التحذيرُ مِنَ الْمُسمَّينَ الرّوحانِيِّينَ والْمُنَجِّمِينَ
التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ إِخْوَةَ الإِيمَانِ هُوَ الاعتِمَادُ، فَيَجِبُ عَلَى العَبْدِ أَنْ يَكُونَ اعتِمَادُهُ عَلَى اللهِ لأنَّ اللهَ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ مِنَ المنافِعِ وَالمضَارِّ وَسَائِرِ مَا يَدْخُلُ في الوُجُودِ، فلا ضَارَّ ولا نَافِعَ علَى الحقِيقَةِ إلا اللهُ، فالطعامُ لا يَخْلُقُ فينَا الشِّبَعَ إنَّمَا خَالِقُ الشِّبَعِ فينَا هُوَ اللهُ، والماءُ لا يَخْلُقُ فينَا الارتِوَاءَ مِنَ العَطَشِ إنما خالقُ الارْتِواءِ منَ العَطَشِ فينا هوَ اللهُ، والدَّواءُ لا يَخْلُقُ فينا الشِّفَاءَ مِنَ المرضِ، خالقُ الشفاءِ فينَا هُوَ اللهُ، فإذا اعتَقَدَ العبدُ ذلكَ ووطَّنَ قلبَهُ عليهِ كانَ اعتمادُهُ على اللهِ في أمورِ الرِّزْقِ وَالسَّلامَةِ مِنَ المضَارِّ، وَقَدْ قَالَ الجُنَيْدُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "التَّوَكُّلُ هُوَ تَرْكُ الاعتِمَادِ الحقِيقِيِّ علَى غَيْرِ اللهِ". الواجبٍ مِنَ الواجباتِ القلبيّةِ هُوَ التوكُّلُ على اللهِ لِنَحْذَرَ مِنَ الّلجُوءِ إلى المعاصي، إلى المحرّماتِ عندَ وُقوعِ المصائِبِ والبَلايا، فَمِنَ النَّاسِ إِذَا ابْتُلِيَ بِمُصِيبَةٍ بَدَلَ أَنْ يَصْبِرَ وَيَتَوَكَّلَ علَى اللهِ وَيُفَوِّضَ أَمْرَهُ إلَى اللهِ وَيُقبِلَ إلى الطاعاتِ أكثرَ فأكثرَ يَلْجَأُ إلَى الحرَامِ كَالَّذِينَ يَذْهَبُونَ إلَى السَّحَرَةِ وَالْمُشَعْوِذِينَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالَى، فَقَدْ قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ: "مَنْ أتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحمَّدٍ". أيْ إِنِ اعتَقَدَ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى الغَيْبِ وَلَيْسَ المُرَادُ مَنْ يَظُنُّ أنَّهُ قَدْ يُوافِقُ الواقِعَ وَقَدْ لا يُوافِقُ الوَاقِعَ فَإِنَّهُ لا يَكُونُ كَافِرًا بَلْ يَكونُ عاصيًا بسُؤالِهِ إيَّاهُمْ، والكاهِنُ هُو الذي يتعاطَى الأخْبَارَ عن الكائناتِ في المستَقْبَلِ اعتِمَادًا عَلَى النَّظَرِ في النُّجومِ أوْ غَيْرِ ذلكَ، فالحذَرَ الحذَرَ مِنَ الذينَ يقولونَ لَهمْ فُلانٌ رُوحَانِيٌّ أوْ مَعَهُ جِنٌّ رَحْمَانِيٌّ، يَقُولُ بَعْضُ الناسِ فلانٌ رُوحَانِيٌّ يَعْتَمِدُونَ كَلامَهُ ظنًّا منهم أنّ لهُ اتصالاً بالملائكةِ وإنما هوَ معتمِدٌ على فُسَّاقِ الجنِّ من كفَّارِهِمْ وغيرِهِمْ ولا يستطيعُ هؤلاءِ الدّجاجِلَةُ أن يسحبوا روحَ الكافرِ منْ مَلائكةِ العذابِ إنما الذينَ يَحضُرُونَ إلى مَجْلِسٍ هؤلاءِ همُ الجنُّ الذينَ كانوا يعرفونَ حالَ هذا الشخصِ وعاشوا معهُ إمَّا قرينُهُ أوْ واحِدٌ ءاخَرُ يعرفُ أحوالَهُ يَكْذِبُ فَيَقُولُ أَنَا رُوحُ فلانٍ، احْذَرُوهُمْ وحذِّروا الناسَ منهمْ، مِنْ هَؤُلاءِ مَنْ يُوقِعُ النَّاسَ فِي الكُفْرِ والضَّلالِ وَالعياذُ باللهِ لأنَّ الإِنسانَ إذا اعْتَقَدَ السِّحرَ حَلالاً وَأَنَّهُ شَىْءٌ حَسَنٌ يكفُرُ والعياذُ باللهِ، لأنَّ السِّحرَ أمرٌ مُحَرّمٌ مِنَ المحرّماتِ الكبائرِ، والسِّحرُ هُوَ مُزاوَلةُ أَعْمَالٍ وَأَقْوالٍ خبيثةٍ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بالاستِعَانَةِ بالشياطِينِ، ولا يَجُوزُ مقابلةُ السِّحْرِ بالسِّحْرِ كما يفعَلُ بَعْضُ الجهّالِ. ومِنْ أَعْمَالِ السَّحَرَةِ وأقوالِهمِ الخبيثَةِ أنّهم يستنْجِدُونَ بالشياطِينِ ويتكلَّمُونَ بكلامٍ قَبِيحٍ فِيهِ تَعْظِيمٌ للشيطَانِ ليُعِينَهُمْ على إِيذَاءِ هذا الشخصِ الذِي يريدونَ ايذاءَهُ. ومِنَ الأفعالِ الخبيثةِ التي يزاوِلُونَها أنّهم أحيانًا يَأْخُذُونَ دَمَ الحَيْضِ لِيسقُوهُ الشَّخصَ الذِي يُريدُونَ ضَرَرَهُ. ومِنْ أنواعِ السِّحْرِ سِحْرُ التسلِيطِ، يُسَلَّطُ على الشخصِ جِنِّيٌ يُمْرِضُهُ وأحيانًا هذا الجنِّيُ يقتُلُهُ. ومِمّا ينفعُ للتحصُّنِ مِنَ السِّحْرِ أنْ يُداوِمَ الشّخصُ كُلَّ صباحٍ ومساءٍ على قراءةِ الْمُعَوِّذاتِ: قُلْ أعوذُ بِرَبِّ الناسِ وقُلْ أعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وسورةِ الإخلاصِ ثلاثًا ثلاثًا. لذلك أخي المؤمنُ، كُنْ حَرِيصًا على نفْسِكَ وأَهْلِ بَيْتِكَ، كُنْ حريصًا على زوجتِكَ وأَولادِكَ وَاصْطَحِبْهُمْ إلى مَجالِسِ علْمِ الدّينِ لأنّ مِنَ الناسِ مِنْ شدّةِ الغفْلَةِ يذهبونَ إلى السّحَرَةِ والمشعْوِذينَ. ولْيُعلَمْ أنّ منَ الناسِ مَنْ يكتُبُ المصحَفَ بالبَوْلِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ إِرْضَاءً للشياطينِ لأنَّ الكُفْرَ إذَا حَصَلَ مِنَ ابنِ ءادَمَ فَهَذَا عِنْدَ الشياطينِ أعظمُ شىءٍ، يَشْتَهُونَ هذا اشتهاءً. ثُمّ مِمّا يَحْتَالونَ بِهِ لِتَرْوِيجِ عَمَلِ السِّحْرِ أنّهمْ يَخْلِطونَ بعضَ الآياتِ القُرْءَانيَّةِ بِالسِّحْرِ حتى يُوهِمُوا الناسَ أنَّ القُرءانَ لَهُ دَخْلٌ في السّحْرِ، والقرءانُ لا دَخْلَ لهُ بالسِّحْرِ لكنْ أولئكَ يَخْلِطونَ بعضَ الآياتِ القرءانيّةِ بالسِّحْرِ، يَضَعُونَ كَلامًا خَبِيثًا في الوَرَقَةِ ثُمَّ يَكْتُبُونَ قُرْبَهُ بَعْضَ الآياتِ فَيَظُنُّ الجاهِلُونَ مِنَ البشَرِ أنَّ القُرءَانَ لَهُ دخْلٌ في السحرِ فيكفرونَ والعياذُ باللهِ، فَمَنْ رأى شيئًا مكتوبًا مِنَ السِّحْرِ وإلى جَانِبِهِ ءَايَاتٌ قُرْءَانِيَّةٌ فَلْيَعْلَمْ أنَّ القُرْءَانَ لا دخْلَ لهُ إنّما الشياطينُ أَدْخَلَتْ هذا لتُضِلَّ الناسَ بأنْ يظنّوا أنّ القرءانَ فيه سحرٌ، والقرءانُ ضِدَّ السحرَ وبالقرءانِ يُفَكُّ السحرُ، والسحرُ ليسَ مِنْ عَمَلِ الأنبياءِ وليسَ مِنْ عَمَلِ الأولياءِ الصالحينَ. فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ وتذكّروا قولَ اللهِ تعالى ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ سورة البقرة / 281. |
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاثنين، 10 سبتمبر 2018
التحذيرُ مِنَ الْمُسمَّينَ الرّوحانِيِّينَ والْمُنَجِّمِينَ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
تفرغ لعبادة الله والا شغلتك الدنيا
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم :” قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا ابْنَ ءادَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ ف...
-
والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله الطاهرين وبعد : ننقل للسادة القرّاء هذه الوثيقة (المخطوطة) من أحد كتب ابن تيمية شيخ المجسمة ، وف...
-
بيان اقسام الحكم العقلي ؛ الحكم العقلي ينقسم الى ثلاثة اقسام ؛ الوجوب والاستحالة والجواز الواجب العقلي ما لا يتصور في العقل عدم...
-
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . معنى الواجب والمستحيل والجائز " إن ا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق