بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 يوليو 2018

التوبة أول منازل السالكين وأول مقام من مقامات الطالبين

التوبة أول منازل السالكين وأول مقام من مقامات الطالبين
===============================
يقول الله تعالى :'' وتوبوا إلى الله جميعاً أيّهَا المؤمنون لعلكم تفلحون
فالتوبة أول منازل السالكين وأول مقام من مقامات الطالبين ، وهي واجبة على الفور من كل الذنوب ؛ وأركانها ثلاثة :
1- ترك الذنب
2- والندم على ما صدر منه: لحديث النبي صلى الله عليه وءاله وسلم '' الندم توبة '' . والندم كما عرفه الجرجاني ( غمٌّ يصيب الإنسان على ما أصابه من تفريط ) . ولا بد أن يكون هذا الندم لأجل أنه عصى الله وليس لأجل فضيحةٍ بين الناس حصلت له أو لفوت مصلحة دنيوية أو نحو ذلك .
والمراد بقوله عليه السلام ( الندم توبة ) أن معظم أعمال التوبة الندم ، على حد ( الحج عرفة ) كما ذكر الإمام القشيري في رسالته وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرحه عليها .
3- والعزم على أن لا يعود لمثله .
فإن استكمل هذه الأركان الثلاثة يكون قد خرج من ذنوبه ما لم يكن ذنبه متعلقاً بحق آدمي أو بترك فرض . فإن كانت معصيته تركَ فرض من فرائض الله كصلاة وصيام قضاه . أو تعلقت بحق آدمي قضاه أو استرضاه .
ثم التوبة تكون إما كاملة وإما ناقصة . فالكاملة ما كانت من جميع الذنوب والناقصة ما كانت من ذنب دون ذنب .
وتكون كذلك نصوحاً وغير نصوح . فالتوبة النصوح هي التوبة التي لا يعود بعدها صاحبها إلى الذنب ، فيهجره البتة . وأما غير النصوح فهي التوبة التي يعود بعدها إلى الذنب مع كونه نوى في البداية هجرَه وعدم الرجوع إليه . ومع ذلك فإن ذنبه الذي كان تاب منه يُمحى ولا يسجل في صحيفته مرة أخرى إن رجع إليه ؛ بل يثبت عليه ذنبه الجديد فقط ما لم يتب منه كذلك .
وقد حثنا الله تعالى على التوبة إليه وبيَّن لنا أنها سبب النجاح والفلاح وأنه يغفر لنا ما دعوناه ورجوناه .
فقد روى الترمذي عن أنس قال سمعت النبي صلى الله عليه وءاله وسلم يقول : قال الله تعالى: يا ابن ءادم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن ءادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك ولا أبالي يا ابن ءادم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقُرابها مغفرة
وروى مسلم عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم قال '' والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفرُ لهم ''
ولا يظنَّ ظانٌّ أن هذا تشجيع على العصيان ، بل المعنى لو لم تتوبوا بعد أن تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم يتوبون بعد ذنوبهم .
وليُعلم أن الله تعالى يقبل توبة عبده ما لم يغرغر ، أي ما لم تصل روحه إلى الحلقوم ، كما ورد في حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ( رواه الترمذي وحسنه )
كذلك حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم قال '' من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ''
( رواه مسلم ) فعندها يغلق باب التوبة .ولا يقبل الله توبة عبده إن وصل إلى حالة اليأس كما حصل لفرعون حين أدركه الغرق .فإنه لما رأى الماء يطبق عليه وأيقن أنه هالك لا محالة قال ( ءامنتُ أنه لا إله إلا الذي ءامنَت به بنو إسرائيل ) فلم يقبل الله منه وأهلكه ( ءالآن وقد عصيتَ قبلُ وكنتَ من المفسدين )
فتوبوا إلى الله جميعاً عسى أن يرفع الله عنا شيئاً من البلاء فإنه لا ينزل بلاء عام إلا بذنب ولا يُرفَعُ إلا بتوبة .
أسأل الله أن يوفقنا لتوبة نصوح بسر اسمه التواب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا يصح الصوم كله فرضه ونفله مقيّده ومطلقه إلا بنية

 قال شيخ المالكية أبو القاسم بن الجلاب في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله، باب النية في الصوم، (فصل) النية (ولا يصح الصوم كله فر...