بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 أبريل 2022

العقل شاهد للدين



العقل هو واحد من أهم الأمور التي ميّزت الإنسان عن غيره من المخلوقات التي خلقها الله تعالى على هذه الأرض؛ فالعقل هو الّذي يعطي للإنسان الإدراك، وهو الذي يعطي الإنسان القدرة على التفكير، والنقد، والخروج من المآزق والأزمات، والتوسّع في العلم اللافت في الأمر أنّ الله تعالى لم يعط العقل لجماعةٍ ( عدا المجانين )معيّنة فقط من الناس، ليفكروا نيابة عن غيرهم، فمقولة (أطفئ مصباح عقلك واتبعني كما تفعل المجسمة )

إهتمّ الإسلام بشكل كبير جداً في العلم والعقل حيث أن الاسلام كان قد أوصى الإنسان بالتفكّر والتدبّر في مظاهر الخلق والمظاهر الكونية حيث أن الإسلام كان قد حرص على دعوة الإنسان إلى أن يتفكّر في نفسه وأن يفكّر في مخلوقات الله تبارك وتعإلى وفي آياته التي كانت قد ذكرت في كتابه الكريم والتي كانت قد حثت الإنسان على التفكّر في خلق الله تبارك وتعإلى

فقد قال عز وجل في كتابه العزيز : (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) فقد حث ّفي الله تبارك وتعالى فب هذه الآية الإنسان إلى التفكّر ،

بل إن الله عز وجل كان قد أعاب في كتابه الكريم أولئك الذين لا يستخدمون عقولهم من أجل التفكّر في آيات الله عز وجل وقدرته فقال الله عز وجل في هذا الشأن في كتابه الكريم : ( أن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) فعدم التفكّر في آيات الله تبارك وتعإلى مع وجود العقل لدى الإنسان ووجود القدرة على التفكّر يعد حرماناً وعيباً على الإنسان العاقل الذي يملك العقل ويملك إمكانية التفكير
بل إن ّالإسلام العظيم ذهب إلى أبعد من ذلك في مسألة تعطيل العقل التفكّر رغم القدرة على ذلك فجعل هذا الأمر سببا في عذاب الآخرة كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم في هذا الشأن : ( قَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) وتدل هذه الآية على أن هناك أصناف من الناس يعذبون بسبب اهمالهم لقضية التفكّر في آيات الله عز وجل وقدرته.

أهمية الأدلة العقلية وأمثلة عليها

قال الله تعالى في مُحكمِ كتابِهِ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب ِالَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ءال عمران 190-191

رَسُولُ اللهِ مُحمد صَلَواتُ ربي وَسَلامُهُ عَليهِ قَالَ بَعدَما قَرأَ هذه الآيةَ: ويلٌ لمن قرأَهَا ولم يَتَفَكرْ فيها.

وقال تعالى: (وإلهكم اله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. إنّ في خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيى به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة و تصريف الرياح و السحاب المسخّر بين السماء و الأرض لآياتٍ لقومٍ يعقلون)"سورة البقرة، آية 163-164)

وقال تعالى( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)"سورة العنكبوت آية 43"

وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى...} الروم/8...

قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} البقرة/170.

وذكر العقل باسمه وأفعاله في القرآن الكريم زهاء 50 مرة، وأما ذكر أولي الألباب، أي العقول ففي بضع عشرة مرة، وهذا دليل على اعتبار العقل ومنزلته ، كما نهى الشرع عن الاستدلال بالاعتماد على الظنون؛ لأن الظنون لا تغني من الحق شيئاً، ونهى عن اتباع الهوى وتحكيمه في الاستدلال بالنصوص.

فَمِنْ هُنَا يُعْلمُ إخوةَ الإيمانِ والإسلامِ أنَّ على الإنسانِ أن َيتفكرَ أي ينظرُ في أحوالِ هذا العالمِ حتى يزدادَ يقيناً بوجودِ اللهِ الخالقِ الذي خلقَ هذا العالمَ كلَه.

البرهان العقلي أو الدليل العقلي أو الأدلة العقلية وعلى أهمية التمكن في هذه الأدلة، فعلماء التوحيد عندهم العقل شاهد للدين.
فالعالم سمي عالما لانه علامة على وجود الله، فهذا العالم دليل على وجود الله تبارك وتعالى لأنه لا يصح في العقل وجود فعل ما من غير فاعل، كما لا يصح وجود نسخ وكتابة من غير ناسخ وكاتب. الكتابة والنسخ من جملة هذا العالم.
إذاً هذا العالم لا بد له من خالق وهو الله تعالى. هذا العالم لا بد له من خالق من باب أولى وهو الله تعالى .


فهذا الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه أقام الحجة على ملحد ينكر وجود الله بالدليل العقلي بالبرهان العقلي.


يروى أن رجلاً من منكري وجود الله أتى إلى أحد الخلفاء وقال له : "إن علماء عصرك يقولون إن لهذا الكون صانعًا وأنا مستعد أن أثبت لهم أن هذا الكون لا صانع له". يعني على زعمه هذا العالم لا خالق له والعياذ بالله تعالى.

فبعث الخليفة إلى عالم كبير إلى الإمام أبي حنيفة يعلمه بالخبر ويأمره بالحضور فتعمد الإمام أبو حنيفة أن يتأخر قليلاً عن الوقت ثم حضر فاستقبله الخليفة وأجلسه في صدر المجلس وكان قد اجتمع العلماء وكبار الناس فقال الرجل الملحد للإمام لم تأخرت في مجيئك؟

فقال الإمام ماذا تقول لو أخبرتك أنه قد حصل لي أمر عجيب فتأخرت، وذلك أن بيتي وراء نهر دجلة فجئت لأعبر النهر فلم أجد سوى سفينة عتيقة قد تكسرت ألواحها الخشبية، ولما وقع نظري عليها تحركت الألواح واجتمعت واتصل بعضها ببعض، وصارت سفينة صالحة للسير بلا مباشرة نجار ولا عمل عامل، فقعدت عليها وعبرت النهر، وجئت إلى هذا المكان. أتصدقني؟

فقال الرجل :"اسمعوا أيها الناس ما يقول عالمكم، فهذا لا يصدق! كيف توجد السفينة بدون أن يصنعها نجار؟ هذا كذب محض". فقال أبو حنيفة رضي الله عنه أيها الملحد إذا لم يعقل أن توجد سفينة بلا صانع ولا نجار فكيف تقول بوجود العالم بلا صانع؟ فسكت الرجل ولزمته الحجة.

وهاكم إخوة الإيمان حجة إبراهيم عليه السلام التي استدل بها على أن الله تعالى ليس هذه الكواكب التي يعبدها قومه ولا القمر ولا الشمس لتغير الشمس والقمر والكوكب، قال : لا أُحِبُّ الآفِلِينَ سورة الأنعام آية 76.

فمعنى كلام سيدنا إبراهيم عليه السلام أن الشىء الذي يتغير لا يصلح أن يكون إلهـًا مدبراً للعالم كما أن قومه يعتقدون لأن قومه كانوا على هذا الدين على هذا الإعتقاد أن الكواكب والشمس والقمر هي تدبر العالم. كانوا ينسبون تدبير الأرض وما فيها إلى الشمس والقمر والكواكب فإبراهيم عليه السلام كان عالماً بالله تعالى وأنه لا يشبه شيئاً لكن قومه كانوا في جهل عميق. كانوا يعتقدون أن الشمس والقمر والكواكب هي ءالهتهم التي تدبر الأرض وما عليها فدلهم إبراهيم عليه السلام على غباوتهم حيث أعلمهم أنهم يعبدون هذه الأشياء التي تتغير. والشىء الذي يتغير لا يصلح لأن يُعبد. لا يجوز في العقل أن يعبد.

قال لا أُحِبُّ الآفِلِينَ حجة عقلية، برهان عقلي، معناه كيف يجوز عبادة الشىء الذي يتغير. معناه اتركوا هذا الرأي الذي أنتم عليه واعبدوا الله الموجود الأزلي الذي لا يتغير. لكنهم من فساد قلوبهم لم يفهموا لأنه طبع الكفر على قلوبهم. كانت قلوبهم بعيدة عن الفهم، عن فهم الحق. أما سيدنا إبراهيم عليه السلام كان يعلم قبل ذلك قبل هذا الوقت يعلم أن الله تعالى موجود وأنه لا يشبه شيئاً وأنه خالق الكوكب والقمر والشمس لأن الله تبارك وتعالى قال: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُسورة الأنبياء ءاية 51

وهذا الذي ذكرناه اليوم إخوة الإيمان من البراهين العقلية التي استدل بها أنبياء الله والعلماء العاملون غيض من فيض. فعليكم بعلم الدين. علم الدين هو حياة الإسلام هو حياة الإسلام واسمعوا رحمكم الله قول أبي العتاهية :

فيا عجبًا كيف يُعصى الإلــــه أم كيف يجحده الجاحدُ
وفي كلِّ شىءٍ له ءايــة ***تدلّ على أنّه واحـــدُ
وفي كلِّ تحريكةٍ ءايــة ***وفي كلِّ تسكينةٍ توجـدُ

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...