بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 سبتمبر 2018

الإصابة بالعين , الرقية الشرعية, السحر, الحسد

يقول الله تعالى{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (51) {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (52) سورة القلم
فإن من عقيدة المسلمين التسليم لله رب العالمين، واعتقاد أن الله تعالى فعال لما يريد، فلا يحصل شئ في الكون إلا بخلق الله وعلمه ومشيئته، الأمور كلها سواء كانت خيرا أو شرا، سواء كانت عافية للإنسان أو ضرا، كل ذلك الله يخلقه فينا، هو سبحانه خلق الأسباب والمُـسَـبَـبات،
وكما أن الله جعل في بعض مخلوقاته نفعا، جعل في بعضها ضرا، وهو سبحانه بيده ملكوت كل شئ وهو خالق كل شئ، ومن جملة هذه المخلوقات أمر ثابت في شرع الله وهي الإصابة بالعين،
فالإصابة بالعين ثابتة بنص القرءان والحديث وإجماع العلماء .
والإصابة بالعين نظرة خبيثة ممزوجة بالحسد وحضور الشيطان، فيتأثر بها المنظور إليه ضرا بإذن الله .
وقد أخبر الله بذلك في القرءان فقال لنبيه:
{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (51) {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (52) سورة القلم
معناه أن الكفار كانوا لما يسمعون القرءان من رسول الله صلى الله عليه وسلم يكادون أن يضرون الرسول بأبصارهم بالإصابة بالعين من الحسد، من شدة حقدهم عليه، لولا أن الله قد حفظه .
وأما من الحديث فقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: " العين حق ولو كان شئ سابَقَ القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا "
فقوله عليه السلام "العين حق" أي أن الإصابة بالعين شئ ثابت في ديننا، وقوله "ولو كان شئ سابق القدر سبقته العين" بيان على سرعة الإصابة بالعين، وليس معناه أن العين تصيب بغير تقدير الله،
فكل شئ يحصل في الكون يحصل بتقديره عز وجل، ولكن الرسول عبر بذلك بيانا على سرعة الإصابة بالعين .
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " أكثر فناء أمتي بعد كتاب الله وقدره بالأنـفـُـس " رواه أبو يَعلى الموصلي في مسنده باسناد صحيح
وقال أيضا فيما رواه البخاري: " أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين "
أي أكثر من يمرض مرضا يؤدي إلى الموت في هذه الأمة المحمدية يكون بسبب العين، وأن هذا بقضاء الله وقدره .
اليوم كثير من الناس لا يعطون بالاً لهذا الأمر ، وكثير منهم يدخلون القبر بسبب العين بمشيئة الله من غير أن يعرفوا
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندعو بالبركة إذا رأينا شيئا أعجبنا لأن العين حق، وذلك أن نقول: اللهم بارك به ولا تضره، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الحاكم: " من وجد في نفسه أو ماله أو ولده ما يعجبه فليدع بالبركة فإن العين حق "
وقال أيضا في حديث ءاخر: " استعيذوا بالله فإن العين حق " رواه ابن ماجة
فهذه الأحاديث فيها إثبات أن العين تؤذي بتقدير الله، وذلك إذا حصل كلام عقب النظرة الخبيثة، أي الذي ينظر نظر الحسد ويتكلم من غير أن يدعو بالبركة، أما الذي ينظر النظرة البريئة فهذه ما فيها ضرر وليست محرمة .
والإصابة بالعين لا تحصل في المال فقط، أي لمن كان معه مال كثير، بل قد تحصل لما دون ذلك، قد يكون الشخص شديد الحفظ، فتصيبه عين فلا يستطيع أن يحفظ كلمتين، أو يكون طليق اللسان وفجأة يرتبك ويتلعثم في كلامه، تصيبه عين لامة فينقلب حاله على الفور، أو يكون حاله مستقيم بينه وبين أهل بيته أو عمله فينقلب حاله، أو يكون الشخص ما به شئ فينقلب حاله إلى النكد، أو إلى ضيق في الصدر أو صداع شديد أو اضطرابات يتخمن فيها أهل الطب تخمينا، والناس لا ينتبهون،
ويكون سببه أحيانا من العين، نظرة خبيثة ممزوجة بالحسد وحضور الشيطان، وكثير من الأمراض المستعصية سببها العين كما قال أهل العلم، لكن بعض الأطباء لا يؤمنون بذلك فيخمنون، يتحزرون، يقولون لعله هذا المرض أو ذاك،
ويكون سببه في بعض الأحيان من العين، وليس كل شئ يحصل مع الإنسان من المصائب والأمراض يكون بسبب الإصابة بالعين، أحيانا يكون بسبب العين وأحيانا يكون بسبب ءاخر، فلا ينبغي للإنسان أن يقول عن كل شئ يصيبه من المصائب هذا بسبب العين .
وكذلك النظرة البريئة لا تصيب بالعين، الشخص أحيانا ينظر إلى شئ يعجبه، ينظر إلى طفل أو شئ جميل، أو يعجبه صوتا حسنا وتكون نظرته بريئة فلا تضر، ليس كل ما يراه الشخص ويعجبه يصيبه بعينه، وإنما النظرة الخبيثة التي يكون معها شئ في القلب، فساد في القلب وحسد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن ءادم "
لذلك بعض الجن الشياطين يدخلون جسم الإنسان بعدما يصاب بالعين من شخص ليعظم به الضرر، الشيطان الذي كان حاضرا تلك الساعة يلاحظ أن فلانا أصاب هذا الإنسان بعينه فيصيبه ليزداد به الضرر، أحيانا هذا الشيطان يسكن في جسم المصاب لمدة طويلة وهو يؤذيه، وهو ما أصابه إلا يوم قال ذاك العائن تلك المقالة من الحسد،
الشيطان يتبع العين ويدخل في جسم المصاب، أحيانا يأتى بشخص ليقرأ على هذا المصاب فلما يقرأ عليه ينطق الجني على لسان الملبوس، يقول كذبا: أنا فلان أو فلانة، يسمي ذلك الإنسان الذي أصابه بالعين أو الإنسانة التي أصابت، والحقيقة أن الإنسان لا يدخل في الإنسان، إنما الجني الذي كان حاضرا تلك الساعة لما أصيب ذلك الشخص بالعين دخل فيه
لذلك قال الفقهاء: إذا عرف شخص بالإصابة بالعين فالإمام أي الخليفة عليه أن يراعي المصالح العامة وذلك بحجزه عن الناس، لا يتركه يختلط بالناس لئلا يستمر ضرره .
وأما مجرد أن ينظر الشخص إلى شئ أعجبه من غير أن يكون في قلبه شئ فلا يضر، ولكن الأحسن أن يدعو بالبركة، أن يقول ما شاء الله، اللهم بارك به ولا تضره ونحو ذلك .
وعلامات الإصابة بالعين كثيرة يعرفها من خبر هذا الأمر، ممن تعامل بالرقيا الشرعية وكان صالحا ليس دجالا، لأن كثيرا ممن يدعي أنه يعالج يكون دجالا يعمل هذا لأجل المال .
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى التحصن بالأوراد الشرعية لأن التحصين يدفع عن الشخص كثيرا من المصائب من العين وإيذاء الجن بإذن الله،
وقد ورد في صحيح البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم دخل إلى دار أم سلمة مرة فوجد جارية في وجهها سفعة، أي وجد تغيرا في لون وجهها، فقال لأهل البيت: " استرقوا لها فإن بها نظرة " أي أنها مصابة بالعين،
وروى البخاري كذلك أن النبي كان يرقي الناس بقوله: " اللهم رب الناس مذهب الباس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقما " وكان إذا عاد مريضا جلس عند رأسه ثم قال سبع مرات:
" أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك " فإن كان في أجله تأخير، أي لم يدنو أجله بعد عوفي من وجعه .
فليس كل الأمراض يعرف لها دواء، مثل هذه الأمراض لا دواء لها إلا في كتاب الله، إلا بالرقيا الشرعية .
ومما ثبت أيضا في الحديث ما رواه أحمد وغيره أن جبريل عليه السلام دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده مغموم أي به كرب، فقال: مالك يا رسول الله ؟ وفي رواية قال: ما أغمك ؟
فقال له: " إن حسنا وحسينا أصيبا " أي أصيبا بالعين، فعلمه جبريل أن يرقيهما بهذه الكلمات
" أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة "
والعين اللامة هي العين المصيبة، ولما قرأ الرسول لهما هذه الكلمات قاما يلعبان وكأن لم يكن بهما شئ قط،
فقال عليه الصلاة والسلام: " كان أبي إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه يعوذ بها ابنيه إسماعيل وإسحاق" وقال: "عوذوا بها نسائكم عوذوا بها أهليكم " أي استعملوها لتحصينهم من العين .
فليس خرافة أو شعوذة أن يقال قد يكون هذا الطفل أصيب بالعين، أو قد يكون هذا التاجر أصيب بالعين، أو قد كون هذه المرأة أصيبت بالعين، هذا شئ ثابت في ديننا، ولكن كما ذكرنا أنه ليس كل ما يصيب الإنسان من المصائب يكون من العين، أحيانا يكون من العين وأحيانا من شئ ءاخر .
روى مسلم في صحيحه أن رجلان من الصحابة انفردا في أثناء سَفرَةٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتيا إلى ماء ليسبحا فيه، فخلع أحدهما جبته، فلما رأى الآخر جسده أبيضا قال: ما أجمل بدنك، وكأن جلدك جلدُ عذراء، فسقط ذاك الرجل على الفور وكان في الماء،
قال: فسمعت له قرقعة فناديته فلم يتكلم أي أغمي عليه، فحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قيل يا رسول الله إن سهل بن حنيف حصل معه كذا وكذا، فقال عليه السلام: " من كان معه" قالوا عامر بن ربيعة، فقال عليه السلام له: " على ما يقتل أحدكم أخاه ألا بركت إن العين حق توضأ له، وفي رواية قال: " اغتسل له" فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه في قدح ثم صب عليه، ودعا له عليه السلام فقال: " اللهم بارك به ولا تضره " ثم وضع يده على صدره وقال: " اللهم أذهب عنه حرها وبردها " فراح سهل مع رسول الله ليس به بأس .
فالعين تؤثر بتقدير الله، ولا شئ يؤثر إلا بتقدير الله، لا السحر يؤثر بغير تقدير الله، ولا السم ولا الطعام يشبع بغير تقدير الله، ولا النار تحرق بغير تقدير الله، وإنما كل هذه أسباب، ولا تخلق الأسبابُ المُسَبباتِ، إنما الله يخلق الأسباب وما ينتج عنها .
وهذا الذي جاء في السنة أنه إذا عرف العائن أي الشخص الذي أصاب بعينه يأتى به فتغسل يداه ورجلاه، يصب ماء على يديه وعلى أطراف قدميه وشئ من بدنه، ويجمع هذا الماء ويأتى به إلى المعيون ويسمى اسم الله عليه ثم يصب هذا الماء على رأس المعيون ويجعل هذا الوعاء على فمه يقلب على فمه،
هذا هو معنى قوله عليه السلام: " وإذا استغسلتم فاغسلوا "، النبي عليه السلام في الحديث الذي ذكرناه ءانفا أمر الرجل العائن أن يغسل أطراف يديه ورجليه وأن ينضح ماءا في إزاره، ثم أمر بصب هذا الماء على رأس المعيون وجعل فم الوعاء الذي كان الماء فيه مقلوبا، هذا مما ورد في السنة، وروى أبو داوود عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين "
أما غير هذا مما يفعله البعض مثل صب الرصاص والخرزة الزرقاء ونحو ذلك فهو باطل ليس من السنة، الذي ورد في السنة أنه إذا رؤي في الشخص علامات العين يرقى ويعمل له هذا الذي ذكرناه إذا عرف من العائن، لأن العين خطرها شديد، والذي يتحصن بأوراد التحصين يعرف الفرق بينه وبين من يعيش من غير تحصين كيف أنه يسهل على الشياطين اختراقه وأنه يكون عرضة للإصابة بالعين، لذلك ينبغي علينا أن نداوم على التحصين، وعلى هذه الكلمات التي رقا بها عليه الصلاة والسلام الحسن والحسين .
هذا الأمر يقبله العقل، فكما أن هناك نبات سام يؤذي ومناخ لا يناسب بعض الناس، كذلك هناك نظراتٌ الله يخلق فيها ضررا بمشيئته فتحصل هذه العوارض،
كثير من أمراض الأعصاب والقلق المزمن والتعب والإرهاق من العين، من غير أن يكون بالأعضاء تلف، بل كثير من الأمراض المستعصية التي لا يعرف لها دواء على قول أهل العلم والمعرفة تكون من العين .
وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن ءادم " الشخص الحاسد والشيطان يصيبونه يضرونه إما ببدنه أو بماله أو ولده أو أهله أو يتعكر حاله، وكثير من أهل هذا الزمان لا يعرف هذه الأشياء فيضطربون في أمراضهم ويخمنون، أما نبينا عليه السلام فعلمنا أن هذه الأشياء علاجها يكون بالقرءان والرقيا، لأن القرءان فيه شفاء لكثير من العلل،
قال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} (82) سورة الإسراء
فالمداومة على قراءة السور والآيات والأدعية المخصوصة لذلك فيها نفع كبير، إما أن يقرأ الشخص لنفسه أو يقرأ له،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رقا ورقي له، رقاه جبريل ليعلمه ما يعلم به أمته، وكذلك عائشة رقته، كما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيْتُ الْوجَعَ على أحَدٍ أشَدَّ منه على النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وكُنتُ إذا اشتكى أنْفُثُ على نفسِهِ بالمُعَوِّذاتِ وأمْسَحُ بِيَدِهِ رجاءَ بركَتِها "
ويجوز كذلك أن يعلق الشخص على نفسه شيئا من القرءان، أي الحروز الشرعية، ولكن الذكر باللسان أقوى .
وأما حديث ابن حبان وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " فليس معناه هذه الحروز التي فيها ءايات من القرءان كما قالت الوهابية، الوهابية يشيعون هذا الحديث بين الناس على هذا المعنى، وهذا ليس بصحيح، ليس معناه الرقيا الشرعية بالقرءان،
وإنما معناه تلك التي كانت في الجاهلية التي فيها ذكر النجوم ونحو ذلك، تلك هي الشرك
وقد نص عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب سماه سؤالات أحمد لأنه كان يسأل والده أسئلة ويدونها، وفي كتاب الملل ومعرفة الرجال قال: قيل لأبي عن شخص أصابتة حمى، فأخذ رقعة وكتب عليها قول الله تعالى {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (69) سورة الأنبياء
وأرسلها إليه ليحملها لتكون حرزا له بإذن الله، وهؤلاء الوهابية الذين يزعمون أنهم على مذهب الإمام أحمد، لما يرون إنسانا يعلق حرزا كأنهم رأوا فاحشة، فينقضون عليه ويقولون له يا مشرك،
وقد روي عن الإمام أحمد أنه كتب غيرها من الآيات لتكون حرزا، وكان يسقى بعض المرضى ماءا قرأ عليه ءايات من القرءان، وكذلك غيره من السلف الصالح فعلوا ذلك،
الصحابة منهم من كان يعلق على صدور أولاده الذين لا ينطقون بعض الآيات، فقد ثبت أن عبد الله بن عَمرو رضي الله عنه كان يكتب ءايات من القرءان ويجعلها في أعناق من لا ينطق من أولادهم، والذي كان ينطق كانوا يعلمونه أن يقرأ لأن التحصن باللسان أفضل، فيجوز للإنسان أن يحمل حرزا من ءايات كتاب الله، وقد كان لسيدنا سليمان عليه السلام خاتم عليه نقش، أما الذي لا يجوز ما كان فيه طلاسم كعبادة الجن ومناداة الكواكب ونحو ذلك .
فينبغي للإنسان أن يحافظ على التحصين، لأنه لا يعرف بركته إلا من جربه، فكثير من الناس يعيشون حالات من القلق ومن الأمور التي تنغص عليهم عيشتهم بسبب ترك التحصين، وكثير ممن اعتادوا على قراءة الأوراد مثل ءاية الكرسي والمعوذات والأذكار، الله يدفع عنهم من غير أن يشعروا، لأنه ليس شرطا أن يشعر الإنسان بما يدفع عنه، فالله تعالى من أسمائه اللطيف، واللطيف من أسماء الله معناه: الذي يحسن إلى عباده في الخفاء، يدفع عنهم أنواعا من البلاء من غير أن يشعروا بذلك، أحيانا الشخص يمشي في طريق ويسلك الأشياء الخطرة والله يحفظه من غير أن ينتبه الشخص، فاللطف من الله معناه الإحسان إلى عباده بستر وخفاء .
فالتحصين سبب لإنزال البركات والرحمات على نفسه وأهله وأولاده وبيته وماله، بلفظ صحيح وبنية صحيحة، والشخص إذا تحصن الله يحفظه،
فلو نظر إليه الشخص العائن وتعمد أن يحدق فيه وتكلم من غير أن يذكر الله لا يضره بإذن الله، لأنه تحصن بحصن الله العظيم، وذلك لأن بركة كلام الله أقوى من عين العائن،
أما المكشوف أي الذي ترك التحصين، يكون عرضة للإصابة بالعين ومس الشياطين، يكون مثل الذي يدخل معركة من غير سلاح، فمن ترك التحصين فلا يلومن إلا نفسه، لأن في تركها ترك خير كبير
ووقت التحصين يكون أول النهار وأول الليل، أول النهار من الفجر إلى ما بعده بثلاث ساعات تقريبا، وأول الليل من المغرب إلى ما بعده بنحو ذلك .
يوجد في كتب التاريخ من شُهِرَ عنهم أنهم يصيبون بالعين، وكانوا يتحدون بعضهم من عينه أقوى من الآخر، كان يأتيهم البعض فيقولون لهم نريد هذه الإبل من هذا القطيع، فينظر إليها ويتكلم بكلام فتقع صرعى أي ميتة، وكان منهم من ينظر إلى عنقود العنب فيقول أيا منها تريد، فيقول هذه فيسقطها، هؤلاء شأنهم يختلف عن الذي ظن به أنه يصيب بالعين من غير بينة .
وكان بعض العرب قديما إذا رأى إبلا أعجبته يقول للناس هيئوا أوعيتكم الآن تذبح، ينظر إليها ويتكلم بكلام فتسقط فيذبحها صاحبها ويبيعها بثمن رخيص
وكذلك روي أن شخصا كان يصيب بالعين، فجيء به وصاروا يتحدونه بشخص ءاخر مشهور أنه أقوى منه بالإصابة بالعين، فلما رآه قال: ما هذه العين، فسقطت عين العائن من شدة قوة عينه،
هذا الأمر في الماضي كان معروفا، كان بعض الناس يقصدون هؤلاء إذا أرادوا أن ينتقموا من شخص، لذلك لما أعياهم وحيرهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم حاولوا يصيبوه بالعين، لما سمعوا منه القرءان صاروا يحدقون به لأنهم يعرفون أن هذا يؤثر بالناس ولكن الله حفظه كما قال تعالى
{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (51) {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (52) سورة القلم
اللهم يا عظيم يارب العرش العظيم إنا نسألك السلامة في ديننا الذي فيه عصمة أمرنا، اللهم واحفظنا بحفظك الذي تحفظ به عبادك وانفعنا ببركة القرءان الكريم واحفظنا به من شر فتن الليل والنهار ومن أعين الإنس وأنفس الجن يا أرحم الراحمين .
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...