بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 يوليو 2018

تفسير قوله تعالى قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم ....

تفسير قوله تعالى قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم ....
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير قوله تعالى
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (14) سورة الحجرات

قبل ان نشرح الاية نبين معنى الايمان والاسلام
الاسلام لغة : الانقياد والاستسلام
وشرعا : انقياد مخصوص اقله النطق بالشهادتين
والايمان لغة : التصديق
وشرعا : تصديق مخصوص اقله التصديق القلبي بمعنى الشهادتين
والاسلام والايمان لا ينفصلان كما قال سيدنا ابو حنيفة رضي الله عنه لايكون اسلام بلا ايمان ولا ايمان بلا اسلام فهما كالظهر مع البطن
ومعنى كلامه انه لا يوجد مسلم غير مؤمن ولا مؤمن غير مسلم من حيث الشرع
فعلى هذا نبين معنى قول الله تعالى
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ) المراد بالاعراب هنا بعضهم والمراد بهم في هذه الاية المنافقون ومعنى كلامهم اي صدقت قلوبنا بالله ورسوله
( قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا ) الله كذبهم في دعواهم ان قلوبهم صدقت به وبرسله
( وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا ) هنا اسلمنا اي انقدنا يعني استسلمنا ظاهرا من دون ان تصدق قلوبهم
( وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) كلمة (( لما )) اذا جاء بعدها فعل مضارع فانها تفيد النفي ومعنى الاية ان الايمان اي التصديق القلبي ما دخل قلوبكم اي بعدهم على الكفر
وللاستئناس انقل لكم ( صحافة ) بعض ما قاله اهل التفسير
قال ابو حيان في البحر المحيط
{ قالت الأعراب آمنا } ، قال مجاهد : نزلت في بني أسد بن خزيمة ، قبيلة تجاور المدينة ، أظهروا الإسلام وقلوبهم دخلة ، إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا .
وقيل : مزينة وجهينة وأسلم وأشجع وغفار قالوا آمنا فاستحققنا الكرامة ، فردّ الله تعالى عليهم بقوله : { قل لم تؤمنوا } ، أكذبهم الله في دعوى الإيمان ، ولم يصرح بإكذابهم بلفظه ، بل بما دل عليه من انتفاء إيمانهم ، وهذا في أعراب مخصوصين . فقد قال الله تعالى : { ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر } الآية .
{ ولكن قولوا أسلمنا } ، فهو اللفظ الصادق من أقوالكم ، وهو الاستسلام والانقياد ظاهراً
ولم يواطىء أقوالكم ما في قلوبكم ، فلذلك قال : { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم }
قال النسفي
{ قَالَتِ الأعراب } أي بعض الأعراب لأن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر وهم أعراب بني أسد قدموا المدينة في سنة جدبة فاظهروا الشهادة يريدون الصدقة ويمنون عليه { ءَامَنَّا } أي ظاهراً وباطناً { قُلْ } لهم يا محمد { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } لم تصدقوا بقلوبكم { ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } فالإيمان هو التصديق ، والإسلام الدخول في السلم والخروج من أن يكون حرباً للمؤمنين بإظهار الشهادتين ، ألا ترى إلى قوله { وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ } فاعلم أن ما يكون من الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب فهو إسلام ، وما واطأ فيه القلب اللسان فهو إيمان ، وهذا من حيث اللغة . وأما في الشرع فالإيمان والإسلام واحد لما عرف
وفي تفسير الخازن قال
قوله تعالى : { قالت الأعراب آمنا } الآية نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة مجدبة فأظهروا الإسلام ، ولم يكونوا مؤمنين في السر ، فأفسدوا طرق المدينة بالقذرات وأغلوا أسعارها وكانوا يغدون ويروحون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويقولون : أتتك العرب أنفسهم على ظهور رواحلها وجئناك بالأثقال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان ، يمنون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ويريدون الصدقة ، ويقولون : أعطنا فأنزل الله فيهم هذه الآية .
وقيل : نزلت في الأعراب الذين ذكرهم الله في سورة الفتح وهم جهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار كانوا يقولون آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم فلما استنفروا للحديبية تخلفوا عنها فأنزل الله عز وجل قالت الأعراب آمنا أي صدقنا { قل لم تؤمنوا } أي لم تصدقوا بقلوبكم { ولكن قولوا أسلمنا } أي استسلمنا وانقدنا مخافة القتل والسبي { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } أخبر أن حقيقة الإيمان هو التصديق بالقلب وأن الإقرار باللسان وإظهار شرائعه بالأبدان لا يكون إيماناً دون التصديق بالقلب والإخلاص .
قال القرطبي
قوله تعالى: قالت الاعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم (14) نزلت في أعرب من بني أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة جدبة وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر.
وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات وأغلوا أسعارها، وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتيناك بالاثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان فأعطنا من الصدقة، وجعلوا يمنون عليه فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.
وقال ابن عباس: نزلت في أعراب أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة قبل أن يهاجروا، فأعلم الله أن لهم أسماء الاعراب لا أسماء المهاجرين.
وقال السدي: نزلت في الاعراب المذكورين في سورة الفتح: أعراب مزينة وجهينة وأسلم وغفار والديل وأشجع، قالوا آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم، فلما استنفروا إلى المدينة تخلفوا، فنزلت.
وبالجملة فالآية خاصة لبعض الاعراب، لان منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر كما وصف الله تعالى.
ومعنى " ولكن قولو أسلمنا " أي استسلمنا خوف القتل والسبي، وهذه صفة المنافقين، لانهم أسلموا في ظاهر إيمانهم ولم تؤمن قلوبهم، وحقيقة الايمان التصديق بالقلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...