قول النووي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
رياض الصالحين 1013،
قال الحافظ النووي رحمه الله في شرح مسلم في باب بيان كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان ما نصه:
واعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد ضيّع أكثره من أزمان متطاولة ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عم العقابُ الصالحَ والطالحَ، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه، ويخلص نيته ولا يهابنّ من ينكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال: "ولينصرن الله من ينصره".. واعلم أن الأجر على قدر النصب ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه، فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها، وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه.
وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا وكانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها ونسأل الله الكريم توفيقنا وأحبابنا وسائر المسلمين لمرضاته، وأن يعمنا بجوده ورحمته والله أعلم.
وينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب فقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.
ومما يتساهل أكثر الناس فيه من هذا الباب ما إذا رأى إنسانا يبيع متاعا معيبا أو نحوه فإنهم لا ينكرون ذلك ولا يعرّفون المشتري بعيبه وهذا خطأ ظاهر، وقد نص العلماء على أنه يجب على من علم ذلك أن ينكر على البائع وأن يعلم المشتري به والله أعلم. انتهى
فإذا كان الغش في الدنيا هكذا كما قال النووي رحمه الله فكيف الغشاشون في الدين، وفي حديث الترمذي: "من غشّ فليس منا".
فإذا كان الغش في الدنيا هكذا كما قال النووي رحمه الله فكيف الغشاشون في الدين، وفي حديث الترمذي: "من غشّ فليس منا".
وللأسف هناك الكثير ممن يسمى دعاة في الفايس وفي غيره، ولكنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، كما في حديث البخاري.
هؤلاء يلبسون زيّ المشايخ مع اللحية والابتسامة التي تخفي جهلهم بالدين ويطلقون الفتاوى العريضة التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولا ترى لهم مؤلفاً لا في الفقه ولا في الحديث ولا في علوم الدين، بل ولا ترى لهم كتابة حسنة متقنة سوى نتف وخطرات وأوهام يبثونها في الفايس بين الجهال أتباعهم فتلقى رواجاً عند من لا يفقه علم الدين، يكتبون أسطراً لا ترى فيها علماً ولكن قد يقال عنها أضغاث أفكار واهية يلبّسون بها على العامة، فاحذروهم هؤلاء بعضهم تروّج لهم فضائيات السوء أو أتباعهم في الفايس أحياناً باسم "العارف بالله"، أو ما سوى ذلك من الألقاب الفخمة كذباً وزوراً، وبعض يعمل له دعاية باسم كونه "داعية" ليجلبوا الزبائن للدعايات التي تدر على أصحاب تلك الفضائيات أموالاً طائلة، فهو من باب الـbusiness تجارة، فهذا الداعية المزعوم أو ذاك تراه لا يطلع على التلفزيون إلا بعشرات آلاف الدولارات مقابل الساعة الواحدة، وهو جاهل كأنه كان منقوعاً في الجهل عشرة آلاف سنة، فتراه يتقن فن التمثيل يستجلب الناس بأساليب خبيثة ويوقعهم في الجهالات والضلالات، فإياكم أن تصغوا إلى أي شخص لمجرد أن حديثه معجب يتقن فن تحريك الفكين، فكم من فكين أهلكا المتكلم والسامع وفتكا بهما، نسأل الله السلامة، آمين
وفق الله كاتبه وناشره وعافانا وختم لنا ولمن قال آمين بخير، آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق