بيانُ أنَّ نارَ جَهَنَّمَ لا تفنى وأنَّ الكُفَّارَ لا يخرجونَ منها أبدًا
قال الله تعالى (( إنَّ الذينَ كَفَرُوا لنْ تُغْنِيَ عنهم أموالُهم ولا أولادُهم من الله شيئًا وأُولـٰـئكَ أصحابُ النَّارِ هم فيها خالدون ))[المائدة/73].. وقال الله تعالى (( إنَّ الله لعنَ الكافرينَ وأعدَّ لهم سعيرًا . خالدينَ فيها أبدًا لا يجدونَ وَلِيًّا ولا نصيرًا ))[الأحزاب/64/65].. وقال الله تعالى (( إنَّ الذينَ كفروا وظَلَمُوا لم يَكُنِ الله ليغفرَ لهم ولا ليهديَهم طريقًا . إلَّا طريقَ جَهَنَّمَ خالدينَ فيها أبدًا وكانَ ذلكَ على الله يسيرًا ))[النساء/168/169].. وقال الله تعالى (( ومَنْ يَعْصِ الله ورَسُولَهُ فإنَّ له نارَ جَهَنَّمَ خالدينَ فيها أبدًا ))[الجن/23] وقال الله تعالى (( هذانِ خَصْمَانِ اختصموا في ربِّهم ، فالذينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لهم ثيابٌ منْ نارٍ يُصَبُّ من فوقِ رُؤُوسِهِمُ الحميم . يُصْهَرُ بهِ ما في بُطُونهِم والجُلُود . ولهم مَقَامِعُ من حديد . كُلَّمَا أرادوا أنْ يخرجوا منها منْ غَمٍّ أُعِيدُوا فيها وذوقوا عذابَ الحريق ))[الحج] وقال الله تعالى (( وأمَّا الذينَ فَسَقُوا فمأواهمُ النَّارُ ، كُلَّمَا أرادوا أنْ يخرجوا منها أُعِيدُوا فيها وقيلَ لهم ذوقوا عذابَ النَّارِ الذي كنتُم به تُكَذِّبون ))[السَّجدَة/20].. وقال الله تعالى (( إنَّ الذينَ كَفَرُوا بآياتِنا سوفَ نُصْليهِم نارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدَّلناهم جلودًا غيرَها ليذوقوا العذابَ ، إنَّ الله كانَ عزيزًا حكيمًا ))[النساء/56].. وقال الله تعالى (( وإنَّ الْفُجَّارَ لفي جحيم . يَصْلَوْنَهَا يومَ الدِّين . وما هُمْ عنها بغائبين ))[الإنفطار/14/15/16].. .جميعُ هذه الآياتِ تَدُلُّ على أنَّ الله قَضَى على جميعِ الكُفَّارِ الذينَ يموتونَ على غيرِ دينِ الإسلام الخلودَ الأبديَّ في نارِ جَهَنَّمَ . فهُمْ خالدونَ فيها أبدًا وكُلَّمَا أرادوا أنْ يخرجوا منها منْ غَمٍّ أُعِيدُوا فيها وكُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلَهُمُ الله جلودًا غيرَها . وهكذا إلى ما لا نهاية . وأمَّا قولُ الله تعالى في سورة هود (( فأمَّا الذينَ شَقُوا ففي النَّارِ لهم فيها زفيرٌ وشهيق . خالدينَ فيها ما دامتِ السَّمٰواتُ والأرضُ إلَّا ما شاء رَبُّك ، إنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يريد )) فليسَ معناه أنَّ الله قد يُخْرِجُ الكافرينَ من نارِ جهنَّم .. ليسَ هذا معنى الآية .. ليسَ معناها أنه ربَّما يخرجُ اللهُ الكُفَّارَ من نارِ جَهَنَّمَ بعدَما ينالوا عذابَهم أو يطولَ عقابُهم .. ليسَ هذا معنى الآية .. نحنُ لا يَحِقُّ لنا أنْ نُفَسِّرَ القرءانَ تفسيرًا يُؤَدِّي إلى ضَرْبهِ ببعضهِ .. ءاياتُ القرءانِ توافقُ بعضَها .. وإنَّ أيَّ تفسيرٍ يُؤَدِّي إلى ضَرْبهِ ببعضهِ يَكُونُ مُهْلِكًا للذي أقحمَ نفسَه فيه .. لأنَّ هذا يُؤَدِّي إلى إلغاء ءاياتٍ أخرى ، والعياذُ بالله تعالى .. وماذا نفعلُ بقولِ الله تعالى (( خالدينَ فيها أبدًا )) ؟؟!!.. وماذا نفعلُ بقولِ الله تعالى (( كُلَّمَا أرادوا أن يخرجوا منها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فيها )) ؟؟!!، وماذا نفعلُ بقولِ الله تعالى (( لا يجدونَ ولِيًّا ولا نصيرًا )) ؟؟!!، يجبُ علينا أنْ نُفَسِّرَ قولَ الله تعالى (( خالدينَ فيها ما دامتِ السَّمٰواتُ والأرضُ إلَّا ما شاء رَبُّك )) تفسيرًا توافقُ عليه الآياتُ المذكورةُ كيْ لا نَنْسُبَ التناقضَ إلى القرءان . ولقد أجمعَ المفسِّرونَ على أنَّ الآيةَ معناها أنَّ الكُفَّارَ في نارِ جَهَنَّمَ يُخَلَّدُونَ فيها زَمَنًا يزيدُ على مُدَّةِ بقاء السَّماواتِ والأرض . يزيدُ على هذه المدَّة بأحقابٍ وراءَها أحقابٌ وراءَها أحقابٌ وراءَها أحقابٌ لا نهايةَ لها . فقولُ الله تعالى (( إلَّا )) معناه مَعَ .. (( إلَّا ما شاء رَبُّك )) أيْ مَعَ ما شاء الله لهم من الخلود .. معناه : هم في النَّارِ ما دامتِ السَّماواتُ والأرضُ مَعَ الفتراتِ الزَّمنيَّةِ المتعاقبةِ في المستقبلِ إلى ما لا نهاية .. أليسَ يقولُ الله تعالى في سورةِ النَّـبَأ (( لابثينَ فيها أحقابًا )) .. والحُقُبُ ، بضَمَّتَيْن ، الدَّهْرُ .. وجمعُ الحُقُبِ أحقاب .. فالكُفَّارُ يَلْبَثُونَ في جَهَنَّمَ دُهُورًا متواصلةً لا تنتهي أبدًا .. صحيحٌ أَنَّ رَبَّنا فَعَّالٌ لِمَا يريدُ ولكنْ ليسَ معنى ذلكَ أنَّ الله يفعلُ ما أخبرَ في القرءانِ أنه لا يفعلُه . وكيفَ يجوزُ على الله الكَذِبُ ؟؟!!.. الله ، عَزَّ وجَلَّ ، أخبرَ في القرءانِ أنَّ الكُفَّارَ لا يخرجونَ من جَهَنَّمَ وأنهم خالدينَ فيها أبدًا ، فكيفَ يقبلُ صاحبُ عقلٍ سليم أنْ يقولَ بعدَ ذلكَ إنَّ الله ربما يُخْرِجُهُمْ من النَّارِ لأنه فَعَّالٌ لِمَا يريد !!.. وهل يفعلُ الله ما أخبرَ في القرءان أنه لا يفعلُه ؟؟!!. وهل على زَعْمِ هؤلاء الجُهَّالِ أنَّ النَّاسَ يومَ القيامةِ يقولونَ لربِّهم يا رَبَّنا أنتَ كَذَبْتَ علينا في الدُّنيا لَمَّا أخبرتَنا أنكَ لن تخرجَ الكافرينَ من النَّارِ وها أنتَ اليومَ تُخْرِجُهُمْ منها ؟!. ما هذا الكلام ؟؟!!.. هذا كُفْرٌ وخُرُوجٌ من دينِ محمَّد وتَجْوِيزُ الكَذِبِ على الله .. وأمَّا قولُ الله تعالى (( فمَنْ يجيرُ الكافرينَ من عذاب أليم ))[الْمُلْك/28]فليسَ معناهُ أنَّ الله يجيرُهم ، يومَ القيامة ، من عذاب أليم .. ومَنْ مِنَ المفسِّرين قال بذلكَ ؟؟!!.. ومَنْ مِنَ المفسِّرينَ تجَرَّأَ على القول بأنَّ الله يجيرُ الكافرينَ من عذاب أليم ؟؟!!.. وهل يتَجَرَّأُ مسلمٌ يخافُ اللهَ تعالى على أنْ يقولَ لرَبِّهِ أنتَ يا رَبَّنا تخبرُنا في القرءان بشيء ثمَّ تُخْبِـرُنا بخلافهِ .وماذا نفعلُ بقول الله تعالى (( خالدينَ فيها أبدًا )) ؟؟!!.. وماذا نفعلُ بقول الله تعالى (( كُلَّمَا أرادوا أنْ يخرجوا منها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فيها )) ؟؟!!، وماذا نفعلُ بقول الله تعالى (( لا يجدُونَ وَلِيًّا ولا نصيرًا )) ؟؟!!.. لا شَكَّ أنَّ الله فَعَّالٌ لِمَا يريد ولكنَّه لم يشأْ ولا يشاءُ أنْ يُخْرِجَ الكُفَّارَ من نارِ جَهَنَّمَ ، ولنْ يَكُونَ هذا أبدًا .. (( فمَنْ يجيرُ الكافرينَ من عذاب أليم ))[الْمُلْك/28]معناه لا أَحَدَ يجيرُ الكافرينَ ، يومَ القيامة ، من عذاب أليم .. والأمرُ كما قال الله تعالى وهو أصدقُ القائلين (( لا يجدونَ وَلِيًّا ولا نصيرًا )) .. وأمَّا قولُ الله (( قل هو الرَّحمٰنُ ءامنَّا به ))[الْمُلْك/29]فليسَ معناه أنَّ الرَّحمٰنَ هو الذي يُنْجيهِم من عذاب أليم .. وإنما الآيةُ فيها أمرٌ من الله لنبيِّه محمَّد أنْ يَدْعُوَ الكُفَّارَ في الدُّنيا إلى الإيمان بالله ونبيِّه قبلَ أنْ يموتوا كَيْ يَظْفَرُوا برحمةِ الله ، عَزَّ وجَلَّ ، في الآخرةِ الذي هو الرَّحمٰنُ أرحمُ الرَّاحمين .. ابنُ تَيْمِيَةَ هو من الذين يقولونَ بأنَّ جَهَنَّمَ تفنى بعدَ أنْ يدخلَها الكُفَّارُ يومَ القيامةِ بزمان . وكان ابنُ تَيْمِيَةَ قبلَ أنْ يُصَرِّحَ بعقيدتهِ هذه قد كَفَّرَ جَهْمَ بنَ صَفْوانٍ لقولهِ بفَناء الجَنَّةِ والنارِ ثمَّ شاركهُ في نصفِ عقيدتهِ ، أيْ شاركه في القَوْلِ بفَناء النَّار . ولم يَرِدْ عن ابنِ تَيْمِيَةَ أنه قال بفَناء الجنَّة .. .. نَقَلَ ابنُ القَيِّمِ الجَوْزِيَّةُ في كتابهِ (حادي الأرواح) عن ابنِ تَيْمِيَةَ أنه قال :" إنَّ جَهَنَّمَ تفنى بعد أنْ يدخلَها الكُفَّارُ يومَ القيامةِ بزمانٍ ولا يبقَى فيها أحد " . وكانَ ابنُ تَيْمِيَةَ ، قبلَ أنْ يَشِذَّ ، قد قال في كتابه (منهاجِ السُّـنَّةِ النبويَّة) :" اتفقَ المسلمونَ على بقاء الجنَّة والنَّار . وخالفَ في ذلكَ جَهْمُ بنُ صَفْوانَ ، فَكَفَّرَهُ المسلمون " . وللإمام السُّبْكِيِّ رَدٌّ على ابنِ تَيْمِيَةَ سَمَّاهُ (الاعتبار ببقاء الجنَّة والنار) .. والحمدُ للهِ رَبِّ العالَمين |
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاثنين، 10 سبتمبر 2018
بيانُ أنَّ نارَ جَهَنَّمَ لا تفنى وأنَّ الكُفَّارَ لا يخرجونَ منها أبدًا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
تفرغ لعبادة الله والا شغلتك الدنيا
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم :” قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا ابْنَ ءادَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ ف...
-
والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله الطاهرين وبعد : ننقل للسادة القرّاء هذه الوثيقة (المخطوطة) من أحد كتب ابن تيمية شيخ المجسمة ، وف...
-
بيان اقسام الحكم العقلي ؛ الحكم العقلي ينقسم الى ثلاثة اقسام ؛ الوجوب والاستحالة والجواز الواجب العقلي ما لا يتصور في العقل عدم...
-
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . معنى الواجب والمستحيل والجائز " إن ا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق