الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد:
إخواني الاعزاء أريد أن أطرح معكم في هذه المدينة موضوعا يتعلق بمسألة تقسيم التوحيد إلى توحيد ربوبية وتوحيد الوهية .
وحيث أن هذا التقسيم مشوب بملابسات كثيرة تجعله غير مقبول ومرفوض بالجملة والتفصيل وذلك من خلال ميزان القرآن والسنة وليس المزاج والهوى .
فالقرآن والسنة وما كان عليه ائمة السلف هو المقياس الذي يقتضي ان نقيس به الاقوال والآراء فما اتفق مع الكتاب والسنة أخذنا به وما خالف طرحناه وتركناه بصرف النظر عن شخص صاحب القول أو الرأي
لأنه اكثر ما يهمنا هو الدين وليس الرجال من منطلق القاعدة القائلة :" الرجال يعرفون بالدين وليس الدين يعرف بالرجال".
فالقرآن والسنة وما كان عليه ائمة السلف هو المقياس الذي يقتضي ان نقيس به الاقوال والآراء فما اتفق مع الكتاب والسنة أخذنا به وما خالف طرحناه وتركناه بصرف النظر عن شخص صاحب القول أو الرأي
لأنه اكثر ما يهمنا هو الدين وليس الرجال من منطلق القاعدة القائلة :" الرجال يعرفون بالدين وليس الدين يعرف بالرجال".
إخواني الاعزاء، لقد استقر في عقولنا من لدن آدم عليه السلام حتى ايامنا ، مادمنا على الفطرة السليمة، أن من
ثبتت له الربوبية فهو للعبادة مستحق ، ومن انتفت عنه الربوبية فهو غير مستحق للعبادة ، فثبوت الربوبية واستحقاق العبادة متلازمان فيما شرع الله في شرائعه وفيما وضع في عقولنا، وعلى اساس اعتقاد الشركة او الشراكة في الربوبية عبد المشركون من اعتقدوهم اربابا من دون الله عز وجل. وبمعنى آخر ما دام في نفس المشرك اعتقاد الربوبية لغير الله استتبع ذلك من هذا المشرك عبادة غير الله .
ثبتت له الربوبية فهو للعبادة مستحق ، ومن انتفت عنه الربوبية فهو غير مستحق للعبادة ، فثبوت الربوبية واستحقاق العبادة متلازمان فيما شرع الله في شرائعه وفيما وضع في عقولنا، وعلى اساس اعتقاد الشركة او الشراكة في الربوبية عبد المشركون من اعتقدوهم اربابا من دون الله عز وجل. وبمعنى آخر ما دام في نفس المشرك اعتقاد الربوبية لغير الله استتبع ذلك من هذا المشرك عبادة غير الله .
من هنا كان واضحا عند اولي الالباب انه لا شيء اسمه توحيد الالوهية وتوحيد الربوبية ، بل هذان المعنيان هما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر في الوجود والاعتقاد ، فمن اعترف بأنه لا رب إلا الله كان معترفا بأنه لا يستحق العبادة غيره، ومن أقر بأنه لا يستحق العبادة غير الله كان مذعنا انه لارب سواه وهو معنى لا إله إلا الله
والشاهد على ما نقول هو القرآن الكريم ، حيث ان القرآن يكتفي بذكر أحدهما دون الآخر ، ويرتب اللوازم المستحيلة على انتفاء اي واحد منهما ، قال تعالى:" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" وقوله تعالى :"
وما كان معه من اله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض" وهنا جاءت الآيات بذكر الإله ولم يذكر الرب.
وما كان معه من اله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض" وهنا جاءت الآيات بذكر الإله ولم يذكر الرب.
وكذلك في الميثاق الأول قال سبحانه :" ألست بربكم" فلو كانت كل البشرية تعرف توحيد الربوبية لماذا سيسألهم الله عز وجل " ألست بربكم" ولم يسألهم الله " ألست بإلهكم"
واستفاض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الملكين يقولان للميت في قبره "من ربك" ويكتفيان بالسؤال عن توحيد الربوبية ويكون جوابه بقوله : " الله ربي"كافيا ، ولا يقولان له إنما اعترفت بتوحيد الربوبية وهذا التوحيد ليس كافيا في الايمان.
وهذا خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول للنمرود " ربي الذي يحيي ويميت " فيجادله ذلك الطاغية بأنه كذلك يحيي ويميت . فلو كان صحيحا ان كل الناس عندهم توحيد الربوبية فلماذا يدعي النمرود بأنه الرب الذي يحيي ويميت ؟ ولو كان صحيحا أن الانبياء والرسل دعوتهم مرتبطة فقط بتوحيد الألوهية فلماذا كان هذا الجدل بين ابراهيم عليه السلام والنمرود حول من هو الرب الحقيقي ؟
وايضا روى القرآن عن فرعون قوله :" انا ربكم الأعلى " .
وبالجملة فقد أومأ القرآن العظيم والسنة إلى التلازم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية بل هما معنى واحدا متلازما فتوحيد الألوهية هو توحيد الربوبية لا فرق بينهما بتاتا.
قال الله تعالى:" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" فلم يذكر هنا " إن الذي قالوا إلهنا الله ثم استقاموا "
فهذا دليل واضح على انهما واحد وانه يكفي أحدهما.
قال الله تعالى:" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" فلم يذكر هنا " إن الذي قالوا إلهنا الله ثم استقاموا "
فهذا دليل واضح على انهما واحد وانه يكفي أحدهما.
وهذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قل ربي الله ثم استقم" ولم يقل إلهي بكفاية توحيد الربوبية في النجاة والفوز لاستلزامه توحيد الالوهية بشهادة الله ورسوله .أخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال قلت يا رسول الله أوصني قال قل ربي الله ثم استقم
الدر المنثور الجزء الرابع ، ص 468 .
حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إبراهيم بن سعد حدثني ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ماعز الغامدي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال صلى الله عليه وآله وسلم قل ربي الله ثم استقم قلت يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرف لسان نفسه ثم قال هذا وهكذا رواه الترمذي 2410 وابن ماجة
تفسير ابن كثير الجزء الرابع ، ص 100 وما يليها
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب عن محمد بن أبي سويد أن جده سفيان بن عبد الله الثقفي قال ثم يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ربي الله ثم استقم قال يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي قال هذا وأشار الى لسانه
صحيح ابن حبان ،ج 13، ص 509
خبرني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم العدل ثنا أبي ثنا يحيى بن يحيى أنبأ إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ماعز العامري عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال قلت ثم يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال قل ربي الله ثم استقم قال قلت يا رسول الله ما أكثر ما أخاف علي قال فأخذ بلسان نفسه ثم قال هذا حديث صحيح الإسناد رواه الحاكم في المستدرك
المستدرك ج 4، ص 349
المستدرك ج 4، ص 349
حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني ثنا إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ماعز العامري أن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت ثم يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال قل ربي الله ثم استقم قلت يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه ثم قال هذا رواه ابن ماجه
سنن ابن ماجه ،ج 2، ص 1314
سنن ابن ماجه ،ج 2، ص 1314
حدثنا سويد بن نصر أخبرنا بن المبارك عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن ماعز عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر اعتصم به قال ثم قل ربي الله ثم استقم قلت يا رسول الله ما أخوف ما نخاف علي فأخذ بلسان نفسه ثم قال هذا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى وجه عن سفيان بن عبد الله الثقفي رواه الترمذي
سنن الترمذي، ج 4 ، ص 607
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا إبراهيم يعني بن سعد ثنا بن شهاب ويزيد بن هارون قال أنا إبراهيم قال حدثني بن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ماعز العامري عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال ثم قل ربي الله ثم أستقم قال قلت يا رسول الله ما أكبر ما تخاف علي قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه ثم قال هذا قال يزيد في حديثه بطرف لسان نفسه حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن أسحق قال أنا عبد الله يعني بن المبارك قال أنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن ماعز عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال ثم قل ربي الله ثم أستقم قال قلت يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي قال فأخذ بلسان نفسه ثم قال هذا رواه أحمد في مسنده
مسند احمد ، ج 3 ، ص 413
مسند احمد ، ج 3 ، ص 413
وهذا قوله صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد حين قتل من قال لا إله إلا الله إذ هوى عليه بالسيف ظنه قالها تعوذا وخوفا من السيف " أقتلته يا أسامة بعد أن قال لا إله الا الله أشققت عن قلبه" فلم يعتذر اسامة أنه عنى توحيد الربوبية ، وهو غير كاف في الدخول في الاسلام.
وفي الذكر علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول
رضيت بالله ربا : تضم حكما رضيت بالله منفردا باستحقاق العبادة ، رضيت به خالقا ولا خالق بمعنى الابراز من العدم إلى الوجود سواه، رضيت به رازقا ولا رازق سواه ، رضيت به النافع والضار ،المحي المميت ..................
رضيت بالله ربا هي كلمة التوحيد الجامعة وصلى الله على من اوتي جوامع الكلم
رضيت بالله ربا هي كلمة التوحيد الجامعة وصلى الله على من اوتي جوامع الكلم
وعلى كل حال تبدو ملابسات هذا التقسيم من خلال الوجوه التالية:
الوجه الأول: لم يقل القرآن الكريم بهذا التصنيف والتقسيم ، كما انه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عن اي صحابي أو تابعي أو عن اي من السلف الصالح والأئمة الأربعة ومن قال به هو ابن تيمية وتلميذه
ابن القيم ووبعض مشايخ ( كما يسمون انفسهم)المملكة العربية السعودية الذين يحملون فكر ابن تيمية وتلميذه .
ابن القيم ووبعض مشايخ ( كما يسمون انفسهم)المملكة العربية السعودية الذين يحملون فكر ابن تيمية وتلميذه .
الوجه الثاني: الإله هو الرب والرب هو الإله ، وكتاب الله طافح بذلك
قال الله تعالى :" يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم" ولوكان ثمة فرق بين توحيد الالوهية وتوحيد الربوبية لأتت الآية الكريمة" اعبدوا الهكم" ولم يكتف بذكر ربكم، وقال تعالى "ألم تر إلى الذي حاج ابراهيم في ربه" فلو كان النمرود يعرف توحيد الربوبية ويجهل توحيد الالوهية للزم أن تأتي الآية :" الم تر إلى الذي حاج إبراهيم في إلهه"
هل كان فرعون موحدا توحيد الربوبية ؟ والله أخبر عنه في القرآن انه قال " انا ربكم الاعلى "
" ما علمت لكم من إله غيري " " إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون" " لئن اتخذت الها غيري لأجعلنك من المسجونين" لما أجابه موسى عليه السلام " ربكم ورب آبائكم الاولين"
وهذا القرآن يخبر عن المشركين ايضا " ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا "
وهذا يوسف عليه السلام يقول لصاحبي السجن " أأرباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار"
" ما علمت لكم من إله غيري " " إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون" " لئن اتخذت الها غيري لأجعلنك من المسجونين" لما أجابه موسى عليه السلام " ربكم ورب آبائكم الاولين"
وهذا القرآن يخبر عن المشركين ايضا " ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا "
وهذا يوسف عليه السلام يقول لصاحبي السجن " أأرباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار"
ولننظر لقول المشركين يوم القيامة " تالله ان كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين "
ثم إذا كانت العبادة قرنت فقط بتوحيد الالوهية لما قرن الله العبادة بالربوبية فقال " يا ايها الناس اعبدوا ربكم " " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه"
الوجه الثالث : لو أن المشركين(مشركي العرب،مشركي الامم السابقة) يعرفون توحيد الربوبية اي يعرفون الرب الخالق الرازق المحيي والمميت لما أخبر عنهم الله انهم انكروا البعث وانه ما يهلكهم إلا الدهر
" أو آباؤنا الاولون، قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم"
الوجه الرابع : لوكانت كل الأمم عرفت توحيد الربوبية لما قال الله جل وعلا:" ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا" وايضا قوله تعالى :" تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين" فهل هذا خطاب يصلح لمن يعرف توحيد الربوبية؟ وهذا القرآن يخبر عن يوسف عليه السلام قوله :" اارباب متفرقون خير ام الله"
الوجه الخامس: الميثاق الذي أخذه الله عز وجل : " ألست بربكم قالوا بلى" فلو كان الاقرار بالربوبية غير كاف
وهو متحقق عندهم لكان أخذ الميثاق لزوم ما لا يلزم تعالى الله عن هذا علوا كبيرا
وهو متحقق عندهم لكان أخذ الميثاق لزوم ما لا يلزم تعالى الله عن هذا علوا كبيرا
الوجه السادس : سؤال الملكين للميت في قبره عن ربه لا عن الهه لانه لا فرق بين الرب والاله ولو كان ثمة فرق او توحيدين لكان يقتضي ان يكون السؤال عن من ربك ومن الهك اي يسأل الميت عن هذا وذاك.
أخيرا يا إخوتي إن توحيد الله هو نفسه توحيد الرب والإله الحق هو الرب الحق
ولا يصح تقسيم التوحيد إلى توحيدين أو أكثر .
ولا يصح أن يقال هذا التقسيم هو من باب الاجتهاد لأن الاجتهاد لا يكون في العقيدة بل في الفروع لأن الاجتهاد في العقيدة والتوحيد يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قصر في التعريف عن ربه وهذا محال عليه صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق