3- تفسير الجامع لأحكام القرأن للقرطبي
الخامسة: قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى} «ثم» لترتيب الإخبار لا لترتيب الأمر في نفسه.
والاستواء في اللغة: الارتفاع والعلوّ على الشيء ؛ قال الله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ } (المؤمنون: 28) ، وقال { لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ} (الزخرف: 13)، وقال الشاعر:
فأوردتهم ماء بفَيْفاء قَفرة وقد حلّق النجم اليمانيّ فاستوى : أي ارتفع وعلا ، واستوت الشمس على رأسي واستوت الطير على قِمّة رأسي، بمعنى علا.
وهذه الآية من المشكلات، والناس فيها وفيما شاكلها على ثلاثة أوجه:1- قال بعضهم: نقرؤها ونؤمن بها ولا نفسرها؛ وذهب إليه كثير من الأئمة، وهذا كما روي عن مالك رحمه الله أن رجلاً سأله عن قوله تعالى: {الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } (طه: 5) قال مالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ، وأراك رجل سَوْء أخرجوه.
وهذه الآية من المشكلات، والناس فيها وفيما شاكلها على ثلاثة أوجه:1- قال بعضهم: نقرؤها ونؤمن بها ولا نفسرها؛ وذهب إليه كثير من الأئمة، وهذا كما روي عن مالك رحمه الله أن رجلاً سأله عن قوله تعالى: {الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } (طه: 5) قال مالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ، وأراك رجل سَوْء أخرجوه.
2- وقال بعضهم: نقرؤها ونفسّرها على ما يحتمله ظاهر اللغة. وهذا قول المشبّهة.
3- وقال بعضهم: نقرؤها ونتأوّلها ونُحيل حَمْلها على ظاهرها.
l وقال الفرّاء في قوله عزّ وجلّ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ} قال: الاستواء في كلام العرب على وجهين:
1- أحدهما: أن يَسْتَوِي الرجل وينتهي شبابه وقوته ،
2- أو يستوي عن اعوجاج. فهذان وجهان.
3- ووجه ثالث أن تقول: كان فلان مقبلاً على فلان ثم استوى عليّ وإليّ يشاتمني . على معنى أقبل إليّ وعليّ . فهذا معنى قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} والله أعلم.
قال- اي الفرّاء- وقد قال إبن عباس: ثم استوى إلى السماء صعِد . وهذا كقولك: كان قاعداً فاستوى قائماً، وكان قائماً فاستوى قاعداً؛ وكل ذلك في كلام العرب جائز.
وقال البيهقي أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحسين: قوله: «استوى» بمعنى أقبل صحيح ، لأن الإقبال هو القصد إلى خلق السماء ؛ والقصد هو الإرادة ، وذلك جائز في صفات الله تعالى . ولفظة «ثم» تتعلق بالخلق لا بالإرادة. وأما ما حُكي عن ابن عباس فإنما أخذه - اي الفرّاء- عن تفسير الكلبيّ، والكلبيّ ضعيف. وقال سفيان بن عُيينة وابن كَيسان في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ}: قصد إليها، أي بخلقه واختراعه، فهذا قول . وقيل: على دون تكييف ولا تحديد ؛ واختاره الطبري . ويُذكر عن أبي العالية الرّياحيّ في هذه الآية أنه يقال: استوى بمعنى أنه ارتفع . قال البيهقي : ومراده من ذلك ـ والله أعلم ـ ارتفاع أمره ، وهو بخار الماء الذي وقع منه خلق السماء. وقيل: إن المستوى الدخان. وقال ابن عطية: وهذا يأباه وصف الكلام. وقيل: المعنى استولى ؛ كما قال الشاعر:
وقال البيهقي أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحسين: قوله: «استوى» بمعنى أقبل صحيح ، لأن الإقبال هو القصد إلى خلق السماء ؛ والقصد هو الإرادة ، وذلك جائز في صفات الله تعالى . ولفظة «ثم» تتعلق بالخلق لا بالإرادة. وأما ما حُكي عن ابن عباس فإنما أخذه - اي الفرّاء- عن تفسير الكلبيّ، والكلبيّ ضعيف. وقال سفيان بن عُيينة وابن كَيسان في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ}: قصد إليها، أي بخلقه واختراعه، فهذا قول . وقيل: على دون تكييف ولا تحديد ؛ واختاره الطبري . ويُذكر عن أبي العالية الرّياحيّ في هذه الآية أنه يقال: استوى بمعنى أنه ارتفع . قال البيهقي : ومراده من ذلك ـ والله أعلم ـ ارتفاع أمره ، وهو بخار الماء الذي وقع منه خلق السماء. وقيل: إن المستوى الدخان. وقال ابن عطية: وهذا يأباه وصف الكلام. وقيل: المعنى استولى ؛ كما قال الشاعر:
قد اسْتَوَى بِشْرٌ على العِراق مِن غيرِ سَيْفٍ ودَمٍ مُهْراق
قال ابن عطية: وهذا إنما يجيء في قوله تعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا}. قلت: قد تقدّم في قول الفرّاء عليّ وإليّ بمعنىً. وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في سورة «الأعراف» إن شاء الله تعالى. والقاعدة في هذه الآية ونحوها منع الحركة والنقلة.
قال ابن عطية: وهذا إنما يجيء في قوله تعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا}. قلت: قد تقدّم في قول الفرّاء عليّ وإليّ بمعنىً. وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في سورة «الأعراف» إن شاء الله تعالى. والقاعدة في هذه الآية ونحوها منع الحركة والنقلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق