بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 سبتمبر 2018

تفسير قوله تعالى - مثل نوره كمشكاةٍ

تفسير قوله تعالى - مثل نوره كمشكاةٍ

قال الله عزّ من قائل :مثلُ نورهِ كمشكاةٍ فيها مِصباح المصباحُ في زجاجةٍ الزجاجة كأنها كوكبٌ دُري يُوقدُ من شجرةٍ مباركة زيتونةٍ لا شرقية ولاغربية يكادُ زيتُها يُضيء ولو لم تمسسهُ نار نورٌ على نور يهدي اللهُ لنورِهِ من يشاء صدق الله العظيم. الآية35 سورة النور

ففي هذهِ الآية ضربّ الله مثلاً للإيمان الذي في صدر المؤمن بأنهُ كالمشكاة فيها مصباح .والمشكاة أي الطاقة المسدودة لأنهُ لما يُؤمن العبد باللهِ ورسوله صار قلبُهُ فيهِ نورُ الإيمان ،ثُم لمّا يتعلم هذا المُؤمن القرءان ويعرف الحلالَ والحرام صارَ فيهِ نورٌ على نور فلا يجوز تفسير هذهِ الآية بأنّ الله نور بمعنى الضوء لأنّ ذلكَ كيفية والكيفية مستحيلٌ أن تكون إلَهاً .ثُمّ إنّ قول الله تعالى ليس كمثلهِ شيء يدلُ على أنّ الله تعالى ليس نوراً بمعنى الضوء لأنهُ لو كان ضوءً لبطل ذلك لأنّ الأنوار مُتماثلة . وقولهِ تعالى مثلُ نورِهِ صريحٌ أنّ المُراد بهِ أن النور هنا مُضافٌ إليه فهو بمعنى الهِداية .وكذلك قوله تعالى يهدي الله لنورِهِ من يشاء . ثُمّ إنّ النور الذي هو ضوء مخلوقٌ لله تعالى كما قال تعالى: وجعلَ الظُلماتِ والنور فإذاً يستحيلُ أن يكون الإله ضوءاً .فثبُتَ بأنهُ لابُدّ من التأويل .وقد ذهب العلماء في ذلك إلى أقوال
فقال بعضُهم إنّ المُراد بالآية أنّ الله هادي أهل السموات ومن شاءَ من أهلِ الأرض لنورِ الإيمان وهو قول ابن عباس والكثيرين. وقال بعضهم إنّ المُراد بالآية بأنّ الله مُدبر السموات والأرض بحكمة بالغة. وقال بعضهم المُراد بأن الله مُنَور السموات والأرض بنورٍ خَلَقَهُ.فيتبين لنا أنّ أحداً من العُلماء المعتبرين لم يُفسر الآية بأن الله نورٌ بمعنى الضوء .فلا يجوز أن يقال بأنّ الله يشبّه نفسه بالضوء الذي يُوضعُ في الطاقة يُسقى بزيت الزيتون .بل المُراد أنّ الله هو الهادي وأنه هدى كلّ الملائكة أهل السموات وهدى المؤمنين من أهل الأرض .
وهنا لابُدّ من التحذير مما يُنسبُ إلى الله من التشبيهِ والتجسيم في بعضِ الكُتب التي أُلّفَت في المولد النبوي كما ذُكِر في كتاب المُسمى مولد العروس المنسوب كذباً إلى ابنِ الجوزي حيثُ قيل فيه إنّ الله قبض قبضةً من نور وجهه فقال لها كوني مُحمدا فكانت محمدا والعياذُ بالله من هذا الضلال ففي هذهِ العِبارة نسبة الجزئية إلى الله تعالى والله منزه عن الجزئية والإنحلال ولا يقبل التعدد والكثرة ولا التجزء ولا الإنقسام والله منزهٌ عن ذلك لا يُشبهُ شيئاً من خلقه فهذهِ العبارة التي هي مذكورة في الكِتاب المُسمى مولد العروس يجب التحذيرُ منها لأنها تُوهِمُ أنّ الله ضوءٌ وأنّ سيدنا محمد جزءاً منه وتُوهم أن سيدنا مُحمد خُلق من نور وهذا كله كُفر والعِياذُ بالله . فالله تعالى خلق النور فلا يشبهه . قال تعالى: فلا تضرِبوا للهِ الأمثال.وقال تعالى:وللهِ المثلُ الأعلى أي لله الوصف الذي لايشبه وصف غيره وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس جزءاً من الله لأنّ الله لا يتجزأ . لأنّ ما يتجزأ ينتهي ،وماينتهي لا يكون إلهاً.
قال الله تعالى: وجعلوأ لهُ من عِبادِهِ جُزءاً .
ومن الكفر أيضاً قول أن محمد خُلِقَ من نور لأنّ ذلك تكذيبٌ للقرءان فقد قال الله تعالى: قُل إنما أنا بشرٌ مثلكم. وليحذر من مجرد قراءة الكتب دون التعلم من أهل العلم ، فإنّ كثيراً من الكتب فيها من المفاسد والمُهلِكات من تشبيهِ الله بخلقه وغير ذلك من المفاسد . وإذا عُرضت علينا آية أو سمعنا بحديث يوهم ظاهره أنّ الله ضوء أو يوهم تشبيه الله بخلقه فلنسارع إلى القول إنّ هذا النص لهُ تأويل لأنه لا بُدّ من موافقةِ القرءان بعضُهُ بعضا فقد قال الله تعالى: ليس كمثلِهِ شيء فنسأل الله تعالى أن يُثبتنا على التنزيه ويُجنبنا التشبيه إنه على ما يشاءُ قدير والحمد لله ربّ العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى”

 كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” قال اب...