إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ما رواه البخاري في صحيحه ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقَ الله ءادم على صورته.
قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي ما نصه: قلتُ: للناس في هذا الحديث مذهبان أحدهما: السكوت عن تفسيره،
والثاني: الكلام في معناه، واختلف أرباب هذا المذهب في الهاء على مَـن تعود؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: تعود على بعض بني ءادم وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ برجل يضرب رجلا وهو يقول: قبَّح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك.
فقال: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله تعالى خلق ءادم على صورته.
قالوا وإنما اقتصر بعض الرواة على بعض الحديث فيحمل المقتصر على المفسَّر قالوا: فوجه من أشبه وجهك يتضمن سب الأنبياء والمؤمنين.
وإنما خص ءادم بالذكر لأنه هو الذي ابتدأت خلقةُ وجهه على هذه الصورة التي احتُذيَ عليها بعده وكأنه نبه على أنك سببت ءادم وأنت من أولاده وذلك مبالغة في زجره فعلى هذا تكون الهاء كناية عن المضروب ومن الخطأ الفاحش أن ترجع إلى الله عز وجل بقوله: ووجه من أشبه وجهك فإنه إذا نُسبَ إليه شبهٌ سبحانه وتعالى كان تشبيها صريحا.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه فإن الله تعالى خلق ءادم على صورته.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه فإن الله تعالى خلق ءادم على صورته.
القول الثاني: إن الهاء كناية عن اسمين ظاهرين فلا يصح أن يضاف إلى الله عز وجل لقيام الدليل على أنه ليس بذي صورة فعادت إلى ءادم ومعنى الحديث: إن الله خلق ءادم على صورته التي خلقه عليها تامّـا لم ينقله من نطفة إلى علقة كبنيه هذا مذهب أبي سليمان الخطابي وقد ذكره ثعلب في أماليه.اهـ
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى فيما نقله البيهقي في الأسماء والصفات ما نصه: قوله: خلق الله ءادم على صورته الهـاء وقعت كناية بين اسمين ظاهرين فلم تصلح أن تصرف إلى الله عز وجل لقيام الدليل على أنه ليس بذي صورة سبحانه ليس كمثله شىء فكان مرجعها إلى ءادم عليه السلام.
فالمعنى أن ذرية ءادم إنما خُلقوا أطوارا كانوا في مبدأ الخلقة نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم صاروا صورا أجنة إلى أن تتم مدة الحمل فيولدون أطفالا وينشأون صغارا إلى أن يكبروا فتطول أجسامهم.اهـ
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم ما نصه: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فإن الله خلق ءادم على صورته. فهو من أحاديث الصفات وقد سبق في كتاب الإيمان بيان حكمها واضحا ومبسوطا وأن من العلماء من يُمسك عن تأويلها ويقول: نؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد ولها معنى يليق بها وهذا مذهب جمهور السلف وهو أحوط وأسلم،
والثاني: أنها تتأول على حسب ما يليق بتنـزيه الله تعالى وأنه ليس كمثله شىء.
قال المازري: هذا الحديث بهذا اللفظ ثابت ورواه بعضهم: إن الله خلق ءادم على صورة الرحمن.
والثاني: أنها تتأول على حسب ما يليق بتنـزيه الله تعالى وأنه ليس كمثله شىء.
قال المازري: هذا الحديث بهذا اللفظ ثابت ورواه بعضهم: إن الله خلق ءادم على صورة الرحمن.
وليس بثابت عند أهل الحديث وكأن من نقله رواه بالمعنى الذي وقع له وغلط في ذلك،
قال المازري: وقد غلط ابن قتيبة في هذا الحديث فأجراه على ظاهره وقال: لله تعالى صورة لا كالصور، وهذا الذي قاله ظاهر الفساد لأن الصورة تفيد التركيب وكل مركب محدث والله تعالى ليس بمحدث فليس هو مركبا فليس مصورا قال: وهذا كقول المجسمة جسم لا كالأجسام، لما رأوا أهل السنة يقولون: الباري سبحانه وتعالى شىء لا كالأشياء طردوا الاستعمال فقالوا: جسم لا كالأجسام، والفرق أن لفظ شىء لا يفيد الحدوث ولا يتضمن ما يقتضيه وأما جسم وصورة فيتضمنان التأليف والتركيب وذلك دليل الحدوث، قال: العجب من ابن قتيبة في قوله: صورة لا كالصور، مع أن ظاهر الحديث على رأيه يقتضي خلق ءادم على صورته فالصورتان على رأيه سواء فإذا قال لا كالصور تناقض قوله.اهـ
قال المازري: وقد غلط ابن قتيبة في هذا الحديث فأجراه على ظاهره وقال: لله تعالى صورة لا كالصور، وهذا الذي قاله ظاهر الفساد لأن الصورة تفيد التركيب وكل مركب محدث والله تعالى ليس بمحدث فليس هو مركبا فليس مصورا قال: وهذا كقول المجسمة جسم لا كالأجسام، لما رأوا أهل السنة يقولون: الباري سبحانه وتعالى شىء لا كالأشياء طردوا الاستعمال فقالوا: جسم لا كالأجسام، والفرق أن لفظ شىء لا يفيد الحدوث ولا يتضمن ما يقتضيه وأما جسم وصورة فيتضمنان التأليف والتركيب وذلك دليل الحدوث، قال: العجب من ابن قتيبة في قوله: صورة لا كالصور، مع أن ظاهر الحديث على رأيه يقتضي خلق ءادم على صورته فالصورتان على رأيه سواء فإذا قال لا كالصور تناقض قوله.اهـ
قال الحافظ ابن الجوزي: وقال القاضي أبو يعلى ـ المجسم ـ يطلق على الحق تسمية الصورة لا كالصور كما أطلقنا اسم ذاته. قلت: وهذا تخليط لأن الذات بمعنى الشىء وأما الصورة فهي هيئة وتخاطيط وتأليف وتفتقر إلى مصوِّر ومؤلِّف وقول القائل: لا كالصور، نقض لما قاله وصار بمثابة من يقول: جسم لا كالأجسام فإن الجسم ما كان مؤلفا فإذا قال: لا كالأجسام نقض ما قال.اهـ
قال ابن فورك في كتابه مشكل الحديث ما نصه: واعلم أن بعض المتكلمين في تأويل هذا الخبر حاد عن وجه الصواب وسلك طريق الخطأ والمحال فيه وهو ابن قتيبة توهما منه أنه مستمسك بظاهره غير تارك له فقال: إن لله عز وجل صورة لا كالصور كما أنه شىء لا كالأشياء فأثبت لله تعالى صورة قديمة زعم أنها لا كالصور وأن الله تعالى خلق ءادم على تلك الصورة، وهذا جهل من قائله وتوغل في تشبيه الله تعالى بخلقه والعجب منه أنه أول الخبر ثم زعم أن لله صورة لا كالصور ثم قال: إن ءادم مخلوق على تلك الصورة وهذا كلام متناقض متهافت يدفع أوله ءاخره وذلك أن قوله: لا كالصورة ينقض قوله: إن الله خلق ءادم عليها، لأن المفهوم من قول القائل: فعلت على صورة هذا أي ماثلته به واحتذيت في فعله به وهذا يوجب أن صورة ءادم عليه السلام كصورته جل ثناؤه.اهـ
قال الحافظ أحمد بن عمر القرطبي في كتابه المفهم لِـما أَشكل من تلخيص كتاب مسلم ما نصه: ولا يكون في الحديث إشكالٌ يُـوهم في حق الله تعالى تشبيها وإنما أشكل ذلك على مَـن أعاد الضمير في صورته على الله تعالى وذلك ينبغي ألاّ يُـصار إليه شرعا ولا عقلا أما العقل فيحيل الصورة الجسمية على الله تعالى وأما الشرع فلم ينص على ذلك نصا قاطعا ومحال أن يكون ذلك فإن النص القاطع صادق والصادق لا يقول المحال فيتعيَّن عَودُ الضمير على المضروب لأنه الذي سبق الكلام لبيان حكمه.
وقد أعادت المشبهة هذا الضمير على الله تعالى فالتزموا القولَ بالتجسيم وذلك نتيجة العقل السقيم والجهل الصميم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق