بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 يناير 2019

بعض الناس يقول: (الدين المعاملة)

بعض الناس يقول: (الدين المعاملة)
هذا ليس حديثا وليس قولا صحيحًا.ولا يجوز قوله فمن لا يتفقه في دين الله تعالى لا تستقيم أموره بل إنه يتصور مفاهيم خاطئة فيظنها مفاهيم راقية كقول بعضهم: "الدين المعاملة".
هذه عبارة فاسدة ومن فهم منها أن الكافر غير المسلم إن كانت معاملته حسـنة مع الناس فهو من أهل النجاة في الآخـرة فقد كذّب القرءان الكريم.
فإن الله تعالى يقول: {ومن لم يُؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنـا للكافرين سعـيرا}.
وقال الله تعالى: (قُل هَل نُنَبِئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَيَاةَ الدُّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِم وَلِقَآئِهِ فَحَبِطَت أَعمَالُهُم فَلاَ نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيَامَةِ وَزنًا) الكهف / 103 – 105.
فالكافر يُجازى على أعماله الحسنة في الدنيا أما في الآخـرة فليس له شىء من رحمة الله.
رجل كان يقال له عبد الله بن جُدعان من عشيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كان يَقري الضيف ويغيث الملهوفين ويصل الرحم، حتى إنه كان يعمل الطعام ويضعه أمام بيته على الشارع حتى يأكل منه المسافرون من دون أن ينزلوا، الراكب من دون أن ينزل يأكل ويمضي، جعل الطعام على جفانٍ عاليةٍ. عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابن عمي (قالت: ابن عمي، لأنه من عشيرتها) عبد الله بن جُدعان كان يَقري الضيف ويصل الرحم ويفعل ويفعل، فهل ينفعه ذلك، قال: "لا، إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين"،
معناه ما كان يؤمن بالآخرة، كان يعبد الوثن. عرب الجاهلية كانوا يقولون: الإنسان متى ما مات وصار ترابًا لا عودة له، ينكرون البعث. الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين"، معناه ما كان يؤمن بالآخرة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأما الكافر فيـُطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له منها نصـيـب" رواه أحمد ومسلم وابن حبان.
وقـال الله تعالى: {ورحمتي وسعـت كل شىء فـسـأكتـُبها للذين يتقون}.
أي أن رحمة الله تعالى وسعت في الدنيا المؤمن والكافر، أما في الآخرة فرحمة الله تعالى خاصة بالمؤمنين الذين تجنبوا سائر أنواع الكفر.
وأما من لم يفهم من هذه العبارة إلا أن حـُسـن المعاملة يدل على حـُسـن دين الـشـخص المسلم فإن هـذا الفهم ليس فيه تكذيب للدين ولكن يجب أن ننهاه عن قول ذلك.
والذى ورد في الحديـث الصحيح: "الدين النصيحة" وليس الدين المعاملة.
وهناك حديث صحيح في البخاري يبين مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" المعنى أن الإسلام لا يزيد الرجل إلا خيرًا، فمن كان قبل إسلامه على حالة حسنة من حيث المعاملة للناس فهذا إذا دخل في الإسلام يكون أحسن وأزيد لأن الإسلام يأمر بمكارم الأخلاق ويحث عليها.
فمشركي قريش أهل مكة وغيرهم كانوا يحجون وهم على شركهم كانوا يعبدون الأوثان كانوا وضعوا حول الكعبة ثلاثمائة وستين صنمًا كانوا يعبدونها ويعبدون غيرها من الأصنام، ومع ذلك كانوا يحبون تقليد أجدادهم المسلمين الذين كانوا على شريعة إسماعيل عليه السلام يحجون ويعتمرون على حسب شريعة الإسلام.
ثم لما طال الزمن فتنهم رجل يقال له عمرو فعلمهم عبادة الأصنام وعلمهم أشياء قبيحة فأطاعوه وكانوا يتمسكون ببعض ما كان أجدادهم يعملونه في الحج حتى إنه بلغ من تمويه الشيطان وتلبيسه عليهم إلى أن أمرهم بأن يطوفوا بالكعبة عراة، قال لهم: هذه الثياب التي تلبسونها تعصون الله بها كيف تطوفون بالبيت وهي عليكم تعروا منها، فأطاعوه.
فالذين أدركوا بعثة محمد، من أسلم منهم تلك الحِجَات لا ينتفعون بها إنما ينفعهم الأعمال الصالحة التي يعملونها بعد الدخول في الإسلام، أما من كان مسلمًا ثم كفر فهذا كل حسناته لا تنفعه قال الله تعالى (وَمَن يَكفُر بِالإِيمَانِ فَقَد حَبِطَ عَمَلُه) المائدة / 5.
فالحاصل أن حسن الخلق مطلوب وهو مما يثقل ميزان المؤمن يوم القيامة عند الله لكن شرطه أن يكون مقترنًا به التفقه في دين الله وذلك من سمي الأحوال وأعلى المقامات عند الله.
قال حُفّاظ الحديث عن قول الدين المعاملة ليس حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فمن أراد أن يشجع الناس على حسن المعاملة ليس له أن ينسب هذا الكلام إلى رسول الله، فضلا عن أن معناه غير سليم بل يكفي أن نقول بأن الإسلام يأمر بالمعاملة الحسنة كما قال الله تعالى:{وقولوا للناس حسنا}.
وبعض الناس من شدة جهلهم يقولون "الأخلاق قبل كل شيء"
وهذا خلاف الشرع لأن أهم شيء في الدين هو صحة العقيدة أن يكون الإنسان على عقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعد الإيمان الأخلاقُ الحسنة تنفع صاحبها أما بدون إيمان الأخلاق لا تنفع في الآخرة.
والإيمان شرطٌ لقبول الأعمال الصالحة فمن لم يكن مسلمًا لو كان يرحم المساكين ويغيث الملهوفين ويعطف على الأيتام فليس له شئ، فمن قال إن له ثوابًا يكفر لأنه كذّب القرءان ذلك لأن العمل الصالح لا يقبله الله تعالى من غير إيمان، بل الإيمان شرط لقبول الأعمال عند الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...