بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
من بدع الوهابية تحريمهم الصلاة في مسجد فيه قبر واحتجوا بحديث البخاري لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد وفيه قول عائشة ولولا ذلك لابرزوا قبره
تعني قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فالجواب عن احتجاجهم بهذا الحديث ان الحديث محمول على من يقصد الصلاة الى القبر ( اي بترك القبلة ويتوجه في صلاته للقبر - وهذا لا يقوم به مسلم ولله الحمد ) لتعظيمه وهذا يتصور ان كان بارزا غير مستور والا فلا حرمه وذلك بان لا يقصد المصلي الصلاة اليه لتعظيمه او يكون مستورا فانه ان لم يكن بارزا لا يقصد الصلاة اليه
اما مجرد وجود قبر في مسجد لم يقصده المصلي بالصلاة اليه فلا ينطبق عليه الحديث المذكور ولذلك نصت الحنابلة على ان الصلاة في مقبرة مكروهة ولا تحرم
والوهابية يدعون انهم حنابلة وما اكثر ما يخالفون الامام احمد بن حنبل في الاصول والفروع
ويكفي في عدم حرمة الصلاة في مسجد فيه قبر قول عائشة ولولا ذلك لابرزوا ولم يخالف في ذلك احد من السلف او الخلف ولذلك يصلون في مسجد الرسول في الجهات الاربع غربي القبر وامامه وشرقيه وشماليه
فمن صلى شمالي القبر يكون متوجها الى القبر لكن الحرمة والكراهية انتفت لان القبر مستورا
فالوهابية في تحريمهم المطلق خالفوا اجماع المسلمين فيكونون ضللوا الامة
وقد قال القاضي عياض وغيره من قال قولا يؤدي الى تضليل الامة فهو مجمع على كفره فليعرفوا ما يؤدي اليه كلامهم
ومما يدل على عدم التحريم والكراهية اذا لم يكن بارزا ما ورد باسناد صحيح ان مسجد الخيف قـُـبـِـر فيه سبعون نبيا حتى ان قبر ادم على قول هنالك قرب المسجد وهو مسجد كان يُصلى فيه زمن الرسول عليه السلام الى وقتنا هذا ، وهذا الحديث اورده الحافظ في المطالب العالية وقال الحافظ البوصيري اسناده صحيح
واما حديث لا تصلوا الى القبور فليس فيه دلالة على التحريم بل هو محمول على اختلاف احوال القبر على التفصيل السابق
قال الشيخ البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الايرادات ما نصه :
( وتكره ) الصلاة ( اليها) اي القبور لحديث ابي مرشد الغنوي مرفوعا ( لا تصلوا الى القبور ولا تجلسوا عليها . رواه الشيخان ( بلا حائل ) فاذا كان حائل لم تكره الصلاة ( ولو ) كان ( كمؤخرة رحل )
ثم ان الصلاة في المساجد التي يوجد بها قبور صلاة جائزة وصحيحة متى استوفت شروطها وأركانها المقررة شرعًا ، لأن الصلاة لله تعالى وليست لصاحب القبر أو الضريح ، ولا يمكن أبدًا القول ببطلان الصلاة أو حرمتها في المساجد التي تضم الأضرحة والقبور وإلا لوجب القول ببطلان صلاة المسلمين وحرمتها في المسجد النبوي الشريف ، لأنه يضم قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر رضي الله عنهما بل وقبر الشيخ أبي شجاع الأصفهاني الشافعي رحمه الله صاحب المتن المشهور في فقه الشافعية حيث دفن بالجوار النبوي الشريف في القرن السادس الهجري .
ولما مات الصحابي أبو بصير بنى أبو جندل على قبره مسجدًا "بِجُدَّةِ البحر" بحضور ثلاثمائة من الصحابة – كما رواه موسى بن عقبة في "مغازيه" عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المِسْوَر بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهم ، وهذا إسناد صحيح كله أئمة ثقات – وأقر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ولم يأمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه ، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين جيلاً بعد جيل وخلفًا عن سلفٍ من غير نكير ، قال العلامة ابن حجر الهيتمي : " وهذا إجماع فعلي وهو حجة كما تقرر في الأصول " اهـ .
وأما حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ »
فالمساجد في اللغة : جمع مَسْجِد ، والمعنى في الحديث : السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان – كما فسرته الرواية الصحيحة الأخرى للحديث عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ : « اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِى وَثَنًا ؛ لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » فجملة « لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا.. » بيان لمعنى جَعْلِ القبر وثنًا
والمعنى : اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُسْجَدُ له ويُعْبَدُ كما سجد قوم لقبور أنبيائهم .
قال الإمام البيضاوي : " لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيمًا لشأنهم ، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها واتخذوها أوثانًا لعنهم اللهُ ومنع المسلمين من مثل ذلك ، فأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالحٍ وقصد التبرُّك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد " ا هـ .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : « فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَبْرُ سَبْعِيْنَ نَبِيًّا » أخرجه البزار والطبراني في المعجم الكبير وقال الحافظ ابن حجر في مختصر زوائد البزار : هو إسناد صحيح ، وقد ثبت في الآثار أن سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر رضي الله عنها قد دفنا في الحجر في البيت الحرام وهذا هو الذي ذكره ثقات المؤرخين واعتمده علماء السير .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
من بدع الوهابية تحريمهم الصلاة في مسجد فيه قبر واحتجوا بحديث البخاري لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد وفيه قول عائشة ولولا ذلك لابرزوا قبره
تعني قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فالجواب عن احتجاجهم بهذا الحديث ان الحديث محمول على من يقصد الصلاة الى القبر ( اي بترك القبلة ويتوجه في صلاته للقبر - وهذا لا يقوم به مسلم ولله الحمد ) لتعظيمه وهذا يتصور ان كان بارزا غير مستور والا فلا حرمه وذلك بان لا يقصد المصلي الصلاة اليه لتعظيمه او يكون مستورا فانه ان لم يكن بارزا لا يقصد الصلاة اليه
اما مجرد وجود قبر في مسجد لم يقصده المصلي بالصلاة اليه فلا ينطبق عليه الحديث المذكور ولذلك نصت الحنابلة على ان الصلاة في مقبرة مكروهة ولا تحرم
والوهابية يدعون انهم حنابلة وما اكثر ما يخالفون الامام احمد بن حنبل في الاصول والفروع
ويكفي في عدم حرمة الصلاة في مسجد فيه قبر قول عائشة ولولا ذلك لابرزوا ولم يخالف في ذلك احد من السلف او الخلف ولذلك يصلون في مسجد الرسول في الجهات الاربع غربي القبر وامامه وشرقيه وشماليه
فمن صلى شمالي القبر يكون متوجها الى القبر لكن الحرمة والكراهية انتفت لان القبر مستورا
فالوهابية في تحريمهم المطلق خالفوا اجماع المسلمين فيكونون ضللوا الامة
وقد قال القاضي عياض وغيره من قال قولا يؤدي الى تضليل الامة فهو مجمع على كفره فليعرفوا ما يؤدي اليه كلامهم
ومما يدل على عدم التحريم والكراهية اذا لم يكن بارزا ما ورد باسناد صحيح ان مسجد الخيف قـُـبـِـر فيه سبعون نبيا حتى ان قبر ادم على قول هنالك قرب المسجد وهو مسجد كان يُصلى فيه زمن الرسول عليه السلام الى وقتنا هذا ، وهذا الحديث اورده الحافظ في المطالب العالية وقال الحافظ البوصيري اسناده صحيح
واما حديث لا تصلوا الى القبور فليس فيه دلالة على التحريم بل هو محمول على اختلاف احوال القبر على التفصيل السابق
قال الشيخ البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الايرادات ما نصه :
( وتكره ) الصلاة ( اليها) اي القبور لحديث ابي مرشد الغنوي مرفوعا ( لا تصلوا الى القبور ولا تجلسوا عليها . رواه الشيخان ( بلا حائل ) فاذا كان حائل لم تكره الصلاة ( ولو ) كان ( كمؤخرة رحل )
ثم ان الصلاة في المساجد التي يوجد بها قبور صلاة جائزة وصحيحة متى استوفت شروطها وأركانها المقررة شرعًا ، لأن الصلاة لله تعالى وليست لصاحب القبر أو الضريح ، ولا يمكن أبدًا القول ببطلان الصلاة أو حرمتها في المساجد التي تضم الأضرحة والقبور وإلا لوجب القول ببطلان صلاة المسلمين وحرمتها في المسجد النبوي الشريف ، لأنه يضم قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر رضي الله عنهما بل وقبر الشيخ أبي شجاع الأصفهاني الشافعي رحمه الله صاحب المتن المشهور في فقه الشافعية حيث دفن بالجوار النبوي الشريف في القرن السادس الهجري .
ولما مات الصحابي أبو بصير بنى أبو جندل على قبره مسجدًا "بِجُدَّةِ البحر" بحضور ثلاثمائة من الصحابة – كما رواه موسى بن عقبة في "مغازيه" عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المِسْوَر بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهم ، وهذا إسناد صحيح كله أئمة ثقات – وأقر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ولم يأمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه ، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين جيلاً بعد جيل وخلفًا عن سلفٍ من غير نكير ، قال العلامة ابن حجر الهيتمي : " وهذا إجماع فعلي وهو حجة كما تقرر في الأصول " اهـ .
وأما حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ »
فالمساجد في اللغة : جمع مَسْجِد ، والمعنى في الحديث : السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان – كما فسرته الرواية الصحيحة الأخرى للحديث عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ : « اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِى وَثَنًا ؛ لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » فجملة « لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا.. » بيان لمعنى جَعْلِ القبر وثنًا
والمعنى : اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُسْجَدُ له ويُعْبَدُ كما سجد قوم لقبور أنبيائهم .
قال الإمام البيضاوي : " لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيمًا لشأنهم ، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها واتخذوها أوثانًا لعنهم اللهُ ومنع المسلمين من مثل ذلك ، فأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالحٍ وقصد التبرُّك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد " ا هـ .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : « فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَبْرُ سَبْعِيْنَ نَبِيًّا » أخرجه البزار والطبراني في المعجم الكبير وقال الحافظ ابن حجر في مختصر زوائد البزار : هو إسناد صحيح ، وقد ثبت في الآثار أن سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر رضي الله عنها قد دفنا في الحجر في البيت الحرام وهذا هو الذي ذكره ثقات المؤرخين واعتمده علماء السير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق