بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 24 مارس 2022

الدليل على تنزيه الله عن المكان والجهة من أقوال ألائمة

 الدليل على تنزيه الله عن المكان والجهة من أقوال ألائمة



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أما بعد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لا يشبع مؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة "رواه ابن حبان والترمذي وهو حديث صحيح،لأجل هذا قال بعض العلماء علمُ الدّين من المهد إلى اللحد،فالمؤمن على حسب رغبته في علم الدّين تعلو درجته عند الله وذلك لأن العلم حياة الإسلام وأشرف العلم العلم بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.


قال الله تعالى: {وتَزَوَدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقوَى} وسبيلُ التَّقْوَى هُوَ العِلمُ ، لأنَّ اللهَ تباركَ وتَعَالى إِذَا أَرَادَ بِعَبَدٍ خَيرًا فَقَّههُ في الدِّينِ أي رَزَقَهُ العِلمَ بِأُمُورِ دِينِه ، رَزَقَهُ المعرفةَ بما فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِيَهُ وَيَفْعَلَهُ ، وَرَزَقَهُ مَعْرِفَةَ مَا أَمَرَ بِاجتِنَابِه وَحَرَّمَهُ . فَلا فَلاحَ إلا بِعِلمِ أُمُورِ الدِّينِ . العقيدةُ التي هيَ أفرضُ الفرائضِ ، ثمَّ الأحكامُ العمليةُ ، أي لأنَّ علمَ التَّوحيدِ هوَ أفضلُ العلومِ ، قالَ البخاريُ : "باب : العلمُ قبلَ القولِ والعملِ" واستدلَّ بهذه الآيةِ : {فَاعْلَم أنَّه لا إلهَ إلا اللهُ واستَغْفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنِينَ وَالمؤمِنَاتِ} اللهُ تبارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ نبيِّهُ بِالثَّبَاتِ على العلمِ بِهِ أي معرفةِ وجودِه وتوحيدِه وما يليقُ بِهِ ومَا لا يَلِيقُ بِه ، هُوَ الرَّسُولُ عليه السَّلامُ كانَ مؤمنًا مِنْ أَوَّلِ نَشْأَتِه ، إِنَّمَا المقصودُ الثبات على ذلكَ ، كَمَا أَنَّهُ يقولُ هُوَ الرَّسُولُ وكلُّ مُصَلٍّ كلَّ يومٍ خمسَ مراتٍ {اهدنا الصِّراطَ المستقيم} المرادُ الثباتُ ، الثباتُ على الهدى ، وكذلكَ قولُه تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلهَ إلا اللهُ} المرادُ بِهِ الثبوتُ ، الثباتُ على هذِه المعرفةِ، المعرفةِ باللهِ، العلمِ باللهِ ا.هـ


الدليل على تنـزيه الله عن المكان والجهة من الإجماع

اعلم أن المسلمين اتفقوا على أن الله تعالى لا يحلُّ في مكان، ولا يحويه مكان ولا يسكن السماء ولا يسكن العرش، لأن الله تعالى موجود قبل العرش وقبل السماء وقبل المكان، ويستحيل على الله التغيّر من حال إلى حال ومن صفة إلى صفة أخرى، فهو تبارك وتعالى كان موجودًا في الأزل بلا مكان، وبعد أن خلق المكان لا يزال موجودًا بلا مكان. وما سنذكره في هذا البحث بمشيئة الله تعالى وعونه وتوفيقه من أقوالٍ في تنـزيه الله عن المكان لأعلام ظهروا على مدى أربعة عشر قرنًا من الزمن منذ الصدر الأول أي منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا يُعْتَبَرُ من أقوى الأدلة على رسوخ هذه العقيدة وثبوتها في نفوس المسلمين سلفًا وخلفًا.


ليُعلم أن أهل الحديث والفقه والتفسير واللغة والنحو وعلماء الأصول، وعلماء المذاهب الأربعة من الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة ـ إلا من لحق منهم بأهل التجسيم ـ والصوفية الصادقين كلهم على عقيدة تنـزيه الله عن المكان، إلا أن المشبهة ومنهم نفاة التوسل شذّوا عن هذه العقيدة الحقة فقالوا إن الله يسكن فوق العرش والعياذ بالله تعالى.

1ـ وممن نقل إجماع أهل الحق على تنـزيه الله عن المكان الشيخ عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي (429هـ)، فقد قال ما نصه: "وأجمعوا ـ أي أهل السنة والجماعة ـ على أنه ـ أي الله ـ لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان" اهـ.

2ـ وقال الشيخ إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجُويني الشافعي (478هـ) ما نصه: "ومذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيّز والتخصص بالجهات" اهـ.

3ـ وقال المفسّر الشيخ فخر الدين الرازي (606هـ) ما نصه: "إنعقد الإجماع على أنه سبحانه ليس معنا بالمكان والجهة والحيّز" اهـ.

4ـ وقال الشيخ إسماعيل الشيباني الحنفي (629هـ) ما نصه: "قال أهل الحق: إن الله تعالى متعالٍ عن المكان، غيرُ متمكِّنٍ في مكان، ولا متحيز إلى جهة خلافًا للكرّامية والمجسمة" اهـ.

5ـ وقال سيف الدين الآمدي (631هـ) ما نصه: "وما يُروى عن السلف من ألفاظ يوهم ظاهرها إثبات الجهة والمكان فهو محمول على هذا الذي ذكرنا من امتناعهم عن إجرائها على ظواهرها والإيمان بتنزيلها وتلاوة كل ءاية على ما ذكرنا عنهم، وبيَّن السلف الاختلاف في الألفاظ التي يطلقون فيها، كل ذلك اختلاف منهم في العبارة، مع اتفاقهم جميعًا في المعنى أنه تعالى ليس بمتمكن في مكان ولا متحيّز بجهة" اهـ.

وللشيخ ابن جَهْبَل الحلبي الشافعي (733هـ) رسالة ألَّفَها في نفي الجهة ردَّ بها على المجسم الفيلسوف ابن تيمية الحرَّاني الذي سَفَّه عقيدة أهل السنة، وطعن بأكابر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كعمر وعليّ رضي الله عنهما.

6ـ قال ابن جَهْبَل ما نصه: "وها نحن نذكر عقيدة أهل السنة، فنقول: عقيدتنا أن الله قديم أزليٌّ، لا يُشبِهُ شيئًا ولا يشبهه شىء، ليس له جهة ولا مكان" اهـ.

7ـ نقل الشيخ تاج الدين السبكي الشافعي الأشعري (771هـ) عن الشيخ فخر الدين بن عساكر أنه كان يقرىء العقيدة المرشدة التي فيها : "إن الله تعالى موجود قبل الخلق ليس له قَبْلٌ ولا بَعْدٌ، ولا فوقٌ ولا تحتٌ، ولا يمينٌ ولا شمالٌ، ولا أمامٌ ولا خَلْفٌ". ثم قال ابن السبكي بعد أن ذكر هذه العقيدة ما نصه: "هذا ءاخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سُنّي" اهـ.

8ـ ووافقه على ذلك الحافظ المحدّث صلاح الدين العلائي (761هـ) أحَد أكابر علماء الحديث فقال ما نصه: "وهذه "العقيدة المرشدة" جرى قائلها على المنهاج القويم، والعَقْد المستقيم، وأصاب فيما نزَّه به العليَّ العظيم" اهـ.

9ـ قال الشيخ محمد مَيَّارة المالكي (1072هـ) ما نصه: "أجمع أهل الحق قاطبة على أن الله تعالى لا جهة له، فلا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف" اهـ.

10ـ وقال شيخ الجامع الأزهر سليم البِشْري (1335هـ) ما نصه: "مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السُّنّيون أن الله تعالى منـزه عن مشابهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث ومن ذلك تنـزهه عن الجهة والمكان" اهـ، ذكره القضاعي في "فرقان القرءان".

11ـ وقال الشيخ يوسف الدجوي المصري (1365هـ) عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في مصر ما نصه :"واعلم أن السلف قائلون باستحالة العلو المكاني عليه تعالى، خلافًا لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا المقام، فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه" اهـ.

12ـ وقال أيضًا: "هذا إجماع من السلف والخلف" اهـ.

13ـ وقال الشيخ سلامة القضاعي العزامي الشافعي (1376هـ) ما نصه: "أجمع أهل الحق من علماء السلف والخلف على تنـزه الحق ـ سبحانه ـ عن الجهة وتقدسه عن المكان" اهـ.

14ـ وقال المحدث الشيخ محمد عربي التبان المالكي المدرس بمدرسة الفلاح وبالمسجد المكي (1390هـ) ما نصه: "اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالى منـزه عن الجهة والجسمية والحد والمكان ومشابهة مخلوقاته" اهـ.

15ـ وممن نقل الإجماع على ذلك في مواضع كثيرة من مؤلفاته ودروسه المتكلم على لسان السلف الصالح العلامة الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله وله عناية شديدة بتعليم عقيدة أهل السنة والجماعة للناس فقال ما نصه: "قال أهل الحق نصرهم الله: إن الله سبحانه وتعالى ليس في جهة" اهـ،

فالحمد لله على ذلك.

وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الأهواء بقوله :"وإنه سيخرج من أمتي أقوامٌ تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه، لا يبقى منه عرقٌ ولا مفصلٌ إلا دخله" رواه أبو داود.

فالحمد لله الذي جعل لنا من يبيِّن عقيدة أهل السنة ويدافع عنها. وتمسك أخي المسلم بهذه العقيدة التي عليها مئات الملايين من المسلمين، والحمد لله على توفيقه.اهـ

قال ا لإمام الشيخ عبد الله أبو عبد الرحمن الشيبي


يجبُ أنْ نعتقدَ أنَّ اللهَ موجودٌ لا كالموجوداتِ ، لا يجوزُ عليه التَّحَيُّزُ في مكانٍ ، ولا في جميعِ الأمكنةِ ، لا يجوزُ أن يَملأَ جميعَ الأمكنةِ، ولا أَنْ يختصَّ بجهةِ العرشِ، الحقُّ هو أَنْ يُعتقدَ أنَّ اللهَ موجودٌ لا كالموجوداتِ ليسَ حجمًا له حدٌّ، كَذَلِكَ لا يجوزُ أن يكُونَ اللهُ تعَالَى جسمًا لطيفًا كالنُّورِ، لا يجوزُ، اللهُ خالِقُ النُّورِ كَيْفَ يكونُ نورًا !؟ هُوَ خالقُ الظَّلامِ فَلا يُشبِهُ الظَّلام، الإنسانُ يتصورُ النُّورَ، والظَّلامُ وحدَه يتصوره، أمَّا أَنْ لا يكونَ نورٌ ولا ظلامٌ، هذا لا يستطيعُ إنسانٌ أن يتصورَه، عقلُ الإنسانِ لا يستطيعُ، فاللهُ تبارَكَ وتَعَالى لا يستطيعُ الإنسانُ أن يتصورَه فطريقُ النَّجاةِ هُوَ أن يُقَالَ مهمَا تَصورَتَ ببالِكَ فاللهُ بخلافِ ذلك، هذا طريقُ النَّجاةِ ، هذا يُوَافِقُ قولَ اللهِ تعَالى في القرءانِ الكريمِ {لَيْسَ كَمِثلِهِ شىءٌ} ا.هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...