بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 مارس 2019

الملائكة لا تدخل بيت فيه كلب أو صورة

الملائكة لا تدخل بيت فيه كلب أو صورة

يجوزُ قَتْلُ الكلبِ الأَسْوَدِ البهيم. وأَمَّا الْهِرَّةُ السَّوْدَاءُ فلا يجوزُ قتلُها.
وَرَدَ عن رسول الله أنه قال: "لولا أنَّ الكلابَ أُمَّةٌ منَ الأُمَمِ لأَمَرْتُ بقتلِها كُلِّهَا فاقتلُوا منها كُلَّ أَسْوَدَ بهيم". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في [(سننهِ)/كتاب الأحكام والفوائد] وصَحَّحَه.
وقال التِّرْمِذِيُّ بعدَ روايتهِ لهذا الحديث: "الكلبُ الأَسْوَدُ البهيمُ هو الذي لا يَكُونُ فيهِ شيءٌ من البياض".
قولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "أُمَّةٌ من الأُمَمِ" معناه خُلِقَتْ لمنافعِ النَّاس.
وقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "الكَلْبُ الأَسْوَدُ شيطان". رَوَاهُ الإمامُ مسلمٌ في [(صحيحه)/كتاب الصَّلاة] والتِّرْمِذِيُّ في [(سُنَنهِ)/كتاب الصَّلاة] وصَحَّحَه.
ورَوَاهُ الإمام أحمدُ في (مسندِه) بلفظ: "الكلبُ الأَسْوَدُ البهيمُ شيطان".
ورَوَى ابنُ ماجَهْ في [(سننه)/كتاب الصَّيد] عن أبي ذرٍّ أنه سألَ رسولَ الله عن الكلبِ الأَسْوَدِ البهيم فقال له: "شيطان". معناه هو شَرُّ الكلابِ وأَقلُّها نفعًا. هذا من باب التشبيه.
رَوَى أبو دَاوُدَ في [(سننه)/كتاب الأَدَب] عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "إذا سمعتُم نُبَاحَ الكلابِ ونهيقَ الحُمُرِ باللَّيْلِ فتَعَوَّذُوا بالله فإنهنَّ يَرَيْنَ ما لا تَرَوْنَ".
ورَوَى البُخَارِيُّ في [(صحيحه)/كتاب بدء الخَلْق] عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "إذا سمعتُم صياحَ الدِّيَكَةِ فاسألوا الله مِنْ فَضْلهِ فإنها رَأَتْ مَلَكًا، وإذا سمعتُم نهيقَ الحمارِ فتَعَوَّذُوا بالله منَ الشَّيْطانِ فإنه رأى شيطانًا".
.
ورَوَى البُخَارِيُّ في [(صحيحه)/كتاب الذَّبائح والصَّيد] عن ابنِ عُمَرَ عن رسول الله أنه قال: "مَنِ اقتنى كلبًا إلَّا كلبًا ضاريًا لصيدٍ أو كلبَ ماشيةٍ فإنه يَنْقُصُ من أَجْرِهِ كُلَّ يومٍ قيراطان". والمقصودُ بالقيراطَينِ شيءٌ كثيرٌ من الثَّواب.
تربيةُ الكَلْبِ إنْ كانَ للحراسةِ كحراسةِ الماشيةِ أو الزَّرْعِ أو البيتِ أو كانَ للصَّيْدِ فيجوز. وأَمَّا الذي يُرَبِّيهِ لا لشيءٍ من ذلكَ فإنه يَنْقُصُ من ثوابهِ كُلَّ يومٍ قيراطان. والقيراطُ مثْلُ جَبَلِ أُحُد.
وثَبَتَ عندَ مسلمٍ أنَّ جبريلَ قال لرسولِ الله: "إنَّا لا ندخلُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة". أنظر [(صحيح مسلم)/كتابَ اللِّباسِ والزِّينة].
ورَوَى البُخَارِيُّ في [(صحيحه)/كتاب بدء الخَلْق] عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيهِ كلبٌ ولا صورة". وفي روايةٍ عندَه: "ولا صورةُ تماثيل".
إذا كانَ في البيتِ تمثالٌ كاملٌ لحيوانٍ، بهيمةٍ أو إنسانٍ، فإنَّ ملائكةَ الرَّحمةِ لا يدخلون. ملائكةُ الرَّحمةِ تمتنعُ مِنْ دخولِ المكانِ الذي توجدُ فيه هذه التماثيلُ الكاملة.
وقال جمهورُ المالكيَّة: "المرادُ بالصُّورَةِ هنا تلكَ المجَسَّمَةُ الكاملةُ فقط التي تكونُ على هيئةٍ يعيشُ عليها الحيوان. وأمَّا ما لا ظِلَّ له فلا يَضُرُّ".
معناه: إنَّ هذه الصُّوَرَ الكاملةَ التي تَكُونُ على الوَرَقِ أو الحيطانِ أو الوسائدِ والأقمشةِ لا تُؤَثِّرُ ولا تمنعُ دُخُولَ ملائكةِ الرَّحمة، ولو كانتْ صُوَرَ حيواناتٍ كاملة. هذا هو مذهبُ جمهورِ المالكيَّة.
والقولُ بجوازِ ما ليس مُجَسَّمًا هو ما عليهِ جمهورُ المالكيَّةِ وهو مذهبُ القاسمِ بنِ مُحَمَّدِ ابنِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهم. مذهبُ مالكٍ فيه فسحةٌ في أمرِ الصُّورة. عندهُ إذا لم تَكُنْ مُجَسَّمَةً جازَ اقتناؤُها ولو كانتْ كاملةً. وملائكةُ الرَّحمةِ لا يمتنعونَ من دُخُولِ البيتِ الذي تكونُ هي فيه. وأَمَّا المُحَرَّمَةُ عندهُ فهي المُجَسَّمَةُ الكاملةُ التي تكونُ على الهيئةِ التي يعيشُ عليها الحيوانُ ليسَ غير.
ورَوَى البُخَارِيُّ ومسلمٌ من حديثِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "أشدُّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ المصوِّرون". أي الذينَ يصنعونَ التماثيلَ الكاملةَ التي تكونُ على هيئةٍ يعيشُ عليها الحيوان. أنظر[(صحيحَ البُخَارِيِّ)/كتابَ الأدَب]، وانظر [(صحيحَ مسلم)/كتابَ اللِّباسِ والزِّينة].
ورَوَى البُخَارِيُّ ومسلمٌ وغيرُهما من حديثِ ابنِ عُمَرَ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "إنَّ الذينَ يصنعونَ الصُّوَرَ يُعَذَّبونَ يومَ القيامةِ، يقالُ لهم أحيُوا ما خَلَقْتُمْ"، أيْ ما صَوَّرْتُم.
ورَوَى البُخَارِيُّ أيضًا في [(صحيحه)/كتاب الطَّلاق] أنَّ رسولَ الله لَعَنَ المصوِّرين. ومرادُه الذينَ يصنعونَ التماثيلَ الكاملةَ التي تكونُ على هيئةٍ يعيشُ عليها الحيوان.
مَنْ صَنَعَ تمثالًا لإنسانٍ أو بهيمةٍ ليتخذَه النَّاسُ صَنَمًا يُعْبَدُ من دون الله فهو كافر، لأنَّ الإعانةَ على الكُفْرِ كُفْرٌ. فلو صَنَعَهُ لا للعبادةِ فهو ءاثم ولا نُكَفِّرُه. وبيعُ هذه التماثيلِ الكاملةِ وشراؤُها حرامٌ من كبائرِ الذُّنوب، لا يَصِحُّ بيعُها، لا يَصِحُّ شراؤُها.
وإذا كانَ في البيتِ تمثالٌ كاملٌ لحيوانٍ، بهيمةٍ أو إنسانٍ، فإنَّ ملائكةَ الرَّحمةِ لا يدخلونَ حتَّى ولو كانَ في صندوق. ومن المعلومِ أنَّ ملائكةَ الرَّحمةِ يأتونَ بالنَّفَحَاتِ لعبادِ الله المؤمنينَ لينفعوهم بأشياءَ بإذنِ الله. هؤلاء لا يدخلون. أمَّا الملائكةُ الكرامُ الكاتبونَ الذينَ يكتبونَ أعمالَ العبادِ فإنهم يدخلون. أولئكَ لا يفارقونَ الشَّخْصَ إلَّا عندما يكونُ في بيتِ الخَلاء أو في حال الجِماع. ومَعَ هذا فَهُمْ يعلَمونَ ما يفعلُه هذا الشَّخْصُ فيكتبون. إنْ عَمِلَ معصيةً يَعْلَمُون، وإنْ عَمِلَ حسنةً يَعْلَمُون.
يحرُم صُنْعُ صُوَرِ الحيواناتِ إذا كانتْ كاملةً مجسَّمة. يحرُم صُنْعُ صُوَرٍ مُجَسَّمَةٍ كاملةٍ لذوي الأرواحِ كالإنسانِ والطَّير. فلا يجوزُ إذا كانَ على هيئةٍ يعيشُ عليها الحيوان. ووُجُودُها في البيتِ يمنعُ دخولَ ملائكةِ الرَّحمة. إنَّ هذه التماثيلَ حرامٌ بلا خلاف. صُنْعُهَا حرامٌ واتخاذُها في البيتِ حرام.
ولو قُصَّتْ رَقَبَةُ التمثالِ بحيثُ صار على هيئةٍ لا يعيشُ عليها الحيوانُ فإنَّ الحُرْمَةَ تزول. وإنْ شاء ثَقَبَهُ من ناحيةٍ إلى ناحيةٍ بحيثُ لا يعيشُ لو كانَ حيوانًا في الحقيقةِ بهذه الصُّورَةِ. وفي هذه الحال يجوزُ اتخاذُه. ولكنْ يبقَى أنَّ بيعَه وشراءَه حرام. لا يجوزُ شراءُ التماثيلِ المُجَسَّمَةِ الكاملةِ لذوي الأرواحِ ولو كانتْ صُوَرًا لدُبٍّ أو هِرَّةٍ أو صوصٍ وغيرِها ولو ليلعبَ بها الأطفالُ. هي حرامٌ سواءٌ أَكانتْ من مَعْدِنٍ أو من خَشَبٍ أو ممَّا يشبهُ الصُّوفَ كهذا الذي يُسَمِّيهِ النَّاسُ دبدوب. إنَّ هذه التماثيلَ الكاملةَ لا يجوزُ شراؤُها ولا اتخاذُها في البيوت. حتَّى ولو كانتْ غيرَ كاملةٍ فإنَّ بيعَها وشراءَها لا يَصِحُّ، لأنَّ ما لا منفعةَ فيه معتبرةً شرعًا لا يَصِحُّ بيعُه ولا شراؤُه ولو وُجِدَتِ المنفعةُ فيهِ حِسًّا.
وأمَّا صُوَرُ الكلابِ والطُّيورِ والفئرانِ ونحوِها، المجسَّمةِ وغيرِ المجسَّمة، فلا يجوزُ شراؤُها، حتَّى للبناتِ الصِّغارِ لا يجوزُ ولا يَصِحُّ.
نُقِلَ عن الفقهاء المالكيِّينَ أنهم استثنَوا الدُّمْيَةَ التي تكونُ على صُورَةِ بنتٍ صغيرةٍ للبنتِ الصغيرة قالوا هي جائزةٌ للبنتِ الصَّغيرةِ لتلهوَ بها. لعبةُ البنتِ الصَّغيرةِ التي تُباحُ عندَ المالكيَّةِ شرطُها أَنْ تكونَ على هيئةِ طفلةٍ صغيرةٍ ولا يَصِحُّ أن تكونَ على هيئةِ بنتٍ كبيرة أو امرأة.
الصَّلاةُ في الثَّوْبِ الذي عليه صورةُ حيوانٍ كاملٍ مكروهةٌ كراهةً شديدة. وبعضُ الأئمَّة يقولون لا ثوابَ في صلاتهِ بالمرَّة. كذلكَ تُكْرَهُ الصَّلاةُ على سَجَّادَةٍ عليها صُورَةُ حيوانٍ كامل.
مَنْ صَلَّى في مكانٍ فيه تمثالٌ كاملٌ لذي رُوحٍ فصلاتُه مكروهةٌ ولو كانَ التمثالُ مُغَطًّى بغطاء. أمَّا غيرُ الكاملِ الذي لا يعيش على هيئتهِ حيوانٌ فلا تُكْرَهُ الصَّلاةُ في المكانِ الذي هو فيه. وأمَّا الصَّلاةُ في غرفةٍ فيها تماثيلُ حيواناتٍ كاملةٍ في خزانةٍ بحيثُ لا تُرَى فهذه لا تمنعُ الثَّوابَ في الصَّلاة، وأمَّا مَنْ كانتْ أمامَه أو ينظرُ إليها فهذا مكروهٌ في الصَّلاةِ بخلافِ انعكاسِ الصُّورَةِ في المرءاة فإنه لا يُؤَثِّرُ إلَّا إذا انشغلَ بها فِكْرُهُ فمَكْرُوهٌ.
والحمدُ للهِ رَبِّ العالَمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...