بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

القناعةُ كنزٌ لا يفنى

قالَ المُحَدِّثُ الشَّيْخُ عَبْد الله الهَرري رحمه اللهُ تَعَالى
الحمد لله ربِّ العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلواتُ اللهِ البرِّ الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرفِ المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيّين والمرسلين
أما بعدُ، فقد رُويَ بإسنادٍ ضعيفٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ "القناعةُ كنزٌ لا يفنى"
معنى هذا الحديثِ كأنّها كنزٌ لا يفنى، معناهُ يبقى إلى آخرِ الدُّنيا، كأنَّه كَنزٌ يَبقَى إلى آخرِ الدُّنيا، القَناعةُ غِنى القَلبِ،
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "علَيكُم بالقَناعَةِ فَإنّ القَناعَةَ مَالٌ لا يَنفَدُ" رواه الطبراني.
القَلبُ يَرتاحُ بالقَناعَةِ أمّا إذا كانتِ النّفسُ لا تَقْنَعُ بالقَليلِ تكونُ دائماً في تَفكيرٍ، الذي نَفسُهُ لا تَقنَعُ بالقَليلِ منَ الرِّزقِ هَمُّهُ دائِمًا بالمالِ، كيفَ يزيدُ مَالُه، هؤلاءِ الأغنياءُ أكثَرُهم كُلّمَا غَنوا يَطمَعُونَ بالزيادةِ إلى أنْ يموتُوا وهُم على ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَو كانَ لابنِ ءادَمَ وادٍ مِنْ ذَهَب لَتَمَنّى أَن يَكونَ لهُ وادِيانِ ولا يَملأُ فَمَهُ إلا التُّراب".
(عن أنسٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"لَو أَنَّ لابنِ آدَمَ وادِياً مِن ذهَب أحَبَّ أنْ يَكونَ لهُ وادِيان ولَن يملأَ فَاهُ إلا التُّراب ويَتُوبُ اللهُ على مَن تَابَ"رواه البخاري ومسلم)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا قَلَّ وكَفَى خَيرٌ مما كَثُرَ وأَلْهَى" رواه أحمد والطبراني وغيرهما.
أمّا الذينَ غَلَبَتْ علَيهِمُ القَناعَةُ وحُبُّ الآخِرةِ إذا كَثُرَ المالُ عندَهم يتَضَايَقُونَ ولا تَرتاحُ نفُوسُهم حتى يُفرِّقوهُ، هَذا شَأنُ الأولياءِ الذينَ امتَلأتْ نفُوسُهم قَناعَةً وزُهداً. لمّا تُدَكُّ الأرضُ الكُنوزُ تَندَكُّ والجبالُ أيضًا تُنسَفُ تصِيرُ كالغُبارِ النَّاعِمِ وتَطِيرُ في الجَوِّ، الذي ينظُرُ إليها من كَثْرَتِها يَظُنُّها جَامِدةً وهي تَمُرُّ مُروراً سَريعًا، والسّمواتُ يومَ القيامَةِ فَناؤها بِتَشَقُّقِها وتَغَيُّرِ لونِها، اليومَ لونُها أخضَرُ خفِيفٌ ومَلساءُ ما فيها خُروقٌ ولا جبالٌ ولا وِهادٌ بل هيَ مُستويةٌ، لكنْ يومَ القيامةِ تتشقَّقُ يصيرُ فيها شُقُوقٌ، هنا شَقٌّ وهنا شَقٌّ وهنا شَقٌّ، ولونُها يَصِيرُ كالجلدِ الأحمرِ كالجلدِ الذي دُبِغَ أحمرَ، ثم في النهايةِ تُرمى في الجنةِ، أمّا هذه الأرضُ بَعدمَا يَنتَهِي حِسابُ الخلقِ علَيها تُرمَى في جهَنّمَ حتى تَزيدَ الكُفّارَ وَقُودًا. لا تُصَدِّقوا قولَ الجُغرافِيّينَ الذينَ يقولونَ عن هذا اللونِ الذي نراهُ إنّهُ انعِكاسُ لونِ البحرِ إنّما هذا اللّونُ الذي يَظهَرُ لما يكونُ صَحْوٌ تامٌّ هوَ لَونُ السّماءِ هؤلاءِ الجغرافيّونَ ماذا يعرِفونَ مِنَ العَالمِ يعرفونَ ظاهِرَ هذِه الأرضِ التي يتَجَوّلُونَ فيها، فالذي يَتبعُهُم في كُلِّ كلامِهم يخرُجُ مِنَ الإسلامِ لأنهم لا يَعتقِدُونَ بوجُودِ الجنّةِ ولا النارِ ولا بوجودِ السمواتِ والأرضِين. ثم الأرضُ لمّا تَنشَقُّ القُبورُ على أَصحابِها يَخرُجونَ ويُحشَرونَ، ولمّا يَخرجونَ كلُّهم منْ قُبورِهم الله يَنقُلُهم إلى مكانٍ قُربَ الصِّراطِ في ظُلْمَةٍ، بقُدرةِ اللهِ يَكونونَ محمُولينَ بعدَ أنِ انفَصَلوا عنِ الأرضِ، الأرضُ تُدَكُّ وتُبَدَّلُ غيرَها ثم يَصِيرُ لونُها غَيرَ هذِه، لَونُها يَصِيرُ كالفِضَّةِ ليسَ فيهَا جِبالٌ ولا وِهَادٌ ولا أشْجَارٌ يُستَظَلُّ تحتَها، والشّمسُ تكُونُ قَرِيبةً مِن رؤوسِ الناسِ لا تَستَقِرُّ في مَدارِها الذي تكونُ فيهِ اليومَ، أكثَرُ البشَرِ يتضَايَقُونَ مِن حَرِّها، مِن شِدَّةِ حَرِّها يتكَلّمُونَ فيما بينَهم فيقُولونَ تعالَوا لنَذهَبَ إلى أَبِينَا آدمَ لِيَشفَعَ لنَا حتى نَرتاحَ من هذا الموقفِ فيذهبونَ إلى آدمَ ثم آدمُ يُحِيلُهم إلى نُوحٍ ثم نوحٌ يُحِيلُهم إلى إبراهيمَ ثم إبراهيمُ يُحيلُهم إلى موسَى ثم موسَى يُحِيلُهم إلى عيسى ثم عيسَى يُحِيلُهم إلى سيّدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ثم يَكونُ الحسَابُ ثم لمّا يَفرغُ اللهُ مِن حِسابِهم يَذهَبُ فَرِيقٌ إلى الجنةِ وفَريقٌ إلى النارِ، بعدَ ذلك هذه الأرضُ تُرمَى في جَهنّمَ وقَد ورَدَ في حديثٍ ضعيفِ الإسنادِ "أنّ المسَاجدَ تُزَفُّ إلى الجنّةِ كمَا تُزَفُّ العروس" أمّا روضَةُ سيدِنا محمّد التي مِن قَبرِه إلى مِنبَرِه فهذِه لا شَكّ تكونُ في الجنّةِ هذا يقِينٌ مؤكَّدٌ وجَبلُ أُحُد يكونُ في الجنّةِ كذَلكَ.
الخواصُّ مِن خَلقِ اللهِ يرَونَ مَا لا يراهُ الآخَرونَ ويَشَمُّون مَا لا يَشَمُّه الآخَرُونَ، بعضُ الحُجّاج لما يَذهَبُونَ إلى المدينةِ يرَونَ في الفضَاءِ أَنوارًا مُتلاطِمةً نُورًا أَحمرَ ونُورًا أَصفَرَ ونُورًا أَخضَرَ ونُورًا أًبيضَ.
كانَ في رأسِ بيروتَ رَجُلٌ كانَ مِنَ الأتقياء من ءَال عيتاني ماتَ منذُ أَكثَر مِن عِشرينَ سَنةً (تقريبًا منتصف السبعينات) كانَ عَسكَرِيّا أيامَ السّلطان عبد الحمِيد رحمه الله، قالَ مكَثْنَا في المدينة ثمانيةَ أَشهُر فذهَبتُ إلى مَوضِع القَبر الشّريف فأَدخَلتُ يَدِي في فُتُحاتِ الحدِيد مِن دُونِ أَن أمَسَّ الحديدَ فظَلّ الطِيبُ في يَدِي خَمسةَ عشَرَ يَومًا لا يُفارقُ يَدِي أَتوَضّأ وأغسِلُ يدِي بالصّابون ولا تَذهَبُ الرائحَة.
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...