مختصرُ عقيدةِ التنـزيهِ على ما قرَّره علماءُ الأُصول من أشاعرةٍ وماتُريدِيَّة
.إنَّ الله مَعَنَا بعِلْمهِ لا بذاتهِ ، محيطٌ بكل شيء عِلْمًا لا بالذَّاتِ ، ولا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِ الله شَيْء .. مَوْجُودٌ قبلَ المخلوقاتِ جميعِها .. خالقُها وحدَه غيرُ مخلوق .. ليسَ لِذَاتهِ كَمِّـيَّةٌ ولا لصفاتهِ كيفيَّة .. ليس له طُولٌ ولا عَرْضٌ ولا عُمْقٌ ولا شَكْلٌ ولا جُزْءٌ أيمنُ ولا جُزْءٌ أيسرُ ولا جُزْءٌ أعلى ولا جُزْءٌ أسفل .. ليس ربُّنا ساكنًا وليس مُتَحَرِّكًا .. مَوْجُودٌ بلا مكانٍ ولا جهةٍ : ليستِ السَّماءُ مكانًا لهُ ولا ما فوقَها ولا ما تحتَها ، وليسَ أيُّ مكانٍ مكانًا لله سبحانَه وتعالى .. وليس الله تعالى في كُلِّ مكان ، وذلكَ لأنه كان قبلَ العَالَمِ : كانَ قبلَ المكانِ وقبلَ الامتدادِ وقبلَ الاتساعِ وقبلَ الْجِهَاتِ وقبلَ الظَّلامِ وقبلَ الضَّوء وقبلَ الزَّمانِ والتعاقب .. ثم خَلَقَ الله العَالَمَ : خَلَقَ المكانَ والامتدادَ والاتساعَ والْجِهَاتِ كلَّها والظُّلُمَاتِ والنُّورَ .
وهو الآنَ مَوْجُودٌ لا في مكانٍ ولا في جهةٍ كما كان قبلَ أنْ يَخْلُقَ المكانَ . فكيف يَصِحُّ في العقلِ أنْ يكونَ الله في مكانٍ أو جهةٍ وهو الْمَوْجُودُ قبل الأماكنِ والْجِهَاتِ !! سبحانَه ، يُغَيِّرُ ولا يَتَغَيَّرُ .. كانَ ولم يَزَلْ مَوْجُودًا من دونِ أنْ يكونَ مُتَحَيِّزًا في مكانٍ أو جهة .. كان مَوْجُودًا قبلَ العَالَمِ لا داخلَه ولا خارجَه ، وهو الآنَ بعد أنْ خَلَقَ العَالَمَ مَوْجُودٌ كما كانَ لا داخلَه ولا خارجَه ، ليسَ مُتَّصِلًا بالعَالَمِ ولا مُنْفَصِلًا عنه .. لا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كما تَحْوِي سائرَ الجواهر ..
وهو الآنَ مَوْجُودٌ لا في مكانٍ ولا في جهةٍ كما كان قبلَ أنْ يَخْلُقَ المكانَ . فكيف يَصِحُّ في العقلِ أنْ يكونَ الله في مكانٍ أو جهةٍ وهو الْمَوْجُودُ قبل الأماكنِ والْجِهَاتِ !! سبحانَه ، يُغَيِّرُ ولا يَتَغَيَّرُ .. كانَ ولم يَزَلْ مَوْجُودًا من دونِ أنْ يكونَ مُتَحَيِّزًا في مكانٍ أو جهة .. كان مَوْجُودًا قبلَ العَالَمِ لا داخلَه ولا خارجَه ، وهو الآنَ بعد أنْ خَلَقَ العَالَمَ مَوْجُودٌ كما كانَ لا داخلَه ولا خارجَه ، ليسَ مُتَّصِلًا بالعَالَمِ ولا مُنْفَصِلًا عنه .. لا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كما تَحْوِي سائرَ الجواهر ..
على هذا كانَ رَبُّنَا قبلَ أنْ يَخْلُقَ العَالَمَ ولم يزلْ رَبُّنَا الآنَ كما كان .. كانَ الله ولا مكان وهو الآنَ على ما عليهِ كان .. خَلَقَ العرشَ إظهارًا لِقُدْرَتهِ ولم يَتَّخِذْهُ مكانًا لِذَاتهِ .. يُغَيِّرُ ولا يَتَغَيَّرُ ..
ليسَ لهُ مكانٌ في عِلْمهِ وليسَ لهُ شكلٌ في عِلْمهِ وليسَ لهُ كَمِّـيَّةٌ في عِلْمهِ .. ومعنى هذا أنَّ الله عَلِمَ في الأَزَلِ أنَّ ذاتَه الأزليَّ مُنَـزَّهٌ عن المكانِ والشَّكْلِ والكَمِّـيَّة .. وليسَ لأحدٍ من الْخَلْقِ أنْ يَدَّعِيَ أنَّ لله مكانًا معلومًا أو مجهولًا أو أنَّ لله شكلًا معلومًا أو مجهولًا أو أنَّ لله كَمِّـيَّةً معلومةً أو مجهولة .
مَوْجُودٌ رَبُّنَا غيرُ مخلوق .. لا يَصِحُّ أنْ يُسْأَلَ عنه بـ((أينَ مكانُه ؟)) ، وذلكَ لأنه كانَ قبلَ المكان ، ولا يَصِحُّ أنْ يُسْأَلَ عنه بـ((متى كان ؟)) ، وذلكَ لأنه كان قبلَ الزَّمان ..
مهما تَصَوَّرْتَ ببالك فالله لا يشبهُ ذلك .. وما أشدَّ جَهْلَ من يقولُ إذا سُئِلَ عن الله :" إنه في كُلِّ مكان " .. بلِ الله مَوْجُودٌ بلا مَكَانٍ ولا جهَة ..
.ليس لِذَاتهِ كَمِّـيَّةٌ ولا لِصِفَاتهِ كيفيَّة .. ومَنْ زَعَمَ خلافَ ذلكَ فهو كافرٌ غيرُ مسلمٍ وإنْ زَعَمَ أنه مسلمٌ يُرَدِّدُ الشَّهادَتَيْنِ في اليومِ ءالافَ الْمَرَّات .. ومَنْ وَصَفَ اللـهَ بصفةٍ من صفاتِ البشَر فقد كَفَر ..
فالله ذاتٌ مَوْصُوفٌ بصفاتٍ تَدُلُّ كلُّها على الكمال ، كالوَحدانيَّةِ والسَّمْعِ والبَصَرِ والكلامِ والحياةِ والمشيئة ، مُنَزَّهٌ عن الصِّفاتِ التي لا تَليقُ بهِ كالصَّمَمِ والعَمَى والبَكَمِ والموتِ والعَجْزِ والتَّغَيُّرِ . فالله تعالى شيءٌ لا يشبهُ الأشياءَ أيْ مَوْجُودٌ لا يشبهُ الموجوداتِ ..
.ليس الله عَرَضًا يقومُ بغيرِه ، بلِ الله قائمٌ بذَاتهِ . لا يَصِحُّ أنْ يقالَ إنَّه سَمْعٌ ، بل يقالُ هو ذاتٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةِ السَّمْع .. ولا يَصِحُّ أنْ يقالَ إنَّ الله بَصَرٌ ، بل يقالُ هو ذاتٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةِ البَصَر .. ولا يَصِحُّ أنْ يقالَ إنَّ الله كلامٌ ، بل يقالُ هو ذاتٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةِ الكلام .. ولا يَصِحُّ أنْ يقالَ إنَّ الله حياةٌ ، بلْ يقالُ هو ذاتٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةِ الحياة .. ولا يَصِحُّ أنْ يقالَ إنَّ الله قُوَّةٌ ، بل يقالُ هو ذاتٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةِ القُوَّةِ كما وَصَفَ هو نفسَه في سورةِ الذَّاريات (( إنَّ الله هو الرَّزَّاقُ ذو القُوَّةِ المتين )) ..
.ولا يَصِحُّ في العقلِ أنْ يكونَ ذاتُ الله جَوْهَرًا مُرَكَّبًا أو غيرَ مُرَكَّب .. بلِ اللـهُ واحدٌ لا منْ طَرِيقِ العَدَدِ مُنَـزَّهٌ عنِ الكَمِّـيَّةِ .. أي لا يَصِحُّ في العقلِ أنْ يكونَ لله مقدارٌ كبيرٌ من الحجمِ أو مقدارٌ صغيرٌ من الحجم .
.ولا يَصِحُّ في العقلِ أنْ يكونَ ذاتُ الله جَوْهَرًا مُرَكَّبًا أو غيرَ مُرَكَّب .. بلِ اللـهُ واحدٌ لا منْ طَرِيقِ العَدَدِ مُنَـزَّهٌ عنِ الكَمِّـيَّةِ .. أي لا يَصِحُّ في العقلِ أنْ يكونَ لله مقدارٌ كبيرٌ من الحجمِ أو مقدارٌ صغيرٌ من الحجم .
[[تنبيه : كُلُّ ما له كَمِّـيَّة يقالُ لهُ جَوْهَرٌ سواءٌ أكانَ مُرَكَّبًا وهو الجسمُ أم غيرَ مُرَكَّبٍ وهُوَ الْجَوْهَرُ الفَرْدُ]].
ولا يَصِح في العقلِ أن يَتَّصِفَ رَبُّنا بصفاتِ الجواهرِ ، فلا يتَّصف بالحركةِ والسُّكونِ والشَّكلِ والْهَـيْـئَةِ والكَمِّـيَّة . لا يمَسُّ ولا يُمَسُّ ، ولا يُحِسُّ ولا يُحَسُّ ، وليسَ بينه وبينَ خَلْقهِ مسافة ..
.يراهُ المؤمنونَ يومَ القيامةِ وهم في الجَنَّة ، يَرَوْنَهُ بلا شَكْلٍ ولا كيفيَّة . يَرَوْنَ ذاتَ الله ، أيْ حقيقتَه ، بأعينهم وليس هو في الجَنَّةِ وليس هو في جهةِ أمام ولا في جهةِ خَلْف ولا في جهةِ فوق ولا في جهةِ تحت ولا في جهةِ يمين ولا في جهةِ شِمَال ، ومن غيرِ أنْ يَتَصَوَّرُوه في قلوبهم أو يتمثَّلوه في نفوسهم . يقولُ الله تعالى في سورة القيامة (( وُجُوهٌ يومئذٍ ناضرة . إلى رَبِّهَا ناظرة )) ..
.يراهُ المؤمنونَ يومَ القيامةِ وهم في الجَنَّة ، يَرَوْنَهُ بلا شَكْلٍ ولا كيفيَّة . يَرَوْنَ ذاتَ الله ، أيْ حقيقتَه ، بأعينهم وليس هو في الجَنَّةِ وليس هو في جهةِ أمام ولا في جهةِ خَلْف ولا في جهةِ فوق ولا في جهةِ تحت ولا في جهةِ يمين ولا في جهةِ شِمَال ، ومن غيرِ أنْ يَتَصَوَّرُوه في قلوبهم أو يتمثَّلوه في نفوسهم . يقولُ الله تعالى في سورة القيامة (( وُجُوهٌ يومئذٍ ناضرة . إلى رَبِّهَا ناظرة )) ..
.لا إلهَ إلَّا الله ، أيْ لا أَحَدَ يستحقُّ أنْ يُعْبَدَ إلَّا اللهُ وحدَه الذي لا يُتَصَوَّرُ في القلب ، ولا يَكْتَـنِـفُهُ عَقْلٌ ، ولا يَتَخَصَّصُ بالذِّهْنِ ، ولا يَتَمَثَّلُ في النفْسِ ، ولا يُتَصَوَّرُ في الوَهْمِ .. ولا يَتَكَيَّفُ في العقلِ .. ولا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عن شَأْن .. لا تَلْحَقُهُ الأوْهامُ والأفكار ..
.نَتَفَكَّرُ في كُلِّ شيءٍ ولا نَتَفَكَّرُ في ذاتِ الله إذْ لا يعلمُ اللـهَ على الحقيقةِ إلَّا الله .. وليس فيما قَدَّمْنَاهُ تَفَكُّرٌ في ذاتِ الله وإنما تنزيهٌ مَحْضٌ لذاتِ الله عمَّا لا يَلِيقُ بهِ عَمَلًا بقولِ الله تعالى (( ليسَ كَمِثْلهِ شيءٌ وهو السَّميعُ البصير )) وقولهِ (( سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأعلى )) أيْ نَزِّهْ ذاتَ رَبِّكَ عمَّا لا يليقُ بهِ من صفات ..
والحمدُ لله رَبِّ العالَمين على أنْ هدانا إلى هذه العقيدة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق