الحمد لله خالق الأسباب والمسببات أرسل النبيين هادين ومبشرين ومنذرين وجعل التوسل بهم من القربات المهمات ومن الأسباب لإجابة الدعوات والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله المصطفى البشير الأمين.
لقد شذ رعاع من الناس فجعلوا التوسل بالأنبياء والأولياء والاستغاثة بهم من الأمور الشركية وموهوا على ضعاف عقول من الناس بشبه ما أنـزل الله بها من سلطان ومن هذه الرعاع فرقة يقال لها الفرقة الوهابية نسبة إلى شيخهم الضال محمد بن عبد الوهاب الذي أخذ هذه العقيدة وهي تكفير المتوسلين بالأنبياء والأولياء من إمام الضلالة أحمد بن تيمية الحراني. وقد صدق فيهم قوله عليه الصلاة والسلام: أناس من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا دعاة على أبواب جهنم من استجاب لهم قذفوه فيها. فعملا بقول الله تبارك وتعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}
وقوله صلى الله عليه وسلم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر.
لـيـعلم أن التوسل والتوجه والتشفع وكذا الاستفتاح والاستغاثة متقاربة في المعنى متحدة في الاستعمال، ومعنى ذلك طلب حصول منفعة أو اندفاع مضرّة من الله بذكر اسم نبي أو ولي إكرامًا للمتوَسَل به، وقد ورد ذلك في الكتاب والسنة الصحيحة ومن فعل السلف وأقوالهم وأما الكتاب فقوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} فقد ذكر أهل التفسير أن اليهود كانوا يقولون: اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث في ءاخر الزمان،
وهذا ما يقتضيه اللفظ إذ الاستفتاح طلب الفتح كما قال الراغب الأصبهاني في المفردات في غريب القرءان ما نصه: والاستفتاح طلب الفتح أو الفتاح قال تعالى: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} أي إن طلبتم الظفر أو طلبتم الفتاح أي الحكم أو طلبتم مبدأ الخيرات فقد جاءكم ذلك بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} أي يستنصرون الله ببعثة محمد عليه السلام وقيل يستعلمون خبره من الناس مرة ويستنبطونه من الكتب مرة وقيل يطلبون من الله بذكره الظفر وقيل كانوا يقولون إنـا لنُنْصَرُ بمحمد عليه السلام على عبدة الأوثان.اهـ.
قال الرازي في تفسيره الكبير ما نصه: ففي سبب النـزول وجوه: أحدها أن اليهود من قبل مبعث محمد عليه السلام ونزول القرءان كانوا يستفتحون أي يسألون الفتح والنصرة وكانوا يقولون: اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبي الأمي. وثانيها كانوا يقولون لمخالفيهم عند القتال: هذا نبي أظل زمانه ينصرنا عليكم ، عن ابن عباس.اهـ
وقال الآلوسي في تفسيره روح المعاني ما نصه: نزلت في بني قريظة كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه قاله ابن عباس رضي الله عنه وقتادة والمعنى يطلبون من الله تعالى أن ينصرهم به على المشركين كما روى السدي أنه كان إذا اشتد الحرب بينهم وبين المشركين أخرجوا التوراة ووضعوا أيديهم موضع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا نسألك بحق نبيك أن تنصرنا على عدونا.اهـ
وقال علي بن حبيب الماوردي البَصري في تفسيره المعروف بالنكت والعيون ما نصه: {وكانوا من قَبْلُ يستفتحونَ على الذين كفروا} يعني يستنصرون، قال ابن عباس: إن اليهود كانوا يستنصرون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله تعالى من العرب كفروا به، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور: أو ما كنتم تُخبروننا أنه مبعوث؟ فقال سلام بن مشكم: ما جاءنا بشىء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله تعالى: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزلَ الله بَغيا أن يُنـزّل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين}. اهـ
قال الإمام تقي الدين الحصني في كتابه دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد ما نصه: {وكانوا} أي اليهود {من قبل} أي بعث محمد صلى الله عليه وسلم {يستفتحون} أي يستنصرون {على الذين كفروا} وهم مشركوا العرب كانوا يقولون إذا حزبهم أمر أو دهمهم عدو انصرنا بجاه النبي المبعوث ءاخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة فكانوا يُنصرون وكانوا يقولون لأعدائهم كغطفان وغيرها من المشركين قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلناه فنقتلكم معه قتل عاد وثمود. فانظر أرشدك الله إلى قدره ودنو منـزلته عند ربه كيف قبل عز وجل التوسل به من اليهود مع علمه سبحانه بأنهم يكفرون به ولا يوقرونه ولا يعظمونه بل يؤذونه ولا يتبعون النور الذي أنزل معه فمن منع التوسل به فقد نادى على نفسه وأعلمَ الناسَ بأنه أسوأ حالا من اليهود.اهـ
فإن قيل هذا تمسك بفعل اليهود. فالجواب: إنه تمسك بتقرير الشرع فإنه تعالى ذكر استفتاحهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ولـم ينكره الله عز وجل بل أنكر كفرهم قال تعالى: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} الآية.
وكذلك قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى إذ استسقـه قومه أن اضرب بعصاك الحجر} دلَّ على جواز الاستعانة بغير الله تعالى من عباده الصالحين إذ كان قومه يعلمون أن الله قادر على أن يسقيهم لو سألوه ومع ذلك عدلوا إلى السؤال من نبيهم لعلمهم أنه ذو منـزلـة عند ربه فيجيبه وهم ليسوا كذلك وقد أجاب الله نبيه موسى عليه الصلاة والسلام وأخبرنا بذلك مادحا نبيه ومذكرا إنعامه عليهم بذلك.
فالله تبارك وتعالى جعلَ أمورَ الدنيا على الأسباب والمسببات مع أنه قادر على أن يُعطيَنا الثواب من غير أن نقوم بالأعمال قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} وقال تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} أي كل شىء يُقربكم إليه اطلبوه يعني هذه الأسباب، اعملوا الأسباب فنحقق لكم المسببات نحقق لكم مطالبكم بهذه الأسباب وهو قادر على تحقيقها بدون هذه المسببات.
وفي الآية دليل واضح على رد مزاعم أحمد بن تيمية ومن نهج نهجه من الوهابية وغيرهم بأن الاستغاثة من معاني العبادة لأنه لو كانت الاستغاثة من معاني العبادة لما أغاثه موسى عليه السلام حين طُلب الغوث منه وفي ذلك أبين بيان على أنه ليس عبادة لغير الله مجرد الاستغاثة بغير الله لأن العبادة عند اللغويين الطاعة مع الخضوع، قال أبو منصور الأزهري الذي هو أحد كبار اللغويين في كتاب تهذيب اللغة نقلا عن الزجاج الذي هو من أشهرهم ما نصه: العبادة في لغة العرب الطاعة مع الخضوع، ومثله قال الفراء كما في لسان العرب لابن منظور. وقال الإمام المجمع على إمامته تقي الدين السبكي في قوله تعالى: {إياك نعبد} أي وحدك نخصك بالعبادة التي هي أقصى غايـة الخشوع والخضوع. وقال الإمام أبو حيان النحوي المفسر اللغوي في تفسيره البحر المحيط عند قوله تعالى: {إياك نعبد}: العبادة عند جمهور اللغويين التذلل وقال ابن السكيت: التجريد.اهـ
وممن فسر العبادة بذلك الراغب الأصبهاني وهو لغوي مشهور قال في كتابه المفردات في غريب القرءان ما نصه: العبادة غاية التذلل. وقال خاتمة اللغويين الحافظ الفقيه مرتضى الزبيدي في شرح القاموس ما نصه: قال بعض أئمة الاشتقاق: أصل العبودية الذل والخضوع، ثم قال: قال الليث: ويقال للمشركين هم عبدة الطاغوت، ويقال للمسلمين عباد الله يعبدون الله، وقال الله عز وجل: {اعبدوا ربكم} أي أطيعوا ربكم، وقوله: {إياك نعبد وإياك نستعين} أي نطيع الطاعة التي يخضع معها، قال ابن الأثير: ومعنى العبادة في اللغة الطاعة مع الخضوع.اهـ
فتبين من مجوع ما نقلناه عن أهل اللغة أنه ليس مجرد النداء لشخص ميت أو حي ولا مجرد الاستغاثة بغير الله ولا مجرد الاستعانة بغير الله ولا مجرد طلب ما لم تجر به العادة بين الناس ولا مجرد الخوف أو الرجاء أو التوسل عبادة لغير الله كما تزعم الفرقة الوهابية.
فالذي أدى بابن تيمية ومن تبعه من وهابية وغيرهم إلى تكفير المتوسلين والمستغيثين برسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين عليهم السلام جهلهم بمعنى العبادة الواردة في نحو قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقوله تعالى حكاية عن المشركين: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}. فهؤلاء الذين يطلقون عنان لسانهم لتكفير المستغيثين بالأنبياء والأولياء فليتعلموا معنى العبادة في لغة العرب.
لقد شذ رعاع من الناس فجعلوا التوسل بالأنبياء والأولياء والاستغاثة بهم من الأمور الشركية وموهوا على ضعاف عقول من الناس بشبه ما أنـزل الله بها من سلطان ومن هذه الرعاع فرقة يقال لها الفرقة الوهابية نسبة إلى شيخهم الضال محمد بن عبد الوهاب الذي أخذ هذه العقيدة وهي تكفير المتوسلين بالأنبياء والأولياء من إمام الضلالة أحمد بن تيمية الحراني. وقد صدق فيهم قوله عليه الصلاة والسلام: أناس من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا دعاة على أبواب جهنم من استجاب لهم قذفوه فيها. فعملا بقول الله تبارك وتعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}
وقوله صلى الله عليه وسلم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر.
لـيـعلم أن التوسل والتوجه والتشفع وكذا الاستفتاح والاستغاثة متقاربة في المعنى متحدة في الاستعمال، ومعنى ذلك طلب حصول منفعة أو اندفاع مضرّة من الله بذكر اسم نبي أو ولي إكرامًا للمتوَسَل به، وقد ورد ذلك في الكتاب والسنة الصحيحة ومن فعل السلف وأقوالهم وأما الكتاب فقوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} فقد ذكر أهل التفسير أن اليهود كانوا يقولون: اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث في ءاخر الزمان،
وهذا ما يقتضيه اللفظ إذ الاستفتاح طلب الفتح كما قال الراغب الأصبهاني في المفردات في غريب القرءان ما نصه: والاستفتاح طلب الفتح أو الفتاح قال تعالى: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} أي إن طلبتم الظفر أو طلبتم الفتاح أي الحكم أو طلبتم مبدأ الخيرات فقد جاءكم ذلك بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} أي يستنصرون الله ببعثة محمد عليه السلام وقيل يستعلمون خبره من الناس مرة ويستنبطونه من الكتب مرة وقيل يطلبون من الله بذكره الظفر وقيل كانوا يقولون إنـا لنُنْصَرُ بمحمد عليه السلام على عبدة الأوثان.اهـ.
قال الرازي في تفسيره الكبير ما نصه: ففي سبب النـزول وجوه: أحدها أن اليهود من قبل مبعث محمد عليه السلام ونزول القرءان كانوا يستفتحون أي يسألون الفتح والنصرة وكانوا يقولون: اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبي الأمي. وثانيها كانوا يقولون لمخالفيهم عند القتال: هذا نبي أظل زمانه ينصرنا عليكم ، عن ابن عباس.اهـ
وقال الآلوسي في تفسيره روح المعاني ما نصه: نزلت في بني قريظة كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه قاله ابن عباس رضي الله عنه وقتادة والمعنى يطلبون من الله تعالى أن ينصرهم به على المشركين كما روى السدي أنه كان إذا اشتد الحرب بينهم وبين المشركين أخرجوا التوراة ووضعوا أيديهم موضع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا نسألك بحق نبيك أن تنصرنا على عدونا.اهـ
وقال علي بن حبيب الماوردي البَصري في تفسيره المعروف بالنكت والعيون ما نصه: {وكانوا من قَبْلُ يستفتحونَ على الذين كفروا} يعني يستنصرون، قال ابن عباس: إن اليهود كانوا يستنصرون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله تعالى من العرب كفروا به، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور: أو ما كنتم تُخبروننا أنه مبعوث؟ فقال سلام بن مشكم: ما جاءنا بشىء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله تعالى: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزلَ الله بَغيا أن يُنـزّل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءو بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين}. اهـ
قال الإمام تقي الدين الحصني في كتابه دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد ما نصه: {وكانوا} أي اليهود {من قبل} أي بعث محمد صلى الله عليه وسلم {يستفتحون} أي يستنصرون {على الذين كفروا} وهم مشركوا العرب كانوا يقولون إذا حزبهم أمر أو دهمهم عدو انصرنا بجاه النبي المبعوث ءاخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة فكانوا يُنصرون وكانوا يقولون لأعدائهم كغطفان وغيرها من المشركين قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلناه فنقتلكم معه قتل عاد وثمود. فانظر أرشدك الله إلى قدره ودنو منـزلته عند ربه كيف قبل عز وجل التوسل به من اليهود مع علمه سبحانه بأنهم يكفرون به ولا يوقرونه ولا يعظمونه بل يؤذونه ولا يتبعون النور الذي أنزل معه فمن منع التوسل به فقد نادى على نفسه وأعلمَ الناسَ بأنه أسوأ حالا من اليهود.اهـ
فإن قيل هذا تمسك بفعل اليهود. فالجواب: إنه تمسك بتقرير الشرع فإنه تعالى ذكر استفتاحهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ولـم ينكره الله عز وجل بل أنكر كفرهم قال تعالى: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} الآية.
وكذلك قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى إذ استسقـه قومه أن اضرب بعصاك الحجر} دلَّ على جواز الاستعانة بغير الله تعالى من عباده الصالحين إذ كان قومه يعلمون أن الله قادر على أن يسقيهم لو سألوه ومع ذلك عدلوا إلى السؤال من نبيهم لعلمهم أنه ذو منـزلـة عند ربه فيجيبه وهم ليسوا كذلك وقد أجاب الله نبيه موسى عليه الصلاة والسلام وأخبرنا بذلك مادحا نبيه ومذكرا إنعامه عليهم بذلك.
فالله تبارك وتعالى جعلَ أمورَ الدنيا على الأسباب والمسببات مع أنه قادر على أن يُعطيَنا الثواب من غير أن نقوم بالأعمال قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} وقال تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} أي كل شىء يُقربكم إليه اطلبوه يعني هذه الأسباب، اعملوا الأسباب فنحقق لكم المسببات نحقق لكم مطالبكم بهذه الأسباب وهو قادر على تحقيقها بدون هذه المسببات.
وفي الآية دليل واضح على رد مزاعم أحمد بن تيمية ومن نهج نهجه من الوهابية وغيرهم بأن الاستغاثة من معاني العبادة لأنه لو كانت الاستغاثة من معاني العبادة لما أغاثه موسى عليه السلام حين طُلب الغوث منه وفي ذلك أبين بيان على أنه ليس عبادة لغير الله مجرد الاستغاثة بغير الله لأن العبادة عند اللغويين الطاعة مع الخضوع، قال أبو منصور الأزهري الذي هو أحد كبار اللغويين في كتاب تهذيب اللغة نقلا عن الزجاج الذي هو من أشهرهم ما نصه: العبادة في لغة العرب الطاعة مع الخضوع، ومثله قال الفراء كما في لسان العرب لابن منظور. وقال الإمام المجمع على إمامته تقي الدين السبكي في قوله تعالى: {إياك نعبد} أي وحدك نخصك بالعبادة التي هي أقصى غايـة الخشوع والخضوع. وقال الإمام أبو حيان النحوي المفسر اللغوي في تفسيره البحر المحيط عند قوله تعالى: {إياك نعبد}: العبادة عند جمهور اللغويين التذلل وقال ابن السكيت: التجريد.اهـ
وممن فسر العبادة بذلك الراغب الأصبهاني وهو لغوي مشهور قال في كتابه المفردات في غريب القرءان ما نصه: العبادة غاية التذلل. وقال خاتمة اللغويين الحافظ الفقيه مرتضى الزبيدي في شرح القاموس ما نصه: قال بعض أئمة الاشتقاق: أصل العبودية الذل والخضوع، ثم قال: قال الليث: ويقال للمشركين هم عبدة الطاغوت، ويقال للمسلمين عباد الله يعبدون الله، وقال الله عز وجل: {اعبدوا ربكم} أي أطيعوا ربكم، وقوله: {إياك نعبد وإياك نستعين} أي نطيع الطاعة التي يخضع معها، قال ابن الأثير: ومعنى العبادة في اللغة الطاعة مع الخضوع.اهـ
فتبين من مجوع ما نقلناه عن أهل اللغة أنه ليس مجرد النداء لشخص ميت أو حي ولا مجرد الاستغاثة بغير الله ولا مجرد الاستعانة بغير الله ولا مجرد طلب ما لم تجر به العادة بين الناس ولا مجرد الخوف أو الرجاء أو التوسل عبادة لغير الله كما تزعم الفرقة الوهابية.
فالذي أدى بابن تيمية ومن تبعه من وهابية وغيرهم إلى تكفير المتوسلين والمستغيثين برسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين عليهم السلام جهلهم بمعنى العبادة الواردة في نحو قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقوله تعالى حكاية عن المشركين: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}. فهؤلاء الذين يطلقون عنان لسانهم لتكفير المستغيثين بالأنبياء والأولياء فليتعلموا معنى العبادة في لغة العرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق