بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أغسطس 2019

شرح الآية : "إن الله لا يغفر أن يشرك به" ...


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا رسول الله محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين ، وبعد :

يقول الله تبارك وتعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا } (116) سورة النساء .

هذه الآيةُ الكريمةُ تشيرُ إلى أمورٍ عدةٍ ، ونبدأ بأهمها ألا وهو الشرك بالله تعالى .

الشّرك أو الكفرُ أو الرَّدةُ أعظم الكبائر والمعاصي التي قد يقع بها الإنسان ، والردةُ أفحش أنواع الكفر لأن الردة تُذهب كل الحسنات وتبقي السيئات ، ولو رجع الإنسان إلى الإسلام لا ترجع له حسناتهُ

وليس معنى أن الردة أفحش أنواع الكفر أنها أشد من كفر الكافر الأصلي لأن الكافر الأصلي قد يكون أشد من كفر المرتد .

والكفرُ، اللهُ تعالى لا يغفره حيث قال تبارك وتعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِه} ومعلوم أن الشركَ كفرٌ، فمن وقع في ردةٍ أو كفرٍ عليهِ أن يتشهد بنية الدخول في دين الإسلام، فإن دخل في الإسلام وتاب غفر الله له.

والوقوع في الكفر أو الردة قد لا يشعر به الإنسان بسبب جهله بأمور الدين، فكم من كلمة نطق بها اللسان هلك بها الإنسان, قال صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها في النار سبعين خريفاً)) أي بسبب هذه الكلمة فالعبد قد يتفوه بكلام لا يدري معناه يوقعهُ بالكفر فيدخله جهنم وذلك لجهله بمعاصي اللسان وعدم تجنبه إياها ، ولا يتوقف الكفر على اللسان فحسب، إنما هو كفرٌ قولي وفعلي واعتقادي، ومن الكفر القولي: سب الله تعالى أو أحد ملائكته أو رسله أو إنكار إحدى آياته، ومن الكفر الفعلي: السجود لصنمٍ أو الاستهانة بالقرءان الكريم وبالكتب والأوراق الشرعية، أما الكفر الاعتقادي: كالذي يعتقد عقيدةً فاسدة مخالفةً لعقيدة أهل السنة والجماعة كاعتقاد أن الله تعالى يشبه مخلوقاته والعياذ بالله تعالى.

فمن وقع في مثل هذه الأمور الله تعالى لا يغفر له حتى يتوب بالرجوع إلى الإسلام.

وأما ما دون الشركِ أو الكفر فهي المعاصي والكبائر، الله تعالى يغفر المعاصي والكبائر بالتوبة، وكذلك إن شاء غفر لمن لم يتب وإن شاء عذبه فترة من الزمن في النار ثم أدخله الجنة لقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}،

والمسلم العاصي يُسمى مسلماً طالما لم يظهر منه كفرٌ، فإن ظهر منه كفرٌ صار كافراً ولا يسمى مُسلما ، فالعصاة مسلمون غير مكتملي الإيمان لأنهم يقعون في المعاصي كترك الصلاة أو ما شابه، هؤلاء معلقون برحمة الله ومغفرته فإن ماتوا على ذلك قد يغفر الله تعالى لهم وقد يعذبهم على ذلك ثم يخرجهم من النار.

تنبيه: الذي يرتكب المعاصي ويعتقد أنها جائزة كمن يشرب الخمر وينكر حرمته هذا كافرٌ بالله تعالى، أما من يشرب الخمر هذا مسلم عاصٍ لأنه يعلم أنها حرام، وكذلك حديث: ((بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاةِ)) فمعناه أن الذي يترك الصلاة عن إنكار لا عن كسل فهو كافرٌ، لأن ترك الصلاة مع اعتقاد فرضيتها معصيةٌ إن شاء الله غفرها وإن شاء عذب فاعلها.

نسأل الله تعالى أن يجنبنا الوقوع في المعاصي وأن يحيينا على هذا الدين ويميتنا عليه، اللهم آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...