بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 مايو 2019

ليلة النصف من شعبان والإقبال على الطاعة فيها

ليلة النصف من شعبان والإقبال على الطاعة فيها
الحمد للهِ ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّد وعلى ءاله وصحبه وسلّم.
أما بعد...يقول اللهُ تعالى في القرءان الكريم: (قَد أَفلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) سورة الأعلى / 14-15.
إخوة الإيمان.... (قَد أَفلَحَ) قد فاز من كان عمله زاكيًا، قد أفلح من اتقى ربه وأقبل على الآخرة بهمة عالية، فكل عمل يعمله هذا العبد لله تعالى مخلصًا في نيته فإن له بكل حسنة عشر أمثالها هذا أقل ما يكتب للعبد المسلم ثم يضاعف الله تعالى الحسنة الواحدة لمن يشاء إلى سبعمائة ضعف ويزيد لمن شاء على ذلك إلى أضعاف كثيرة قد تكتب الحسنة الواحدة بمائة ألف حسنة وقد تكتب بألف ألف وقد تكتب بأكثر من ذلك.
والله تعالى يقول في القرءان العظيم: (وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا) سورة القصص / 77.
أي لا تنس نصيبك لآخرتك من دنياك، فمن تزود لآخرته من هذه الدنيا فهو المتزود ومن فاته التزوّد للآخرة من هذه الدنيا فقد فاته التزود وربنا يقول: (والأَخِرَةُ خَيرٌ وَأبقَى) سورة الأعلى / 17. يعني الجنة أفضل وأدوم من الدنيا، فحري بنا في ليلة النصف من شعبان أن نُقبِلَ إلى طاعة الله، ليلة النصف من شعبان هي ليلة مباركة وأكثر ما يبلغ المرء تلك الليلة أن يقوم ليلها ويصوم نهارها ويتقي الله فيها.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها"رواه ابن ماجة.
إذا العشرون من شعبان ولّت ........ فواصل شرب ليلتك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغار ........ فقد ضاق الزمان عن الصغار
وينبغي للشخص في هذه الليلة كما ينبغي له في سائر الأوقات أن يتذكر أن الموت ءاتٍ لا محالة. وكم هي عظيمة تلك الكلمات التي تقولها ملائكة الرحمة للأتقياء عند مفارقتهم الدنيا يقولون للمؤمن التقي (نَحنُ أَولِيَاؤُكُم فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُم فِيهَا مَا تَشتَهِي أَنفُسُكُم وَلَكُم فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) سورة فصلت / 31. اللَّهُمَّ توفنا على كامل
الإيمان يا رب العالمين.
إخوة الإيمان لابد لنا من أن نبين أن ليلة النصف من شعبان ليست الليلة التي قال الله فيها: (فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيم)سورة الدخان / 4. وإن كان شاع عند بعض العوام أن هذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان فهذا غير صحيح
والصواب أن هذه الليلة هي ليلة القدر ومعنى (فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيم) أن اللهَ يُطلِعُ ملائكته في هذه الليلة ليلة القدر على تفاصيل ما يحدث في هذه السنة إلى مثلها من العام القابل من موت وحياة وولادة وأرزاق ونحو ذلك.
ومما ينبغي الإنتباه منه دعاء إعتاد بعض الناس على ترداده في هذه الليلة أي ليلة النصف من شعبان وهو: "اللَّهُمَّ إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروما أو مطرودا أو مقترًا علي في الرزق فامح اللَّهُمَّ بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي". فهذا اللفظ روي بعضه عن عُمَر وابن مسعود ولم يثبت. ولايجوز الإعتقاد أن الله تتغير مشيئته
فمن اعتقد أن الله يغير مشيئته بدعوة داعٍ فقد فسدت عقيدته ووقع بالكفر الإعتقادي الذي نحذر منه في دروسنا وخطبنا ومجالسنا كما نحذر من سائر أنواع الكفر الأخرى، فإن مشيئة الله أزلية أبدية لا يطرأ عليها تغيُّر ولا تحول كسائر صفاته: علمه وقدرته وتقديره وغيرها. فلا تتغير مشيئة الله بدعوة داعٍ أو صدقة متصدق أو نذر ناذر.
أما قول الله تعالى: (يَمحُواْ اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثبِتُ) سورة الرعد /39
فمعناه أن الله تعالى يمحو ما يشاء من القرءان ويرفع حكمه وينسخه ويثبت ما يشاء من القرءان فلا ينسخه كما فسرها إبن عباس رضي الله عنهما وليس المراد به أن الله
يغير مشيئته لدعوة أو صدقة أو نذر أو غير ذلك. وصدق من قال: "سبحان الذي يغير ولا يتغير"، فلو كان الله يغير مشيئته بدعوة لغيرَّها لحبيبه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم حيث إن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم قال: "سألت ربي أربعًا فأعطاني ثلاثًا ومنعني واحدة: سألته أن لا يُكَفِر أُمتي جُملَةً فأعطانيها، وسألته أن لا يهلكهم بما أهلك به الأمم
قبلهم فأعطانيها، وسألته أن لا يُظهر عليهم عدوًا من غيرهم فيستأصلهم فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها"
وفي رواية: قال لي يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يردّ.
إخوة الإيمان... من أراد الدّعاء لا بد له من العلم، من أراد الذّكر لا بد له من العلم، من اراد الصّلاة واجبة كانت أو نافلة لا بد من العلم، من أراد الصّيام لا بد له من العلم فعليكم بعلم الدّين فعلم الدّين هو حياة الإسلام.
اللَّهُمَّ ارزقنا علمًا نافعًا وإيمانًا قويًا وثباتًا على الحق يا أرحم الراحمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...