بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 فبراير 2022

بدعة تقسيم التوحيد (الثالوث الوهابي)

  بدعة تقسيم التوحيد (الثالوث الوهابي)

المتطرفون التكفيريون والخوارج الذين أبتليت بهم الأمة خرجوا على الناس ببدعة جديدة وهي تقسيم التوحيد إلى: ألوهية، وربوبية، وأسماء وصفات، زعمًا أن ذلك ورد في كتاب الله تعالى، إذ قال الله سبحانه في سورة الناس: (رب الناس، ...، إله الناس)
سبحان الله! فأين توحيد (الملوكية)؟ ألم يقل الله تعالى في نفس السورة: (ملك الناس) أيضًا؟
وأين التوحيدات الأخرى؟ الملوكية، والقدوسية، والسلامية، والمؤمنية، والمهيمنية، والعزيزية، والجبارية، والمتكبرية، .. إلخ؟؟؟!!!
ألم يقل الله تعالى في سورة الحشر: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [ الحشر: 23]؟؟!
لقد جاء الدواعش بهذه البدعة الضلالة التي لم يسبقهم إليها أحد من أهل العلم المعتبرين، حتى يتمكنوا من تصفية حساباتهم مع خصومهم من المسلمين الموحّدين المخالفين لهم في عقائد التكفير والتجسيم والتشبيه، وليجدوا ذريعة لاستحلال دمائهم المعصومة بكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ويرمونهم بالشرك؛ بل ويجعلونهم أسوأ من مشركي مكة في بداية البعثة، وسبحان الله القائل: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)[سورة القلم: 35 - 36]!!!
يرمونهم بالشرك ليجدوا مسوغًا شرعيًّا لقتلهم بعد أن عجزوا عن مقارعتهم الحجة بالحجة. والطامة الكبرى أن العوام والبسطاء من المسلمين غير المتخصصين في العلوم الشرعية تنطلي عليهم هذه الحيل الواهية، فهذه المسألة تعد من المسائل التي يظهر فيها خطر البدعة الضلالة، التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
🍃إن تقسيم التوحيد إلى ثلاث أنواع هو بدعة ضلالة لم تظهر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد السلف الصالح ولم يتطرق إليها أحد من العلماء الثقات المعتبرين كأئمة المذاهب وعلماء القرون المفضلة، بل أثارها ابن تيمية في القرن الثامن الهجري لتصفية حساباته مع خصومه من منتقديه من العلماء الأكابر، فهل كان هو أهدى من النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وعلماء الأمة في القرون المفضلة ليأتي بمفاهيم عقدية جديدة؟!
ويتضح فساد هذا التقسيم المبتدع من خلال النقاط العلمية والموضوعية التالية:
▪التوحيد ببساطة هو تنزيه الله تبارك وتعالى عن الشريك والنظير النديد والمثيل، وهو مفهوم واحد لا يقبل التجزئة ولا التقسيم يعرف ذلك بإسمه (التوحيد)، فالله هو الله، إما أن تشهد له بالوحدانية أو تشرك به، لذلك قال تعالى: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء: 116]
وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء: 116]
وقال تعالى: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء: 116]
وقال تعالى: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]
وكلها آيات صريحة في النهي والتحذير من الإشراك بالذات الإلهية، لأن اسمه تعالى (الله) الوارد في الآيات أعلاه هو علم على الذات الإلهية، والذات الإلهية واحدة لا ثاني لها، وهذا هو جوهر التوحيد، لذلك لن تجد آية تقول لا تشرك بألوهية الله، أو لا تشرك بربوبية الله، ولا تشرك بأسماء وصفات الله، بل لا تشرك بالله.
▪كلمة التوحيد هي: (لا إله إلا الله)، التي بعث الله بها كل رسله عليهم السلام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله)
وهي شهادة دخول الإسلام، دين التوحيد، وتقتضي الإيمان بالله إيمانًا كاملًا، وتوحيده توحيدًا تامًّا، فعن جبريل عليه السلام قال: (يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً". قال: صدقت) [متفق عليه]
▪ندخل الإسلام بشهادة أن (لا إله إلا الله) لكن في القبر نسأل (من ربك) وليس (من إلهك)، لماذا؟
لأن الإله وهو الرب، والرب هو الإله، لا انفصال بين ربوبيته وألوهيته وسائر صفاته، فلا يليق بالله أن يكون إلهًا فقط ولا ربًّا فقط، لا يليق به إلا أن يكون إلهًا ربًّا، والقرءان الكريم كله يقرر أن الله تعالى هو الإله وهو الرب في آن واحد، فلا ربوبية بدون ألوهية، ولا ألوهية بدون ربوبية، لا تقسيم ولا تجزئة كما قال تعالى:
{ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام: 102]
🔹 وقال تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 106]
🔹 وقال تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129]
🔹 وقال تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116]
🔹 وقال تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: 30]
🔹 وقال تعالى: {ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ} [الزمر: 6]
🔹 وقال تعالى: {رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 9]
▪لو كان التوحيد يتجزأ فالشرك يتجزأ أيضًا، ولاقتضت عدالة الله تعالى أن يثيب المشركين على ما وحدوا بزعمهم ويعذبهم على ما أشركوا، وهذا باطل لأن الشرك شيء واحد كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [سورة لقمان: 13]
ولأن الشرك يحبط العمل ولا يثاب المشرك على شيء كما قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الزمر: 65]
وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) [النساء: 48]
فدل ذلك على أن التوحيد واحد لا ينقسم ولا يتجزأ.
▪الكلام عن أن المشركين كانوا يوحدون الله تعالى في ربوبيته ويشركون به في ألوهيته كلام باطل، أولًا لأن الله هو الرب والإله في آن واحد فلا توحيد إلا بالإثنين معًا، ثانيًا لأنهم لو كانوا يؤمنون بالله ربًّا لما أشركوا به غيره ولا عبدوا سواه كما قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۖ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَٰلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة الروم: 40]
وقوله تعالى: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [سورة النمل: 60]
ولما أنكروا إحياء الموتى والبعث والنشور، ولما قتلوا أولادهم خشية إملاق أو من إملاق، ولما اتخذوا التمائم لجلب النفع ودفع الضر، ثالثًا لأن المشركين ليسوا صنفًا واحدًا فمنهم أهل كتاب كالنصارى الذين أشركوا مع الله تعالى المسيح عيسى عليه السلام وأمه مريم، وبوصفهم أهل كتاب فقد كانوا يعرفون أنه تعالى هو الرب والخالق والرازق والمدبر، ومع ذلك أشركوا به وشهدوا على أنفسهم بالشرك فقالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)، وجعلوا له أربابا أندادًا كما قال سبحانه: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: 31]
🍃 فالإسلام هو دين التوحيد، جاء بتوحيد الله عز وجل وتنزيهه عما لا يليق به سبحانه من التجسيم والتشبيه والحلول في مخلوقاته كالعرش أو السماء، فليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فكل من آمن بالإسلام واعتنقه وشهد الشهادتين موقنا بها فهو مسلم موحّد له كامل حقوق المسلم، لا يسلب هذه الحقوق إلا بالردة وإقامة الحجة الشرعية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله. فاذا قالوها فقد عصموا دمائهم و اموالهم) رواه البخاري
أي متى ما شهدوا الشهادتين كففت عنهم وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحق الله كما في المرتد والنفس بالنفس والزاني المحصن.
وعن سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحُرَقَةِ من جُهَيْنَةَ، قال: فصبَّحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقتُ أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال: فلما غشيناه قال: "لا إله إلا الله"، قال: فكفَّ عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لي: "يا أسامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟" قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً، قال: "أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟" قال: فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم). رواه البخاري ومسلم
وفي رواية الأعمش: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) رواه مسلم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله) رواه البخاري
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏
Attayeb Ali، احمد بن محمود و٢٩ شخصًا آخر
٨ تعليقات
١٨ مشاركة
أعجبني
تعليق
مشاركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...