قالَ الإمام الكبير أبو حنيفةَ رضيَ اللهُ عنه (وسمِعَ موسى كلامَ اللهِ تعالى (وكلَّمَ اللهُ موسى تكليماً) (1) وقدْ كانَ اللهُ تعالى متكلماً،
ولم يكنْ كلمَ موسى، وقدْ كانَ اللهُ تعالى خالقاً في الأزلِ ولم يخلقْ الخلقَ (ليسَ كمثلِهِ شىءٌ وهوَ السميعُ البصيرُ) (2) فلما كلمَ اللهُ موسى، كلمَهُ بكلامِهِ الذي هوَ لهُ صفةٌ في الأزلِ، وصفاتُهُ كلُها بخلافِ صفاتِ المخلوقينَ، يعلمُ لا كعلمِنا، يَقْدِرُ لا كقدرَتِنا، يَرَى لا كرؤيَتِنا، يتكلمُ لا ككلامِنا، ويسمعُ لا كسمعِنا، نحنُ نتكلمُ بالآلاتِ والحروفِ، واللهُ تعالى يتكلمُ بلا حروفٍ ولا آلةٍ، والحروفُ مخلوقةٌ، وكلامُ اللهِ تعالى غيرُ مخلوقٍ، وهو شىءٌ لا كالأشياءِ (3) ومعنى الشىءِ إثباتُهُ بلا جسمٍ ولا جوهرٍ ولا عَرَضٍ، ولا حدَّ لهُ، ولا ضدَّ لهُ، ولا ندَّ له، ولا مِثلَ لهُ).
(1) سورة النساء ءاية 164.
(2) سورة الشورى ءاية 11.
(3) معناهُ يجوزُ أنْ يقالَ اللهُ شىءٌ أي موجودٌ وهذا معنى الشىءِ عندَ أهلِ السنةِ وليسَ معنى الشىءِ عبارَةٌ عنْ مخلوقٍ
كما يتوهَمُ كثيرٌ من الجهالِ.
*** انشُر صُورَةَ الدَليل ***
والذي يجب اعتقاده أن الله تعالى متكلم بكلام غير مخلوق ليس حرفا ولا صوتا لأن الحرف والصوت مخلوقان لأنهما
يحدثان ثم ينقضيان ثم يحدثان ثم ينقضيان وهذا صفة المخلوق ولو كان كلامه من هذا النوع لكان مشابها لنا ليس كما
تقول المشبهة إن الله لا يشبه المخلوق من بعض الوجوه فقط، يقولون المشابهة المنفية عنه هي المشابهة من كل الوجوه
أما المشابهة من بعض الوجوه فليست منفية عنه وءاية (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) نفت مشابهة شئ له على الإطلاق وكذلك
ءاية (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) سورة غافر، نداء من الملك بإذن
الله يوم القيامة.
فالسني هو الذي يقول الله تعالى له كلام ليس بحرف وصوت وقد صرح بذلك الإمام أبو حنيفة في إحدى رسائله الخمس
، قال أبو حنيفة رضي الله عنه (والله يسمع ويرى لا كما نسمع ونرى ويتكلم لا ككلامنا نحن نتكلم بالآلات من المخارج
والحروف والله متكلم بلا ءالة ولا حرف) قاله في الفقه الأكبر وهي إحدى رسائله الخمس التي ألفها في العقيدة وهذا
مذكور في ص 137 وما بعدها من كتاب إشارات المرام من عبارات الإمام، وهذه الرسائل كما قال الحافظ
محمد مرتضى الزبيدي ثابتة بالأسانيد الصحيحة قال ذلك في شرح إحياء علوم الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق