بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
بعض الصوفية عندهم طوام في العقائد كالقول بوحدة الوجود، لكن لو رجعنا إلى أئمة التصوّف كالجنيد والشبلي والجيلاني والقشيري وحتى النووي والعز بن عبد السلام ووصولًا إلى السيوطي وزكريا الأنصاري وغيرهم، وإلى علماء التصوف المعاصرين كالشيخ النورسي والشيخ حسن حبنكة والشيخ الكشميري والشيخ محمد الخضر والشيخ محمد الحامد والشيخ سعيد حوى والشيخ محمد زكي الدين وغيرهم، وجدتهم يتبرؤون من مثل هذه الكفريات، فمن يعتقد بتلك العقائد فهو من أدعياء التصوف ولا ينبغي أن يُحسب على التصوف السنّي.
بينما تجد أنّ العقائد التي ينشرها الوهابية كالتجسيم والقول بِقِدَم العالم بالنوع وحصول التغيّر في ذات الله تعالى وحلول الله تعالى في المخلوقات وإحاطته الحسية بالعالَم وفناء النار، تجدها صدرت عن مشايخهم واستماتوا في الدفاع عنها.
والمنهج الوهابي منهج قائم على إسقاط رموز الأمة، فهذا أبو حنيفة سماه شيخهم بمصر (أبا جيفة)، وقَرَنَ الألباني بين الإنجيل والفقه الحنفي، وكتب شيخهم في اليمن مقبل الوادعي: (نشر الصحيفة في ذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة)!.
والإمام الغزالي ساحر عند بعضهم، والإمام الرازي أصبح عابدًا للنجوم والكواكب، وجميع شراح البخاري ومسلم والسنن من مئات الأئمة الفحول عندهم في عداد أهل البدع، وصنّف أحدهم رسالة في التفسير في 3 مجلدات فوجد أنّ جميع المفسرين على مر القرون من أهل البدع سوى ثلاثة!! وفقهاء المذاهب الأربعة والأصوليون ومسندو الحديث واللغويون وسائر أئمة الفنون على مر العصور الإسلامية سوى النادر.. كل هؤلاء مبتدعة عندهم.
فالمنهج الوهابي منهج قائم على هدم تراث الأمة وما بناه فحول الإسلام عبر قرون، وأبسط مثال على ذلك هجومهم على عقيدة أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني الذي لم يأت بعده من يدانيه ولا من يقاربه، صاحب فتح الباري الذي لم يصنّف في تاريخ الإسلام مثله، فقد بدأ بالهجوم على اعتقاده ابن باز، وأكمل ذلك المشروع تلميذه علي الشبل، وطُبع الكتاب بتقريظ ابن باز والفوزان وابن منيع وابن عقيل والغنيمان، وكتب عبد الله الدويش كذلك ردًا على ابن حجر، وكذلك فعل عبد الله الغامدي العبدلي.
أما هجومهم على النووي فلم يقل عن هجومهم على ابن حجر.
أضف إلى ذلك أنّ الصوفية مهما بلغت أخطاؤهم لم يكونوا يومًا عاملًا من عوامل إراقة الدم في الأمة، بل إن قادة مقاومة الاستعمار في العالم الإسلامي كانوا من الصوفية، فالشيخ الفاروقي والشيخ الديوبندي في الهند، والشيخ شامل في داغستان، والشيخ النورسي والشيخ مصطفى صبري في تركيا، والشيخ عبد القادر الجزائري في الجزائر، والشيخ ماء العينين في موريتانيا والمغرب، والشيخ عمر المختار في ليبيا، والشيخ عز الدين القسام في فلسطين، كلهم كانوا صوفية، بينما تجد أنّ الوهابية كانوا عاملًا معينًا لبريطانيا في هدم الخلافة العثمانية، وتجد أن الجماعات التكفيرية الآن في الصومال واليمن وتونس والأردن وسوريا والعراق كلها نبعت من الفكر الوهابي، وكان ذلك مدعومًا بفتاوى مشايخهم.
ثم إن الصوفية وجودهم ضئيل بالنسبة للوهابية، ولكل مقام مقال، فالذين يؤثرون على أفكار الناس الآن ويشقون صف المسلمين ويريقون دماءهم ليس أولئك الصوفية بل الوهابية، وهذا ظاهر لكل ذي عينين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق