الصُّورَةُ نَوعانِ صُورةٌ محرَّمٌ اتِّخَاذُهَا وصُورَةٌ لا يَحْرُمُ اتّخَاذُهَا.
فالصّورةُ التي يحرُمُ اتّخَاذُهَا ووُجُودُها في الغُرفةِ التي يُصَلَّى فيها يَمنَعُ الثّوابَ هيَ صُورَةُ الحيوَانِ أي ما فيهِ رُوحٌ إنْ كانتِ الصّورةُ بحيثُ يَعيشُ هذا الحيوانُ سَواءً كانت الصّورةُ مجسَّمةً أو غيرَ مجسَّمَةٍ بأنْ كانَت منقُوشَةً في سَقْفٍ أو جِدَارٍ أو ورَقٍ أو منسُوجَةً في ثَوبٍ أو غيرِ ذلكَ ، وهذا متّفَقٌ عَليه في المذَاهبِ الثّلاثةِ المذهبِ الحنفيّ والمذهبِ الحنبليّ ومذهب الإمامِ الشّافِعيّ، أمّا غيرُ المحرّمَةِ وهيَ ما كانت بهيأةٍ لا يعيشُ عَليها الحيوانُ كالصُّورةِ النّصْفِيّة فلا يمنَعُ وجُودُها في الغرفة التي يُصَلَّى فيها الثوابَ ولا يَحرُمُ اقتِناؤها لكنْ يَحرُمُ تَصوِيرُها في مذهب الإمام الشافعيّ، ولو كانت بهيئةٍ لا يَعِيشُ علَيها الحيوانُ،فَرقٌ بينَ التَّصوِيرِ وبينَ الاقتِناء،لكنْ نَظَرُ الشّخْصِ إلى صُورةِ الحيوانِ وهوَ في الصّلاةِ مَكروهٌ. فإن لم ينظُرْ إليها وكانت نِصْفِيّةً فلا كراهَةَ،وعند الإمامِ مَالكٍ لا تَحرُمُ الصُّورةُ إلا أن كانَت مجَسَّمةً أما المرسومَةُ رَسْمًا فلا تَحرُمُ ولوْ كانَت كامِلةً.
أما عند الشافعي الصورةُ التي لا يَعيشُ عليها الحيوانُ اتّخاذُها جائزٌ لو كانت مرسومةً غيرَ مجسّمَةٍ بأنْ كانت نِصْفِيّةً أو مقطُوعةَ الرّأسِ. الصّورةُ المُحَرّمَةُ وجُودُها في الغرفةِ التي يُصلَّى فيها يمَنَعُ الثوابَ أمّا لو غُطِّيتْ أو كانتْ في كتابٍ مُغْلَقٍ أو في صُنْدُوقٍ دَاخِلَ البيتِ أو في خِزانةٍ بحيثُ لا تُرَى أو كانَتْ على نَحوِ بِسَاطٍ يُداسُ فهذِه لا تمنَعُ الثّوابَ ،ولكن لا يُصلي على صورة الحيوان التي في البساط إلا بعد سَتْرِها.أما إن كانت الصُّورَةُ أمَامَه أو يَنْظُر إليها فَهذا مَكرُوهٌ بخِلافِ انعِكاسِ الصُّورةِ في المِرْءَاةِ فلا يُؤثِّرُ أمّا إنِ انْشَغَلَ بها فَمَكْرُوهٌ.
الصُّوَرُ المُجَسَّمَةُ التي تَقُومُ بِنَفْسِهَا إنْ كانَت مَعمُولةً مِنْ خَشَبٍ أو حَدِيْدٍ أو نحوِ ذلكَ فهيَ حَرامٌ بالاتّفاقِ في الشّرِيعةِ المحمَّدِيةِ. مذهبُ مالكٍ فيهِ فُسْحَةٌ في أمرِ الصُّورةِ ،عندَهُ إنْ لم تَكُن الصُّورَةُ مجسَّمَةً إنْ كانَت كامِلَةً أو غيرَ كامِلةٍ يجُوزُ تَصوِيرُها واقتِناؤها، وملائكةُ الرّحمة لا يمتَنِعُونَ عن دُخولِ البَيتِ الذي هي فيه. أما عندَ الشافعيِّ الصّورةُ التي تَكونُ على الهيئةِ التي يَعِيشُ عَليهَا الحيَوانُ اتّخَاذُها حَرامٌ وتمنَعُ دُخولَ ملائكةِ الرّحمةِ ولو كانَت غيرَ مجسَّمةٍ.ملائكةُ الرّحمةِ يَنفِرُونَ مِن أشياءَ لهم خصوصيّة، أمّا الملائكةُ الموكَّلُونَ بالإنسانِ فَهُم معَ الشّخصِ الذي وُكِّلُوا به أينمَا كانَ لا يُفارِقُونَه إلا في الخَلاءِ وعندَ الجِمَاعِ ،في هاتَينِ الحَالَتينِ يُفَارِقُونَه ،ومَع هَذا اللهُ يُعْلِمُهم ماذَا يَفعَلُ في الوقتِ الذي يُفارِقُونَه فيه، يَعلَمُونَ ماذا يَفعَلُ إنْ عَمِلَ حَسنةً وإنْ عَمِلَ معصِيةً.
وأمّا تَصبِيرُ الطُّيُورِ ونَحوِها فجَائزٌ. وصَرَّحَ الشّافعيةُ بجوازِ استِبْقاءِ الصُّورةِ إذا كانَت على أرضٍ أو بِسَاطٍ يُدَاسُ ونحوِهما مِنْ كُلِّ مُمْتَهَنٍ ،وكذلكَ نَصُّوا على جَوازِ استبقاءِ الصّورةِ التي تكونُ في الدِّرْهَمِ والدِّينارِ والفَلْسِ وسائرِ ما يُعَدُّ ممتَهَنًا . روى البخاري ومسلم وغيرُهما من حديث ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم[إنَّ الذينَ يَصنَعُونَ الصُّوَرَ يُعذّبُونَ يَومَ القِيامةِ، يقالُ لهم أَحْيُوا ما خَلَقْتُم] أي صَوّرتُم (قال ابن حجر في شرح البخاري ما نصّه قال ابنُ بَطّال قولُه في حديثِ عائشة وغيرِه يقالُ لهم أَحْيُوا ما خَلَقْتُم "إنّما نَسَبَ خَلْقَها إليهم تَقْرِيْعًا لهم بمضَاهَاتهِمُ اللهَ تَعالى في خَلْقِه فبكَّتَهُم بأنْ قال إذا شابَهتُم بما صوَّرْتُم مخلوقاتِ الله فأَحيُوها كما أحيا هو ما خلقَ .وقال الكَرْمَانيّ أطلَقَ لفظَ الخَلْقِ عَلَيهِمُ استِهْزَاءً ،أو ضَمَّنَ خَلَقتُم مَعنى صَوّرتم تَشبِيْهًا بالخَلْقِ. فَلمّا كانَ أَمْرُهم بنَفْخِ الرُّوْحِ فيما صَوَّرُوهُ أَمرَ تَعجِيزٍ ونِسبَةُ الخَلْقِ إليْهِم إنّما هي على سَبِيلِ التَّهَكُّم والاستهزاءِ دلَّ على فسادِ قولِ مَن نَسبَ خَلْقَ فِعْلِه إليهِ استِقْلالا)
وروى البخاريّ أيضا أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ المُصَوِّّرِينَ. وروى البخاريّ ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [لا تَدخُلُ الملائكةُ بَيتًا فيه كَلْبٌ أو صُورَةٌ] وقال عليه الصلاة والسلام لعائشَةَ [يا عائشَةُ أشَدُّ النّاسِ عَذَابًا عندَ الله يومَ القِيامَةِ الذينَ يُضَاهُونَ بخلقِ اللهِ] متفق عليه. (ومعنى يُضاهُونَ بخلق الله أي يُشبِّهُونَ ما يَصْنَعُونَهُ بما يَصنَعُه الله)
وقال عليه السلام [كلُّ مُصَوِّرٍ في النّارِ يُجعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفسٌ فيُعذِّبُه في جَهَنّمَ] متّفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام [مَنْ صَوّرَ صُورةً في الدُّنيا كُلِّفَ أنْ يَنفُخَ فيها الرُّوحَ يومَ القِيامَةِ وليسَ بنَافِخٍ] متفق عليه. وقال عليه السلام [إنَّ أشَدَّ النّاسِ عَذابًا يَومَ القِيامَةِ المُصَوِّرُونَ] متّفق عليه. (وفي شرح البخاري لابنِ حَجرٍ :وفي روايةٍ "عندَ الله"والمرادُ بقوله "عندَ الله" حُكم الله. ثمّ قال وأجابَ القُرطبيّ في المفهِم بأنّ الناس الذينَ أُضِيفَ إليهم "أشَدّ" لا يُرادُ بهم كلُّ النّاس بل بعضُهم وهم مَن يُشارِكُ في المعنى المتوعَّد في العذابِ ففِرعونُ أشَدُّ النّاسِ الذينَ ادّعَوا الإلهيةَ عَذابًا ،ومَن يَقتَدِي به في ضَلالِه وكُفرِه أشَدُّ عَذابًا ممن يُقتَدى به في ضَلالِه وفِسْقِه ومَن صَوّر صُورةَ ذاتِ الرّوح للعبادةِ أشدُّ عذابا ممن يُصوّرُها لا للعِبادة،وقالَ الخطّابيّ إنّما عَظُمَت عُقوبَةُ المصَوِّر لأنّ الصُّوَر كانَت تُعبَدُ مِن دُونِ الله ولأنّ النّظَر إليها يفتِنُ وبعضُ النّفوس إليها تميلُ ،قال والمرادُ بالصُّور هنَا التّماثيلُ.
وقالَ عليه السلام [قالَ اللهُ تَعالى ومَنْ أَظْلَمُ ممّن ذَهَبَ يَخلُقُ كخَلْقِي فلْيَخلُقُوا ذرَّةً أو لِيَخلُقوا حَبَّةً أو لِيَخْلُقُوا شَعِيْرَةً] متّفق عليه
(قال الحافظ ابن حجر في فتح البارئ ما نصّه: وقولُه ذَهَبَ أي قصَدَ،وقولُه كخَلْقِي"التّشبيهُ في فِعْلِ الصُّورةِ وَحْدَهَا لا في كلِّ الوجُوهِ. قالَ ابنُ بَطّالٍ فَهِمَ أبو هريرةَ أنّ التّصوِيرَ يتناولُ مَا له ظلٌّ وما ليسَ لهُ ظِلٌّ فلِهَذا أنْكَر ما يُنقَشُ في الحِيْطَان ،قلتُ هوَ ظَاهِرُ عُمُومِ اللّفظِ.قولُه "فَلْيَخلُقُوا حبّةً ولْيَخلُقُوا ذَرَّةً"المرادُ إيجادُ حَبّةٍ على الحقيقةِ لا تَصويرُها ،والمرادُ بالحبّةِ حَبّةُ القمح بقَرِينةِ ذِكْرِ الشّعير في قوله "أو لِيَخلقُوا شَعِيرةً" أو الحبّةُ أعَمّ، والمرادُ بالذَّرّة النَّمْلةُ والغَرضُ تَعجِيزُهُم تارَةً بتَكلِيفِهم خَلْقَ الحيَوانِ وهوَ أشَدُّ ،وأُخرَى بتَكلِيفِهم خلقَ جَمادٍ وهوَ أهْوَنُ ،ومعَ ذلكَ لا قُدرَةَ لهم على ذلكَ).
فالصّورةُ التي يحرُمُ اتّخَاذُهَا ووُجُودُها في الغُرفةِ التي يُصَلَّى فيها يَمنَعُ الثّوابَ هيَ صُورَةُ الحيوَانِ أي ما فيهِ رُوحٌ إنْ كانتِ الصّورةُ بحيثُ يَعيشُ هذا الحيوانُ سَواءً كانت الصّورةُ مجسَّمةً أو غيرَ مجسَّمَةٍ بأنْ كانَت منقُوشَةً في سَقْفٍ أو جِدَارٍ أو ورَقٍ أو منسُوجَةً في ثَوبٍ أو غيرِ ذلكَ ، وهذا متّفَقٌ عَليه في المذَاهبِ الثّلاثةِ المذهبِ الحنفيّ والمذهبِ الحنبليّ ومذهب الإمامِ الشّافِعيّ، أمّا غيرُ المحرّمَةِ وهيَ ما كانت بهيأةٍ لا يعيشُ عَليها الحيوانُ كالصُّورةِ النّصْفِيّة فلا يمنَعُ وجُودُها في الغرفة التي يُصَلَّى فيها الثوابَ ولا يَحرُمُ اقتِناؤها لكنْ يَحرُمُ تَصوِيرُها في مذهب الإمام الشافعيّ، ولو كانت بهيئةٍ لا يَعِيشُ علَيها الحيوانُ،فَرقٌ بينَ التَّصوِيرِ وبينَ الاقتِناء،لكنْ نَظَرُ الشّخْصِ إلى صُورةِ الحيوانِ وهوَ في الصّلاةِ مَكروهٌ. فإن لم ينظُرْ إليها وكانت نِصْفِيّةً فلا كراهَةَ،وعند الإمامِ مَالكٍ لا تَحرُمُ الصُّورةُ إلا أن كانَت مجَسَّمةً أما المرسومَةُ رَسْمًا فلا تَحرُمُ ولوْ كانَت كامِلةً.
أما عند الشافعي الصورةُ التي لا يَعيشُ عليها الحيوانُ اتّخاذُها جائزٌ لو كانت مرسومةً غيرَ مجسّمَةٍ بأنْ كانت نِصْفِيّةً أو مقطُوعةَ الرّأسِ. الصّورةُ المُحَرّمَةُ وجُودُها في الغرفةِ التي يُصلَّى فيها يمَنَعُ الثوابَ أمّا لو غُطِّيتْ أو كانتْ في كتابٍ مُغْلَقٍ أو في صُنْدُوقٍ دَاخِلَ البيتِ أو في خِزانةٍ بحيثُ لا تُرَى أو كانَتْ على نَحوِ بِسَاطٍ يُداسُ فهذِه لا تمنَعُ الثّوابَ ،ولكن لا يُصلي على صورة الحيوان التي في البساط إلا بعد سَتْرِها.أما إن كانت الصُّورَةُ أمَامَه أو يَنْظُر إليها فَهذا مَكرُوهٌ بخِلافِ انعِكاسِ الصُّورةِ في المِرْءَاةِ فلا يُؤثِّرُ أمّا إنِ انْشَغَلَ بها فَمَكْرُوهٌ.
الصُّوَرُ المُجَسَّمَةُ التي تَقُومُ بِنَفْسِهَا إنْ كانَت مَعمُولةً مِنْ خَشَبٍ أو حَدِيْدٍ أو نحوِ ذلكَ فهيَ حَرامٌ بالاتّفاقِ في الشّرِيعةِ المحمَّدِيةِ. مذهبُ مالكٍ فيهِ فُسْحَةٌ في أمرِ الصُّورةِ ،عندَهُ إنْ لم تَكُن الصُّورَةُ مجسَّمَةً إنْ كانَت كامِلَةً أو غيرَ كامِلةٍ يجُوزُ تَصوِيرُها واقتِناؤها، وملائكةُ الرّحمة لا يمتَنِعُونَ عن دُخولِ البَيتِ الذي هي فيه. أما عندَ الشافعيِّ الصّورةُ التي تَكونُ على الهيئةِ التي يَعِيشُ عَليهَا الحيَوانُ اتّخَاذُها حَرامٌ وتمنَعُ دُخولَ ملائكةِ الرّحمةِ ولو كانَت غيرَ مجسَّمةٍ.ملائكةُ الرّحمةِ يَنفِرُونَ مِن أشياءَ لهم خصوصيّة، أمّا الملائكةُ الموكَّلُونَ بالإنسانِ فَهُم معَ الشّخصِ الذي وُكِّلُوا به أينمَا كانَ لا يُفارِقُونَه إلا في الخَلاءِ وعندَ الجِمَاعِ ،في هاتَينِ الحَالَتينِ يُفَارِقُونَه ،ومَع هَذا اللهُ يُعْلِمُهم ماذَا يَفعَلُ في الوقتِ الذي يُفارِقُونَه فيه، يَعلَمُونَ ماذا يَفعَلُ إنْ عَمِلَ حَسنةً وإنْ عَمِلَ معصِيةً.
وأمّا تَصبِيرُ الطُّيُورِ ونَحوِها فجَائزٌ. وصَرَّحَ الشّافعيةُ بجوازِ استِبْقاءِ الصُّورةِ إذا كانَت على أرضٍ أو بِسَاطٍ يُدَاسُ ونحوِهما مِنْ كُلِّ مُمْتَهَنٍ ،وكذلكَ نَصُّوا على جَوازِ استبقاءِ الصّورةِ التي تكونُ في الدِّرْهَمِ والدِّينارِ والفَلْسِ وسائرِ ما يُعَدُّ ممتَهَنًا . روى البخاري ومسلم وغيرُهما من حديث ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم[إنَّ الذينَ يَصنَعُونَ الصُّوَرَ يُعذّبُونَ يَومَ القِيامةِ، يقالُ لهم أَحْيُوا ما خَلَقْتُم] أي صَوّرتُم (قال ابن حجر في شرح البخاري ما نصّه قال ابنُ بَطّال قولُه في حديثِ عائشة وغيرِه يقالُ لهم أَحْيُوا ما خَلَقْتُم "إنّما نَسَبَ خَلْقَها إليهم تَقْرِيْعًا لهم بمضَاهَاتهِمُ اللهَ تَعالى في خَلْقِه فبكَّتَهُم بأنْ قال إذا شابَهتُم بما صوَّرْتُم مخلوقاتِ الله فأَحيُوها كما أحيا هو ما خلقَ .وقال الكَرْمَانيّ أطلَقَ لفظَ الخَلْقِ عَلَيهِمُ استِهْزَاءً ،أو ضَمَّنَ خَلَقتُم مَعنى صَوّرتم تَشبِيْهًا بالخَلْقِ. فَلمّا كانَ أَمْرُهم بنَفْخِ الرُّوْحِ فيما صَوَّرُوهُ أَمرَ تَعجِيزٍ ونِسبَةُ الخَلْقِ إليْهِم إنّما هي على سَبِيلِ التَّهَكُّم والاستهزاءِ دلَّ على فسادِ قولِ مَن نَسبَ خَلْقَ فِعْلِه إليهِ استِقْلالا)
وروى البخاريّ أيضا أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ المُصَوِّّرِينَ. وروى البخاريّ ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [لا تَدخُلُ الملائكةُ بَيتًا فيه كَلْبٌ أو صُورَةٌ] وقال عليه الصلاة والسلام لعائشَةَ [يا عائشَةُ أشَدُّ النّاسِ عَذَابًا عندَ الله يومَ القِيامَةِ الذينَ يُضَاهُونَ بخلقِ اللهِ] متفق عليه. (ومعنى يُضاهُونَ بخلق الله أي يُشبِّهُونَ ما يَصْنَعُونَهُ بما يَصنَعُه الله)
وقال عليه السلام [كلُّ مُصَوِّرٍ في النّارِ يُجعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفسٌ فيُعذِّبُه في جَهَنّمَ] متّفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام [مَنْ صَوّرَ صُورةً في الدُّنيا كُلِّفَ أنْ يَنفُخَ فيها الرُّوحَ يومَ القِيامَةِ وليسَ بنَافِخٍ] متفق عليه. وقال عليه السلام [إنَّ أشَدَّ النّاسِ عَذابًا يَومَ القِيامَةِ المُصَوِّرُونَ] متّفق عليه. (وفي شرح البخاري لابنِ حَجرٍ :وفي روايةٍ "عندَ الله"والمرادُ بقوله "عندَ الله" حُكم الله. ثمّ قال وأجابَ القُرطبيّ في المفهِم بأنّ الناس الذينَ أُضِيفَ إليهم "أشَدّ" لا يُرادُ بهم كلُّ النّاس بل بعضُهم وهم مَن يُشارِكُ في المعنى المتوعَّد في العذابِ ففِرعونُ أشَدُّ النّاسِ الذينَ ادّعَوا الإلهيةَ عَذابًا ،ومَن يَقتَدِي به في ضَلالِه وكُفرِه أشَدُّ عَذابًا ممن يُقتَدى به في ضَلالِه وفِسْقِه ومَن صَوّر صُورةَ ذاتِ الرّوح للعبادةِ أشدُّ عذابا ممن يُصوّرُها لا للعِبادة،وقالَ الخطّابيّ إنّما عَظُمَت عُقوبَةُ المصَوِّر لأنّ الصُّوَر كانَت تُعبَدُ مِن دُونِ الله ولأنّ النّظَر إليها يفتِنُ وبعضُ النّفوس إليها تميلُ ،قال والمرادُ بالصُّور هنَا التّماثيلُ.
وقالَ عليه السلام [قالَ اللهُ تَعالى ومَنْ أَظْلَمُ ممّن ذَهَبَ يَخلُقُ كخَلْقِي فلْيَخلُقُوا ذرَّةً أو لِيَخلُقوا حَبَّةً أو لِيَخْلُقُوا شَعِيْرَةً] متّفق عليه
(قال الحافظ ابن حجر في فتح البارئ ما نصّه: وقولُه ذَهَبَ أي قصَدَ،وقولُه كخَلْقِي"التّشبيهُ في فِعْلِ الصُّورةِ وَحْدَهَا لا في كلِّ الوجُوهِ. قالَ ابنُ بَطّالٍ فَهِمَ أبو هريرةَ أنّ التّصوِيرَ يتناولُ مَا له ظلٌّ وما ليسَ لهُ ظِلٌّ فلِهَذا أنْكَر ما يُنقَشُ في الحِيْطَان ،قلتُ هوَ ظَاهِرُ عُمُومِ اللّفظِ.قولُه "فَلْيَخلُقُوا حبّةً ولْيَخلُقُوا ذَرَّةً"المرادُ إيجادُ حَبّةٍ على الحقيقةِ لا تَصويرُها ،والمرادُ بالحبّةِ حَبّةُ القمح بقَرِينةِ ذِكْرِ الشّعير في قوله "أو لِيَخلقُوا شَعِيرةً" أو الحبّةُ أعَمّ، والمرادُ بالذَّرّة النَّمْلةُ والغَرضُ تَعجِيزُهُم تارَةً بتَكلِيفِهم خَلْقَ الحيَوانِ وهوَ أشَدُّ ،وأُخرَى بتَكلِيفِهم خلقَ جَمادٍ وهوَ أهْوَنُ ،ومعَ ذلكَ لا قُدرَةَ لهم على ذلكَ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق