-بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي لا حول ولا قوة الا به ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن بيده الهدى والضلال يهدي من يشاء فيؤمن ويضل من يشاء فيكفر ليس إلي من ذلك شيء فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا
وبعد
لا بد أن نبين لك أخي القارئ ما هو مذهب السلف والخلف في ايآت الصفات لمعرفة الحق ولنصرة السنة واهلها والدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا ولكسر عين الحاقدين والذين يتسترون تسترا بالسلف والخلف وينادون بأسمائهم فيظن العوام بأنهم علماء أخر الزمان.
ليعلم أن أهل السنة هم جمهور الأمة المحمدية وهم الصحابة ومن تبعهم في المعتقد أي أصول الاعتقاد، وهي الأمور الستة المذكورة في حديث جبريل الذي قال فيه الرسول: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره". وأفضل هؤلاء أهل القرون الثلاثة المرادون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" والقرن معناه مائة سنة كما رجح ذلك الحافظ أبو القاسم بن عساكر وغيره،
وهم المرادون أيضًا بحديث الترمذي وغيره: "أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" وفيه قوله: "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة" صححه الحاكم وقال الترمذي: حسن صحيح،
وهم المرادون أيضًا بالجماعة الواردة فيما رواه أبو داود من حديث معاوية: "وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة". والجماعة هم السواد الأعظم ليس معناه صلاة الجماعة، كما يوضح ذلك حديث زيد بن ثابت ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث لا يُغَل عليهن قلب المؤمن: إخلاص العمل، والنصيحة لولي الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تكون من وراءَهم". قال الحافظ ابن حجر: حديث حسن.
ثم حَدَثَ بعد مائتين وستين سنة انتشار بدعة المعتزلة وغيرهم فقيَّضَ الله تعالى إمامين جليلين أبا الحسن الأشعري وأبا منصور الماتريدي رضي الله عنهما فقاما بإيضاح عقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلة نقلية وعقلية مع رد شبه المعتزلة وهم فرق عديدة بلغ عددهم عشرين فرقة، فقاما بالرد على كل هذه الفرق أَتَم القيام برد شبههم وإبطالها فنُسب إليهما أهل السنة، فصار يقال لأهل السنة أشعريون وماتريديون.
فيجب الاعتناء بمعرفة عقيدة الفرقة الناجية الذين هم السواد الأعظم، وأفضل العلوم علم العقيدة لأنه يبين أصل العقيدة التي هي أصل الدين، وهذا العلم سماه أبو حنيفة الفقه الأكبر. فيا طلاب الحق لا يُهَوِّلَنَّكُم قدح المشبهة المجسمة في هذا العلم بقولهم إنه علم الكلام المذموم لدى السلف، ولم يدروا أن علم الكلام المذموم هو ما ألفه المعتزلة على اختلاف فرقهم والمشبهة على اختلاف فرقهم من كرَّامِيَّةٍ وغيرها فإنهم قد افترقوا إلى عدة فرق بيّنها من ألفوا في بيان الفرق كالإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي.
مذهب السلف والخلف في الايات المتشابهات
استوى على العرش
العرش جسم عظيم نوراني علوي محيط بجميع الأجسام لا قطع لنا بتعيين حقيقته على المعتمد يجب الإيمان به
استوى أي بالقهر ملك قاهر وإله قادر ويلزم من قهره تعالى أعظم الأشياء وأعلاها قهر ما دونه ولفظ الاستواء من جملة المتشابه كاليد والوجه فتكون والأصابع ونحو ذلك مما ظاهره مستحيل على الباري سبحانه ولا يعلم معناه على القطع إلا الله سبحانه وتعالى .
وأما العلماء فقد اتفق السلف والخلف على وجوب اعتقاد حقيقة وروده على وجوب تنزيه الباري عن ظاهره المستحيل
ثم بعد اتفاقهما على صرف المتشابه عن ظاهره
ذهب السلف كابن شهاب ومالك الإمام ومن وافقهما من السلف الصالح منع تأويلها عن التفصيل والتعيين وقال أهلها انقطع بأن مراد ونعتقد أن له تعالى استواء ويدا وغير ذلك مما ورد به الشرع لا يعلم معناه على التفصيل إلا الله وكذلك تسمى المعنوية .
فالسلف وهم أهل القرون الهجرية الثلاثة الأولى، مذهبهم التنزيه والتفويض، فإنهم لا يتكلمون في معاني آيات الصفات وأحاديث الصفات، بل يقولون يجب علينا أن نؤمن بها، ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله تعالى وعظمته، مع إعتقادنا الجازم أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنه منزه عن التجسيم وعن سائر صفات المخلوق، فهم يقولون باثبات الوجه، واليد، والعين لله تعالى على أنها صفات يعلمها الله تعالى، لا على أنها جوارح ، ذلك لأن الجوارح مستحيلة على الله تعالى.
قال يونس بن عبد الاعلى: سمعت الشافعي يقول: نُثبت هذه الصفات التي جاء بها القرءان، ووردت بها السنة، وننفي التشبيه عن الله كما نفاه عن نفسه فقال { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }. وقال الامام ابو حنيفة: "يده صفته بلا كيف".
وذهب الخلف إلى حمل اللفظ على معنى يسوغ في اللغة، ويليق بالله تعالى.
والتأويل التفصيلي وإن كان عادة الخلف فقد ثبت أيضا عن غير واحد من أئمة السلف وأكابرهم كابن عباس من الصحابة، ومجاهد تلميذ ابن عباس من التابعين، والإمام أحمد ممن جاء بعدهم، وكذلك البخاري وغيره.
أما ابن عباس فقد قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: "وأما الساق فجاء ابن عباس في قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق) (سورة القلم:42) قال: عن شدة من الأمر، والعرب تقول قامت الحرب على ساق إذا اشتدت، ومنه: قد سنّ أصحابك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق
وأسند البيهقي الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن
وأما مجاهد فقد قال البيهقي: "و أخبرنا عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا أبو أسامة، عن النضر، عن مجاهد في قوله عز وجل: (فأينما تولوا فثمّ وجه الله) (سورة البقرة:115) قال: قبلة الله، فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها". ا.هـ. - الأسماء والصفات، البيهقي ص /309.
وأما الإمام أحمد: فقد روى البيهقي في مناقب أحمد عن الحاكم، عن أبي عمرو بن السماك، عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأول قول الله تعالى: (وجآء ربك) (سورة الفجر:22) أنه جاء ثوابه. ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا غبار عليه، نقل ذلك ابن كثير في تاريخه - البداية والنهاية (19/327)
وفي رواية أخرجها البيهقي في كتاب مناقب أحمد تأويل: (وجآء ربك) (سورة الفجر:22) بمجيء قدرته.
قال البيهقي في كتاب مناقب أحمد أنبانا الحاكم، قال حدثنا أبو عمرو بن السماك، قال: حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت عمي أبا عبد الله _ يعني أحمد _ يقول: احتجوا عليّ يومئذ_يعني يوم نوظر في دار أمير المؤمنين _ فقالوا تجيء سورة البقرة يوم القيامة وتجيء سورة تبارك فقلت لهم: إنما هو الثواب قال الله تعالى: (وجآء ربك) (سورة الفجر:22) إنما يأتي قدرته وإنما القرءان أمثال ومواعظ.
قال البيهقي: وفيه دليل على أنه كان لا يعتقد في المجيء الذي ورد به الكتاب والنزول الذي وردت به السنة انتقالا من مكان إلى مكان كمجيء ذوات الأجسام ونزولها، وإنما هو عبارة عن ظهور ءايات قدرته، فإنهم لما زعموا أن القرءان لو كان كلام الله وصفة من صفاته ذاته لم يجز عليه المجيء والإتيان، فأجابهم أبو عبد الله بإنه إنما يجيء ثواب قراءته التي يريد إظهارها يومئذ فعبر عن إظهاره إياها بمجيئه. اهـ.
وقد روى البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي الحسن المقرئ، قال: انا أبو عمرو الصفار، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو حسن الميموني قال: خرج إلي يوما أبو عبد الله أحمد بن حنبل فقال: ادخل، فدخلت منزله فقلت: أخبرني عما كنت فيه مع القوم وبأي شيء كانوا يحتجون عليك؟ قال: بأشياء من القرءان يتأولونها ويفسرونها، هم احتجوا بقوله: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) (سورة الأنبياء:2) قال: فقلت: قد يحتمل ان يكون تنزيله إلينا هو المحدث لا الذكر نفسه هو المحدث. قلت: _ أي قال البيهقي_ والذي يدل على صحة تأويل أحمد بن حنبل رحمه الله ما حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل عن عبد الله _ هو ابن مسعود _ رضي الله عنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فلم يرد عليّ فأخذني ما قَدُم وما حَدَث، فقلت: يا رسول الله أحدث فيّ شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يحدث لنبيه من أمره ما شاء، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة".ا.هـ.
- الأسماء والصفات (ص/235).
وفي صحيح البخاري في قوله تعالى: (كل شىء هالك إلا وجهه) (سورة القصص:88) قال البخاري :كل شيء هالك إلا وجهه إلا ملكه ويقال إلا ما أريد به وجه الله. ا.هـ.
وأوّل البخاري الضحك الوارد في الحديث بالرحمة نقل ذلك عنه الخطابي، قال: وقد تأوّل البخاري الضحك في موضع ءاخر على معنى الرحمة وهو قريب وتأويله على معنى الرضا أقرب. ا.هـ.
- فتح الباري (7/120).
وطريق الخلف تؤول المتشابه على وجه التفصيل قصدا للإيضاح ولذلك تسمى المؤولة فأولوا الاستواء بالقهر واليد بالقدرة فتكون بالبصر والأصابع بإرادات القلب وإلى طريق السلف والخلف أشار صاحب الجوهرة بقوله
وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها
و قال السُّبكي في تأويل المتشابه: أجمع السلف والخلف على تأويله تأويلا إجماليا، لقيام الأدلة القاطعة على أنه تعالى مخالف للحوادث.
وقال البيهقي: أما الخلف، وهم من جاء بعد القرون الهجرية الثلاثة الأولى، فمذهبهم التنزيه والتأويل، فهم يؤلون آيات الصفات، وأحاديث الصفات المتشابهة تأويلا تفصيليا بمعنى يسوغ لغة، ويليق بالله تعالى شرعا، ففسروا اليد بالنعمة أو القدرة، والعين بالحفظ والرعاية، والوجه بالذات.
قال النَّووي: وإنما يسوغ تأويلها لمن كان من أهله، بأن يكون عارفا بلسان العرب، وقواعد الأصول والفروع، ذا رياضة في العلم. وقال العلماء في التأويل التفصيلي، لا بأس بسلوكه، ولا سيما عند الخوف من تزلزل العقيدة، حفظا من التشبيه.
فعلم بما ذكرنا أن كلا من أهل الطريقتين تؤول المتشابه يصرفه عن ظاهره لاستحالته وافترقا بعد صرفه عن ظاهره المستحيل في بيان معناه على التعيين والتفصيل
فالسلف يفوضون علم ذلك لله تعالى
والخلف تؤوله تأويلا تفصيليا بحمل كل لفظ على شيء معين خاص كما قدمنا
قال العلامة ابن أبي شريف ومذهب السلف أسلم فهو أولى بالاتباع كما قال بعض المحققين ويكفيك في الدلالة على أنه أولى بالاتباع ذهاب الأئمة الأربعة إليه
فإن مالكا رضي الله تعالى عنه لما سئل عن الاستواء قال الاستواء معلوم والكيف مرفوع والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
ولما سئل عنه الشافعي رضي الله تعالى عنه قال استوى بلا تشبيه وصدقت بلا تمثيل واتهمت نفسي في الإدراك وأمسك عن الخوض في ذلك كل الإمساك
ولما سئل عنه الإمام أحمد بن حنبل قال استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر
ولما سئل عنه الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه قال من قال لا أعرف الله في السماء أم في الأرض كفر لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه
ومعنى قول مالك الاستواء معلوم أن عقولنا دلتنا على أن الاستواء اللائق بالله هو القهر دون الاستقرار والجلوس لأنفسهما من صفات الأجسام
وقوله والكيف مرفوع معناه أن ذات الله لا توصف بالأحوال المتعلقة والهيئات الحسية من التربع ونحوه
والإيمان به واجب لوروده في الكتاب
والسؤال عنه بدعة لأنه لم تجر العادة بالسؤال عنه من السلف بل يفوضون معرفته على التحقيق إلى الله
وأما طريق الخلف فهي أحكم بمعنى أكثر إحكاما أي إثباتا لما فيها من إزالة الشبه عن الإفهام وبعضهم عبر بأعلم بدل أحكم بمعنى أن معها زيادة علم ببيان المعنى التفصيلي
ومال إلى ترجيحها العز بن عبد السلام حيث قال هي أقرب الطريقين إلى الحق وإمام الحرمين مال مرة إلى طريق الخلف ومرة إلى طريق السلف وهذا الخلاف
حيث لا تدعو ضرورة إلى التأويل وإلا اتفق على وجوب التأويل التفصيلي وذلك بأن تحصل شبهة لا ترتفع إلا به
والخلاف بين الخلف والسلف مبني على الخلاف في الوقف في الآية هل على قوله والراسخون في العلم أو على قوله إلا الله
فمن جعل الوقف على إلا المتشابه بأنه الذي استأثر الله بعلمه كمدة بقاء الدنيا ووقت قيام الساعة ومن قدر الوقف على والراسخون في المتشابه وأوله تأويلا تفصيليا وجملة يقولون آمنا به استئناف موضح لحال الراسخين أو حال منهم أو خبر إن جعلته مبتدأ.
قال النسفي في تفسيره: فالاستواء يكون بمعنى الجلوس، وبمعنى القدرة والاستيلاء، ولا يجوز الأول على الله تعالى بدليل المحكم وهو قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ }. وقال البيضاوي في "تفسيره" عند قوله تعالى { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } سورة الأعراف الآية (54)، استوى، أي استولى.
والخلف يقولون : معنى الاية: "جاء أمر ربك"، قال النَّسفي في تفسيره: { وَجَاء رَبُّك }، عن ابن عباس "أمره وقضاؤه"، وقال البيضاوي في تفسيره: { وَجَاء رَبُّك } أي أذا ظهرت آيات قدرته، وآثار قهره،
وقال المتولي: { وَجَاء رَبُّك } المراد به جاء أمر ربك، والدليل عليه أن الله تعالى ذكر في سورة الأنعام إخبارا عن إبراهيم عليه السلام أنه استدل بأفول الشمس والقمر، والكواكب على أنها ليست بآلهة، وتبرأ منها، ولو كان الباري يجوز عليه الاتيان والمجيء - الحسي كالانتقال - لبطلت الدلالة.
وأول أبن كثير الوجه في قوله تعالى : (( كل شيء هالك إلا وجهه)) قال ما نصه (( فعبر بالوجه عن الذات وهكذا قوله ههنا كل شيء هالك إلا وجهه أي إلا إياه )) - تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 404
قال النَّووي عن حديث (( ينزل ربنا)) : "هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيه مذهبان مشهوران للعلماء، وقال" ومختصرهما، أن أحدهما، وهو مذهب جمهور السلف، وبعض المتكلمين، أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى، وأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد، ولا يُتكلَّم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق، وعن الانتقال والحركات، وسائر سمات الخلق، والثاني، مذهب أكثر المتكلمين، وجماعات من السلف، وهو مَحكيٌّ هنا عن مالك والاوزاعي، انها تُتَأوَّل على ما يَليقُ بها بحسب مواطنها، فعلى هذا، تأولوا هذا الحديث تأولين: أحدهما تأويل مالك بن أنس، وغيره، معناه تنزل رحمته وأمره وملائكته. والثاني انه على الاستعادة، ومعناه الاقبال على الداعين بالاجابة واللطف.
وبالختام نبين لكم عقيدة الوهابية
الوهابية يقولون لا يجوز تأويل القران بل يجب أمرار الايات على وجهها وماذا تفهم منها هذا هو معناها الاصلي ويفسرون ايات الصفات بأن لله صفات مثل صفات المخلوقات والعياذ بالله
نقول لهم هل نترك السلف والخلف الذين كتبوا لنا هذا العلم في كتبهم ؟؟؟
لماذا كتبوه حتى نخالفه أم حتى نتبع قولهم ؟؟
نترك السلف والخلف ونتبع أعتقادكم الجديد ؟؟؟
دينكم يا وهابية متصل أم منفصل ؟؟؟
الوهابية المجسمة يقولون لله فوق العرش متحيز ومستقر
نقول للوهابية الرجل إذا كان قائما، المسافة من رأسه إلى العرش تكون أقرب
على معنى أعتقادكم يكون الرجل أقرب إلى الله إذا كان قائما
ها أنتم جعلتم العرش حيزا لله وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ينقض عليكم ما زعمتموه
فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء.]
وأنتم قولون:[ التأويل تعطيل.] أي نفي لوجود الله وصفاته فعلى قولكم من مَنعِ التأويل انتقض عليكم معتقدكم.
أما نحن أهل السنة نؤول قول الله تعالى:{ الرحمن على العرش استوى } سورة طه / 5. ونؤول كل أية أو حديث ظاهره أن الله متحيز في الجهة والمكان أو أن له أعضاء أو حدا أو حركة وانتقالا أو أي صفة من صفات الخلق تأويلا إجماليا أو تأويلا تفصيليا كما ثبت ذلك عن السلف وتبعهم الخلف،
ونقول: ليس المراد ظواهرها بل المراد بها معانٍ تليق بالله تعالى كما قال بعضهم:[ بلا كيف ولا تشبيه.] يعني أهل السنة بقولهم ( بلا كيف ) أن هذه الأيات والأحاديث ليس المراد بها الجسمية ولوازمها، هذا مراد السلف والخلف من أهل السنة بقوله:[ بلا كيف ] ليس مرادهم كما تموهون على الناس فتقولون لفظا:[ بلا كيف ] وتعتقدون الكيف.
أما حديث مسلم هذا فنؤوله ونقول: القرب في هذا الحديث لا يراد به القرب المسافي، وكذلك في كل حديث وأية ظاهره أن الله متحيز في جهة فوق يؤوّل ولا يحمل على الظاهر، فأين أنتم من قولكم:[ التأويل تعطيل.] ومن قولكم:[ التأويل إلحاد.]
حديث مسلم هذا إن لم تحملوه على الظاهر بل أوّلتموه فقد ناقضتم أنفسكم فإنكم تقولون:[ التأويل تعطيل.] ثم تفعلونه فتؤولون.
قال تعالى :{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونصلِه جهنّم وساءت مصيرًا}
والله أعلم وأحكم.
الحمد لله رب العالمين الذي لا حول ولا قوة الا به ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن بيده الهدى والضلال يهدي من يشاء فيؤمن ويضل من يشاء فيكفر ليس إلي من ذلك شيء فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا
وبعد
لا بد أن نبين لك أخي القارئ ما هو مذهب السلف والخلف في ايآت الصفات لمعرفة الحق ولنصرة السنة واهلها والدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا ولكسر عين الحاقدين والذين يتسترون تسترا بالسلف والخلف وينادون بأسمائهم فيظن العوام بأنهم علماء أخر الزمان.
ليعلم أن أهل السنة هم جمهور الأمة المحمدية وهم الصحابة ومن تبعهم في المعتقد أي أصول الاعتقاد، وهي الأمور الستة المذكورة في حديث جبريل الذي قال فيه الرسول: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره". وأفضل هؤلاء أهل القرون الثلاثة المرادون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" والقرن معناه مائة سنة كما رجح ذلك الحافظ أبو القاسم بن عساكر وغيره،
وهم المرادون أيضًا بحديث الترمذي وغيره: "أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" وفيه قوله: "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة" صححه الحاكم وقال الترمذي: حسن صحيح،
وهم المرادون أيضًا بالجماعة الواردة فيما رواه أبو داود من حديث معاوية: "وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة". والجماعة هم السواد الأعظم ليس معناه صلاة الجماعة، كما يوضح ذلك حديث زيد بن ثابت ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث لا يُغَل عليهن قلب المؤمن: إخلاص العمل، والنصيحة لولي الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تكون من وراءَهم". قال الحافظ ابن حجر: حديث حسن.
ثم حَدَثَ بعد مائتين وستين سنة انتشار بدعة المعتزلة وغيرهم فقيَّضَ الله تعالى إمامين جليلين أبا الحسن الأشعري وأبا منصور الماتريدي رضي الله عنهما فقاما بإيضاح عقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلة نقلية وعقلية مع رد شبه المعتزلة وهم فرق عديدة بلغ عددهم عشرين فرقة، فقاما بالرد على كل هذه الفرق أَتَم القيام برد شبههم وإبطالها فنُسب إليهما أهل السنة، فصار يقال لأهل السنة أشعريون وماتريديون.
فيجب الاعتناء بمعرفة عقيدة الفرقة الناجية الذين هم السواد الأعظم، وأفضل العلوم علم العقيدة لأنه يبين أصل العقيدة التي هي أصل الدين، وهذا العلم سماه أبو حنيفة الفقه الأكبر. فيا طلاب الحق لا يُهَوِّلَنَّكُم قدح المشبهة المجسمة في هذا العلم بقولهم إنه علم الكلام المذموم لدى السلف، ولم يدروا أن علم الكلام المذموم هو ما ألفه المعتزلة على اختلاف فرقهم والمشبهة على اختلاف فرقهم من كرَّامِيَّةٍ وغيرها فإنهم قد افترقوا إلى عدة فرق بيّنها من ألفوا في بيان الفرق كالإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي.
مذهب السلف والخلف في الايات المتشابهات
استوى على العرش
العرش جسم عظيم نوراني علوي محيط بجميع الأجسام لا قطع لنا بتعيين حقيقته على المعتمد يجب الإيمان به
استوى أي بالقهر ملك قاهر وإله قادر ويلزم من قهره تعالى أعظم الأشياء وأعلاها قهر ما دونه ولفظ الاستواء من جملة المتشابه كاليد والوجه فتكون والأصابع ونحو ذلك مما ظاهره مستحيل على الباري سبحانه ولا يعلم معناه على القطع إلا الله سبحانه وتعالى .
وأما العلماء فقد اتفق السلف والخلف على وجوب اعتقاد حقيقة وروده على وجوب تنزيه الباري عن ظاهره المستحيل
ثم بعد اتفاقهما على صرف المتشابه عن ظاهره
ذهب السلف كابن شهاب ومالك الإمام ومن وافقهما من السلف الصالح منع تأويلها عن التفصيل والتعيين وقال أهلها انقطع بأن مراد ونعتقد أن له تعالى استواء ويدا وغير ذلك مما ورد به الشرع لا يعلم معناه على التفصيل إلا الله وكذلك تسمى المعنوية .
فالسلف وهم أهل القرون الهجرية الثلاثة الأولى، مذهبهم التنزيه والتفويض، فإنهم لا يتكلمون في معاني آيات الصفات وأحاديث الصفات، بل يقولون يجب علينا أن نؤمن بها، ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله تعالى وعظمته، مع إعتقادنا الجازم أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنه منزه عن التجسيم وعن سائر صفات المخلوق، فهم يقولون باثبات الوجه، واليد، والعين لله تعالى على أنها صفات يعلمها الله تعالى، لا على أنها جوارح ، ذلك لأن الجوارح مستحيلة على الله تعالى.
قال يونس بن عبد الاعلى: سمعت الشافعي يقول: نُثبت هذه الصفات التي جاء بها القرءان، ووردت بها السنة، وننفي التشبيه عن الله كما نفاه عن نفسه فقال { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }. وقال الامام ابو حنيفة: "يده صفته بلا كيف".
وذهب الخلف إلى حمل اللفظ على معنى يسوغ في اللغة، ويليق بالله تعالى.
والتأويل التفصيلي وإن كان عادة الخلف فقد ثبت أيضا عن غير واحد من أئمة السلف وأكابرهم كابن عباس من الصحابة، ومجاهد تلميذ ابن عباس من التابعين، والإمام أحمد ممن جاء بعدهم، وكذلك البخاري وغيره.
أما ابن عباس فقد قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: "وأما الساق فجاء ابن عباس في قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق) (سورة القلم:42) قال: عن شدة من الأمر، والعرب تقول قامت الحرب على ساق إذا اشتدت، ومنه: قد سنّ أصحابك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق
وأسند البيهقي الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن
وأما مجاهد فقد قال البيهقي: "و أخبرنا عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا أبو أسامة، عن النضر، عن مجاهد في قوله عز وجل: (فأينما تولوا فثمّ وجه الله) (سورة البقرة:115) قال: قبلة الله، فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها". ا.هـ. - الأسماء والصفات، البيهقي ص /309.
وأما الإمام أحمد: فقد روى البيهقي في مناقب أحمد عن الحاكم، عن أبي عمرو بن السماك، عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأول قول الله تعالى: (وجآء ربك) (سورة الفجر:22) أنه جاء ثوابه. ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا غبار عليه، نقل ذلك ابن كثير في تاريخه - البداية والنهاية (19/327)
وفي رواية أخرجها البيهقي في كتاب مناقب أحمد تأويل: (وجآء ربك) (سورة الفجر:22) بمجيء قدرته.
قال البيهقي في كتاب مناقب أحمد أنبانا الحاكم، قال حدثنا أبو عمرو بن السماك، قال: حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت عمي أبا عبد الله _ يعني أحمد _ يقول: احتجوا عليّ يومئذ_يعني يوم نوظر في دار أمير المؤمنين _ فقالوا تجيء سورة البقرة يوم القيامة وتجيء سورة تبارك فقلت لهم: إنما هو الثواب قال الله تعالى: (وجآء ربك) (سورة الفجر:22) إنما يأتي قدرته وإنما القرءان أمثال ومواعظ.
قال البيهقي: وفيه دليل على أنه كان لا يعتقد في المجيء الذي ورد به الكتاب والنزول الذي وردت به السنة انتقالا من مكان إلى مكان كمجيء ذوات الأجسام ونزولها، وإنما هو عبارة عن ظهور ءايات قدرته، فإنهم لما زعموا أن القرءان لو كان كلام الله وصفة من صفاته ذاته لم يجز عليه المجيء والإتيان، فأجابهم أبو عبد الله بإنه إنما يجيء ثواب قراءته التي يريد إظهارها يومئذ فعبر عن إظهاره إياها بمجيئه. اهـ.
وقد روى البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي الحسن المقرئ، قال: انا أبو عمرو الصفار، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو حسن الميموني قال: خرج إلي يوما أبو عبد الله أحمد بن حنبل فقال: ادخل، فدخلت منزله فقلت: أخبرني عما كنت فيه مع القوم وبأي شيء كانوا يحتجون عليك؟ قال: بأشياء من القرءان يتأولونها ويفسرونها، هم احتجوا بقوله: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) (سورة الأنبياء:2) قال: فقلت: قد يحتمل ان يكون تنزيله إلينا هو المحدث لا الذكر نفسه هو المحدث. قلت: _ أي قال البيهقي_ والذي يدل على صحة تأويل أحمد بن حنبل رحمه الله ما حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل عن عبد الله _ هو ابن مسعود _ رضي الله عنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فلم يرد عليّ فأخذني ما قَدُم وما حَدَث، فقلت: يا رسول الله أحدث فيّ شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يحدث لنبيه من أمره ما شاء، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة".ا.هـ.
- الأسماء والصفات (ص/235).
وفي صحيح البخاري في قوله تعالى: (كل شىء هالك إلا وجهه) (سورة القصص:88) قال البخاري :كل شيء هالك إلا وجهه إلا ملكه ويقال إلا ما أريد به وجه الله. ا.هـ.
وأوّل البخاري الضحك الوارد في الحديث بالرحمة نقل ذلك عنه الخطابي، قال: وقد تأوّل البخاري الضحك في موضع ءاخر على معنى الرحمة وهو قريب وتأويله على معنى الرضا أقرب. ا.هـ.
- فتح الباري (7/120).
وطريق الخلف تؤول المتشابه على وجه التفصيل قصدا للإيضاح ولذلك تسمى المؤولة فأولوا الاستواء بالقهر واليد بالقدرة فتكون بالبصر والأصابع بإرادات القلب وإلى طريق السلف والخلف أشار صاحب الجوهرة بقوله
وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها
و قال السُّبكي في تأويل المتشابه: أجمع السلف والخلف على تأويله تأويلا إجماليا، لقيام الأدلة القاطعة على أنه تعالى مخالف للحوادث.
وقال البيهقي: أما الخلف، وهم من جاء بعد القرون الهجرية الثلاثة الأولى، فمذهبهم التنزيه والتأويل، فهم يؤلون آيات الصفات، وأحاديث الصفات المتشابهة تأويلا تفصيليا بمعنى يسوغ لغة، ويليق بالله تعالى شرعا، ففسروا اليد بالنعمة أو القدرة، والعين بالحفظ والرعاية، والوجه بالذات.
قال النَّووي: وإنما يسوغ تأويلها لمن كان من أهله، بأن يكون عارفا بلسان العرب، وقواعد الأصول والفروع، ذا رياضة في العلم. وقال العلماء في التأويل التفصيلي، لا بأس بسلوكه، ولا سيما عند الخوف من تزلزل العقيدة، حفظا من التشبيه.
فعلم بما ذكرنا أن كلا من أهل الطريقتين تؤول المتشابه يصرفه عن ظاهره لاستحالته وافترقا بعد صرفه عن ظاهره المستحيل في بيان معناه على التعيين والتفصيل
فالسلف يفوضون علم ذلك لله تعالى
والخلف تؤوله تأويلا تفصيليا بحمل كل لفظ على شيء معين خاص كما قدمنا
قال العلامة ابن أبي شريف ومذهب السلف أسلم فهو أولى بالاتباع كما قال بعض المحققين ويكفيك في الدلالة على أنه أولى بالاتباع ذهاب الأئمة الأربعة إليه
فإن مالكا رضي الله تعالى عنه لما سئل عن الاستواء قال الاستواء معلوم والكيف مرفوع والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
ولما سئل عنه الشافعي رضي الله تعالى عنه قال استوى بلا تشبيه وصدقت بلا تمثيل واتهمت نفسي في الإدراك وأمسك عن الخوض في ذلك كل الإمساك
ولما سئل عنه الإمام أحمد بن حنبل قال استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر
ولما سئل عنه الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه قال من قال لا أعرف الله في السماء أم في الأرض كفر لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه
ومعنى قول مالك الاستواء معلوم أن عقولنا دلتنا على أن الاستواء اللائق بالله هو القهر دون الاستقرار والجلوس لأنفسهما من صفات الأجسام
وقوله والكيف مرفوع معناه أن ذات الله لا توصف بالأحوال المتعلقة والهيئات الحسية من التربع ونحوه
والإيمان به واجب لوروده في الكتاب
والسؤال عنه بدعة لأنه لم تجر العادة بالسؤال عنه من السلف بل يفوضون معرفته على التحقيق إلى الله
وأما طريق الخلف فهي أحكم بمعنى أكثر إحكاما أي إثباتا لما فيها من إزالة الشبه عن الإفهام وبعضهم عبر بأعلم بدل أحكم بمعنى أن معها زيادة علم ببيان المعنى التفصيلي
ومال إلى ترجيحها العز بن عبد السلام حيث قال هي أقرب الطريقين إلى الحق وإمام الحرمين مال مرة إلى طريق الخلف ومرة إلى طريق السلف وهذا الخلاف
حيث لا تدعو ضرورة إلى التأويل وإلا اتفق على وجوب التأويل التفصيلي وذلك بأن تحصل شبهة لا ترتفع إلا به
والخلاف بين الخلف والسلف مبني على الخلاف في الوقف في الآية هل على قوله والراسخون في العلم أو على قوله إلا الله
فمن جعل الوقف على إلا المتشابه بأنه الذي استأثر الله بعلمه كمدة بقاء الدنيا ووقت قيام الساعة ومن قدر الوقف على والراسخون في المتشابه وأوله تأويلا تفصيليا وجملة يقولون آمنا به استئناف موضح لحال الراسخين أو حال منهم أو خبر إن جعلته مبتدأ.
قال النسفي في تفسيره: فالاستواء يكون بمعنى الجلوس، وبمعنى القدرة والاستيلاء، ولا يجوز الأول على الله تعالى بدليل المحكم وهو قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ }. وقال البيضاوي في "تفسيره" عند قوله تعالى { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } سورة الأعراف الآية (54)، استوى، أي استولى.
والخلف يقولون : معنى الاية: "جاء أمر ربك"، قال النَّسفي في تفسيره: { وَجَاء رَبُّك }، عن ابن عباس "أمره وقضاؤه"، وقال البيضاوي في تفسيره: { وَجَاء رَبُّك } أي أذا ظهرت آيات قدرته، وآثار قهره،
وقال المتولي: { وَجَاء رَبُّك } المراد به جاء أمر ربك، والدليل عليه أن الله تعالى ذكر في سورة الأنعام إخبارا عن إبراهيم عليه السلام أنه استدل بأفول الشمس والقمر، والكواكب على أنها ليست بآلهة، وتبرأ منها، ولو كان الباري يجوز عليه الاتيان والمجيء - الحسي كالانتقال - لبطلت الدلالة.
وأول أبن كثير الوجه في قوله تعالى : (( كل شيء هالك إلا وجهه)) قال ما نصه (( فعبر بالوجه عن الذات وهكذا قوله ههنا كل شيء هالك إلا وجهه أي إلا إياه )) - تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 404
قال النَّووي عن حديث (( ينزل ربنا)) : "هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيه مذهبان مشهوران للعلماء، وقال" ومختصرهما، أن أحدهما، وهو مذهب جمهور السلف، وبعض المتكلمين، أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى، وأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد، ولا يُتكلَّم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق، وعن الانتقال والحركات، وسائر سمات الخلق، والثاني، مذهب أكثر المتكلمين، وجماعات من السلف، وهو مَحكيٌّ هنا عن مالك والاوزاعي، انها تُتَأوَّل على ما يَليقُ بها بحسب مواطنها، فعلى هذا، تأولوا هذا الحديث تأولين: أحدهما تأويل مالك بن أنس، وغيره، معناه تنزل رحمته وأمره وملائكته. والثاني انه على الاستعادة، ومعناه الاقبال على الداعين بالاجابة واللطف.
وبالختام نبين لكم عقيدة الوهابية
الوهابية يقولون لا يجوز تأويل القران بل يجب أمرار الايات على وجهها وماذا تفهم منها هذا هو معناها الاصلي ويفسرون ايات الصفات بأن لله صفات مثل صفات المخلوقات والعياذ بالله
نقول لهم هل نترك السلف والخلف الذين كتبوا لنا هذا العلم في كتبهم ؟؟؟
لماذا كتبوه حتى نخالفه أم حتى نتبع قولهم ؟؟
نترك السلف والخلف ونتبع أعتقادكم الجديد ؟؟؟
دينكم يا وهابية متصل أم منفصل ؟؟؟
الوهابية المجسمة يقولون لله فوق العرش متحيز ومستقر
نقول للوهابية الرجل إذا كان قائما، المسافة من رأسه إلى العرش تكون أقرب
على معنى أعتقادكم يكون الرجل أقرب إلى الله إذا كان قائما
ها أنتم جعلتم العرش حيزا لله وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ينقض عليكم ما زعمتموه
فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء.]
وأنتم قولون:[ التأويل تعطيل.] أي نفي لوجود الله وصفاته فعلى قولكم من مَنعِ التأويل انتقض عليكم معتقدكم.
أما نحن أهل السنة نؤول قول الله تعالى:{ الرحمن على العرش استوى } سورة طه / 5. ونؤول كل أية أو حديث ظاهره أن الله متحيز في الجهة والمكان أو أن له أعضاء أو حدا أو حركة وانتقالا أو أي صفة من صفات الخلق تأويلا إجماليا أو تأويلا تفصيليا كما ثبت ذلك عن السلف وتبعهم الخلف،
ونقول: ليس المراد ظواهرها بل المراد بها معانٍ تليق بالله تعالى كما قال بعضهم:[ بلا كيف ولا تشبيه.] يعني أهل السنة بقولهم ( بلا كيف ) أن هذه الأيات والأحاديث ليس المراد بها الجسمية ولوازمها، هذا مراد السلف والخلف من أهل السنة بقوله:[ بلا كيف ] ليس مرادهم كما تموهون على الناس فتقولون لفظا:[ بلا كيف ] وتعتقدون الكيف.
أما حديث مسلم هذا فنؤوله ونقول: القرب في هذا الحديث لا يراد به القرب المسافي، وكذلك في كل حديث وأية ظاهره أن الله متحيز في جهة فوق يؤوّل ولا يحمل على الظاهر، فأين أنتم من قولكم:[ التأويل تعطيل.] ومن قولكم:[ التأويل إلحاد.]
حديث مسلم هذا إن لم تحملوه على الظاهر بل أوّلتموه فقد ناقضتم أنفسكم فإنكم تقولون:[ التأويل تعطيل.] ثم تفعلونه فتؤولون.
قال تعالى :{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونصلِه جهنّم وساءت مصيرًا}
والله أعلم وأحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق