تفسير حديث: حتى يضع ربّ العزة فيها قدمه
وكذلك فى الأحاديث محكم ومتشابه
المحكم كقوله تعالى :ليس كمثله شئ.
والمتشابه كقوله تعالى :الرّحمن على العرش استوى.فلا يجوز أن يحمل على الظاهر فيقال إنه جلس أو استقرّ لأن هذا من صفات الخلق وإن قيل استوى استواء يليق به مع اعتقاد تنزيه الله عن كل صفات الخلق فلا بأس وهذا الغالب على السلف.
وإن قيل :المعنى أن الله خلق العرش وهو قاهره فلا بأس كما أنه قال:وهو ربّ العرش العظيم. مع أنه ربّ كلّ شئ.
وقد عمد بعض أكابر المشبهة المجسّمة إلى تحريف معنى حديث:حتى يضع ربّ العزة فيها قدمه فقال إن الله يضع رجله فى جهنم لكنها لا تحترق.والعياذ بالله من التحريف والتشبيه والكفر.هذا لو كان يؤمن بالقرءان لوقف عند قول الله تعالى :لو كان هؤلاء ءالهة ما وردوها.وذلك فى توبيخ الكفار حين يجدون فى النار معهم ما كانوا عبدوه فى الدنيا من نحو الأصنام.هذا المشبه جعل الله ذا أعضاء وجوارح وساواه بالأصنام التى يعبدها الكفّار.
أما تفسير الحديث فهو أن جهنم الله تعالى لا يجعل فيها الكفار أهلها دفعة واحدة إنما دفعة بعد دفعة فقال الرسول : لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع ربّ العزة فيها قدمه أى الفوج الأخير من أهلها الذين يقدمهم إليها فتمتلئ بهم.وفى رواية رجله أى الفوج الذين تمتلئ بهم ففى الللغة يقال رجل من جراد أى فوج من جراد.
وفى تفسير القرطبىّ:
وقال النضر بن شُمَيْل في معنى قوله عليه السلام: «حتى يَضَع الجبَّار فيها قَدمَه » أي من سبق في علمه أنه من أهل النار
وفى تفسير الثعالبى:
ومن هذه اللفظة قوله صلى الله عليه وسلّم: «حَتَّى يَضَعَ الجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ » أيْ ما قَدَّمَ لها، هذا على أن الجبَّار اسْمُ اللَّه تعالى،
تفسير غرائب القرءان:
وروي أنه لا يلقى فيها فوج إلا ذهب ولا يملؤها شىء فتقول: قد أقسمت لتملأني فيضع تعالى فيها قدمه أي ما قدّمه.
وفى كتاب الأسماء والصفات للبيهقىّ:
قال الشيخ أحمد: وفيما كتب إلي أبو نصر بن قتادة من كتاب أبي الحسن بن مهدي الطبري حكاية عن النضر بن شميل أن معنى قوله: حتى يضع الجبار فيها قدمه أي من سبق في علمه أنه من أهل النار. قال أبو سليمان: قد تأول بعضهم الرجل على نحو من هذا، قال: والمراد به استيفاء عدد الجماعة الذين استوجبوا دخول النار. قال: والعرب تسمي جماعة الجراد رجلا كما سموا جماعة الظباء سربا وجماعة النعام خيطا، وجماعة الحمير عانة، قال: وهذا وإن كان اسما خاصا لجماعة الجراد، فقد يستعار لجماعة الناس على سبيل التشبيه. والكلام المستعار والمنقول من موضعه كثير، والأمر فيه عند أهل اللغة مشهور. قال أبو سليمان رحمه الله: وفيه وجه آخر، وهو أن هذه الأسماء أمثال يراد بها إثبات معان لا حظ لظاهر الأسماء فيها
وفى النهاية فى غريب الحديث:
ومنه الحديث في ذكر النار: «حتى يَضَع الجَبَّار فيها قَدَمه » المشهور في تأويله: أن المراد بالجبَّار الله تعالى، ويشْهَد له قوله في الحديث الآخر: «حتَّى يَضَع ربُّ العِزة فيها قَدَمه» والمراد بالقَدَم: أهلُ النَّار الذين قَدَّمَهُم الله تعالى لها من شِرَار خلْقه، كما أنّ المؤمنين قَدَمُه الذين قَدَّمهم للجنة: وقيل أراد بالجَبَّار ها هنا المُتَمرد العَاتِي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: «إنّ النار قالت: وُكِّلْت بثَلاثةٍ: بِمَنْ جَعل مع الله إلهاً آخرَ، وبكُلّ جبَّار عنيد، وبالمُصَوِّرين».
وفى تاج العروس للحافظ اللغوى الفقيه محمد مرتضى الزبيدى:
(و) الجَبَّار في صِفَةِ الخَلقِ: (كلُّ عاتٍ) متَمرِّدٍ. ومنه قولهم: وَيْلٌ لجَبّارِ الأَرْضِ من جَبّارِ السَّماءِ، وبه فَسَّرَ بعضُم الحديثَ في ذِكر النّارِ: «حتى يَضَع الجَبَّارُ فيها قَدَمَه ». ويَشْهد له قولُه في حديثٍ آخر: «إِنَّ النارَ قالت: وُكِّلْت بثلاثة: بمَن جَعَل مع اللّهِ إِلهاً آخَرَ، وبكلِّ جَبّار عَنِيد، والمصَوِّرِين».
وقال اللِّحْيَانِيُّ: الجَبّار: المتكبِّر عن عبادةِ اللّه تعالى، ومنه قولهُ: {وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} (مريم: 14)
وفي الحديث «أَن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حَضَرَتْه امرأَةٌ فأَمَرهَا بأَمْرٍ، فتأَبَّتْ، فقال النبيُّ صلَّى اللّهُ عليْه وسلَّم: دَعُوهَا فإِنهَا جَبّارَةٌ»، أَي عاتِيَةٌ متكبِّرةٌ. (كالجِبيِّرِ، كسِكِّيتِ) ، وهو الشَّدِيدُ التَّجبُّرِ.ا هـ
اللهم ثبتنا على عقيدة التنزيه عقيدة أهل السنة والجماعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق