المرأة المسلمة بين النقاب والحجاب
القرءان يحرم الاختلاط غير المشروع بين الذكر والأنثى ففي سورة الإسراء قول الله سبحانه: ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزَّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) {الإسراء/ 32 } .
كما حرم كل ما يفضي إلى الزنا من وسائل ومقدمات باستثارة الغرائز وفتح منافذ الفتنة بين الرجل والمرأة ويغري بالفاحشة أو يقرب منها سداً للذريعة ودرءاً للمفسدة ..
ومن ثم حرم الإسلام الخلوة بين رجل و امرأة لم يربط بينهما زواج أو محرمية .
ففي الحديث المروي في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:›› لا يخلوَنَّ رجل بامرأة إلاَّ مع ذي محرم ‹‹ وفي رواية أحمد عن عامر بن ربيعه ›› من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخْلّوَنَّ بامرأة ليس معها ذو محرم منها،فان ثالثهما الشيطان ‹‹ .
الغريزة التي تشد كلاً من الرجل والمرأة إلى الآخر هي التي تثير الفتنة في المرأة بالنسبة للرجل وفيه بالنسبة لها، ففي الحديث المروي في الصحيحين ›› ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء‹‹.
وكان من علاج الإسلام ووصاياه لدرء هذه الفتنة ما جاء في القرءان من أوامر واقية ودافعة لهذه الفتنة لاسيما الآيات التي وردت في سورتي النور والأحزاب حيث بينت الآداب الواجبة في دخول البيوت وغض البصر وستر الجسد ، ومن يباح لهم الخلوة بالمرأة والنظر إليها أو الدخول عليها عملاً على الاستقرار الداخلي والخارج في نفس المرأة والرجل على حد سواء ومنعاً من تحكم الأهواء والشهوات ، وصوناً للمرأة بوجه خاص عن التبذل، وعوامل الاغراء والفتنة حتى تكون زوجاً صالحة تبني أسرة مستقيمة .
وكانت ءايات الحجاب ستراً واقياً من الوقوع في شرور الفتنة .
ولقد جاءت مادة الحجاب في ثمانية مواضع في القرءان الكريم وكلها تشير إلى أن معناه المنع والستر،أي ما يمنع الفتنة ويدفع وقوعها بين الرجال والنساء .
الثياب والنقاب
ولقد نبهت ءاياتان في القرءان الكريم على ما يجب أن تكون عليه ثياب المرأة إحداهما قول الله سبحانه في سورة النور _ وَقُل للمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إلاَّ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعولَتِهِنَّ ، أوْ ءابائهِنَّ أو ءاباءِ بُعُولَتِهِنَّ أو ءابْنائهِنَّ أو ءابْناءِ بُعولَتِهِنَّ أو إخْوانِهِنَّ أو بَني إخْوانِهِنَّ أو بَني أخَواتِهِنَّ أو نِسائهِنَّ أو مَا مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ أو التَّابِعينَ غيرِ أُوْلِى الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أو الطِّفْلِ الذينَ لَمْ يَظْهَروا على عَوْراتِ النِّسَاءِ ولا يَضْرِبْنَ بإرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وتوبوا إلى اللَّهِ جَميعاً أيُّهَ المُؤمٍنونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحونَ ) [النور/ 31 ] .
والآية الأخرى قول الله سبحانه :
(يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لأزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ المُؤمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أدْنَى أنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤذَيْنَ وكانَ اللَّهُ غَفوراً رَحِيما ) .[ الأحزاب/59].
فهاتان الآيتان متكاملتان ، حيث حددتا ما يجب أن ترتديه المرأة المسلمة بحيث يحجب جسدها له ، فلا ينكشف منه إلا ما قضت به حاجة التعامل وهو الوجه والكفان عملاً بقول الله : (…إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا…) [النور /31 ] وحد الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن وما بين وَتِدَي الأذنين بحيث لا يظهر شئ من الشعر ولا القرط (الحلق ولا الأذن ) ولا شئ من العنق ولا يكون الثوب مظهراً لما تحته .
فالمطلوب من المرأة المسلمة – بمقتضى هاتين الآيتين – أن تستر رأسها ورقبتها وصدرها ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) وأن يكون ثوبها ساتراً لجميع جسدها ، فلا يرى الغير منها إلا الوجه والكفين (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاََبِيِبِهِنَّ ) .
بذلك فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله سبحانه في ءاية سورة النور السابقة (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَر مِنْهَا ) .
فقد روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في لباس دقيق يشف عن جسدها ، فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ›› يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه‹‹
وهذا الحديث رواه أيضاً ابن مردويه و البيهقي عن خالد بن دريك وذكره المنذري في الترغيب والترهيب .
وإن قال القرطبي في تفسيره إنه منقطع لم يتصل سنده . وقال أبو داود إنه مرسل حيث لم يدرك خالد عائشة وفي إسناده سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن البصري نزيل دمشق مولى بني نصر وقد تكلم فيه غير واحد ، إن كان ذلك في هذا الحديث لكن أحاديث أخرى صحاحاً تقويه وردت في إباحة كشف الوجه والكفين لحاجة التعامل .
ويؤيد هذا أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة وكذلك في الإحرام بالحج وفي العمرة ولو كان الوجه والكفان عورة لما أبيح لها كشفهما ، لأن ستر العورة واجب ، إذ لا تصح صلاة الإنسان إذا كان مكشوف العورة ، كما يؤيده حديث الخثعمية الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما وفيه : ›› أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل ابن العباس يوم النحر خلفه وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، فعاد الفضل ينظر إليها ثلاث مرات ، والرسول صلى الله عليه وسلم يحول وجهه فقال العباس (أبو الفضل ) لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم لويت عنق ابن عمك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ›› رأيت شاباً وشابة فلم ءامن الشيطان عليهما ‹‹ .
قال ابن حزم : ولو كان الوجه عورة يجب سترها لما أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المرأة على كشفه بحضرة الناس ثم قال :
›› ولو كان وجهها مغطى ما عرف الفضل أحسناء هي أم شوهاء ‹‹ .
وقال ابن بطال ›› وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضاً لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رءاها الغرباء ‹‹ .
وفي الصحيحين ›› أن سبيعة بنت الحارث توفي عنها زوجها وكانت حاملاً فوضعت قبل أن تنقضي عدة المتوفى عنها زوجها (أي أربعة أشهر وعشراً ) فرءاها أحد الصحابة ( يقال له أبو السنابل) وقد تجملت ، فاكتحلت واختضبت ، فلامها ،فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال صلى الله عليه وسلم : ›› قد حللت حين وضعت ‹‹ ولم ينكر عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أظهرت الكحل أو الخضاب حتى رءاها ذلك الرجل وغيره .
وحديث صدقات النساء بعد أن دعاهن الرسول للتصدق الذي رواه البخاري وأحمد والنسائي وأبو داود، ومحصله أن ابن عباس شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الرسول الرجال ثم ذهب فخطب النساء وأمرهن بالصدقة ، فبسط بلال ثوبه .. قال ابن عباس ›› فرأيتهن يهوين بأيديهن ‹‹ يعني يلقين صَدَقَاتهن في ثوب بلال .
وتلك رواية صدق في أن أيديهن كانت مكشوفة بلا نكير من رسول الله ولا من أحد من الأصحاب الحاضرين .
وقال القرطبي عند تفسير قول الله (إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة في الصلاة والحج صلح أن يكون الاستثناء راجعاً إليهما .
وقد صرح بهذا جماعة من الصحابة والتابعين ، وهو اختبار الطبري والرازي وغيرهما من المفسرين .
لما كان ذلك كان لزاماً على المرأة المسلمة بمقتضى هاتين الآيتين أن تستر جسمها من قمة رأسها إلى ظاهر قدميها ، وليس لزاماً أن تخفي وجهها وكفيها بنقاب أو قفاز وما أشبههما ، باعتبار أنه لم يقم دليل صريح من القرءان ولا من السنة بوجوب إخفاء الوجه والكفين ، بل جاءت الأخبار الصحيحة بغير ذلك .
ومن ثم يكون استعمال النقاب والقفاز عملاً شخصياً محضاً لا يساند الوجوب فيه دليل ظاهر .
أما أن بعض النساء كن يخفين الوجوه والأكف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك كان من باب الحياء والاعتياد ، لا على سبيل الإلزام بحكم تشريعي يدل لهذا ما رواه الحاكم عن أسماء رضي الله عنها قالت : ›› كنا نغطّي وجوهنا من الرجال حياء ‹‹ أي حياء منهن وخجلاً لا تشدداً ولا تغالياً في الدين ..
وهو أيضاً ما رواه أحمد وأبو داود و البيهقي قالت عائشة ›› كان الربان يمرون بنا ونحن محرمات ، فإذا حاذونا أسبلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه ‹‹ .
فتغطية الوجه والكفين عمل اختياري موقوت بظروفه غير واجب إلا على نساء النبي وهذا حكم خاص بهن ويكون خيراً ، إذا ترجحت الفتنة وتعين درء المفسدة .
يجب أن نفرق بين جواز كشف الوجه والكفين وعدم وجوب إخفائهما وبين حرمة الاستغراق في النظر ومتابعته بين الرجال والنساء ، فقد جاء الأمر بالغض من البصر صريحاً واضحاً في قول الله سبحانه في ءايتي سورة النور : ( قُل للْمُؤْمِنينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) وقوله ( وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهِنَّ ) .
وفي السنة أحاديث صحيحة كثيرة تحرم مداومة النظر إلى المرأة – أي بشهوة – أو إلى عورتها ولو بلا شهوة . من هذا ما رواه أحمد وأبو داود عن علي رضي الله عنه حيث قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة ) .
وحديث الخثعمية المشار إليه ءانفاً (في الحلقة الأولى ) حيث حولَ الرسول صلى الله عليه وسلم وجه الفضل بن العباس عن النظر إليها ، ولم يأمرها بإخفاء وجهها .
فقد روى مسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ›› صنفان من الناس لم أرهما : رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ‹‹ .
والكاسيات العاريات هن اللواتي يلبسن ما يشف ويحكي اللون والمائلات المميلات بنحو التخلع والاهتزاز في المشي وبالخضوع واللين في القول والحديث لاستمالة الرجال للحرام .
وبعد :
فإن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس . وان من الخير للمسلم وللمسلمة الوقوف عند ما يعلم علماً صحيحا من حلال أو حرام وألا يتجاوز هذا إلى ما لا يعلم متزيداً بالا فتاء بما لا سند له ، متأولاً أو متجاوزاً حدود التأويل والله سبحانه يقول :
( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتي أَخْرَجَ لعِبَادِهِ وَ الطَّيَّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ لِلَّذينَ ءَامَنُوا في الحَياةِ الدُنْيا خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُون .َ قُلْ إنَّما حَرَّمَ رَبِّي الفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنْ والإثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرَ الحَقِّ وأنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وأنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [الأعراف/32،33 ] .
وفي هذه الجملة الأخيرة النهي عن القول في الإسلام بغير دليل أو برهان في حدود أصول الإسلام المبينة في القرءان والسنة وما تفرع عنهما من أدلة ارتضاها سلف هذه الأمَّة .
والقول في الدين بغير علم ، تحريماً أو تحليلاً ، هو ما أكَّد الله أيضاً تحريمه في قوله سبحانه :
( وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتِكُمُ الكَذِبَ هَذا حَلالٌ وَهَذا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إنَّ الَّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) [سورة النحل /116 ] .
ومن ثم فما كان من الأحكام ثابتاً بدليل قطعي الدلالة والثبوت كان لازماً لكافة المسلمين ، ولا محل لتأويله أو الحيدة عما قضى به ، وما كان ظني الدلالة ولو كان قطعي الثبوت كان للفهم الصحيح فيه مجال ومقال لم يجز لأحد أن يكره أحداً من المجتهدين المعتبرين على انتحال فهم في النص لم يطمئن إليه . فإذا توافق كثرة من العلماء على رأي كان على الكافة اتباعهم ، وكان لمن خالف أن يعمل برأيه دون أن يحاول حمل الغير على اتباعه حتى لا تكون فتنة . حسبما تقرر في ءاداب المفتي و المستفتي في مباحث علم أصول الفقه .
ذلك أن هذه المذاهب الفقهية التي نتداولها إنما نشأت باجتهادات في موضع قابل للاجتهاد وليس لمجرد الرغبة في الاختلاف و النزاع ، لأن التفرق في الدين هو الماحقة ، حذر الله منه فقال سبحانه : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعَاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ) [ سورة آل عمران / 103 ] ، (وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ ريحُكُمْ ) [ سورة الأنفال / 46] ، ( إنَّ الَّذينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ في شَىْءٍ ) [سورة الأنعام / 159 ] .
ويجب رد المسائل المتنازع عليها إلى الكتاب والسنة . ذلك قول الله سبحانه : ( فإِن تَنَازَعْتُمْ في شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى الله وَالرَّسُولِ ) [ سورة النساء /59 ] وقوله تعالى : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيِه مِنْ شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله ) [سورة الشورى /10 ] ، ذلك لأن الدين قد فصله القرءان كما قال الله : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلَّ شَىْءٍ ) [ سورة النحل /89 ] ، وبينته السنة كما قال الله سبحانه : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذَّكْرَ لِتُبَيّنَ للنَّاسِ مَا نُزَّلَ إلَيْهِم ) [ سورة النحل /44 ] .
ولأن من ءايات القرءان ونصوص السنة ما حوى قواعد عامة مقررة بل ومستقرة ليس فيها ما يصعب على الناس اعتقاده ، أو يشق عليهم العمل به .
ذلك قول الله : (... لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلاَّ وُسْعَهَا ) [سورة البقرة /286 ] ، وقول الله سبحانه : (يُرِيد الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) [سورة البقرة /185 ] ، وقوله تعالى : ( وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ في الدَّينِ مِنْ حَرَج ) [ سورة الحج /78 ] .
ذلك يسر الإسلام وعمومه الذي جمعه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله الذي رواه البخاري:
››إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ‹‹
وهذه القضايا التي يكثر فيها جدل المسلمين سواء من كان من أهل العلم أو ممن لم يكن تشبثاً برأي،
أو تمسكاً بقول فقيه ، ينبغي أن نأخذها بهذا المعيار الذي قرره القرءان الكريم في تلك الآيات وأوضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف .
ومن ثم فلا نجعل السنة فرضاً حتماً ، ونحدث بذلك الفرقة في صفوف المسلمين ، ونضل الناس بغير علم ، كما لا نقول في الإسلام بغير ما قررت أصوله والله ورسوله قد نهيا عن ذلك (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) .
لقد تفرقت بالمسلمين السبل ، وتنازعتهم الأهواء فكان هذا الواقع الأليم الذي تعيشه الأمة الإسلامية.
إن علينا جميعاً اتباع قول الله الحكيم : (وَأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيِلِه ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِه لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ) [سورة الأنعام /153 ] والله سبحانه وتعالى أعلم .
أهــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق