بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 مارس 2020

كشف حقيقة الألباني المتمحدث

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [سورة آل عمران: 110].
وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”، رواه مسلم[1].

عملاً بما أمرنا به الشرع الحنيف، واتباعًا لسنةِ سيدِ المرسلينَ برزنا للأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ واضعينَ نصب أعيننا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال عن رجلين كانا يعيشان بين المسلمين: “ما أظن أن فلانًا وفلانًا يعرفانِ من ديننا شيئًا” رواه البخاري[2]، وهدفنا من ذلك رد الباطل وإبطاله والدفاع عن الحق وإحقاقه، فقد كثر المبطلونَ والمفترون وأدعياء العلم الذين يغشون الناس في دينهم ويبيعون الآخرة رجاء دراهم قليلة، فصاروا يتصدرون للتدريس والتأليف والفتوى، ويتكلمون في الدين برأيهم وهواهم ويضعون القرآن في غير محله لنصرة مذهبهم الفاسد الذي حوى عقيدة التشبيه والتجسيم ومخالفة السلف والخلف، ويتهجمون على حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيُضعّفونَ ما يخالف عقيدتهم ويخرقونَ إجماع الأمة المحمدية ويتطاولون على صحابة رسول الله والسلف الصالح وعلماء الأمة الأجلاء من أشاعرة وماتريدية شافعية كانوا أو حنفية أو مالكية أو من فضلاء الحنابلة، فهذا لا شك طبع الجاهل وسلاح المفلس العاجز.

ومن هؤلاء رجل نسب نفسه للعلم والعلماء والحديث والمحدثين زورًا وبهتانًا فأطلق لسانه وقلمه فيما ذكرنا وعمد من خلال فتاويه إلى زرع الفتنة والفرقة وبث الحقد والعداوة والبغضاء بين المسلمين، إنه الساعاتي المدعو “ناصر الدين الألباني” الذي كفانا مؤنة نفسه في الرد عليه حيث وصف نفسه بأنه كان يعمل ساعاتيًا وكانت هوايته قراءة الكتب بدون تلقٍ للعلم من أهله ودون أن يكون له إسنادٌ معتبر فيه، فتخبطَ هنا وهناك وبين الكتب ونسب نفسه إلى السلف مع مخالفته لهم في العقيدة والأحكام الفقهية.

وزعم أنه من المحدثين وهو لا يحفظ حديثًا واحدًا بالإسناد المتصل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم). ثم كيف يكون محدثًا وهو يصحح أحاديث في كتبه ويحكم عليها بالتضعيف في مواضع أخرى والعكس، ويتهجم على علماء المحدثين بعبارات الازدراء والتهكم، وهو مع ذلك يكابر ويماري ويجادل بالباطل لهوى في نفسه فيتجرأ على البخاري ومسلم وغيرهما، فيضعّف من الأحاديث ما أجمع الحفاظ على صحتها، فهو بهذا شذَّ عما عليه جمهور الأمة المحمدية من أشاعرة وماتريدية الذين ادعى زورًا أنهم أهل بدعة، سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.

وهو أيضًا شذَّ عن الشرط الذي اشترطه علماء الحديث، لأن التصحيح والتضعيف من وظيفة الحافظ صرّح بذلك كثير منهم في مؤلفاتهم، ويكفي في ذلك قول الحافظ السيوطي في ألفية الحديث:

وخذه حيث حافظ عليه نص … أو من مصنف بجمعِه يخص فكيف تجرأ مع بُعده عن أهلية التصحيح والتضعيف بُعد الأرض من السماء على تسمية بعض مؤلفاته “الصحيحة” – يعني بذلك أنه جمع فيها الأحاديث الصحيحة فقط-، وبعضها الضعيفة.

فما هذه الجرأة والوقاحة التي يتحلى بها هذا الرجل، فلكشف هذا الأمر نطالبه بعقد مجلس يحضره علماء نناظره في هذه المسئلة وغيرها حتى يعرف أتباعه الذي أوهمهم أنه أهل للتصحيح وللتضعيف وهم عدد في الشام والحجاز وفي مصر وفي المغرب أوهمهم أنه أهل للتصحيح والتضعيف على أنه اعترف في بعض المجالس بأنه ليس بحافظ.

وقد ذُكر لنا أن رجلاً من المحامين قال له: أنت محدث؟ قال: نعم، قال: تروى لنا عشرة أحاديث بأسانيدها، قال: أنا لست محدث حفظ بل محدث كتاب، فقال الرجل: وأنا أستطيع أن أحدّث من كتاب، فأسكته.

فويل للذين قلّدوه من أتباعه الذين يشتغلون بالتعليق على كتب المحدثين فليتقوا الله فإنهم تائهون مثلما تاه متبوعهم، وليعرفوا أنهم مخالفون للمحدثين حيث يقدمون على التصحيح والتضعيف ولا تسمح القواعد الحديثية لأمثالهم بالعمل الذي يعملونه، ولا يقلد الألباني إلا المغترون الذين لا يحسنون قواعد علم الحديث لم يؤتوا حظًّا لحفظ متون الأحاديث، ولا في دراية قواعده مثل علي الحلبي، ومراد شكري، ومحمد شقرة، وعمر الأشقر، وسليم الهلالي وغيرهم. فغيرةً منا على ديننا وعقيدتنا وسنة نبينا وانتصارًا للسلف والخلف أهل الحق، وحرصًا منا على تبيان حال من شبَّه الخالق سبحانه وتعالى بخلقه وتجرأ على حديث رسول الله وضلل المسلمين، عملنا هذا البيان سائلين المولى عز وجل أن يعيذنا من شؤم هذا الحال ويجعلنا أئمة هادين مهتدين لا ضالين مضلين فإليه المصير وعليه توكلنا وبه نستعين، وليس مرادنا حصر جميع ضلالات الألباني في هذه الأوراق بل اقتصرنا على ذكر بعض من أشنع مقالاته الشاذة.

فمن تأمل في أمر هذا الرجل يجده قد ادعى العلم بالحديث لأمرين: أحدهما الشهرة والآخر جمع المال، فإنه حريص على المال بدليل ما حدث بينه وبين تلميذه زهير الشاويش الذي كان يطبع له مؤلفاته فيكتسب منها دخلاً كبيرًا من المال والألباني يكتسب كذلك فإنه بعد مدة طويلة من الصداقة القوية فيما بينهما اختصما لأمر دنيوي وذلك عملاً بما أحدثه الأوروبيون من حجر الشخص على الناس أن يطبعوا مؤلفاتهم إلا بإذن المؤلف بحيث أنهم يقاضونه قانونًا بالغرامة أو بإنزال العقوبة به … فما لهؤلاء الناس ينهون الناس عن أمور محدثة ثم يعملون ما يخالف شرع الله، يحرمون على الناس ما استحدثه العلماء والمحدثون مما يوافق شرع الله كعمل المولدِ والصلاة جهرًا على النبي (صلى الله عليه وسلم) عقب الأذان، ومنهم من بالغ في ذلك وهم الوهابية حيث جعل بعضهم الصلاة على النبي بعد الأذان شركًا، وقال بعضهم: إنه كالزنى بالأم، وهم فعلوا أشياء أُحدثت بعد الرسول بزمان، فما لهم لا يحرمون ما يفعلون ويحرمون عمل المولد والصلاة على النبي جهرة عقب الأذان محتجين بأن الرسول لم يفعله.
________________________
[1] . أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان.
[2] . أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأدب: باب ما يجوز من الظن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...