بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي نصر عبده بالحجج البينات وأيده بالمعجزات الظاهرات وأظهره على خصومه وقواه بالادلة الدامغات ,الحمدلله الموجود أزلا وأبدا بلا مكان ,مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر، والصلاة والسلام على سيد الكائنات وعلى اله وصحبه الطيبين الكرام أصحاب البراهين والارشاد
اعلم رحمك الله وهدانا الى طريق الحق والرشاد الى الممات أن مسألة الكلام خاض فيها الناس قديما وحديثا حتى قامت فتنة في عصر السلف وضرب وعذب وامتحن بعض أئمة السنة كالامام أحمد وغيره ، وضل بهذه المسألة أناس وسلكوا غير طريق الحق وفهم بعض من ينتسب الى السنة غير مراد الامام أحمد وأصحابه ممن أمتحنوا وراح بعضهم يؤسس من قبل نفسه قواعد وأسسا لا حق فيها ولا صواب وابتدع بدعا فاسدة كابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وشارح الطحاوية ابن أبي العز المنسوب للحنفية وغيرهم
والحق الذي لا محيد عنه وعين الصواب في المسالة أن القرءان كلام الله غير مخلوق وأما الالفاظ والحروف التي نكتبها ونقرأها التي هي بلغة العرب ونظم القرءان من الالف والباء والسين وغير ذلك فانه مخلوق لله تعالى وليس من تأليف جبريل عليه السلام ولا سيدنا محمد ولا غيرهما.
وسيكون هذا الموضوع ان شاء الله في توضيح هذه المسالة المهمة وبيان الحق والصواب ومعتقد أهل السنة
واعلم رحمك الله أن مسألة الكلام قد خاض فيها طوائف من الناس فمنهم من قال إن الله يتكلم بصوت وحروف وهم المشبهة،ومنهم من قال إنه يتكلم ويحدث في ذاته كلاما بقدرته، وهم مشبهة ايضا, ومنهم من قال يتكلم بذاته لا بكلام قادر بذاته لا بقدرة، وهم المعتزلة،
وقال أهل السنة يتكلم بكلام قائم بذاته، ليس حرفا ولا صوتا، ولا يحدث بذاته وليس بمبتدأ ولا بمختتم، لا بداية له ولا نهاية له ولا يشبه كلام المخلوقين
وقال أهل السنة يتكلم بكلام قائم بذاته، ليس حرفا ولا صوتا، ولا يحدث بذاته وليس بمبتدأ ولا بمختتم، لا بداية له ولا نهاية له ولا يشبه كلام المخلوقين
هذا الموضوع اختصرته ولكنني ان شاء الله ساضعه كاملا في موضوع اخر
قال أبو سعيد المتولي في الغنية: عند أهل الحق ان الباري متكلم بكلام قديم ازلي غير مفتتح الوجود وكلام الله تعالى أمر ونهي وخبر واستخبار ووعد ووعيد.وقال حقيقة الكلام هو المعنى القائم بالنفس الذي تدل عليه العبارات والاشارات والكتابة وأما العبارة فتسمى كلاما، ثم المذهب الصحيح أن العبارات كلام على الحقيقة واسم الكلام يتناولها على الحقيقة لا على المجاز وقال والدليل على اثبات كلام النفس من جهة الشرع قوله عز وجل "ويقولون في أنفسهم "المجادلة 8، فاثبت قول النفس وقوله عليه السلام "رفع عن امتي ما حدثت به أنفسهم " أخرجه البخاري في صحيحه، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "زورت في نفسي كلاما يوم السقيفة "اخرجه البخاري، وقال فإن قالوا قوله "اخلع نعليك " "وألق عصاك "كلام الله تعالى، ويستحيل أن يكون الباري عز وجل مخاطبا بذلك في أزله وموسى عليه السلام غير موجود لان الخطاب والمخاطب ليس هناك لغو وهذيان ويستحيل ذلك في صفات الله تعالى،
الجواب أن مثل هذا يلزمهم لان قوله تعالى "اخلع نعليك ""وألق عصاك "باجماع المسلمين كلام الله في دهرنا ووقتنا وموسى غير مخاطب به الان فإذا لم يمتنع اثبات كلام الان والمخاطب به قد تقدم ولم يكن لغوا لماذا يمتنع اثبات خطاب سابق والمخاطب به متأخر،
وربما أوردوا هذا الكلام على وجه اخر فقالوا إذا اثبتم كلاما قديما ازليا فلا يخلو اما ان تحكموا في الازل بكونه امرا ونهيا وخبرا واستخبارا أو لا تثبتوا له هذه الاوصاف فإن صرتم إلى نفي هذه الاوصاف ابطلتم الكلام، إذ لا يعقل كلام لا يتصف بكونه أمرا أو نهيا وخبرا واستخبارا فإن هذه جملة أقسام الكلام.
وان اطلقتم كونه أمرا ونهيا وخبرا لزمكم اثبات مخاطب به في الازل لاستحالة توجه الخطاب على المعدوم قلنا عندنا الكلام الازلي يتصف بكونه أمرا ونهيا والمعدوم على أصلنا مأمور بالامر الازلي بشرط الوجود، وأما ما الزمونا من الاستحالة فيلزمهم مثله لان من مذهب المعتزلة أنه ليس لله تعالى في وقتنا كلام وانما كان له كلام وقت الخطاب وقد عدم الان ونحن الان مأمورون بالاوامر، فإذا لم يستبعدوا مأمورا بلا أمر لم انكروا امرا بلا مأمور، ثم إن هذا باطل فان الله تعالى موصوف في أزله بانه قادر بالاجماع ومن حكم القادر أن تكون له قدرة والمقدور هو الجائز وإيقاع الافعال في الازل يستحيل فإذا جاز وصفه بكونه قادرا مع أن وقوع المقدورات مختص بما لا يزال جاز وصفه بكلام أزلي هو أمر لمن سيكون.، ثم جوابنا عنه أن الكلام في الازل موجود إلا أنه لو وقع الاخبار عنه في الازل كان تقديره اني امرا عبيدا اخلقهم بكذا وكذا وحين خلقهم تقدير الاخبار أفعلوا كذا وبعدما يغنيهم تقدير الاخبار عنه اني امر عبيدا اخلقهم لكذا، وكذا فالتعبير يرجع إلى الحوادث لا إلى كلامه وقال كلام الله تعالى واحد وهو أمر بجميع المامورات ونهي عن جميع المنهيات وخبر عن جميع المخبرات يسمى بالعربية قرآنا وبالعبرانية توراة وبالسريانية انجيلا., وقد قال البخاري ص 105 وقال النبي بينا أنا في الجنة سمعت صوت رجل بالقرآن، فبين أن الصوت غير القرآن. كتاب خلق أفعال العباد،
وقال علي بن أبي طالب نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في الركوع فبين أن القراءة غير المقروء. وقال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأوا إن شئتم: فالقراءة لا تكون إلا من الناس وقد تكلم الله بالقرآن من قبل وكلامه قبل خلقه، وقال البخاري ص 114 والقراءة والحفظ والكتابة مخلوق وما قرئ وحفظ وكتب ليس بمخلوق ومن الدليل عليه أن الناس يكتبون الله ويحفظونه ويدعونه فالدعاء والحفظ والكتابة من الناس مخلوق ولا شك فيه والخالق الله بصفته، ويقال له: أترى القرآن في المصحف ؟ فان قال نعم فقد زعم أن من صفات الله ما يرى في الدنيا وهذا رد لقول الله عز وجل "لا تدركه الابصار "في الدنيا "وهو يدرك الابصار "وان قال يرى كتابة القرآن فقد رجع إلى الخلق ويقال له هل تدرك الابصار إلا اللون ؟ فان قال لا قيل له: وهل يكون اللون إلا في الجسم ؟ فان قال نعم فقد زعم أن القرءان جسم يرى.
وقال البخاري حدثنا عبيد الله هو ابن قدامة بن سعيد ثنا حماد بن زيد قال: من قال كلام العباد ليس بمخلوق فهو كافر وتابعه على ذلك يحي بن سعيد القطان ومعتمر بن سليمان.
قال المحدث ملا علي القاري الحنفي في شرح الفقه الاكبر وقد ذكر المشايخ رحمهم الله تعالى أنه يقال القرآن كلام الله غير مخلوق ولا يقال القرآن غير مخلوق لئلا يسبق إلى الفهم أن المؤلف من الاصوات والحروف قديم كما ذهب اليه بعض جهلة الحنابلة اه.
وقد قال الحافظ الذهبي في سير اعلام النبلاء 12-82: ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي وحرره في مسالة التلفظ وأنه مخلوق هو حق لكن الإمام أحمد أباه لئلا يتذرع به إلى القول بخلق القرآن فسد الباب, "انتهى المراد منه
وقال الذهبي في السير "قال ابن عدي سمعت محمد بن عبدالله الصيرفي الشافعي يقول لتلامذته اعتبروا بالكرابيسي وبأبي ثور فالحسين في علمه وحفظه لا يعشره أبو ثور فتكلم فيه أحمد بن حنبل في باب مسألة اللفظ فسقط وأثنى على أبي ثور فارتفع للزومه للسنة مات الكرابيسي سنة ثمان وأربعين وقيل سنة خمس واربعين ومئتين.
قلت أبو ثور سلك مسلك الكرابيسي ايضا في مسألة الكلام .
وقال الذهبي: وكان من بحور العلم ذكيا فطنا فصيحا لسنا تصانيفه في الفروع والأصول تدل على تبحره إلا أنه وقع بينه وبين الإمام أحمد فهجر لذلك وهو أول من فتق اللفظ قال حسين في القرآن لفظي به مخلوق فبلغ قوله أحمد فأنكره
قال الذهبي في ترجمة الكرابيسي في كتابه السير كما قدمنا 12-80: وهو أول من فتق اللفظ، وقال "ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي وحرره في مسألة اللفظ وأنه مخلوق هو حق ",
وقال في السير في ترجمة الإمام مسلم 12-572 "كان مسلم بن الحجاج يُظهر القول في اللفظ ولا يكتمه ".
قال البيهقي في الاسماء والصفات فالقرءان الذي نتلوه كلام الله تعالى وهو متلو بألسنتنا على الحقيقة
وقال وفي شرح العمدة للنسفي فان قيل: لو كان كلامه قديما لكان آمرا ناهيا في الازل وهو سفه سواء كان عبارة عن الحروف والاصوات أو عن المعنى القائم بالنفس. وهذا لانه ما كان في الازل مامور ولا منهي، والامر والنهي بدون حضور المامور والمنهي سفه، فان الواحد منا لو جلس في بيته وحده ويقول: يا زيد قم ويا بكر اجلس لكان سفها، فكيف يصح أن يقول في الازل "اخلع نعليك "أو "خذ الكتاب بقوة "وموسى ويحي معدومان ؟
قلنا: نعم لو كان الأمر ليجب وقت الأمر، فأما الأمر ليجب وقت وجود المأمور، والنهي ليجب عليه الانتهاء عند وجوده، فهذا حكمه. إلا ترى أن المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم كان أمرا ونهيا لمن كان موجودا ولمن يوجد إلى يوم القيامة، وكل من وجد وبلغ وعقل وجب عليه الاقدام على المامور والانتهاء عن المنهي عنه بذلك الأمر والنهي ولم يكن ممتنعا كذا هنا.
فان قيل: أخبر الله تعالى عن أمور ماضية كقوله "وجاء إخوة يوسف ""إنا أرسلنا نوحا إلى قومه ""إنا أنزلناه في ليلة القدر "وهذا إنما يصح أن لو كان المخبر عنه سابقا على الخبر، فلو كان هذا الخبر موجودا في الازل لكان الازلي مسبوقا بغيره وهو محال، ولو لم يكن المخبر عنه سابقا على الخبر لكان كاذبا
قلنا: اخبار الله تعالى لا يتعلق بزمان لانه أزلي والمخبر عنه متعلق بالزمان والتغير على المخبر عنه لا على الأخبار الأزلي اه. وقال فانه تعالى لا يتصف بحادث لانه لو جاز اتصافه بالحوادث لجاز النقصان عليه والنقصان عليه باطل ومحال اجماعا بيان اللزوم أن ذلك الحادث ان كان من صفات الكمال كان الخلو عنه مع جواز الاتصاف به نقصا وقد خلا عنه قبل حدوثه وان لم يكن من صفات الكمال امتنع اتصاف الواجب به لان كل ما يتصف به الواجب يكون كمالا وايضا لو اتصف بالحادث لكان قابلا له ولو كان قابلا له لما خلا عنه أو ضده والا لزام الترجيح من غير مرجح وضد الحادث حادث، وما لا يخلو عن الحادث حادث لما مر.
قال الزبيدي في الاتحاف: كما انه تعالى كان عالما في الازل بانه سيخلق العالم ثم لما خلقه فيما يزال كان عالما بانه خلقه والتجدد على المعلوم لا على العلم.
وقال الزبيدي في الاتحاف: فانه تعالى لا يتصف بحادث لانه لو جاز اتصافه بالحوادث لجاز النقصان عليه والنقصان عليه باطل ومحال اجماعا. بيان اللزوم أن ذلك الحادث إن كان من صفات الكمال كان الخلو عنه مع جواز الاتصاف به نقصا وقد خلا عنه قبل حدوثه، وان لم يكن من صفات الكمال امتنع اتصاف الواجب به لان كل ما يتصف به الواجب يكون كمالا، وايضا لو اتصف بالحادث لكان قابلا له ولو كان قابلا له لما خلا عنه أو عن ضده، والا لزام الترجيح من غير مرجح وضد الحادث حادث، وما لا يخلو عن الحادث حادث، وايضا لو اتصف بالحادث لكان محلا للانفصال، وكل منفصل مفتقر إلى ما انفصل عنه، وكل مفتقر ليس بواجب الوجود وقد فرض واجبا هذا خلف، انتهى.
وقال الفقيه ملا علي القاري الحنفي في شرح الفقه الاكبر: وههنا سؤال مشهور وهو أنه قد ورد الاخبار في كلامه سبحانه بلفظ المضي كثيرا نحو قوله تعالى "إنا أرسلنا نوحا "وقال موسى فعصى فرعون ", والاخبار بلفظ الماضي عما لم يوجد بعد كذب، والكذب عليه محال،
وله جواب مسطور وهو أن إخباره تعالى لا يتصف أزلا بالماضي، والحال والاستقبال لعدم الزمان، وإنما يتصف بذلك فيما لا يزال بحسب التعلقات فيقال: قام بذات الله تعالى إخبار عن ارسال نوح مطلقا، وذلك الاخبار موجود أزلا باق أبدا فقبل الارسال كانت العبارة الدالة عليه إنا نرسل وبعد الارسال إنا أرسلنا فالتغيير في لفظ الخبر لا في الإخبار القائم بالذات، وهذا كما تقول في علمه تعالى إنه قائم بذاته سبحانه وتعالى أزلا العلم بأن نوحا مرسل، وهذا العلم باق أبدا فقبل وجوده علم أنه سيوجد، وبعد وجوده علم بذلك العلم أنه وجد وأرسل والتغيير في المعلوم لا في العلم، وما ثبت قدمه استحال عدمه، فعلمه أزلي أبدي منزه عن قبول الزيادة والنقصان. انتهى.
وقال الزبيدي في الاتحاف: وقد الزمهم الاشعرية قياس الغائب على الشاهد ويعنون بالشاهد ما علم والغائب ما جهل، "أي عدم ادراكه والعلم به حقيقة " وقد يعنون بالشاهد أحكام الحوادث، وبالغائب أحكام الباري جل وعز، والجمع بين الغائب والشاهد لا يصح إلا بجامع، وحيث جمع الحشوية بين الشاهد والغائب بغير جامع أداهم ذلك إلى التشبيه حيث قالوا. ما عهدنا موجودا ولا عقلناه إلا في جهة والباري موجود فيكون في جهة وحيث قالوا: ما وجدنا متكلما إلا بحرف وصوت، والباري تعالى متكلم فيكون متكلما بحرف وصوت فجمعوا بين الشاهد والغائب بغير جامع فشبهوا
قال واذا كان لا بد من جامع والجوامع اربعة، الجمع بالحقيقة الجمع بالعلة الجمع بالدليل الرابع الجمع بالشرط، انظره فانه مهم ص 246،
وفي شعب الايمان "إن كلام الله تعالى ليس بحرف ولا صوت والكلام الحقيقي هو كلام النفس فالاصوات والحروف إنما وضعت دلالات على كلام النفس. اه.
وتحمل الروايات التي جاءت مصرحة بتكفير من قال القرءان مخلوق، تحمل على الصفة أي الكلام الذاتي، وليست على الالفاظ والحروف والكلمات المجتمعة والمنتظمة والنظم العربي فقد قدمنا أنها مخلوقة،
أما الروايات الاخرى كقول البخاري وغيره القرءان كلام الله ليس بمخلوق كذلك يحمل على الصفة الذاتية وهي أوضح في المقصود والمرام. لأن القرءاة والتلاوة مخلوقة كما صرح أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم كما قدمنا.
قال ابن عثيمين في شرح العقيدة الواسطية وهو رأس من رؤوس الوهابية: وقد قال الإمام أحمد "من قال لفظي بالقرءان مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع. أما على المعنى الأول الذي هو المصدر فلا شك أن الفاظنا بالقرءان وغير القرءان مخلوقة، فاذا اريد باللفظ التلفظ فهو مخلوق سواء كان الملفوظ به قرآنا أو حديثا أو كلاما أحدثته من عندك.
أما إذا قصد باللفظ الملفوظ به فهذا منه مخلوق ومنه غير مخلوق وعليه إذا كان الملفوظ به هو القرءان، فليس بمخلوق هذا تفصيل القول في هذه المسألة. لكن الإمام أحمد رحمه الله قال "من قال: لفظي بالقرءان مخلوق فهو جهمي "قال ذلك لاحد أحتمالين: إما أن هذا القول من شعار الجهمية، كأن الإمام أحمد يقول: إذا سمعت الرجل يقول: لفظي بالقرءان مخلوق فاعلم أنه جهمي – وإما أن يكون حين يريد القائل باللفظ الملفوظ به، وهذا أقرب، لان الإمام أحمد نفسه فسره، قال "من قال لفظي بالقرءان مخلوق – يريد – القرءان – فهو جهمي، وحينئذ يتضح معنى قوله "من قال: لفظي بالقرءان مخلوق، فهو جهمي "لانه أراد الملفوظ به، ولا شك أن الذي يريد باللفظ هنا الملفوظ به فهو جهمي، أما من قال غير مخلوق، فالامام أحمد يقول مبتدع، لان هذا ما عهد عن السلف، وما كانون يقولون مثل هذا القول، يقولون: القرءان كلام الله فقط انتهى. (قلت بل عهد عن السلف القول أن القرءان كلام الله غير مخلوق،وقد قدمنا قول مالك بن أنس ووكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه والبخاري وغيرهم قولهم "القرءان كلام الله غير مخلوق " فمن أين اقتصر على أن قول السلف القرءان كلام الله فقط في معرض نفي الكلام أنه غير مخلوق)، وقال فلا يجوز أن نطلق أنه حكاية أو عبارة، لكن عند التفصيل قد يجوز أن نقول: إن القارىء الان يعبر عن كلام الله أو يحكي كلام الله، لان لفظه بالقرءان ليس هو كلام الله وهذا القول على هذا التقييد لا بأس به، لكن إطلاق أن القرءان عبارة أو حكاية عن كلام الله لا يجوز، ثم قال وكان المؤلف "ابن تيمية "رحمه الله دقيقا في العبارة حيث قال: "لا يجوز اطلاق القول "بل لا بد من التقييد والتعيين. انتهى.
وقال ابن تيمية ( المجسم ) : وقال أبو عبد الله بن حامد في كتابه في أصول الدين ومما يجب الإيمان به التصديق بأن الله متكلم وأن كلامه قديم وأنه لم يزل متكلما في كل أوقاته موصوفا بذلك وكلامه قديم غير محدث كالعلم والقدرة قال وقد علم أن المذهب أن كون الكلام صفة ومتكلما به ولم يزل موصوفا بذلك ومتكلما إذا شاء وبما شاء ولا نقول إنه ساكت في حال ومتكلم في حال من حيث حدوث الكلام قال ولا خلاف عن أبي عبد الله يعني يعنى أحمد بن حنبل أن الله لم يزل متكلما قبل أن يخلق الخلق وقبل كل الكائنات وأن الله كان فيما لم يزل متكلما كيف شاء وكما شاء إذا شاء أنزل كلامه وإذا شاء لم ينزله فقد ذكر ابن حامد أنه لا خلاف في مذهب أحمد أنه سبحانه لم يزل متكلما كيف شاء وكما شاء .
أما إذا قصد باللفظ الملفوظ به فهذا منه مخلوق ومنه غير مخلوق وعليه إذا كان الملفوظ به هو القرءان، فليس بمخلوق هذا تفصيل القول في هذه المسألة. لكن الإمام أحمد رحمه الله قال "من قال: لفظي بالقرءان مخلوق فهو جهمي "قال ذلك لاحد أحتمالين: إما أن هذا القول من شعار الجهمية، كأن الإمام أحمد يقول: إذا سمعت الرجل يقول: لفظي بالقرءان مخلوق فاعلم أنه جهمي – وإما أن يكون حين يريد القائل باللفظ الملفوظ به، وهذا أقرب، لان الإمام أحمد نفسه فسره، قال "من قال لفظي بالقرءان مخلوق – يريد – القرءان – فهو جهمي، وحينئذ يتضح معنى قوله "من قال: لفظي بالقرءان مخلوق، فهو جهمي "لانه أراد الملفوظ به، ولا شك أن الذي يريد باللفظ هنا الملفوظ به فهو جهمي، أما من قال غير مخلوق، فالامام أحمد يقول مبتدع، لان هذا ما عهد عن السلف، وما كانون يقولون مثل هذا القول، يقولون: القرءان كلام الله فقط انتهى. (قلت بل عهد عن السلف القول أن القرءان كلام الله غير مخلوق،وقد قدمنا قول مالك بن أنس ووكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه والبخاري وغيرهم قولهم "القرءان كلام الله غير مخلوق " فمن أين اقتصر على أن قول السلف القرءان كلام الله فقط في معرض نفي الكلام أنه غير مخلوق)، وقال فلا يجوز أن نطلق أنه حكاية أو عبارة، لكن عند التفصيل قد يجوز أن نقول: إن القارىء الان يعبر عن كلام الله أو يحكي كلام الله، لان لفظه بالقرءان ليس هو كلام الله وهذا القول على هذا التقييد لا بأس به، لكن إطلاق أن القرءان عبارة أو حكاية عن كلام الله لا يجوز، ثم قال وكان المؤلف "ابن تيمية "رحمه الله دقيقا في العبارة حيث قال: "لا يجوز اطلاق القول "بل لا بد من التقييد والتعيين. انتهى.
وقال ابن تيمية ( المجسم ) : وقال أبو عبد الله بن حامد في كتابه في أصول الدين ومما يجب الإيمان به التصديق بأن الله متكلم وأن كلامه قديم وأنه لم يزل متكلما في كل أوقاته موصوفا بذلك وكلامه قديم غير محدث كالعلم والقدرة قال وقد علم أن المذهب أن كون الكلام صفة ومتكلما به ولم يزل موصوفا بذلك ومتكلما إذا شاء وبما شاء ولا نقول إنه ساكت في حال ومتكلم في حال من حيث حدوث الكلام قال ولا خلاف عن أبي عبد الله يعني يعنى أحمد بن حنبل أن الله لم يزل متكلما قبل أن يخلق الخلق وقبل كل الكائنات وأن الله كان فيما لم يزل متكلما كيف شاء وكما شاء إذا شاء أنزل كلامه وإذا شاء لم ينزله فقد ذكر ابن حامد أنه لا خلاف في مذهب أحمد أنه سبحانه لم يزل متكلما كيف شاء وكما شاء .
وهذا النقل رده ابن تيمية لانه يخالف ما هو عليه : قال في مجموع الفتاوى الكلام في الوقف واللفظ من قال باللفظ أو بالوقف فهو مبتدع عندهم لا يقال اللفظ بالقرآن مخلوق ولا يقال غير مخلوق وقال ايضا : وقد ظن من ذكر من هؤلاء كأبي علي وأبي الحسن ابن الزاغوني أن الأمة قاطبة اتفقت على أنه لا يقوم به الحوادث وجعلو ذلك الأصل الذي اعتمدوه وهذا مبلغهم من العلم وهذا الإجماع نظير غيره من الإجماعات الباطلة المدعاة في الكلام ونحوه وما أكثرها فمن تدبرها وجد عامة المقالات الفاسدة بينونها على مقدمات لا تثبت إلا بإجماع مدعى أو قياس وكلاهما عند التحقيق يكون باطلا
ومن العجب أن بعض متكلمة أهل الحديث من أصحاب أحمد وغيرهم يدعون مثل هذا الإجماع مع النصوص الكثيرة عن أصحابهم بنقيض ذلك بل عن إمامهم وغيره من الأئمة حتى في لفظ الحركة والانتقال بينهم في ذلك نزاع مشهور وقد أثبت ذلك طوائف مثل ابن حامد وغيره وقد ذكر إجماع أهل السنة على ذلك حرب الكرماني وعثمان بن سعيد الدرامي وغيرهما من علماء السنة المشهورين فليتدبر العاقل ما وقع في هذه الأصول من الاضطراب وقال :فهذه حكاية الأشعري عن ابن كلاب أنه يقول إن الله لم يزل متكلما وأن كلامه صفة له قائم به كعلمه وقدرته وكذلك سائر الصفات التي يثبتها لله تعالى هي عنده قديمة بالله غير متعلقة بمشيئته وقدرته
ايضا وقال طائفة منهم القاضيان أبو علي أبو علي بن وأبو يعلي وابن عقيل وأبو الحسن الزغواني وهذا لفظه قال والطريق الثاني المعقول وفيه أدلة نذكر منها الجلي من معتمداتها فمن ذلك تقول لو كان كلام الله مخلوقا لم يخل أن يكون مخلوقا في محل أو لا في محل فإن كان في محل فلا يخلو أن يكون محله ذات الباري سبحانه أو ذاتا غير ذاته مخلوقة ومحال أن يكون خلقه الله في ذاته لأن ذلك يوجب كون ذاته تعالى محلا للحوادث وهذا محال اتفقت الأئمة قاطبة على إحالته ومحال أن يكون في محل هو ذات غير ذاته تعالى لأن ذلك يوجب أن يكون كلاما لتلك الذات ولا يكون كلاما لله تعالى ولأنه لو جاز أن يكون كلاما لله تعالى يقال له كلامه وصفته لجاز أن يقال مثل ذلك في سائر الصفات مثل الكون واللون والحركة والسكون والإرادة إلى غير ذلك من الصفات وهذا مما اتفقنا على بطلانهوأما أئمة أهل الحديث والفقهاء والصوفية وطوائفة أهل الكلام الذين خالفوا المعتزلة قديما من المرجئة والشيعة ثم الكرامية وغيرهم فيخالفون في ذلك ويجعلون هذه الأفعال القائمة بذاته متعلقة بمشيتئه وقدرته وأصحاب الإمام أحمد قد تنازعوا في ذلك كما تنازع غيرهم وذكر أبو بكر عبدالعزيز عنهم في المقنع قولين وحكى الحارث المحاسبي القولين عن أهل السنة وقال في الفتاوى وقال ايضا قال أبو عبدالله فالقرآن من علم الله ألا تراه يقول علم القرآن والقرآن فيه أسماء الله عز و جل أي شيء يقولون لا يقولن أسماء غير مخلوقة ومن زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر لم يزل الله تعالى قديرا عليما عزيزا حكيما سميعا بصيرا لسنا نشك أن أسماء الله ليست بمخلوقة ولسنا نشك أن علم الله ليس مخلوق وهو كلام الله ولم يزل الله متكلما ثم قال أبو عبدالله وأي أمر أبين من هذا واي كفر أكفر من هذا إذا زعموا أن القرآن مخلوق فقد زعموا أن أسماء الله مخلوقة وأن علم الله مخلوق ولكن الناس يتهاونون بهذا ويقولون إنما يقولون القرآن مخلوق فيتهاونون به ويظنون أنه هين ولا يدرون ما فيه من الكفر قال وأنا أكره أن أبوح بها لكل أحد وهم يسألونني فأقول أني أكره الكلام في هذا فيبلغني أنهم يدعون على أني أمسك قال الأثرم فقلت لأبي عبدالله فمن قال إن القرآن مخلوق وقال لا اقول إن أسماء الله مخلوقة ولا علمه لم يرد على هذا أقول هو كافر ؟ فقال : هكذا هو عندنا قال أبو عبدالله : أنحن نحتاج أن نشك في هذا القرآن عندنا فيه أسماء الله وهو من علم الله فمن قال مخلوق فهو عندنا كافر وقال ايضا كما روى الخلال عن الميموني أنه سأل أبا عبدالله قال : قلت من قال كان الله ولا علم فتغير وجهه تغيرا شديدا وأكبر غيظه ثم قال لي كافر وقال لي في كل يوم أزداد في القوم بصيرة .وقال ايضا وعن عبدالله بن أحمد سمعت أبي يقول : من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كفر لأن القرآن من علم الله وفيه أسماء الله قال الله تعالى : { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم } وعن المروذي سمعت أبا عبدالله يقول القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال القرآن مخلوق فهو كافر بالله واليوم الآخر والحجة { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم } الآية وقال : { ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين } وقال : { ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير } وقال { ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق } والذي جاء به النبي صلى الله عليه و سلم والقرآن وهو العلم الذي جاءه والعلم غير مخلوق والقرآن من العلم وهو كلام الله وقال : { الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان } وقال : { ألا له الخلق والأمر } فأخبر أن الخلق خلق والخلق غير الأمر وأن الأمر غير الخلق وهو كلامه وأن الله عز و جل لم يخل من العلم وقال : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون والذكر هو القرآن وأن الله لم يخل منهما ولم يزل الله متكلما عالما وقال في موضع آخر : إن الله لم يخل من العلم والكلام وليسا من الخلق لأنه لم يخل منهما فالقرآن من علم الله وعن الحسن بن ثواب أنه قال لأبي عبدالله من أين أكفرتهم ؟ قال : قرأت في كتاب الله غير موضع : { ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم } فذكر الكلام قال ابن ثواب ذاكرت ابن الدروقي فذهب إلى أحمد ثم جاء فقال لي سألته فقال لي كما قال لك إلا أنه قد زادني أنزله بعمله ثم قال لي أحمد إنما أرادوا الأبطال وقد فسر طائفة منهم ابن حزم كلام أحمد بأنه أراد بلفظ القرآن المعنى فقط وأن معنى القرآن يعود إلى العلم فهو من علم الله ولم يرد بالقرآن الحروف والمعاني فمن جعل القرآن كله ليس له معنى إلا العلم فقد كذب وأما من قال عن هذه الآيات التي احتج بها أحمد وأن معناها العلم لأنها كلها من باب الخبر ومعنى الخبر العلم فهذا أقرب من الأول وقال ابن تيمية ذكر الخلال في كتاب السنة عن سفيان ابن عيينة أنه ذكر هذا الحديث الذي يروي ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جبل أعظم من آية الكرسي قال ابن عيينة هو هكذا ما خلق الله من شيء إلا وآية الكرسي أعظم مما خلق وروى الخلال عن أبي عبيد قال : وقد قال رجل ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي أفليس يدلك على أن هذا مخلوق قال أبو عبيد : إنما قال ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي فأخبر الله أن السماء والأرض أعظم من خلقه وأخبر أن آية الكرسي التي هي من صفاته أعظم من هذا العظيم المخلوق وروي عن أحمد بن القاسم قال قال أبو عبدالله هذا الحديث ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا كذا أعظم فقلت لهم إن الخلق ههنا وقع على السماء والأرض وهذه الأشياء لا على القرآن لأن قال : ما خلق الله من سماء ولا أرض فلم يذكر خلق القرآن ههنا وقال البخاري في كتاب خلق الأفعال وقال الحميدي حدثنا سفيان حدثنا حصين عن مسلم بن صبيح عن تستر بن شكل عن عبدالله قال ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جنة ولا نار أعظم من : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } قال سفيان تفسيره إن كل شيء مخلوق والقرآن ليس بمخلوق وكلامه أعظم من خلقه لأنه إنما يقول للشيء كن فيكون فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق والقرآن كلام الله :
ومن العجب أن بعض متكلمة أهل الحديث من أصحاب أحمد وغيرهم يدعون مثل هذا الإجماع مع النصوص الكثيرة عن أصحابهم بنقيض ذلك بل عن إمامهم وغيره من الأئمة حتى في لفظ الحركة والانتقال بينهم في ذلك نزاع مشهور وقد أثبت ذلك طوائف مثل ابن حامد وغيره وقد ذكر إجماع أهل السنة على ذلك حرب الكرماني وعثمان بن سعيد الدرامي وغيرهما من علماء السنة المشهورين فليتدبر العاقل ما وقع في هذه الأصول من الاضطراب وقال :فهذه حكاية الأشعري عن ابن كلاب أنه يقول إن الله لم يزل متكلما وأن كلامه صفة له قائم به كعلمه وقدرته وكذلك سائر الصفات التي يثبتها لله تعالى هي عنده قديمة بالله غير متعلقة بمشيئته وقدرته
ايضا وقال طائفة منهم القاضيان أبو علي أبو علي بن وأبو يعلي وابن عقيل وأبو الحسن الزغواني وهذا لفظه قال والطريق الثاني المعقول وفيه أدلة نذكر منها الجلي من معتمداتها فمن ذلك تقول لو كان كلام الله مخلوقا لم يخل أن يكون مخلوقا في محل أو لا في محل فإن كان في محل فلا يخلو أن يكون محله ذات الباري سبحانه أو ذاتا غير ذاته مخلوقة ومحال أن يكون خلقه الله في ذاته لأن ذلك يوجب كون ذاته تعالى محلا للحوادث وهذا محال اتفقت الأئمة قاطبة على إحالته ومحال أن يكون في محل هو ذات غير ذاته تعالى لأن ذلك يوجب أن يكون كلاما لتلك الذات ولا يكون كلاما لله تعالى ولأنه لو جاز أن يكون كلاما لله تعالى يقال له كلامه وصفته لجاز أن يقال مثل ذلك في سائر الصفات مثل الكون واللون والحركة والسكون والإرادة إلى غير ذلك من الصفات وهذا مما اتفقنا على بطلانهوأما أئمة أهل الحديث والفقهاء والصوفية وطوائفة أهل الكلام الذين خالفوا المعتزلة قديما من المرجئة والشيعة ثم الكرامية وغيرهم فيخالفون في ذلك ويجعلون هذه الأفعال القائمة بذاته متعلقة بمشيتئه وقدرته وأصحاب الإمام أحمد قد تنازعوا في ذلك كما تنازع غيرهم وذكر أبو بكر عبدالعزيز عنهم في المقنع قولين وحكى الحارث المحاسبي القولين عن أهل السنة وقال في الفتاوى وقال ايضا قال أبو عبدالله فالقرآن من علم الله ألا تراه يقول علم القرآن والقرآن فيه أسماء الله عز و جل أي شيء يقولون لا يقولن أسماء غير مخلوقة ومن زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر لم يزل الله تعالى قديرا عليما عزيزا حكيما سميعا بصيرا لسنا نشك أن أسماء الله ليست بمخلوقة ولسنا نشك أن علم الله ليس مخلوق وهو كلام الله ولم يزل الله متكلما ثم قال أبو عبدالله وأي أمر أبين من هذا واي كفر أكفر من هذا إذا زعموا أن القرآن مخلوق فقد زعموا أن أسماء الله مخلوقة وأن علم الله مخلوق ولكن الناس يتهاونون بهذا ويقولون إنما يقولون القرآن مخلوق فيتهاونون به ويظنون أنه هين ولا يدرون ما فيه من الكفر قال وأنا أكره أن أبوح بها لكل أحد وهم يسألونني فأقول أني أكره الكلام في هذا فيبلغني أنهم يدعون على أني أمسك قال الأثرم فقلت لأبي عبدالله فمن قال إن القرآن مخلوق وقال لا اقول إن أسماء الله مخلوقة ولا علمه لم يرد على هذا أقول هو كافر ؟ فقال : هكذا هو عندنا قال أبو عبدالله : أنحن نحتاج أن نشك في هذا القرآن عندنا فيه أسماء الله وهو من علم الله فمن قال مخلوق فهو عندنا كافر وقال ايضا كما روى الخلال عن الميموني أنه سأل أبا عبدالله قال : قلت من قال كان الله ولا علم فتغير وجهه تغيرا شديدا وأكبر غيظه ثم قال لي كافر وقال لي في كل يوم أزداد في القوم بصيرة .وقال ايضا وعن عبدالله بن أحمد سمعت أبي يقول : من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كفر لأن القرآن من علم الله وفيه أسماء الله قال الله تعالى : { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم } وعن المروذي سمعت أبا عبدالله يقول القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال القرآن مخلوق فهو كافر بالله واليوم الآخر والحجة { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم } الآية وقال : { ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين } وقال : { ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير } وقال { ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق } والذي جاء به النبي صلى الله عليه و سلم والقرآن وهو العلم الذي جاءه والعلم غير مخلوق والقرآن من العلم وهو كلام الله وقال : { الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان } وقال : { ألا له الخلق والأمر } فأخبر أن الخلق خلق والخلق غير الأمر وأن الأمر غير الخلق وهو كلامه وأن الله عز و جل لم يخل من العلم وقال : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون والذكر هو القرآن وأن الله لم يخل منهما ولم يزل الله متكلما عالما وقال في موضع آخر : إن الله لم يخل من العلم والكلام وليسا من الخلق لأنه لم يخل منهما فالقرآن من علم الله وعن الحسن بن ثواب أنه قال لأبي عبدالله من أين أكفرتهم ؟ قال : قرأت في كتاب الله غير موضع : { ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم } فذكر الكلام قال ابن ثواب ذاكرت ابن الدروقي فذهب إلى أحمد ثم جاء فقال لي سألته فقال لي كما قال لك إلا أنه قد زادني أنزله بعمله ثم قال لي أحمد إنما أرادوا الأبطال وقد فسر طائفة منهم ابن حزم كلام أحمد بأنه أراد بلفظ القرآن المعنى فقط وأن معنى القرآن يعود إلى العلم فهو من علم الله ولم يرد بالقرآن الحروف والمعاني فمن جعل القرآن كله ليس له معنى إلا العلم فقد كذب وأما من قال عن هذه الآيات التي احتج بها أحمد وأن معناها العلم لأنها كلها من باب الخبر ومعنى الخبر العلم فهذا أقرب من الأول وقال ابن تيمية ذكر الخلال في كتاب السنة عن سفيان ابن عيينة أنه ذكر هذا الحديث الذي يروي ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جبل أعظم من آية الكرسي قال ابن عيينة هو هكذا ما خلق الله من شيء إلا وآية الكرسي أعظم مما خلق وروى الخلال عن أبي عبيد قال : وقد قال رجل ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي أفليس يدلك على أن هذا مخلوق قال أبو عبيد : إنما قال ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي فأخبر الله أن السماء والأرض أعظم من خلقه وأخبر أن آية الكرسي التي هي من صفاته أعظم من هذا العظيم المخلوق وروي عن أحمد بن القاسم قال قال أبو عبدالله هذا الحديث ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا كذا أعظم فقلت لهم إن الخلق ههنا وقع على السماء والأرض وهذه الأشياء لا على القرآن لأن قال : ما خلق الله من سماء ولا أرض فلم يذكر خلق القرآن ههنا وقال البخاري في كتاب خلق الأفعال وقال الحميدي حدثنا سفيان حدثنا حصين عن مسلم بن صبيح عن تستر بن شكل عن عبدالله قال ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جنة ولا نار أعظم من : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } قال سفيان تفسيره إن كل شيء مخلوق والقرآن ليس بمخلوق وكلامه أعظم من خلقه لأنه إنما يقول للشيء كن فيكون فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق والقرآن كلام الله :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق