس كفرًا، لكن حرام لا يجوز.
نحن نحب سيدنا المسيح عليه السلام ونحترمه لكونه نبيًا وسيدنا عيسى عليه السلام هو مسلم ونحن أحق به منهم. ولكن في يوم الميلاد بزعمهم يقولون أشياء كفرية عن الله وعن سيدنا عيسى عليه السلام لذلك لا يجوز لنا أن نشاركهم في هذا اليوم بأن نقول لهم أي عبارة من عبارات التهنئة.
فانتبهوا أكرمكم الله.
والحمد للهِ رَبِّ العالَمين.