بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 7 مارس 2022

الرُقى والتمائم والتّولةَ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيدنا محمَّد طبِّ القلوبِ و دوائها و عافية الأبدانِ و شفائها و نور الأبصار و ضيائها و على آله و صحبه و سلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إنَّ الرُّقَي والتَّمائِمَ والتِوَلَةَ شركٌ)، هذا حديث غَلِط بعض الناس في تفسيره وفهمه فقالوا بتحريم تعليق الحروز التي ليس فيها ءايات قرءانية أو بعض أسماء الله الحسنى، وهذا الحديث معناه أن الرُّقى التي فيها كلمات شرك كعبادة الكواكب أو الشياطين،فهذه رُقى شركية، وإلا فالرقية بما يجوز جائزة شرعا، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه ورقى غيره، فقد روى البيهقي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد عثمان بن عفان (أي زاره في مرضه) فقال: "بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ،أعيذُكَ بالله الواحدِ الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد من شر ما تجد" كرر ذلك مرارا ، وثبت أن جبريل زار النبي صلى الله عليه وسلم وقد مرض فقال: يا محمدُ اشتكيتَ، فقال : نعم، فقال جبريل: "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شرِّ كلِّ نفسٍ أو عينِ حاسدٍ الله يشفيك " فهذه رُقية تفيد للمسحور والمصاب بالعين والمريض. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى حسناً وحسيناً فقال:" أعيذَكُمَا بكلماتِ اللهِ التامة من كلِّ شيطانٍ وهامَّة ومن كلِّ عينٍ لآمّة " ثم قال:" هكذا كان أبوكما ابراهيمُ يُعَوِّذُ ولديهِ اسماعيل واسحاق". والرقية الشركية التي ذمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كشىءٍ كان يهوديٌ في زمن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ يفعلُهُ، وهو أن امرأةً كانت ترمد عينها فيأتي يهوديٌ ويرقيها فيذهب الرمد، فلما سُئِلَ بن عباس عن ذلك قال :"إنَّ الشيطان يؤذيها، فإذا رقاها هذا اليهوديُّ بكلماتِ الشركِ رفعَ أذاهُ عنها". فالتمائم التي سماها الرسول شركا ليست هي الحروز التي تتضمن ءايات قرءانية وأشياء جائزة، إنما التمائم خرزاتٌ كان الجاهلية يعلقونها ويعتقدون أنها تدفع الضرر بدون مشيئة الله ، وهذا اعتقاد شركي. والدليل على جواز تعليق الحروز المشروعة ما رواه الترمذي في جامعه عن عبدالله بن عمرِ بن العاصِ قال:علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه التعويذة:" أعوذ بكلمات الله التاماتِ من غضبهِ وعقابهِ وشرِّ عبادهِ ومن همزات الشياطينِ وأن يحضرون" فكنا نقولها ونكتبها فنعلقها على صدور من لا يعقل من أولادنا . وأما التِّوَلَةُ فهو نوع من السحر كانت النساء تعملنه في الجاهلية بقصد تحبيب أزواجهن إليهن وكان يتضمن كلمات شرك، لذلك سماه الرسول شركا. أما السحر الذي لا يتضمن شركا فهو من الكبائر. روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ليس منا من سَحرَ أو سَحِرَ له أو تَكهَّنَ أو تُكُهِّنَ له" معناه ليس على طريقنا، ليس معناه أن مجرد السحر أو الكهانة كفرٌ. وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"اجتنبوا السبع الموبقات" قيل وما هن يا رسول الله، قال :"الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والسحر والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" ومعنى الموبقات الكبائر المهلكات. وليعلم أن السحر لم يؤثر في عقل النبي ولا في جسمه والقول بخلاف ذلك خلاف الصواب، بل من قال أن السحر أثر في عقله فقد كفر وأما من قال أثر في جسمه فتألم فلا يكفر.وقوله المحصنات أي الحرائر، و قوله الغافلات أي العفيفات. والكهانة عمل يعمله بعض الفسقة يزعمون أنهم يُخبرون عن أمور المستقبل، ومن إدعى منهم أنه يعلم الغيب كله فقد كفر لأنه كذّب القرءان، قال تعالى( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) وإظهارا لفساد مذهب الوهابية أصحاب هذا الدين الجديد: روى الإمام البيهقي في سننه عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من علق تميمة فلا أتم الله له ومن علق ودعة فلا ودع الله له. قال الشيخ وهذا أيضا يرجع معناه إلى ما قال أبو عبيد وقد يحتمل أن يكون ذلك وما أشبهه من النهي والكراهية فيمن تعلقها وهو يرى تمام العافية وزوال العلة منها على ما كان أهل الجاهلية يصنعون (((فأما من تعلقها متبركا بذكر الله تعالى فيها وهو يعلم أن لا كاشف إلا الله ولا دافع عنه سواه فلا بأس بها إن شاء الله))). انتهى أما ما قاله أبو عبيد فهو ما رواه البيهقي أيضا في نفس الصحيفة: قال أبو عبيد أما التولة فهي بكسر التاء وهو الذي يحبب المرأة إلى زوجها هو من السحر وذلك لا يجوز وأما الرقى والتمائمفإنما أراد عبد الله ما كان بغير لسان العربية مما لا يدرى ما هو قال الشيخ والتميمة يقال إنها خرزة كانوا يتعلقونها يرون انها تدفع عنهم الآفات ويقال قلادة تعلق فيها العوذ.انتهى فهل يفعل ذلك مسلم؟ وهل يقارن القرءان العظيم المعظم بهذه الخرزات؟ ثم قال الإمام البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس ثنا هارون ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن قتادة عن واقع بن سحبان عن أسير بن جابر قال قال عبد الله رضي الله عنه من تعلق شيئا وكل إليه قال وحدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن جرير بن حازم قال سمعت الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلق شيئا وكل إليه قال وحدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن الحجاج عن فضيل أن ((( سعيد بن جبير كان يكتب لابنه المعاذة قال وسألت عطاء فقال ما كنا نكرهها إلا شيئا جاءنا من قبلكم))) أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن قالا ثنا أبو العباس الأصم ثنا بحر بن نصر ثنا بن وهب أخبرني نافع بن يزيد أنه سأل يحيى بن سعيد عن الرقى وتعليق الكتب فقال (((كان سعيد بن المسيب يأمر بتعليق القرءان وقال لا بأس به))). قال الشيخ رحمه الله وهذا كله يرجع إلى ما قلنا من أنه إن رقى بما لا يعرف أو على ما كان من أهل الجاهلية من إضافة العافية إلى الرقى لم يجز وإن رقى بكتاب الله أو بما يعرف من ذكر الله متبركا به وهو يرى نزول الشفاء من الله تعالى فلا بأس به وبالله التوفيق وهذه إحدى فضائح الوهابية أنهم يحرمون التحصن بالقرءان الكريم ويجعلون ذلك كتعليق الخرز، ما أبشع مقالتهم وما أقبح دينهم الجديد، وهذا يدل دلالة كالشمس أنهم زورا وبهتانا ينتمون إلى السلف بقولهم نحن سلفية، وكذبوا والله. والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين..


 فائدة متعلقة بالموضوع:


روى الترمذي أن الصحابة كانوا يعلقون على أطفالهم الذين لم يبلغوا شيئا يكتب وهو أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، يعلقونه على صدور الأطفال، أما البالغ فيعلمونه حتى يقوله أما عند ال
وهابية فهذا يعتبرونه شركاً، مجرد تعليق الحرز يعتبرونه كفراً، في المدينة إذا رأى الحرس الذي عند القبر الشريف الحرز على صدر شخص يحاولون قطعه ويقولون شرك لأنهم ظنوا أن التمائم التي نهى عنها الرسول هي هذه التي يعلقها المسلمون على صدورهم، وليست هذه تلك التمائم إنما تلك خرزات يعلقها المشركون على صدورهم، تلك سماها الرسول شركاً وليس القرءان وذكر الله لأن تلك كانوا يعتقدون أنها تحفظ الشخص بدون مشيئة الله. فإن قالت الوهابية نهى رسول الله عن الرقى والتمائم والتولة، فقولوا لهم هناك حديث ءاخر صحيح وهو " نهى عن الرقى والتمائم إلا بالمعوذات " رواه ابن حبان.

هذا وقد ثبت واشتهر أن أحمد بن حنبل كتب لتلميذه ابي بكر المروروذي لما حم رقعة كتب فيها بسم الله وبالله ومحمد رسول الله { قلنا يا نار كوني بردًا وسلاماً على إبراهيم } [سورة الأنبياء] الآية ليستشفي بها من الحمى.

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...