شرحُ حديث إنَّ الرُّقى والتَّمَائِمَ والتِّوَلَةَ شرك
.من فتاوى يُوسُفَ القَرْضَاوِي الفاسدةِ أنَّه حَرَّمَ تعليقَ الحروزِ سواءٌ أكانت من القرءانِ أم ممَّا فيه ذِكْرٌ لله تعالى من غيرِ القرءان .. لقد حَرَّمَ ذلكَ في كتابهِ المسمَّى[(موقف الإسلام)/ص148]، وكذلكَ في كتابهِ المسمَّى[(الحلال والحرام في الإسلام)/ص223]..
فقال ما نصُّه :" إنَّ تعليقَ الحروزِ جهلٌ وضلالٌ يصادمُ سُنَنَ الله وينافي توحيدَه "ا.هـ..
.ونحنُ نقولُ لهذا الجاهل : إنَّ في فتواكَ ذَمًّا للقرءانِ الكريمِ الذي جعلهُ الله بَرَكَةً وشفاءً للناس ..
يقول الله تعالى في سورة الإسراء (( ونُنَزِّلُ من القرءانِ ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ))ا
وفي فتواكَ هذِه تكفبرٌ لمن يَتَبَرَّكُ بالقرءانِ وبذكرِ الله .. ونحنُ نَنْصَحُكَ بالتراجعِ عن كفرِك هذا بالنُّطْقِ بالشَّهَادَتَيْنِ فورًا مُتَبَرِّئًا من فتواكَ الباطلةِ هذِه للدخول في الإسلام ..
رَوَى التِّرْمِذِيُّ أنَّ الصَّحَابَةَ كانوا يُعَلِّقُونَ على أطفالِهم ، الذينَ لم يبلُغوا ، شيئًا يكتبونَ فيه أعوذُ بكلماتِ الله التَّامَّةِ من غَضَبهِ وعقابهِ ومن شَرِّ عبادِه ومن هَمَزَاتِ الشَّياطينِ وأنْ يَحْضُرُون . كانوا يُعَلِّقُونَ هذا على صدورِ أطفالِهم . وأمَّا من بَلَغَ من أطفالِهم فيُعَلِّمُونَهُ هذا حتَّى يحفظَه ويقولَه نُطْقًا . أمَّا الوَهَّابِيَّةُ فيعتبرونَ مُجَرَّدَ تعليقِ الحِرْزِ الذي لا شيءَ فيه سِوَى القرءانِ أو ذِكْرِ الله كُفْرًا . يعتبرونه كُفْرًا . بعضُ الجُهَّالِ الذينَ لا عِلْمَ عندَهم إذا رَأَوْا هذا الحِرْزَ على صَدْرِ شخصٍ أَمَرُوهُ بنزعهِ ورَمَوْا حَامِلَهُ بالكُفْرِ والشِّركِ لأنَّهم ظَنُّوا أنَّ التَّمَائِمَ التي نهى عنها رسولُ الله ووَصَفَهَا بأنَّها شِرْكٌ هي هذِه التي يُعَلِّقُهَا المسلمونَ اليومَ على صُدُورِهِمْ لأجلِ الحفظِ من ضَرَرِ العينِ والجنِّ ، وليسَ الأمرُ كما ظَنُّوا لأنَّ التي نهى رسولُ الله عنها خَرَزَاتٌ كانَ المشركونَ يعتقدونَ فيها أنَّها تحفظُ الشَّخْصَ بذاتها أيْ بطبعها أيْ من دون مشيئةِ الله .. هذا هو الذي ذَمَّهُ رسولُ الله .. وليسَ مُجَرَّدُ تعليقِ الخَرَزَةِ على الصَّدْرِ شركًا كما تَوَهَّمَ بعضُ النَّاس ، وإنَّما الشِّرْكُ تعليقُها مَعَ اعتقادِ أنَّها تدفعُ الضَّرَرَ والبلاءَ بذاتها استقلالًا من دون مشيئةِ الله . وهنا سَبَبُ الوقوعِ في الكُفِرِ والشِّرك .
.رَوَى البَيْهَقِيُّ في[(السُّنَنِ الكبرى)/ج9/ص350]عن عُقْبَةَ بنِ عامرٍ الجُهَنِيِّ أنَّه قال سمعتُ رسولَ الله ، صلَّى الله عليه وسلَّم ، يقول :" مَنْ عَلَّقَ تميمةً فلا أَتَمَّ الله له ، ومَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فلا وَدَعَ الله له " ..
.ووَرَدَ في (مسندِ الإمامِ أحمد) عن رسولِ الله ، صلَّى الله عليه وسلَّم ، أنَّه قال :" مَنْ عَلَّقَ تميمةً فقد أشرك " ..
.وثَبَتَ عنه أيضًا أنَّه قال :" إنَّ الرُّقَى والتَّمائِمَ والتِّوَلَةَ شركٌ " .. رواه أبو داودَ في[(سُنَنهِ)/كتاب الطِّبِّ]..
فالتَّمَائِمُ التي نهى رسولُ الله عنها ووَصَفَهَا بأنَّها شِرْكٌ هي خَرَزَاتٌ كانَ المشركونَ يعلِّقونها على صدورِهم وهم يعتقدونَ فيها أنَّها تدفعُ الضَّرَرَ بذاتها وطبعِها استقلالًا أيْ من دون مشيئةِ الله وليسَ المرادُ هذا الحِرْزَ الذي يَضَعُهُ المسلمُ على صدرِه وليسَ فيه إلَّا قرءانٌ وذِكْرُ الله وهو يعتقدُ أنَّه لا ينفعُ إلَّا بإذنِ الله وأنَّ النَّافِعَ على الحقيقةِ هو الله .
.ففي (سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ) ما نصُّه :" حَدَّثَنا عليُّ بنُ حُجْرٍ حَدَّثَنا إسماعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ عن مُحَمَّدِ بْنِ إسحاقَ عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جَدِّه أَنَّ رسولَ الله ، صلَّى الله عليه وسلَّم ، قال إذا فَزِعَ أَحَدُكُمْ في النَّوْمِ فَلْيَقُلْ أعوذُ بكلماتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبهِ وعقابهِ وشَرِّ عبادِه ومِنْ هَمَزَاتِ الشَّياطينِ وأَنْ يَحْضُرُون فإنَّها لنْ تَضُرَّه وكانَ عبدُ الله بْنُ عُمَرَ يُلَقِّنُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِه ومَنْ لم يَبْلُغْ منهمْ كَتَبَهَا في صَكٍّ ثمَّ عَلَّقَهَا في عُنُقهِ . قالَ أبو عِيسَى هذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيب "ا.هـ..
.ففي حديثِ التِّرْمِذِيِّ دليلٌ على أَنَّ الحِرْزَ الذي فيه كلامٌ نافعٌ كالآياتِ القرءانيَّة والذِّكرِ المذكورِ في هذا الحديثِ يجوزُ تعليقُه على الصَّدرِ للتحصُّن به أو التبرُّك به .
وقد ثَبَتَ في (صحيحِ ابنِ حِبَّانَ) أَنَّ رسولَ الله ، صلَّى الله عليه وسلَّم ، نهى عن الرُّقَى والتَّمَائِمِ إلَّا بالْمُعَوِّذَاتِ .
وثَبَتَ واشْـتَـهَرَ أَنَّ أحمدَ بنَ حنبلٍ أرسلَ إلى تلميذِه أبي بكرٍ الْمَرْوَرُّوذِي لَمَّا حُمَّ رُقْعَةً كَتَبَ فيها :" بسم الله وبالله ومحمَّد رسول الله قلنا يا نارُ كُوني بردًا وسلامًا على إبراهيم اللَّهُمَّ رَبَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ اشفِ صاحبَ هذا الكتاب بحَوْلِكَ وقُوَّتِكَ وجَبَروتِكَ إلهَ الحَقِّ ءامين " ليستشفيَ بها من الحُمَّى . وقال الله تعالى (( ونُنَزِّلُ من القرءانِ ما هو شفاءٌ ورَحْمَةٌ للمُؤْمِنينَ ولا يَزِيدُ الظَّالمينَ إلَّا خَسَارًا ))[الإسراء/82]ا
.وأمَّا الرُّقى التي وَصَفَهَا رسولُ الله بأنَّها شِرْكٌ في حديثِ أبي داودَ المذكورِ فهيَ الرُّقى الشِّرْكِيَّةُ وليسَ الرُّقَى الشَّرْعِيَّة . فالرُّقَى الشِّرْكِيَّةُ هي رُقَى الجاهليَّة لأنَّ فيها دعوةَ الشَّياطينِ والطَّواغيتِ ، ومعلومٌ أنَّ كُلَّ قبيلةٍ من قبائلِ العرب كانَ لها طاغوتٌ وهو شيطانٌ ينزلُ على رَجُلٍ منهم فيتكلَّم على لسانهِ فكانوا يعبُدونه .
وأمَّا الحُرُوزُ التي ما فيها غيرُ قرءانٍ وذِكْرُ الله فإنَّ المسلمينَ لم يزالوا من عهدِ الصَّحَابَةِ إلى الآنَ يستعملونها للحفظِ من العينِ ونحوِها بتعليقها .
وأمَّا التِّوَلَةُ فهو ضَرْبٌ من السِّحْرِ كانَتْ بعضُ نساء العَرَبِ في الجاهليَّة يمارسنَه يَزْعُمْنَ أنَّه يُحَبِّبُ المرأةَ إلى زوجها ..
وأمَّا الرُّقَى الشَّرْعِيَّةُ فقد فعلَها الرَّسُولُ وعلَّمها أصحابَه .
والحمدُ لله رَبِّ العالَمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق