الشرع هو الأصل
قال الحافظ النووي (اعلم أن مذهب أهل السنة أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب، ولا إيجاب ولا تحريم، ولا غيرهما من أنواع التكليف، ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها إلا بالشرع).
وقد أجمع أهل العلم على أن أدلة الشرع هي القرآن والسنة والإجماع.
قال الشارح: وأما قول المعتزلة (1) بوجوب الأصلح على الله عز وجل يلزم منه أن يعطي في مقابل الحسنة سبعمئة حسنة، ومذهب أهل السنة أن الله تعالى لا يجب عليه شىء، تعالى الله عن ذلك، بل العالَم ملكه، والدنيا والآخرة في سلطانه، يفعل فيهما ما يشاء، فلو عذّب المطيعين والصالحين أجمعين وأدخلهم النار، كان عدلا منه، وإذا أكرمهم ونعَّمهم وأدخلهم الجنة فهو فضل منه، وإن عذبهم فليس بظالم لهم، ولو نعّم الكافرين وأدخلهم الجنة كان له ذلك، لأنه ملكه، يفعل فيه ما يشاء، ولكنه أخبر وخبره الصدق، أنه لا يفعل ذلك.
فعندما يأتي شخص ويقول أليس في ملك ربنا يوم القيامة أن يتوب على الكافرين ويدخلهم الجنة؟
فالجواب: الخلق ملكه، فهو بيده كل شىء، يفعل ما يشاء سبحانه وتعالى، لكن الله تبارك وتعالى الذي بيده كل شىء هو الذي أخبر أنه لا يغفر لهؤلاء، كما قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء 48، فما دون الشرك كالكبائر والصغائر، والبدع ما لم تبلغ حدّ الكفر، كل ذلك في مشيئة الله تعالى، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، وأما الشرك فإن الله تعالى قضى في كتابه وأخبر رسوله في سنَّته أنه لا يغفره ألبتة، مع أنه قادر على كل شىء، لكن الله تعالى استثناه من عموم المغفرة، فالأخبار تحتاج منا إلى تصديق، والآيات تحتاج منا إلى تنفيذ وعمل، فالله تعالى أخبر أنه لا يغفر للمشرك فوجب علينا تصديق ذلك الخبر، ولو أنعم على الكافرين وأدخلهم الجنة كان له ذلك ولكنه أخبر وخبرُه صدقٌ سبحانه أنه لا يفعل هذا، بل يغفر للمؤمنين ويدخلهم الجنة برحمته ويعذب المنافقين والكفار ويخلدهم في النار عدلا منه سبحانه.
المعتزلة في أثناء القرن الأوّل بَدؤها لكن ظهورُها بعد الثلاثمائة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق