مهم جدا ... توحيد الله _ الخلق والمشيئة
الحمدّ لله الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وعظيمنا محمد الأمين صلى الله عليه وسلم
.يقول الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم: {وما خلقت الجن والإنس إلا لعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.
فإذا سئلت لم خلقتنا الله؟ فليكن جوابك مستمدا من هذه الآية القرءانية: لقد خلقنا الله ليأمرنا بعبادته فنحن ملكفون مأمورون بعبادة الله وطاعته وذلك بأن نلتزم الحدود الشرعية فلا نتعداها بل نؤدي الواجبات ونجتنب المحرمات قال تعالى: {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.
وإذا سئلت لم ليس كل الناس على الإيمان ؟ فجوابك أيضا مستمد من القرءان الكريم قال تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} (السجدة) فالله سبحانه وتعالى لم يشأ الإيمان لكل الناس، قال تعالى: {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} (الأنعام) أي ولكنه لم يشأ هداية جميعكم إذ لم يسبق العلم بذلك. فالعباد منساقون إلى فعل ما يصدر عنهم باختيارهم لا بالإكراه والجبر. ولو لم يشأ الله عصيان العصاة وكفر الكافرين وطاعة المطيعين لما خلق الجنة والنار.
وإذا سئلت لم جعل الله مؤمنين مثابين متنعمين في جنة الخلد ولم جعل كفارا مخلدين في السعير؟ فليكن جوابك أيضا من القرءان الكريم قوله تعالى. {وما ربك بظلام للعبيد} وقوله تعالى: {فعال لما يريد}، وقل للسائل إياك أن تذهب مذهب الهالكين المتنطعين وتكون من جماعة إبليس لمعترضين على الله المطرودين من رحمة الله في الآخرة فإنّ الله عزّ وجل يقول: {لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون} فالعباد هم الذين يسألون.
وقد قال العارف الجليل محمد بن سيرين "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" فإياك أن تخوض في أمور الدين وخاصة العقيدة خوض العابثين المغرورين المعترضين وخوض المحبين للجدل العقيم الذين لا هم لهم إلا الكلام بلا طائل وفائدة، وأما أن ينزلوا منزل الحق ويقبلوا بالبرهان والدليل فهذا أمر لا يفعلونه ولا يقبلونه. إن علم الدين لا يؤخذ من أقواه الجهلة المدعين بل يؤخذ من أهله أهل الفهم والعلم والحكمة.
وإياك أن تخجل من أن تسأل في الدين سؤال المتعلم المسترشد ولا تسأل سؤال المعاند المتعنت، وإياك أن تتكبر عن السؤال فإنه لا ينال العلم مستح ولا مستكبر كما قال التابعي مجاهد رضي الله عنه. ولا تكن من أولئك الذين يقرءون ءايات القرءان ويتجرءون على تفسيرها بآرائهم الفاسدة وأهوائهم مما قد يؤدي بهم إلى المهالك.
إن قول الله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} دليل على أنّ الله هو خالق أفعال العباد من خير وشر، وقوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} دليل على ذلك أيضا. وأما من يدّعي أن الله خالق الخير فقط وليس خالقا للشر فإنه متلبس بالجهل ليس له نصيب في الإيمان والإسلام مهما حاول أن يفسر بعض الآيات تفسيرا يوافق ادعاءه الكفري فإنه من المعلوم أن ءايات القرءان لا تتناقض ولا تتعارض. والسبيل إلى معرفة الأجوبة على الاسئلة الدينية يكون بالعودة والرجوع إلى ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأئمة العلم والاجتهاد والهدى لا بالرجوع إلى ما يكتبه بعض المغرضين الجاهلين في صحائف الجرائد أو ما يتفوه به مدعون مزيفون للعلم في برنامج إذاعي أو تلفزيوني.
إخوة الإسلام، إن الجواب الصحيح على السؤال الذي كثيرا ما يسأل وهو "هل نحن مسيرون أم مخيرون" أن يقال الإنسان يختار الخير أو الشر بمشيئة الله، فمشيئة العبد واقعة تحت مشيئة الله لأنه يستحيل أن يحصل شىء في هذا العالم الذي هو ملك بغير مشيئة الله قال تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله ربّ العالمين}.
وأما الذي يقول "إنه يحصل شىء بغير مشيئة الله وأن الله لم يشأ إلا الخير" فقد كذب القرءان الكريم، أليس موسى عليه السلام قال لربه ربّ العالمين: "إن هي إلا فتنتك تضلّ بها من تشاء" والله عز وجل يقول: {وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له" (الرعد). والذي يقول "إن الله لم يشأ إلا الخير" يكون قد جعل الله مغلوبا وجعل مشيئة العبد أقوى من مشيئة الله. والذي يقول "إن الله خلق الخير ولم يخلق الشر" يكون قد جعل لله شركاء في الخلق، أين ذهب بقوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} إن هذه العقيدة الفاسدة هي مثل عقيدة المجوس الذين يعتقدون بوجود مدبرين لهذا العالم مدبر للخير ومدبر للشر. أما عقيدة الإسلام فهي أن الله خالق الخير والشر وكل شىء وأنه لا يحصل شىء بغير مشيئة الله وأن مشيئة الله العبد تابعة لمشيئة الله.
وقد صحّ حديث "فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه" رواه مسلم من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم عز وجل، وأما قوله: "فمن وجد خيرا فليحمد الله" فلأن الله متفضل عليه بالإيجاد والتوفيق وأما قوله: "ومن وجد غير ذلك" أي شرا فلأن الله أبرز بقدرته نتيجة استعداد العبد السيئ، فمن أضله الله فبعدله ومن هداه فبفضله سبحانه.
وليحذر المسلم من علماء السوء فقد ورد في الحديث الصحيح أنه يؤتى يوم القيامة بالواحد من علماء السوء فتندلق أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيقال له: ما لَكَ. فيقول كنت آمر الخير ولا آتيه وأنهى عن الشر وآتيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق