شاع في الفترة المتأخرة على شبكات التواصل الاجتماعي في صور مكتوبة وفيديوهات لبعض مدعي العلم من المدلسين الأفاكين أن سيدي أحمد البدوي رجل شيعي باطني زنديق، وأنه أسطورة وأكذوبة، وأنه ما صلى لله ركعة …. الخ.
والذين يقولون هذا ويرددونه نخشى عليهم أن يقعوا في أذية رسول الله وآل بيته الكرام، فنبصرهم بما خفي عليهم، ونحثهم على أن يصونوا ألسنتهم عن الخوض في الصالحين.
فقد ترجم لسيدي أحمد البدوي عشرات من أهل العلم وامتدحوا صلاحه وأجمعوا على أنه من نسل سيدنا الحسين رضي الله تعالى عنه، وأنه حسيب نسيب شريف.
وقد ترجم له أئمة الإسلام وحفاظه ترجمات تليق بمكانته ومنزلته العظيمة، مع الشهادة له بالولاية والصلاح، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر:
العلامة سراج الدين ابن الملقن المتوفى 804 هجرية في (طبقات الأولياء 1/ 422) وقد قال عنه: “الشيخ أحمد البدوي، المعروف بالسطوحي، أصله من بني بِرِّي، قبيلة من عرب الشام، تسلك بالشيخ بِرِّي، أحد تلامذة الشيخ أبي نعيم أحد مشايخ العراق، وأحد أصحاب سيدي أحمد بن الرفاعي”. وذِكْره في طبقات الأولياء دليل ناصع على ولايته عنده.
وقال عنه الإمام ابن تغري بردي المتوفى 874هـ في (النجوم الزاهرة 7/253): “الشيخ المعتقد الصالح …. وكان من الأولياء المشهورين، وكانت له كرامات ومناقب جمة رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته”.
وقال عنه الحافظ شمس الدين السخاوي المتوفى 902هـ في عدة مواضع من كتابه “الضوء اللامع”: (سيدي أحمد البدوي).
ووصف الحافظ السخاوي له بلفظ السيادة دليل على أنه عنده ولي صالح.
ومن كذبهم وتدليسهم أنهم ينقلون عن السخاوي أنه ذكر عنه أنه ما كان يصلي والقصة مُفادها أنه رضي الله عنه كان في المسجد وكان الناس يدخلون عليه أفواجًا يتبركون به فلما حضرت الصلاة قام رجل وكشف عن عورته، وبال على ثيابه فقام الناس ولم يقم سيدي أحمد البدوي ووضع رأسه في طوقه حتى لا يرى عورة الرجل، حتى قال الحافظ السخاوي: واستمر ورأسه في طوق ثوبه وهو جالس إلى أن انقضت الصلاة ولم يصلّ.
ونص القصة بالتمام: “وَحدث المقريزي فِي عقوده عَن شَيْخه أبي حَيَّان قَالَ ألزمني الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن جنكلي ابن الْبَاب الْمسير مَعَه لزيارة أَحْمد البدوي بِنَاحِيَة طنتدا فوافيناه يَوْم الْجُمُعَة وَإِذا هُوَ رجل طوال عَلَيْهِ ثوب جوخ عَال وعمامة صوف رفيع وَالنَّاس يأتونه أَفْوَاجًا فَمنهمْ من يَقُول: يَا سَيِّدي خاطرك مَعَ غنمي وَآخر يَقُول: مَعَ بقري، وَآخر مَعَ زرعي، إِلَى أَن حَان وَقت الصَّلَاة فنزلنا مَعَه إِلَى الْجَامِع وَجَلَسْنَا لانتظار إِقَامَة الْجُمُعَة فَلَمَّا فرغ الْخَطِيب وأقيمت الصَّلَاة وضع الشَّيْخ رَأسه فِي طوقه بعد مَا قَامَ قَائِمًا وكشف عَن عَوْرَته بِحَضْرَة النَّاس وبال على ثِيَابه وَحصر الْمَسْجِد وَاسْتمرّ (أي سيدي البدوي) وَرَأسه فِي طوق ثَوْبه وَهُوَ جَالس إِلَى أَن انْقَضتْ الصَّلَاة وَلم يصلِّ، نفعنا الله بالصالحين”. (الضوء اللامع 9/150).
وبعد هذا تجد من يكذبون على العلماء يدلسون فينسبون البهتان إلى الولي الصالح الذي آثر أن يؤخر الصلاة، ولا أن ينظر إلى عورة مسلم!!
وقال عنه الحافظ السيوطي المتوفى 911هـ في (حسن المحاضرة 1/521، 522): “سيدي أحمد البدوي … وعرف بالبدوي لملازمته اللثام، ولبس لثامين لا يفارقهما، وعرض على التزويج فأبى، لإقباله على العبادة، وكان حفظ القرآن، وقرأ شيئًا من الفقه على مذهب الشافعي، واشتهر بالعطاب لكثرة ما يقع بمن يؤذيه من الناس، ثم لازم الصمت حتى كان لا يتكلم إلا بالإشارة، واعتزل الناس جملة، وظهر عليه الوله … ولازم أحمد الصيام، وأدمن عليه حتى كان يطوي أربعين يوما لا يتناول طعامًا ولا شرابًا، ولا ينام وهو في أكثر حاله، شاخص البصر إلى السماء وعيناه كالجمرتين، ثم صار إلى مصر سنة أربع وثلاثين، فأقام بطندتا من الغربية على سطح دار لا يفارقه، وإذا عرض له الحال يصيح صياحًا متصلًا … وتُؤثر عنه كرامات وخوارق، من أشهرها قصة المرأة التي أسر الفرنج ولدها، فلاذت به، فأحضره إليها في قيوده، ومر به رجل يحمل قربة لبن فأومأ إليها بأصبعه، فانقدت فانسكب اللبن، فخرجت منه حية قد انتفخت. توفي يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وست مئة”.
وقال عنه شهاب الدين الرملي شيخ الشافعية المتوفى 1004هـ في كتابه: (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2/292): “سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ”.
وقال العلامة محيي الدين عبد القادر العيدروس المتوفى 1038هـ في كتابه (النور السافر عن أخبار القرن العاشر صـ259): “القطب الشريف سَيِّدي أَحْمد البدوي نفع الله بِهِ”.
وقال عنه ابن العماد الحنبلي المتوفى 1089 هـ في (شذرات الذهب 7/602) في أحداث سنة 675هـ: “وفيها السّيّد الجليل الشيخ أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد ابن أبي بكر البدويّ الشّريف الحسيب النّسيب”.
وقال عنه الإمام شهاب الدين الحسيني الحموي الحنفي المتوفى 1098هـ في كتابه: (غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر 4/62): “سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدَوِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَاتِهِ”.
ووصفه العلامة الشيخ محمد بن أحمد بن سعيد الحنفي المكيّ المعروف كوالده بعقيلة المتوفى 1150هـ في كتابه: (الفوائد الجليلة في مسلسلات ابن عقيلة صـ86) بقوله: “الولي الشهير”.
وقال عنه شمس الدين ابن الغزي المتوفى 1167هـ في (ديوان الإسلام 1/276): “الولي المعتقد الشهير الشريف المصري أفرد الشعراني مناقبه بالتأليف”.
وقال العلامة محمد مرتضى الزبيدي المتوفى 1205هـ في (تاج العروس 33/399): “والمُلَثَّمُ، كَمُعَظَّمٍ: لَقَبُ القُطْبِ أَبِي الفَرَّاجِ سَيِّدِي أَحْمَد البَدَوِيّ قَدَّسَ الله سِرَّه، ويُقال لَهُ أَيضًا: أَبُو اللِّثامَيْنِ”.
وقال الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود في كتابه (السيد احمد البدوي صـ125): “ولقد بلغت عناية السيد بالقرآن أن لم يكتف بقراءته على قراءة واحدة، وإنما تعلم القرآن بقراءاته المتعددة: لقد كان عالمًا بالقراءات، وبلغت دراسته للفقه أنه كان إذا سُئِلَ عن مسألة من علوم الفقه يفتي فيها ثم يقول: تجدونها مسطرة في الكتاب الفلاني، وبلغت إلهاماته في علم القوم أنه كان يتحدث في المسألة من علمهم من الظهر إلى العصر”.
ومن راجع كتب السير وجد أضعاف ذلك عند أهل العلم حتى أفرد سيرته بالتأليف جماعة من العلماء، ومن ذلك ما كتبه العلامة الدكتور جودة محمد أبو اليزيد المهدي عميد كلية القرآن الكريم بطنطا: “السيد أحمد البدوي إمام من أئمة أهل السنة ليس جاسوسًا ولا شيعيًّا”.
فما سند هؤلاء في الطعن إلا أقوال بعض المعاصرين ممن لا صلة لهم بالعلم فكيف يترجم له أئمة الإسلام كابن الملقن، وابن تغري بردي، والسخاوي، والسيوطي، وابن العماد، والغزي، وغيرهم من أساطين العلم ثم يأخذون بقول نكرة في العلم؟!
والمنتسبون إلى السنة في زماننا ممن يسمون أنفسهم (سلفية) لا يستندون في طعنهم هذا إلا على كتاب بعنوان: “السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة” لأحمد صبحي منصور، وأحمد صبحي منصور كان أزهريًا وفُصل من الأزهر الشريف في الثمانينيات لأقواله الشاذة وهو من منكري السنة الشريفة، فكيف يعتمدون على رجل مفصول من أكبر جامعة علمية في العالم ويعادي سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فهؤلاء قوم تنقصهم الخشية من الله تعالى أو ينقصهم العلم فيخوضون فيما لا يعلمون، نسأل الله لنا ولهم الهداية والسداد آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق