فمن البدع المستهجنة التى تجرى بكل بساطة على ألسنة كثير من المغرمين بالانتساب الى السنة والتوحيد والتجديد مجازفتهم بالقول بضعف الحديث على معنى أنه باطل مكذوب , ويعتبر العمل به رجساً وفسقاً , أو على الأقل جهلاً وتجاوزاً.
وليس كذلك العلم ؛ فان للحديث الضعيف مجالا شرعيا يدور فيه , وله وظيفة أساسية فى دين الله , ومن ظلم العلم والدين أن يؤخذ الحديث الضعيف بحكم الحديث المكذوب , ذلك أن الحديث الضعيف حديث أصيل , لكن لم تستكمل فيه شروط الصحة .
أى : أن فيه جانبا من الصحة , ومن بعض شروط ما يتوقف عليه قبول الحديث , لكنها غير كاملة , ولهذا عدّه العلماء من قسم المقبول , خصوصا فى فضائل الاعمال والترغيب والترهيب والمواعظ والرقائق أو فى غير الأحكام ؛ فهو ليس من قسم المرفوض على أى حال , ولهذا استحب بعض العلماء العمل به فى موضعه
بل هناك من الائمة من نص علي العمل به في الاحكام اذا كان لم يوجد غيره بحذر واحتياط كما سنوضح في هذا البحث.
فقد روي أبو الشيخ ابن حبان فى كتاب (( النوائب )) عن جابر – رضى اللّه عنه – مرفوعا :
(من بلغه عن اللّه عز وجل شيء فيه فضيلة , فأخذ به ايمانا به , ورجاء لثوابه , أعطاه اللّه ذلك , وان لم يكن كذلك (.
وهذا الحديث أصل كبير فى أحكام الحديث الضعيف لأنه لا يمكن أن يكون صادرا عن رأى , بلا سماع , بل هو دليل على أن للحديث الضعيف أصلا ووظيفة ايجابية.
كذا إذا تلقت الأمة الضعيف بالقول يعمل به على الصحيح حتى إنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به ولهذا قال الشافعي في حديثه " لاوصية لوارث" : إنه لا يثبته أهل الحديث و لكن العامة تلقته بالقول وعملوا بها حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية.
أو كان في موضع احتياط كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة فان المستحب _كما قال النووي _أن يتنزه عنه و لكن لايجب وهذا ما سنبينة في هذا اببحث المتواضع الملقتط من كلام المحدثين والعلماء بل ان لللبعض الشبهات ان الامام البخاري لم يأخذ بالضعيف فنقول لهم الادب المفرد للامام البخاري مليئ بالضعيف وأخذ به وذكلك القاضي ابن عربي نص علي انه لا يعمل بالحديث الضعيف مطلقاً ولكنه قرر في نفس الوقت الاخذ به لانه اولي من القياس والامام الاوزاعي كان يحتج بالمراسيل فمن بقي لاخواننا المعترضين وستري هذه الاقوال في طيات هذا البحث..
أولاً العمل بالحديث الضعيف
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدفاع عن مسند الامام احمد فيما عده الإمام ابن الجوزي من احاديث المسند من الموضوعات فقال الحافظ وهو يشرع في الرد علي ابن الجوزي في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد ج1/ص11
ثم نشرع الآن في الجواب عن الأحاديث التسعة التي أوردها واقتصر عليها ونجيب عنها أولا من طريق الإجمال بأن الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام والتساهل في إبرادها مع ترك البيان بحالها شائع وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا .
فالأساس عند هذا الإمام (ابن حجر) و القاعدة الأولى أن جميع الأحاديث التي رماها بالوضع الإمام ابن الجوزي و غيره هي من أحاديث فضائل الأعمال و ليست من أحاديث الأحكام في الحلال و الحرام و لا أظن المجهري يُخالفني بأن جميع ماذكره الحبيب علي الجفري ليس فيه حديثا واحدا في الأحكام بل جلّها في الفضائل و السير التي يُتساهل فيها فبعد ذلك يكون عملنا في الشُبهات الحديثية التي أوردها المجهري تخريج الأحاديث و شواهدها.
و سؤالاً نسوقه للمجهري و أتباعه من أهل الجهل بعلم الحديث : هل ترمي الإمام احمد بن حنبل بالكذب على رسول الله لروايته أحاديث عدّها الإمام ابن الجوزي في الموضوعات؟قَالَ أَحْمَدُ: إذَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ شَدَّدْنَا فِي الأَسَانِيدِ. وَإِذَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَمَا لا يَضَعُ حُكْمًا وَلا يَرْفَعُهُ تَسَاهَلْنَا فِي الأَسَانِيدِ.
رواه الخطيب بسنده في "الكفاية ص 134" ورواه النوفلي عن أحمد انظر: المسودة ص 273
قال ابن مهدي كما أخرجه البيهقي في "المَدخل": إذا رَوَيْنا عن النبي صلي الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام، شدَّدنا في الأسانيد، وانتقدنا في الرجال. وإذا روَينا في الفضائل والثواب والعقاب، سهّلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال. وقال سفيان بن عيينة: «لا تسمعوا من بَقِيّة ما كان في سُنّة، واسمعوا منه ما كان في ثواب». وقال أبو عبد الله النوفلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «إذا روينا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام، تشدّدنا في الأسانيد. وإذا روينا عن النبي صلي الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه، تساهلنا في الأسانيد». وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله يقول: «أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها، حتى يجيء شيء فيه حُكْم».وتجد غير هذه الأقوال في الكفاية في علم الرواية (1|134
وَقَالَ الْخَلاَّلُ: مَذْهَبُهُ - يَعْنِي: الإِمَامَ أَحْمَدَ - أَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعَارِضٌ قَالَ بِهِ ..المدخل إلى مذهب أحمد 97
وفي شرح الكوكب المنير (2/573) قال الخلال: " ومذهبه ــ أي الإمام أحمدــ أن الحديث الضعيف إذا لم يكن له معارض قال به ..الخ"
ذكر عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة: "إذا روينا في الحلال والحرام شدَّدنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا"
لأجوبة الفاضلة للإمام محمد عبد الحي اللكنوي، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ص36.
وثبت عن الإمام أحمد أنَّه قال : إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والاحكام تشددنا ، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد:
انظر الكفاية للخطيب البغدادي ص135- وابن رجب الحنبلي في طبقات الحنابلة1/ 95
وقال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: والذي قطع به غير واحد ممن صنف في علوم الحديث حكاية عن العلماء أنه يعمل بالحديث الضعيف في ما ليس فيه تحليل ولا تحريم كالفضائل، وعن الإمام أحمد ما يوافق هذا. ا.ه
وثبت عن الإمام عبد الرحمن بن مهدي أنَّه قال : إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد ، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الرجالانظر الجامع لأخلاق الرواي للخطيب البغدادي2/ 91)
وذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه شرح علل الترمذي م1 ص 72 طبعة دار الفلاح (( قد رخَّص كثير من الأئمة في رواية أحاديث الرقاق ونحوها عن الضعفاء ، منهم ابن مهدي ، وأحمد بن حنبل )) .
قال الحافظ ابن الصلاح في مقدمته ( ص 60 طبعة مكتبة الفارابي الطبعة الأولى 1984 م ) :( الثاني : يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما . وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك : ( عبد الرحمن بن مهدي ) و ( أحمد بن حنبل ) رضي الله عنهما .)اه
قال النووي في شرح صحيح مسلم ( 1 / 125 طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة الطبعة الثانية ، 139) :
(الرابع : أنهم قد يروون عنهم أحاديث الترغيب والترهيب ، وفضائل الأعمال ، والقصص ، وأحاديث الزهد ، ومكارم الأخلاق ، ونحو ذلك مما لا يتعلق بالحلال والحرام وسائر الأحكام ، وهذا الضرب من الحديث يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل فيه .
ورواية ما سوى الموضوع منه والعمل به ، لأن أصول ذلك صحيحة مقررة في الشرع معروفة عند أهله .) اه
وقال الامام النووي
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى ورضي عنه في كتابه (التقريب) ج1ص502 ما نصه:
(( ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ، ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف ، والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى ، والأحكام كالحلال والحرام ، ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام )). اهـ
لاحظ قوله (( والعمل به من غير بيان ضعفه )) بل وقال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في (التدريب) ج1ص503 معلقاً على هذا الكلام ما نصه:(( وممن نُقل عنه ذلك: ابن حنبل ، وابن مهدي ، وابن المبارك ، قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شدَّدنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا
وقال الإمام النووي رحمه الله في كتابه الإرشاد م1 ص270 طبعة مكتبة الإيمان المدينة المنورة (( يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الضعيف من غير اهتمام ببيان ضعفها ، ويجوز العمل بها فيما سوى صفات الله وأحكام الشرع من الحلال والحرام وغيرها ، وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وما لا تعلق له بالأحكام والعقائد ))
وقال في كتابه الأذكار ص36طبعة دار المنهاج . (( وقال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم : يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف مالم يكن موضوعاً ))
وقال حافظ بن أحمد الحكمي في اللؤلؤ المكنون في أحوال الاسانيد والمتون ( ص 229 ) ما نصه :وَقَدْ أَتَى أَوْهَى الأَسَانِيدِ بِمَا *** أَصَحُّهَا فِيمَا مَضَى تَقَدُّمَا
وَبِالضَّعِيْفِ لاَ بِتَرْكٍ وُصِفَا *** وَلاَ لِمَدْلُولِ الصَّحِيحِ قَدْ نَفَى
يُؤْخَذُ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ *** لاَ الْفَرْضِ بِالْحَرَامِ وَالْحَلاَلِ
قال الإمام الحافظ شمس الدين السخاوي في (فتح المغيث) ج1ص288 ما نصه:((وهذا التساهل والتشديد منقول عن ابن مهدي عبد الرحمن وغير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المبارك والسفيانين بحيث عقد أبو أحمد بن عدي في مقدمة كاملة، والخطيب في كفايته لذلك باباً. وقال ابن عبد البر: أحاديث الفضائل لا نحتاج فيها إلى من يحتج به، وقال الحاكم سمعت أبا زكريا الغبري يقول: الخبر إذا ورد لم يحرم حلالاً، ولم يحل حراماً، ولم يوجب حكماً، وكان في ترغيب، أو ترهيب، أغمض عنه وتسهل في رواته )). اهـ المقصود
وقال ابن الهمام في كتاب الجنائز من "فتح القدير":الاستحباب يثبت بالضعيف غير الموضوع . انتهى
قال ابن الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (2/316 - 320)، بعنوان: (ما لا يفتقر كتْبُه إلى إسناد)
«وأما أخبار الصالحين وحكايات الزهاد والمتعبدين ومواعظ البلغاء وحكم الأدباء، فالأسانيد زينة لها، وليست شرطاً في تأديتها».
وقال الحافظ العراقي في شرحه على ألفيته المسمى التبصرة والتذكرة 1/ ص291 طبعة دار الكتب العلمية ذكر العراقي تعليقا على هذين البيتين (( تقدم أنه لا يجوز ذكر الموضوع إلا مع البيان، في أي نوع كان ،وأما غير الموضوع، فجوَّزوا التساهل في إسناده وروايته من غير بيان لضعفه ،إذا كان في غير الأحكام والعقائد بل في الترغيب والترهيب من المواعظ والقصص وفضائل الأعمال ونحوهما، أما إذا كان في الأحكام الشرعية من الحلال والحرام وغيرهما، أو في العقائد كصفات الله تعالى، وما يجوز ويستحيل عليه ونحو ذلك، فلم يروا التساهل في ذلك، وممن نص على ذلك من الأئمة ،عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وقد عقد ابن عدي في مقدمة " الكامل " والخطيب في " الكفاية " بابا لذلك )) . انتهى
ونص الإمام محمد بن علان الصديقي في كتابه الفتوحات الربانية على الأذكار النووية م1 ص82 المكتبة الإسلامية
وهو شرح للأذكار النووي ، على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال .
قال الحافظ السخاوي ”وممن اختاروا ذالك أيضاً إبن عبدالسلام وإبن دقيق العيد“[القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص195)] .
قال الإمام الصنعاني ”الأحاديث الواهية جوزوا أي أئمة الحديث التساهل فيه ، وروايته من غير بيان لِضعفه إذا كان وارداً في غير الأحكام وذالك كالفضائل والقصص والوعظ وسائر فنون الترغيب والترهيب“[توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار (2/238)] .
وهكذا تجدونه في كتاب "التحفة المرضية" ص 185 - 186 ففي نفس الكتاب ص186 : " وقال السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد الكوكباني شيخ الإمام الشوكاني في بعض مؤلفاته:(( إذ قال المتأخرون من المحدثين: هذا حديث غير صحيح أو لا يصح، لم يكن معناه أن الإستدلال به مردود ولا أنه غير معمول به، بل لم نجد لهم حرفا مصرحا بذلك، فإذا قال المتأخرون في حديث : إنه غير صحيح أو لا يصح ولم يزد على ذلك، كان قوله مقبولا ثم يبحث عنه فإن كان حسنا أو ضعيفا معمولا به عمل به وإلا ترك( انتهى .
فعلم من كلامه أن الضعيف اليسير لا يكون سببا في رد الحديث بل ينبغي أن ينظر للعمل .
قال العلامة إبراهيم بن موسى الأبناسي ”الأحاديث الضعيفة التي يُحتمل صِدقها في الباطن حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب“[الشذ الفياح من علوم إبن صلاح (1/223)] .وصول الأثر (2/238) .
جاء في "شرح علل الترمذي" (1/372) للحافظ ابن رجب رحمه الله :
" يقول سفيان الثوري رحمه الله :لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان ، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ .
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي نا عبدة قال :قيل لابن المبارك - وروى عن رجل حديثاً - فقيل : هذا رجل ضعيف ! فقال : يحتمل أن يروي عنه هذا القدر أو مثل هذه الأشياء .
قلت لعبدة : مثل أي شئ كان ؟ قال : في أدب في موعظة في زهد .
وقال ابن معين في موسى بن عيينة : يُكتب من حديثه الرقاق .
وقال ابن عيينة : لا تسمعوا من بقية – اسم واحد من الرواة - ما كان في سُنَّة ، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره .
وقال أحمد في ابن إسحاق : يكتب عنه المغازي وشبهها .
وقال ابن معين في زيادٍ البكائي : لا بأس في المغازي ، وأما في غيرها فلا " انتهى.
وقال العلامة علي القاري ”الأعمال التي تثبت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعاً ، ويكون معه حديث ضعيف ففي مثل هذا يُعمل به في فضائل الأعمال ؛ لأنه ليس فيه تشريع ذالك العمل به ، وإنما فيه بيان فضل خاص يُرجى أن يناله العامل به“ [المرقاة (2/381)]
وقال العلامة حبيب الرحمن الأعظمي ”والضعيف من الحديث وإن كان قبولاً في فضائل الأعمال ، ولابأس بإيراده فيها عند العلماء“ [مقدمة مختصر الترغيب والترهيب (ص06)]
قال ابن حجر الهيثمي "الفتح المبين في شرح الأربعين" ص 32: قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ لأنه إن كان صحيحاً في نفس الأمر فقد أُعطي حقه من العمل به، وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم، ولا ضياع حق للغير.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الحديثية مطلب في الأذكار التي لها أصل في السنة كأذكار النووي وغيرها ج 1 ص 284
ولا يضر أن في بعض أحاديثها ضعفا ، لأن الحديث الضعيف والمرسل والمعضل والمنقطع يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقا بل إجماعا على ما فيه .
وفي فتاوي ابن حجر الهيثمي كتاب الحج ج 2 ص 90 :والظاهر أن المأثور عنه لا فرق فيه بين أن يصح سنده أو لا، لأن الحديث الضعيف والمرسل والمنقطع يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقاً كما في المجموع.
وقال الامام ابن حجر الهيتمي: وأُجيب على ما سبق بأن العمل بالحديث الضعيف "ليس من باب الاختراع في الشرع، وإنما هو ابتغاء فضيلة، ورجاؤها بأمارة ضعيفة من غير مفسدة عليه" راجع الأجوبة الفاضلة ص43
وَفِي "الْمُغْنِي" فِي صَلاةِ التَّسْبِيحِ: "الْفَضَائِلُ لا يُشْتَرَطُ لَهَا صِحَّةُ الْخَبَرِ"، وَاسْتَحَبَّهَا جَمَاعَةٌ لَيْلَةَ الْعِيدِ. فَدَلَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الشِّعَارِ وَغَيْرِهِ. قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ". المغني 2/ 98
وجاء في فتاوي الرملي
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ فِيهَا : فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ أَيْ إسْلَامَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ، وَأَخَّرَ وُجُوبَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ دُخُولِهَا وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ إنَّهُ كَذِبٌ ؛ لِأَنَّ تَضْعِيفَهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ
وقال بدر الدين بن جماعة في إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل( ص 45 طبعة دار الطبعة الأولى ، 1990 ، بتحقيق وهبي سليمان غاوجي الألباني ) عند كلامه عن الاعتماد على الحديث الصحيح دون الضعيف في العقائد ، ما نصه : ( قال ابن الصلاح في مقدمة في علوم الحديث : يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر مالا تعلق له بالأحكام والعقائد وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما
وقال المحقق الجلال الدواني رحمه الله تعالى في رسالته ( أنموذج العلوم ) ص2 - بعد كلام طويل - ما نصه:
(( والذي يصلح للتعويل أنه إذا وُجِدَ حديث ضعيف في فضيلة عملٍ من الأعمال ، ولم يكن هذا العمل مما يَحتمِل الحرمة أو الكراهة ، فإنه يجوز العملُ به ويُستَحَب ، لأنه مأمون الخطر ومرجوُّ النفع ، إذ هو دائر بين الإباحة والإستحباب ، فالإحتياط العمل به رجاء الثواب ... )) انتهى
قال ابن حجر العسقلاني: «إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة: الأول: وهو متفق عليه، أن يكون الضعف غير شديد. فيَخرج مَنِ انفَرَدَ من الكذّابين، والمُتّهَمين بالكذب، ومن فَحُشَ غَلَطُه. الثاني: أن يكون مُندَرِجاً تحت أصلٍ عام معمولٍ به، فيخرج ما يخترع، بحيث لا يكون له أصلٌ أصلاً. الثالث: أن لا يُعتقَدَ عند العمل به ثبوتُه، لِئَلا يُنْسَبُ ثبوته إلى النبي r ما لم يقله».
وممن نقل ذالك عن الحافظ إبن حجر العسقلاني ، الحافظ السخاوي في كتابه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص195)
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في تبيين العجب بما ورد في فضل رجب (23-26 ) :" اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف، ما لم تكن موضوعة.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في ( النكت على مقدمة ابن الصلاح ) ج1ص243 ما نصه:(( وقد صرَّح أبو الحسن ابن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في كتابه (بيان الوهم والإيهام) بأن هذا القسم - أي الضعيف أو المنقطع ... - لا يحتج به كله بل يعمل به في فضائل الأعمال ويتوقف عن العمل به في الأحكام إلا إذا كثرت طرقه أو عضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح ، أو ظاهر قرآن. - ثم قال الحافظ ابن حجر مباشرة - : وهذا حسن قوي رايق ما أظن منصفاً يأباه والله الموفق )). انتهى
قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني (1/437-438):"النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث لها".
وقال ابن عبد البر المالكي "التمهيد" 6/39: أما حديث علي فإنه يدور على دينار أبي عمرو عن ابن الحنفية وليس دينار ممن يحتج به وحديث عمرو بن شعيب ليس دون عمرو من يحتج به فيه ثم قال: وأحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به .
قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث ( 1 / 82 – 83 طبعة دار الكتب العلمية – لبنان الطبعة الأولى ، 1403هـ ) : ( أبو داود يخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وهو أقوى عنده من رأي الرجال وهو تابع في ذلك شيخه الإمام أحمد فقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه قال سمعت أبي يقول لاتكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه غل ، والحديث الضعيف أحب إلي من الرأي ، قال فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل ؟ قال : يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي .
وكذا نقل ابن المنذر أن أحمد كان يحتج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا لم يكن في الباب غيره .
وفي رواية عنه أنه قال لابنه لو أردت أن أقتصره على ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث إني لاأخالف ما يضعف إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه وذكر ابن الجوزي في الموضوعات أنه كان يقدم الضعيف على القياس بل حكى الطوفي عن النقي بن تيمية أنه قال : اعتبرت مسند أحمد فوجته مواقفا بشرط داود انتهى ) اهـ
قال الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى في: "فتح المغيث"(1/287) :"لكنه-يعني: الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه- احتج رحمه الله بالضعيف حين لم يكن في الباب غيره، وتبعه أبو داود، وقدماه على الرأي والقياس. ويقال عن أبي حنيفة أيضا ذلك. وإن الشافعي يحتج بالمرسل إذا لم يجد غيره)
قال محمد بن حزم في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام" جزء السابع صفحة 45:
"قال أبو حنيفة: الخبر الضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى من القياس، ولا يحل القياس مع وجوده"
قال الشيخ إبراهيم الشبرخيتي رحمه الله تعالى في: "شرح الأربعين النووية" (ص/39) : "ومحل كونه لايعمل بالضعيف في الأحكام مالم يكن تلقاه الناس بالقبول، فإن كان كذلك تعين وصار حجة يعمل به في الأحكام وغيرها كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى" انتهى.
قال العلامة اللكنوي رحمه الله تعالى في: "الأجوبة الفاضلة" (ص/51) : "وتبع أحمد أبو داود، وقدماه على الرأي والقياس. ويقال عن أبي حنيفة أيضا ذلك، وإن الشافعي يحتج بالمرسل إذا لم يجد غيره"انتهى.
قال الامام الدارقطني - في عادة مالك - قال في العلل ج6 صفحة 63: «ومن عادة مالك إرسال الأحاديث وإسقاط رجل» ا.هـ
ومع ضعف الحديث بإرساله أو انقطاعه فقد أخذ به مالك وأصبح دليلا قويا وحجة مقبولة عند جمهور العلماء
من أمثلة الأخذ بالحديث الضعيف في الحلا والحرام حديث: "لاوصية لوارث"
قال ابن حزم رحمه الله تعالى في: "المحلى"(3/61) :"وهذا الأثر وإن لم يكن مما يحتج بمثله فلم نجد فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره، وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله: (ضعيف الحديث أحب إلينا من الرأي). قال علي-يعني ابن حزم نفسه-: وبهذا نقول"انتهى.
يقول الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى في: "فتح المغيث"(1/287) :"وكذا إذا تلقت الأمة الضعيف بالقبول يعمل به على الصحيح حتى أنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به؛ ولهذا قال الشافعي رحمه الله في حديث: "لاوصية لوارث" : (إنه لايثبته أهل الحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية له) "انتهى.
قال محقق الحنفية الامام الكمال بن الهُمام في " فتح القدير" في آخر الفصل الأول من فصول كتاب الطلاق
( 3/143) عند قوله صلى
وليس كذلك العلم ؛ فان للحديث الضعيف مجالا شرعيا يدور فيه , وله وظيفة أساسية فى دين الله , ومن ظلم العلم والدين أن يؤخذ الحديث الضعيف بحكم الحديث المكذوب , ذلك أن الحديث الضعيف حديث أصيل , لكن لم تستكمل فيه شروط الصحة .
أى : أن فيه جانبا من الصحة , ومن بعض شروط ما يتوقف عليه قبول الحديث , لكنها غير كاملة , ولهذا عدّه العلماء من قسم المقبول , خصوصا فى فضائل الاعمال والترغيب والترهيب والمواعظ والرقائق أو فى غير الأحكام ؛ فهو ليس من قسم المرفوض على أى حال , ولهذا استحب بعض العلماء العمل به فى موضعه
بل هناك من الائمة من نص علي العمل به في الاحكام اذا كان لم يوجد غيره بحذر واحتياط كما سنوضح في هذا البحث.
فقد روي أبو الشيخ ابن حبان فى كتاب (( النوائب )) عن جابر – رضى اللّه عنه – مرفوعا :
(من بلغه عن اللّه عز وجل شيء فيه فضيلة , فأخذ به ايمانا به , ورجاء لثوابه , أعطاه اللّه ذلك , وان لم يكن كذلك (.
وهذا الحديث أصل كبير فى أحكام الحديث الضعيف لأنه لا يمكن أن يكون صادرا عن رأى , بلا سماع , بل هو دليل على أن للحديث الضعيف أصلا ووظيفة ايجابية.
كذا إذا تلقت الأمة الضعيف بالقول يعمل به على الصحيح حتى إنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به ولهذا قال الشافعي في حديثه " لاوصية لوارث" : إنه لا يثبته أهل الحديث و لكن العامة تلقته بالقول وعملوا بها حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية.
أو كان في موضع احتياط كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة فان المستحب _كما قال النووي _أن يتنزه عنه و لكن لايجب وهذا ما سنبينة في هذا اببحث المتواضع الملقتط من كلام المحدثين والعلماء بل ان لللبعض الشبهات ان الامام البخاري لم يأخذ بالضعيف فنقول لهم الادب المفرد للامام البخاري مليئ بالضعيف وأخذ به وذكلك القاضي ابن عربي نص علي انه لا يعمل بالحديث الضعيف مطلقاً ولكنه قرر في نفس الوقت الاخذ به لانه اولي من القياس والامام الاوزاعي كان يحتج بالمراسيل فمن بقي لاخواننا المعترضين وستري هذه الاقوال في طيات هذا البحث..
أولاً العمل بالحديث الضعيف
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدفاع عن مسند الامام احمد فيما عده الإمام ابن الجوزي من احاديث المسند من الموضوعات فقال الحافظ وهو يشرع في الرد علي ابن الجوزي في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد ج1/ص11
ثم نشرع الآن في الجواب عن الأحاديث التسعة التي أوردها واقتصر عليها ونجيب عنها أولا من طريق الإجمال بأن الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام والتساهل في إبرادها مع ترك البيان بحالها شائع وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا .
فالأساس عند هذا الإمام (ابن حجر) و القاعدة الأولى أن جميع الأحاديث التي رماها بالوضع الإمام ابن الجوزي و غيره هي من أحاديث فضائل الأعمال و ليست من أحاديث الأحكام في الحلال و الحرام و لا أظن المجهري يُخالفني بأن جميع ماذكره الحبيب علي الجفري ليس فيه حديثا واحدا في الأحكام بل جلّها في الفضائل و السير التي يُتساهل فيها فبعد ذلك يكون عملنا في الشُبهات الحديثية التي أوردها المجهري تخريج الأحاديث و شواهدها.
و سؤالاً نسوقه للمجهري و أتباعه من أهل الجهل بعلم الحديث : هل ترمي الإمام احمد بن حنبل بالكذب على رسول الله لروايته أحاديث عدّها الإمام ابن الجوزي في الموضوعات؟قَالَ أَحْمَدُ: إذَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ شَدَّدْنَا فِي الأَسَانِيدِ. وَإِذَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَمَا لا يَضَعُ حُكْمًا وَلا يَرْفَعُهُ تَسَاهَلْنَا فِي الأَسَانِيدِ.
رواه الخطيب بسنده في "الكفاية ص 134" ورواه النوفلي عن أحمد انظر: المسودة ص 273
قال ابن مهدي كما أخرجه البيهقي في "المَدخل": إذا رَوَيْنا عن النبي صلي الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام، شدَّدنا في الأسانيد، وانتقدنا في الرجال. وإذا روَينا في الفضائل والثواب والعقاب، سهّلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال. وقال سفيان بن عيينة: «لا تسمعوا من بَقِيّة ما كان في سُنّة، واسمعوا منه ما كان في ثواب». وقال أبو عبد الله النوفلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «إذا روينا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام، تشدّدنا في الأسانيد. وإذا روينا عن النبي صلي الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه، تساهلنا في الأسانيد». وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله يقول: «أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها، حتى يجيء شيء فيه حُكْم».وتجد غير هذه الأقوال في الكفاية في علم الرواية (1|134
وَقَالَ الْخَلاَّلُ: مَذْهَبُهُ - يَعْنِي: الإِمَامَ أَحْمَدَ - أَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعَارِضٌ قَالَ بِهِ ..المدخل إلى مذهب أحمد 97
وفي شرح الكوكب المنير (2/573) قال الخلال: " ومذهبه ــ أي الإمام أحمدــ أن الحديث الضعيف إذا لم يكن له معارض قال به ..الخ"
ذكر عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة: "إذا روينا في الحلال والحرام شدَّدنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا"
لأجوبة الفاضلة للإمام محمد عبد الحي اللكنوي، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ص36.
وثبت عن الإمام أحمد أنَّه قال : إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والاحكام تشددنا ، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد:
انظر الكفاية للخطيب البغدادي ص135- وابن رجب الحنبلي في طبقات الحنابلة1/ 95
وقال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: والذي قطع به غير واحد ممن صنف في علوم الحديث حكاية عن العلماء أنه يعمل بالحديث الضعيف في ما ليس فيه تحليل ولا تحريم كالفضائل، وعن الإمام أحمد ما يوافق هذا. ا.ه
وثبت عن الإمام عبد الرحمن بن مهدي أنَّه قال : إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد ، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الرجالانظر الجامع لأخلاق الرواي للخطيب البغدادي2/ 91)
وذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه شرح علل الترمذي م1 ص 72 طبعة دار الفلاح (( قد رخَّص كثير من الأئمة في رواية أحاديث الرقاق ونحوها عن الضعفاء ، منهم ابن مهدي ، وأحمد بن حنبل )) .
قال الحافظ ابن الصلاح في مقدمته ( ص 60 طبعة مكتبة الفارابي الطبعة الأولى 1984 م ) :( الثاني : يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما . وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك : ( عبد الرحمن بن مهدي ) و ( أحمد بن حنبل ) رضي الله عنهما .)اه
قال النووي في شرح صحيح مسلم ( 1 / 125 طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة الطبعة الثانية ، 139) :
(الرابع : أنهم قد يروون عنهم أحاديث الترغيب والترهيب ، وفضائل الأعمال ، والقصص ، وأحاديث الزهد ، ومكارم الأخلاق ، ونحو ذلك مما لا يتعلق بالحلال والحرام وسائر الأحكام ، وهذا الضرب من الحديث يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل فيه .
ورواية ما سوى الموضوع منه والعمل به ، لأن أصول ذلك صحيحة مقررة في الشرع معروفة عند أهله .) اه
وقال الامام النووي
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى ورضي عنه في كتابه (التقريب) ج1ص502 ما نصه:
(( ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ، ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف ، والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى ، والأحكام كالحلال والحرام ، ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام )). اهـ
لاحظ قوله (( والعمل به من غير بيان ضعفه )) بل وقال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في (التدريب) ج1ص503 معلقاً على هذا الكلام ما نصه:(( وممن نُقل عنه ذلك: ابن حنبل ، وابن مهدي ، وابن المبارك ، قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شدَّدنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا
وقال الإمام النووي رحمه الله في كتابه الإرشاد م1 ص270 طبعة مكتبة الإيمان المدينة المنورة (( يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الضعيف من غير اهتمام ببيان ضعفها ، ويجوز العمل بها فيما سوى صفات الله وأحكام الشرع من الحلال والحرام وغيرها ، وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وما لا تعلق له بالأحكام والعقائد ))
وقال في كتابه الأذكار ص36طبعة دار المنهاج . (( وقال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم : يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف مالم يكن موضوعاً ))
وقال حافظ بن أحمد الحكمي في اللؤلؤ المكنون في أحوال الاسانيد والمتون ( ص 229 ) ما نصه :وَقَدْ أَتَى أَوْهَى الأَسَانِيدِ بِمَا *** أَصَحُّهَا فِيمَا مَضَى تَقَدُّمَا
وَبِالضَّعِيْفِ لاَ بِتَرْكٍ وُصِفَا *** وَلاَ لِمَدْلُولِ الصَّحِيحِ قَدْ نَفَى
يُؤْخَذُ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ *** لاَ الْفَرْضِ بِالْحَرَامِ وَالْحَلاَلِ
قال الإمام الحافظ شمس الدين السخاوي في (فتح المغيث) ج1ص288 ما نصه:((وهذا التساهل والتشديد منقول عن ابن مهدي عبد الرحمن وغير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المبارك والسفيانين بحيث عقد أبو أحمد بن عدي في مقدمة كاملة، والخطيب في كفايته لذلك باباً. وقال ابن عبد البر: أحاديث الفضائل لا نحتاج فيها إلى من يحتج به، وقال الحاكم سمعت أبا زكريا الغبري يقول: الخبر إذا ورد لم يحرم حلالاً، ولم يحل حراماً، ولم يوجب حكماً، وكان في ترغيب، أو ترهيب، أغمض عنه وتسهل في رواته )). اهـ المقصود
وقال ابن الهمام في كتاب الجنائز من "فتح القدير":الاستحباب يثبت بالضعيف غير الموضوع . انتهى
قال ابن الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (2/316 - 320)، بعنوان: (ما لا يفتقر كتْبُه إلى إسناد)
«وأما أخبار الصالحين وحكايات الزهاد والمتعبدين ومواعظ البلغاء وحكم الأدباء، فالأسانيد زينة لها، وليست شرطاً في تأديتها».
وقال الحافظ العراقي في شرحه على ألفيته المسمى التبصرة والتذكرة 1/ ص291 طبعة دار الكتب العلمية ذكر العراقي تعليقا على هذين البيتين (( تقدم أنه لا يجوز ذكر الموضوع إلا مع البيان، في أي نوع كان ،وأما غير الموضوع، فجوَّزوا التساهل في إسناده وروايته من غير بيان لضعفه ،إذا كان في غير الأحكام والعقائد بل في الترغيب والترهيب من المواعظ والقصص وفضائل الأعمال ونحوهما، أما إذا كان في الأحكام الشرعية من الحلال والحرام وغيرهما، أو في العقائد كصفات الله تعالى، وما يجوز ويستحيل عليه ونحو ذلك، فلم يروا التساهل في ذلك، وممن نص على ذلك من الأئمة ،عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وقد عقد ابن عدي في مقدمة " الكامل " والخطيب في " الكفاية " بابا لذلك )) . انتهى
ونص الإمام محمد بن علان الصديقي في كتابه الفتوحات الربانية على الأذكار النووية م1 ص82 المكتبة الإسلامية
وهو شرح للأذكار النووي ، على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال .
قال الحافظ السخاوي ”وممن اختاروا ذالك أيضاً إبن عبدالسلام وإبن دقيق العيد“[القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص195)] .
قال الإمام الصنعاني ”الأحاديث الواهية جوزوا أي أئمة الحديث التساهل فيه ، وروايته من غير بيان لِضعفه إذا كان وارداً في غير الأحكام وذالك كالفضائل والقصص والوعظ وسائر فنون الترغيب والترهيب“[توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار (2/238)] .
وهكذا تجدونه في كتاب "التحفة المرضية" ص 185 - 186 ففي نفس الكتاب ص186 : " وقال السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد الكوكباني شيخ الإمام الشوكاني في بعض مؤلفاته:(( إذ قال المتأخرون من المحدثين: هذا حديث غير صحيح أو لا يصح، لم يكن معناه أن الإستدلال به مردود ولا أنه غير معمول به، بل لم نجد لهم حرفا مصرحا بذلك، فإذا قال المتأخرون في حديث : إنه غير صحيح أو لا يصح ولم يزد على ذلك، كان قوله مقبولا ثم يبحث عنه فإن كان حسنا أو ضعيفا معمولا به عمل به وإلا ترك( انتهى .
فعلم من كلامه أن الضعيف اليسير لا يكون سببا في رد الحديث بل ينبغي أن ينظر للعمل .
قال العلامة إبراهيم بن موسى الأبناسي ”الأحاديث الضعيفة التي يُحتمل صِدقها في الباطن حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب“[الشذ الفياح من علوم إبن صلاح (1/223)] .وصول الأثر (2/238) .
جاء في "شرح علل الترمذي" (1/372) للحافظ ابن رجب رحمه الله :
" يقول سفيان الثوري رحمه الله :لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان ، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ .
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي نا عبدة قال :قيل لابن المبارك - وروى عن رجل حديثاً - فقيل : هذا رجل ضعيف ! فقال : يحتمل أن يروي عنه هذا القدر أو مثل هذه الأشياء .
قلت لعبدة : مثل أي شئ كان ؟ قال : في أدب في موعظة في زهد .
وقال ابن معين في موسى بن عيينة : يُكتب من حديثه الرقاق .
وقال ابن عيينة : لا تسمعوا من بقية – اسم واحد من الرواة - ما كان في سُنَّة ، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره .
وقال أحمد في ابن إسحاق : يكتب عنه المغازي وشبهها .
وقال ابن معين في زيادٍ البكائي : لا بأس في المغازي ، وأما في غيرها فلا " انتهى.
وقال العلامة علي القاري ”الأعمال التي تثبت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعاً ، ويكون معه حديث ضعيف ففي مثل هذا يُعمل به في فضائل الأعمال ؛ لأنه ليس فيه تشريع ذالك العمل به ، وإنما فيه بيان فضل خاص يُرجى أن يناله العامل به“ [المرقاة (2/381)]
وقال العلامة حبيب الرحمن الأعظمي ”والضعيف من الحديث وإن كان قبولاً في فضائل الأعمال ، ولابأس بإيراده فيها عند العلماء“ [مقدمة مختصر الترغيب والترهيب (ص06)]
قال ابن حجر الهيثمي "الفتح المبين في شرح الأربعين" ص 32: قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ لأنه إن كان صحيحاً في نفس الأمر فقد أُعطي حقه من العمل به، وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم، ولا ضياع حق للغير.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الحديثية مطلب في الأذكار التي لها أصل في السنة كأذكار النووي وغيرها ج 1 ص 284
ولا يضر أن في بعض أحاديثها ضعفا ، لأن الحديث الضعيف والمرسل والمعضل والمنقطع يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقا بل إجماعا على ما فيه .
وفي فتاوي ابن حجر الهيثمي كتاب الحج ج 2 ص 90 :والظاهر أن المأثور عنه لا فرق فيه بين أن يصح سنده أو لا، لأن الحديث الضعيف والمرسل والمنقطع يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقاً كما في المجموع.
وقال الامام ابن حجر الهيتمي: وأُجيب على ما سبق بأن العمل بالحديث الضعيف "ليس من باب الاختراع في الشرع، وإنما هو ابتغاء فضيلة، ورجاؤها بأمارة ضعيفة من غير مفسدة عليه" راجع الأجوبة الفاضلة ص43
وَفِي "الْمُغْنِي" فِي صَلاةِ التَّسْبِيحِ: "الْفَضَائِلُ لا يُشْتَرَطُ لَهَا صِحَّةُ الْخَبَرِ"، وَاسْتَحَبَّهَا جَمَاعَةٌ لَيْلَةَ الْعِيدِ. فَدَلَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الشِّعَارِ وَغَيْرِهِ. قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ". المغني 2/ 98
وجاء في فتاوي الرملي
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ فِيهَا : فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ أَيْ إسْلَامَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ، وَأَخَّرَ وُجُوبَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ دُخُولِهَا وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ إنَّهُ كَذِبٌ ؛ لِأَنَّ تَضْعِيفَهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ
وقال بدر الدين بن جماعة في إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل( ص 45 طبعة دار الطبعة الأولى ، 1990 ، بتحقيق وهبي سليمان غاوجي الألباني ) عند كلامه عن الاعتماد على الحديث الصحيح دون الضعيف في العقائد ، ما نصه : ( قال ابن الصلاح في مقدمة في علوم الحديث : يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر مالا تعلق له بالأحكام والعقائد وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما
وقال المحقق الجلال الدواني رحمه الله تعالى في رسالته ( أنموذج العلوم ) ص2 - بعد كلام طويل - ما نصه:
(( والذي يصلح للتعويل أنه إذا وُجِدَ حديث ضعيف في فضيلة عملٍ من الأعمال ، ولم يكن هذا العمل مما يَحتمِل الحرمة أو الكراهة ، فإنه يجوز العملُ به ويُستَحَب ، لأنه مأمون الخطر ومرجوُّ النفع ، إذ هو دائر بين الإباحة والإستحباب ، فالإحتياط العمل به رجاء الثواب ... )) انتهى
قال ابن حجر العسقلاني: «إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة: الأول: وهو متفق عليه، أن يكون الضعف غير شديد. فيَخرج مَنِ انفَرَدَ من الكذّابين، والمُتّهَمين بالكذب، ومن فَحُشَ غَلَطُه. الثاني: أن يكون مُندَرِجاً تحت أصلٍ عام معمولٍ به، فيخرج ما يخترع، بحيث لا يكون له أصلٌ أصلاً. الثالث: أن لا يُعتقَدَ عند العمل به ثبوتُه، لِئَلا يُنْسَبُ ثبوته إلى النبي r ما لم يقله».
وممن نقل ذالك عن الحافظ إبن حجر العسقلاني ، الحافظ السخاوي في كتابه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص195)
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في تبيين العجب بما ورد في فضل رجب (23-26 ) :" اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف، ما لم تكن موضوعة.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في ( النكت على مقدمة ابن الصلاح ) ج1ص243 ما نصه:(( وقد صرَّح أبو الحسن ابن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في كتابه (بيان الوهم والإيهام) بأن هذا القسم - أي الضعيف أو المنقطع ... - لا يحتج به كله بل يعمل به في فضائل الأعمال ويتوقف عن العمل به في الأحكام إلا إذا كثرت طرقه أو عضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح ، أو ظاهر قرآن. - ثم قال الحافظ ابن حجر مباشرة - : وهذا حسن قوي رايق ما أظن منصفاً يأباه والله الموفق )). انتهى
قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني (1/437-438):"النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث لها".
وقال ابن عبد البر المالكي "التمهيد" 6/39: أما حديث علي فإنه يدور على دينار أبي عمرو عن ابن الحنفية وليس دينار ممن يحتج به وحديث عمرو بن شعيب ليس دون عمرو من يحتج به فيه ثم قال: وأحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به .
قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث ( 1 / 82 – 83 طبعة دار الكتب العلمية – لبنان الطبعة الأولى ، 1403هـ ) : ( أبو داود يخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وهو أقوى عنده من رأي الرجال وهو تابع في ذلك شيخه الإمام أحمد فقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه قال سمعت أبي يقول لاتكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه غل ، والحديث الضعيف أحب إلي من الرأي ، قال فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل ؟ قال : يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي .
وكذا نقل ابن المنذر أن أحمد كان يحتج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا لم يكن في الباب غيره .
وفي رواية عنه أنه قال لابنه لو أردت أن أقتصره على ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث إني لاأخالف ما يضعف إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه وذكر ابن الجوزي في الموضوعات أنه كان يقدم الضعيف على القياس بل حكى الطوفي عن النقي بن تيمية أنه قال : اعتبرت مسند أحمد فوجته مواقفا بشرط داود انتهى ) اهـ
قال الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى في: "فتح المغيث"(1/287) :"لكنه-يعني: الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه- احتج رحمه الله بالضعيف حين لم يكن في الباب غيره، وتبعه أبو داود، وقدماه على الرأي والقياس. ويقال عن أبي حنيفة أيضا ذلك. وإن الشافعي يحتج بالمرسل إذا لم يجد غيره)
قال محمد بن حزم في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام" جزء السابع صفحة 45:
"قال أبو حنيفة: الخبر الضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى من القياس، ولا يحل القياس مع وجوده"
قال الشيخ إبراهيم الشبرخيتي رحمه الله تعالى في: "شرح الأربعين النووية" (ص/39) : "ومحل كونه لايعمل بالضعيف في الأحكام مالم يكن تلقاه الناس بالقبول، فإن كان كذلك تعين وصار حجة يعمل به في الأحكام وغيرها كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى" انتهى.
قال العلامة اللكنوي رحمه الله تعالى في: "الأجوبة الفاضلة" (ص/51) : "وتبع أحمد أبو داود، وقدماه على الرأي والقياس. ويقال عن أبي حنيفة أيضا ذلك، وإن الشافعي يحتج بالمرسل إذا لم يجد غيره"انتهى.
قال الامام الدارقطني - في عادة مالك - قال في العلل ج6 صفحة 63: «ومن عادة مالك إرسال الأحاديث وإسقاط رجل» ا.هـ
ومع ضعف الحديث بإرساله أو انقطاعه فقد أخذ به مالك وأصبح دليلا قويا وحجة مقبولة عند جمهور العلماء
من أمثلة الأخذ بالحديث الضعيف في الحلا والحرام حديث: "لاوصية لوارث"
قال ابن حزم رحمه الله تعالى في: "المحلى"(3/61) :"وهذا الأثر وإن لم يكن مما يحتج بمثله فلم نجد فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره، وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله: (ضعيف الحديث أحب إلينا من الرأي). قال علي-يعني ابن حزم نفسه-: وبهذا نقول"انتهى.
يقول الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى في: "فتح المغيث"(1/287) :"وكذا إذا تلقت الأمة الضعيف بالقبول يعمل به على الصحيح حتى أنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به؛ ولهذا قال الشافعي رحمه الله في حديث: "لاوصية لوارث" : (إنه لايثبته أهل الحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية له) "انتهى.
قال محقق الحنفية الامام الكمال بن الهُمام في " فتح القدير" في آخر الفصل الأول من فصول كتاب الطلاق
( 3/143) عند قوله صلى
الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الاعمال
ردحذفقال السيوطي في التدريب
وكذا ما تشك في صحته ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى والأحكام كالحلال والحرام ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام بعضهم ( وكذا ) تقول في ( ما تشك في صحته ) وضعفه أما الصحيح فاذكره بصيغة الجزم ويقبح فيه صيغة التمريض كما يقبح في الضعيف صيغة الجزم ( ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ) الضعيفة ( ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى ) وما يجوز ويستحيل عليه وتفسير كلامه ( والأحكام كالحلال والحرام و ) غيرهما وذلك كالقصص وفضائل الأعمال والمواعظ وغيرها ( مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام ) ومن نقل عنه ذلك ابن حنبل وابن مهدي وابن المبارك قالوا إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا تنبيه لم يذكر ابن الصلاح والمصنف هنا وفي سائر كتبه لما ذكر سوى هذا الشرط وهو كونه في الفضائل ونحوها وذكر شيخ الإسلام له ثلاثة شروط أحدها أن يكون الضعف غير شديد فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه نقل العلائي الاتفاق عليه الثاني أن يندرج تحت اصل معمول به الثالث أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط وقال هذان ذكرهما ابن عبد السلام وابن دقيق العيد وقيل لا يجوز العمل به مطلقا قاله أبو بكر بن العربي وقيل يعمل به مطلقا وتقدم عزو ذلك إلى ابي داود وأحمد وانهما يريان ذلك أقوى من رأي الرجال وعبارة الزركشي الضعيف مردود ما لم يقتض ترغيبا أو ترهيبا أو تتعدد طرقه ولم يكن المتابع منحطا عنه وقيل لا يقبل مطلقا وقيل يقبل إن شهد له أصل واندرج تحت عموم انتهى ويعمل بالضعيف ايضا في الأحكام إذا كان فيه احتياط
اشتهر بين كثير من أهل العلم وطلابه أن الحديث الضعيف يجوز العمل به في فضائل الأعمال وقد نقل النووي رحمه الله الاتفاق عليه في أكثر من كتاب من كتبه ، وحمله الشيخ علي القاري على الأعمال التي ثبتت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعا ويكون معه حديث ضعيف يسمى أجرا خاصا لمن عمل به ففي مثل هذا يعمل به في فضائل الأعمال لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ، قال الشيخ علي القاري في "المرقاة" 2 / 381: "قوله: إن الحديث الضعيف يعمل به في الفضائل وإن لم يعتضد إجماعا كما قاله النووي محله الفضائل الثابتة من كتاب أو سنة".
ردحذفوقال العلامة علي القاري ”الأعمال التي تثبت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعاً ، ويكون معه حديث ضعيف ففي مثل هذا يُعمل به في فضائل الأعمال ؛ لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ، وإنما فيه بيان فضل خاص يُرجى أن يناله العامل به“ [المرقاة (2/381)] .
ومما يؤكد ذلك ماقاله الإمام النووي في (خلاصة الأحكام):
(( وأمرنا الله سبحانه وتعالى عند التنازع بالرجوع إلى الله والرسول، أي الكتاب والسنة، وهذا كله في سنة صحت، أما ما لم تصح فكيف تكون سنة وكيف يحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قاله أو فعله من غير مسوغ لذلك، ولا تغترن بكثرة المتساهلين في العمل والاحتجاج في الأحكام بالأحاديث الضعيفة وإن كانوا مصنفين وأئمة في الفقه وغيره وقد أكثروا من ذلك في كتبهم ولو سئلوا عن ذلك لأجابوا بأنه لا يعتمد في ذلك الضعيف، وإنما أباح العلماء العمل بالضعيف في القصص وفضائل الأعمال التي ليست فيها مخالفة لما تقرر في أصول الشرع مثل فضل التسبيح وسائر الأذكار والحث على مكارم الأخلاق والزهد في الدنيا وغير ذلك مما أصوله معلومة مقررة )). خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام للإمام النووي
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ”ولا فرق في العمل بالحديث الضعيف في الأحكام أو الفضائل إذ الكُّل شُرع“ [تبين العجب (ص04)]
وقال الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب" ص 3 - 4: "اشتهر أن أهل العلم يتساهلون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة وينبغي مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا وأن لا يشهر ذلك لئلا يعمل المرء بحديث ضيف فيشرع ما ليس بشرع أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ”تجوز رواية الحديث الضعيف إن كان بهذا الشرطين : ألا يكون فيه حكم ، وأن تشهد له الأصول“ [الإصابة في تميز الصحابة (5/690)] .
وقال العلامة علي القاري ”الأعمال التي تثبت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعاً ، ويكون معه حديث ضعيف ففي مثل هذا يُعمل به في فضائل الأعمال ؛ لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ، وإنما فيه بيان فضل خاص يُرجى أن يناله العامل به“ [المرقاة (2/381)] .
وقال الإمام ابن دقيق العيد الشافعي رحمه الله "وَهَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ . الْأُولَى : أَنَّا حَيْثُ قُلْنَا فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ : إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْعُمُومَاتِ ، فَشَرْطُهُ : أَنْ لَا يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ مِثَالُهُ : الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ : لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْحَدِيثُ ، وَلَا حَسُنَ . فَمَنْ أَرَادَ فِعْلَهَا - إدْرَاجًا لَهَا تَحْتَ الْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحَاتِ - لَمْ يَسْتَقِمْ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى أَنْ تُخَصَّ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ " وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ الْعُمُومِيَّاتِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضِيلَةِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ . الثَّانِي : أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ الَّذِي قُلْنَاهُ - مِنْ جَوَازِ إدْرَاجِهِ تَحْتَ الْعُمُومَاتِ - نُرِيدُ بِهِ فِي الْفِعْلِ ، لَا فِي الْحُكْمِ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَخْصُوصِ بِهَيْئَتِهِ الْخَاصَّةِ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِاسْتِحْبَابِهِ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ الْخَاصَّةِ : يَحْتَاجُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَعَلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْخَيْرَاتِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَلَا بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ . فَهَذَا هُوَ الَّذِي قُلْنَا بِاحْتِمَالِهِ " .
أحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد باب فضل صلاة الجماعة/شرح حديث السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ