يجوز قتلُ الكلبِ الأسوَد البهيم.. وأمَّا الهرَّة السوداءُ فلا يجوز قتلُها..فعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [لولا أنَّ الكلابَ أُمَّةٌ من الأمم لأمَرْتُ بقتلِها كلِّها فاقتلوا منها كلَّ أَسْوَدٍ بهيمٍ].. رواه التِّرْمِذِيُّ في [(سننه)/كتاب الأحكام والفوائد] من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، رضي الله عنه، وصَحَّحَهُ.. وقال التِّرْمِذِيُّ بعد روايتهِ لهذا الحديث [الكلبُ الأسْوَدُ البهيمُ هو الذي لا يكونُ فيه شيءٌ من البياض] انتهى.. قولُه عليه الصلاة والسلام [أُمَّةٌ من الأمم] معناه خُلِقَتْ لمنافعِ الناس..
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [الكلبُ الأسوَد شيطان].. رواه الإمامُ مسلمٌ في [(صحيحه)/كتاب الصلاة]، والتِّرْمِذِيُّ في [(سننه)/كتاب الصلاة] من حديثِ أبي ذَرٍّ، رضي الله عنه، وصَحَّحَهُ.. ورواه الإمامُ أحمدُ في (مسنده) بلفظ [الكلبُ الأسوَد البهيمُ شيطان].. وروى ابن ماجَه في [(سننه)/كتاب الصيد]عن أبي ذَرٍّ أنَّه سأل رسولَ الله عن الكلبِ الأسوَد البهيمِ فقال له [شيطان].. معناه هو شَرُّ الكلابِ وأقلُّها نفعًا.. هذا من باب التشبيه..
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [إذا سمعتم نُباحَ الكلابِ ونهيقَ الحُمُرِ بالليلِ فتعوَّذوا باللهِ فإنَّهُنَّ يَرَيْنَ ما لا تَرَوْنَ].. رواه أبو داودَ في [(سننه)/كتاب الأدب] من حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، رضي الله عنه، بإسنادٍ صحيح.. والحُمُرُ هي هذه الحميرُ التي يقتنيها الناسُ ليركبوها ويحمِلوا عليها بضاعتَهم..
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [إذا سمعتُم صياحَ الدِّيَكَةِ فاسألوا الله من فضلهِ فإنَّها رأت مَلَكًا، وإذا سمعتُم نهيقَ الحمارِ فتعوَّذوا باللهِ من الشيطانِ فإنَّه رأى شيطانًا].. رواه البخاريُّ في [(صحيحه)/كتاب بَدْءِ الخلق] من حديثِ أبي هريرةَ، رضي الله عنه، بإسنادٍ صحيح..
تربية الكلبِ إن كان للحراسةِ كحراسة الماشيةِ أو الزرعِ أو البيتِ أو كان للصيد فإنَّه جائز، ليس حرامًا.. وأمَّا الذي يُرَبِّيهِ لا لشيءٍ من ذلك فإنَّه يَنْقُصُ من ثوابهِ كلَّ يومٍ قيراطان.. فعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [من اقتنى كلبًا إلّا كلبًا ضاريًا لصيدٍ أو كلبَ ماشيةٍ فإنَّه يَنْقُصُ من أجرِه كلَّ يومٍ قيراطان].. رواه البخاريُّ في [(صحيحه)/كتاب الذبائح والصيد] من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، بإسنادٍ صحيح.. ولمَّا سئِل رسولُ الله في حديثٍ ءاخَر [ما القيراطان؟] قال [مِثْلُ الجبلَين العظيمَين].. رواه البخاريُّ ومسلم من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه..
وثبَت في (صحيح مسلم) أنَّ جبريلَ قال لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم [إنَّا لا ندخلُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة].. أنظر [(صحيح مسلم)/كتاب اللباس والزينة].. وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة].. وفي رواية [ولا صورةُ تماثيل].. رواه البخاريُّ في [(صحيحه)/كتاب بَدْءِ الخلق] من حديثِ أبي طَلْحَةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه..
إذا كان في البيتِ تمثالٌ كاملٌ لحيوان، بهيمةٍ أو إنسان، فإنَّ ملائكةَ الرحمةِ لا يدخلون.. ملائكةُ الرحمةِ تمتنعُ من دخولِ المكانِ الذي توجد فيه هذه التماثيلُ الكاملة.. وقال جمهورُ المالكيَّةِ [المراد بالصورة هنا تلك المجسَّمةُ الكاملةُ فقط التي تكون على هيئةٍ يعيش عليها الحيوان، وأمَّا ما لا ظِلَّ له فلا يَضُرُّ].. معناه: إنَّ هذه الصُّوَرَ الكاملةَ التي تكونُ على الوَرَقِ أو الحيطانِ أو الوسائدِ والأقمشةِ لا تؤثِّر ولا تمنعُ دخولَ ملائكةِ الرحمة، ولو كانت صُوَرَ حيواناتٍ كاملة.. هذا هو مذهبُ جمهور المالكيَّةِ.. والقولُ بجوازِ ما ليس مُجَسَّمًا هو ما عليه جمهورُ المالكيَّةِ، وهو مذهبُ القاسمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهم.. مذهبُ مالكٍ فيه فسحةٌ في أمر الصورة.. عنده إذا لم تكن مُجَسَّمَةً جاز اقتناؤها ولو كانت كاملةً.. وملائكةُ الرحمةِ لا يمتنعون من دخولِ البيتِ الذي تكون هي فيه.. وأمَّا المحرَّمة عنده فهي المجسَّمة الكاملةُ التي تكون على الهيئةِ التي يعيش عليها الحيوانُ ليس غير..
عن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [أشدُّ الناس عذابًا يومَ القيامة المصوِّرون]].. رواه البخاريُّ في [(صحيحه)/كتاب الأدب]، ومسلمٌ في [(صحيحه)/كتاب اللباس والزينة] من حديثِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه.. والمراد أولئك الذين يصنعون التماثيلَ الكاملةَ التي تكون على هيئةٍ يعيش عليها الحيوان..
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [إنَّ الذين يصنعون الصُّوَرَ يعذَّبون يومَ القيامة، يقال لهم أحيُوا ما خلقتم]، أي ما صوَّرتم.. رواه البخاريُّ ومسلمٌ من حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما.. وروى البخاريُّ أيضًا في [(صحيحه)/كتاب الطلاق] أنَّ رسولَ الله لعَن المصوِّرين.. ومراده الذين يصنعون التماثيلَ الكاملةَ التي تكون على هيئةٍ يعيشُ عليها الحيوان..
مَنْ صَنَعَ تمثالًا لإنسانٍ أو بهيمةٍ ليَتَّخِذَه الناسُ صنمًا يُعْبَدُ من دون الله فهو كافر، لأنَّ الإعانةَ على الكفر كفر.. فلو صَنَعَهُ لا للعبادةِ فهو ءاثمٌ ولا نكفِّره.. وبيعُ هذه التماثيلِ الكاملةِ وشراؤها حرامٌ من كبائر الذنوب، لا يَصِحُّ بيعُها، لا يَصِحُّ شراؤها.. وإذا كان في البيتِ تمثالٌ كاملٌ لحيوان، بهيمةٍ أو إنسان، فإنَّ ملائكةَ الرحمةِ لا يدخلونه حتَّى ولو كان في صندوق.. ومن المعلومِ أنَّ ملائكةَ الرحمةِ يأتون بالنفَحات لعباد الله المؤمنينَ لينفعوهم بأشياءَ بإذن الله.. هؤلاء لا يدخلون.. أمَّا الملائكةُ الكرامُ الكاتبونَ الذين يكتبون أعمالَ العبادِ فإنَّهم يدخلون.. أولئك لا يفارقون الشخصَ إلّا عندما يكون في بيت الخَلاءِ أو في حال الجماع.. ومع هذا فهم يعلَمون ما يفعله هذا الشخصُ فيكتبون.. إن عمِل معصية يعلَمون، وإن عمِل حسنة يعلَمون..
يحرُم صنعُ صُوَرِ الحيواناتِ إذا كانت كاملةً مجسَّمة.. يحرُم صنعُ صُوَرٍ مجسَّمة كاملةٍ لذوي الأرواح كالإنسان والطير.. فلا يجوز إذا كان على هيئةٍ يعيش عليها الحيوان.. ووجودُها في البيت يمنعُ دخولَ ملائكةِ الرحمة.. إنَّ هذه التماثيلَ حرامٌ بلا خلاف.. صُنْعُهَا حرام، واتخاذُها في البيت حرام.. ولو قُصَّتْ رَقَبَةُ التمثال بحيث صار على هيئةٍ لا يعيش عليها الحيوانُ فإنَّ الحرمةَ تزول.. وإن شاء ثَقَبَهُ من ناحيةٍ إلى ناحيةٍ بحيث لا يعيش لو كان حيوانًا في الحقيقة بهذه الصورة.. وفي هذه الحال يجوز اتخاذُه.. ولكن يبقى أنَّ بيعَه وشراءَه حرام.. يبقى بيعُه وشراؤه حرامًا.. لا يجوز شراءُ التماثيلِ المجسَّمة الكاملةِ لذوي الأرواح ولو كانت صُوَرًا لدُبٍّ أو هرَّة أو صوصٍ وغيرِها ولو ليلعبَ بها الأطفال.. هي حرامٌ سواءٌ أكانت من معدِن أو من خشبٍ أو مِمَّا يشبه الصوفَ كهذا الذي يسمِّيه الناسُ دبدوب.. إنَّ هذه التماثيلَ الكاملةَ لا يجوز شراؤها ولا اتخاذُها في البيوت.. حتَّى ولو كانت غيرَ كاملةٍ فإنَّ بيعَها وشراءَها لا يَصِحُّ، لأنَّ ما لا منفعةَ فيه معتبرةً شرعًا لا يَصِحُّ بيعُه ولا شراؤه ولو وُجِدَتِ المنفعةُ فيه حِسًّا..
وكذلك هذه الصُّوَرُ التي على الورق، مَعَ أنَّها جائزةٌ عند جمهور المالكيَّةِ، لا يَصِحُّ بيعُها ولا يجوز شراؤها لأنَّ هذه ليس فيها منفعةٌ معتبرةٌ شرعًا.. ومن أراد الحصولَ على صورة، مجسَّمة أو غيرِ مجسَّمة، فليحصِّلها بغير الشراء، يعطي المالَ مَجَّانًا لمن عنده الصورةُ وذاك يعطيه الصورةَ مَجَّانًا من دون مقابل.. أمَّا أنْ يبيعَه إيَّاها وذاك يشتري منه فلا يَصِحُّ، إلّا لُعَبَ البناتِ الصغار لأجلِ أن تلعب بها البناتُ الصغارُ فهذا يجوز عند مالك.. وأمَّا الصبيُّ فلا يمكَّن من اللعِب بها..
وأمَّا صُوَرُ الكلابِ والطيور والفئرانِ ونحوِها، المجسَّمةُ وغيرُ المجسَّمة، فلا يجوز شراؤها، حتَّى للبناتِ الصغار لا يجوزُ ولا يَصِحُّ.. ومِنَ الأمثلةِ على حرمةِ بيعِ ما لا منفةَ فيه معتبرةً شرعًا مَعَ وجودِها حِسًّا صلبانُ الذهبِ والفِضَّةِ فإنَّ بيعَها وشراءَها لا يَصِحُّ مَعَ أنَّ فيها منفعةً حِسِّيَّةً لكونِها من الذهبِ أو الفِضَّةِ، فلأجلِ انعدامِ المنفعةِ المعتبَرة في الشرع حَرُمَ بيعُها وشراؤها..
أجاز بعضُ المالكيَّةِ بيعَ الصورة المعمولةِ من الحلوى لتؤكل.. ونُقِلَ عن الفقهاءِ المالكيِّين أنَّهم اسْتَثْنَوْا الدُّمْيَةَ التي تكونُ على صورةِ بنتٍ صغيرة للبنت الصغيرة،، قالوا [هي جائزةٌ للبنتِ الصغيرة لتلهوَ بها].. لعبةُ البنت الصغيرة التي تباح عند المالكيَّةِ شرطُها أن تكون على هيئةِ طِفلة صغيرة، ولا يَصِحُّ أن تكون على هيئةِ بنتٍ كبيرةٍ أو امرأة..
الصلاةُ في الثوبِ الذي عليه صورةُ حيوانٍ كاملٍ مكروهةٌ كراهةً شديدة.. وبعضُ الأئمَّةِ يقولون: لا ثوابَ في صلاته.. كذلك تُكْرَهُ الصلاةُ على سجَّادةٍ عليها صورةُ حيوانٍ كامل.. وتُكْرَهُ الصلاةُ في مكانٍ فيه تمثالٌ كاملٌ لذي روح ولو كان التمثالُ مغطًّى بغطاء.. وأمَّا غيرُ الكاملِ الذي لا يعيشُ على هيئتهِ حيوانٌ فلا تُكْرَهُ الصلاةُ في المكان الذي هو فيه إلّا إذا كان ينشغلُ فكرُه به.. الحيوان المحنَّط يجوز اقتناؤه.. ليس حكمُه كحكم التمثال الكامل..
وردت بعضُ الرواياتِ تتحدَّث عن امتناع دخولِ ملائكةِ الرحمةِ البيتَ الذي فيه جُنُبٌ.. ونحن لا نأخذُ بهذه الرواية، وذلك لعدم ثبوتِ صِحَّتِهَا.. اعتقادُنا أنَّ وجودَ الجُنُبِ في البيتِ لا يمنعُ دخولَ ملائكةِ الرحمة.. الروايةُ وردت على الشكل التالي [لا تدخلُ الملائكةً بيتًا فيه صورةٌ ولا كلبٌ ولا جُنُبٌ].. ونحن لا نأخذ بهذه الروايةِ وذلك لعدم ثبوتِ صِحَّتِهَا..
خلاصة ما مرَّ ذكرُه : لم يصرِّح شرعُنا الحنيفُ بحرمةِ تصويرِ الحيوانِ كاملًا على ورقٍ أو جدرانٍ أو قماشٍ تصريحًا لا يحتمِلُ التأويلَ.. وإنَّمَا الثابتُ ثبوتًا قطعيًّا لا يحتمِلُ التأويلَ تحريمُ تصويرِ كلِّ ذي روحٍ تصويرًا كاملًا مُجَسَّمًا.. لذلك أجمعتِ الأمَّةُ على حرمةِ ما كان من الصُّوَرِ مُجَسَّمًا كاملًا على هيئةٍ يعيشُ عليها الحيوان، وأمَّا ما كان منها على ورقٍ أو قِماشٍ أو جدارٍ أو شاشةِ تلفزيون فليس هذا مِمَّا أجمعوا على حرمتهِ لعدم ثبوت النصِّ الصريح على ذلك.. والقولُ بجواز ما ليس مُجَسَّمًا هو ما عليه جمهور المالكيَّةِ وهو مذهبُ القاسمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهم.. مذهبُ مالكٍ فيه فسحةٌ في أمر الصورة.. عند مالكٍ إذا لم تكن الصورةُ مُجَسَّمَةً جاز اقتناؤها ولو كانت كاملةً، وملائكةُ الرحمة لا يمتنعون من دخول البيتِ الذي تكون هي فيه، وأمَّا المحرَّمة عنده فهي المجسَّمة الكاملةُ التي تكون على الهيئة التي يعيش عليها الحيوانُ ليس غير..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق