مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية بلا حائل حرام
المرأة الأجنبيَّة، في عرف الفقهاء، مَنْ سوى الزوجةِ والأمَةِ والمحارمِ من النساء..
فالأجنبيَّة التي بَلَغَتِ السِّنَّ التي تُشْتَهَى فيه عند ذوي الطباعِ السليمةِ يحرُم على الرجل أن يصافحَها ولو لم تَرَ دَمَ الحيضِ بعد..
حَرُمَ على الرجلِ أن يصافحَها بلا حائلٍ بشهوةٍ وبغير شهوةٍ ولو لم تَرَ دَمَ الحيضِ بعد..
يحرُم عليه أن يصافحَها بلا حائلٍ سواءٌ أقَصَدَ اللَذَّةَ أم لا، وسواءٌ وجد اللَذَّةَ أو لم يجدها..
ومعنى هذا الكلام أنَّ الرجلَ حرامٌ عليه أن يصافحَ ابنةَ عمِّه أو ابنةَ خالهِ أو ابنةَ خالتهِ أو ابنةَ عمَّته لأنهنَّ جميعًا أجنبياتٌ بالنسبة إليه..
أمَّا المحارمُ كالأختِ والعمَّة فيجوز له أن يُصَافِحَهُنَّ بلا حائلٍ بلا شهوة.. وأمَّا مصافحة النساءِ بحائلٍ فلا ضَرَرٍ فيه إن لم يكن بقصدِ طلبِ اللَذَّةِ..ا
ويدلُّ على حرمة مصافحةِ الرجلِ للمرأة الأجنبيَّةِ بلا حائلٍ حديثُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم [[لَأَنْ يُطْعَنَ في رأسِ أحدِكم بمِخْيَطٍ مِنْ حديدٍ خَيْرٌ له من أن يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له]]..
معناه خَيْرٌ له من أن يَمَسَّ امرأةً لا يَحِلُّ له أن يَمَسَّهَا.. والْمِخْيَطُ هي الإبرةُ التي تستعمَل في الخِياطة..
والحديثُ أخرجه الطَّبَرانِيُّ في (المعجم الكبير) عن مَعْقِلِ بن يسارٍ، رضي الله عنه، وحَسَّنَهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ العسقلانيُّ.. وقال الهيثميُّ في (مجمع الزوائد) [[رواه الطَّبَرانِيُّ ورجالُه رجالُ الصحيح]].. وقال المنذِريُّ في (الترغيب والترهيب) [[رواه الطَّبَرانِيُّ ورجالُه ثِقاتٌ رجالُ الصحيح]]..
ثمَّ إنَّ الْمَسَّ الواردَ في الحديثِ المذكور معناه الجَسُّ باليدِ ونحوِها وذلك لأنَّ مَعْقِلَ بنَ يَسَارٍ راوي هذا الحديثِ عن رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، فَهِمَ من الْمَسِّ مُطْلَقَ الجَسِّ باليدِ وبغير اليد.. ذكَر أثرَه ذلك المبيِّن لمعنى الْمَسِّ ابنُ أبي شَيْبَةَ في[(المصنَّف)/جـ4/ص341]..ا
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [[كُتِبَ على ابنِ ءادمَ نصيبُه من الزِّنا، مُدْرِكٌ ذلك لا مَحالَةَ، فالعينانِ زِناهما النظر، والأذُنانِ زِناهما الاستماع، واللسانُ زِناهُ الكلام، واليدُ زِناها البطش، والرِّجْلُ زِناها الخُطَى، والقلبُ يَهْوَى ويتمنَّى، ويُصَدِّقُ ذلك الفَرْجُ ويكذِّبه]]..
رواه الإمامُ مسلم في (صحيحه) من حديثِ أبي هريرةَ بإسنادٍ صحيح..
والبَطْشُ، في اللغة، له معنيان.. أحدُهما الأخذ بعنف، والثاني عَمَلُ اليد..
قال الفَيُّومِيُّ اللغويُّ في كتابه (الْمِصْباحُ المنير) ما نصُّه [[بَطَشَتِ اليد: عَمِلَتْ]]..
والمراد بالبَطْشِ الواردِ في الحديثِ الإمساكُ باليدِ بمصافحةٍ أو جَسٍّ لشيءٍ مِنْ بدنِها مِنْ دونِ حائلٍ أو بحائلٍ بشهوة.. ثمَّ تكلَّم رسولُ الله عن زنا الفَرْجِ فقال [[ويُصَدِّقُ ذلك الفَرْجُ ويكذِّبه]].. فالبطش عَمَلُ اليد، والجِماع عَمَلُ الفَرْجِ..ا
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [[إنِّي لا أصافحُ النساء]]..
هذا الحديثُ رواه بعضُ المحدِّثين عن أُمَيْمَةَ بنتِ رُقَيْقَةَ عن رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، وصَحَّحَهُ الحافظُ ابنُ حجَر في (موافقةِ الخَبَرِ للخَبَرِ) والسيوطيُّ في (الجامع الصغير)، ورواه بعضُهم عن أسماءَ بنتِ يزيدٍ عن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، وحَسَّنَهُ الحافظُ ابنُ حجَر في (المطالب العالية) وفي (فتح الباري)..ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق