معنى الوجهِ إذا أضيف إلى الله تعالى
ا[1]يقولُ الله تعالى في سورةِ الرحمن ((ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ ذو الجلالِ والإكرامِ[27])).. فالله تعالى قال ((ذو الجلالِ)) ولم يقل ((ذي الجلال)).. وهذا معناه أنَّ الموصوفَ بالجلالِ والإكرامِ الوجهُ، لأنه مرفوعٌ مثلُه.. وهذا يقتضي أن نفسِّر الوجهَ هنا بالذاتِ المقدَّس، لأنَّ الذي يوصَف بالجلالِ والإكرامِ هو ذاتُ اللهِ وحدَه، ولا توصَف الصفةُ بذلك.. فلا يُحْمَلُ الوجهُ هنا على معنى الصفةِ وإنَّما على معنى الذاتِ المقدَّس..ا
ا[2]ومن معاني الوجهِ إذا أضيف إلى الله الأجرُ والثواب، كما في قوله تعالى في سورة الرعد ((والذينَ صَبَرُوا ابتغاءَ وجهِ ربِّهم وأقاموا الصلاةَ وأنفقُوا ممَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وعلانيَةً ويَدْرَأُونَ بالحسنةِ السَّـيِّـئَةَ أُولئكَ لهم عُقْبَى الدار[22])).. صدق الله العظيم..ا
ا[3]ومن معاني الوجهِ إذا أضيف إلى الله الطاعةُ، كما في حديثِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم :[[إنَّ المرأةَ عورة، فإذا خرجت استشرَفها الشيطان، وأقربُ ما تكون من وجه ربِّها وهي في قعر بيتها]].. رواه ابنُ خُزَيْمَةَ في (صحيحه) وصَحَّحَهُ.. كما صَحَّحَهُ ابنُ القَطَّانِ في كتابه[(النظرُ في أحكام النظر)/ص138].. ورواه الطَّبَرانِيُّ بلفظٍ قريبٍ من هذا وقال فيه المنذِريُّ :[[رجالُه رجالُ الصحيح]].. معناه : وهي في بيتها تكونُ أقربَ إلى طاعةِ ربِّها مِمَّا لو كانت خارجَه.. ولا معنى لوجهِ الله هنا إلّا طاعتُه.. ومعنى [[استشرَفها الشيطان]] اهتمَّ لها ليَفْتِنَ الرجالَ بها.. وليس معنى قولِ النبيِّ :[[المرأة عورة]] أنَّ جميعَ بدنِ المرأة عورة، فالمرأةُ الحُرَّةُ عورتُها أمامَ الرجالِ الأجانبِ كلُّ بدنِها سوى وجهِها وكفَّيها.. ودليلُه قولُ الله تعالى في سورةِ النور ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلّا ما ظَهَرَ منها[31])).. فقولُ رسولِ الله [[المرأةُ عورة]] معناه : معظمُ بدنِ المرأةِ عورة.. هذا معناه..ا
ا[4]وقد يُطْلَقُ الوَجْهُ إذا أضيف إلى الله على القِبْلَةِ.. أي على الجهةِ التي أمر الله بالتوجُّه إليها في الصلاةِ كما في قولِ الله تعالى في سورةِ البقرة ((وللهِ المشرقُ والمغربُ، فأينما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ الله، إنَّ الله واسع عليم[115])).. مجاهِد بنُ جَبْرٍ هو تلميذ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاس، وقد كان من السَّلَفِ.. مجاهِد أوَّل [[وجه الله]] في قولهِ تعالى ((فثَمَّ وَجْهُ الله)) بقِبْلَةِ الله.. ذكَر ذلك البيهقيُّ في كتابه[(الأسماءُ والصفات)/جـ2/ص35].. الْمَشْرِقُ مِلْكٌ لله، والْمَغْرِبُ مِلْكٌ لله، فأينما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ الله.. أي أينما تستقبلوا في صلاةِ النفلِ وأنتم راكبونَ الدّابّةَ في سفرِكم فهناك قِبْلَةُ الله.. فالمسافرُ إذا كان راكبًا الدّابّةَ يجوز أن يُصَلِّيَ النفلَ إلى الجهةِ التي يريدُها.. ولا يلتحِق بذلك راكبُ السَّيَّاراتِ والطائراتِ.. هكذا هو المفهومُ من كتبِ الفِقْهِ.. ففي هذه الآيةِ أطلقَ اللهُ على نفسهِ لَفْظَ الوَجْهِ، ونحن ليس لنا ان نَرُدَّ ذلك.. ولكن علينا ان نعتقِد أنَّ الوجهَ إذا أطلِق على اللهِ فليس هذا الجزءَ.. ليس الجارحةَ التي نعرفُها.. فالذي يعتقِد في الله الجارحةَ يكفُر.. وتكفيرُ المجسِّم هو مذهبُ السَّلَفِ.. قاله الشافعيُّ وأحمد بنُ حنبلٍ وغيرُهما.. فقولُ بعضِ المنتسبينَ المتأخِّرينَ للمذهبِ الشافعيِّ بعَدَمِ تكفيرِهم مخالفٌ لِمَا عليه السَّلَفُ.. فلا التفاتَ إلى ما في كتابِ عِزِّ الدينِ بنِ عبدِ السلامِ الذي هو من متأخِّري الشافعيَّة..ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق